Lady Casanova.

By Tullipxx

75.5K 6.7K 6K

ما أجمَل مِن أن تَعشق شخصًا إلى حَدِ المَـوتِ؟ ▪كُل الحِقوق محفوظَة®. ▪السَيدة كازانوڤا [ رِوايَـة - لِويس تَ... More

السَيدة كازانوڤا.
الأوَل|سَيدة القَطيع
الثانِي|لَيلة في مَهبِ الرَيحِ
الثالِث|في عَصرِ الأزماتِ
الرابِع|رَبيع إيلڤان
الخامِس|خارِج عَن المألوفِ
السادِس|لِقاء مَع حَبة كَرز
السابِع|تُحفة فنِية غاضِبة
الثامِن|سِحر حُورِيات البَرِ
التاسِع|زِفافٌ ريفِيٌ
العاشِر|سِياسة الحُبِ
الحادِي عَشر|حُمى مُصيبة للقُلوبِ
الثانِي عَشر|سَليلة بالَوم
الثالِث عَشر|الوَجه الآخر للعُملةِ
الرابِع عَشر|الخَيط الرَفيع
الخامِس عَشر|مَع الدَقةِ العاشِرة
السادِس عَشر|حالَة زواج
السابِع عَشر|حيلَة آفروديتِي
الثامِن عَشر|القِط والفأر
التاسِع عَشر|امرأة العَصر
العِشرون|موعِد على العَشاءِ
الواحِد والعِشرون|أعادَة إحِياء الماضِي
الثانِي والعِشرون|أسرَى حَرب الذَكرياتِ
الثالِث والعِشرون|جِدال بَين شظايا مُجتمع
الرابِع والعِشرون|الأُم العَقيم
الخامِس والعِشرون|الحَياة دائِرة مُغلقة
السادِس والعِشرون|سِر الوَشاحِ الأزرَق
السابِع والعِشرون|رَومِيو وچولِيَت
الثامِن والعِشرون|قَبل غُروبِ الشَمسِ
التاسِع والعِشرون|الشُموع السَوداء
الثلاثون|بَين الحُبِ وغَريزةِ التملُكِ
الواحِد والثلاثون|الرجُل الآخر
الثانِي والثلاثون|حَواء الضِلع الأعوَج
الثالِث والثلاثون|مِكيالا العَدل والرجُل
الرابِع والثلاثون|عَرين لِوجورَيا
الخامِس والثلاثون|قلبُ قدِيس وحَياة آثِم
السادِس والثلاثون|غُربال وغِربان
السابِع والثلاثون|آخِر عَربة بقَطارِ الأوهامِ
الثامِن والثلاثون|أُمسِية على قَدمٍ وساق
التاسِع والثلاثون|عِرق ليلِيث
الأربَعون|حَلوى أم خُدعة؟
الواحِد والأربَعون|أُمنِية مَع وقفِ التَنفيذِ
الثانِي والأربَعون|حَفل على شَرفِ بِروتوس
الثالِث والأربَعون|قَوس وسَهم
الرابِع والأربَعون|تَرنيمة مِزمار المَوتِ
السادِس والأربَعون|نَعيم مُزيف
السابِع والأربَعون|جُنون أرستُقراطِي
الثامِن والأربَعون|بوصلَة ومِرساة
التاسِع والأربَعون|ساعَة رَملِية مَكسورة
الخَمسون|الكَأس الأخَير
نِهاية السَيدة كازانوڤا.

الخامِس والأربَعون|فَن العَودةِ للواقَعِ

654 73 113
By Tullipxx

لقَد كانَت صَبِيحة رَتيبة بمَدينةِ لَندن الإنجَليزية. هامَت الرِياحُ بصَبوةٍ لَعوبةٍ في السَماءِ الشاهِق مُصابة بضَبابٍ كاسَحٍ قَهر نَقاء الساعَة المُبكرةِ وأعلَّها بشَعورٍ ثَقيلٍ صدَته القُلوب بكُل ما ملَكته مِن هَمةٍ.

كانَت العَصافِير تُزقزِق بشَجنٍ بأسَرابِها المُحلِقة فَوق الشَوارِع الَتي حَوت المَتاجِر الَذي تفتَح عَيونها بإشَراقٍ مِثل خُضرتِه المُتلهِفة وهو يَضع كِلتا يَديه على خَصرِه متآمِلًا مَزايا مَتجرِه بإعَتزازٍ لدَقيقةٍ قَبل أن يخطُ للخارجِ ليَرنو مبتسِمًا لِلّافِتة العَريضة الَتي عُلِقت عالِيًا بثَباتٍ.

مَتجر سيجرِيد للتُحفِ الآثرِية.

"لِوي؟ عَزيزِي؟ هَيا إستَيقِظ أيُها الكَسول."

إنزَعج بنَومتِه بهَزاتٍ لَطيفةٍ أقلَقته، فتَح عيونَه بتزمُتٍ بوَجهِ الضَوءِ المُنعكِس مِن النافَذةِ المَفتوحةِ على وَسعِها، فتَذمر رافِعًا جِذعَه بكَسلٍ للجَهةِ المُناقِضة كَي يُقابِل زوجَته الَتي إبتَسمت بعُذوبةٍ.

"صَباح الخَيرِ."

"صَباح الخَير. كَم الساعَةِ الآن؟"بنَبرةٍ مَبوحةٍ إستَفسِر، ودَلك فَروة شَعرِه المُبعثرِ بآنامَلٍ خامَلةٍ ناظِرًا إلى عَربةِ الفُطورِ الَتي جلَبتها لجَوارِ فراشِه..تمامًا كاليَومينِ المُنصرِمين بفَعلةٍ مُريبةٍ.

فهو لم يَعتد على تَناولِ طعامَه بالسَريرِ.

"إنَها الحادَية عَشر والرُبع."
نبَعت دَهشته مَع إنسكَابِ الحَليبِ بجَوفِ الشَاي الساخَنِ الَذي أعَدته سيڤين ككُل شيءٍ آخرٍ فَوق العَربةِ. لقَد كانَ متفاجِئًا بإصَرارِها على إعدادِ طَعامِه بنَفسِها رَغم بأن ذلِك لم يكُن مِن شَيمِها، وحينَما عَرض علَيها المُساعدة رفَضت بلُطفٍ أخفَت وراءَه حِدة عَجيبة.

هِى لم تنفَك تتصَرف على نَحوٍ غَريبٍ منذُ وفاةِ جدتِه.

"لقَد غدَوت تنامَ الكَثير مِن الوَقتِ، وذلِك سيُفقِدك تَركيزك ويُرهِقك. أنتَ على علمٍ بأنَ بإمكانِك إخَباري بأي شَيءٍ يُزعِجك أو يؤرِقكَ آثناء اللَيلِ، ألَيس كذَلِك؟"طالَعته بجَديةٍ ردّها بإيماءةٍ صامَتةٍ، وشَكرها بخُفوتٍ وهو يَلتقِط قَدح الشَاي بخَفةٍ.

هو لَم يملِك ما يُخبِرها بِه لأنَه كانَ يهرَب مِن دَمامةِ أحزانِه بالنَومِ رَغم علمِه بأنَ ذلِك لَيس حلًا مِثاليًا. ولكِنه كانَ يشعُر بالخَيبةِ لخسارتِه الكَبيرةِ، بالغَضبِ على جُبنِه الَذي ردَعه مِن مواجَهةِ واقِعه بجَراءةٍ، وبالضَعفِ الَذي جَعله بِلا نَفعٍ حَقيقيٍ لزوجتِه الَتي تدَبرت كُل الآمورِ ببَسالةٍ.

