Lady Casanova.

נכתב על ידי Tullipxx

75.4K 6.7K 6K

ما أجمَل مِن أن تَعشق شخصًا إلى حَدِ المَـوتِ؟ ▪كُل الحِقوق محفوظَة®. ▪السَيدة كازانوڤا [ رِوايَـة - لِويس تَ... עוד

السَيدة كازانوڤا.
الأوَل|سَيدة القَطيع
الثانِي|لَيلة في مَهبِ الرَيحِ
الثالِث|في عَصرِ الأزماتِ
الرابِع|رَبيع إيلڤان
الخامِس|خارِج عَن المألوفِ
السادِس|لِقاء مَع حَبة كَرز
السابِع|تُحفة فنِية غاضِبة
الثامِن|سِحر حُورِيات البَرِ
التاسِع|زِفافٌ ريفِيٌ
العاشِر|سِياسة الحُبِ
الحادِي عَشر|حُمى مُصيبة للقُلوبِ
الثانِي عَشر|سَليلة بالَوم
الثالِث عَشر|الوَجه الآخر للعُملةِ
الرابِع عَشر|الخَيط الرَفيع
الخامِس عَشر|مَع الدَقةِ العاشِرة
السادِس عَشر|حالَة زواج
السابِع عَشر|حيلَة آفروديتِي
الثامِن عَشر|القِط والفأر
التاسِع عَشر|امرأة العَصر
العِشرون|موعِد على العَشاءِ
الواحِد والعِشرون|أعادَة إحِياء الماضِي
الثانِي والعِشرون|أسرَى حَرب الذَكرياتِ
الرابِع والعِشرون|الأُم العَقيم
الخامِس والعِشرون|الحَياة دائِرة مُغلقة
السادِس والعِشرون|سِر الوَشاحِ الأزرَق
السابِع والعِشرون|رَومِيو وچولِيَت
الثامِن والعِشرون|قَبل غُروبِ الشَمسِ
التاسِع والعِشرون|الشُموع السَوداء
الثلاثون|بَين الحُبِ وغَريزةِ التملُكِ
الواحِد والثلاثون|الرجُل الآخر
الثانِي والثلاثون|حَواء الضِلع الأعوَج
الثالِث والثلاثون|مِكيالا العَدل والرجُل
الرابِع والثلاثون|عَرين لِوجورَيا
الخامِس والثلاثون|قلبُ قدِيس وحَياة آثِم
السادِس والثلاثون|غُربال وغِربان
السابِع والثلاثون|آخِر عَربة بقَطارِ الأوهامِ
الثامِن والثلاثون|أُمسِية على قَدمٍ وساق
التاسِع والثلاثون|عِرق ليلِيث
الأربَعون|حَلوى أم خُدعة؟
الواحِد والأربَعون|أُمنِية مَع وقفِ التَنفيذِ
الثانِي والأربَعون|حَفل على شَرفِ بِروتوس
الثالِث والأربَعون|قَوس وسَهم
الرابِع والأربَعون|تَرنيمة مِزمار المَوتِ
الخامِس والأربَعون|فَن العَودةِ للواقَعِ
السادِس والأربَعون|نَعيم مُزيف
السابِع والأربَعون|جُنون أرستُقراطِي
الثامِن والأربَعون|بوصلَة ومِرساة
التاسِع والأربَعون|ساعَة رَملِية مَكسورة
الخَمسون|الكَأس الأخَير
نِهاية السَيدة كازانوڤا.

الثالِث والعِشرون|جِدال بَين شظايا مُجتمع

932 111 158
נכתב על ידי Tullipxx

صَبيحة يَومِ الأثنَينِ كانَ لَه نَسمة مُميزة لحَواسِه.
فمَثلِ اليَومِ من إسبوعَينِ كانَ زِفافُه على شَقراءٍ لَوعته أيامًا وأسابيعًا ولَم تخفَق أبدًا بخَلبِ قلبِه المَسطولِ.

ترَجل لِوي مِن عَربتِه أمامَ بَيتِ الطَبيب كريستَوڤِر هوبِر بظَهيرةٍ مُشمسةٍ بَديعةٍ آخذ على بُساطِها دَرب البابِ حَتى أستقبلَه الخادِم بوَقارٍ طالِبًا مِنه الإنتظارَ لدَقائِق حَتى يُنبِئ الرجُل بوصولِه.

لقَد ترَدد كثيرًا بآخذِ تلك الخَطوةِ وإستشارَة طَبيب مُتخصِص بآمرِ نوباتِ الهَلع أو الغَضب الَتي تَصيب سيڤين على غفلةٍ، ولكِن حينَما يأس مِن إيجادِ ما يَنفعه مِن كُتبٍ علَم بأنَه يجِب أن يملَئ معلوماتَه تحسبًا لأي نوبةٍ غافلةٍ جديدةٍ.

هو لَم يقتنِع بطَريقةِ سِيمون في التعامُل مع الآمرِ.
هو لا يُمكِنه الجُلوس بكُل برودٍ عالِمًا بأنَها تَخوض تجرُبة بشِعة ببحرِ ذَكرياتِها وَحيدة بغُرفتِها. ذلِك لم يكُن إنسانِيًا لو نظَر لها مِن ذلِك المَنظور.

"لِوي!"رَحب بِه الطَبيب هوبِر ببَشاشةٍ إنشَرح لَها لِوي مصافِحًا الرجُل بوَسعِ صدرٍ شاعِرًا بالأخيرِ يربُت على كتفِه بمَعزةٍ قديمةٍ كنَّها لَه. "مِن الجَميلِ منكَ أن تَزورني أخيرًا. خِلتُ بأنكَ قَد نَسيت العَجوز هوبِر."

"لا يُمكِنني ذلِك، سَيدي، ولكِن واجهتُ الكَثير مِن المَشاكِل فَور عودتِي من فَرنسا."لَبى إشارَته بالجُلوسِ مجددًا شاكِرًا الخادِم الَذي مدَ إلَيه قَدح الشاي الأخضَر الساخِن رَيثما يرمُقه الرجُل بعُيونٍ لامعةٍ.

