روحكِ تناديني (كاملة)

By AyaTarek084

412K 15.3K 798

الجزء التاني من رواية لست أبي «أنا لن أتزوج مروة» شهقة صدرت منها، فسارعت بوضع يدها على فمها حتى لا تصل إلى م... More

اقتباس ١
اقتباس ٢
الفصل الأول
الفصل التاني
كلمة
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع الجزء الأول
اعتذار
الفصل السابع الجزء الثاني
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الواحد والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل الأخير
الخاتمة
مشهد العيد
خبر حلو
اقتباس من الجزء الجديد
اقتباس من رواية جديدة
اقتباس من النيران 💃💃

الفصل السابع والعشرون

7.9K 356 24
By AyaTarek084

حطوا فوت قبل القراءة وكومنت بعد ماتخلصوا
باقي ١٠ فصول بالظبط والرواية تخلص، لو فرحتوني هخلصهالكم النهااااردة

بقلق شديد ووجه أصفر من الخوف اقتحمت مكتبه..
يرفع شريف رأسه متفاجأ من وجودها، يصرف العسكري الذي أمامه بسرعة بينما يرمقها بارتباك.
«أنتِ بخير؟
هل أذاكِ سليم؟»
جلست على المقعد المقابل لمكتبه، أوضحت له بفزع: «يريد إتمام زواجنا، أو على الأقل عقد القران.. في أسرع وقت»
لم يتأثر شريف بما قالته، بل على العكس ارتسمت على شفتيه ابتسامة جعلتها تشك في مشاعره نحوها!
كيف يحبها -كما يقول- ولا يتأثر عندما يعلم أن آخر يرغب بها؟!
يزيل شريف حيرتها بكلماته الهازئة: «كما كنت أتوقع، أفكارهما تقليدية للغاية!»
«كنت تتوقع؟»
سألته بعدم تصديق.
يتحرك ويجلس على المقعد المقابل لها، يميل بجسده للأمام، يقول بثقة لا يتهاون في نقلها إليها:
«بالطبع، منذ مكالمته مع حمدي وكنت أتوقع احتمالية لجوءهم إلى حل كهذا، فأنتِ ورقتهم الرابحة في هذا الوقت»
«وماذا سنفعل؟»
سألته بهدوء حلّ عليها فجأة، فمعرفة شريف بالأمر توضح أن لديه حل، وبشكل ما بعثت الاطمئنان إلى قلبها!
«بسيطة، عندما يتحدث معكِ في الموضوع مرة أخرى أخبريه أن والدكِ ليس من الأشخاص الذين يفضلون عقد القران قبل حفل الزفاف، وأنه لا يرضى سوى أن يكون العقد في نفس يوم الزفاف أو قبله بأيام قليلة..
وأنا سأرتب الأمر مع سيادة المستشار»
تسأله بتردد: «وإن.. وإن عرض أن يكون الزفاف في نفس يوم زفاف شقيقته مثلاً؟»
يهز رأسه نافياً، يقول بثقة: «لا اعتقد، أظن أنهم ينوون التخلصّ منكِ بعد هذه العملية، لذا الزواج لن يكون مفيداً، ولا تقلقي، كما أخبرتكِ سأرتب الأمر مع سيادة المستشار وهو مَن سيتصدى له»
تنهدت براحة، أومأت برأسها بفهم.
يشير شريف إليها ممازحاً، يقول بمرح:  «غادري، لدي الكثير من العمل تشغلينني عنه»
رفعت حاجبيها باستنكار، تجاهلت كلماته عمداً، وسألته بفضول:
«هل عرفت مكان التسليم؟»
يقول شريف بفظاظة: «لا دخل لكِ»
تجز على أسنانها بضيق..
من بعد المكالمة التي استمعت لها معه وهو يرفض إخبارها بأي تفاصيل، والأهم هو مكان التسليم!
أما شريف فكان يصّر كثيراً على هذا، هو يحفظها ككف يده، متأكد أنها لو عرفت مكان التسليم لن تتردد أبداً في التواجد مهما بلغ خوفها!
«غادري هيا لا وقت لديّ لكِ»
ضربت الأرض بقدمها رامقة إياه بغيظ..
يقابل نظراتها بأخرى.. مستمتعة!
سارت بخطوات عنيفة اتجاه باب المكتب، لتتوقف رافضة الرحيل هكذا، فتقرر.. إرباك مشاعره!
التفتت إليه محدقة فيه وهو يعود إلى ممارسة عمله، تقول بتصميم:
«شريف»
رفع نظراته إليها منتظراً، تقول بنبرة غلفتها الخوف رغماً عنها: «إن لم يصِبنا أي مكروه في نهاية هذه العملية، فأنا.. أنا»
تنحنحت لتبعد الخوف عنها وتُكسِب نبرتها بعض الدلال.
«أنا موافقة على الزواج منك»
وغادرت مغلقة الباب خلفها، تاركة إياه لا يستوعب ما قالته!
رمش شريف بعينيه أكثر من مرة وعقله يردد عليه كلماتها الأخيرة.
«أنا موافقة على الزواج منك..
موافقة على الزواج منك..
موافقة»
لقد وافقت، يا الله.. لقد وافقت!
قفز من على مقعده بلا شعور راكضاً وراءها، غير مبالي بأصدقائه الضباط والعساكر الذين ينظرون إليه بدهشة.
وقف في منتصف الطريق ملتفتاً يميناً و يساراً بضياع، قلبه يبحث عنها مع أنه متأكد مليون في المائة أنها رحلت!
الخبيثة.. تعمدت قول هذا والهروب لتتركه متخبطاً!
تظن أنها هكذا تنتقم منه لأنه لم يخبرها بمكان التسليم!
حسناً سيريها، والله ليريها ويجعلها تندم على هذه الحركة، سيحاسبها أشد حساب لكن.. بعد شكرها على منحها نفسها له..
سيشكرها ويحاسبها بطريقته!
وكم يتوق لهذه اللحظة!
**********
عنيدة، ذات رأس يابس، ولكنه يحبها!
اتصل بها للمرة المائة تقريباً، مع أنه يعلم أنه لن يحصل على رد منها!