لقَد كانَ يهرَب مِن كُل ذلِك.

"علَيكِ أن تتوَقفِ عَن جَلبِ الطَعامِ إلى هُنا. أنا لستُ عاجِز ولَم أعتَد على خَدمةِ الآخرينِ لي بذلِك الشَكلِ."عبَس، منزِلًا القَدح عَن يدِه كَي يتفَرِس بمَلامِحها الَتي إنشَقت ببَسمةٍ فاتَنةٍ وهِى تنهَض على قامتِها برَشاقةٍ.

"أنا لا أخدِمكَ، بَل أعَتنِي بكَ. أنا أعلَم تمامًا كَيف يشعُر المَرء حينَما يفقِد شخصًا عزيزًا علَيه وكَم يَكون بحاجَةٍ للرَعايةِ. أنتَ لستَ مُضطر لإخَفاءِ إستَياءك عَني، لِوي، فأنا يُمكِنني رَؤية كُل شيءٍ بنَظرةٍ واحَدةٍ."حَثته بنَظرةٍ رأى كَم كانَت تفتعِل حَيويتها، قَبل أن تتوَجه نَحو خزانتِه بعَزمٍ.

"أن الطَقِس لَطيف اليَوم، لِذا لَن تحتَج لإرتَداءِ كَنزة صوفَية بالظَهيرةِ. رُبما قمِيصٌ ما سيَفِي بالغَرضِ."

"أرجَوكِ توَقفِ عَن فَعلِ هَذا!"إنفَعل، وبنَظرةٍ مُتحِيرة بحُرقةٍ نَهض كَي يتوَجه إلَى كيانِها الَذي تصلَب أمامَ الخزانةِ فلَم تلتفِت حَتى أرغَمها ناظِرًا إلَى وجهِها الهابِط بإستَنكارٍ. "ما الَذي دَهاكِ؟ إنكِ تتصَرفِين بكُل غرابةٍ وذلِك يُثير رَيبتِي. تتحَدِثين عَن كَونِي حزينًا ولكَنكِ لا تَرِ نفسكِ كَما أفعَل! هَل تعتَقدِين بأن إبتسامَكِ كُل صباحٍ بسَعادةٍ ومُعاملتِي بذلِك الإهتمامِ البالِغ سيُلهِني عن مُلاحظةِ كَم تَبدِين مُضطرِبة هذهِ الأيامِ؟ ما الَذي أصابَكِ؟"

"أنا أُحاوِل أن أكُن زوجَة مِثالَية، فإترُكنِي أفعَل ذلِك رجاءً."ترتَلت سيڤين كلِماتَها بهُدوءٍ ولكِن بنَبرةٍ مُتبرمةٍ بالخَفاءِ. لقَد كانَت تُحاوِل تَعويض غِياب جدتِه لَه، كانَت تَسعى لحمايتِه بشَكلٍ مُبالغٍ به، وبين هَذا وذاكَ تشَتتت لإبقاءِ حقيقَتها أسفَل تِلك الأقنِعة المُزيفة.

"ما الَذي تَعنِيه بزَوجةٍ مَثاليةٍ؟ إنكِ زوجَة مِثالَية وأنتِ على سَجيتكِ!"تهَكم. كانَ مذهولًا بقولِها، هِى كانَت تتظاهَر بالسَعادةِ وهِى تَفعل ما لَم تكُن مُلزمة بِه لأجلِه، تنبِذ أيًا كانَ سَبب إستَياءِها كَي تغدَو بصَورةِ المرأة المَثالية كَما أخبَروها.

والزَوجة المَثالية لا يجِب أن تُثقِل على زوجَها بآمرٍ قَط.

"تَعالِ، أجَلسِ."تَنهد، مرشِدًا يدَها بلُطفٍ للجُلوسِ فَوق حافةِ فَراشِه أمامَ صمتِها العابِس الَذي أزعَجه،ولَعق شِفَتيه بحَسابٍ. "دَعينِي أُذكركِ بآمرٍ قُلته لكِ لَيلة عَرضِي عليكِ الزَواجِ لآخرِ مَرة. لقَد أحببتُكِ لطَباعكِ وشَخصيتكِ العَجيبة! لَو كنتُ أعلَم بأنَ ما تَفعلِينه هَذا مِن عاداتكِ ما كنتُ سأعتَرِض بَل كنتُ سأراه آمرًا بغايةِ الشاعَريةِ، ولكِنه لَيس كذلِك! و مَوت جدتِي لا يُلزمكِ بأن تَقومِ بشَيءٍ لا تُريدينه لتَجعلِيني أشعُر بشَعورٍ أفضَل وحَسب، هَذا لَيس صَوابًا وأنا لستُ مستمتِعًا بِه. كَما أنَ تَهمِيش بؤسَكِ الَذي يُمكِنني أن أرَه بكُل وضوحٍ بطَياتِ حُزنِي لَيس مقبولًا أو جيدًا لكِ، لا بأس بأن تشعُرِ بالحُزنِ لسَببٍ ما في وجودِ آمرًا آخرًا حزَين، أنتِ لن تَسرقِ لَحظتي أو ستُثقلِين علِيَّ..بَل أنتِ تَفعلِين وأنتِ تتظاهَرين بأن كُل الآمورِ على ما يُرام وهِى لَيست كذَلِك."

رَنى إلى عُيونِها بلَومٍ أضافَ لهَمِها همًا، هى لم تكُن تنتظِر سَماع حديثِه كَي تشعُر بالسَوءِ لمَ تفعَله..ولكِنها كانَت تُشغِل نفسَها عَن قلقِها وحذرِها الصارِم الَلذين رافَقاها منذُ تِلك اللَيلةِ الَتي كشَف فِيها سِيمون عَن أسرارِه القَبيحةِ.

فقَد مسَّها بهَوسٍ تشُك بكُل نفسٍ يُحيط بِها وبزوجِها. وكانَ علَيها الإنشِغالَ مهما كانَ ما تفعَله مُريب ومُزعِج كثيرًا.

زفَرت رامِية خواطِرَها العَقيمة جانِبًا، ودلَكت جبينَها بيأسٍ. "أنا أعتَذِر. يَبدو بأنَ أعراضَ الحَملِ تُصيبنِي بالتَوترِ قليلًا وذلِك يدفَعنِي للتصرُفِ بشَكلٍ مُريبٍ."

لم تكُن تتحَدث بصَراحةٍ، وكانَ يعلَم ذلِك. كانَت تَتحجج بحَملِها كَي لا تُطلِعه علَى حقيقةِ إنزعاجِها، وذلِك أمعَضه. للَحظةٍ تمنَى لو كانَت مِثلَه، عاطِفية تُلقِي بكُل ما يُحزِنها ببَساطةٍ على عاتقِه دون أن تَضطر لكَبحِ ذلِك بواقَعيةٍ وجُمودٍ تُقيد نفسَها بِهما.

فأحيانًا لا بأس مِن لحظةِ ضَعفٍ تهِز كَيانًا صامِدًا.