"كَيف حالَ ألبِرت؟ نحنُ لم نتراسَل منذُ مدةٍ."

"إنَه بِخَير تمامًا، سَيد هوبِر. شكرًا لك."

كانَت الرجُل الخَمسينِي صديقًا قديمًا جدًا لخالِه ورَغم إفتراقَ طريقَ كَليهِما إلا بأنهَما لم يقطَعا الصِلة سوى إذعانٍ للظَروفِ حيثُ أعتَزل الطَبيب ببَيته على أطرافِ المَدينةِ وإعتَزل ألبِرت سكانَها جميعًا.

تَرك لِوي القَدح جانِبًا بَعد ثانِي رَشفة، وتَحمحم مرتدِيًا قناعَ جَديةٍ بوَجهِه. "بالحَقيقةِ، سَيد هوبِر، لقَد جِئتُ اليَوم لِأسألكَ بآمرٍ هامٍ جدًا."

قبَض الرجُل حاجِبَيه بإكتَراثٍ وإعتَدل مشيرًا لَه بالمُتابعةِ. "إن الآمر يخُص..زَوجة صَديقٍ لَي. لقَد تعرَضت للعُنفِ الأُسرِي بطُفولتِها وذلِك جَعلها تُصاب بأزمةٍ نفسيةٍ دفَعتها لخوضِ نوبات غَضبٍ ببعضِ الأوقاتِ لو تعرَضت لضَغطٍ هائلٍ، وصَديقي أراد أن يعلَم كَيف يُمكِنه أن يُساعِدها لتتَغلب على ذلِك."

كرَه الكَذب كثيرًا.
ولكِنه لم يكُن لديه أي حَقٍ بإفشاءِ سَرٍ يخُص زوجتِه لشَخصٍ ما دون عِلمها وإذنِها. رأى ذلِك غَير مُهذبٍ أكثَر مِن تَحويرٍ بَسيطٍ لن يُشكِل فرقًا مَع الطَبيبِ الَذي سمَعه بعنايةٍ ثُم رتَب كلماتَه بدَقةٍ.

"يُجدر بِي إخبارَك بأن ذلِك النَوع مِن النوباتِ لَيس مِن السهلِ التعامُل معها،خصيصًا لَو كانَت المَريضة ذاتَ سِلوك عَنيف، ولكِن الخُطوة الأُولى هِى إقتناعَها بأنَ هُناك الكَثير مِن الطُرق الصِحية نفسِيًا يُمكِنها التعبير عن مشاعِرها خلالَها. ثُم يجِب أن يَقوم شخصٌ ما بمُحاولةِ تهدِئتها رويدًا حَتى تَحجِم سلوكَها العَنيف سَواء كانَ قولًا أو فِعلًا وإشعارَها بأنَ هناك مَن يهتم بِها ولَن يقوم أي أحدٍ بإيذاءِها بَعد الآن. علَيها أن تتحَدث وتنفتِح عَن تِلك الفترةِ من حياتِها،الكَلام جزءٌ مِن علاجِها. قَد تَاتي بالبَدايةِ على ردِ فعلٍ عنيفٍ حينَما تَرى شخصًا ما يقتحِم مساحَتها الوَهميةِ الَتي تعتبِرها نِطاق راحَتِها النَفسِية. ولِهذا يجِب التَحلي بالصَبرِ وتحمُل ما تقوله او تفعلَه مهما كانَ جارِحًا، وبَعد أن تنتهِ النَوبة رُبما يَستطيع صديقُك أن يتحَدث مَعها بشأنِ ما يُزعِجها ولكِن لا يضغَط علَيها كَي تفعَل، فالشخصُ المُصاب بذلِك النَوع مِن النوباتِ يكون كثير القَلق والشَك، وحينَما تشعُر بأن هُناك مَن يهتَم بآمرِها ستَكون هِى مَن تُبادِر بالحَكي والحَديث واللَجوء إلَيه كَي تُعبِر عن مشاعِرها بطريقةٍ مُريحةٍ تكفِل لَها رفيقًا بوقتِ الأزمةِ."

دَون لِوي كُل كَلِمة قالَها بذهنِه بتَركيزٍ شَديدٍ. رَسم بعقلِه الكَثير مِن النُصوصِ والمَشاهِد الَتي قَد تُسبِب نوبَة ثانَية سيَكون حينَما وقتَه ليَتصرف مَهما عانَدت أو دفَعته سيڤين بعيدًا. هو لَن يستسلِم.

رَشف الطَبيب هوبِر مِن شايّه الأخضَر للَحظةِ صَمتٍ قُبيل أن ينظُر إلى لِوي هازًا رأسَه بحَسرةٍ. "مِن المُحزنِ جدًا أن يتَورط صديقُك بآمرٍ كذَلِك. تخَيل لو كانَ لدَيهما أطفالًا، كَيف ستتعامَل مَعهم امرأة بذلِك الجُنون والحِدة؟ يُمكِنها أن تُلحِق الأذَى بِهم."

حجَب لِوي تفاجُئه بأُعجوبةٍ،وأخفَى تهكُمه خَلف قدحِ الشاي. لم ينزعِج مِن كَلامِه قَدر ما إندَهش مِن رؤيتِه. لقَد كان أكثَر شخصًا عليمًا بأنَ الأزمات النَفسية لَيست بإختَيارية، ولكِن إعتبارَ امرأة عُرِضت لعُنفٍ أَسريٍ سَبب لَها مُشكِلة نفسَية كامرأةٍ مَجنونةٍ مِن طَبيبٍ نفسيٍ..كانَ بآمرٍ مُخيبٍ جدًا.

