الفصل السابع

180 19 0
                                    

قبل ما يقارب الألف والخمسمائة عام، كان البشر يخوضون حربًا دامية مع العمالقة، كانت خسائر الجنس البشري تزداد يومًا وراء يوم، تشبعت القلوب اليأس فكيف الفوز وقتل عملاق واحد يحتاج لعشرات الفرسان بينما يمكن لعملاق واحد قتل مئة رجل بأقل جهد! لكن انقلبت الموازين عندما استطاع البشر ولأول مرة الانتصار في إحدى وقتل مئتي عملاق في معركة واحدة دون أي خسائر في الأرواح، كان ذلك الانتصار صادم وغير متوقع ولكن ما أثار الدهشة أكثر هو كون من قتل المئتي عملاق هو فارس واحد فقط يرتدي درع من الأسود مقنع الوجه، أصابت ملوك البشر الحيرة عندما علموا بأمر هذا الفارس ورأوا فيه الأمل للتخلص من العمالقة والفوز بهذه الحرب الدامية، اتفق الملوك على توحيد قواهم وجعل ذلك الفارس قائد لجيش البشر، وهكذا اجتمعوا بذلك الفارس المقنع الذي رفض كشف وجهه حتى أمام الملوك، وافق الفارس على طلبهم ووعده الملوك بتحقيق ما يطلبه إن استطاع تحقيق الفوز وانهاء هذه الحرب مرة وللأبد، بدأ الفارس بقيادة البشر في معاركهم مع العمالقة وتحقيق الانتصارات مرة تلو الأخرى دون أي هزائم وبأقل عدد من الخسائر في الأرواح، على مدار عام كامل حتى ذاع صيته في جميع أنحاء الأرض الفارس المقنع وكيف لا يمكن هزيمته وكيف يقتل العمالقة بسيفه وكيف يقود الجيوش باستراتيجية عسكرية محكمة، لكن أكثر ما كان يثير فضول الناس حوله هو وجهه الغير معروف، لا أحد يعلم أي شيء عنه أو كيف يبدو، لكن الفرسان الذين قاتلوا معه كانوا يحكون عن عينيه ذاتي اللون الأحمر الدموي اللتين تلمعان كالياقوت أسفل قناعه، ولكن ما لم يستطع أحد تصديقه هو قسم بعض الفرسان أن لون عينيه كان يتغير أثناء القتال بين الذهبي كلون الشمس إلى الأزرق كالمحيط ليعود إلى الأحمر الدامي مرة أخرى، بل إن بعضهم كان يقسم أنه رآها تلمع كالماس، استطاع الفارس المقنع القضاء على عدد ضخم من العمالقة خلال عام واحد مما دفع بقية العمالقة للهجرة إلى الجبال أقصى شمال الأرض للاحتماء بها وتعاهدوا مع البشر بعدم مغادرتها أبدًا في مقابل أن يُبقوا عليهم، وهكذا انتهت الحرب بانتصار الجنس البشري أقيمت الاحتفال لمدة شهر كامل دون توقف، وفي النهاية حان موعد تنفيذ الملوك لوعدهم لذلك الفارس، كان طلب الفارس واضح ومحدد "أريد الابنة الصغرى لكل واحد منكم."، أصاب الملوك الفزع عندما سمعوا تلك الكلمات، مَنْ ذا الذي يقدم ابنته لرجل مجهول الهوية لا يعرف عنه سوى أنه يقتل بهدوء وبراعة، تردد الملوك وطلبوا أن يعطيهم مهلة للتفكير، تشاور الملوك فيما بينهم واجتمعوا على أن وجود فارس بمثل قوته وإعجاب الشعب به يمثل تهديد لسلطتهم ولا يمكنهم إعطاءه بناتهم تحت أي ظرف، وهكذا خطط الملوك لنصب فخ وقتله، أقام الملوك مأدبة للاحتفال ودعوا الفارس ووعدوه بتنفيذ طلبه وتزويجه بناتهم، وبأمرهم وُضِع السم في كأسه، شرب الفارس الكأس المسمم كاملة انتظر الملوك سقوطه ميتًا لكن لم يحدث أي شيء، بدأت الحيرة والقلق يرتسمون على وجوههم فجأة تعالت ضحكات الفارس، كان يضحك بقوة مما أصاب الملوك بالخوف، لم يفهموا كيف لم يتأثر بالسم؟ كيف يمكن لبشر أن يشرب السم دون أن يقتله؟ وقف الفارس في منتصف القاعة وخلع درعه ارتسم الرعب على وجوه الحضور عندما رأوا تلك القشور السوداء التي تغطي نصف وجهه و ذراعه اليمنى، "تنين" صرخ الحضور في هلع، "أجل تنين التنين الذي أشفق عليكم كيف تحاربون العمالقة دون أي فرصة للفوز ولأنني لا أحب العمالقة قررت أن أساعدكم واتسلى قليلًا فاتخذت هذه الهيئة البشرية لاقاتل معكم، وطلبت مقابل صغير فقط لمساعدتي لكم، ولكن انظروا لما فعلتم! تحاولون قتلي! يا لكم من جنس مزعج وحقير، تظنون أن بإمكانكم حكم العالم، يالغبائكم وأطماعكم التي لا تنتهي، حان وقت أن أودعكم." لم يستطع أي من الموجودين التحرك من مكانه أو الهرب فقد جمدهم التنين، نزع درعه وتخلى عن هيئته البشرية وعاد إلى صورته الحقيقية، تنين أسود عملاق بعيني وحش تنبض بلون الدماء، أحرق بأنفاسه الملتهبة جميع من كان بالقاعة وأعلن نفسه حاكمًا للبشر بعد أن قتل ذوي الدماء الملكية وأنشأ حريم من نسائهم، كان حكمه ظالمًا ديكتاتوريًا، كان يقتل كل من يزعجه دون الحاجة لأسباب، أنجبت له الأميرات أنصاف تنانين تتدفق بداخلهم دماء بشرية، يحملون قوى التنين وشهوات البشر، فعاثوا فسادًا في الأرض، قتل ونهب واغتصاب على مدار مئة عام كاملة عانى البشر من فساد أبناء التنين، حتى قررت إحدى نساءه وضع حد لطغيانه، أثناء نوم الملك أحضر لها أحد الخدم الذين اتفقت معهم مسبقًا للتخلص منه خنجر مطعم بسم خاص للقضاء على التنانين، بطعنة مباشرة للقلب استيقظ الملك والألم يخرق جسده غير قادر على الحركة لكنه أبى أن يموت دون أن يدفع قاتله الثمن،
"ستكون دمائي التي تجري في عروقكم لعنة على الجنس البشري، لن يحمل قواها سوى قتلة أمهاتهم، وستزداد قواهم مع كل نفس يزهق  بأيديهم حتى تولد من نسلي فتاة تحمل قوة تعادل قوى تنين من دماء نقية تنزع الحكم من الدماء الخائنة." كانت لعنة التنين آخر ما تركه للبشر، ومثلما قال اختفت القوة من جميع أبنائه إلا الذين توفيت أمهاتهم عند الولادة، ومع مرور السنوات ازداد ضعف نسله لاختلاط دماء البشر أكثر وأكثر بدمائهم مع كل جيل جديد، قلة فقط منهم من كانت تموت أمه أثناء الولادة فيحمل قوى التنين لكن مع الوقت ازدادوا ضعفًا فولدت أجيال كاملة تخلو من حاملي القوة حتى أولئك الذين ماتت أمهاتهم، فانقسمت المملكة وتكونت المملكة الشمالية والإمبراطورية الغربية يحكمهم البشر، ومع اندسار قوة التنين تحول الأمر لأسطورة تروى على الأطفال قبل النوم، وفي أوقات اشتداد ظلم الحكام كان العامة يرونها آملين أن تولد تلك الفتاة التي ستقضي على الفساد،
               **********************
_أنا لستُ الملعون الوحيد ؟ أليس كذلك، يا سمو الأميرة ؟
=متى اكتشفت أمري ؟
_منذ اللحظة الأولى، عندما استخدم قواي استطيع رؤية الطاقة المحيطة بكِ، وبما أن حاملي القوة يجب أن يكونوا من نسب ملكي فإن أمكِ لابد أنها كانت أميرة هاربة، لقد أخبرني والدكِ بذلك في السجن أراد أن يبادل حياته بحياتكِ لكن حظه كان سيء لأنه وقع بين يدي.
