أغنية أبريل|| April Song

By Sanshironi

390K 30.3K 26.9K

الثانوية ، و سن المراهقة قد تعتبر أحدى أجمل المراحل في حياة أي شخص عادي ، لكن حينما تكون ثرياً و ذكياً ذو وجه... More

الفصل الاول: كابوس من جديد!
الفصل الثاني : عائلة غريبة الاطوار
الفصل الثالث: أنت مجنونة!
الفصل الرابع : سندريلا الغناء
الفصل الخامس : قطة بأذان دب
الفصل السادس : لماذا القدر يتلاعب بي؟
الفصل السابع: لمرة واحدة فقط
الفصل الثامن : كوني بخير
الفصل التاسع : ابن الموظف
الفصل العاشر : التقينا مجدداً
الفصل الحادي عشر: لحن المساء
الفصل الثاني عشر : خلف قناع البراءة
الفصل الثالث عشر : صديقتي الجديدة
الفصل الرابع عشر : لماذا انا من بين الجميع؟
الفصل الخامس عشر : لأنك أخي
الفصل السابع عشر : حرب غير متوقعة
الفصل الثامن عشر : على أوتار الموسيقى
الفصل التاسع عشر : روابط مزيفة
الحساااااااااااب رجعععععععععععع🎇🎉🎉🎇🎊🎊🎊
الفصل العشرون : قناعة كاذبة
الفصل الواحد و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الاول
الفصل الثاني و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثاني
الفصل الثالث و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثالث
الفصل الرابع و العشرون : الاميرة النعسة
الفصل الخامس و العشرون : شتاء يناير
الفصل السادس و العشرون : من يكون بنسبة لي؟
الفصل السابع و العشرون : كان بسببك!
الفصل الثامن و العشرون : صديق
الفصل التاسع و العشرون : ضغائن متبادلة
الفصل الثلاثون: قاعدة الثلاث كلمات
الفصل الواحد و الثلاثون : عيون حاقدة
الفصل الثاني و الثلاثون : المكسورة
الفصل الثالث و الثلاثون : عن سوناتات بتهوفن
الفصل الرابع و الثلاثون : ثمانية عشر شمعة
الفصل الخامس و الثلاثون : نهاية الرهان
الفصل السادس و الثلاثون : حقيقة ما تم إخفاءه بالماضي
الفصل السابع و الثلاثون : انتهت اللعبة
الفصل الثامن و الثلاثون : الليالي التي لن تموت
الفصل التاسع و الثلاثون : المفكرة البيضاء
الفصل الاربعون : تحامل
الفصل الواحد و الأربعون : كوابيس صغيرة
الفصل الثاني و الاربعون : مقيد
الفصل الثالث و الاربعون : تذكر أغنيتي
الفصل الرابع و الأربعين : وداع أم خداع
الفصل الخامس و الأربعون : ليست بريئة

الفصل السادس عشر : ذكرى تحت المطر

7.9K 637 435
By Sanshironi


<< اذا كان المنزل هو الحلم الذي سيتحقق بعد شق الصعوبات و المتاعب ، فأنا أفضل أختيار هذا الطريق عوضاً عن الانتظار و خسر الوقت و ان كنت سأبتل و أمرض جراء المطر فسيكون درساً لي أتعلم منه بدل الوقوف و ندم على ما فات حينه>>


*******************

-الى أين أنت ذاهب؟

نطقت سائلة إياه من أعلى الدرج بينما هو كان مشغولاً بتفقد ساعته ليستدير تلقائياً عند سماعه لصوت آليس الذي لم يكن ببعيد:

- لدي عمل علي أنجازه.

رغم إستغرابه من سؤالها الا أنه أجاب بلامبالاة لكن آليس تابعت السؤال و قد بدت نبرتها مرتابة قليلاً:

- و متى ستعود؟

- عند حلول المساء .. ما سبب هذه الاسئلة؟

ختم ادريان كلامه بسؤال موجه لها هذه المرة عندما لم يرتح لنبرة صوتها ، لكن آليس محت ذلك عندما نزلت الدرج بسرعة و على وجهها إبتسامة كبيرة كمن ستحصل على جائزة لتقف أمامه واضعة كلتا يديها خلف ظهرها قائلةً بنبرة مدللة مصطنعة:

- لا شيء .. و لكن رغبت بتناول لوح شكولاتة لقد مضى وقت طويل منذ ان أكلت واحدة.

حدق نحوها بإستنكار فقد توقع شيء أخر عدا طلبها البارد هذا ، رد عليها بتهكم:

- هذا فقط؟ .. ثم ان الشكولاتة ليست جيدة لصحتك.

قوست شفتها السفلى بعبوس و عقدت يديها أمامها بترجي في حين التبست في عينيها نظرات الجرو اللطيف و هي تتراجه:

- أرجوك أرجوك هيا ادريان لا تكن لئيم ....

تأفف منها ثم نقر جبينها بقوة حتى أنها إبتعدت خطوة للخلف قائلاً بقلة حيلة:

- حسناً سأحضر لكِ واحدة فقط توقفي عن تحديق بي بنظرات الجِراء تلك.

هتفت في مرح رافعة يديها الى الاعلى حتى ان أضراسها بانت بسبب إبتسامتها العريضة ، لم يفهم ادريان سبب تصرفها الطفولي الغريب هذا لكنه لم يهتم كثير فقد افحلت في رسم إبتسامة صغيرة على شفتيه ،وضع يده على رأسها و بعثر شعرها بقوة حتى أنها إنزعجت منه و أبعدت يده عن رأسها فحدجته نظراتها لكنه لم يهتم لها فخرج لعمله تاركاً اياها في بقعتها و قد تغيرت نظراتها من المرحة الى قلقة .

تنهدت آليس ثم صعدت غرفتها تدور في رأسها محدثتها مع هيذر هذا الصباح ، لقد كانت آليس بارعة في تحليل الاشخاص من حولها بدراسة جسدهم و تعابير التي تغلف وجوههم فلم تخفى عليها أبسط و أتفه الاشياء كحركة العيون او الاصابع و قد كان ذلك مفيداً جداً لها رغم انه لم يكن كذلك قبل زمن.

.
.
.

بعد ما يقارب الساعتين ، سمعت آليس أخيراً صوت إقفال باب الغرفة المجاورة و قد كان قوياً حتى تدرك ما مدى غضبه في هذه الساعة ، تنهدت بيأس ثم أخرجت لوح شكولاتة من الدرج مردفة في نفسها:

- من حسن الحظ أنني لم أعتمد عليه ..

أخذت قضمة منها و هزت رأسها بفهم مكملة:

- عدم إحضارها يعني انه في مزاج سيء و ان الامور لم تسير جيداً .. دائما ما تفلح خدعة الشكولاتة معه.

أخرجت زفير أخر و رمت الشكولاتة من يدها فهي لم تكن تحبها على اي حال ثم نهضت من على سريرها متجهة نحو مكتبها فأخذت تبحث بين كتبها و أشيائها ، جذب نظرها دفتر ذو غلاف ابيض سميك من الجلد و قد شاب غلافه بعض السواد الذي لم تستطع إزالته مهما حاولت .

إلتقطته و قلبت صفحاته لتعيد إحياء آلم مزقت نياط قلبها بعنف ، لقد كان هذا الدفتر دائما في حقيبتها الا انها قطعاً لم تجرأ على قراءة صفحاته مجدداً .

أعادته الى مكانه بعد تغلغلت في نفسها مشاعر أخرى أسكت الالم و زادتها عزيمة و إصراراً لما هي مقدمة اليه .

مع حلول صباح جديد ، جلس الجميع حول مائدة الطعام يتناولون إفطارهم في صمت كما هي العادة و قد كانت آليس تسترق النظرات الى ادريان الجالس بجانبها بين الحين و الاخر ، كان يأكل طعامه ببطء و تعابيره هادئة كالعادة لكن علت في عينيه نظرة شاردة ضائعة و كأن عقله في كوكب أخر .