تأرجَحت رِياحُ بَوادرِ فَبراير بوَداعةٍ جَعلت السَماء تَرنو إلى الحَي بعُيونٍ زَرقاءٍ خلابةٍ للأنفاسِ. لَم تكُن حَفلة الشاي بمَنزلِ ليڤَرِنت بظَهيرةِ الإثنَين بالشَيءِ الجَديدِ على قاطَنيه حيثُ إجتَمعت السَيدات الأربَعة يتحادَثن بإستَمتاعٍ على صوتِ زَقزقةِ العَصافيرِ.

"كانَ الحَفل رفيعًا جِدًا. مِن المؤسَفِ أنكِ لَم تحضَرِ، إليزابِيث."عبَّرت السَيدة هَود عن إستَياءِها، مُتلقِية هَزة رأسٍ وتَنهيدةٍ قَويةٍ من السَيدة ليڤَرِنت.

"أنتُن علِيمات بأنَني لا أذهَب لحَفلاتٍ لَن يذهَب إلَيها حَفيدي، وهو لَم يكُن بمَزاجٍ يسمَح لَه لإرتَيادِ حفلٍ ما، فلَديه مِن المَشاكِل ما يَكفِي لتغُمِه."

"مِن المُحزنِ أن يَكون بذلِك الحالِ السَيءِ ولَم يمُر على زواجِه إلا إسبَوعينِ."علَّقت البارَونة إيميلِيا بتَلميحٍ إصطَدنه الثَلاثة سَيدات اللاتِي هَززن رؤوسَهن بحَسرةٍ وتعاطُفٍ.

"إن لَديها تأثيرًا سيئًا جدًا علَيه. هو بالكَادِ يُغادِر البَيتِ وطَوال الوَقت تُمارِس حركاتَها الخَليعة الخادِشة للحَياءِ وهو يكبِت غضبَه وإحباطَه خوفًا مِن إزعاجِها."تقَوست ملامِح السَيدة الكَبيرة بشَزرٍ حلَق بالمُحيطِ.

أعادَت السَيدة هَود كوبَها جانِبًا، وقبَضت حاجِبَيها بآسفٍ. "قُلتها مسبقًا وسأقولَها مِن جَديدٍ. لَو لَم يقُم بفَرضِ كلَمتِه علَيها ستَسوء الأحوالِ ولَن يتمَكن مِن التحكُمِ بنتائِج أفعالِها النابَية بعد ذلِك."

وكأنَ كَل جلساتِ السَيداتِ أمسَت تَدور حَول سيڤين بالَوم وما تَفعله بكُل يومٍ بحَياتِها مَع حَفيدِ إحدَى السَيداتِ الَتي تتمتَع بنَهشِ ذكرَاها والتلذُذ بإنتقادِها دون سَببٍ واضَحٍ.

حينَما دُق بابَ البيتِ، أنتَبهن لخادَمةِ الشَقراءِ الَتي فتَحت كَي تَلِج سيڤين بوَجهٍ مُنبسطٍ ونَظرةٍ مُتعبةٍ حَييت بِها نَهر بخُفوتٍ. مَع غيابِ لوي تِلك الظَهيرة وإجتماعِ السيداتِ الَذي إعتادَت الهُروب مِنه..كانَت زِيارة سِيمون هى الحَل الأمثَل للآمرِ.

"مَساء الخَير، سَيداتِي."ألقَت التَحِية علَيهن برَتابةٍ قُوبِلت ببَسماتٍ مُتكلفةٍ ودَعوةٍ إستَوقفت إنصَرافِها فجاةً مِن فمِ البارَونةِ إيميلِيا. "لِماذا لا تنضَمِ لَنا، عَزيزتِي سيڤين؟ إنكِ جُزء مِن منزِل ليڤَرِنت الآن ولا يجِب أن تخجَلِ من الجُلوسِ بَيننا."

تماثَلت دَهشة سيڤين بدَهشةِ باقِي السَيداتِ اللاتِي رَمقن البارَونةِ بعُيونٍ حائَرةٍ مَتهكمةٍ لبَسمتِها الجانَبية الفاتِرة الَتي كنَّت هدفًا منشودًا لم تستطُع الشَقراء التكهُن بِه. فلَم تتمَكن مِن رَفضِ دعوتِها.

"هَذا لطفًا مِنكُن."أطرَت بنَبرةٍ مُترويةٍ، قَبل أن تتخِذ مَجلِسها بالمَقعدِ الخامِس مغلِقة ما يُشبِه بدائِرة غَير مُكتمِلة وإن كانَت كنُقطةِ تركُز أبصارِهُن علَيها بمُختلفِ النَظراتِ، لتنزعِج.

"أخبَرتنا السَيدة إليزابِيث بأنكِ كُنتِ تَزورين شَقيقكِ الأصغَر. سُيمون كَما أحسِب."بدأت البارَونة قولًا، فأومأت سيڤين فعلًا. "مؤكدِ من الصَعبِ علَيه أن يَعِش وحيدًا بالمَنزلِ بلا وجودِ أي امرأةٍ لتَخدِمه. ألَم يُفكِر بالزَواجِ؟"

"شَقيقي لَيس بحاجةٍ لأي شَخصٍ كَي يخدِمه، سَيدتِي. إنَه يتكَفل بآمرِه جيدًا."ردّت سيڤين بعُبوسٍ. فإن كانَت تِلك الدَعوة لإلقاءِ تَلميحات سَخيفة فهى لَن تعقِد لسانًا لَها.

"ولَكنكِ تعلَمين. هُناك بَعض الآمورِ الَتي تتطلَب وجودَ امرأةٍ بحَياتِه. بالتأكيدِ تَفهمين ما أعنَيه، لقَد كُنتِ زَوجة لخَمسِ رجالٍ من قَبلٍ. الرجُل يحتاجَ إلى المَرأةِ بآمورٍ ما هِى وحدَها مَن يُمكِنها أن تفعلَها."

لمَزتها البارَونة مِن خَلفِ قَدحِها بمَغزٍ، تجَهمت أمامَه سيڤين بجُمودٍ. "لَا، سَيدتِي، سِيمون لا يُفكِر كَما يفعَل مُعظم الرِجال. إنَه لَن يحضُر امرأة لتَخدِمه وتُمتِعه كَما يَشاء لَو كان ذلِك ما تَتحدثين بشأنِه."

