أغنية أبريل|| April Song

By Sanshironi

389K 30.2K 26.6K

الثانوية ، و سن المراهقة قد تعتبر أحدى أجمل المراحل في حياة أي شخص عادي ، لكن حينما تكون ثرياً و ذكياً ذو وجه... More

الفصل الاول: كابوس من جديد!
الفصل الثاني : عائلة غريبة الاطوار
الفصل الثالث: أنت مجنونة!
الفصل الرابع : سندريلا الغناء
الفصل الخامس : قطة بأذان دب
الفصل السادس : لماذا القدر يتلاعب بي؟
الفصل السابع: لمرة واحدة فقط
الفصل الثامن : كوني بخير
الفصل التاسع : ابن الموظف
الفصل العاشر : التقينا مجدداً
الفصل الحادي عشر: لحن المساء
الفصل الثاني عشر : خلف قناع البراءة
الفصل الثالث عشر : صديقتي الجديدة
الفصل الرابع عشر : لماذا انا من بين الجميع؟
الفصل الخامس عشر : لأنك أخي
الفصل السادس عشر : ذكرى تحت المطر
الفصل السابع عشر : حرب غير متوقعة
الفصل الثامن عشر : على أوتار الموسيقى
الفصل التاسع عشر : روابط مزيفة
الحساااااااااااب رجعععععععععععع🎇🎉🎉🎇🎊🎊🎊
الفصل العشرون : قناعة كاذبة
الفصل الواحد و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الاول
الفصل الثالث و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثالث
الفصل الرابع و العشرون : الاميرة النعسة
الفصل الخامس و العشرون : شتاء يناير
الفصل السادس و العشرون : من يكون بنسبة لي؟
الفصل السابع و العشرون : كان بسببك!
الفصل الثامن و العشرون : صديق
الفصل التاسع و العشرون : ضغائن متبادلة
الفصل الثلاثون: قاعدة الثلاث كلمات
الفصل الواحد و الثلاثون : عيون حاقدة
الفصل الثاني و الثلاثون : المكسورة
الفصل الثالث و الثلاثون : عن سوناتات بتهوفن
الفصل الرابع و الثلاثون : ثمانية عشر شمعة
الفصل الخامس و الثلاثون : نهاية الرهان
الفصل السادس و الثلاثون : حقيقة ما تم إخفاءه بالماضي
الفصل السابع و الثلاثون : انتهت اللعبة
الفصل الثامن و الثلاثون : الليالي التي لن تموت
الفصل التاسع و الثلاثون : المفكرة البيضاء
الفصل الاربعون : تحامل
الفصل الواحد و الأربعون : كوابيس صغيرة
الفصل الثاني و الاربعون : مقيد
الفصل الثالث و الاربعون : تذكر أغنيتي
الفصل الرابع و الأربعين : وداع أم خداع
الفصل الخامس و الأربعون : ليست بريئة

الفصل الثاني و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثاني

5.7K 586 371
By Sanshironi

اوحت الاجواء المحيطة على مأدبة العشاء بالدفء و الهدوء ، لكنها قطعاً لم تكن كذلك! فالدفء المصطنع أتى من بعض الشموع الصغيرة المستعملة لزينة على الطاولة و الهدوء ، كان لأن الجميع يأكل بصمت دون إحداث اي حوارات عائلية لا معنى لها .

كان من الواضح ان جايكوب يتظاهر بالأكل بينما هو يلعب بطعامه ، أم والدته المديرة راشيل لم تكن تبدي اي تعبير يدل على الراحة بسبب هذه الاجواء الثقيلة و الغير معهودة لديهم ، فهذه التجمعات العائلية البسيطة لم تكن تحصل الا في المناسبات الخاصة كاليوم.

القت راشيل نظرة خاطفة على زوجها الجالس على رأس الطاولة ، ثم اعادت النظر نحو اصناف الطعام الجامدة بعد علمها ان هذا العشاء قد يطول قليلاً وسط هذه الاجواء الثقيلة ، تظاهرت بالامبالاة و هي تتحدث كاسرة هذا الصمت:

- لقد عادت جيما مجدداً.

رفع جايكوب رأسه ليكون اول ما يراه هو تعابير والده المصدومة ، كان يجد المتعة بتأمل هذه التعابير تعلوا محياه ، تحدث رولاند بعد ان تمالك نفسه:

- متى عادت؟

- بالامس .. لا أحد يعلم فما الذي تخطط له تلك المرأة و لكن ...

وضعت الملعقة على الطاولة مستأنفة :

- انا واثقة من انها لم تعد فقط لقضاء العطلة لذلك ...

نظرت راشيل نحو زوجها بأعين متكبرة و مستنكرة قائلة:

- يستحسن لك البقاء في المنزل تجنباً لأي إحتكاكات لا طائل منها .. الامر ليس صعباً عليك صحيح؟ فهذا ما تجيد فعله على اي حال ...

ضرب رولاند الطاولة بقبضة يده القوية محدقاً براشيل و العروق حول عينيه قد برزت ليقول من بين اسنانه بسخط:

- تعلمي كيف تختارين كلماتك عندما تتحدثين معي! ..

قلبت راشيل عينيها ببرودة اعصاب غير مبالية من عصبيته البليدة هذه ، جايكوب أخرج نفساً ساخراً بعد رؤيته لبرودة والدته فقال بصوت خافت و هو يدعي تناول الطعام :

- لم أكن أعلم أن أثاث المنزل قادر على الحديث .

حينها اكتفى من هذا العرض واضعاً الملعقة جانباً ثم نهض معلناً بتكلف:

- لقد شبعت .. سأصعد الى غرفتي الان.

أرادت راشيل سؤاله فهو لم يأكل شيء لكن رولاند تحدث أولاً فقال بصوت ثخين :

- انت تحسن بتقدير نفسك حقاً .. لقيط مثلك سيكون من الافضل الا يفرط في الاكل .

ضربت راشيل الطاولة بيدها صائحة به بغضب:

- هل جننت؟! ... ما هذا الهراء الذي تتفوه به!

جايكوب الذي هدء أعصابه فوراً نظر الى والده الجالس على يمينه و قال ببرود :

- اعتقد أنك ستتحمل رؤيتي لبضع أشهر أخرى فحسب .. فما ان أبلغ الثامنة عشر لن تراني مجدداً لكنني اعدك بأنني سأدفع لك جميع ما انفقته علي يا والدي العزيز.

شدد على آخر كلمتين ليتلقى نظرة إستحقار منه لا أكثر ، لم يبالي جايكوب و ابتسم في وجهه ببرود بالمقابل متجهاً نحو غرفته .

كان قد صعد نصف الدرجات عندما سمع والدته تناديه من الخلف فإستدار لها ليراها ترمقه بنظرات آسفة و قلقة قائلة :

- جايكوب أرجوا الا تعير كلام والدك اي إهتمام .. أنت تعرف جيداً بأنه يثمل كثيراً هذه الفترة ...

شعر جايكوب بالاسف حيال والدته فقد كان من الناذر رؤية امثال تلك التعابير تعلوا محياها ، إبتسم بطريقة بلهاء لها قائلاً بغير إكتراث :

- لا داعي لقلق انا ايضاً لم أكن أعني ما قلته.

بدا على وجهها الارتياح و الانشراح عندما طالعته برضى و قد إرتست على شفتيها إبتسامة هادئة فقالت بعد لحظة صمت :

- أفكر في الخروج قليلاً و شم بعض الهواء .. ما رأيك بأن نخرج معاً؟

أدعى جايكوب التفكير لكنه أجاب بسرعة :

- لا أرغب بذلك حقاً أفكر في قضاء كامل العطلة في غرفتي و رؤية وجه أمي المبتسم قبل ان أنساه عند بدء المدرسة مجدداً.

ضحكت راشيل بغير إرادة فأحياناً و بسبب جديتها المفرطة في المدرسة يبقى مزاجها كذلك في المنزل فصارت رؤية إبتسامتها أمر صعب لجايكوب ان يراه:

- يا لك من فتى .. حسناً كما تريد يا عزيزي.