إحتارت آليس في أمرها و قد شردت قليلاً هي الاخرى بتفكير فلم تركز الا عندما أحست بنظرات السيدة لوريندا تكاد تخترقها رفعت رأسها لتلتقي نظراتهما و على عكس ما توقعت كانت معالم لوريندا و نظراتها عادية جداً الا انها لم تفهم سبب إستمرارها في تحديق بها هكذا فقررت التجرأ و سؤالها:

- لماذا تحدقين بي؟ ..هل هناك خطب ما؟

لم يتغير شيء في الاخرى حتى ردها كان مفاجئاً كثيراً مع نبرتها الهادئة:

- لا شيء .. فكرت لو أنك تضعين دبوس على شعرك لكان شكله أجمل.

لم تمانع آليس إظهار تفاجئها برفع حاجب واحد دون الاخر الى انها سرعان ما فهمت مقصدها ، تسريحة شعرها تغيرت! لقد كانت دائما ما تتركه منسدلاً فقد أحبت آليس التموجات الرقيقة في أطرافه لذلك ناذراً ما كانت ترفعه في ذيل حصان او تجدله ، اما الان فقد تخلت عن التموجات في أطرافه بتسريحه حتى تصبح كل شعرة مفرودة على طولها بكل نعومة و قد أخذت خصلتين من جانبين و جدلتها ثم وصلتهما ببعضهما في مؤخرة رأسها برباط شعر صغير.

لم تبالي آليس كثيراً بها لكن ما قالته لوريندا جعل عمها باتريك يمعن النظر فيها هي الاخرى حتى صار الوضع لا يطاق ، نهضت فجأة لتتناول دوائها و هي واقفة ثم نظرت الى ادريان بجانبها لتسأله قبل ان تغادر:

- ألديك اي محاضرة الان؟ لقد تأخرنا و يجب ان نذهب.

أستفاق ادريان من شروده على صوتها ليهز رأسه و يهم بنهوض معلناً لوالديه بذهابه ، ثم استادر مغادراً بعيون فارغة فقدت بريقها على عكس تعابيره التي بقت كما هيّ ، انه و ما يزال يكن مشاعر لها حتى و ان كانا قد أنفصلا منذ زمن مازال هناك خيط رفيع يجمعهما و الا لما تأثر ادريان ابداً سواء ان كانت هيذر ستصبح حبيبة شخص أخر او لا.

لقد كان الامر يغضبها الى حد ما حتى و ان كان ادريان بليد المشاعر معها احياناً و احياناً اخرى يكون مزعجاً لكنه ضمن دائراتها الخاصة التي لن تسمح لأحد بلمساس بها ، كانت تتجول في أروقة المدرسة بحثاً عن هيذر رغم انها لم تبدو كشخص يبحث عن شيء معين لكنها كانت تتمنى رؤيتها بشدة.

لكن أمنيتها تلك أنقلبت عندما رأت ساندي مساعدتها بدل من هيذر ، كانت ساندي تقوم بتفقد خزانتها ففكرت آليس في سؤالها عن هيذر لكنها سرعان ما ركلت تلك الفكرة الى الجحيم و مرت بجانبها و كأنها لم ترها ، أوقفها صوت ساندي منادياً بإسمها فإلتفت اليها لترى كم من الجد في ملامحها كما كان في نبرة صوتها عندما نادتها ، أشارت آليس الى نفسها بسخرية قائلةً:

- هل ناديتني أنا؟

قالتها بصوت ضاحك بإستهزاء جعل ساندي تتنهد و تخفف من حدة ملامحها فطلبت منها بثبات:

- بلى .. أريد التحدث اليك قليلاً.

- و انا لا أريد .. وداعاً.

لوحت آليس لها مغادرة لكن الاخرى منعتها عندما أمسكت بها من كتفها جاعلاً آليس تنظر اليها بدهشة ، أردفت ساندي بحزم:

- خمس دقائق فقط.

رمشت آليس عدة مرات من هذا المشهد الناذر الذي يحدث أمامها لكن بما ان ساندي أظهرت وجه كهذا فهذا يعني ان لديها ما تقوله فعلاً ، طلبت منها ساندي ان تتبعها فهي لا تريد الحديث في الرواق أمام الطلبة الاخرين فأخذتها الى مكان لن يتواجد فيه أحد حتى هذه الساعة.

- تحدثي بسرعة فلدي ما أقوم به عوض عن الثرثرة مع أمثالك.

تحدثت آليس و تتكئ بكتفها على الحائط بجانبها بينما لم تزحزح تلك النظرة و الجدية من على معالم ساندي التي ردت بحدة:

- لا أعلم ان كنتِ أدركتي ذلك ام لا لكننا في نهاية أكتوبر اي ان التحدي سيكون بعد يومين.

تعابيرها الباردة و لا مبالية بقت كما هي على وجهها حتى بعد ما سمعت كلام ساندي لم يتغير فيها شيء مما جعل الاخرى تردف:

- أحقاً ستقومين بذلك ان وقع الاختيار عليك هذه السنة؟ ...

- لقد بدأت بالفعل .. لن أتوقف عند هذه النقطة بل سأستمر ان كانت الظروف مواتية.

إستقامت في وقفتها و ردت بغير إكتراث جاعلاً من ساندي تتفاجئ منها كثيراً ، الم تتخلى عن عاداتها السيئة تلك؟ الهذا سبب كان جايكوب يلقبها بي " آنجيل"؟ نفسها لم تكن تمد للملاك بصلة ما دامت تحمل في قلبها كل ذلك الغل مستعدة لفعل اي شيء حتى تفوز ، الم تتخلى عن ذلك بعد؟ لقد إفترقتا قبل وفاة لويس بفترة قصيرة لكنها صادقتها لوقت جعلها تعرفها كما تعرف كف يدها بل و أكثر لكن يبدو ان سنتان الخاليتان لم تغيرا فيها شيء ، لذلك هي تعرف بكل خطوة ستتخذها الان.

تكلمت ساندي بإنفعال :

- هل تدركين ما مدى جدية الامر؟ أسرار الناس ليست لعبة في يديك مهما كانت الخلافات بينك و بينهم ليس لديك الحق ابداً بإستغلالها كما يحلو لكِ.

- ماذا عنكِ؟ .. انتِ تعلمين بشأن مرضي و أنني قد أموت في اي لحظة بسكتة قلبية و تعلمين انني مغنية مشهورة متخفية تسعى الصحافة بجد لمعرفة هويتها ، ما رأيك؟ اليست أسراري دسمة كثيراً؟ بإستطاعتك إستغلالها كما يحلو لكِ.

كل كلمة كانت خالية من اي مشاعر تذكر و كأن صنماً من كان يتحدث لا بشر ، لم تؤثر كلمات ساندي بها و لو بشعرة و هذا ما جعلها تقاطعها بحدة كابتة غضبها نحوها:

- انا لستُ مثلك! لن أقوم بفعل شنيع كهذا مهما كان السبب.

- المعذرة؟! أهذه أعذار الجبناء؟ على اي حال انا لن أتراجع عن قراري فقد بدأت بالفعل مع تلك الخرقاء ريتشل.

كانت آليس تعرف ان ساندي قد علمت بالامر و الا لما اتت بها الى هنا و حدثتها بكل جرأة لأول مرة منذ سنتان ، إستدارت آليس بعد ان أعلنت عن كلماتها الاخيرة لتغادر لكن كلمات ساندي الراجية أوقفتها بل جعلت من بدنها يقشعر:

- ما كان لويس ليكون سعيداً بالذي تفعلنيه الان يا آليس!

آلمها قلبها لذكره كما إحترق فؤادها بإفتراقها عنه لهذا هي لن تتوقف ابداً الا اذا ما شعرت بالخطر حينها لن يكون عليها سوى الانتظار الى سنة القادمة و الاخيرة لها في هذه المدرسة الملعونة ، تحدثت آليس بعد صمت دام لبرهة بنبرة هادئة مليئة بالالم و اليأس:

- لقد مات لويس يا ساندي .. و ماتت معه تلك الفتاة الجيدة التي عرفتها سابقاً.

