الفصل التاسع و العشرون : ضغائن متبادلة

12.6K 855 983
                                        

شارع فيريت ، كان شارعاً قديماً يعود الى أوائل القرن العشرين و دون ان يحدث الزمن اي فوارق كبيرة على الابنية ذات التصميم العتيقة ظل محافظاً على رونقه المميز و خاصة عندما انعكست ألوان الغروب من خلف الغيوم الباهتة ، كان ذلك يضفي إحساساً رقيقاً بالالفة و الانتماء .

بلى ، كانت تلك الإحساس متبادلة في وقت ما حتى تبدت مع ظهور شخص ما خلخل من هدوء المكان ، أخذت جيما خطوة أقرب و كعب حذائها يطرق على الارض الحجرية و مع ملامحها الجامدة كان أي شخص قادر على تمييزها من بعد أميال ، أغلقت باب السيارة بدفعة واحدة قائلة و هي تحدث ابنها المصدوم من قدومها :

- هل تعتقد أن بإغلاقك لهاتفك لن أعثر عليك؟

مع بشرتها الشاحبة و تلك النظرة الجليدية في عينيها ابتلعت آليس رمقها الجاف و قد أحست برجفة في جسدها ، لم تستطع تذكر اين رأتها بالتحديد لكن ذلك لم يكن مهماً الآن أرادت الاقتراب من رايان و الهمس بالسؤال إلا أن غريزتها حذرتها من أخذ أي حركة دون داعي .

- لقد فرغت بطاريته .. على أي حال لماذا والدتي العزيزة هنا؟

كذب مبرراً ، فقد أراد عدم إثارة أي شكوك لإقفاله هاتفه عنوة إلا أن الشق الثاني من حديثه بدا و كأنه غير مسرور بتاتاً من قدومها ، في حين ان آليس رسمت تعبيراً متفاجئ فأخر ما توقعته ان تكون تلك المرأة والدته! أخذت تدرس هيئتها و محلامها عن كثب ؛ حسناً كان من الصعب الجزم أنها والدته فلم يكونا متشابهين إطلاقاً علاوة على ذلك كانت تعطي إنطباعاً بالوقار و الاحترام و من الوهلة الاولى ستطيع الجزم أنها إمرأة ناجحة ومستقلة.

دلكت جيما جبينها من رده الرديء قبل ان تأخذ نظرة خاطفة على الفتاة التي تقف بجانبه ، لم تكن ترغب بالإطالة فقد تأكدت من شكوكها و هذا ما جاءت من أجله خاصة بعد ان ضيع رايان عليها فرصة ذهبية عندما رفض القدوم معها قبل ساعات .

- أتيت إلى إصطحابك بنفسي .. عليك العودة معي إلى المنزل.

أراد المجادلة و الرفض لولا انه بتلك الطريقة سيثير شكوك آليس اولاً ثم والدته ، لم يكن يمتلك أي خيار على أي حال كما ان آليس قد حدثته بصوت خافت تحثه على ذلك:

- أعتقد أنني سببت لك المتاعب لمجيئك اليّ عليك العودة مع والدتك فهي لا تبدو ودودة اطلاقاً.

أضافت ساخرة في النهاية حتى كاد رايان ان يلتفت اليها و يؤكد ذلك ، تنهد مستسلماً معلناً عن ذهابه لها قبل ان يتجه نحو والدته التي سبقته و صعدت السيارة قبله ، أمسك بالباب قبل أن يدخل التفت بعفوية إلى آليس التي لوحت اليه مودعة بتحية عسكرية و ابتسامة لطيفة رسمت على محياها ، فلم يستطع الا ان يبتسم لها هو الاخر قبل ان يصعد .

أعاد السائق تدوير محرك السيارة قبل ان تنطلق بعيداً ، تنهدت آليس مراقبة السماء التي بات أكثر قتامة من السابق فأجزمت ان الشمس تنزوي الى الأسفل خلف الغيوم و الضباب ، ربما في النهاية هي تدين بإعتذار إلى رايان في حال تسببت في مشكلة بينه و بين والدته.

أغنية أبريل|| April Songحيث تعيش القصص. اكتشف الآن