طالعته راشيل للمرة الاخيرة و هي تمسك بسور الدرج قبل ان تستدير و تغادر ، جايكوب الذي ظل واقفاً في مكانه كان ينتظر بفارغ الصبر سماع أصوات الشجار و لم يخب ظنه فبعد ثواني معدودة فقط من ذهاب راشيل سمع صوتها الصادح يليه صوت والده الذي رج المكان بعلوه ، دلك جايكوب رقبته بتعب ليقول بإحباط:

- أصبحت الامور أصعب و أكثر تعقيداً الان ... الى متى سأتظاهر بأنني لا أعلم.

****************

عيونه لم تتزحزح ابدا من على الطاولة ، او بالاحرى على المسدس الموضوع عليها! في لحظة شعر و كأنه قد فقد كل حواسه و كل قدرته بإستشعار بما حوله ، حتى انه لم ينتبه ان جيما قد غادرت الغرفة منذ زمن .

لقد مضى وقت طويل منذ ان شعر بذات المشاعر مجدداً ، ذلك الاحساس الذي اعتقد انه من الان سيكون من شبه المستحيل ان يشعر به مجدداً ...

الخوف ...

كان من يتملك قلبه في هذه اللحظة.

أراد أخذ نفس بهدوء و إيقاف إرتجاف يديه ، أراد محو البرود القارسة من على كفيه لكن مهما حاول التفكير بعقلانية مجدداً لم يستطع ، التخلص من تلك الطفلة اذاً؟ هل هي تشكك بإهتمامه بها ام انها تريد منه نقذ الوعد الذي قطعه؟ ان كان التخلص من سول سهل كما تعتقد فلماذا كلف نفسه عناء الاعتناء و الصبر على تعليمها؟و الان تريد من ان يشكك في مشاعره نحوها!

أمتلئ رأسه بالكثير من الاصوات و الافكار و الذكريات معاً ، حتى هاجمه صداع فضيع فجأة! أمسك بصدغه آملاً الهدوء و التفكير بتروي ، و قد بدء يفعل تدريجياً لكن ، ندائها اللطيف من خلف الابواب المغلقة أسكتت تلك العاصفة الهوجاء في خلده لكنها لم و في ذات الوقت زادت إحساسه بالمرارة أكثر.

- رايان هل أنت بداخل؟ .. انت لم تتناول وجبة الغذاء بعد لذلك ...

اخفضت سول من عينيها بخجل و كأن رايان يحدق بها الان و أكملت مترددة:

- ما رأيك بأن نتناول الطعام معاً؟ ... في الحقيقة لم آكل حتى الان لاني كنت في إنتظارك ...

لم تكن واثقة من أنه يستمع اليها الان لكنها تشجعت أكثر و أعلنت له بثقة:

- سأدخل الان ....

في تلك الاثناء كان رايان يستمع اليها بصمت ظناً منه أنه اذ لم يجب ستعتقد انه غير موجود لكنه تفاجئ عندما أخبرته بأنها ستدخل ، اول ما تبادر في ذهنه هو كيفية إخفاء هذا الشيء اللعين قبل ان تراه سول ثم سيفكر بعدها في كيف سيتعامل معها عندما يراها ، على وجه السرعة وضع الصندوق داخل درج قريب فما ان أغلقه سمع صوت الباب و هو يفتح تليه دخول سول المبتسمة بخطوات خفيفة و عفوية.

لكن إبتسامتها تلك زالت عندما رأته متوتر قليلاً و هو يطالعها بعيون باهتة شفافة تكاد ترى من خلالها ما يقبع خلفها بسهولة ، سول التي تجمد من برودة الاجواء حوله قالت بعد ان بلعت رمقها بصعوبة:

- أعتذر لدخول بدون إذن ... لكنك لم تجب .. لذلك ...

صمت بسبب جفاف حلقها بعد ان رأته يسحب معطف كان قريباً و يتجاهل وجودها خارجاً بخطوات ثقيلة و متسرعة ، أغمضت سول عيونها عندما مر بجانبها و كأنها شبح غير مرئي لكنها لم تشيء تجاهله كما فعل و حاولت تتبعه و هي تنادي بقلق:

- أخي! الى أين ستذهب؟

فقط في تلك اللحظة التفت اليها و اعطى لوجودها حسبان لكن ردة فعلته لم تكن بشيء الجيد ابداً! فقد منحها نظرة تكاد تكون قاتلة و حادة قائلاً ببرود:

- لا تناديني بأخي مجدداً! ... و لا شأن لكِ بأين سأذهب .

رمى بكلماته ثم أكمل طريقه نحو الدرج دون ان يبالي بقساوة تلك الكلمات عليها .

كانت ما تزال تحت تأثير الصدمة من كلماته التي طعنتها بقوة! دمعت عيونها الا انها أبت السماح لها بنزول لأنها تعلم انه لم يكن يقصد ذلك .

بلى فقد رأت جيما تخرج من غرفته و هذا حيرها و أخافها اكثر لذلك ارادت تخفيف ثقل الاجواء من حوله و تناول الغداء معاً ، لكن يبدو ان الامور خرجت عن السيطرة الان ، بعد ان عادت سول الى غرفتها بيقت تتوسط سريرها و بجانبها قطتها الكسولة تتثائب مستلطفة اليد الرقيقة التي تمسح فوق فرائها الناعم.

ظلت سول تحدق نحو شيرو بعيون اختفت منها اي علامة للحياة ، في كل مرة تعيد تذكر نظرته و كلماته تختنق راغبة في البكاء لكنها تكابر ؛ مع ذلك لم يكن هذا الشيء الذي يشغل تفكيرها .

كانت قلقة على رايان اكثر من اي شيء اخر ، خاشية من انه قد يؤذي نفسه او قد يصيبه مكروه ما لأنه خرج و هو غاضب جداً ، لم تستطع البقاء ساكنة رغم انها تعلم ان ما بيدها حيله الا انها نهضت بسرعة خارجة من غرفتها .

سحبت كرسي كان قريب لتصعد عليه حتى تصل الى سماعة الهاتف ، على الفور كونت رقماً و اتصلت به و هي تعلم جيداً انه من الغباء الاتصال برايان  لكن عقلها لم يريحها و لم تجد فكرة افضل من ذلك ، بلى و كما توقعت ؛ لم يتم الرد عليها .

عبست كثيراً و إستائت من عجزها فكادت ان تعيد سماعة الهاتف الى مكانها حتى تخيل اليها سماع صوت رنين قريب يأتي من خلفها ، استدارت للخلف على الفور لترى ان غرفته ما تزال مفتوحة منذ ان تركها و صوت ما قادم منها ، سارعت سول بتوجه نحو مصدره لتتفاجئ بهاتف المرمي على الاريكة في الردهة .

رغم سوء حظها و حسنه ، التقت هاتفه الذي توقف عن الرنين و قامت تفتيش قائمة أسماء الاتصالات ، لم تكن تجيد القراءة جيداً لكنها أستطاعت تهجئة أسم اندرو بشكل صحيح ، وضعت الهاتف على أذنها متمتة:

- أرجوك أجب .. آمل أنك لست مشغول الان ...

تعابيرها أمتعصت بترجي و هي تنتظر بفارغ الصبر إجابته لكن أملها خاب و لم يجب لا على المكالمة الاولى و لا ثانية حتى الثالثة ، الى ان يئست سول كلياً!

سقطت جالسة على الاريكة الرمادية محبطة ، فإنسابت دمعة من عينها واقعة على شاشة الهاتف بين أصابعها الصغيرة ، فجأة فتحت عيونها على مصرعيها عندما برقت شعلة امل أخرى لكنها كانت ضئيلة جداً مع ذلك كانت كافية لسول حتى تتمسك بها ؛ وضعت الهاتف على أذنها مجدداً و هي ترجوا من اعماق قلبها :

- أرجوك ... أجيبي ...

