على الساعة الرابعة و في مقهى جانب النهر جلست نورا لوحدها منتظرة أصدقاءها مرتدية ملابس مريحة و جمعت شعرها الطويل بعشوائي.
بدت و كأنها خرجت من معركة طاحنة.
دخل جيمين للمقهى و توجه للطاولة التي تجلس عليها نورا، جلس إلى جانبها "مرحبا، و ما الذي حل بشعرك؟!" تأففت نورا بإنزعاج "كنت مع سارا نختار ملابسها و إنتهى بي الأمر بشد شعري من قوة الإحباط، و هذه هي النتيجة"
ضحك جيمين "مزاجك هذا و تلك الحمقاء" وضعت نورا رأسها على الطاولة "توقف فحسب أرجوك"
وضع النادل طلبات الإثنين على الطاولة، طلب الإثنان قهوة سوداء غير منتظرين أصدقاءهما.
حركت نورا السكر في كوبها و قالت "أنت تعرف...." نظر لها جيمين بإنشداد منتظرا بقية الحديث لتردف "أنت قلت بعض الأشياء عني لصديقك" قال جيمين بسرعة "و إعتذرت عن هذا"
هزت نورا رأسها و قالت ببطء "لكن الإعتذار فقط لا يكون كافيا بعض الأحيان" عض جيمين على شفته و رد باستسلام "ما الذي تريدينه نورا؟"
شربت نورا القليل من كأسها و ابتسمت "أخبرني بعض الأشياء عنه" صدم جيمين من جوابها و رد بصوت شبه مرتفع "هل يعجبك؟!"
نظرت له نورا نظرة جعلته يضحك من استنتاجه التافه و قالت "البارحة في اجتماع للشركة بدى غريبا جدا، بدى و كأنه لا يريد التواجد في ذلك المكان. هل بأي فرصة هو مرغم على التواجد في الشركة؟!"
وضع جيمين كأس القهوة من يديه و نظر لنورا "لا تفعلي بي هذا نورا... أرجوك" قلبت نورا عينيها "يا لك من منافق جيمين، لا بأس بإخباره بعض الأمور عني و لكنك لا تريد إخباري عنه" اعتلى وجه جيمين تعبير متألم و قال بصوت راجي "ما رأيك بشيء آخر، دعينا لا نتحدث عنه نورا"
ضحكت نورا "هل قصته بهذا السوء حقا؟! لا أنا لن أسامحك تماما حتى تخبرني بعض الأشياء. تصرفك هذا جعلني أكثر فضول" أغمض جيمين عينه و هو يتمنى الموت "إن قلت أي شيء لك هذا لا يعني أن تقولي أي شيء له" أومأت نورا برأسها موافقة "لن أصل لدرجة حقارته"
تنهد جيمين بثقل "ما الذي فعلته خاطئا حتى أعاقب بكما!!.... حسنا إذا، كل ما سأقوله لك أن العمل المكتبي ليس شيئا كان يرغب في فعله. و لكن والده بطريقة ما أجبره على دراسة إدارة الأعمال و العمل في الشركة"
شربت نورا القليل من كأسها و قالت بتعبير فارغ "المسكين" رد جيمين بصوت متوسل "تصرفي و كأني لم أقل شيئا، أرجوك نورا"
هزت نورا كتفيها بغير اهتمام "سأحاول" انحنى جيمين نحو نورا "لا عليك وعدي نورا، آه.... لم يكن عليَّ التحدث من البداية" ابتسمت نورا "أجل لم يكن عليك فعل هذا"
نظر لها جيمين برعب من تعبير وجهها، هو دائما ما يفسد الأمور و إن حدث أن نورا تكلمت سيواجه وقتا عصيبا مع تايهيونغ.