ينتفض بلهفة ونبرتها النزقة تصله: «ماذا تريد يا كمال؟»
يجيبها مباشرة وبكلمة واحدة: «ما اسم الأتيليه؟»
تبتسم بينما تتأمل فستان فرحها على جسدها، تجيبه بدلال: «لن أخبرك، ولن تراني بالفستان إلا يوم الزفاف»
يبرطم كمال بعدة كلمات ممتعضة لم تلتقط منها سوى كلمة (قاسية)
ثم يستعطفها: «حسناً لا أريد رؤيتكِ، ارسلي لي صورتكِ فقط»
وهل هناك فرق؟!
«تحلم»
يتأفف بنفاذ صبر، ويصيح مستنكراً: «علام تتدللين بالله عليكِ؟
إنه ليس سوى فستان زفاف!»
تتعالى ضحكاتها موقنة أنه يتحدث من وراء قلبه، مدركة لهفته لرؤيتها بالفستان الأبيض.
«وطالما هو ليس سوى فستان زفاف؛ لِمَ تلحّ على رؤيته؟!»
يعود ويبرطم بكلمات أخرى مثيراً ضحكاتها أكثر..
يتوعدها من بين أسنانه:
«حسناً يا حورية، سأحاسبكِ على هذا»
تصدر صوتاً لا مبالياً، وتقول ببساطة: «افعل ما شئت لا أخاف منك..
والآن وداعاً فعليّ تبديل الفستان»
وأغلقت الخط وسط اعتراضاته والابتسامة تملأ وجهها.
تحين من كمال نظرة على الحقيبة البلاستيكية الملقاة على المقعد المجاور له بإهمال..
يلتقطها مصوراً ما بها، ثم يرسل الصورة لها مبتسماً بانتقام!

على الجانب الآخر
شهقت حورية بصدمة ووجهها يتورد بخجل وهي ترى.. قميص النوم الذي أرسله لها!
تتمتم بـ (وقح)، ثم تلقي هاتفها في حقيبتها وهي تتوعده!
**********
تسير بآلية مفتقدة للروح والشغف الذي تحمله بداخلها لهذا القسم خصيصاً!
لطالما كان حلمها أن تتخصصّ في الجراحة بعد التخرج، تكون أمهر طبيبة في هذا المجال، لكنها الآن.. وهي تتدرب في القسم وتتطلع بشكل مباشر إلى طريقة العمل، لا تشعر بأي استمتاع من المُفترض أن تشعر به!
تأففت بنزق مقنعة نفسها أن كل ما تشعر به نتيجة لما حدث لباسم وحزنها عليه، غير مستمعة لصوت قلبها الذي يخبرها بعكس ذلك!
«دكتورة مرام، يا دكتورة»
انتفضت على صوت الطبيب المسئول عن تدريبها.
«نعم؟»
يتأفف الطبيب بعدم رضى عن لا مبالاة هذه الطالبة ودلالها، ويقول بقنوط:
«هلاّ ركزتِ معي من فضلكِ؟
هناك حياة مريض أهم بكثير من شرودكِ!»
وأعاد ما كان يقوله بصبر يُحسد عليه..
تنصت مرام له في بادئ الأمر، ثم سرعان ما تشرد متذكّرة تدريبها مع.. أشرف!
يتأفف الطبيب للمرة الثانية ملاحظاً عودتها لشرودها، يهدر بنفاذ صبر:
«غير معقول، هذا أمر لا يُحتمل»
أجفلت من صياحه منتبهة إلى غضبه، تتأسف بضيق: «اعتذر، أنا.. أنا اشعر ببعض التعب لهذا لا استطيع التركيز..
اسمح لي»
ودون انتظار إذنه غادرت العيادة!
**********
سارت في أروقة المشفى بخطوات متمهلة، قلبها يحثها على الذهاب إلى عيادة أشرف.. دون إعطاءها سبب محدد لهذا!
بينما عقلها الذي يمتلك الكثير من الحكمة يمنعها عن ذلك، مرضحاً لها ما ستتعرض له من إحراج عندما تقتحم عيادة أشرف دون سبب وجيه!
تجر قدميها إلى خارج المشفى، مقبضة على صوت قلبها بقبضة من حديد!
**********
متوتر.. سعيد.. منتشي؛ يجلس بجوارها، قلبه يقفز داخل صدره، لسانه لا يجد كلمات مناسبة يعبر بها عن مشاعره..
وهي.. صامتة مثله، لكنها على العكس، لا تفهم المشاعر التي تداهمها!
ما بين توتر لذيذ وخجل وإحساس بالنقص يستحوذ على خلاياها أكثر في كل دقيقة تمر عليها، كانت تجلس بجانبه مقبضة كفيها الصغيرين على بعضهما، منتظرة مبادرته في الحديث..
تجفل على همسته الصادقة: «اشتقت إليكِ»
ثانية واحدة ورفرفت أنوثتها التي عالياً، توقفت أنفاسها ترقباً لمزيد من الكلمات العاشقة التي سيلقيها عليها!
«و أنتِ، ألم تشتاقي لي؟»
تهدل كتفاها بقلة حيلة، مدركة أن سؤاله قطع عليها ما تتمناه أنوثتها!
ومن جانب آخر لم يهتم مروان بصمتها.. مقتنعاً أن أمامه طريق طويل للتغلغل في أعماقها!
هتف بنبرة خاصة تؤكد لها أنه يفهمها.. جيداً!
«اعلم أنكِ اشتقتِ لي»
ارتفعت نظراتها المستنكرة له، لتنصدم بابتسامته الواسعة وعيناه الثابتة مؤكدين لها ثقته!
رمشت بعينيها عدة مرات، قالت بارتباك: «لا، لم اشتاق إليك»
قطب مروان حاجبيه متظاهراً بالألم..
فتشهق مستوعبة ما قالته، وتسارع بالتوضيح: «لا لا لم اقصد، أنا.. قصدت»
تنفسّت بقوة ومشاعرها المتخبطة تثير ارتباكها فتتركها حائرة لا تعلم ما تقوله..
يتورد وجهها بحرج وهي تسمع ضحكته العالية..
تعلقت نظراتها بوجهه الوسيم والذي زادت ضحكته وسامته، تفغر شفتيها بإعجاب دون أن تشعر.
«أعجبكِ؟»
سألها غامزاً بوقاحة.
تقول لمياء بعفوية وتأثير ضحكته مسيطراً عليها: «نعم»
برقت حدقتاه بسعادة..
تنتبه إلى ما قالته، تسارع بالنفي: «لا»
ارتفعا حاجباه بدهشة..