أمكَنها قِراءة تفاجُئ السَيدات بجَراءةِ ردِها وإن لَم تُقدِم إحداهُن على مُتابعةِ جدالٍ غير مَفهومٍ بدأتَه البارَونة لسَببٍ ما. إنعَطفت السَيدة وينِسَتون نَحو السَيدة إيميلِيا وإبتَسمت. "لِماذا لَم تنضَم لَنا هازِيل اليَوم، إيميلِيا؟ إنَها ناضِجة بمّا يكفِي كَي تحضَر حَفلات الشاي."

حَركت البارَونة يدَها بشَكلٍ غَير راضَيٍ، ومطَت شِفَتيها بإستَخفافٍ. "حينَما أُخبِرها تَقول بأنَها تُريد إكمالَ واحِدة مِن رَسماتِها الغَريبة وقَد تأتِي بالمَرةِ المُقبِلة."

"لَيس مِن الجَيدِ السَماح لَها بالتعلُقِ بفَنٍ خادشٍ للحَياءِ كالرَسمِ، إيميلِيا. خُذِ حذركِ جيدًا."نَبهتها السَيدة هَود؛لتَقبِض سيڤين حاجِبَيها بحَيرةٍ.

"لِماذا؟"اطلَقت سؤالَها قَبل أن تمنَعه. راقَبت عُيون السَيداتِ تُسافِر إلَيها مِن جَديدٍ بَينما إنصَبت هِى بتَركيزٍ على السَيدة هَود الَتي تلَجلجت، لتَتدخل السَيدة إليزابِيث بحَدةٍ. "الرَسم لَيس فنًا مناسِبًا للمَرأةِ المُحترمة. إنَه يَفتح مُخيلتها وقَد يدفَعها للتَفكيرِ بآمورٍ غَير لائِقة."

كانَت السَيدة الكَبيرة تُشير إلَيها بالحَديثِ، وكانَ ذلِك واضِحًا. فسيڤين منذُ أوَل ليلَة وقَد أبدَت موهَبتها وإبداعَها بالرَسمِ وحُبِها لَه. الآمر الَذي لم يرُق لسَيدةِ البَيتِ الَتي كثيرًا ما رمَقت لوحاتَها كشَياطينٍ وَجب حرقَها.

"لقَد قابلتُ هازِيل وتحدثتُ مَعها. إنَها فَتاة صالِحة وحالِمة جدًا، سَيدة لورانَس. مِن الواجِب أن تُشجعِ موهَبتها لا أن تنتقِديها."رمَقت الشَقراء البارَونة بإصَرارٍ. كرَهت تِلك النَظرة الضَيقة مِن نَساءٍ رأوا بالمَوهبةِ شيئًا نابِيًا. كرَهته.

رَفعت البارَونة حاجِبَها دهشةً، وإبتَسمت بخَفةٍ. "يالََهذا الكَلام الفارِغ، سَيدة بالَوم. فما الَذي ستَفعله هازِيل بالأحلامِ أو بالمَوهبةِ؟ هِى لَن تتزَوج بالرَسمِ ولَن تَكون زَوجة مِثالية بالألوانِ."

عَجزت سيڤين أمامَ القولِ الأخيرِ على مُعارضتِها. إنَه ذلِك الإطارَ السَخيف نفسَه الَذي يحصُرن بِه المَرأة كزَوجة وتابِعة ثانَية للرجُلِ وحَسب. لا حَق لها بكَيانٍ خاصٍ. لا حَق لها بحُلمٍ ما. لا حَق لَها بالحَياةِ. مُجرد تابِع وحَسب.

"إنَها مُجرد مسألةِ وَقتٍ حَتى تتزَوج وحينَها سيتمَكن زوجُها مِن منعِها مِن كُل تِلك الأشياءِ التافِهة."

عضَت سيڤين لسانَها بيأسٍ. لا فائِدة مِن حديثٍ سيَهوى بقاعٍ أسودٍ لا يُريد النَور، فلو عارَضت ستَكون مُجرد امرأة وَقِحة أكثَر مِما هى في عيونِ السَيداتِ بالفَعلِ.

"القَهوة وحُبوب الصُداعِ، سَيدتِي."
إنعَطفت الشَقراء لنَهر الَتي أنزلَت فَنجان القَهوة مُجاوِرًا بحَبتِي الصُداعِ قَبل أن تتوجَه نحو إبريقِ الماءِ ساكِبة كوبًا إلتَقطته مِنها سيڤين شاكِرة.

"قَهوة بالظَهيرةِ؟"شزَرت نظراتَ السَيدة إليزابِيث نَحوها، لتَومأ بهدوءٍ كنَّت بِها إنزعاجَها وندمَها على قُبولِ تلك الدَعوةِ المَنكوبةِ. "أشعَر ببَعضِ الارهاقِ منذُ الصَباحِ."

"عجبًا! هَل أنتِ حامِل؟"
بالكَادِ تمكَنت سيڤين مِن رَشفِ أوَل قطراتِ قهوتِها حَتى سعلَت جَراء سؤالَ السَيدة هَود المُفاجِئ بدَهشةٍ ناطَقةٍ وصوتٍ مَخنوقٍ. "ماذا؟"

"إنكِ تشعُرين بالإرهاقِ، ووجهُكِ أيضًا شاحِب قليلًا. أليَس كذلِك؟"تحَولت السَيدة إلى الباقَياتِ قَبل أن تتمَكن سيڤين مِن جمعِ شَتاتِ دهشتِها مقابِلة إيماءَة موافِقة مِن السَيدة وينِسَتون الَتي إبتَسمت.

"كنتُ أعلَم بأن تِلك المَرة ستَكونِين محظوظَة. يجِب أن تتوخِ الحَذر وتأكُلِ جيدًا. علَيكِ أن تَعتنِ بها كثيرًا، إليزابِيث. فأوَل حملًا دومًا يَكون صعبًا خصوصًا لو كانَت بحالةِ سيڤين المُختلِفة."