"هَيا، توَقف عَن العَبثِ الآن. عليكَ أن تتناوَل فطورَك رَيثما أُخبِر آوليڤِر بجَلبِ بَعض المَاءِ الساخِن."تبَسمت ببَهوتٍ قَبل أن تَنهض مِن بُقعتِها تارِكة إياهَ يزِم شِفَتيه بعَنادٍ من تزمُتِها، ويُتابِع إحتِساءَه لشايّه الدافِئ مرخِيًا عضلاتَه بلُطفٍ.

"أمرُكِ، سَيدتِي."
إنحَنى آوليڤِر بإحَترامٍ وإنطَلق منفِذًا قولَها بعَجلةٍ منصرِفًا عَن الشَقراءِ الَتي تجَهمت بوَجهِ الخادِمة نَهر المُرتبِكة أسفَل وطاةِ الجَوِ المَشحونِ بينهُما بعدَما إستَدعتها السَيدة اليافِعة بحَدةٍ.

"لقَد كُنتِ خادِمة مُخلِصة منذُ وظَفكِ أبِي من أجلِي يا نَهر."بدأت سيڤين بهُدوءٍ، عاقِدة كِلتا يَديها خَلف ظَهرِها بوَجومٍ. "ولكِن اليَوم أنا أعَفيكِ مِن خَدمتِي. سأجعَل ميجِيل بأن يَوصلكِ إلى بَيتِ أُسرتكِ حيثُ سيُعطِي لوالدكِ مكافأة نهايةِ خدمتكِ مَعي."

"لِماذا، سَيدتِي؟ هل قمِتُ بإرتكابِ خطئًا ما؟"هلَعت الخادِمة بعَدمِ فهمٍ لاقَته الشَقراء بنَظرةٍ مُتحجرةٍ لم تَلِن. "كَلا، ولكِنني لَم أعُد بحاجَةٍ لكِ بَعد الآن. أرجَو أن تُبلغِ والدكِ إمتنانَي وأخَبرِيه بأنَ الشَهرِية لَن تنقطِع وبأنَني أُرحِب بعودتِه بمَزرعةِ المواشِي وَقتما يستعَيد عافَيته."

بدَت الخادِمة مُستاءة، وإن لم تجرَؤ على الإعتَراضِ. لم تكُن سيڤين مِن النوعِ الذي قَد يُشارِك شكوكَه حَتى مَع الشخصِ المُتهم بنَظرِها، لقَد علَمت نَهر منذُ كانَت صَغيرة بسَببِ أبيها الَذي كانَ يعمَل بمَزرعةِ عائِلتها، ورُبما كانَت تظلِمها بإقحامِها بعَبثِ سِيمون الجُنونِي.

ولكِن لا بأس مِن إتَقاءِ شَر ظَنٍ عَربد بخُلدِها بإستَبدادٍ.

رَفع خُصلة شَعرِه الهاوَية عَن صدغِه ناظِرًا بتَعبٍ لمُحتوياتِ المَتجرِ العَتيقةِ الَتي نظَف كُل غرضٍ قَيمٍ بَها بعَنايةٍ فائَقةٍ إتخَذته مِن الصَباحِ وقتًا حَتى حَلت الظَهيرة بنَسماتِها المُرفِهة.

شَعر هارَولد بالفَخرِ بنَفسِه.

"أوقِف العَربة، ويلفرِيك."
شَعت مُقلتا ويندِي مارشِييل بدَهشةٍ وهِى تترَجل مِن عَربتِها الَتي توَقفت بغتةً بجَانبِ المَقهى المَفتوحِ المُجاوِر للمُتجرِ الَذي خطَف آنظارَها كالتُحفةِ الآثرَيةِ اللامِعة وجَعل قلبَها يَختلِج بعُنفٍ مَع إقتناصِها للحَركةِ المُفتعلة بالداخَلِ.

علَق هارَولد إحدَى اللَوحاتِ القَديمةِ بحَذرٍ فَوق الحائَطِ، مستمِعًا لصَوتِ جَرسِ المَتجرِ يَرِن بدَفعةِ بابٍ قامَ بِها ذلِك الظَل الَذي ولَج خلفَه بهدوءٍ، فتَنهد بتَعبٍ. هو قَد كتَب بالفَعلِ بالخارَجِ أن المَتجر مُغلق لليَومِ.

"عفوًا، ولكِننا لا نعمَل..اليَـوم.."تلاشَت كلِماتُه بحَلقِه فَورما إستدار لتَقع زُمردِتاه بجَوفِ بُندقتِين أطلَتا علَيه بنَظرةٍ ساحَرةٍ شَعر بِها تَعصِف كَيانه بهزةِ صَبوٍ إهتاجَ بِها فؤادُه بلَوعٍ.

"أجَل، لقَد قرِأتُ اللافِتة بالخَارجِ. ولكَنني فكِرتُ بأنَه يُجدر بِي إلقاءَ التَحية."رَفعت ويندِي كِتفَها ببَسمةٍ مُحرجةٍ صَغيرةٍ، ولكِنها لم تقمَع مَدى نعومتِها الَذي كادَ يذَوب بِها تولهًا بذلِك اللِقاء الَذي لم يتوَقع أن يخُضه قَط.

هَل كانَ ذلِك حلمًا أم أن واقِعَه يَسخر مِنه وحَسب؟

"مرحبًا."كانَ كُل ما صدَر مِنه بصَوتٍ مَخطوفٍ، وتَهاودت آنفاسُه بإضطَرابٍ مَع إقتَرابِها نَحوه رافِعة قُبعتها حَتى تتمكَن مِن رَؤيةِ هَيئته بالكامَلِ، وتَلحظ يدَه اليُسرى الَتي إنكَمشت حَول بعضِها بتَوترٍ شَديدٍ.

"إذَن..كَيف الأحَوال؟"سَعى للتصرُفِ بطَبيعيةٍ وهو يَطوِي ذِراعَيه حَول صَدرِه بتأزُمٍ، متآمِلًا كُل حركةٍ يتخِذها جسدُها وكُل شَقةٍ يسُرها وجهُها بإهَتمامٍ شَديدٍ.

"كُل شيءٍ بخَيرٍ. أتَمنى بأنَها كذَلِك معكَ، أنا أرَى بأنَ الأوضاعَ تتحَسن."مَررت ويندِي بصرَها بآنحاءِ المَتجرِ بسُرعةٍ ثُم إنتَبهت لَه مِن جَديدٍ شاهَدة على لمَعةِ عيونِه المُتلهِفة.

"إنَها تتحَسن كثيرًا! إن لِوي وسيڤين سيُنجِبا طِفلَهما الأوَل وقَررا جَعلِي عرابَه، فقررتُ بأنَ أكُن لَه قُدوة يَحتذِي بَها حينَما يأتِي. لِذا كانَت إعادَة فَتح المَتجرِ مجددًا أوَل خطَوة بذلِك الطَريقِ."

لم يكُن يَستطِيع مَنع حماسَه عِند ذَكر ذلِك الحَديث، ولم يتمَكن مِن إقناعِ نفسَه بأنَه كانَ يُخبِرها هِى بذلِك الآمر..المَرأة الَتي إعتَبرها أوَل إنقِلابة بحَياتِه وكانَت سَبب إطلاعِه على دَربٍ جديدٍ لم يرجَع عَنه قَط.

"ذلِك بَديع، هارَولد. أنا حقًا سَعيدة مِن أجلِك."إبتَسمت ويندِي أمامَ بهَجتِه الفَجةِ، فلَقد بَدى ماضِيًا بحَياتِه على نَحوٍ جَميلٍ سُرت بِه كثيرًا. واجَهت نظرَته العَمِيقة الَتي تمَلت بِها بشَوقٍ أربَكها، فنَظفت حلقَها مُقاوِمة الإنزَلاق مَعه بذلِك المُنحدِر فجأةً.