تشيح لمياء بعينيها متساءلة عمّا حلّ بها!
مال مروان برأسه ليصبح وجهه مواجهاً لوجهها، يقول بأسى مرح:
«ألا أعجبكِ؟
ضربتِ غروري الذكوري في مقتل»
ضحكة صغيرة صدرت منها وضحّت استجابتها لمزاحه..
يبعد مروان خصلات شعرها التي تخفي وجهها عنه، يهمس:
«حتى إن أنكرتِ، اعلم أنكِ اشتقتِ لي، عيناكِ تخبرني»
أطرقت بنظراتها لا تصدق كلماته، لا تستوعب أنه يستطيع قراءة مشاعرها في حين تفشل هي!
أغمض عينيه بأسى حقيقي ورنين هاتفه يقطع عليه ما كان سيقوله..
تشتعل نظراته بغضب فاجأ لمياء وهو يرى اسم جنان ينير شاشة الهاتف.
«هادمة اللذات و مفرقة الجماعات، ماذا تريدين يا مزعجة؟»
لم تتمالك لمياء نفسها وانطلقت ضحكاتها عالية كما لم تضحك منذ زمن طويل!
كانت جميلة.. جميلة جداً، ضحكتها تضيف إليها سحراً آخر يجذبه إليها أكثر فيخر قلبه معلناً عدم استطاعته على عشقها أكثر!
«مروان، مروان، مروان»
رددت جنان بإزعاج متأصل فيها قاطعة عليه انبهاره..
يجّز على أسنانه، يتوعدها بغيظ:
«ساقطع لسانكِ إن لم تصمتي حالاً»
تقول جنان بمشاكسة: «اصمت؟!
حسناً سأظل صامتة ولن أخبرك لِمَ اتصلت بك..
تابع أنت ما كنت ستقوله، واضح أنني قاطعت وقتك مع الحبيبة»
«ماذا تريدين؟
ارحميني»
هتف بحنق ولمياء تضحك على ملامحه وطريقة حديثه مع شقيقته.
«يؤسفني أن أكون السبب لتترك خطيبتك يا شقيقي العزيز، لكن أبي غير متفرغ وأخبرني أن أتصل بك لتأتي وتأخذني من الجامعة»
«سأقتلها»
همس مروان بملامح بائسة..
تدمع عينا لمياء من كثرة الضحك، وتقول جنان من على الطرف الآخر بنبرة غاضبة:
«سمعتك»
«وهل سأخاف منكِ يا مجنونة أنتِ؟»
هتف بامتعاض بينما يرمق لمياء بضيق، والأخيرة تبتسم له باتساع!
«ستأتي أم لا؟»
عاد إلى شقيقته، يقول بقهر: «سآتي.. سآتي، وهل يوجد مفر منكِ يا مزعجة؟»
ثم أغلق الهاتف، وجّه حديثه إلى لمياء قائلاً بحقد: «أرى أنكِ لم تتوقفي عن الضحك والسعادة تشع من عينيكِ منذ علمتِ بمغادرتي»
تشير لمياء لنفسها ببراءة، قائلة: «أنا!
أنت تظلمني»
«نعم واضح»
تمتم بضيق، ثم نهض ليغادر.
«إلى أين؟»
يقول باقتضاب دون أن ينظر إليها: «ألم تسمعي؟
عليّ الذهاب لأخذ هذه المزعجة من الجامعة»
شعور كبير بداخلها كان يرفض رحيله، يطالبها أن تظل معه لأطول وقت ممكن، ولم تكلف نفسها عناء التفكير في السبب!
«هيثم لازال في الجامعة، يمكنه جلب جنان معه لنتناول الغداء سوياً، وبعدها ترحلان»
تغمض عينيها وخجلها يزداد من النظرة التي تلتمع في مقلتيه..
تسمع نبرته المذهولة:
«تريدين أن أظل معكِ؟»
مال ليجلس أمامها القرفصاء، يهمس أمام وجهها بصدق: «أحبكِ»
يرتجف جفناها وهي تطبق عليهما أكثر، ثم تفتحهما وتقول متحاشية النظر إليه:
«سأتصل بهيثم لأخبره»
يبتسم ملاحظاً توترها، قلبه يخبره أنه قد أصبح على بُعد أمتار قليلة من امتلاك قلبها وروحها!
التقط هاتفه ليرسل رسالة إلى شقيقته يخبرها فيه عمّا اتفق عليه مع لمياء.
**********
«هيثم.. هيثم»
أغلق هيثم الخط مع شقيقته..
يتوقف عند سماع نداءها، ينتظرها حتى تصل إليه.
«هيثم»
توقفت جنان أمامه لاهثة..
يرفع يده مانعاً إياها عن الحديث، يقول بنبرة رتيبة:
«اعلم اعلم لمياء أخبرتني، هيا أمامي»
رمقته بدهشة، تحركت بتلقائية عندما تحرك دون أن يزيد على كلماته القليلة حرفاً آخر!
«لقد..»
يشير لها بالتوقف، قائلاً بإرهاق: «لدي صداع سيقسم رأسي إلى نصفين، فكفّي عن الحديث أرجوكِ»
ظهرت الشفقة على ملامحها والتزمت بالصمت طائعة، حتى وصلا إلى سيارته، فلم تمتلك نفسها و قالت:
«إذا أحببت يمكنني القيادة بدلاً منك، لكي ترتاح»
يقول بدهشة: «هل تقودين؟»
ترفع كتفيها قائلة بمرح، مستعيرة بمشهد من أحد الأفلام العربية:
«لا اعرف»
يرتفع حاجباه بعدم فهم..
تتابع: "لم أجرب من قبل، لكن من الممكن أن أكون اعرف عندما أجرب»
يضحك هيثم بيأس، ويقول: «لا فائدة منكِ»
ثم أشار لها بالصعود..
تحتل المقعد المجاور له، مبرطمة: «غليظ كمروان، لا يسمح لي بالتجربة، كل الرجال سواء»
يضحك مرة أخرى، فيشعر بمطرقة تطرق رأسه بقوة مثيرة وجعه..
يترجاها بنبرة مرهقة: «توقفي، صدقيني أنا متعب للغاية ولا طاقة لي لمجاراة مشاكساتكِ»
ترغم جنان نفسها بالكفّ عن العبث وهي ترى الإرهاق الذي يظلل ملامحه.