بدّت نظراتُ السَيدة إليزابِيث شاكَة حائِرة نَحو سيڤين الَتي وضَعت فِنجانَها جانِبًا مُبتلِعة كُل ما سُرِد وحُوِر بِلا تَحذيرٍ حَول حملٍ من المُستحيلِ أن يحدُث. كَم ودّت الضَحك كثيرًا.

"أنا لستُ حامِل. هَذا غَير منطِقي حَتى."
هَزت رأسَها ببَسمةٍ رَفيعةٍ تعَكرت بمَرارةٍ حينَما تقلَصت بسماتُ السيداتِ بإستَياءٍ مُحرجٍ. هِى لم تُحِب يومًا جَلب ذلِك الآمر بالحديثِ لعدَة أسبابٍ،ولم تُحِب أبدًا التمادِي بذكرِها أو التَلميح إلَيها بشكلٍ قَد يؤجِج ذكرياتًا أليمةً تهرَب مِنها بإستَمرارٍ.

"ولَكنكِ ستَكونين حتمًا. إن لِوي يافِع ولا امرأة تَكره أن تحظَ بأطفالٍ. ألَيس كذلِك؟"رمَقتها البارَونة بنَظرةٍ رَتيبةٍ جَعلت سيڤين تعتَدِل بمَقعدِها بعدمِ إرتَياحٍ. راغِبة بالإنسحابِ قَبل أن يتعَمق الآمر إلى قاعٍ لن تتمَكن فِيه كَبح نفسَها.

فهُم لا يعلَموا شيئًا. وكانَت تستمتِع بآلمِ سماعِهن يتحادَثن وكأنهن يعرِفن كُل شيءٍ. كالجَلدِ الذاتِي كانَت تَصغِي بصَمتٍ.

"..كَما أن الطَبيعة تَكره الرَحِم الفارِغ. ولا تكتَمل أنوثَة المرأةِ بلا أطفالٍ. فما نَفع النِساء إذَن؟"تَقوست جفونُ الشَقراءِ بسَخطٍ على عَبارةِ البارَونة المُستهجِنة بكُل هدوءٍ دفَع بنيرانِ قلبِها تتوَهج بآناتِ غضبٍ لم تتمَكن مِن تجاهُلِها.

"المرأة لَيست أداة للإنجابِ وحَسب. هَذا تفكيرٌ وضيعٌ للغايةِ. والأوضَع بأنه نابِع من فَمِ امرأة!"بصَقت بحَنقٍ. رمَقت عيونَهن تتَوسع بصَدمةٍ أمامَ غَضبِها الَذي فُج بوجهِها بَينما تزجُرها السَيدة إليزابِيث بكَيدٍ. "هَل جُننتِ؟"

"سامِحَيني، سَيدة لورانَس، أنا امرأة صَريحة وحينَما أسمَعكِ تَقولين بأن لا نَفع للمرأةِ بدَون أطفالٍ فلَن أصمُت دِفاعًا عن نفسِي على الأقلِ!"

لَم يُبدِد دفاعَها إغتَياظ البارَونة الَتي إستقامَت مِن موضِعها بوجهٍ مُتجهمٍ بقَسوةٍ. "لقَد كانَ خطَئي مِن البدايةِ بأنَنا يُمكِن أن نجعلكِ واحِدة مِنا، ولكِن يَبدو بأن العِرق دَساس ولا فائِدة مِن إصلاحِ نَبتة فاسِدة بالفَعلِ."

"إيمليلِيا، إنَها لـ..-"

"أعتَذِر،إليزابِيث. ولكِن زَوجة حَفيدكِ رَغم مَكانةِ عائِلتها وعائلتكُم فهـى في مُنتهى الوَقاحة وأنا لا يُمكِنني القُبول أن أجلِس بمكانٍ ما بوجودِها."

طَوت خطواتُ البارَونةِ الدَرب مَنصرِفة كعاصَفةٍ لحَقت بِها السَيدات بإستَسماحٍ لَم تُبالِ به الشَقراء الَتي اكملَت إحتِساء قَهوتها بتأنٍ آمِلة تهدِئة ما نبَض برأسِها مِن حَنقٍ وإنزعاجٍ بجَوٍ شَمسيٍ بَديعٍ ودّت الإستَماعِ به.

"ما الَذي تُحاوِلين فَعلِه؟"ثارَ صوتُ السَيدةِ الكَبيرةِ بأركانِ الحُجرةِ لتَنعكِس نَظرة فاتِرة بجُفونِ سيڤين وهِى ترفَع كِتفَيها بلُطفٍ. "لقد كنتُ أُبدِي رأيّي وحَسب."

"لَا. بَل تُحاوِلين إبعادَ كل شخصٍ قَريبٍ كَي تتمَكنِ من فَرضِ سيطَرتكِ ولؤمكِ على البَيتِ جيدًا! ولكِن إسمَعينِي جيدًا. أنا هِى سَيدة البَيتِ، ولَن أسمَح لكِ بالتَجرؤ والتحدُث بوَقاحةٍ لأي ضيفٍ لَي مِن جديدٍ!"

لم تكُن سيڤين نادِمة على شَيءٍ أبدًا. لا علَى إسلوبِها المُندفِع أو قولَها المُهين للبارَونةِ. هِى لم تستطِع كَبح صبرَها مطولًا ولم تتمَكن مِن سماعِها تَقول آمرًا بتِلك الوَضاعةِ بوجهِها وتلتزِم صمتَها وحَسب. لقَد صمَتت كثيرًا.

"سَوف تعتَذِرين لَها."
تجَمدت حَدقتا سيڤين معقِبة على القَولِ الحازِم. نظَرت للسَيدةِ العابِسة بتهكَمٍ وإحتَجت بهَزةِ رأسٍ قاطعةٍ. "هِى مَن يجِب أن تعتذِر لَي! لقَد أهانَتنِي وقالَت بأنَ عدم إنجابِي للأطفالِ يجعَلني بدونِ فائِدة وناقِصة الأنوثَة!"