رمت بكلمتها ليتردد صداها بين الجدران الصامتة قبل ان تهم بالمغادرة لكن مشاعرها بقت هنا لتأنبها على ما فعلته معها في السابق ، فقط لو تعلم آليس ما الذي حصل مع ساندي سابقاً لما لامتها أبداً على تخلي عنها ، أطبقت ساندي على قبضتها حتى غرزت أظافرها في راحة يديها و نظرة الثعلب الخبيث علت محياها لأول مرة فإن كانت آليس عبقرية بطبيعتها فساندي تعرف كل شبر و كل صغيرة و كبيرة في هذه المدرسة مثلاً ، آليس لا تعلم ان هناك كاميرا مثبتة داخل غرفة الاذاعة و في الرواق ايضاً و هذا يعطي نقطة لصالح الفتاة الصهباء حتى تستعمل كلامها كسلاح ضددها حتى توقفها نهائياً.

من جهة ذات العيون الزمردية الغافلة عما يحصل خلفها ، كانت تمشي شاردة الذهن نحو صفها و الكثير من الافكار تعصف داخل ذهنها حتى بانت على ملامح وجهها و بسبب شرودها المفرط لم تشعر بذلك الشخص من خلفها حتى قام بإمساك كلتا يديها من المعصم و كبلهما خلف ظهرها ، و كردة فعل طبيعية رفعت رأسها لأعلى حتى ترى مَنْ خلفها فكان اول ما أبصرته عيناها هما حدقتاه قاتمة الاصفرار او كما شبهتهما سابقاً بعيني قط متوحش!

لكنهما لم تكونا مثلما أعتادت على رؤيتهما سابقاً باردتان بل بداتا كعيني شخص عاد من الجحيم تواً! بنظر اليه بدا فعلاً كذلك ، تصنمت آليس فور أدراكها من يكون لكنها سرعان ما إبتسمت بتورط و إرتباك عندما علمت سبب نظرات المجرمين في عينيه تلك فقالت بنبرة غلبت عليها اللبكة:

- ه .. هذا أنت! .. كيف حالك الان؟ .. تبدو لي بصحة جيدة ...

صمتت عندما رفع حاجب واحد بإنزعاج فقد تمكن الذعر منها في هذه اللحظة ، لقد كانت قادرة على رؤية وجهه بوضوح بل أوضح من اي وقت مضى هذا لأنها ترفع رأسها عالياً و تميله للخلف قليلاً و بسبب انه أطول منها كان ينحني رأسه لأسفل فلم تفصلهما غير إنشات قليلة كانت كافية حتى تزرع الرعب في قلب آليس عندما تحدث بصوت يخرج من حلقه مليئاً بالغيض و سخط:

- ماذا؟! ألن تصرخي؟ .. بإستطاعتك مناداتي بالمنحرف و المريض و المخبولة دفعة واحدة الان.

دق ناقوس الخطر داخل عقلها، لقد كانت متأكدة بأنه لن يتجاوز الامر و سيتعامل معها عاجلاً او آجلاً لكن ابداً لم تتوقع منه ان يقوم بتكبيلها هكذا و مازاد الطين بله هي انها لم تتوقع رؤيته بمنظر السفاحين هذا ، ترى هل سيقوم بضربها؟ ذعرت عندما قفزت تلك الفكرة الغبية الى عقلها فقالت بتوتر:

- لا تكن أحمق هكذا انت تعلم انني فعلت ذلك حتى تذهب معي لحجرة الطبيبة ثم الا يكفيك انها وبخت كلانا.

إدعت الصلابة و هي تكاد تشعر بقلبها سينفجر ، هذه هي المرة الاولى التي تخاف فيها من نظرات شخص ما لها بغض نظر عن تقاسيم وجهه الفاتنة فهو يحمل تعابير و نظرات المجرمين السفاحين و كأنه حقاً قادر على قتلها و دفنها دون تردد ، إستطردت على وتيرة أكثر ثبات:

- ضع نفسك في مكاني .. هل كنت لتتجاهل شخص في وضع حرج كاذاك و تمضي؟

- بلى.

إجابته السريعة و البسيطة المختصرة جعلتها تتحجر منه كلياً ، هل هو غبي ام لا مبالي لهذه الدرجة؟ رغم انها ترجح الخيار الثاني الا انها ايضاً لا تستطيع تجاهل الاول ، لم تستطع ان تتنهد و هو مايزال بهذا القرب منها لذلك استغلت ذلك لتظهر له نظراتها الغاضبة و تقول:

- و لكنني لستُ مثلك .. لدي مبادئي خاصة حتى و ان كنت لا أعرف مكانها لكنني واثقة من انها تنص بعدم تجاهل شخص يحتاج المساعدة .. خاصة ان كان ذلك الشخص مدينة له بحياتي.

أيجب ان يقتنع بكلامها و يدع الامر يمر بسلام هذه المرة؟ حتى و ان كانت مختلة أوشكت على الصراخ في المكتبة و نعته بالمنحرف انتقاماً منه لأنه نعتها بثرثارة لكنه في نهاية رضخ لها قبل ان تشوه سمعته الذي لا يعرف كيف تبدو في أعين غيره ، لآن قليلاً فأبعد تلك النظرات القاتلة لكنه ما يزال يمسك يديها من خلف ظهرها حتى ان ذراع آليس باتت تؤلمها ، تشنجت ملامحها قليلاً قائلةً و هي تدعي اللطف:

- تعلم انني لن أهرب على اي حال لذلك دعني فذراعي باتت تؤلمني.

أفلت رايان يديها بسرعة ليعود خطوة الى الوراء كذلك آليس التي لم تعلم ماذا تدلك بتحديد ذراعها ام رقبتها ، الان بعد ان إبتعد عنها قليلاً صارت قادرة على فعل ما تريد دون ان تخشي منه رمقته بإنزعاج و سخط قائلةً:

- أحقاً انت غاضب مني لأنني أخذتك الى حجرة الطبيبة قصراً؟ .. لا أفهم طريقة عمل عقلك لكنك حقاً أحمق.

عادت تعابيره الباردة الى موضعها واضعاً يديه في جيوبه فرد بصوت هادئ أستفزها :

- هذا يستحق أكثر مما فعلته في المكتبة فقط لأنني نعتك بثرثارة .. و لقد كانت الحقيقة.

تقنياً انه محق ، فقد كان في حالة سيئة حينها و اي كلمة تصدر منه ما كان من المفطرض ان تأخذها على محمل الجد ، إستشاطت عندما ادركت انه و مجدداً تغلب عليها و من أجل كرامتها المسحوقة نعته بالاحمق مجدداً و مدت لسانها بطفولية ثم ذهبت مسرعة نحو صفها تاركاً رايان يقف في بقعته و قد طرف بإستغراب من فعلتها ، أنها طفولية اكثر حتى من أخته سول.

تنهد ثم سار هو الاخر نحو صفه فما ان اوشك على الوصول تقدمت له إحدى الفتيات و قد بدت مرتبكة و متوترة و هي تسأله عن صحته و عن سبب تغيبه في الامس ، سيطر رايان على أعصابه لكن إجباته كانت مختصرة باردة و مقتضبة قليلاً لكن يبدو ان تلك الفتاة فرحت كثيراً لأنه تحدث معها و لو رد ببضع حروف ، اعتذر منها ليذهب الى صفه لتعترض طريقه أخرى بل أخريات و أخرين ايضاً فقد كان لأولاد نصيب ايضاً ، ادرك ان اليوم سيكون طويل و مزعجاً بشكل لا يحتمل.

.
.

إستراحة الغذاء كانت فرصة آليس حتى تستمر في البحث عن هيذر ، و لأنها تمقت الجميع هنا لم تتجرأ على سؤال زملائها في الصف الذي فيه جايكوب و ميلي .