«توقف.. توقف»
التفت إليها هيثم بدهشة..
يستجيب عندما ألحّت عليه أكثر، يتابع ترجلها من السيارة بعدم فهم!
«إلى أين ستذهبي؟»
تلتفت جنان إليه، تقول وهي مازالت تركض في اتجاه محدد: «انتظرني مكانك لدقيقة، لا تتحرك»
أسند هيثم رأسه على المقود بتعب، يتساءل إلى أين ذهبت، وفي نفس الوقت لا يجد طاقة للحاق بها..
ينتبه إلى فتح باب سيارته، يلتفت إليها..
تعطيه قرص دواء لعلاج الصداع وزجاجة مياه معدنية، وهي تقول بمرح تخفي وراءه اهتمامها به:
«حتى تستمع لي ولا تقول كل دقيقة أنك مُتعب، فواضح أننا سنقضي معاً الكثير من الوقت وأنا لست معتادة على الجلوس صامتة»
حدق في عينيها وشبه ابتسامة مرتسمة على ملامحه المرهقة، تأمره جنان بحزم:
«خذها»
يستجيب لها، ثم يهتف بامتنان: «شكراً»
أشاحت برأسها عنه، قالت رافعة كتفيها بلا مبالاة: «علام تشكرني؟
أخبرتك أنني افعل هذا من أجلي وليس من أجلك!»
إلا أنه لم يصدقها، قلبه الذي ينتفض بغرابة أخبره أنها تكذب، أنها تهتم له!
**********
«يا الله»
هتفت لمياء بينما تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة، محدثة نفسها أن جنان مصيبة تتحرك على الأرض، فتاة لا تقاوم حرفياً!
انتبه مروان إلى احتقان وجه خطيبته وعدم قدرتها على أخذ أنفاسها، فيهتف إلى شقيقته بصرامة:
«يكفي جنان»
تزمّ جنان شفتيها، وتقول بتذمر طفولي: «حتى المزاح ستمنعه عني يا ظالم!»
تعالت ضحكات لمياء وعائلتها، ويقول حامد (والد لمياء):
«لم اعرف أنكِ جميلة هكذا، مروان محظوظ لأنكِ شقيقته»
تقفز جنان من على مقعدها بطفولية، تشير إلى حامد بظفر وهي تقول إلى مروان:
«أتسمعه؟
كي تعرف أي كنز تمتلكه في حياتك»
يتجاهلها مروان، يميل على لمياء هامساً: «لعلمكِ، أنا أحتمل أفعالها فقط لأنها تجعلني أرى ضحكتكِ»
تبتلع لمياء ريقها كابحة بقيّة ضحكتها..
يتابع مروان بضيق: «ولم أقل لكِ هذا لتتوقفي!»
تبادله الهمس بمشاكسة: «لِمَ قلته إذاً؟»
يهمس بحرارة تغلغلت إلى أوصالها: «كي تعرفي أهميتكِ لديّ..
كي تدركي أن قلبي ينتفض سعادة مع أقل تصرف منكِ..
روحي تهفو مع ضحكتكِ وكأنها غايتها السامية»
ارتعشت يدها تأثراً، تركت الملعقة متوقفة عن تناول الطعام، مستمتعة بجمال كلماته.
«أها لو تعرفين ما تفعله ضحكتكِ الرنانة بقلبي المسكين!
أها لو تفهمين تأثيركِ عليّ!
أها لو تعلمين كم أنا متيّم بكِ، متيّم لدرجة تجعلني أحلق فرحة إن قلتِ لي صباح الخير بإحدى ابتساماتكِ الجميلة»
«يكفي أرجوك»
هتفت بخفوت وقلبها لا يتحمل المزيد مما يفعله بها..
إنه.. يثيرها، يجعل مشاعرها تتحرك راغبة في أشياء لا تستطيع إدراكها..
مشاعر لم تشعرها حتى مع ماهر!
إن تأثيره.. خطير عليها.. خطير جداً!
«يكفي يا مروان أرجوك»
يزفر أنفاسه بقوة مجبراً نفسه على التوقف عن متابعة الحديث، كابحاً رغبته في سماع كلمة حب منها، فهو لن يطلبها منها!
سيصبر حتى تقولها بنفسها، تتلاعب به بكلمات الغزل، فقط الصبر فلقد اقترب من غايته كثيراً!
**********
يتناولان الطعام ببرود أصبح عادتهما في الأيام الأخيرة في غياب ولديهما، كل منهما يسبح في ملكوت بعيداً عن الآخر!
هو يشتاق.. يعد اللحظات للذهاب إلى بيته الثاني والاستمتاع مع زوجته الشابة!
وهي تفكر في حال مروان الذي انقلب رأساً على عقب من بعد خطبته..
أصبح سعيداً.. الابتسامة لا تفارق شفتيه، يضحك ويمزح طوال الوقت..
يؤكد لها بكل تصرفاته أنه وجد الحياة التي لطالما حلم بها..
وفي نفس الوقت لازالت لا تتقبّل لمياء كزوجة له ولا تقتنع أنها المناسبة لولدها!
ومن ناحية أخرى ابنتها التي تغيّرت أيضاً في الأيام الأخيرة!
أصبحت حريصة على المذاكرة بشكل لم تعهده منها من قبل، لا تنكر سعادتها بذلك، فهذه سنتها النهائية وتأمل أن تجتازها ابنتها بأعلى التقديرات، لكنها أيضاً غير مرتاحة، لذا عليها معرفة ما يحدث مع صغيرتها في أقرب وقت!
ومن ناحية ثالثة زوجها.. ثابت!
رفعت نظراتها إليه لترى شروده وعدم اهتمامه بها!
حتى هو تغيّر في الفترة الأخيرة، أصبح دائم الخروج من المنزل؛ وإن ظل فإما يجلس مع ولديه أو يختلي بنفسه فتذهب روحه إلى عالم آخر، ولم يعد يهتم بها كسابق عهده!
حتى هو يحتاج إلى مزيد من الاهتمام، لربما كان يواجه مشكلة أو ما شابه ولا يريد إخبارها!
«ثابت، ماذا يحدث معك؟»
سألته باهتمام بالغ.
ينتفض بتلقائية، يتململ في جلسته بتوتر وكأنها اكتشفت ما يخفيه عنها!