"وأينَ كذِبت؟"تشَرست زَرقاوِيا السَيدة بآنفَةٍ دثَرت الشَقراء بصَممٍ مأخوذٍ لبُرهةٍ. "ما فائِدتُك وأنتِ مُجرد امرأة عاقِر ومُتسلِطة كالرَجالِ؟ إنكِ تفتقِرين لكُل جوانِب الأُنوثة ولَيس جزءً واحدًا مِنها. وأنا لا أعلَم ما أصابَ حفيدِي كَي يتزَوجكِ ويُبلِينا بمَقطوعةِ نَسلٍ مثلُكِ."

"جَدتِي!"
رمَشت سيڤين مِن قَسوةِ حديثِها علَى كَيانِ لِوي الَذي ولَج للحُجرةِ بعيونٍ مُنفعلةٍ حادَةٍ ثقَبت حدقَتِي جدتِه الساحِقَتين بثَورةٍ. "لا يهُم كَم تعتَرِضين على زَواجِي، أنا لَن أصمُت عِند إهانتكِ لَها!"

"تحدَث معِي بإحتَرامٍ. لقَد ربيتُك لتَكون رجلًا مهذبًا لِذا لا تدَع أي شَخصٍ يُفسِد هَذا بِكَ."ناظَرته السَيدة بجَمودٍ إرتَخى أمامَه بتَنهيدةٍ مُنهكةٍ وضَم شِفَتيه بتزمُتٍ غاضَبٍ. هو فَقط لا يَستطِع الحُصول على يومٍ هادئٍ خالٍ من المُشاحناتِ بَعد الآن.

"زَوجتك تستمِر بإظهَارِ سماتَ عائِلتها الفاسِدة والأدهَى بأنَها تُمارِسها على ضَيوفِي بلا خَجلٍ. ذلِك بَيتي أنا. أنا مَن تُحدِد كَيف يجِب أن تتصَرف وكَيف يجِب أن تتحَدث. طالَما أنتَ عاجِز عَن فرضِ سَيطرتك علَيها."

"أنا لستُ بعَبدةٍ كَي يُسيطِر علَيها أي أحَد."زَجرت السَيدة الكَبيرة الشَقراء بنَظرةٍ مُتملكةٍ طاغَيةٍ ثابَرت أمامَها سيڤين بواحَدةٍ مُتمردةٍ ثائِرة، وضغَطت بعُكازِها على الأرضِ بصَرامةٍ.

"لقَد إكتفِيتُ مِن تِلك الحَركاتِ النابَيةِ. لَن اسمَح لأحدٍ بأن يمِس سُمعة العائِلة بسَوءٍ مَهما كانَ، لَو وقَع آمرٌ مشابِهٌ لِمَ حدَث اليَوم، فسَيكون آخِر يومًا لكِ كزَوجةٍ لحَفيدِي."

"جَدتِي. لَا..-"

"أنا لَا أُريد أي نَقاشٍ. إفعَل كَما تَفعل كُل مرةٍ وأصمُت. هَذا جِدال نِسائي."رمَته جدتُه بنَظرةٍ عازَمةٍ لضَمت لِسانَه المُستنكِر. كسَرت حَرارة الجَدالِ برَحيلِها تارِكة كُل براكينِ الشَقراء تَغلِي إلى حدٍ جعلَها واقِفة عاجِزة عَن قولٍ ما.

تِلك المَرة كانَت غير كُل مرةٍ. لقَد جُرِحت مرارًا بكَلماتٍ طعَنت قَلبَها المُهشم بأسياخٍ مُلتهبةٍ جَعلت كيانَها يهتَز للَحظاتٍ. لقَد عُقِد لسانُها أمامَ سيلٍ من الإهاناتِ لَم تملِك الطاقَة لرَدِها مَرة تَلو مَرة. لَيس وكُل عبارةٍ ينزِف لَها جَرحًا. لَيس وكُل نظرةٍ يحترِق لَها نفسًا.

مسَح لِوي على جَبينِه متنفِسًا بعُمقٍ. كَم كانَت لحظَة عَظيمة كَي يعوَد علَيها للبَيتِ. لَعق شِفَتيه مميلًا بعَينيه إلى الشَقراءِ الَتي قطَعت جمودَها برَمشةٍ دون النظرِ إلَيه،وآخذَت طريقَا للخارِج قطَعه هو بمَسكةٍ لَطيفةٍ.

"سيڤين. هَل يُمكنكِ الحَديث مَعِي وحَسب؟"كانَ يخشَى أن يؤدِي ذلِك إلى أي تَبعاتٍ وَخيمةٍ. خَشى أن يؤثِر بَها كَلمات جدتِه القاسَية علَيها فتفقِد السيطرة على نفسِها مجددًا.

"لَا. لِأنَني إعتقدتُ بأنَني سأتزَوج رجلًا حقيقِيًا."تفاجَئ بِها تستعَيد يدَها مِن قبضَتِه بخُشونةٍ بَينما تطعَن خَضراوَاها عيونَه الذائِبة ببَربريةٍ. "ولَيس رجُل يذعَن لآوامِر جدتِه كالطَفلِ الصَغيرِ."

كرَه أن يسمَعها تَقول هَذا كثيرًا.
شاهَدها تَرحل بخُطواتِها الثابِتة الَتي لم تهتَز يومًا،وإنزلَقت أكتافُه بإستَياءٍ. لَم يكذِب هارَولد حينَما أخبَره بأنَه يضَع قُنبِلتين موقوتَتين معًا تحت سَقفٍ واحدٍ.

وكانَ هو الضَحِية الوَحيدة لهُما.

غَربت الشَمس نَحو أُمسيةٍ حَزينةٍ.
لمَع اللَيل بزُرقةٍ ساحَرةٍ تلألأت نجومُه كدُموعٍ ألماسَيةٍ قَرت العُيونِ المَهمومةٍ خَلف زُجاجِ نافِذة غُرفتِها المُنغلِقة.