**************

كان منظر الناس و هم يمشون على الثلوج من خلف زجاج المقهى ، شيء لطيف للغاية بنسبة لذلك الطفل الاشقر الصغير الجالس بجانب والدته بحماس.

وضع الناذل أمامه صحن حلوة كبير فتلألأت عيونه الغامقة بوهج سعادة طفولية لا تطاق ، اخذ الملعقة و بات يأكل بنهم مستمتعاً بحلاوة و نعومة المذاق حتى ملأت البقاية زواية فمه الصغير ، نظرت اليه أمه الجالسة بجانبه و عندما تفحصت شكله أخرجت منديل مسحت به فاهه و هي تردد بشيء من العصبية:

- دان أنظر ما الذي فعلته بنفسك! ... اتريد ان تراك خالتك بهذا المنظر؟

زم الصغير بشفتيه سامحاً لوالدته بمسح وجهه المتسخ و عندما انتهت تحدث بصوت ناعم طفولي:

- و متى ستأتي؟ ... انا حقاً متشوق لرؤيتها .

امسكت امه بأنفه الصغير بكلتا سبابتها و إبهامها لترد على لهجة حنونة:

- عندما تكون هادئاً و مطيع .. عندها ستأتي يا عزيزي.

امسك الصغير بأنفه المحمر مكوناً عقدة متألمة بين حاجبيه ، كاد يقول شيء ما لأمه لكنه استغرب عندنا نهضت واقفة من بجانبه فجأة متجهة صوب فتاة يافعة لتأخذها في عناق حميمي و مشتاق ؛ لم يخفى على دان الصغير ابداً بأن هذه هي خالته التي طال إنتظارها كثيراً و قد أراد عناقها ايضاً لكنه وعد أمه بأنه سيكون فتى مطيع و مهذب بحضورها

- لا أصدق بأنني أرى مجدداً اختي الصغيرة ...

قالت تلك المرأة و هي تحتضن الفتاة بإشتياق بالغ حتى كادت تذرف الدموع لها ، اكملت على وصال متتوقٍ لها كثيراً:

- لقد إشتقت اليك كثيراً ريتشل.

ريتشل التي بدت متماسكة أكثر من أختها كانت و بالفعل تشعر بالمثل إتجاهها حتى انها لم تكن قادرة على تصديق بأنها أمامها الان ، إبتسمت لها لترد بصوت أكثر ليونه:

- إشتقت اليك ايضاً غابي .. كيف حالك؟ .. لا أرى أنك تغيرت كثيراً.

إبتسمت غابي ضاحكة فوضعت يدها على خد أختها قائلة:

- ربما لم اتغير كثيراً لكنكِ أصبحتي فتاة يافعة و جميلة جداً.

شعرت ريتشل بالخجل قليلاً من إطراءات أختها لها ، رغم ثقتها العالية بنفسها و سماعها للمديح من طرف صديقاتها دوماً الا ان مديح اختها لها كان مختلفاً حقاً ، كان بمثابة فراشة لطيفة تدغدغ قلبها ، أنتبهت غابي أنهما اطالتا الوقوف بين زبائن المقهى الذين كانوا يطالعنهما بإستغراب فأشارت الى الطاولة حيث يجلس دان الصغير بأدب هناك قائلة:

- دعينا نجلس أولاً فقد إنتظرتك طويلاً.

أعتذرت ريتشل عن ذلك و تبعت أختها حيث أرشدتها لكن قبل ان تجلس رأت ذلك الطفل الاشقر يحدق بها بعيون تلمع حينها فقط ادركت انه دان التي اخبرتها غابي عنه ذات مرة.

وضعت غابي يدها على رأس صغيرها مشيرة اليه:

- هذا هو إبني دانييل الذي أخبرتك عنه سابقاً ... عزيزي دان القي التحية .

إبتسمت ريتشل لطفل الحيوي الذي ألقى تحيته بصوت طفولي ناعم و لطيف ، ثم نظرت نحو ساعة اليد خاصتها بتوتر قبل ان تقول بإرتباك:

- في الحقيقة أختي .. انا لا امتلك الكثير من الوقت ...

رفعت غابي حاجبيها بإدراك ثم التفت نحو صغيرها قائلة له مع ابتسامة :

- عزيزي دان ما رأيك باللعب بالهاتف قليلاً؟ ... سنتحدث انا و خالتك عن أشياء تخص الكبار حسناً؟

شعر دان بالاستياء فقد أراد هو ايضاً تحدث مع خالته لكنه لم يستطع مخالفة والدته خاصة بعد تذكره بتوصياتها بأن يكون مهذباً ، بعد تأكد غابي من ان طفلها مندمج من الالعاب واضعاً سماعات الأذنين التفت الى ريتشل لتسألها بسرعة:

- أمي لا تعلم انني هنا اليس كذلك؟

هزت ريتشل رأسها بنفي لترد:

- لا اعتقد ذلك ... أخبرتها انني سأرى ميلي قبل بدء مأدبة العشاء.

إبتمست غابي ساخرة و هي تسند خدها على راحة يدها قائلة بإستخفاف:

- هه! .. متوقع منها و بتأكيد قامت بدعوة كبار شخصيات السياسية و الناشطة في مجالات الحقوق ثم ستعلن أمامهم أنها تبرعت بمبلغ ضخم لإحدى دور الايتام .. اليس كذلك؟

أخفضت ريتشل رأسها بخزي فحتى اختها التي طردت من المنزل منذ عشر سنوات مازالت تعلم أسلوب والدتها الحقير :

- من أجل ان تغطي على أعمالها الدنيئة .. برأيك ماذا وسعها فعله؟

إرتشفت غابي القليل من كأس المياه امامها و قد أظلمت ملامحها بريبة ، فقالت بعد لحظة تفكير لم تدم طويلاً:

- ان الخروج من الوحل بعد الغوص فيه لأمر مستحيل! ....

ثم رفعت رأسها نحو أختها و هي تنظر اليها بأعين جادة:

- انا قلقة عليك ريتشل .. انا واثقة من ان والدتنا سوف ترغمك على سلوك ذات الطريق أيضاً! إياك و الانصياع لها يا أختي.

- و ينتهي بي المطاف مطرودة من العائلة مثلك؟ ... أعلم أنني لا أمتلك الشجاعة لإعتراض و الوقوف أمامها و لكن ... ان طردت فأنا اخشى ان يتخلي عني أبي ايضاً مثلما فعل والدك!

نبرتها اليائسة و مستسلمة أوضحت لغابي كم من الخوف الذي يتملكها من الوقوف أمام والدتها ، لكنها تفاجئت أكثر عندما علمت ان ريتشل لا تعلم كامل التفاصيل:

- أخبريني يا ريتش .. هل تعلمين لماذا طردت من المنزل؟

سؤال غابي الغير متوقع حير ريتشل للوهلة الاولى حتى انها عقدت حاجبيها بعدم فهم و أجابت بصوت منخفض:

- أليس لأنكِ عارضتي رغبة أمي و فعلتي بعض الاشياء الغير أخلاقية؟

شعرت ريتشل بالخجل عندما نطقت بالجملة الاخيرة لكن خجلها تبذل الى إحساس بسوء عندما رأت ملامح أختها الذابلة تلك ، أرادت حقاً الاعتذار لكن غابي سبقتها بالحديث:

- لم اطرد لأنني وقفت في وجه أمي ... و لا أنني فعلت بعض الاشياء السيئة ... و ابي الذي كان أخر مرة رأيته فيها في المحكمة قبل طلاق امي .. لم يتخلى عني الان .

ظهرت علامات الاستغراب و الحيرة على ملامح رياشل كما عقدت حاجبيها مطالبة بتفسير ، و قد كادت ان تفعل حتى اكملت غابي بعد اخذ نفس عميق:

- اعمل أنك قد أستمعتي الى الكثير من الاكاذيب و لكن اعلمي أن اختك لم تكن فتاة جيدة ايضاً.

- غابي ما الذي ...