"أعتَقِد بأنَه يُجدِر بَي الرَحيل الآن."

"إنتظَرِ لحظَة!"عاجَلها منتفِضًا كَي تتوَقف بمكانِها وتَلتفِت لَه حائِرة، فرأتَه يَمِيل ويَرتفِع بصُندوقٍ نَحاسيٍ قَديمٍ عَبث بِه لعَدةِ ثوانٍ مُتلهوجةٍ حَتى أخرَج مِنها غرضًا رفيعًا تقَدم بِه إلَيها بنَظرةٍ مَسحورةٍ بفُقاعاتِ جَويٍ لم يتمَكن مِن رشقِها بعيدًا.

"هَل يُمكنكِ قُبول هَذهِ؟"همَس. أظهَر مِشبَك ثَيابٍ فضَيٍ قَيمٍ أسفَل عيونِها المُندهِشة الَتي طالَعته بإستَفهامٍ صامَتٍ، جاوَبه بنَبرةٍ وازانَها كَي لا تبُح لَها عن كُل ما غمَره منذُ اللَحظةِ الَتي سارَت فِيها عَبر البابِ وكأنَما تَسير إلى قَلبِه مجددًا.

"كَتِذكارٍ مِن المَتجرِ، فأنتِ أوَل شخصًا يَزورنِي هُنا.
وأنا حَرِيص على أن يعُد كُل زَوارِي مَرة أُخرى."

كَم إشتاقَت إلى كلماتِه المُلغزةِ الخافِية لمَكنونِه الحَقيقي. "توَقف عن إهداءِ الآخرِين أغراضكَ الثَمِينة بِلا سَببٍ."حَثته بنَبرةٍ ناعَمةٍ، وطَعنته بنَظرةٍ رنَحته بغَرامٍ..قَبل أن تُكمِل طريقَها إلى البابِ تارِكة يدَه مُعلقة بالهَواءِ تحتضِن المِشبَك بشُدوهٍ طالَعها بِه.

"لقَد كانَ مِن الجَميلِ جدًا رؤيتكَ اليَوم، هارَولد."

لم يعلَم ما إن كانَت قَد قالَت ذلِك فعلًا قبل أن ترحَل أم كانَ هائِمًا لدَرجةِ تخيُله ذلِك، وإن لَم يهتَم كثيرًا أمامَ بسمةِ شِفَتيه الشاسِعة شاعِرًا بإجفَالِ قلبِه مِن غفلتِه كَي يتلَوع بكَلَفٍ تواقٍ.

يَكاد يؤمِن بأنَه كانَ حلِمَ يقَظة جَميل واتَاه. ولكِن إن كانَ ذلِك هو واقَعه الحالَي..فيَكفِيه وجَود ظِلها قرينًا لَه. لِأنَه أُنهك مِن التظاهُرِ بأنَه قَد توَقف عن حُبِها، هو لا يُمكِنه أبدًا.

"لازِلتُ لا أفهَم سَبب إصَرافكِ لَها."

قَوِس لِوي ملامِحَه بتهكُمٍ، محتسِيًا كأسَه الثالِث مِن النَبيذِ الأحمَر رَيثما يَميل فَوق المَكتبِ بعُيونٍ سكَنت تحَركت مِن فَوق الأوراقِ المُبعثرةِ إلى زوجتِه الشَقراءِ الَتي جاوَرته بوَجهٍ مُزمجرٍ.

"لقَد أخبرتُك بِأنَني لم أعُد أحتاجَ إلَيها."

"كلامٌ فارِغٌ. أنتِ بحاجَةٍ إلَيها الآن أكثَر مِن أي وَقتٍ آخرٍ."إحَتد بنَظرةٍ مُتقلبةٍ. كانَ قَد مَل عَدم صدقِها مَعه حتَى بأتفَهِ الآمورِ، والخَمر كانَ يُيسِر لَه جَراءة لِسانه الَذي كانَ يتحَرر بغُلظةٍ بلَحظاتِ إنتشاءِه الَتي باتَت وضعًا طبيعيًا الآن.

"أخبَرينِي بالحَقيقةِ."

"لِماذا تُشغِل بالكَ بِهذا؟ نَهر كانَت خادِمَتي وأنا سمِحتُ بذهابِها. هَل يُمكِنك الآن تَرك ذلِك الكَأس والإنتباهَ لِمَ أقولَه؟"إغتاظَت، لقَد كانَت مشاعِرُها مُتقلِبة بالفَعلِ وهو لم يكُن يساعِد. الغَضب كانَ حليفًا ربَض بكُل رُكنٍ من حولِهما هذهِ الأيامِ وبجَمرةٍ حارَةٍ كانَت نيرانُه تندلِع بشَدةٍ.

رنَى لَها بإنزَعاجٍ، قَبل أن يضُم شِفَتيه ناهِضًا عن مَقعدِه غير مبالِيًا بنَظراتِها الثاقِبة الَتي تابَعت سَيره نَحو النافَذةِ بخُمولٍ نطَق بِه. "أنا لا أُريد أن أطَلِع على تَجارةِ عائلتكِ ولا أرغَب بإدارتِها. هَذا لَيس مِن تخصُصِي."

كانَ يعنِد مَعها وحَسب.
"لِوي أرجَوك.."تَمتمت، مُزِيحة وجهَها بَين يدِها المَرفوعةِ كَي تكبَح فيضانًا بائِسًا غمَرها ليَمنحها شعورًا سيئًا جدًا ورَغبة عارِمة بالإنهَيارِ دَون سَببٍ، ولكِنها كانَت تعلَم بأنَها لَيست إلا أوهامِ حَملٍ وحَسب.

أو هكَذا أقنَعت نفسَها.

"لَا."

ألثَمت آنفاسَها المَغلولة، ونَهضت كَي تواجِه ظهرَه المولَى لَها بوَجومٍ حاوَلت هزَه وهِى تُسقِط جبينَها فَوقه بلُطفٍ چَمٍ، ونبرتُها الهامِدة تُمسِد على مَسامِعه كمُعزوفةٍ شَجنةٍ إحتَلت كَيانَه الخامِد.

"أنا أعلَم بِأنكَ تمُر بأيامٍ عَصيبةٍ، وأن الآمَور بَيننا ستَظل مُرتبِكة. أنا أُدرِك أنكَ تنتظِر تفسيرًا لكُل شيءٍ وبأنَني لستُ صادِقة معكَ كما يجِب..ولكِن أنا أتوَسل لكَ أن لا تجعَل ذلِك صعبًا لِي، أنا بالفَعلِ آمُر بأيامِي العَصيبةِ."

"أنتِ دومًا ما تمُرِين بأيامٍ عَصيبةٍ."
كانَ كارِهًا لإسلوبِه كثيرًا، وكانَ يعلَم كَم يُعقِد لَها الآمور.
ولكِنه ظَن بأنَها قَد تُخبِره بكُل شَيءٍ إذ ما تخَلى عن عَطفِه الزائِد وباتَ أكثَر خشونةً معَها. إسلَوب قاسَي لم يكُن يُحِبه ولكِنها أجبَرته علَيه.

رَفعت رأسَها عَنه بكَيدٍ. كَم كانَ يتصَرف بأنانَيةٍ كَبيرةٍ!