لم يستطع جيمين التحدث لأن تايهيونغ انظم لهم على الطاولة، نظر لكأسي القهوة أمام نورا و جيمين و سأل "ألم يأتي البقية بعد؟ ألن يحضروا؟" لتضحك نورا "يبدو أنك أحببت أصدقائي" نظر لها تايهيونغ "أجل أحببتهم"
نظر جيمين لنورا بعينين متوسلتان التي تجاهلته و قالت لتايهيونغ "البارحة، لم أتيت متأخرا؟" ابتسم تايهبونغ بزيف "لا دخل لك" بادلته الابتسام "بدوت منزعجا جدا، ما الذي حدث؟" تأفف تايهيونغ "قلت أن لا دخل لكِ"
استقامت نورا في كرسيها و ابتسمت "هل كنت مجبورا على الحضور بأي صدفة؟" لعن جيمين في داخله و تمنى لو أن بإمكانه إخراس نورا بشكل ما أما تايهيونغ نظر لها بحنق "ما شأنك في هذا؟ لم تهتمين لذا حتى؟"
لم تستطع نورا الكلام لأن صوت جيمين المرتفع صدع في المقهى "أنظروا من لدينا هنا، الوسيم سوهيون" ابتسمت نورا و نظرت نحو نامجون و مينا برفقة طفليهما.
جلس الإثنان إلى الطاولة أما سوهيون قفز لحظن جيمين و عانقه. ابتسمت نورا و نظرت لمينا "يستحق أن تزدادي وزنا من أجله، كم هو جميل"
قلبت مينا عيناها "لا تفعلي نورا، مزاجي عكر بالفعل" ابتسم جيمين "ما الذي يزعك مينا؟؟" ضحك نامجون "انتهى مسلسلها المفضل، هي على هذا الحال منذ البارحة"
هزت نورا رأسها "سخيفة، إذا في النهاية أصبحت كالنساء اللواتي اعتدنا على السخرية منهن" ترك سوهيون جيمين و جلس على حضن أمه "لا تسخروا من أمي" ربت جيمين على رأسه و قال "هي سخيفة لتغضب بسبب مسلسل"
عانق سوهيون مينا و رد "لا هي فقط شخص يحب بصدق و يصعب عليه التخلي" ضحكت نورا و وكزت صديقتها "ربيته جيدا جدا ليدافع عنك" قبلت مينا جبين ابنها و قالت "بالطبع سيفعل، هو فارس والدته في درع لامع"
نظر نامجون لنورا "دعيك منهما، أخبرني جيمين أن سارا خرجت في موعد" ابتسمت نورا و أومأت برأسها "موعدها في الخامسة، ستلتقيه في المجمع التجاري"
نادى جيمين على النادل ليأخد بقية الطلبات، قهوة لمينا و نامجون و عصائر من أجل تايهيونغ و سوهيون.
نظرت مينا لنورا "بما أن سارا حصلت على رجل، متى سيأتي دورك؟" ابتسمت نورا "لا أريد رجلا بحياتي، أنا بخير هكذا" ليرد عليها نامجون "توقفي عن قول هذا، لا تعلمين متى قد يطرق الحب أبوابك"
"أنظروا هنا... أنا لا أحتاج الحب في حياتي، أنا شخص عاجز عن الحب. لا أحد يمكنه أن يتحملني طالما أنني لا أتحمل نفسي" أنهت حديثها و نظرت لتايهيونغ الذي أبعد عيناه عنها.
عقدت مينا حاجبيها" هذا يعني أنك لا تحبيننا؟!" هزت نورا كتفيها ببساطة و ردت "لا، أنا لا أفعل" ابتسم جيمين "يا لك من لئيمة نورا"
ضحك نامجون "سينتهي بك الأمر عجوزا مع عشرة قطط و كل جيرانك يخافونك" اعتلى وجه نورا تعبيرا متقززا "أكره القطط" نظر لها تايهيونغ "أي نوع من الناس تكره القطط!!"
قلبت نورا عيناها بانزعاج "أنا، توقفوا عن الكلام عني" و رسمت ابتسامة شريرة على وجهها "دعونا نناقش قرارات الكبار التي يذهب الصغار ضحيتها" نظر لها الجميع بغير فهم غير جيمين الذي حدق فيها بتحذير و خوف في نفس الوقت.
ابتسمت نورا و نظرت لجيمين "نانسي، زميلتي في العمل. قرر والدها تزويجها من شخص هو الذي اختاره، و في نفس الوقت هي تحب أحدا آخر. رغم إعترافها لوالدها و رفضها للزواج إلا أنه قال إن لم تتزوج ذلك الشخص لن يسمح لها بأن تكون مع شخص آخر، و حتى و إن فعلت سيجد طريقة لإفساد حياتهما. طلبت نصيحتي، هل من حلول؟!"