رفعت الاخرى يدها مشيرة الى تمهل ثم اخذت لمحة عن طفلها الذي يجلس بجانبها يستمتع بوقته في اللعب :

- بعد زواج امي من والدك حرمت من رؤية أبي بل توجب علي نسيانه ... لم تكن الامور تسير على نحو جيد بنسبة لعلاقتي مع امي حتى ولدتِ انتِ ...

إبتمست غابي و هي تتذكر شكل اختها الرضيعة ثم قارنت الصورة التي في عقلها بالتي امامها الان غير مصدقة ان الوقت قد مر بهذه السرعة :

- حسناً .. كنت سعيدة بإمتلاكِ لأخت حتى و ان كانت نصف شقيقة لكن ذلك لم يهم ... كل شيء بدء منذ ان دخلت الجامعة ..

بلى تذكرت ريتشل الان ان غابي كانت في الجامعة عندما كانت هي في سابعة من عمرها ، و تذكرت كيف كانت تحدثها دائماً عن الاصدقاء و العلاقات في تلك المرحلة :

- لم ارد شيء سوى لفت الانتباه لكن .. بطريقة ما تحولت إرادتي شيء فشيء من الكره الى الانتقام من شاب كان قد كسر قلبي في ذلك الوقت ...

لم تعلم غابي كيف تشعر بهذه اللحظة ، هل بذنب لما إقترفته؟ ام بسخرية و ضحك على طيشها في ذلك الوقت ، اكملت ساردة قصتها:

- كنت مراهقة متهورة و طائشة و مدللة ايضاً .. لذلك .. و من أجل ان أنتقم من ذلك الرجل رفعت عليه قضية تحرش و اغتصاب كاذبة! ...

تفتحت أعين ريتشل على مصرعيها من الدهشة ، كانت و قد توقعت اي شيء مجنون منها لكن هذا! كان غير متوقع بتاتاً ، ضحكت غابي ساخرة من نفسها بعد رؤيتها لملامح ريتشل لتقول:

- الجزء الممتع لم يحن بعد! ... فبعد ان علمت والدتي بهويته ناصرتني و دافعت عني و هي تعلم انها كذبة .. أتعلمين لماذا؟ ... لأن ذلك الشاب إبن صاحب أكبر مجموعة إستثمارات في البلد ، هل تعلمين مقدار التعويض التي سنحصل عليه ان ثبت التهمة؟ ليس هذا و حسب! بل قد تؤدي هذه الفضيحة الى ضياع مستقبل تلك المجموعة بأسره .

عندما أفصحت غابي عن هويه ذلك الشخص شعرت ريتشل بأن اطرافها تخدرت في ثانية و قد سحبت ألوان وجهها كذلك ، عقدت غابي حاجبيها بإستغراب من تغير أختها المفاجئ فكادت تسأل عن ما بها الا ان ريتشل تحدثت بصوت مخنوق :

- هل تقولين ... ان ذلك الشخص .. هو رئيس عائلة روتشايلد الحالي ... ديلان روتشايلد ..

رفعت عينيها في جملتها الاخيرة لتنظر نحو أختها التي مل تزال تحت وطئة الحيرة ، شعرت غابي بالاحراج و قالت بندم:

- بلى ...

- و ما الذي حدث بعد ذلك؟ ...

- كما ترين ... لقد سقطت تلك القضية بعد ان تم إثبات أنني كاذبة ... و بدل الحصول على تعويض من عائلة روتشايلد تم تغريمي بمبلغ لم يقل عن مئة الف يورو إضافة الى خمس أشهر في السجن .

غطت غابي عينيها و هي لا تقوى على نظر بوجه اختها أكثر مكملة :

- أمي ... التي دافعت عني و قامت بتشهير القضية إعلامياً حتى تحصد دعم الناس لها ... تدمرت صورتها بطرفة عين .. لذلك كرهتني كثيراً و قامت بنبذي ... مازلت أتذكر كلماتها القاسية لي في السجن عندما أعتقد انها هنا لكي تخرجني من ذلك المكان القذر ...

عادت غابي بذاكرتها الى الوراء كمن يرى صورة باهتة خالية من حياة ترافقها كلمات جارحة تقول " أنتِ عار عليّ! عار على أسمي و شرفي ... كيف تسمحين لنفسك بوضعي في هذا الموقف المقزز! لم تكتفي بتشويه صورتي فقط بل تورطت بتسديد مبلغ ضخم لذلك الثعلب الحقير و إبنه ... من الان فصاعداً لم اعد امتلك إبنة اخرى عدا ريتشل .. سيكون عليك التعفن في هذا المكان حتى تدركِ مقدار خطأك "

أخفضت غابي رأسها حتى لا تسمح لأختها برؤية الدموع التي باتت تلمع في عينيها قائلة:

- انا لا افهم!.. لقد كانت هي من شجعني و وقف بجانبي رغم علمها بكل شيء .. انا حقاً لا افهم .. قضت ثلاثة في السجن و انا افكر بتفسير لهذا حتى اتى ابي و إنتشلني من ذلك الجحيم حينها فقط أدركت ... انه لم يتخلى عني بل يتتوق دائماً لرؤيتي لكن أمي لم تسمح له ...

أعادت غابي النظر نحو إبنها المنغمس في اللعب فإرتست على ملامحها نظرات حنونة قائلة:

- لم أكمل دراستي الجامعية لكنني عملت في عدة أماكن ... حتى صادفت الشخص الذي تملك قلبي حقاً .. الان أصبحت امتلك بيتاً و عائلة محبة .. اشياء لم أفكر بإمتلاكها يومياً لكنني شديدة السعادة لذلك الان.

حينها فقط لاحظت غابي ملامح ريتشل المسودة! بل حتى دموعها التي صارت تنساب من عيونها أيضاً ، شعرت غابي بالقلق فكادت تتحدث الى ان ريتشل قاطعها بصوت باكي:

- في الماضي ... لقد أخبرتني بإنكِ أحبتته! .. و انا صدقت .. ان كنت حقاً تحبينه فلماذا فعلت ذلك الشيء الشنيع له! ...

عانت غابي من صعوبة الفهم ، فهي لم تفهم سبب بكاء ريتشل و ما علاقته بعتابها على شيء حدث قبل عشر سنوات الا انها أجابت بندم و إستياء:

- لم يكن حباً! .. كان مجرد إعجاب سطحي .. انا ايضاً احيانا لا افهم لماذا فعلت ذلك و لكن ... ما حدث قد حدث يا ريتش لا تفكري كثيراً في الماضي ...

فجأة نهضت ريتشل و ضربت الطاولة بكفيها صارخة من بين دموعها:

- كيف لا افكر بالماضي! .. هل تعلمين مقدار الفضيحة التي سأتعرض لها ان أدرك احدهم ذلك .. ليس هذا وحسب! ...

كان كل من بالمقهى يحدق بإتجاههم بريبة ، حتى دان الصغير الذي كان منغمساً باللعب إرتعد من ضربة ريتشل لطاولة و صراخها هذا فإمسك بثياب والدته التي قالت لها بإحباط :

- لقد اغلقت هذه القضية منذ زمن بعيد لذا لا تقلقي ثم .... لم اعتقد بأنكِ تخافين على سمعتك ايضاً مني ...

خرجت جملة غابي من حلقها بصعوبة ، ربما قد ادركت هذا متأخراً و لكن ريتشل لم تختلف عن أمها بشيء ، امسكت الاخرى بحقيبتها هامة بالرحيل و هي تقول بحقد :

- الامر لم يكن مجرد سمعة ... غابي لقد أفسدتِ كل شيء ...

تحركت ريتشل مسرعة لكن اختها لحقها و أمسكت بمعصمها في اللحظة الاخيرة ، نظرت اليها بأعين ترتجف قائلة بتردد:

- ما الذي تقصدينه ريتشل! ... هل يعقل أنكِ ...

سحبت ريتشل معصمها من يد أختها بعصبية قائلة بغضب:

- بلى انا كذلك! ... أعتقدت بأنني سأكون قاردة على الحصول عليه لكن انت ... دمرتي كل شيء الان ...