"حسنًا، هَل تُريد لِماذا آمرتُها بالذَهابِ؟ أنا سأُخبِرك.."أقَرت بغَضبٍ، وتراجَعت حَتى جلَست على أحَد مَقاعدِ الحُجرةِ بإقتَضابٍ. "لقَد جعلتُ نهَر تذهَب لِأنَني شكِكتُ بأنَ لَها يَد بمَوتِ كُل رجُلٍ تزَوجته مِن قَبلٍ. أنا لم أرغَب بتَضخيمِ الآمر لأنَني لستُ متأكِدة، فقررتُ الإستِغناء عَنها كَي لا يلحَق بِكَ ما لحَق بمَن سَبقوك. لقَد أصرَفتها مِن أجلِك."

لم يسَعه غَلب دهَشته هذهِ المَرةِ، فإلتَفت لَها بحَيرةٍ. "ولِماذا شَككتِ بِها الآن؟"سأل، فصَمتت. هِى لم تنوِ إخبارَه أكثَر مِن ذلِك، لم تنوِ إخبارَه بأن المُتهم الفَعلي كانَ أخوهَا كَي لا تُرهِبه، لم تنوِ إخبارَه بأنَها إختارَت الشَك بخادمتِها عَن لومِ مَن وضَع تِلك الظُنون بعقلِها بالبَدايةِ.

"هَل تَرِين؟ هَذا بالتَحديدِ سَبب إنزعاجِي مَنكِ!"إندَفع عِند سُكوتِها، وإنبَطح بالمَقعدِ المُجاوِر موبِخًا بضَيقِ ذَرعٍ. "أنتِ لستِ صَريحة مَعي، تُخبرِينني بجُزءٍ من الحَقيقةِ كَي أتوَقف عن التذمُرِ ولكِن أنا لن أفعَل إلا عِندما تُطلعينِني على كُل شيءٍ يا سيڤين!"

"حبًا بِالله، ألا تتعَب مِن الجَدالِ أبدًا؟"بكُل آملٍ مَفقودٍ رَفعت عنقَها عالِيًا مُتمتِمة. "حياتُنا أمسَت مجموعَة مِن الجَدالاتِ يا لِوي، وأنا لم أعُد أتحَمل ذلِك. لم يعُد بإمكانِي الجَدال أو المُماطلة أكثَر مِن ذلِك، لقَد تعِبتُ."

سكَن، لم ينبَث حرفًا حَتى قَررت الإنسِحاب مِن ذلِك النَهارِ المُربِك للأعصَابِ كلِيًا، لقَد وجَب علَيها آخذ قِسطًا مِن الراحَةِ على كُل حالٍ.

"أنا أُريدكِ أن تتحَدثِ مَعي وحَسب."غَمغم، حانِيًا عنقَه للأسفَلِ بإحَباطٍ بعيدًا عَن عيونِها الَتي إستدارَت لَه بتزمُتٍ، وتَنهد. "أنا أكرَه البَقاء صامِتًا حينَما أكَون حزينًا، وأنتِ لا تتحَدثِ مَعي، وحينَما تفعَلين لا تكونِ صادَقة كَما أكون. وقَد إكتشفتُ بأنَنا نتبادَل الكَثير مِن الكَلامِ عندما نتشاجَر، أنا أعلَم بأن ذلِك لَيس سليمًا، ولكِن مشاعِري لَيست كذلِك أيضًا."

لقَد كانَ مُشتت بالفَعلِ.
وقَفت سيڤين بمكانِها مُتبرِمة اللَسانِ، كانَت تبغَى التَخفيف عَنه عالِمة بأن كُل ما ينبَع مِنه لَيس إلا تنفيسًا عَن حُزنٍ عميقٍ، ولكِنها لم تكُن بحالٍ يجعَلها تتحَمل مِزاجَياته..يَكفِيها مِزاجَياتها هِى فَقط.

"المَعذِرة؟"
ضَمت شِفَتيها مِن جَديدٍ مَع حُضورِ آوليڤِر مُتحمحِمًا؛ليُمزِق أوتارَ المَناخِ المُحتدةِ. "إن السَيد نايِل بالَوم وأخيه جريجَن حَضرا بالخارَجِ. لقَد قِيل لِي أن أُبلِغكما برَغبتِهما بالتَعزِية والحَديث معكُما لبَعضِ الوَقتِ."

لَيس ذلِك الطَبيب مجددًا.
إنكَمِش وَجه سيڤين بإنزَعاجٍ، بَينما إستقامَ لِوي على عَقبِيه متنهِدًا بثَقلٍ من تِلك الزَيارة غَير المَرغوبةِ تمامًا، فلَيس الوَقت المُناسِب ولَيس الشَخص المُناسِب أيضًا.

"لقَد أنتَهى الجِدالُ على الأقلِ."تَمتم لَها حينَما لاحَظ تذمُر عَينيها، فعاجَلته بمَسكِ يَدِه قَبل الخُروجِ رامِقة نظرَته المُستفهِمة بأُخرى قَلِقة. "أنا لا أُريدِه أن يبقَ، لقَد وَعدتِني ألّا تستقبِله بالبَيتِ ثانِيةً."

لقَد وَعدها الكَثير مِن الوَعودِ.
"إنتَظرِ هُنا."طَلب بإنخَفاضٍ ممرِرًا يدَه بطَولِ ذراعِها كَي يُسرِي بِها قُشعريرِة ناعَمة قَبل أن يجُر البابَ خلفَه تارِكًا إياهَا تُهِيم بجَوِ الحُجرةِ الَذي إنقَلب بحَرارةٍ ذابَت بموجاتِها.

"مِساء الخَيرِ."رحَب لِوي بجُمودٍ وهو يَلِج إلى حُجرةِ الضُيوفِ حيثُ هَب نايِل بالَوم على أقدامِه مستقبِلًا إياهَ بحَفاوةٍ هَز بِها يَده معبِرًا بآسفٍ بالَغٍ بعَينيه. "لِوي، أنا أعجَز عن وَصفِ حُزنِي وحُزن العائِلة بسَماعِ ذلِك الخَبرِ المؤسِف. لقَد كانَت السَيدة إليزابِيث خَسارة حَقيقية."

"شكرًا لكَ."تبَسم لِوي بتكلُفٍ، وحَيا شقيقَه الأكبَر الأبكَم جريجَن بهَزةِ رأسٍ بَسيطةٍ متخِذًا مَجلسه أمامَ الثُنائِي الَذي رسَم أعتَى معالِم التعاطُفِ فَوق ملامِحهما بمُبالغةٍ.

"إنَنا نعلَم بأنَ تِلك التَعزِية آتَت بوَقتٍ متأخرٍ قليلًا ولكِنَنا كُنا نمُر ببَعضِ المَشاكِل الَتي كانَ يجِب حَسمها أولًا. فبِيرلانتِي مرَضت قبل أن يصِلَنا الخَبر وكانَ يجِب أن أُتابِع حالَتها حَتى تأكَدنا مِن شَكِ علتِها. لقَد كانَت حامِل."

"هَذا رائِع. أرجَوك أرسِل لَها تَهنِئتي."
سَعى لِوي إظهارَ عدم حُبِه للمُقابلةِ المَفروضةِ علَيه،رُبما لم يكُن تنفيذًا كامِلًا لرَغبةِ سيڤين وحَسب..بَل لِأنه لم يعُد يتحَمل وجَود أشخاصٍ لا يَرتح لهُم،لم يعُد بِه طاقَة لتكلُفِ الإبتَسام أو السَعادةِ.