«ماذا يحدث معي؟»
فقالت بابتسامة حانية: «أنا اسألك، حالك في الأيام الأخيرة لا يعجبني»
أشاح بنظراته عنها، يقول بينما يدّعي الثبات: «كل الأمور بخير، لا تقلقي»
لكنها لم تقتنع، قلبها يخبرها أن هناك ما يخفيه عنها!
ربتّت على كفه بدعم، تقول بنفس ابتسامتها: «إن كنت تواجه أي مشكلة أو هناك ما يقف أمامك أخبرني، لربما استطعت مساعدتك»
يلتفت إليها صائحاً بنزق: «أتريدين إقحام مشكلة في حياتي بأي طريقة؟
أخبرتك أن كل الأمور بخير، يكفي»
ثم ألقى الملعقة من يده، هادراً بتهرّب: «وها أنا لن أتناول الطعام، كي ترتاحي»
تابعته بعينيها وهو ينهض من على المائدة متجهاً إلى غرفتهما!
**********
بعد ساعة أو أكثر
خرجت من المطبخ حاملة صينية عليها بعض السندوتشات وكوب من الشاي..
سارت بها في اتجاه غرفة المعيشة حيثُ يجلس زوجها، تضعها على الطاولة المستقرة أمامه، وتقول:
«تفضّل»
حدق فيها بتساؤل صامت..
تقول موضحة: «حضّرت لك بعض السندوتشات لأنك لم تتناول طعامك»
يلوي ثابت شفتيه بضيق، ويقول معاتباً: «ومَن السبب في ذلك؟
مَن الذي جلس يعيد ويزيد في موضوع واحد حتى فقدت شهيّتي؟»
تجلس راوية بجانبه، تربتّ على كتفه بمحبة، تقول: «لا تغضب منّي، صدقني لم اقصد إزعاجك، أنا فقط قلقة عليك، أحوالك في الأيام الأخيرة لا تعجبني، وخشيت أن تكون تواجه مشكلة ما»
يتأفف بصوت عالي، يقول بحنق: «استغفر الله العظيم، ها هي ستعود إلى نفس الموضوع»
تشير راوية بيديها، تقول بطاعة: «لا والله ساصمت، تناول طعامك هيا»
يتناول ثابت السندوتشات مع كوب الشاي، وقلق راوية عليه يزداد، فليس من طباعه أن يكون نزقاً في الحديث هكذا!
**********
حدق باسم في فراشه رافضاً النظر إلى أي من أفراد عائلته.. معاتباً نفسه على استجابته لرشا وموافقته على رؤيته لأهله!
انتفض جسده بتلقائية وجسد والدته يرتطم به، والأخيرة تضمه إلى أحضانه مقبلة كل جزء تقع عليه شفتيها، متمتمة من بين قبلاتها:
«الحمد لله، الحمد لله الذي استجاب لدعائي وحفظك لي، الحمد لله الذي لم يحرمني منك، الحمد لله»
دموع أبيّة ترفضها رجولته لمعت في مقلتيه تأثراً بمشاعر والدته الجيّاشة، يفكر أن والديه الوحيدان اللذان لن ينظرا له باشمئزاز أو قرف؛ أما بقيّة العائلة....!
أغمض عينيه بضيق ووالده يبعد والدته عن جسده، وهو يقول بمرح مصطنع:
«ابتعدي عنه قليلاً يا أم باسم، امنحيني الوقت أنا وأعمامه لنطمئن عليه»
يقترب أبا باسم من ولده حامداً الله بداخله مراراً على أنه بخير..
يلكز باسم بخفة ممازحاً: «أقلقتنا عليك يا ولد، هل تختبر غلاتك لدينا أم ماذا؟»
إلا أن باسم لم يبادل والده المزاح في إشارة واضحة عن كرهه لنفسه!
«ألف حمد لله على سلامتك بنيّ، أخفتنا عليك»
أومأ باسم بصمت دون النظر إلى عمه، رافضاً رؤية الاشمئزاز الذي يظهر في حدقتيه..
وبشكل ما كان عزام يتفهم ما يمر به صديقه، يدرك أن الأيام القادمة ستكون صعبة عليه وهو يواجه المجتمع بوجه نصفه مشوّه.
يتحرك بمرح صبغه على تصرفاته ونبرته؛ محاولاً تحرير صديقه من الدوامة التي يغرق فيها!
جلس بجانبه وقال: «حمد لله على سلامتك يا بطل، ألف لا بأس عليك»
ثم يميل عليه هامساً بعتاب مرح: «لكن و الله لأحاسبك على الليلة التي أفسدتها لي، لقد حددت موعد زواجي يا أحمق وكنت أنوي الاحتفال لمنتصف الليل وفعل ما يحلو لي، ليأتي خبر الحادث مخرباً كل مخططي..
والله لن أسامحك»
زواجه!
زواجه من.. مروة!
فجأة اختفى الكون من حوله، عقله يأخذه إلى زمن يبدو بعيداً، في لحظة كان فيها متجبراً وأساء إلى ابنة عمه أمام العائلة بأكملها!
تحركت يده تلقائياً لتلمس جانب وجهه المشوّه وهو يتذكّر ما قاله حينها:
«عندما أنظر إليها اشعر بالاشمئزاز، هي قبيحة.. قبيحة جداً»
ابتسم بسخرية مريرة، لقد انقلب الحال!
أصبح هو أشد قبحاً منها، لن يتردد أحد في منحه نظرات الاشمئزاز!
يا الله، أهذا عقاب على ما قاله عليها؟
أيذيقه ربه من نفس الكأس لكي يشعر بما اقترفه؟
تشوّشت الرؤية أمامه بعدة مواقف أخرى كان لا يتهاون فيها عن جرح مَن أمامه وإظهار كم هو قليل القدر!
فواحد كان يعمل بوظيفة بسيطة جداً، فرماه هو بنظرة احتقار!
وآخر كان معاقاً فنظر له باشمئزاز!
وصديقة رشا الفقيرة التي جرحها بتصرفاته!
مروة و ما قاله عنها!
يا إلهي، يا إلهي..
تلوى جسده وصداع شديد يداهمه، آلاف من الذكريات المُرّة تهاجم عقله و لا ترحمه..
ينتبهوا المحيطين به لما آل إليه حاله..
يسأله عزام بقلق: «باسم، أنت بخير؟»
دموعه الأبيّة التي كان يرفض إطلاق صراحها هبطت دون شعور منه والذنب يتشعّب في خلاياه..