لم تستطع ريتشل البقاء أكثر فرحلت تاركة غابي في حالة صدمة و خيبة أمل كبيرة ايضاً ، الان شعرت بأن ذنبها ذاك بات مضعفاً الان و مهما حاولت لن تكون قادرة على تصحيحه او محوه من الماضي ، دان الصغير الذي بدا خائفاً جداً إلتصق بوالدته و قال بصوت راجف:

- أمي لماذا رحلت خالتي بسرعة ... ألم تعديني باللعب معها؟ .. لقد كنت مهذباً اليس كذلك؟

ظن الصغير ان خالته قد رحلت لأنه لم يكن مهذباً كما حذرته والدته ، إنحنت غابي و مسحت على شعره الاشقر الناعم لتقول بصوت مليئ بالعبرات المختنقة:

- بلى يا عزيزي لقد كنت مهذباً .. هذا لم يكن خطأك.

حتى و ان كانت يشعر بالاستياء من رحيل خالته المفاجئ الى ان دان لم يرد رؤية والدته تحمل ذلك التعبير الذي أزعجه فقال بنبرة طفولية لطيفة:

- أمي دعينا نذهب الى الحديقة ألم تعديني برؤية الالعاب النارية من هناك؟

إبتسما غابي رغم عنها من ظرافته و قالت مبتهجة له:

- بلى ..دعنا نذهب اذاً.

***********

نظرت آليس الى ساعة الحائط لترى انها قاربت الرابعة مساءاً ،ضربت رأسها بيديها و هي تمتم تارة و تصيح تارة اخرى بسبب نفاذ الوقت منها ، فتحت باب غرفتها و القت نظرة على الممر امامها ثم التفت نحو غرفة ادريان المغلقة فقالت بنبرة باكية:

- لماذا لا يزال هنا؟ أليس من المفترض أن يخرج؟!

إستدارت آليس نحو الساعة مجدداً لترى عقاربها تقترب من ثانية العشر متحركة ببطء مستفز لكن الزمن كان يمر بسرعة! ، حزمت أمرها فإن كان لا ينوي الخروج اليوم فستقوم هي بتطرده بطريقة ما .

توجهت نحو غرفته على الفور و طرقت الباب بالنغمة المعهودة ثم دلفت دون ان تسمع صوته يخبرها بالدخول ام لا .

كان جالساً على الكنبة و يعبث بهاتفه بملل مما أثار ذلك حنق آليس كثيراً ، في حين انها كانت تغلي هو يجلس بكل رخاء و برودة اعصاب هنا ، و لكنها لم ترد منه ان يرى غضبها و الا سيشك بامرها فلماذا ستغضب من بقائه في المنزل؟ تقدمت نحوه واضعة تعابير لطيفة قدر الامكان و هي تسأل من بين اسنانها:

- انت هنا؟

نظر اليها ادريان بطرف عينه للحظة ثم رد بملل :

- ما رأيك؟

برزت عرقها من شدة كبيتها لحنقها من سخريته الباردة هذه ، تقدمت نحوه بخطوات مشدودوة قائلة بصوت يجاهد لكي يخرج طبيعيا:

- ظننت أنك ذهبت ... أولست تمتلك اي مواعيد مع رفاقك؟

رد ادريان بخمول دون ان ينظر اليها حتى:

- بلى .. لكنني لا انوي الخروج الان.

نظرت آليس نحو هاتفه الذي يستفزها بنظره اليه و تجاهلها ، شعرت بالانزعاج منه حقا و بلحظة خاطفة سحب الهاتف من بين أصابعه لربما تستعيد تركيزه عليها و بطبع افلحت ،إستغرب ادريان فعلتها تلك فعقد حاجبيه قائلا :

- ما هذا الازعاج؟ آليس لما ....

- ماذا بشأن حديثنا بالامس؟

قاطعته آليس بنبرة حازمة و تعابيرها باتت جدية و هي تحدق فيه ، لم يقل ادريان شيء لوهلة الى ان تنهد بقلة حيلة ثم نهض واقفا من على الاريكة ليواجه آليس قائلاً بهدوء:

- لم أقل بأني لن اخرج و احتفل مع اصدقائي لكنني لا امتلك الرغبة بالخروج قبل الموعد.

" حقا؟! ... الامور لا تجري هنا مثلما تريد انت ايها الاحمق هيذر تنتظرني و لا أستطيع التأخر أكثر من هذا " لم تمتلك معه اي حيلة سوى إظهار جانبها النكدي و المزعج فقالت و هي تكثف يديها أمام صدرها :

- هل تكذب علي؟ لقد قاربت الرابعة بالفعل متى ستخرج اذاً؟

- عند السابعة و لا.. لا أكذب عليك.

إجابات ادريان كانت كما هي دائماً قصيرة و ذات معنى مفيد و باردة ، آليس التي إمتعصت تعابيرها عند علمت بأنه سيخرج متأخراً لم تعرف كيف تتصرف للحظة الى ان أضاء المصباح فوق رأسها و انقلبت تعابيرها الى خبيثة للحظة ثم إنقلبت على الفور قائلة على نحو مستفز :

- ادريان انت تقول الحقيقة صحيح؟ .. اعني من يخرج عند السابعة بربك؟ لقد ضاع اليوم بأكمله ثم ...

تابعت آليس مدعية اللطف محاولة ان تبدو نبرتها طبيعية :

- انت في الجامعة و على الاغلب الجميع يعرفك هناك ... الا تخشى ظهور شائعات بأنك ما تزال تحت طوع والديك حتى الان؟

استدار ادريان نحوها على فور عاقداً حاجبيه و بدا ان كلماتها جعلته يشكك قليلاً نفسه الى ان اكملت آليس مستطردة :

- أعني اصبحت حراً تستطيع العيش بمفردك لكنك ما تزال في منزل والديك كذلك انت لا تمتلك سيارتك الخاصة رغم كونك تحمل رخصة ... اضافة الى ذلك لم يسبق لك تخطي الساعة الحادية خارج المنزل ... الا ترى ان الجميع سيتغل الفرصة هذه المرة كي يثبتوا صحة كلامهم؟

كانت آليس تقاوم الابتسام و الضحك قدر الامكان ، خاصة مع رؤيتها لإدريان ضائع و محتار هكذا كانت بالكاد تحافظ على تعابيرها من فضحها ، وقف لتقول كلماتها الاخيرة بصوت كالفحيح :

- لقد خرج عمي و السيدة لوريندا بالفعل و لن يعودا الى ما بعد منتصف الليل ... انها فرصتك للخروج و قضاء وقت أكبر مع اصدقائك.

هز ادريان رأسه مقتنعاً بكل جملة قالتها ، إتجه نحو خزانته مخرج بعض الثياب ثم حدق بها بعد ان بلع رمقه ليقول بخفوت:

- اعتقد أنني سأخرج الان.

قاومت آليس الصياح و تصفيق على و ثناء على نفسها قدر الامكان و بدل ذلك قالت بصوت حماسي بعد ان رأته يدخل الحمام:

- اذا ماذا ستردي؟

همهم ادريان بصوت عالي سمعته لكنه لم يجب حتى خرج من الحمام مرتدياً قميص أصفر اللون و معطف رمادي اللون ، حدقت آليس به بإستنكار و تعجب لتقول على وصال غير مقتنع :

- حقاً؟ .. قميص أصفر و أنت اشقر بالفعل؟ ... تبدو كالموزة.

سخرت منه في وجهه بعدم إكتراث مما دفع ادريان لتقليب عينيه من سخريتها المزعجة و أدعى انه غير مبالي مع انه شعر بالانزعاج منها:

- مزحة ظريفة .. منذ متى انتِ مهتمة بما ارتدي.

وقفت آليس على رؤوس أصابعها حتى تصل الى طوله واضعة سبابتها على خده مدعية اللطف قائلة:

- اليوم سأفعل.