=وأنت والدك عّم الملك أي أنه يحمل دماء ملكية، وأنت ابنه، أمك توفيت عند الولادة، لم اتخيل أن يحمل اثنان في نفس الجيل دماء التنين خاصة بعد اختفائها طوال تلك السنوات.
_أنا أيضًا كنت أظن أنه مستحيل أن أقابل أحد آخر يحمل نفس اللعنة.
=وماذا ستفعل الآن ؟
_وماذا تتوقعين أن أفعل ؟ أن أقتلكِ كي لا تتحقق النبوءة ؟ أنا لست داعمًا للعائلة الملكية إن أردتِ قتلهم لن أمنعكِ.
=أنا لا أريد قتل أي أحد أريد أن أعيش بسلام وبحرية.
_لقد قمتِ لتوك بقتل خمسة رجال.
=لقد أرادوا بيعي لتجار العبيد، ماذا كان يجب أن أفعل ؟
_أنا لا ألومكِ، أنا أيضًا لم أرد أن أقتل كل الرجال الذين قتلتهم تنفيذًا لأوامر الملك والدوق، لكن هذه هي اللعنة التي نحملها تلك الأصوات بداخلنا التي تحثنا على القتل طوال الوقت، القوى التي تجعلنا نقتل بسهولة دون أن ترجف أيدينا، لا اختيار لدينا.
=بلى لدينا اختيار واختياري أن أعيش بسلام ولا علاقة لي بالعائلة الملكية.
_وأنا سأساعدكِ.
=لماذا ؟ منذ اللحظة الأولى وأنا أريد أن أعرف لماذا تساعدني ؟
_لا سبب ربما لأننا متشابهان، أو ربما لأنني أحبكِ.
=تحبني؟
_أجل، منذ اللحظة الأولى التي رأيتكِ فيها أحببتكِ، أردت حمايتكِ ومساعدتكِ.
=هذا غير حقيقي.
_ماذا تقصدين!
=حبك لي غير حقيقي.
_وما هي الحقيقة إذا ؟
=أنت لا تحبني هذه هي الحقيقة،
ما تشعر به ناحيتي ليس إلا مجرد شعور بالألفة الانتماء ربما و لكن هذا فقط لأننا متشابهان، لأنني مثلك نحن مجرد أبناء غير شرعيين ليلة واحدة خالية من المشاعر أو ربما حتى مليئة بالكراهية وكانت النتيجة نحن، أب وأم لم يكونا زوجين لم يحبا بعضهما البعض لم يهتما لأمري، أم توفيت عند الولادة وأب لم يرني سوى كسلاح قد يحتاج إليه، وهكذا كان وضعك
أنت فقط... أنت .. أنت فقط تراني كامرأة لأنني الوحيدة التي يمكنك أن تراها هكذا لأن الأخريات لا يسمحن بذلك هم بنات عائلات لديهم آباء يحبونهن و يدللهن سواء النبلاء أو حتى بنات العامة لا امرأة ستقبلك كما أنت بتلك العيوب إلا واحدة مثلك بها من العيوب ما يكفي لينبذها الجميع مثلما نبذتنا الحياة ولكن هؤلاء لا تجدهن إلا في بيوت الدعارة، لماذا؟ لأن أبناء الزنا يحملون تلك الوصمة مدى حياتهم.
لن يكون بإمكانك أن تحبني أو تحب غيري إلا إذا... إلا إذا تجاوزت هذا الوضع، إذا تجاوزت شعورك بالرغبة بالانتماء بالرغبة بأن يقبلك الآخرون، أنا أشعر بما تشعر به، كيف يحتقرنا الجميع كيف ينظرون لنا وكأننا لسنا بشر مثلهم فقط لأننا مختلفون، يتعدى اختلافنا مسألة النسب بل تكويننا في حد ذاته مختلف لنا احتياجات مختلفة رغبات أكثر تعقيدًا، كلانا عالم آخر غريب عنهم وجودنا يشعرهم بعدم الراحة يحاولون جعلنا نشبههم نتبع قوانينهم وإن تمردنا .... هه يحين وقت التخلص من ذلك الصداع الذي أعياهم لسنوات، لذلك يجب أن نبقى صامتين كي لا نسبب لهم الصداع،
نحن غير صالحين للحب، وهذا أيضًا جزء من اللعنة.
(نهاية الفصل السابع)

نجمة الصباح ✨Where stories live. Discover now