سدَلت ويندِي شَعرها بحُريةٍ حَول وجهِهت الهابُط بإحباطٍ لَم تنجَح بمَحوهِ. علَّها ذاقَت تعاسَة كادَت تنسَى مَرارتها بالإسبَوعينِ المُنصِرمين. وذلِك جعلَها تندهِش.

لقَد اقسَمت لنَفسِها بأنَها لَن تجعَل قلبَها سهلًا لرجُلٍ مجددًا. بأنَها لَن تُصدِق كلِمة ينطِقها أي رجُلٍ مَهما أعجَبتها ومَهما تفَوقت بجعلِها تَذوب لوَقتٍ. ولم تتخَيل بأنَها قد تتعدَى ذلِك القَسم لَحظة.

لقَد عانَدت نفسَها ببَناءِ سورًا ضخمًا بَينها وبَين العالَمِ الخارِجي. فلم تجِد لشَخصٍ فضلًا علَيها كَي تحفَظه بجَوارِها، ولكِن آتى ذلِك الرجُل بلَسانٍ مُتغزلٍ وأفعالٍ جَريئةٍ كَي ينفَذ عبرَ حاجِزها بلا جُهدٍ.

"أُدخلِ، بِيرثا."أجابَت طَرقة البابِ باتِرة تمرُرِ أفكارِها. ولَجت المُربِية بهدوءٍ مُقابِلة الخَياطة الَتي تمالَكت أساريرَ وجهِها بإحكامٍ. "هَل خلَد تشارلِي للنَوم؟"

أومأت بِيرثا وهِى تدفَع بالبابِ منغلِقًا. "أردتُ الحديثَ معكِ قليلًا."أخطَرت، لتهِز ويندِي رأسَها وهِى تعتدِل كَي تواجِه المرأة الَتي جلَست على المقعدِ القَريبِ متنهِدة.

"علَيكِ أن تَحسمِ الآمر برَمتِه، ويندِي."

تحَيرت. مطَت شِفَتيها بتساؤلٍ صامَتٍ أجابَته المُربِية بإسهابٍ صَريحٍ. "أعلَم بأن چوزِيف جَعل كُل الرَجالِ بنظركِ واحِد، ولكِنه بمَكانٍ لا يحِق لَنا الحُكم علَيه فِيه بَعد الآن. أنتِ لا تَرِ نفسكِ. إن كانَ الآمر يُحزنكِ بذلِك الشَكل، لِماذا دَفعتِ بأوَل رجُلٍ يُخبركِ بكُل وضوحٍ أنَه يُحبكِ رَغم بأنكِ علَمتِ جيدًا مشاعِرَه ولم ترفُضِيها بالبَدايةِ."

"لِأنَني أرفُض أن أقَع بذاتِ الغَلطة مَرتين."حَكت ويندِي قَبضتِيها بلُطفٍ، وعانَقت بَين حاجِبَيها بجَديةٍ. "هارَولد لَيس إلا نُسخة مُطورة مِن چوزيف. رجُل يحِب رؤية النَساء تَحبي خلفَه، رجُل يعشَق الخَمر ولَعب الأوراقِ أكثَر مِن نفسِه، وأنا لَن أُصدِق وعودًا فارِغة مِن جَديد."

مُجرد إستِذكار ما حدَث يدفَعها للغَضبِ الوَليدِ. "أشعُر بنَفسِي ساذِجة جدًا لكَوني سمحتُ له بمُتابعةِ حركاتَه الجَريئة حَتى كادَ ينجَح بمُرادِه، ولكِنني أخبَرته مسبقًا، لقَد آخذتُ مِن الحُبِ نَصيبي ولستُ مستعِدة لخوضِه مجددًا."

"علَيكِ نِسيانَه إذَن."إقشَعرت لنَبرةِ المُربِية الحازِمة. "إن كانَ قرارُكِ هو عدم الوقوعِ بالحُب مجددًا لا تدعِ الآمر يأخُذ أكبَر مِن حجمِه. لديكِ طفلًا بحاجةٍ للرَعايةِ والإهتمام أكثَر مِن أي شخصٍ آخرٍ. هذهِ نَصيحتي لَكِ."

إبتَسمت المَرأة بدَعمٍ قُبيل أن تَنسحِب بَعدما تمنّت لَها أُمسِية سَعيدة. مكَثت ويندِي بمَقعدِها شارِدة مُشتتة بَين جوانَب عِدة عجَزت عن حسمِ أي جانَبٍ نهائيٍ قَد تأخُذه بِلا ندمٍ، فإمَا المُخاطرة وإمَا المُعاندة، وكِلاهما كانَ له مِن النتائِج طِنًا.

كعادَة كُل ليلةٍ ببَيتِ ليڤَرِنت. كانَ الصَمت الرَتيب. قَرأ كُل عنوانٍ للكَتابِ بعنايةٍ قُبيل أن يضَعه برَفِه المَخصوص، على ذلِك الحالَ لساعاتٍ قمَع بِه توابِع اليَومِ المُتعِبة وكسَر بِه مَلل الهُدوءِ المُضطرِب.

علَّ كانَت الجُملة الوَحيدة الَتي سمَعها لباقَي اليومِ كانَ تَصريح جدتِه بدَعوةِ وينيفـرِيد وزوجِها للعَشاءِ بالغَدِ في بَيتِ عائِلة مارتِن. كانَت نبرتُها حاسِمة غير قابِلة للنَقاشِ.

فوَجد نفسَه متورِطًا بزَيارةٍ بَين جدتِه وزوجتِه في بَيتِ إبنةِ عمتِه في لَيلةٍ لم يملِك سوى الدُعاء بأن تمُر على خيرٍ بلا أي خطأ مَا. رَغم علمِه بأن ذلِك لن يحدُث بوجودِ الثَلاثة سَيدات سوِيًا بمكانٍ واحدٍ.