تجاوزته و فتحت خزانته بينما ظل ادريان يراقبها من الخلف بصمت ليرى الى اين ستصل هذه المجنونة اليوم ، أخرجت بعض القطع و قالت مع إبتسامة مسرحية:

- جرب هذه.

لم يجد ادريان نفسه الا و ينصاع لها مجدداً ، لكن هذه المرة لم يمانع بفعل ذلك ، أراد السخرية ايضاً مما اخرجت له لكنه صمت عندما رأى الثياب التي نالت إعجابه على الفور ، إلتقط الثياب منها و ليرتديها و بعد دقائق خرج مرتدياً قميص صوفي أسود يعلوه معطف رمادي اللون و بنطال من الجينز ، صفقت آليس كمن ترى تحفته الخاصة لتقول بإعجاب:

- يا الهي انظر الى نفسك كم تبدو وسيماً .

علق ادريان بسخرية :

- سأبدو وسيم حتى اذا ارتديت كيس بطاطا .

دحرجت آليس عينيها و لم تعلق على جملته المغرورة ، القت نظرة على ساعة الحائط لترى ان الرابعة اقتربت كثيراً ، توجهت نحو ادريان الذي كان يأخذ هاتفه و محفظته و قامت بدفعه من الخلف و هي تقول بعجلة:

- هيا أخرج لقد تأخرت!

كانت آليس تقصد نفسها مما دفع ادريان لتساؤل بحيرة:

- تأخرتِ؟ .. الى اين ستذهبين؟

إرتبكت آليس من ملاحظته لكنها إستمرت بدفعه حتى وصلا الى الدرج قائلة بتهكم :

- لم اكن أتحدث عن نفسي أيها الاحمق!

لم يعلم ادريان متى وصل الى باب المنزل كما لم يعلم متى أصبح خارجاً حتى سمع صوت الباب و هو يقفل مستشعراً بتغير الاجواء من حوله ، آليس التي بداخل ابتسمت برضى أخيراً و قد نست لوهلة انها تأخرت فصاحت كالمجنونة عندما رأت ساعة الحائط الكبيرة تشير الى رابعة و الخمس دقائق ، صعدت نحو غرفتها بسرعة و اخرجت اول قطعة ملابس وجدتها أمامها و أرتدتها ، حتى شعرها التي كانت تمتلك له بعض الخطط لم يسعفها الوقت بتسريحه و تركته كما هو منسدل مع تموجات لطيفة في أطرافه.

.
.
.
.

وقفت آليس وسط ساحة ويستمنسر تنظر الى الساعة في يدها التي كانت الرابعة و نصف ، تنهدت بإحباط فقد تأخرت نصف ساعة عن موعد اللقاء ، كانت ترتدي قميص أبيض و تنورة قصيرة بنية يغطيهما معطف يميل الى اللون الاصفر و حذاء ذو عنق طويل بلون الاسود ، كان ذلك او ما جدته في خزانتها فلم تترد ثانية في سحبه و إرتدائه دون تفكير .

جالت آليس بنظرها نحو الساحة النابضة بالحياة و المكتضة بالكثير من الاشخاص ، أسراب المصابيح الملونة كانت تلتف حول جذوع الاشجار كذلك القناديل المضيئة المتصلة ببعضها البعض معلقة بين الاعمدة ، كان المكان يصرخ بأجواء الاحتفال ما زادت جمالاً على ما كانت عليه الساحة ، الارض مغطاة بالثلوج الرقيقة و السماء كانت مزدحمة بالغيوم ايضاً لكن بدأ من الواضح انها تتلاشى شيء فشيء ، إستنشقت الهواء الرطب و البارد بشغف فقد مضى زمن منذ ان خرجت من المنزل لتنزه .

لم تكن هناك طريقة لتتواصل مع هيذر لذلك إستسلمت و فكرت بأنها قد رحلت بعد ان إنتظرت كثيراً ، لكن ظنها ذاك قد خاب بعد المشي لخطوتين عندما لمحت هيئتها المميزة و شكلها من بين مئات الاشخاص ؛ تلك الفتاة تمتلك هالة مميزة تحيط بها حقاً! دهشت آليس عندما رأتها فلم تتوقع أنها ماتزال تنتظر حتى الان ، إقتربت منها مسرعة منادية بإسمها .

إستدارت هيذر على الفور عند سماع أسمها ، تهلهلت اساريرها عندما رأت آليس فأخرجت نفساً براحة قائلة:

- لا أصدق بأنني عثرت عليك ... ظننت بأنكِ لن تأتي.

صوتها الهادل حمل مسحة عتاب و توبيخ في ذات الوقت فلم يكن بوسع آليس سوى الابتسام و التعذر:

- أعتذر عن تأخري ..

هزت هيذر رأسها بمعنى لا بأس فقالت على وصال متحمس :

-دعينا نذهب الان .. فقد قمت بتحضير قائمة طويلة بما سنفعله.

تفاجأت آليس من حماس هذه الفتاة التي أعتادت عليها هادئة و رزينه لكنها الان اشبه بمراهقة شغوفة و متهورة غير مبالية بنتائج ، و هذا جعل آليس تبتسم حتى الضحك ، كم مضى منذ آخر مرة خرجت فيها مع أحد؟ كم مضى منذ ان ضحكت و شعرت بالمتعة و نست من تكون و ما هي عليه؟ هي لا تعلم! او ربما نست متى سبب الوقت الطويل الذي قضته وحيدة من غير أصدقاء ، كانت تلك المرة الاولى التي تشعر بقلبها ينبض حماساً و إستمتاعاً رغم كونهما لم تفعلاً شيء حتى الان.

آليس التي كانت تتبع هيذر منعشة بهذه الاحاسيس التي تخاجلها تفاجئت عندما إستدارت هيذر فجأة و على عكس ما كانت عليه منذ لحظات كانت تعابيرها متوترة و مرتبكة و في فمها كلام واضح ، تحدثت هيذر بعد ان بلعت رمقها و تشجعت قليلاً:

- في الحقيقة ... هناك رفيق ايضاً سيأتي معنا ...

قضبت آليس حاجبيها بإستغراب مكررة كلمتها محتارة:

- رفيق؟ ... من يكون؟ ..

شعرت آليس بشك عندما رأتها تعض شفتها السفلى بإرتباك ، أخذت آليس خطوة لجانب بعد ان كانت هيذر تحجب الرؤية عنها لترى تلك الفتاة ذات الشعر الاصهب و القامة القصيرة تقف منتظرة بهدوء ، إرتخت ملامحها و بردت لتقول لهيذر التي ماتزال تنتظر رد فعلها:

- كان يجب ان أعرف ...

استدارت آليس ناوية الرحيل لكن الاخرة أمسكت بذراعها لتقول برجاء :

- ألا تعتقدين أنكِ بالغتي قليلاً؟ انا حقاً لا اعلم ماذا حصل بينك و بين ساندي لكن ما اعرفه انها حاولت كثيراً الاعتذار لكِ و تقرب منك مجدداً ...

ثم أضافت بنبرة عميقة مست كيان آليس و بقوة:

- هل بإمكانكِ منحها فرصة؟

كانت نية هيذر صادقة و هذا بدا واضحاً جداً في عينيها ، آليس التي شعرت بتردد للحظة اخمدت ذلك الاحساس على الفور و قامت بسحب ذراعها برفق لترد بجفاء :

- أقدر محاولتك هذه حقاً .. لكنني آسفة لا أستطيع .. لقد قلتها بنفسك أنتِ لا تعلمين ما الذي حدث .

إستسلمت هيذر على الفور فبعد ان رأت عيونها المتجمدة و نبرة صوتها الواثقة علمت انها مهما فعلت و حاولت لن تكون قادرة على تغير رأيها أبداً ، ظلت واقفة في مكانها تراقب آليس التي أختفت بين الحشود .

ساندي التي كانت تقف على بعد منهما رأت و سمعت كل شيء ، لم تعبس او تبدي اي تعبير يدل على الحزن لأنها و ببساطة توقعت ذلك ؛ إقتربت من هيذر التي كانت ما تزال واقفة  معتذرة و هي تلوم نفسها:

-يبدو أنني أفسدت نزهتك ... انا اعتذر ما كان ...