تنفس جيمين الصعداء لأن نورا لم تقل شيئا بخصوص تايهيونغ، قالت مينا بصوت متعاطف "أشعر بالأسف نحوها" أومأ نامجون رأسه "يا له من وغد، ألا تهمه سعادة ابنته؟"
نظر تايهيونغ لنامجون "لا، لا أعتقد أنها تهمه. هو طبعا سيفعل كل شيء لتصب الأمور في صالحه" رفعت نورا عيناها نحوه، هي آسفة لحاله و لكنها لا تتعاطف معه، لم يكن من المفترض به التخلي عن ما يريده و الإنصياع لوالده رغم كل شيء.
لو أنه تبع أيٍّ ما يريده لما إلتقته و وفرت على نفسها الكثير من العناء.
نطقت مينا بينما تداعب شعر ابنها "لكن عليها ألا تستسلم له و تنقاد خلف رغباته" أومأت نورا رأسها بالإيجاب" هذا ما قلته أيضا، الاستسلام له سيكلفها الكثير" لينطق تايهيونغ "قلت انه ضيق الخناق عليها" نظرت له نورا "حتى و إن، ليس عليها الاستسلام. طالما أنها تتنفس عليها الاستمرار بالقتال ضده"
نظر لها جيمين "ما الذي عليها فعله باعتقادك؟" هزت نورا كتفيها "ليست مشكلتي التفكير في وسيلة، لكن لا شيء يحدث بالإجبار" تنهد نامجون "أخبريها أن تتبع قلبها، و دعينا نتوقف عن الكلام عنها. الكلام عن أمور كهذه تغضبني"
نطق تايهيونغ بصوت منخفض "أجل، حالها يُأسف له" نظرت له نورا و قالت "جدا"
ابتسمت مينا و نظرت لنورا "من هو هذا الشخص الذي خرجت معه سارا؟؟" هزت نورا كتفيها "كل ما أعرفه أنه فاتن و يداه جميلتان، سيكون علينا أن ننتظر لنعرف أكثر" ليقول نامجون "على ما يبدو أننا سنحضر حفل زفاف قريبا"
ضحك جيمين باستهزاء "لا، لا أعتقد ذلك" نظرت له مينا "لم تقول هذا؟!" شرب جيمين القليل من كأسه قبل أن يرد "هي طبعا ستفسد الأمور، أنا متأكد أنه سيحظر رقمها عندما يفترقان. خصوصا إن تحدثت عن حبها للسناجب"
ضحكت نورا "حذرتها من أن تتصرف بغباء و لكن إن حدث هذا سأمر بشهر عصيب أنا الأخرى"
ابتسمت مينا "اتمنى أن تسير الأمور معها بخير" أومأت نورا برأسها "أنا أيضا، توترت بما فيه الكفاية هذه الأيام، لن أتحمل المزيد"
نظر لها تايهيونغ "كل ما حصل هو نتيجة لأفعالك" وكزه جيمين "فلتصمت فقط" زيفت نورا ابتسامتها و نظرت لتايهيونغ "لم تجبني على سؤالي، هل كنت مجبور على الحضور؟؟"
حدق فيها جيمين بعدم تصديق، هي حقا لن تترك الأمر. بادلها تايهيونغ الابتسام "و إن كان الأمر كذلك، ما الذي ستفعلينه بخصوص الأمر؟؟"
هزت كتفيها و رسمت إبتسامة مشرقة على وجهها "سأرقص فرحا على تعاستك صديقي" ضحك تايهيونغ من ردها و قال بدوره "قلت أنك نسيت الأمر، لكن أنظري لنفسك الآن. يا لك من حقودة"
نظرت مينا بينهما متسائلة "أي أمر؟ ما خطبكما أنتما الإثنان؟!" تنهد جيمين و حكى القصة لمينا و نامجون و كيف انتهى بهما الأمر كالقط و الفأر، أنهى قصته و نظر لنامجون "أنا لا أعلم ما الذي فعلته في حياتي لأستحق أصدقاء مثلهما" ضحك نامجون و قال "من الرائع أنه ما يزال قطعة واحدة، أنا متأكد أن نورا تحكمت في نفسها جيدا"
نظرت نورا لتايهيونغ بتعبير منزعج "صدقني، فكرت في قلع عيناه و لكنني لن أنجو في السجن" ضحك تايهيونغ ساخرا "ما الذي تقصدينه بأنك لن تنجي؟ أنت ستصبحين رئيسة السجينات" ابتسم جيمين "حتى و إن نورا من النوع الحساس، هل تذكرين حالتك عندما رمت أمك حذاء الحظ الخاص بك؟؟"
حرك نامجون رأسه "أنا أذكر، عانينا من نحيبها لأسابيع" أدارت نورا عيناها "كنت مراهقة" نظر لها تايهيونغ "تبكي من أجل حذاء و تطعن أحدهم، يا له من مزيج غريب" نطقت مينا بصدمة "هل تعرف تلك القصة؟ تواعدنا أن لا نذكرها بيننا حتى"
نظر جيمين لنورا نظرة جانبية "الآنسة هنا لم تفي بالوعد" ابتسمت نورا في وجهه "إنها قصة للعبرة جيمين" تنهد تايهيونغ "تعلمت درسي، لذا لننسى ما حدث. لن أتجاوز حدودي مجددا آنستي" ضحك نامجون "عليك ان تحذر عندما تتعامل معها، الكثير من الناس يخطئون و يعتقدون أنها غير مؤذية. من الأفضل لك الإبتعاد عنها قدر الإمكان"
نظرت مينا لنورا و قالت "الرجال أغبياء صديقتي، تجاهليهم فحسب" لينطق نامجون "انا ما أزال هنا" أدارت رأسها نحوه "أنا أعتمد على هذا عزيزي" مما دفع بالجميع للضحك.