و عندما يائست من إيجادها بمفردها قررت الذهاب الى حجرة مجلس الطلاب ، فتحت الباب ببطء لكنها توقفت عندما رأت المكان من حولها و قد تصنمت من فرط الذهول ، نوافذ الحجرة أكبر بمرتين من نوافذ الصفوف تغطيها ستائر زرقاء غامقة و الارضية كانت رخامية بألوان تمتزج ما بين الابيض و كريمي ناهيك عن المكاتب الخشبية و رفوف الكتب الموزعة بنظام ، سرعان ما انهت آليس لحظات ذهولها عندما شعرت بتحديق طلاب الملجس بها بإستغراب فبادرت بسؤال على عجل:

- هل الرئيسة هيذر آررتون موجودة؟

في تلك الاثناء وقعت عيناها على ساندي الجالسة على أحد المكتب الرئيسي فتذكرت أنها واحدة من أعضاء المجلس و مساعدة هيذر الاولى ، ضيقت عينيها عندما ادركت ان ساندي تجلس مكان هيذر اي ان الاخرى لم تأتي هذا ما إستنتجته ليرد عليها أحد الطلاب مؤكداً:

- الرئيسة متغيبة اليوم ان كانت لديك شكوى نستطيع مساعدتك.

- لا بأس .. كنت راغبة في تحدث اليها بأمر شخصي لا أكثر.

ردت آليس مطصنعة اللطف و قبل ان تهم بالمغادرة ألقت نظرة أخيرة على ساندي ليعود حديثهما هذا الصباح الى التكرار داخل عقلها ، لقد كانت عازمة في إتخاذ قرارتها لم تتردد ابداً في السابق اذا لماذا هي مترددة الان؟ هل تخشى المبالغة؟ ام تخشى حقيقة انها لا تختلف عنهم ، مستعدة لفعل اي شيء يرضيها مهما كانت العواقب و إبعاد كل عقبة تقف في طريقها.

مشت بين الاروقة و ممرات هائمة ضائعة لأول منذ زمن ، لقد شعرت بالعجز عن فهم نفسها و مشاعرها في هذه اللحظة .

خطواتها لم تكن موزونة و عيناها لا ترى سوى الطريق أمامها الا انهما التقطتا صورة لريتشل و ميلي تمشيان في الاتجاه المعاكس لها فلم انها لم تعر ذلك إهتماماً حتى توقفت ريتشل فجأة ما ان لاحظت آليس هي الاخرى لتقف الثانية بدورها في إنتظار خطوة ريتشل القادمة .

المسافة لم تكن بعيد و لا قريبة كافية لرؤية التعابير و ردات الفعل ايضاً ، حقدت ميلي بإستحقار و قد ابتسمت بمكر ظناً منها انه حان الوقت لتسلية قليلاً مع رفيقتها الا ان الاخرى ظلت تحدق بآليس صامتة تاركة المجال لعينيها بلحديث ، لأول مرة رأت آليس تلك النظرة في عيني ريتشل.

غشاوة من الدموع لمعت في محجريها حتى انهما إحمرتا كثيراً تطابقاً مع خديها ، السخط الحقد و البغض و كذلك الكبرياء المكسور إمتزجت جميعها مع بعضها البعض لتكون عنوان واضح على وجهها ، مع ذلك لم تبادلها آليس سوى النظرات الخاوية حتى مع تجاهل ريتشل لها و مرورها بجانبها و كأن شيء لم يكن او و كأنها كانت شبحاً زاد من تضارب المشاعر داخل آليس لا أكثر.

ما فعلته ريتشل كان حدث تاريخياً سجلته عقول من رأى ذلك المشهد و اولهم كانت ميلي المصدومة مما فعلته الا انها هي الاخرى تجاهلت آليس لتسارع بلحاق برفيقتها و فهم ما يجري ، إبتسمت آليس بمرارة على ما حدث ثم سرعان ما تحولت بسمتها الى اخرى خبيثة ماكرة إتسعت اكثر و اكثر حتى تشق خديها.

- سقط واحد و ما يزال اثنان .. رغم انني لا أسميه سقوطاً لكن يجدر بي الاكتفاء بهذا القدر الان و لنحتفظ بلعرض الرئيسي في نهاية.

تمتمت بكلماتها بينها و بين نفسها ثم مضت تاركة لقدميها الاختيار و أخذها بعيداً حتى تعيد جمع شتات أفكارها المبعثرة.

السماء مليئة بلغيوم القاتمة و كأنها نذير مشؤوم ، لكنها ايضاً حملت معها ذكرى عطرة ، ذكرى فاحت تحت زخات المطر و كأن تكرار أسمه لم يكن كافي ليحظر لها جميع الذكريات التي جمعتهما معاً ، سواء ان كانت حلوة ام مرّة سعيدة ام حزينة يكفيها تواجده فيها حتى يخلف مشاعر زاهية جعلتها تشعر لدفء لذكره.

هطل المطر بغزارة كمثل تقامة لون الغيوم ، وقفت عند باب المدرسة الرئيسي تراقب كل قطرة و لحظة إصتدامها بالارض لتعود بذاكرتها الى يوم مماثل كهذا اليوم ، كان المطر يهطل بغزارة ايضاً و قد رأته يقف عند مدخل المدرسة مثلها الان .

إبتسمت بإتساع لرؤيته واقف فإعتريها ذات المشاعر المرحة و عفوية التي لا تتواجد الا بقربه ، تقدمت اليه بخطوات قافزة و عندما وقفت بجانبه مالت برأسها الى الامام حتى تستطيع رؤية وجهه ، فكان كما توقعت تماماً ، شارد الذهن و قد إنسدلت جفونه على حدقتيه الزرقاء في تركيز في حين بدت ملامحه كملامح صنم من دون حياة.

- آخ .. يا الهي .. لا تقل لي بأنك تفكر في أشياء فلسفية عن المطر و الماء و ما الى ذلك .

تحدثت آليس بضجر و يأس منه و قد بدا الاخر انه غير مستاء منها بل العكس ، و كأنه كان في انتظار قدومها حتى يخبرها بما يجوب في ذهنه كما اعتاد دائما لذلك تحدث و عيناها مازالتا في موضعهما:

- هل انتِ منزعجة؟

هزت رأسها بنفي ليعود بسرحانه في قطرات المطر لكن هذه المرة لم يكتفي بصمت بل أحب مشاركتها ما يجول في ذهنه كالعادة فتحدث:

- ان المطر الغزير يشبه الحياة الى حد كبير .. فهو نافع و ضار في الوقت نفسه .. ان مشيت تحته الان فسأكون قد رضخت له و تحملت قطراته الباردة و سأبتل و أمرض ... لكن حينها سأصل الى المنزل في نهاية اما ان بقيت هنا أنتظر توقفه .. فسأكون قد خسرت كثيراً من الوقت خوفاً من ان أبتل .

هزت آليس رأسها بتفهم و هي عالمة ان ما يجول في ذهنه اكبر من هذا بكثير ، مشاعره العميقة للغاية جعلته يشبه هذه الظاهرة الجوية بلفسفة الحياة بل حياته ، حياته المليئة بلعقبات و تضاربات لدرجة جعلته يفر منها هارباً في كل مرة يُسمح له كالان ، قررت آليس مجاراته فإستقامت في وقفتها بجانبه مرددة:

- اذا كان المنزل هو الحلم الذي سيتحقق بعد شق الصعوبات المتاعب ، فأنا أفضل أختيار هذا الطريق عوضاً عن الانتظار و خسر الوقت و ان كنت سأبتل و أمرض جراء المطر فسيكون درساً لي أتعلم منه بدل الوقوف و ندم على ما فات حينها.

خرج من رئتيه نفس ضاحك فقد أذهل من تحليلها لكلماته على هذا النحو و كأنها تجيب عن الاسئلة في الامتحان ، بل و كأنها تقرأه كاكتاب مفتوح دون اي صعوبة ؛ التفت اليها على شفتيه ابتسامة صغيرة فقام ببعثرة شعرها على نحو أزعجها و جعلها تنظر اليه بغضب فقالت بتهكم:

- و الان ماذا ايها فيلسوف .. هل ستذهب ام تبقى هنا؟

أخرج نفساً بقلة حيلة و قد بدا خائب قليلاً ليرد على سؤالها بإحباط:

- لأسف لا أمتلك الشجاعة لسير تحت المطر الى المنزل.