قاطعتها هيذر على الفور و منكرة :

- هذا ليس خطأك .. انا من أراد إصلاح علاقتكما لكنني لم افلح ...

ثم تنهدت بيأس مضيفة:

- حتى عندما حاولت التقرب منها كانت تتدفعني بعيداً ... ظننت ان الامر له علاقة بإدريان لكن ... بدت لي و كأنها تفضل الوحدة على محاولة إكتساب أصدقاء جدد.

تحاشت ساندي النظر الى هيذر قدر الامكان كابتة في داخلها جميع مشاعرها و ذكرياتها المريرة ، خاصة كل ما كان يتعلق بصديقيها ، لويس و آليس.

.
.
.
.

اخذت تمشي في الشوارع دون وجهة محددة ، لم ترغب قط العودة الى المنزل خاصة بعد المجهود الذي بذلته كي تخرج دون علم أحد ، الى انها كذلك شعرت بالفراغ عندما لم تجد الى اين تذهب او مع من تقضي وقتها .

وقفت في منتصف الرصيف مخرجة نفس حار من حلقها بكل يائس رافعة رأسها الى السماء متمتمة:

- ان هذا مزعج! .. عدم إستسلام تلك الفتاة يشعرني بالانزعاج من نفسي كثيراً!

أحتضنت نفسها من البرد عندما مرت نسمة خفيفة لكنها كانت كافية حتى تعجل كل خلية في جسدها ترتجف ، شعرت بالاحباط كثيراً بعد ان كانت تأمل قضاء وقت ممتع لكن ذلك لم يحصل! اخرجت هاتفها قائلة بضجر:

- لا امتلك خيار آخر سوى العودة الى المنزل ...

القت نظرة على الشارع من حولها حتى تستطيع إخبار السائق عن مكانها و في تلك اللحظة التي كونت فيها رقمه ، رن هاتفها بشكل مفاجئ جالباً الدهشة عندما علمت صاحبه! عقدت آليس حاجبيها بإستغراب فما الذي قد يريدها منه رايان في هذا الوقت؟ لم تكن لتخسر شيء على اي حال لذلك أجابت واضعة الهاتف على أذنها مجيبة بفضاضة :

- ماذا تُريد؟ ...

توقعت اي رد ساخر او جامد من الطرف الاخر لكنها صدمت عندما سمعت صوت طفلة يشوبه البكاء :

- آليس انها انا سول! ...

كان سماع صوت سول أمر مفاجئ لكن ما أقلق آليس أكثر هو صوتها لذلك تساءلت بسرعة:

- سول؟! ... ما الامر؟ .. لماذا تبكين؟! ...

لم تعلم سول بماذا تجيب هل تخبرها بالذي حصل؟ ام تطلب منها فقط ما تريده منها ، شعرت الصغيرة بالتوتر و الحيرة حتى أربك صمتها هذا آليس التي كانت تنتظر على الطرف الاخر :

- هل حصل شيء ما لكِ؟ ..

سألت آليس بإنفعال فصمت سول لم يزيد الامر سوى سوءاً لديها مما جعل الصغيرة تجفل و تقول بنبرة مرتعشة:

- ليس انا بل أ .. رايان ...

كانت على وشك قول أخي لكنها تراجعت على الفور ، عقدت آليس حاجبيها بإستغراب و ردت:

- ما الذي حدث له؟ لحظة واحدة أنتِ تحديثنني من هاتفه ناوليني أياه ...

- انه ليس هنا ... لقد خرج من المنزل ..

إزدادت الامور تعقيداً لدا آليس حتى شعرت بالعجز عن فهم ما يحدث لتقول بعصبية :

- سول انا لا افهم أي شيء! ... هل حدث شيء ما له؟

إستشعرت سول غضب آليس من عدم فهمها لشيء لذلك تحدثت دفعة واحدة :

- لا اعلم و انا اخشى انه قد يؤذي نفسه! ... لم يكن على طبيعته و قد خرج من المنزل فجأة بعد ان صاح  بي  انه ليس بخير ابداً و انا قلقة عليه ...

أخدت تنشق بعد ان إنسابت الدموع من عينيها قائلة برجاء:

- آليس انا أرجوكِ ... جديه من أجلي .. انا حقاً خائفة ...

اخذت الصغيرة تبكي بقلة حيله بينما آليس التي شعرت بضياع حامت بنظرها بين الشوارع من حولها قائلة على وصال مستلطف:

- كيف سأعثر عليه؟ .. ان المدينة كبيرة جداً و الجميع بالخارج تقريباً .. الامر كمن يبحث عن إبرة في كومة قش!

أرادت آليس أخبارها بشكل لا يجرحها فهي دون ان تفكر بالامر مرتين حتى لن تكون قادرة على إيجاده بتلك السهولة ، بل هي لا تعلم الى اين يذهب و قد يكون برقفة أحداً ما او يفعل شيء ما ، كانت هناك مئات الاحتمالات التي جعلت آليس لا تحاول ابداً لكن صوت تلك الصغيرة اليائس الذي اتاها جعل قلبها ينفطر :

- آليس .. ليس لي أحد غيرك .. انا أتوسل إليك .. أرجوكِ إبحثي عنه من أجلي ...

ما مدى حقاراتها ان قالت لا لهذا الصوت الملائكي؟ دون وعي إستسلمت آليس لها و قالت في محاولة إرضائها:

- حسناً سأبحث عنه .. أعدك بأنني سوف اجده فقط أرجوكِ توقفي عن البكاء .

توقفت سول على الفور و كففت دموعها بيدها شاكرة آليس قبل ان تغلق الخط ، من ناحية الاخرى التي لم تعلم من اي و كيف و متى تبدأ ارادت ضرب رأسها بزجاج المحلات أمامها لأنها واقفت على شيء ليست واثقة من فعله .

- لماذا يحدث هذا معي دائماً؟ ... لما اضع نفسي في مواقف لا أقدر على مجاراتها.

شعرت بالاحباط و أرادت فعلاً النواح كالاطفال لكنها أمسكت بالهمة و إستقامت في وقفتها قائلة بغضب:

- ذلك الابله أين هو الان؟ ... كيف سأعثر عليه من بين الالاف الاماكن و ملايين الاشخاص؟

لم تكن تمتلك اي فكرة ابداً لكنها إعتقدت ان البدء بالاماكن العامة أفضل فهي مقصد اغلب الناس في نهاية .

عادت الى ساحة ويستمنسر باحثة عنه بعينيها في كل مكان ، " حسناً آليس ... ان إيجاد شاب طويل ذو شعر اسود و عيون ذهبية ليس صعباً ... بلى فثلث شباب لندن يمتلكون ذات المواصفات! " كان من الواضح انها أرادت تهدأة نفسها لكنها لم تفلح.

لم تكن ترجوا اي نتيجة فساحة كبيرة بالفعل و هي واثقة انه من النوع الذي لا يذهب عادة الى هكذا أماكن ، حفزت آليس عقلها على التفكيرة متمتمة:

- فكري جيداً يا آليس .. شخص مثله يكره الضوضاء و المكان المكتضة .. الى اين سيذهب عندما يغضب؟ ... اذا كنت في مكانه سأذهب الى حديقة بلاك بارك على الفور فهي مكاني المفضل .. اذا شخص مثله ما هي الامكان الذي قد يقصدها؟

طرأ في عقلها الكثير من الاماكن لكن زيارتها جميعاً كان أمر صعباً لذلك فكرت في البدء من الاقرب ، الاماكن القريبة كان  قصر بكنغهام و جسر ويستمنستر  قرب ساعة بيغ بين الشهيرة .

على الفور توجهت نحو قصر بكنغهام كونه الاقرب ، لم تكن تسرع كثيراً في خطواتها حتى لا تتعب لكن كثرة السير ايضاً كان يرهقها لذلك إضطرت الى أخذ إستراحة بين الفنية و الاخرى ، جالت بين معضم المعالم و الاماكن المسموح للعامة بدخول اليها لكنها لم تجده .