«صداع يا عزام، صداع رهيب يضرب رأسي، وقلبي.. قلبي يؤلمني بشدة»
حلّ التوتر على الجميع، يسرع عزام إلى الخارج ليحضر الطبيب..
تميل رشا على باسم بخوف:
«حبيبي، ماذا بك؟»
يُخرج صرخة من أعماقه.. صرخة لا تدل على ألم جسدي؛ بل نفسي.. ندم، ضميره يستيقظ أخيراً ويؤنبه بشدة!
دقائق وحضر الطبيب، أعطاه إبرة مهدئة موضحاً لعائلته أنه قد تعرض إلى ضغط شديد أدّى إلى حالته تلك!
**********
ترك الكتاب من يده بعد أن فشل في استيعاب المكتوب، عقله لا ينفك عن تذكيره باللحظات السابقة، يعيد عليه مراراً كامل تصرفاتها..  مزاحها.. مرحها.. حديثها.. حركاتها الطفولية..
مسح على شعره بيأس، هاتفاً لنفسه:
«يا الله، ماذا فعلت هذه الفتاة بي؟!»
تحركت يده بتلقائية ليلتقط هاتفه ويفتح صفحتها على الفيس بوك..
لا يعلم السبب وراء ذلك، ولا يريد التفكير فيه من الأساس!
هي فقط رغبة تهاجمه للتوغل في تفاصيلها أكثر فلبّاها!
عبس بانزعاج وصورتها تظهر أمامه، مبتسمة ابتسامة واسعة تسرق القلوب، تقف أمام البحر بملابس صيفية بألوان مبهجة، تميل بجسدها بدلال يليق بها..
وقعت عيناه على كمّ الإعجابات والتعليقات المرفقة للصورة..
يزداد ضيقه وتشتعل الغيرة في أوردته!
«مشهورة ما شاء الله!»
يفتح المحادثة الخاصة بهما، يرسل لها بعقل غيّبته النار التي تحرق قلبه:
«غيّري صورتكِ الشخصية»

على الجانب الآخر
انتبهت جنان إلى رسالة من هيثم، اعتدلت في جلستها بحماس لتقرأ ما أرسله لها!
«غيّري صورتكِ الشخصية»
دلكت فروة شعرها متساءلة إن كان ما فهمته صحيحاً!
هل يأمرها أم يُخيّل لها؟
«نعم!»
أرسلت له بعدم استيعاب.
يُعيد هيثم إرسال نفس الجملة، مزيداً عليها كلمة واحدة:
«غيّري صورتكِ الشخصية من فضلكِ»
«لماذا؟»
أرسلت له دون تردد.
يخترق السؤال عقله بقوة..
بالفعل لماذا؟
مَن هو كي يتدخل في حياتها؟
تأمل هاتفه بقلة حيلة، يا الله.. بم سيجيبها؟
تباً، لم يكن عليه إرسال هذه الرسالة من الأساس!
وبينما هو غارق في أفكاره، يبحث عن منفذ من سؤالها، تعالى صوت هاتفه منبهاً إياه برسالة منها.
«غيّرتها»
تحركت عيناه إلى صورتها ليجدها بالفعل غيّرتها إلى أخرى، إلا أنها أثارت حنقه أكثر!
لقد كانت الصورة لها وهي في مدينة الملاهي، بملابس طفولية لا تختلف عن ملامحها، وابتسامة مبهجة تنير وجهها.
يكتب دون وعي: «ليست جيدة»
يرتفع حاجباها بدهشة وابتسامة متلاعبة ترتسم على شفتيها، تكتب له: «لماذا؟»
يتأفف بقلة حيلة، يرسل لها بعصبية يخفي ورائها حقيقة مشاعره: «ألا تملكي إلا هذا السؤال؟
ألا يمكنكِ تنفيذ ما أقوله دون نقاش؟»
تكتب له ببرود متعمدة استفزازه: «من حقي السؤال طالما أنت تتدخل في حياتي الشخصية!»
تزداد مشاعره اهتياجاً وعدم قدرته على الرد عليها تكبله، يرسل لها حانقاً:
«افعلي ما يحلو لكِ»
يغلق المحادثة والهاتف بأكمله ملقياً إياه بإهمال!
أما هي فتعالت ضحكاتها حينما وصلها رده، ملاحظة خروجه من على التطبيق..
تسارع بالاتصال بصديقتها، تسألها حالما وصلها صوتها:
«بم تشعر الفتاة عندما تحب؟»
**********
«حمد لله على سلامتك يا باسم»
أغمض باسم عينيه رافضاً النظر في وجهها، هي خصيصاً يعرف كيف ستكون نظرتها له، فلطالما كانت تشبهه في تصرفاته واحتقاره لمَن هم أقل منهم!
«خفت عليك كثيراً، حمد لله أنك أصبحت بخير»
أومأ برأسه بلا معنى..
تقطب مرام حاجبيها بضيق، تقول:
«هل أنت غاضب منّي؟
أنت لا تتحدث معي ولم تنظر إليّ منذ أتيت!»
يرفع نظراته إليها مرغماً، يهتف بنبرة خافتة: «اعذريني مرام، اشعر ببعض التعب»
رقّت نظراتها بحزن على حاله..
يهتف باسم بداخله: «عوضاً عن رمقي باحتقار ترمقني بشفقة!»
«لا بأس، أيام وستكون بخير إن شاء الله»
ينفجر باسم في وجهها مخرجاً كل مشاعره: «يكفي.. يكفي، كل مَن يزورني يرمقني بشفقة ويواسيني بكلمتين منهياً حديثه بستكون بخير!
على مَن تضحكون؟
أنا لن أكون بخير أبداً، ساقضي الباقي من عمري مشوهاً.. بائساً.. مكروهاً من الجميع..
كفّوا عن قول الكلمات السخيفة»
تشير بيديها محاولة تهدئته، تقول بنبرة ثابتة: «لديك حق، مهما قلنا لن نشعر بك أنا معك، فقط اهدأ»
تنفسّ بصعوبة بعدما أخرج كل ما في صدره..
يغمض عينيه هامساً بخفوت يخالف ثورته السابقة:
«أتعلمين أكثر ما يثير غضبي؟
أنني اشعر بـ.. الندم!»
رمقته مرام بعدم فهم..
يتابع لنفسه متناسياً وجودها: «نعم اشعر بالندم على كل ما اقترفته سابقاً..