تنَبه بعُيونٍ خاملةٍ مَع دقةِ بابٍ ناعَمةٍ أسرَته بَسمة فاعِلتها. تقَدمت سيڤين بخُطواتِها المُتمايِلة الواثِقة نَحوه حَتى رمَقت الكُتب المَرصوصة جنبًا وتسائلَت. "هَل أنتَ مشغَول جِدًا الآن؟"

"هَذا يَعتمِد."
هِى لم تُزِد حرفًا بعد قولِها الأخير بالظَهيرةِ. وها هِى الآن تبتسِم بكُل عُذوبةٍ ومَزاجٍ مُعتدلٍ وَضعت بِه كُل أحداث اليَومِ الرَهيبةِ جانِبًا. تفاجَئ بِها تشبِك ذِراعَها بساعدِه بمَتانةٍ أدفَئته، ورَمقته بخُضرةٍ مُتلهفةٍ. "أُريد أن أُريك شيئًا ما."

تَركها تَقود فضولَه على دَربِ الذَهابِ إلى حُجرةِ المَعيشةِ الَتي أُضِيئت بالشُموعِ الدَفيئةِ المُتراقصة بهُوادةٍ مُلقِية بوهجِها على آلةِ البَيانو القَديمة الَتي توسَطت الجانِب الغَربي للمَكانِ الشاسِع. كالجَديدةِ كانَت نظيفَة مَفتوحة جاهِزة للعَزفِ.

"ذلِك بَيانو أُمِي."
لمَعت زُرقة عيونِه بذُهولٍ. كُل ظَلٍ إنعَكس علَى الآلةِ أجَج شوقًا بقَلبِه. هَزت سيڤين رأسَها بعلمٍ وقادَته إلَيه ببَسمةٍ توسَعت بإعتزازٍ.

"أخبَرتنِي جدتُك بأنَه كانَ مهجورًا منذُ توَفت والِدتك ولم يمِسه أحَد. ومَع إلحاحِي وافَقت بمَللٍ على أن أُنظِفه كَي أُتابِع عَزفي علَيه."لَبى إشارَة يَديها للجُلوسِ على المَقعدِ العَريضِ، وجاوَرته هِى بنَظرةٍ مُنشرحةٍ سَحرته.

"ولكِنني بالحَقيقةِ نويتُ أن أُعلِمكَ أنتَ علَيه."

دُهِش. إنقَسمت شِفَتيه لإنشٍ بتفاجُئٍ وهِى ترفَع الغِطاء عَن المَفاتيحِ اللامِعة بشُموخٍ، وناظَرته بهدوءٍ.

"إن كانَ ذلِك ما سيَجعلك تشعُر بقُربِها مِنكَ فلَن أتَردد بأن أكون جزءً مِن ذلِك. لَا يوجد ما يدَعو للخَجلِ. الموسيقَى للجَميعِ."

خُدر قلبُه بنُعومةِ كلماتِها الطَيبةِ. لجَمالِ عيونِها اللَطيفةِ الَتي اشعَرته بكُل دعمٍ ومُساندةٍ لم يحصُل علَيهما بحَياتِه. لَيس بآمرٍ يرغَب بِه حقًا مهما كانَ يراه الآخرون غير مُناسِب للرَجالِ. ولكِن هى كانَت مُختلِفة.

"أنا أُحبكِ."همَس. لَيتها تعلَم كَم لفَظ ذلِك جهرًا وسِرًا مِرارًا حَتى سكَر فؤادُه عدًا. لَيتها تعلَم كَم يُريد أن يُشعِرها بذلِك بكُل دقيقةٍ بحَياتِه بطَريقةٍ مثالَيةٍ شاعَريةٍ عَن الكَلامِ وحَسب.

لَيتها تعلَم.
"أنا أعلَم."إبتَسمت بوَهمٍ سطَى علَيه. إستَرخى للَمسةِ يدِها لوجهِه بنُعومةٍ ولَهته بهَوىٍ دثَر كيانَه الَذي خضَع لَها بإستَسلامٍ، قَبل أن تُحوِل رأسَه للأمامِ بلُطفٍ شتَته. "ولكِننا الآن بدَرسٍ لَن ننشغِل عَنه بشَيءٍ آخرٍ. هَل أنتَ جاهِز؟"

يالَّها مِن امرأةٍ فاتَنةٍ وَقع بحُبِها.
أومأ بطَوعٍ تارِكًا نفسَه رهَينة مِلك يدِها مرهِفًا بإنتباهٍ لكُل كلمةٍ تَقولها ومشاهِدًا بكُل هيامٍ كُل حركةٍ تفعلَها. لقَد كانَ يُغرم بِها مَرة تَلو مَرة تَلو مَرة..حَتى جَهل كَيف هو مَذاق الحُبِ حقًا.

فكُل مرةٍ كانَ له مذاقَه الخاص.

המשך קריאה

You'll Also Like

29.3K 3.6K 11
"مِن مَن تهرب القطة الصغيرة؟" توقفت لوڤينا عن السير لتنظر خلفها بحدة عندما تقابلت عينيها مع أعين إبن جيون و الذي يكون من العائلة المعادية لعائلتها عا...
260K 17.7K 36
تعلق نظره في عمق عينيها ، وبدا كالمأسور المعرّض لخطر الغرق في مستنقعٍ أخضر، فاضطر لاغلاق عينيه لبضعةِ لحيظات ليتمكن من النجاة و كشر في وجهها بذات الح...
1.9K 127 10
فنّان موهوب يعيش صراعات نفسية بعد تلقيه لصدمة عمره، يحارب عراقيل حياته مستعينا بفنّه و وظيفته المتواضعة. تجمعه الصدف بفتاة من عائلة نبلاء لتقع هي في...
162K 16.6K 42
"انا رُصاصةٌ. لِذا قبلَ اللعبِ، تأكد أنكَ ضدَ الرِصاص." الجزء الاول. نصيحة: يُرجي عدم تأخير الصلاة لقراءة الفصول، لقاء ربكَ أهم. Cover by: Karmaphop...