مرت لحظة صمت قبل أن ينطق جيمين "هل تذكرون اليوم الذي تشاجرت فيه نورا مع المعلمة؟ قاموا بطردنا معها. كان الأمر نقطة سوداء في ملفي الدراسي، سببت لي الكثبر من المشاكل" ابتسمت نورا "لم أطلب منكم الانضمام لي، أنتم من أردتم تلقينها درسا أيضا. و أجل سبب لي الأمر الكثير من المشاكل أيضا"
ضحك نامجون "لا يمكنني نكران أنني رغبت بالانتقام منها، كانت تنعتني بالدب. سبب لي الامر عقدة" انضم له الجميع في الضحك قبل أن تقول نورا "كانت تنادينا بألقاب صنعتها كما أنا اعتادت على خصم نقاطنا دون سبب"
امتعض وجه جيمين "أجل، لا يمكنني نسيان وجهها البائس" نطقت مينا بصوت حقود "آه.. كم أكرهها، نادتني مرة بالعنزة! هل تصدقون!!"
ضحك جيمين من كلامها "لو التقتك الآن لنادتك بالبقرة" زفرت مينا الهواء خارج رئتيها "لو قتلت أحدكم لن أدخل السجن، متنمرون"
ربتت نورا على كتفيها "حتى و إن، نحن أخدنا انتقامنا منها" أومأ جيمين رأسه "أجل... أنا متأكد أنها لم تنسى بعد ما حصل لها بعد أن نعتت نورا بالساقطة"
صدم تايهيونغ لكلام جيمين و نظر لنورا "هل كانت تناديك ساقطة داخل الفصل؟" ابتسمت نورا " ليس تماما، و لكنها لن تنادي أي فتاة بالساقطة بعدما فعلته لها"
ضحكت مينا "علمها ذلك درسا" هز جيمين رأسه طاردا ذكرى من الماضي و قال "دعينا لا نتذكر هذا، إنه للأفضل" حرك نامجون رأسه متفقا مع جيمين قبل أن ينظر لتايهيونغ "و أنت تايهيونغ كيف كانت أيام مراهقتك؟"
هز تايهيونغ كتفيه "عادية، لم أتشاجر مع أحد و لم أسهر لمنتصف الليل" ضحك جيمين "كانت حياته مملة قبل أن يتعرف علي" ليرمقه تايهيونغ بنظرة جانبية " أنت أفسدتني"
ابتسمت نورا "لم تكتفي بإفسادنا فقط، وجدت لك ضحايا جدد في الكلية" دافع جيمين عن نفسه قائلا "لا تلعبوا دور الأبرياء الآن، كنتم سيؤون قبل أن تتعرفوا علي" ضحكت مينا "أعلم أننا كنا الأسوأ من طفولتنا و لكن تأثير جيمين كان قوي جدا، أعني هو من كان يحضر المخدرات"
نطق نامجون بنبرة معاتبة "لم كنت تقولين أنني السبب وراء أفعالك إذا؟!" أدارت مينا عيناها "لأنك كذلك جون"
stay safe, be kind and don't forget to love on yourselves everyday .