أصبَح خائِر من إرتداءِ الأقنِعة المُزيفةِ.

"شكرًا لكَ. هِى والعائِلة أيضًا سَعيدون بخَبرِ حَملِ سيڤين. لقَد كُنا نأمَل رؤَيتها اليَوم وتَهنِئتها شخصِيًا..إنَه خَبر عَظيم وجميعُنا متفائِلون للغايةِ مِن أجلِكُما."عبَّر نايِل بهُدوءٍ مالَ للسُخريةِ، ووافَقه أخَوه بإيماءةٍ صَغيرةٍ فشَد لِوي فكَيه سويًا.

"هِى لا ترغَب بلَقاءِ أحدهُم هذهِ الأيامِ."

لم يكُن يكذِب.
"ذلِك مُحبِط، فأنا مُرسل بدَعوةٍ من العائِلة لكُما إلى لِوجورَيا كَي نَقوم بمُباركةِ حَملِها. كَما تعلَم نحَن مبتهِجَون بأنَ دَم بالَوم سيُشكِل صلبًا بشَجرةِ ليڤَرِنت..هَذا يُعد شرًفا عظيمًا، ووَددنا لَو نحتفِل بذلِك على طَريقتِنا الخاصَة."

تقلَص بدَن لِوي بإمَعاضٍ، متذكِرًا كَيف كانَت مُباركة زواجِهما مُقبِضة كلِيًا وبدَت كطُقوسٍ من نوعٍ ما إتخَذته لَيالِي كَي يتخَطاها، ولم يرغَب بتَعريضِ سيڤين وطِفلهما لتجرُبةٍ كتِلك تجعَل بَصيص فرحتِهما الباقَي يذبَل بإرتَيابٍ.

إعتَدل لِوي بمكانِه بِلا راحَةٍ، وتطلَع للطَبيبِ وشَقيقِه بثَباتٍ. "هَذه دَعوة لَطيفة، ولَكِنني لا أعتَقِد بأنَ سيڤين ستتَمكن مِن الذَهابِ إلى أي مَكانٍ، إنَها تمُر بفَترةٍ صَعبةٍ..كِلانا يَفعل. كَما أنَنا بحَدادٍ طَويلٍ. لِذا إقبَل إعتَذاري، نحَن لا نقبَل الدَعوة."

كانَ صَرِيحًا ولكِن مُرتب الكَلماتِ بعَنايةٍ فائَقةٍ.

"لا تتسَرع، لِوي. رُبما لَو إستَشرت سيڤين قَـ..-"

"لقَد أخبرتُك بأنَ الدَعوة مَرفوِضة، وأنتَ تعلَم جيدًا بأنَ سيڤين لَن تقبَل الذَهاب إلى ذلِك القَصرِ مجددًا. عليكَ أن تتوَقف عن التَظاهر بِأنكَ تجهَل حَقيقة مشاعِرها نَحوك ونَحو عائِلتها وبأنَها لم تضطَر إلى إعادَة الصَلةِ إلا مُجبِرة."

أجفَل نايِل وجريجَن مِن بَترِ لِوي للحَديثِ بغُلظةٍ غَير مألوفةٍ علَيه بتاتًا. قَست زَرقاواه بتجهُمٍ رَيثما يُواظِب على رمقِهما بنَظرةٍ فولاذَيةٍ حادَةٍ. "وبِما أنكَ قَد أبلَغت دَعوتك، فيتوَجب أن أَبلِغك برَسالتِي أيضًا. لقَد كُنا نستَقبِلك في مَنزلِنا مِن أجلِ امرأة لم تعُد مَوجودة بَعد الآن،وإقتحامُك لحَياتِنا منذُ البِداية كانَ مرفوضًا ولم نرضَ بِه أبدًا. لِذا أرجَو أن لا تتفَهم مَوقفي بصَورةٍ خاطَئةٍ، سَيد بالَوم. ولَكِنني ما عدتُ أُرحِب بكَ بمَنزلِي مجددًا. لا أنتَ ولا أي شَخصٍ لا أرغَب أنا أو زوجَتي برؤيتِه."

إستَقام لِوي عَقب تصَريحِه المُباشِر معلِنًا إنتَهاء اللِقاء البارِد. كلِماتُه كانَت للمَرةِ الأُولى مُهينة ولم يهتَم بذلِك رَغم علمِه بأنَه فعلًا ما كانَت ستَرضى عَنه جدتُه قَط، ولكِنه كانَ يشعُر بالدَوامِ بالغَضبِ ولم يكُن بإمكانِه التَظاهر بعَكسِ ذلِك بَعد الآن.

عَلت بَسمة ساخِرة مُستفِزة ثَغر نايِل، ونَهض هو وأخَوه المُحرِج بإستَهجانٍ أمامَ لِوي المُقطب للجَبينِ الَذي طَردهما بشَكلٍ غَير مُباشرٍ ولكِن جارَح رأى بأنهُما قَد إستَحقاه تمامًا.

إنحَنى الطَبيب لَه بفُتورٍ، ولمَزه بإستَخفافٍ. "لقَد وَصلت رِسالتُك. شكرًا لكَ على وَقتِك. نَهار سَعيد، سَيد ليڤَرِنت."

حينَما سمَع قَرع خطواتِهما للخارَجِ حيثُ رافَقهما آوليڤِر حَتى البابِ، أفرَج عَن زَفرةٍ ثَقيلةٍ جدًا وغَرت بصَدرِه المَغلولِ..عائِدًا أدراجَه البَطِيئة إلى مَكتبِه دافِعًا ببابِه مفتوحًا كَي يَسترعِي إنتباهَ الشَقراءِ الَتي إنشَغلت بكَتابٍ ما.

"لقَد رحَلا."أنبَئ، نبرتُه كانَت هامِدَة لحدٍ جَعلها تَستاء. شاهَدته يُملِئ كأسَه بجُرعةٍ رابَعةٍ من نَبيذِه ويَوالِي الدَرب إلى النافَذةِ متابِعًا معالِم النَهارِ تتشَقق بوَداعةٍ حَزينةٍ كلَوحةٍ فَنيةٍ مأساوَيةٍ، ولَئمت شِفَتيها بإضطَرارٍ.

كَم تكرَه حينَما تُصبِح الأوضاعُ بينهُما مُتوتِرة بذلِك الشَكل. هُما كانَا بحاجَةٍ إلى بَعضِيهما البَعض الآن أكثَر مِن أي وَقتٍ مَضى، فهِى لم يعُد لدَيها سِواه، وهو لم يعُد يملِك بجانَبِه سِواها..كَم باتَت الآمَور مُخيبة حقًا.

لَعقت شِفَتيها بتَرددٍ جرَؤ على وكزِها، بَينما تقترِب لتَطويقِ جسدَه الساكِن بذَراعِيها كَي تحتضِنه بكُل ما ملَكته من قوةٍ نطَقت بها روحُها المُتزلزِلة، وسكَبت آنفاسُها الدافِئة بقُبلةٍ ناعَمةٍ فَوق عُنقِه الخاقِق بلُطفٍ.

"أنا آسِفة لِأنَني أتصَرف بحُمقٍ شَديدٍ هذهِ الأيامِ."همَست. كِلاهُما كانَ يعانِي وما كانَ الجِدال حلًا أبدًا؛فلَقد أظهَرت تِلك الطَريقة مَدى فشَلِها بينهُما.