التقطت آليس حقيبتها و أخرجت منها مظلة و فتحتها بطريقة إستعراضية قائلة:

- و ماذا ان كنت تمتلك مظلة؟

علم مقصدها من سؤالها هذا الذي ازاح شعور مرير من صدره و كأن وجودها بقربه بلسم لكل آلامه ، إلتقطت المظلة منها بيد و مد ذراعه الاخرى لها لتحوطها بكلتا يديها و تستند برأسها على كتفه لتعطيه الدافع لسير معاً تحت المطر.

رنين الجرس قام بسحبها من شرودها لترى أنها ماتزال واقفة عند المدخل تحدق بالمطر فسرعان ما لاحظت أفواج الطلاب العابرة من حولها لتدرك أنها سرحت في ذكرياتها لدرجة لم تحسن الاحساس بما حولها ، زفرت بنزق عندما تذكرت أنها نست مظلتها و تمنت ان يدرك السائق ذلك حتى يحضر لها واحدة و لكن ذلك لم يدوم عندما قام أحدهم بفتح مظلة فوق رأسها و رغم جفلانها من تلك الحركة فجائية الى انها سارعت و حدق بصاحبها لتراه مستقيم الوقفة و كأنه عسكري و ذو تعابير صخرية فتنحنح قليلاً و هو يعدل ربطة عنقه قائلاً:

-أستطيع مشاركتك مظلتي اذا سمحتي.

لسبب ما كادت آليس تضحك على منظره و لكن كيف تمنحه إبتسامتها الصادقة و هو اكثر شخص تكرهه هنا ، و من غيره جايكوب الذي بتأكيد جاء كي يسخر منها او هكذا فكرت آليس قبل ان ترد عليه بسخرية لاذعة:

- تبدو كفتاة تقدم بالاعتراف لحبها الاول.

أنزل جايكوب المظلة قليلاً مقلباً عينيه قبل ان يقول على ذات لهجتها هي:

- أنتِ لئيمة الا ترين أنني أقوم بدور الفارس النبيل و شهم هنا؟

- أفضل كلمة فرس على فارس ....

تمتمت آليس بكلماتها تحت أنفاسها ثم بدلت قناعها بسرعة من المكفرة اللئيمة الى اللطيفة و لكن بشكل مرعب عندما أمسكت بطرف تنورتها و إنحنت قليلاً لأمام قائلة بمسرحية:

- هذا من دواع سروري ...

رفع جايكوب حاجب واحد بإستنكار و بدا متعجباً من عدم غضبها فقال :

- طلبت منكِ مشاركتي المظلة لا حياتي لذلك توقفي عن إظهار هذه التعابير المرعبة.

و قد نجح دون ان يدرك في إستقطاب غضب و سخط آليس بعدما حاولت مجاراته و إظهار لطفها في نهاية نعتها بلمرعبة ، من حسن الحظ ان جايكوب أبله و لم يلاحظ ذلك لذلك قامت آليس بسحب المظلة من يده على حين غفلة و ركضت بسرعة تحت المطر حتى لا يستطيع اللحاق بها ، وقفت آليس وسط الساحة و بين التلاميذ واضعة سببابتها على خدها بإغاضة و مخرجة لسانها بطفولية و كأنها سرقت حلوة من طفل ثم مشت بخطوات متقافزة و هي تأرجح المظلة و تحركها كفتاة خرجت من فيلم من قديم.

شبه ضحكة ساخرة و مصدومة خرجت من حلقه و قد بدا كالخشبة متصنم في بقعته بعد ان قامت آليس بسرقة المظلة منه بكل جرأة تاركة اياه يدرك كم هو أحمق ، صوت قهقهة عالية بدت لشخص يكاد يموت ضحكاً و دون الحاجة لإلتفات اليه علم جايكوب من فوره أنه جيرمي الذي وقف بجابه واضعاً مرفقه على كتفه و لم يتوقف ثانية عن الضحك .

- لا أصدق ... من بين كل اللحظات ... هذا أفضل مشهد رأيته طيلة السبعة عشر سنة التي عشتها ....

رفع جيرمي بصره ليوازي عيني جايكوب التي تفصح بأنها ستقوم بهرسه في اي لحظة لكنه لم يبالي و تابع بين ضحكاته:

- تبدو كفتاة تم رفض إعترافها لحبها الاول ...

أكمل جيرمي ضحكه بينما عيني جايكوب وقعت على ما في يدي الاخر و لكي ينتقم منه بسبب سخريته التي زادت عن حدها جعله يتجرع من ذات الكأس و خطف المظلة من بين يديه ثم سارع بلوقوف تحت المطر و قبل ان يستوعب عقل جيرمي الامر إبتسم جايكوب حتى بانت أظراسه ثم لوح له بيده ببطء في قمة الاستفزاز قائلاً :

- آمل ان تكون الكراسي مريحة فيبدو أنك ستقضي الليلة هنا.

ثم إستدار مغادراً و هو يقوم بما يجيد فعله الا و هو إيثارة غضب غيره بصفيره المستمتع و خطواته الراقصة حتى يشفي غليله من جيرمي و ينتقم منه.

************

حتى مع إسدال ستار النهار و حلول الظلام لم تتوقف قطرات المطر في الخارج عن الهطول ، مشى رايان بتململ و هو ما يزال يشعر بإنهاك جسده حتى انه ظل يضرب كتفه و رقبته بقبضته برفق أثناء سيره في انحاء غرفته دون ان يدري ماذا يفعل حتى يبعد هذا الضجر عنه و لو قليلاً.

في نهاية قرر الدراسة قليلاً فحتى و ان كان ذكي و سريع البديهة عليه مراجعة الدروس التي فاتته يوم تغيبه ، سحب حقيبته و وضعها على المكتب أمامه و قبل ان يشرع في فتحها لاحظ أمر أثار إستغرابه ، سحاب الحقيبة مفتوح قليلاً كما انها ليست الطريقة التي يقوم بها بإقفال حقيبته! لدى الحقيبة سحبان من كلا الجانبين و هو معتاد على إغلاقهما معاً بحيث يلتقيان عند نقطة المنتصف اما الان فهناك سحاب واحد مقفل بينما الاخر ما يزال في بدايته.

عقد حاجبيه بحيرة فمن سيجرأ و بفتش حقيبته؟ قام بفتحها بسرعة و قلبها رأساً على عقب حتى تسقط جميع محتوياتها على سطح المكتب و دون ان يلاحظ إختفاء شيء ما وجد ما هو غير مألوف له بين أغراضه! دفتر ذو غلاف جلدي أبيض سميك يشوبه بعض السواد و خطوط الحبر .

- لمن هذا؟ و من الذي وضعه في حقيبتي؟

لم يستطع الاتيان بحل منطقي لوجود هذا الدفتر داخل حقيبته ، هل يا تُرها تكون مجرد مزحة؟ ام ان إحدى الفتيات تعمدت فعل ذلك؟ لم يكن ليفهم او يعرف ما لم يتفقد محتواه و هذا ما فعله ، أشعل ضوء مصباح المكتب الخافت و جلس على المقعد ليفتح الغلاف فكانت هناك معلومات عن صاحبه .

- الاسم لويس رولينج ، الصف الثالث المتوسط ....

مازال الامر غامضاٌ بنسبة له فهو لم يسمع بهذا الاسم من قبل كما ان مبنى سنة المتوسطة منفصل عن الثانوية ، الا اذا كان الدفتر قديماً و هذا ما بدا عليه شكله و لكن ما يزال السؤال محيراً ، كيف وصل لحقيبته؟ واصل تقليب بعض الصفحات و قد كانت جميعها مليئة بكتابة مع جملة ختامية في أخر سطر ، أستنتج أنها مفكرة يوميات و سيكون من المقزز قراءة يوميات غيرك بقدر ان ذلك يعد إنهاك للخصوصية و عمل غير أخلاقي.