تنهدت بإحباط و خيبة آمل فهي و بعد كل شيء لا تنوي قضاء اليوم بطوله في البحث عنه ، حزمت امرها بعد ان راقبت السماء التي ستظلم قريباً ، ما ان يحل الظلام ستتوقف و تستلم فهي و بعد كل شيء تمتلك حدودها التي تمنعها من الاستمرار في البحث.

.
.
.
.

ألوان الغروب تزين صفحة السماء بين الغيوم ، و الثلوج التي كانت تهطل بين الفنية و الاخرى توقفت منذ ساعتان .

كانت آليس تمشي على طول الرصيف الحجري دون ان تتعب نفسها بنظر في وجوه من حولها ، فقد أرهقها النظر في الناس و تركيز في وجوههم أكثر من المشي بحذ ذاته ، وقفت للحظة رافعة رأسها للأعلى لترى الشمس الموشكة على الغروب و الاندثار في الاسفل ، الان كان اغلب ما شغل فكرها الان هو كيف ستصارح سول؟

لقد مضى ما قارب الساعة و النصف و هي تبحث لكنها لم تجد اي أثر له حتى ، الان صارت تشعر بالقلق ايضاً ، ما الشيء الذي سيجعل شخص بارد المشاعر متكلف الاحساس مثله حتى يغضب الى درجة تجعله يصيح بسول؟

هل هو بخير الان؟ ، ماذا ان تملكه الغضب و آذى نفسه حقاً؟ انه يقود دراجة! ... ماذا ان كان مسرعاً و تسبب في حادث مروري؟ ماذا و ماذا و ماذا ، عشرات الاسئلة كانت تدور في رأسها دفعة واحدة جعل قلقها ذاك يتحول الى خوف! إزدرت ريقها و حاولت نفي تلك الافكار في رأسها و إستمرت بالمشي .

كانت فقط لحظة ، لحظة خاطفة عندما رفعت فيه بصرها لأمام قليلاً ، لكنها كانت كافية حتى تلمح هيئته و شكله من ذلك البعد! ظنت ان عقلها يخدعها او يسخر منها لأنها أفرطت بتفكير فيه و البحث عنه طيلة الفترة الماضية ؛ وقفت في وسط الرصيد و هي تحاول تكذيب ما تراه لكن ، ما تراه كان الحقيقة!

شعرت بأن قلبها توقف للحظة قبل ان يباشر بالخفقان بسرعة شاعرة بالسعادة و الارتياح لإيجاده ، شقت الابتسامة شفتها لكنها أقسمت انها لن تجعله يراها بل سيرى قدمها التي ستركله بقوة على فعلته السمجة هذه .

دون واعي أسرعت بخطواتها نحوه متجاهلة قلبها الذي كان دائماً الضحية و قد تمتمت بكلمة واحدة:

- وجدتك!

********************************************

مرحبا مرشملووووو💜

كيفكم انشاء الله بخير💜🥺

و هذا هو الفصل الثاني نزللللل باقي فصل واحد بس و رح فوز في الرهان 😌💜

بس يشهد الله ان هذا اكثر فصل عشوااااىي اكتبه بحياتي 🤦‍♀️💔

مش عارفة انتم يمكن تحسوا بيه لكن انا الفصل هذا مررررني بشكل غريب لدرجة صرت كل شوي اكتب سطر سطرين من كل جزئية بعدين اقفل البارت و اطلع

- طبعا عدا الجزئية الاخيرة الي توني كتبها يعني طازة🔥😌 -

اني وير

أسألكم انا عن البارت و لا انتم تسألوني؟🙂

بس قبل كلللل شيء

الناس الذي ملأت البارت السابق شتايم و نزلت في هيذر

ممكن تصطفو و تعتذرولها ناو؟🌚

المسكينة نيتها كانت طيبة و همها كان ترجع صداقة آليس و ساندي و يقعدو هما الثلاثة فريندز مع بعض فقط

كنت حنرد على التعليقات بس تركت الامر لحتى تفهموه  بروحكم

اما بنسبة لاخت ريتشل غابي

هو انا لمحت لها مرة بس مش عارفين قديش احس اني غبية لما نسيت تماما اني أذكر او المح لهذا الموضوع 🙂💔

عايزة اضرب راسي بالحيط و لله🌚

يعنييييي كييييف انسى شيء مهم زي هذا كييييف

- تشعر بالاحباط هي و مئة شخص -

المهم واضح غابي كانت عندها قصة مع ديلان زمان ايام الجامعة و ان كيف ما حد يعلم بهذا من قبل و مل انتشرت للقصة رغم ان ليها عشر سنين هذي خليها على جنب

العبرة ان الانسان في مرحلة من حياته يكون طايش و متهور و غبي و قد يقدم على فعل ابشع الاشياء لانه مش واعي كفاية بس هذا ايضا ما يزلمك تتجاهل طيشه لحتى يقع الفاس بالرأس او تعجبك اعماله و تقول في نفسك ان شخصيته قوية و ما يهتم بنتائج لا!

في فرق بين قوة الشخصية و التهور و عدم الاهتمام بنتائج الانسان لازم يكون واعي قدر الامكان و لما يغلط من واجب الي حوله يوجهه او يوقف بوجهه و يفهمه مش ان يسانده بحجة ان حيحصل من وراه منفعة و في الاخر ينخلى عنه بعدما يفشل و يأكلها على رأسه

كلنا بشر ، و البشر خطاؤون بطبيعتهم و كلنا نمتلك فرص لتصحيح من انفسنا العبرة هي كيف و متى تصلح من نفسك و تضع ميزان لأفعالك 💜

- أرسطو العصر الحديث -

باقيلنا بس الجزء الثالث يا جدعااااان 😭😭😭😭

كل شخص يكتب هنا تخيلاته بشن حيصير في البارت الجاي

لاني من توا استعدو لجفاااف العاطفي و شوية دموع على شوية فراولة و كياتة على شوية ضحكات حلوة💜💜🔥🔥

- يشهد الله اني متحمسة اكثر منكم -

المهم

اخلص الثرثرة و الا اكمل؟

بصراحة ما عندي اشياء كثير احكي عنها بس مش عايزة اقفل الموضوع هنا

ااااااااااه صحييييح

من فترة كنت مكسدة و قلت يلا خليني نحسب عدد الكلمات الي كتبتها كلها من اول فصل لحتى اخر فصل

و هنا كانت السدمة!

طلعت 118036 كلمة!!

اي ما يعادل 450 صفحة و تقريبا بمتوسط 5620 كلمة لكل فصل

كل هذا و احنا بس تونا دخلنا نص الاحداث!!

يعني محتاجة 118036 اخرى عشان اكمل الرواية!

- بأبصم بالعشرة ان 30% من هذا الرقم رغي وثرثرة بس 😂😂😂😂😂 -

شوفو قديش تعبت؟

طب في المقابل ادعولي برحلة لفرنسا💔

عايزة روح لفرنسا نااااو😭😭😭😭

عشان اقابل المز و العسل

اعععععععع ااااااااء

اهئ اهئ اهئ اهئ اهئ - تبكي -

اوك ما تعدلوش علي

دمتم في امان الله و حفظه💜

Continue Reading

You'll Also Like

434K 36.1K 15
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
1.1K 92 8
أولاً اسم الكتاب معناه ( إنها بترفض الانصياع) ترجمة الكتاب الخامس من سلسلة shatter me من رؤية آرون و كينجي و جولييت هل سيجعلها قلب جولييت المكسور ع...
2.1K 245 13
أكبر خطيئة يرتكبها المرء بحق نفسه هي بأن يثق بمن حوله فالجميع يرتدون أقنعة الوفاء و الوداعة و كأنهم ملائكة لا تشوبهم شائبة.. متناسين أن الشيطان بحد ذ...
5.7M 164K 107
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