على كل نظرة قرف ألقيتها على مروة..
كل نظرة احتقار كانت من نصيب مَن هم أقل منّي..
اشعر بالندم لأنني اشعر أن ما أنا به الآن عقاب الله لي في الدنيا!»
صفعت كلماته مرام مُوقِظة إياها من الغرور الذي يكتنفها، لتنظر إلى الدنيا نظرة أخرى، أنه كما تُدين تُدان!
مَن سخرت منه وقلّلت من قيمته اليوم، سيأتي غداً ويُرد لك الصاع صاعين!
الجمال الذي تتباهى به والذي هو نعمة من الله عليك يتوجب عليك شكره عليها وليس التباهي بها بغرور وجرح مَن حولك، فمن الممكن أن يزول في أي لحظة!
كلنا جنود الله في الأرض..
كلنا لا نتحكم في مصائرنا..
كلنا لا نعرف ما يخفيه لنا الغد وما من الممكن أن يحدث لنا..
إن كان الإنسان نفسه فاني، فماذا عن جمالنا وما نملكه من أموال؟
ضربتها هذه الحقيقة في مقتل، تسارع بالقول: «عليّ بالمغادرة، سأزورك في وقت لاحق إن شاء الله»
يفتح باسم عينيه متذكّراً وجودها، قبل أن يعاود إغماضها من جديد مفكراً في كل ما وصل إليه!
**********
صفير عالي يصدر من بين شفتيه ينمّ عن سعادته، أمل كبير يملأ قلبه في أن تشفع.. تسامح.. تعود، يتمنى أن تكون الأيام التي قضاها بعيداً عنها داوت حزنها ودثرت غضبها!
تأفف ماهر بضيق متذكّراً رحلة العمل الإجبارية التي اضُطر إلى الذهاب إليها بأمر من والده في وقت كان لابد فيه من إصلاح أموره مع حبيبته!
إلا أن والده أصّر عليه بالذهاب متعللاً بضرورة تواجده في صفقة هامة ستعقدها شركته مع أخرى أجنبية، ذهب صاغراً، تاركاً قلبه وعقله وروحه في الوطن؛ تحديداً عند حبيبته!
والآن وهو يقف أمام المرآة يتأمل مظهره قبل الذهاب إليها، يفكر أنه لربما كان البُعد لصالحهما!
خرج ماهر من غرفته وهو يطلق صفارة عالياً خاتماً بها لحنه الغير مفهوم..
يجد والدته أمامه، يسرع إليها ليقبّل رأسها، ويهتف:
«ادعي لي يا أمي، أنا بحاجة ماسة لدعواتكِ الساعات القادمة»
تتأمله والدته بسعادة ظاهرة على محياها إثر ارتخاء ملامحه وهدوءه، تعتقد أن سفره جاء بنتيجة إيجابية وجعله يتخلصّ من التفكير في لمياء!
«ادعو لك في كل وقت وصلاة يا حبيبي، أرجو من الله أن يستجيب دعائي ويجعلني احضر يوم زفافك وأرى أولادك»
تلمع مقلتا ماهر بأمل يزداد داخله، يقول بخفوت: «قريباً يا أمي، قريباً جداً إن شاء الله، لن ارتاح إلا عندما توافق على تحديد موعد زواجنا»
يتسّرب القلق إلى قلبها، تسأله بحذر: «عمن تتحدث؟»
يجيبها بنبرة عاشقة: «عن لمياء يا أمي..
هل أتمنى غيرها زوجة لي؟!»
«لمياء، هل سنعود لهذا المرضوع مجدداً يا ماهر؟»
صاحت بعدم سيطرة على أعصابها التي ثارت بذكره للمياء.
يقول بهدوء، لا يبالي بثورة والدته: «لم نتركه لنعود إليه، تعلمين كم أحب لمياء وكنت اسعى لإعادتها إلى عصمتي، لولا سفري من أجل العمل لكانت لي الآن»
تمصمص والدته شفتيها، تقول بحسرة: «لأنك غبي يا قلب أمك، الفتاة لا تفكر فيك من الأساس وقد خُطِبت لآخر»
تهمهم بخفوت: «تقريباً أهلها سعوا إلى تزويجها من أي رجل كي يتخلصّوا من همّها!»
لحظة.. لحظة توقف فيها العالم من حوله، الأمل الذي كان ينعش قلبه تسّرب، قلبه النابض بعنف توقف تماماً، وجهه شحب وكأنه على وشك الموت!
تقتله والدته بكلماتها: «وهي لم تعترض، سلمّت نفسها لأول مَن طرق بابها دون التفكير فيك!»
«لا لا مستحيل»
صاح ماهر بعدم تصديق، ثم أسرع خارجاً من بيته!
**********
تسير مستندة على عكازها، تهتف بصوت عالي كي تسمعها والدتها:
«افتحي الباب يا أمي، إنه مروان»
تلاحظ والدتها اللهفة التي تغلب على نبرتها، تقول بمشاكسة:
«حاضر حاضر سنفتح للأستاذ مروان حالاً، لا تقلقي لن يغادر إلا بعد رؤيتكِ»
تتوقف لمياء مكانها منتبهة إلى لهفتها ومشاكسة والدتها لها..
تقطب حاجبيها مفكرة فيما يحدث معها!
«أنت!
ما الذي أتى بك إلى هنا؟»
صوت والدتها أخرجها من أفكارها..
يزداد انعقاد حاجبيها..
كيف تتحدث والدتها مع مروا...!
لا، إنه ليس مروان!
اشتعلت حدقتاها بغضب وهو يقف أمامها، يتأملها بحنق مماثل، عتاب، و.. شوق، شوق كبير يملأ قلبه اتجاهها..
وآه لو تشعر!
«ماذا تريد؟»
هتفت بصلابة وجمود لا يتناسبا مع تبعثر مشاعرها وتخبطها.
إلا أنه لم يرد عليها، عيناه تحركت إلى كف يدها باحثاً في أصابعها عما يؤكد حديث والدته!
يهمس بصدمة وحدقتاه تلتقط الدبلة التي تزيّن بنصرها:
«لقد خُطبتِ لآخر بالفعل!»
أسبلت أهدابها دون رد..
يردد ماهر بنبرة عالية غير مصدقة: «خُطبتِ!
خُطبتِ لغيري!
نسيتِني ونسيتِ حبي بسهولة!»