لكن صاحبها وضعها في حقيبته ليقرأها صحيح؟ و رغم ذلك شعر رايان بإشمئزاز لذلك فواصل تلقيب الورق حتى توقف على احدى الصفحات التي تحمل رسمة لعصفور على عُرف شجرة و قد بدت الرسمة حزينة و كئيبة لأنها مخطوطة بقلم رصاص باهت اللون ، نظر لصفحة المجاورة ليكون أول ما وقعت عليه عيناه هو العنوان الذي يترأس السطر الاول.

- السلسلة التاسعة لفلسفة الأموات.

عقد حاجبيه و قد بدا العنوان جاذباً بقدر كونه غريب و مرهب ، لم يملك رايان خيار سوى قراءة السطورة الاولى فقط فقد بدا العنوان و كأنه عنوان رواية او كتاب ما لا مفكرة ، حرف وراء حرف و كلمة وراء كلمة وجد نفسه ينخرط و ينجرف أكثر في القراءة مذهولاً و مرهوباً مما تراه عيناه الان حتى صاح بعدم تصديق:

- ما هذا الهُراء؟! اي مجنون كتب هذا؟

بدا غاضباً في ذات الوقت متوتراً و كأنه صار متذبذباً بين قناعته الخاصة و عما يقرأه الان ، اي مختل كتب هذا بحق الله؟ لم يتصور ابداً بأن شيء كهذا مكتوب في هذه المفكرة بل ربما هي خاطرة لا مفكرة ، خاطرة لشخص مريض نفسياً ام مهووس بفلسفة الموت تلك او انه فقط يعيد كتاب بعض المقتطفات من أحدى الكتب او روايات لا أكثر.

إنتاب ذلك الاستنتاج رايان ليعود بصفحات للخلف حتى يقرأ ما فيها ، و لكن كان الامر نفسه ؛ لم تختلف كثيراً عما قرأه سابقاً خاصة مع تكرار جُمل الموت و الانتحار تلك المشكلة انها كانت مرتبة في سياق جميل مقنع الى حد ما حتى ضاق صدره فقرر التوقف و رمي ذلك الدفتر في أقرب مقلب قمامة فما فيه لا يطاق ابداً!

نهض رايان من على مقعده بإنفعال و لم ينتبه ان حركته تلك أثارت حيرة سول التي دخلت تواً مع إحدى خادمات حتى نادت عليه كي ينتبه لها:

- رايان ... هل هناك خطب ما؟

التفت بسرعة و قد كان مجيئها اخر شيء يتوقعه خاصة انه بدا متوتراً قليلاً بشكل استطاعت سول ملاحظته فأكملت مردفة:

- ظننت أنك ستفضل تناول الطعام في غرفتك لذلك أحضرته لك.

صوتها ، كان هادئ و مهذب خالي من اي ارتباك و او توتر أعتاد عليه سابقاً ، تلك الفرصة الصغيرة التي منحها اياها هدمت حاجز الخوف في قلبها فصارت تعامله بطبيعية مثلما تتعامل مع تريس و ديلان .

- ضعيه جانباً.

رد عليها على مضض ثم استدار معطياً اياها ظهره و كأنه يخبرها بألا تطول بلبقاء ، عبست الصغيرة قليلاً لتغادر و هي تشعر بلخبية جاعلة صوت أغلاق الباب يخبره بأنها رحلت ليعود للدفتر مقلباً صفحاته بعنف و كل صفحة كانت تحمل عنوان اكثر غرابة و رهبة من سابقتها حتى صارت نفسه متضايقة من هذه الكلمات المتعقدة.

و مع استمرار بتقليب وقعت من بين الاوراق صورة على الارض و قد حطت مقلوبة تحمل كتابة من خلفها ، انحنى رايان على ركبة واحدة و التقطتها قارئ لما كُتب خلفها :

- ذكرى الجمعة الثالث عشر .

اتحدت نظراته بضيق من الجملة عالماً بأن الجمعة الثالثة عشر ترمز الى يوم مشؤوم ، لكن الصدمة الحقيقية كانت عندما قلب الصورة ليرى من فيها ، ثلاثة أشخاص يقفون بجانب بعضهم يرتدون زي مدرسي كخاصته و قد بدوا واقفين فوق سطح مبنى ما ، الصدمة كانت عند رؤيته لآليس من بينهم تمسك ذراع شاب ما و على جانبه الاخر فتاة صهباء لم يعرفها .

وقف مجدداً و مازالت عيناه متمسكة بصورة التي بدت اغرب من هذا الدفتر حتى ، " لماذا عليها التواجد في اي حدث كارثي؟" سأل نفسه و هو يتمعن وجهها الباسم الذي بدا انه أصغر قليلاً لما هي عليه الان حتى طولها ، انه أقصر مما هي عليه في الحاضر لكن السؤال الاخر من يكون هؤلاء الاخران؟ لم يسبق له و ان رأهما من قبل .

تلك الخواطر بائسة عميقة جعلته يتذكر محاولة لآليس بإنتحار ، بنظره هذه الكتابة البائسة تناسب شخص مختل عقلياً او يعاني من مشاكل نفسية ما ، و كانت آليس اول من خطر في باله.

اخرج نفساً بضيق و بدأت نفسه تهدأ و تعود لسابق عهدها حتى شعر بملل و قرر أغلاق الدفتر و عدم فتحه مجدداً لولاً ان ورقة كانت مطوية مع الصورة جذبت انتباهه ليتناولها و يتفحصها قبل فتحها .

توسعت حدقتها من فرط الدهشة و شدت انامله على أطراف الورقة حتى تجعدت غير مصدق لما يقرأه ، عاد الى دفتر بسرعة ليفتح أخر صفحته فوجدها مليئة بلخربشات ، كلمات مبعثرة و أرقام هواتف لم تكن مألوفة و كأن أحدهم يقوم بتدوين معلومات متفرقة بشكل سريع و المفاجاة كانت ان الخط هنا مختلف تماماً عن الصفحات الاولى.

وجد ورقة أخرى مطوية و عندما فتحها وجدها ورقة تحمل شعاراً بجانبها أسم لمختبر تحليل و دون ان يهتم بأسم صاحبها توسعت عيناها من المفاجأة الموجودة فسارع لقراءة الاسم قبل ان يتسلل الى شفتيه شبح ابتسامة ساخر تحول الى ضحكة متقطعة و كأنه غير راغب في ضحك لولا ان كان الامر يجبره.

- صدقاً! ... هذا أخر شيء توقعته من إبنة فلادمير الموقرة.

اختفت ابتسامته عندما وقعت عيناها على أسم أخر مكتوب في صفحات هذا الدفتر ، و كيف لا يكون الاسم جاذباً و هو يحمل ذات أسمه الاخير؟ روتشايلد ، جايكوب روتشايلد كان الاسم المرفق لجملة صعقته تماماً بل انها جعلت كل خلية في جسده تتخدر .

- مستحيل! ... محال ان تكون مجرد مزحة!

نطق بجملته الثانية عندما أكمل قراءة ما كتب في ذات الصفحة التي تحمل أسمه ، وقع ذلك الخبر كان اكثر من صادم ليس بنسبة له فحسب بل على صعيد اسم عائلته و إسم روتشايلد كذلك .

خطفت في عقله ذكرى بعيدة ، لما قبل خمس سنوات ، في ذلك الوقت علم الجميع ان رايان سيسافر الى امريكا فجأة و دون سبب مقنع في ظل تلك الظروف التي كانت تعصف بعائلته حينها بعد وفاة والده ، كان يجمع أشيائه من خزانته في نادي الرياضة مستعداً لرحيل غداً حينها أتاه جايكوب مسرعاً و غير مصدق لما سمعه قائلاً بإنكار :

- رايان هل ذلك صحيح؟ هل حقاً ستسافر و لن تعود مجدداً؟!

و دون اي رد تابع رايان جمع أشيائه حتى أنتهى بصفع باب الخزانة و ذهاب متجاهلاً جايكوب الذي تبعه مُلحاً فقام بإمساكه من كتفه حتى يوقفه قائلاً بغيض :

- لماذا لا تتكلم؟ أخبرني!