لم تتلقَ مِنه جوابًا، ولكِنها إعتَبرت ميلَ رأسِه إلَيها كرَدٍ شمَل بِه كُل مشاعِره المَهمومةِ الَتي لم تقدَر نفسَه العاطَفية على الصُمودِ أمامَ بَطشِها،وتَنفس بوَهنٍ شارَكته بِه بلَحظةٍ عابَرةٍ.

كانَا مُجرد شَبحين تَعيسين.

وكأنَ المَساء هَل كَي يُسكِن ما عصَفه النَهار مِن بَؤسٍ. نسَك البَوم مطالِع نَعيقٍ شَجيةٍ فَوق الأشجَارِ وعَبر الظَلامِ المَثقوب بإضاءَةٍ بهَتت مَع الضَبابِ الَذي كسَرته قَنادِيل الحَديقةِ الخَلفِية الَتي عانَقت ثَمرات التَوتِ البَري وعَبير الخُزامِي الزَكِي.

"لِمَ أنتِ على عَجلةٍ؟"تحَير لِوي بتذمُرٍ أمامَ جذبِها لَه بطَولِ الطَريقِ من حُجرتِه وحَتى مَخرجِ البَيتِ الخَلفِي حيثُ خَطت أقدامُهما على العُشبِ الرَطبِ والنَسِيم يُملِس على أبدانِهما المُرتخِية بثَيابِ نومِهما الفَضفاضةِ.

"ما الَذي.."ذُهِل، رأى كَيف مالَت فُروع الوَردِ بدَلالٍ فَوق السَورِ الجانَبِي حيثُ إستَقرت زُجاجة نَبيذٍ فاخَرةٍ مَع كأسٍ قَوقعيٍ تهيئًا لجَلسةٍ ما أكمَلها المَسند الخَشبِي للَوحتِها الَذي وُضِع بزَوايةٍ توسَدت المَكانِ مَع مَقعدِها وآلوانِها المُنتظِرة للتفنُنِ.

"ما هَذا؟"

"أنا أُرِيد رَسم لَوحة كامِلة ولائِقة لكَ."علَلت بجانَبِ أُذنِه شاعِرًا بقُشعريرةٍ تهَيج ببَدنِه مَع تلاحُمِ ظهرِه مَع مفاتِنها الدافَئةِ بوَلعٍ. هو لَن يتمَكن أبدًا مِن السَيطرةِ على تولِهه بلَيونةِ طَياتِها فَوق جَلدِه النابِض، حَتى بأعثَر لحظاتِ وقتِه.

"لَا."

"أجَل."بذاتِ النَبرةِ الهامِسة ردّت إعتِراضَه وقادَته نَحو المَوضعِ المُطوق بالوَرودِ مُواجِهة تزمُت عيونِه الَتي لمَعت كلَؤلؤةٍ زَرقاءٍ فاتِنة، لتُخطف.

"لَا، سيڤين. إن ذلِك مُحرِج وأنا لَا أعلَم كَيف أتخِذ وَضعِيةً ما لِهذا الآمرِ. سأبدَو كغَريب أطَوارٍ."تحَجج، وإن كانَت الحَقَيقة بأنه شَعر بالأحراج من فَكرةِ جُلوسِه رَيثما تتمَعن بِه بعُيونٍ جَريئةٍ مُتلمسةٍ لكُل إنشٍ بِه، لم يكُن ذلِك مريحًا.

وقليلٌ ما يعلَم بأن تِلك كانَت غايتُها منذُ البَدايةِ.

وَقفت سيڤين قُبالته مُبتسِمة بخَلابةٍ، وقَوِست حَدود وجهِه بَين يَدِيها بكُل دَفئٍ مهَد لقَلبِه سُلم خَفقاتٍ عزَف بجُدرانِ عالمَه كَي يُداوِي شقوقَه كقُبلةِ شِفَتيها الَتي لازَمت فمَه حَتى بعدَما إبتَعدت لشَبرٍ واحدٍ وحَسب.

"كُل ما عليكَ فِعله هُو الجُلوس براحَةٍ والحَدِيث مَعي بأي شَيءٍ كانَ. دعنَا نَمحو كُل السَخافةِ الَتي حدَثت اليَوم بأُمسيةٍ جَميلةٍ. أنتَ وأنا والقَمر. لا شَيء مُميز حـقًا."

لم يردَع بسمَته مِن الفَرارِ عندَما سمَع جُملتها الأخَيرة، ولم يرمِش نظرَته الثَمِلة قاصِيًا حينَما خطَت للخَلفِ كَي تتخِذ مَجلِسها فَوق مَقعدِها مُرتِبة آلوانَها جيدًا لوَقتٍ هيمَن فِيه على تَوترِه الفَجِ برَشفةٍ من النَبيذِ الَذي لذَع بحَلقِه لهُنيهةٍ.

كانَت تعلَم مَدى إرتباكِه إذا حازَ على بؤرةِ الإهتمامِ طويلًا، وكانَت تفهَم كَم مِن الصَعبِ التنقُل مِن حالٍ لحالٍ بغَمضةِ عينٍ بَعد نَهارٍ ثَقيلٍ جدًا وباهِت تمامًا، ولكِن هى لم تكُن مِن النوعِ الذي يقَف كثيرًا عِند لحظةٍ ما، وكانَت تسعَى لجَذبِه من حَزنِه بدورِه ليَتحدث مَعها كيفَما يَشاء.

خطَت أوَل خيطًا باللَوحةِ، وسكَنت بتَركيزٍ. لطالَما ودَت رَسم لوحَة عرَيضة لَه، أن تُوثِقه بآنامِلها بشَكلٍ أعمَقٍ أكثَر مِن مُجرد خَربشةٍ ما على الوَرقِ، بَل كقَضمةٍ من مَشهدٍ جَذابٍ قبَع أمامَها مِن أوَل الوَرودِ الَذي أحاطَت بِه بلُطفٍ إلى طَلتِه المَسائيةِ بثَوبِه القَصيرِ الواسِع.

كانَت مُغرمة بالنَظرِ إلَيه ووجَدتها فُرصة مِثالَية مِن جَميعِ الوَجوهِ.

كانَ شارِدًا، يَحتسِي النَبِيذ الرَفِيع بتأنٍ وتمعُنٍ بزَوايا خُلدِه كَي يُصرِف إنتباهَه عَن حَقيقةِ الموقِف الَذي حُوصر فِيه. كانَ يشعُر بنظراتِها إلَيه بَين الفَنيةِ والأُخرى، فلَجم قلبُه مِن الإنتفَاضِ بهَوى بَين ضُلوعِه.

"سأُحِب أن نحظَ بفَتاةٍ."
مزَق الصَمت بهَمسِه المُصرِح، لتَرمِش مُقطِبة جبينَها بدَهشةٍ رَيثما تُواظِب على تَحديدِ خُطوط كَيانِه بسَلالةٍ لمَست أصابِعَها المُحترِفة لعَملِها تمامًا.

"ذلِك غَرِيب، ظننتُك ستَود فتًا. جَميع الرِجالَ يُفضِلون الفَتيان كَي يكَونون سندًا يعتمِدون علَيه أو ليَحمِل إسم العائِلة أو شيئًا مِن ذلِك القَبِيل."هزَت كِتفَها كخَتامٍ، فمَنحها طَقطقة نافَية بَعد رَشفة صَغيرة مِن شَرابِه.