استمرت لمياء على صمتها..
استمر ماهر على الصياح: «انطقي، لِمَ أنتِ صامتة؟
أهان عليكِ حبنا؟
أنسيتِ أحلامنا وخططنا للمستقبل؟»
استمعت لمياء لعتابه بصبر لم تظن أنها تمتلكه!
أكثر ما كان يُثير غرابتها أنها.. لا تشعر بشيء!
ليس هناك حزن أو ألم، فقط ضيق وجرح منه لأنه يوم جرح أنوثتها!
اختل توازنها وماهر يهزها بعنف مسقطاً عكازها:
«انطقي..
أخبريني أنكِ لم تحبيني، لم ترِديني زوجاً لكِ!»
تصيح والدة لمياء بذعر وهي ترى ابنتها كالدمية في يد ماهر يُحركها كما يشاء..
تحاول إبعادها عنه بإخفاق!
«اتركها، اترك ابنتي، يكفي ما فعلته بها»
يلتقط ماهر كف لمياء اليمنى، يهتف بجنون غير منتبه لوضعها بين يديه:
«انزعي هذه الدبلة من يدكِ، أنتِ لي.. لي فقط»
وفي نفس اللحظة شعرت بمَن يدفع يده عنها..
يتحرك ذراعاها بعجز باحثة عن عكازها قبل أن تسقط أرضاً!
«لا.. إنها ليست الأرض الصلبة.. القاسية، إنه حضن.. حضن دافئ يحتوي خوفها.. عجزها، يبثها الأمان!»
هتفت لمياء إلى نفسها وهي تتمسك بقميص مروان مستمدة الدعم منه..
يحملها مروان كالطفلة ويُجلسها على الأريكة، ثم يعود إلى ماهر!
يلكمه بلا رحمة، وكأنه يحاسبه على امتلاكه لقلب حبيبته قبله!
أو على جرحه لها وجعلها بائسة.. تعاني في صمت!
أو على لمسه ليدها والتطاول عليها!
تمتم بعدة كلمات حانقة وهو يركله بقوة في بطنه.
يبتعد ماهر بضعة خطوات، يتنفسّ بقوة ليستعيد توازنه، ثم يهجم على مروان يرد له لكماته بأخرى أقوى وأعنف..
كان شجاراً عنيفاً، كلاهما كانا مشحونين بطاقة كبيرة من الغضب، يدافع عن حقه في حب قلبه وأمل حياته..
صيحات لمياء ووالدتها كانت تحيطهما، إلا أنهما لم يعِا لها وهما غارقان في معركتهما الخاصة!
«انتبه يا مروان»
صاحت لمياء بخوف وماهر يسدد لكمة قوية لوجه مروان..
تتسّرب الدماء من أنفه وتنغلق عيناه تلقائياً..
صيحتها اخترقت عقليهما، تثيرهما بطريقة مختلفة!
مروان قفز قلبه بسعادة إثر خوفها عليه -في وقت غير مناسب بالمرة-!
وماهر جن من خوفها على مروان وعدم اهتمامها به!
يُثار أكثر، يسدد المزيد من اللكمات إلى مروان مستغلاً ألم عينيه!
بحثت لمياء عن عكازها بعجز وقلبها يؤلمها على ما يتلقاه مروان..
تجده بعيداً جداً عنها، فتهتف إلى والدتها:
«عطِني العكاز يا أمي»
إلا أن والدتها لم تستطِع الوقوف على قدميها من شدة القلق.
تصيح لمياء بيأس: «اتركه يا ماهر، اتركه»
يزيد ماهر من ضرباته مع كلماتها..
يتصدى مروان بعضها ويردها إليه.
يأتي الفرج أخيراً وهيثم يقتحم المنزل بارتياع إثر الأصوات العالية..
يتجمد مكانه بصدمة متأملاً العراك الدائر أمامه.
«ابعده عن مروان يا هيثم»
يستعيد تركيزه، يسرع في اتجاه مروان ليسانده ويبعد ماهر عنه..
يمسك الأخير من تلابيب قميصه، يهتف من بين أسنانه:
«ما الذي أتى بك إلى هنا، هاه؟
ألم أخبرك أنني لا أريد رؤيتك ثانية؟»
بينما انهار مروان أرضاً مستسلماً لألمه.
تهتف لمياء بضعف: «لا تتشاجر معه يا هيثم أرجوك، دعه يرحل.. يكفي ما حدث منه حتى الآن»
نظرة واحدة ألقاها عليها هيثم ليدرك كمّ الخوف والضعف اللذين يعترياها..
يدفع ماهر بعنف خارج الشقة، يصرخ بتهديد:
«أقسم بمَن خلق سبع سموات إذا اقتربت منّا مرة أخرى سأجعلك تقضي بقيّة عمرك في السجن»
وأغلق الباب في وجهه تاركاً إياه يبكي ندماً على حب ضاع منه للأبد.

مااااااارو انضضضرب يا جدعان
ماهر ده ********
اشتموه براحتكم ولا بهمكم
فوت وكومنت متنسوووووش

Continue Reading

You'll Also Like

203K 5.4K 30
عاشت حياتها عادية وظنت أن الحب والمودة يأتيان مع العشرة ، قد يحدث هذا بالفعل وربما لا .... خاضت حياتها و واجهتها وعاشتها بكل مافيها لتواجهها صدامات و...
149K 4K 12
ﻟﺴﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺳﻴﺌﺔ ﺑﻞ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺃﻧﺎ ﻃﻤﻮﺣﺔ ﻭﻣﺠﺮﻭﺣﺔ ﺧﻠﻄﺔ ﺟﻬﻨﻤﻴﺔ .. ﻧﺼﻴﺤﺔ .. ﺍﺑﺘﻌﺪ .. ﻓﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﻫﺘﻢ
7.9K 209 32
@dellisola_ha حين سألوها ما تأثير كلام الناس على نفسك؟ قالت وكأنهم يعطونني سم قاتل على دفعات... فلا يفعل شيء حينها لكن تراكمه يؤدي إلى هلاك مميت. ▪︎...
150K 2.6K 35
هل تعتبر خطيئة، ان تتمنا ما هو ليس لك، ولكنه اصبح حلم حياتك وهوسك؟؟ ام الخطيئة!! ان تعطي اعز ما تملك ، لمن لا يستحق، فتكون انت ، المجني عليه، والضح...