استدار له رايان بسرعة مبعداً يده من على كتفه و في عينيه كهرمانية حقد و غضب يتدفقان فاجئ جايكوب قبل ان تفاجئه كلماته :

- أخبرك؟ بما أخبرك و انت جاهل بكل شيء بماذا سينفعني ِعلمك؟ لست سوى حثالة من باقي أفراد روتشايلد لا أكثر ....

لم يكن الاخر يفهم لماذا يسمع هذا الكلام بل لم يفهم لماذا رايان يحدثه بنبرة ساخطة مكرهة و كأنه يكبت نفسه من الانفجار أمامه ، شد جايكوب على قبضته و قد تجاهل نبرته تلك و إهانته بصعوبة فقال بعزم:

- اذاً أخبرني ماذا تخفي عني ... و ان كنت لا تثق بي فسأخبرك بسري في مقابل حينها سنكون متساويان.

لم يبالي رايان به بل حدق به بإحتقار أعتلى على ملامحه الباردة فقال بنبرة أهدء لكنها كانت كسم في العروق:

- لا يهمني سرك ذاك فقط أغرب من أمامي و لا تريني وجهك مجدداً.

ثم غادر دون ان يضيف كلمة تاركاً الحقد يتولد في جايكوب اكثر و اكثر منذ ذلك اليوم ، لقد مد اليه يد العون و لكنه صفعها بقسوة و غادر دون إعتذار جاعلاً كل اللحظات التي جمعتهما تتكسر كمرآة ناثرة شظاياها لتغدو منسية.

مسح رايان وجهه بلكتا يديه مخرجاً زفيراً قوياً ، أهذا ما كان يتحدث عنه جايكوب؟ أهذا حقاً ما كان يخفيه؟ و صاحب الدفتر هذا بتأكيد لم يجمع هذه الاشياء فقط ليتسلى بها و هو ليس غبياً حتى يقوم بتهديدهم بها فمن حصل على معلومات خطيرة كهذه محال ان يكون معتوهاً.

ظن أنه سيبحث عن صاحبها و يعطيها اياه او يرميها في أقرب مكب قمامة ، لكن هناك من تعدم وضعها في حقيبته حتى يعلم رايان بكل هذا و لكن يبقى السؤال المحير ، لماذا؟ لماذا هو؟ و من أجل ماذا فعل ذلك؟

نهض من مقعده مخللاً أصابعه في خصلاته الحبرية مخرجاً زفير يعلن عن صداع شديد بدأ يفتك برأسه من كل هذا في دقائق معدودة ، أتخذ قراره أخيراً و قد كان مجبراً فحتى و ان كان عدوه فهو لن يسمح لأين كان بفضحه و تسبب بكارثة حقيقة لأسرته كاملة .

- اللعنة! لما عليّ الانخراط في هذا الهراء؟! ليكن ذلك الوغد ممتناً لما سأفعله له على الاقل.

.
.
.
.
.

مع إوشاك إنتهاء دوام مدرسي آخر مع قرع الجرس ، ليعلن ذلك إنتهاء الحصة و قيام كل التلاميذ من مقاعدهم و هم يتسامرون و يتحدثون فيما بعضهم ، نهض رايان من مقعده بعد فترة جلوس غير معتادة فهو كان أول الخارجين دائما عند انتهاء الحصة لكن كان هناك شيء أراد التأكد منه و فعل ذلك عندما ظل يراقبها مرتبكة و متوترة كثيرة البحث بين أغراضها و الاماكن التي تقصدها دائماً داخل المدرسة .

لقد كانت آليس شاحبة اللون و على غير عادتها اطلاقاً مع أستمرار حركتها المتوترة و المتعصبة ، ظل يراقبها من بعيد بملامح باردة و جفون منسدلة مردداً تحت أنفاسه:

- كانتِ أنتِ اذاً!

ثم خرج من صفه متجه الى مكان ما كان ليقصده تحت اي ظروف لكنه الان مجبور لفعلها و على تحايل يجب عليه ان يكون مستعد أتم الاستعداد ، سمع أصوات ركض و صياح من خلف الباب الذي يمسك رايان بمقبضه ليديره فاتحاً الباب فتسللت اليه رائحة مؤلوفة كثيراً ، رائحة المطاط و الخشب التي ميزت ملعب كرة السلة عن غيرها من الملاعب .

مشي رايان قليلاً داخل الملعب حتى انتبه اليه معضم الاعبين ليتقفوا مدهوشين من رؤيته بينما بعضهم لم يلحظ ذلك فقام أحد الاعبين برمي الكرة لزميله لكنه لم ينتبه اليه فتجاوزته و خرجت من المساحة المطلوبة لتقع قريباً من رايان ، و بسبب الكرة أستطاع الجميع ملاحظة وجوده هذه المرة.

مشى رايان بضع خطوات ليلتقط الكرة ثم صار يضربها بالارض و تعود الى راحة يده و هكذا ظل يلعب بها دون ان يعيدها الى أصحابها ، لقد كان ذلك واضحاً هو لم يأتي لكي يلعب بل ليلتقي بشخص كان و بلفعل متجهاً نحوه حتى توقف على بعد خطوات يلهث من تعب و ركض حتى ان حبيبات العرق بللت شعره و جبينه فتساقطت بعض خصلاته البنية عليها.

- ما الذي أتى بك الى هنا؟!

صوته لم يكن ودوداً على غير نبرته الساخرة و المستفزة المعتادة ، حتى الثاني! رايان لم يكن ليتوقع شيء أقل من هذا فأجاب و هو ما يزال يلعب بلكرة:

- اليس هذا واضحاً؟ هذه المرة انا من أتى لكي يتحدث اليك.

لحظات من تفاجئ برزت على وجه جايكوب قبل تختفي صائحاً بلاعبين في ملعب :

- أنتهى التمرين لليوم.

بتأكيد ذلك لم يكن عن طيب نفس بل لأنه لا يريد من أحد سماع او رؤيتهما يتحدثان او ربما يتشاجران ، غادر الاعيبون و هم يتهامسون فيما بينهم بتساؤل عن سبب مجيء رايان روتشايلد لملعب كرة السلة ، ضم جايكوب يده الى صدره رافعاً احدى حاجيبه بإستمتاع فقال على ذات الوصال المعهود:

- كم أشعر بلفضول حيال الشيء الخطير الذي جعل رايان روتشايلد يأتي اليّ بنفسه.

توقف الاخر عن ضرب الكرة بلارض ليبقى ممسكاً بها في راحة يده و في تلك اللحظة قام بتهدئة نفسه و مراجعة ما سيقوله حتى يظمن جر جايكوب الى مصيدته:

- أعدت التفكير في مسألة التحدي تلك .....

- و ماذا اذاً؟ ألم ترفض؟ أم انك هنا لتقول ان قلبك الحجري رق على حال أختك المسكينة.

قاطعه جايكوب بتهكم ساخر ام الاخر لم يبدي اي ردة فعل لأنه توقع شيء كهذا ، فأجاب على ذات الوصال السابق:

- مع أنك لم تفعل لها شيء الان لكن لا! انا لم أتي من أجل سول بل من أجل شيء أخر .

ضحكة خفيفة مستهزئة فرت من بين شفتي جايكوب الذي قال بصوت خافت:

- يالك من حقير! أنت تتفوق علي بنذالة دائماً.

رسم رايان ابتسامة صغيرة جانبية و قد بدا معجب بما سمعه فقال:

- سأعتبر ذلك مديحاً منك ... و سأكون لطيفاً و أخبرك بأن تترك هذه المدرسة قبل ان أركل انا مؤخرتك و أطردك.

كان الحماس و الاستمتاع قد وصل لذروته لدى جايكوب في هذه اللحظة مع ان رده كان هادئ عكس ما يشعر في هذه اللحظة:

- من اين لك بهذه الثقة العمياء؟ ... و لكن لم تخبرني سبب تراجعك بعد شهر؟

عاد رايان بطرق الكرة من جديد و قد ابقى عينيه مثبتة عليها ليرد بضجر:

- الملل...