"إن ذلِك إنحَيازِي. فمَن أكَون أنا وماذا فَعل إسمُ العائِلة للعالَمِ كَي يُخلد؟ أنا لا أكرَه الفَتيان، ولكِن رُبما أمَيل للفَتياتِ أكثَر بَعض الشَيء."

"إن إنجَاب فَتيات بذلِك العَصر يُعد مُغامَرة خَطيرة بنَظرِ الآخرينِ، لأنَها ستَحتاج إلى طاقةٍ جَبارةٍ لتَجعلها تَحيا بعالمٍ كذَلِك."أقَرت، كانَت تعلَم كَم مِن العَسير أن تكُن مرأة بزمنٍ كذلِك..وتمنَت ألا يضطَر طِفلُها لمواجَهةِ مَساوِئه لأنَه مِن الجَنسِ الأرِق وحَسب.

"وذلِك يَدفعكِ لبَذلِ كُل ما تَملكِينه مِن عزمٍ لجَعلِها أكثَر قَوة مِن أي شَخصٍ قَط."لمَعت عَيناه بنَظرةٍ هائَمةٍ جَعلتها تبتسِم بصَمتٍ. "أن تَجعلِيها مُختلِفة هو التَحدِي الحَقيقي، أن لا تكُن مِثل الباقَياتِ، أن تكُن شُجاعة ومُتهوِرة، جَريئة وحالِمة. الفَتى يَكون مَصيره مَحتوم منذُ اللَحظةِ الأُولى، ولكِن الفَتاة..فأنتِ تشعُرِين بأنكِ مُلزمة بجَعل كُل الطُرقِ مُتاحة لَها. مُلزمة بكَسرِ قاعِدة ستَفعلِين لأنكِ رجُل..بَل ستَفعلِين لأنكِ تَستطيعين. مِن الجَميلِ أن تُنشِئ امرأة قَوِية، إن ذلِك أفضَل مِن تَخليدِ إسمًا ما والنَسل فاسِد."

كانَ يتحَدث بلَسانٍ حلَق بسابَع سَماءٍ بهَيامٍ شَديدٍ.
يَشرح وِجهة نَظرِه بحَماسٍ ولَهفةٍ نبَعا بنَبرتِه وعيونِه، لتَجِد نفسَها تُفرِج عَن بسمتِها الواسِعة وتضَحك بخَفةٍ خطَفته. رُبما كادَ يقنِعها بأُمنيتِه ويَجعلها تُحِبها أيضًا.

رَغم علمِها لعَواقِب أن تكُن أنثَى بعالمٍ كذلِك.

"أنا حقًا آمِل، أيًا كانَ جِنس الطَفلِ، ألَا يحظَى بتَفكيرِك الحالِم. إنكَ تعَيش بعالمِكَ الخاص وهو بَعيد كُل البُعدِ عَن الواقِع الحَقيقِي، ومَهما كانَت قَوة شَخصيتِه فلن يصمُد أمامَه. أنا لا أُريد رَؤية طِفلَي مهزومًا لِأنَه يَعيش في زمنٍ طاغٍ."

لِأنه في مُجتمع ظالِم.
"لِكُل شَخصٍ لحظَة ضَعفٍ يجِب أن يخُضها بمَرحلةٍ ما، حُبِي."عقَب ببَسمةٍ جانَبيةٍ، لتُبقِي على إرتَفاعِ ضَفاف شِفَتيها مَع جَريانِ رعدَة خاطِفَة بظَهرِها، لقَد كانَت تُحِب سماعَه يَدعوها هكَذا رَغم كُرهِها للألقابِ، ولكِنه كانَ يقولَها بلَكنتِه الفَرِيدة وإسلَوبه المُمِيز الَذي يُفتِنها.

"هَل قارَبتِ على الإنتَهاءِ؟ لقَد بدأتُ أشعُر بالبَردِ."شَكى بَعد مُدةٍ، تارِكًا الكَأس الفارِغ بجانَبِ الزُجاجةِ الَتي إحتَسى أغلَبها بجَلسةِ صَفا أسكَنت وحوشَه الهادِرة لوَقتٍ كانَ يرغَب بِه بشَدةٍ.

"هذهِ اللَوحةِ لَن تنتهِ بلَيلةٍ واحَدةٍ، عَزيزِي. ولكِن يُمكِننا القَول بأنَنا قَد إنتَهينا لليَومِ."انزَلت سيڤين فُرشة الآلوانِ مُنظِفة يدَها بقَطعةٍ قُماشيةٍ ونهَضت عن موضِعها شاعِرة بالدَمِ يَجرِي بأوصالِها مَع كُل خطوةٍ آخذَتها صَوبه.

"لَو هُناك شيئًا أتمَناه بشَدةٍ لطَفلِنا فهُو أن يُشبِهك."آنصَت بخُفوتٍ، مُتخِذة مَجلِسَها بجَوارِه حيثُ عانَقت يدُها جانَب وجهِه بلُطفٍ كَي تتمَعن بزقاوِييه المُتلظِتين كياقَوتٍ مُشتعلٍ، فأُسِرت بقَر عينٍ.

"تخَيل أن يكَون بذلِك الجَمالِ."

إبتَسم لغَزلِها المُتسلِل بلَحظةِ وَئامٍ خضرَماها معًا،ولحَق بفَعلتِها حينَما مالَ عنقُها لليَمينِ كَي تصفَع كِلتا شِفَتيها بمُنتصفِ الطَريقِ مَع شِفَتيه بحَرارةٍ لملَمت بَرودة المَكانِ مِن حولِهما. شَعر وكأنَ لمستُها تسكُب حممًا مولعةً بقَلبِه الهاوِي.

فلَو كانَ هَذا هو واقِعُه..فكَم كانَ مِن البَديعِ أن يحظَ بِها كحُوريةٍ فاتَنةٍ لَم تفشَل يومًا بالسَطوِ علَيه بنُعومتِها ودَلالِها الساحِر. كانَ لدَيها فنَها الخَاص لتُعيدِه لواقَعٍ زَينته بوجودِها بِه.

Continue Reading

You'll Also Like

5.4K 1K 17
هـل جـربت يـومًـا أنْ تَسْـتَيْـقِـظ مـن نَـومِـك لـتجـد نـفـسـك سـرابًا ؟ ° قصة قصيرة ° مكتملة ✓ سيلينا ° إيريث بدأت وانتهت : 24/12/2020
66.3K 6.4K 25
أن الفَرق بين السَـيدة النَبـيلة وبـائِعة الـوردِ لَيس بِكَـيف تتـصرَف، بل بِكَـيف تُـعامل. ▪ كُل الحِقوق محفوظَة®. ▪ لَيالي آوبلَڤلِت [ رِوايـَة - ل...
15.5K 1.2K 10
ميردا ويلسن وأحلامها البسيطة التي تتمثل في أن تحظى برقصة على أنغامٍ هادئة بطلبٍ شابٍ وسيم يفتتن بها. كيف ستعالج إنكسارها بعد أن يتضح لها أن أمنيتها...
571K 36K 23
{ Sexuel contact} جنيرالٌ مخدرمٌ أنتَ أوقعتنِي بينَ سلاسلِ عشقكَ الأبدية و أنا مجردُ أنثى عذراء سقيتُ بعسلِ علاقتناَ الآثمة و بللت إطار علاقتنا بدمو...