- و هل يجدر بي تصديق ذلك؟

تساءل جايكوب بإستنكار غير مقتنع بكل ما يحدث الان اما الاخر فلم يبدو عليه اي تغير يذكر رغم كونه بات يشعر بالانزعاج لعدم تصديقه.

- لقد جئت اليك بنفسي حتى أقبل تحديك هذا ... الا يمكنك تشغيل عقلك الصدأ قليلاً و فهم الامر دون الحاجة لتوضيح؟

أفلحت كلمات رايان بجره الى ما يخطط عندما رد جايكوب بتهكم:

- تريد ان يكون التحدي شخصي بيننا؟

ضحكة خفيفة فرت من بين شفتيه عندما ادرك الامر اخيراً ليستطرد بتشوق ظهر جلياً في نبرته:

- موافق .. هاتِ ما عندك.

توقف رايان عن ضرب الكرة مجدداً و لثواني معدودة ظهرت ابتسامة ماكرة على شفتيه عندما أفلح فما يريده لتختفي قبل ان يلاحظها جايكوب ، مشى قليلاً بتجاه السلة ليعود بضرب الكرة على الارض قليلاً قبل ان يرميها داخل السلة ليحرز رمية ثلاثية ، أسلوبه المتجاهل كان متعمداً حتى يزيد من غضب جايكوب من تأخر رايان في الاجابة و رد .

- لقد عرضت علي عرضاً قبل خمسة سنوات و أعدت تفكيره به الان ....

- لحظة واحدة! عن اي عرض تتحدث؟

قاطعه جايكوب عندما لم يفهم حرف مما قاله فذاكرته لم تسعفه في أحضار اي شيء يتعلق بذلك العرض الذي تحدث عنه ، أجاب رايان بفتور:

- لقد حدث الامر هنا ... في النادي .. أنت بتأكيد لم تنسى أخر لقاء بيننا صحيح؟

الان فهم عما يتحدث و قد كان ذلك واضحاً لرايان عندما رأى ملامحه التي صارت واجمة و ساخطة اكثر من اي وقت مضى ، أكمل رايان مستطرداً:

- لقد صار الامر واضح بنسبة لك الان لست بحاجة الى توضيح اكثر ...

- ما الذي ترمي اليه؟!

صوته خرج من حنجرته و قد كان في اوج مراحل الغضب فإقترب رايان منه اكثر حتى يضع النقاط على الحروف المفقودة:

-" هذا المكان لا يتسع لكلينا " لقد كانت هذه عبارتك انت.

استمرا في تبادل النظرات الحارقة لبرهة قبل ان يطلق جايكوب نفساً قائلاً:

- لتأتي غداً الى الكافتيريا المدرسة فتحدي سيقام هناك ... تذكر عليك الحضور و الا لن أعتبر ان هناك شيء بيننا.

كاد رايان يعترض عن شيء لم يعجبه لكن جايكوب لم يسمح له عندما أكمل :

- لا تقلق لست غبياً حتى اتحداك غداً امام المدرسة كافة .. مع أنني كنت أفكر بفعل ذلك قبل مدة لكن الامر تغير الان ... سأحضر اول شخص تقع عليه عيناي.

ختم جلمته بوضع يديه في جيوبه اما رايان فقد بدا عليه الرضا فإستدار مغادراً و متسماً لنفسه ، لانه من هذه اللحظة قد فاز بهذا التحدي دون بذل عناء يذكر.

**************************************

شهر من دون نت💔

هذه الازمة لم تنتهي بعد و لا أعلم متى تنتهي أكتب كلماتي الان و انا جالسة على سريري بعد ان استفقت من قيلولة ما بعد الظهر جاهلةً بالمستقبل ، الى من تقرأ كلماتي الان أخبرني كم لبثنا؟ كم مضى من الوقت لم أرد عليك في تعليقات او قمت بنشر فصل جديد
اخبروني كم لبثنا؟ اليأس بدأ يتملكني
أظن أنني سأموت و انا أنتظر رجوع الغالي

قسماً بالله حاسة اني في جزيرة و انتظر من ينقذني لدرجة طول شعري و طلعتلي لحية🌚💔

أخباركم ايه؟

رمضان مشي ازاي عليكم؟

العيد؟

كيف كان عيدكم؟

انا؟

تقول طالعة من فيلم ابيض و اسود اقسم بلله

يلله الحمد لله المهم السنة دي تمشي على خير و تفكنا

- بلاش رغي و ادخلي في صلب الموضوع يا خرا-

دخلنا 10k قراءة
🎉🎉🎊🎊🎊🎉🎉🎉🎉

اول ما شفت الرقم صرت انط و اصرخ زي القردة و ختمتها برقصة الجوكر فوق السرير و انا اصيح يا ارض اشتدي ما حدا قدي

شكرا شكرا شكرا ايها الشعب المارشميلو العظيم و الجبار و الاسطوري بجد مهما شكرتكم مارح اوصل ذرة من يلي في قلبي لكم شكرا شكرا شكرا💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖

و بمناسبة 10K

- الناس الي فاكرة انه حيكون في ابديت يومي -

حالتكم تصعب ع كافر بجد

انا بقالي شهر كامل ما فتحت نت من وين رح نزل الفصل؟ خلي نت يرجع بعدها رح كون لطيفة معكم و رجع الابديت الاسبوعي كل سبت مثل ما تعودنا

المهم

الجملة الي فوق الفصل و الي اكيد كلكم فكرتوها شيء غريب او خاطرة او مدري شو

هي فكرة خطرتلي بأيام العصر الحجري لما كان النت فاصل و لساته فاصل اني أعمل زي لعبة التخمين

يعني ايه؟

يعني انا حأختار افضل حوار في الفصل و أكتبه فوق و انتم تحزرو من قالها و لمن قالها و ليش

حلوة؟

يعني أستمر؟

نرجع للفصل - تهز يمين و شمال -

التحدي الي اذكر في الفصل السادس هو نفسه التحدي الي ذكرته ساندي و يتقام كل سنة التفاصيل حتعرفوها في البارت الجاي

برأيك شو عرف رايان عن آليس؟

صاحب المذكرة طلع لويس!

اشوف في حماس هنا 👀

شو قصة لويس و آليس و ساندي يا ترى؟

- تقرع الطبول-

السر جايكوب الخطير و سر رايان كمان الي أخطر منه برأيكم شو هو؟

انا برأيي يمكن تخمنو سر رايان كتلميح بس لكن جايكوب مستحيل تعرفوه بسهولة و لسا في كثير

في ريتشل و ميلي

كلنا عرفنا ان ام ريتشل - المتدينة- عندها بار لكن شو هو سر ميلي؟ على فكرة انا لمحت عليه تلميح صغييير جداً في سابق مرتين

البارت الجاي نار و شرار 💥🔥🔥

حيكون افضل من كل الفصول السابقة فأنتظروني

- حسيت اني مقدمة برامج-

دمتم في امان الله و حفظه😘

Continue Reading

You'll Also Like

28.7K 976 11
لَقد رَكِبنا زورَقًا معكِ، وَ أبحرنَا بينَ أسطُر رواياتكِ، لكِن عندمَا وصلنَا للبَر، أدركنَا أنَّ أرواحنَا بَقيت غارِقة فِي بحرِ كِتاباتكِ، فَهل يُعق...
171K 14.8K 37
" هل فكرتي مسبقاً في التحرر من قيودكِ؟ " همس بجانب أذني بنبرة أجشة، و سرت القشعريرة عندما بدأت أناملهُ تلمس خاصتي، ثم ببطئ تتشابك معها لتكون من كفّا...
942K 35K 40
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
445K 8K 20
" في ممرات المستشفى الطويل " يروح ويرجع بتوتر ويحمل بيده مصحفه يدعي ربه ييسر امرها ، ويرجع يكمل قراءته ل كتاب الله ( مرت نص ساعة ، مرت ساعة ، ساعة و...