الفصل الثلاثون

7.7K 303 16
                                    

هنزلكم دلوقتي فصلين يكش تبطلوا تقولوا امتى الجديد كأني بنزل فصل في الاسبوع 😂😂😂😂
على فكرة أنا بهزر، بالعكس أنا بفرح بكومنتاتكم وحماسكم جججداً 😍😍😍
وزودوا عليها الفوت بقى معلش

ارتد وجهه للخلف بصدمة، ارتخت قبضته من على ذراعها دون أن يعي..
ركضت مروة بعيداً عنه ودموعها تغرق وجنتيها..
لا تريده!
لا ترغب في الزواج منه!
وكل هذا من أجل ماذا؟
أنها لا تجد فستان زفاف مناسباً!
لقد جُنت، لا هو مَن دللها كثيراً حتى تعدت تصرفاتها المقبول، عليه أن يضع حداً لكل هذا!
**********
«أنا أحبك مروان»
نطقتها عيناها ولم ينطقها لسانها!
على الرغم من أن هذا أسعده، فها هو وصل إلى مراده أخيراً، احتل قلبها، امتلك روحها، إلا أنه كان يحتاج إلى سماعها من بين شفتيها، أن تُطرب أذناه بها..
لكن ماذا بيده غير التسلح بالصبر!
ومن جهتها أبت التصريح بمشاعرها في مكان كهذا!
مشفى مليء بالمرضى، ذو رائحة معقمات تثير الغثيان..
هو لا يستحق هذا!
اقترب أشرف منهما ليطمئن على لمياء ويعطيها بعض التعليمات..
أنصتت له لمياء بسعادة، ومروان يرمقها بعشق.
**********
«يا أحمق، كيف تذهب إلى هناك؟»
دلك سليم جبينه بتوتر بينما يستمع إلى تعنيف حمدي له، يبرر بارتباك: «لم أكن في وعيي، حديثك عن أنها هي السبب في كل ما نحن فيه أثار جنوني، لم أدري بنفسي إلا وأنا أمام منزلها»
«غبي.. غبي»
ردد حمدي بعصبية، قبل أن يقول بلا مبالاة: «اسمع، إن كنت خائفاً على حياتك فمن الأفضل لك أن تختفي تماماً، وسيكون جيداً إن استطعت الهرب خارج البلد..
أما إذا كنت ترغب في قضاء المتبقي من عمرك بجانب والدك بين أربع جدران فـ....!»
فهم سليم بمفرده بقيّة الحديث، أي تهور سيرتكبه مرة أخرى قد يكون نهاية حياته، وقد جرب هذا بنفسه!
لكنه في نفس الوقت لا يتقبّل فكرة أن تعيش براءة حياتها بصورة طبيعية بينما حياته هو وعائلته انقلبت!
«وبراءة؟»
يطمئنه حمدي بملل: «تعتقد أنني سأتركها بعد ما فعلته بنا؟
لولا تدابير القدر لكنت بجانب والدك الآن من الأساس، وهذا ما لن أسامحها عليه أبداً!
المشكلة أنها اختفت ولا استطيع الوصول إليها، لكن ثق أن يوم ظهورها سيكون يوم موتها»
يتنهد سليم بارتياح، لا شيء سيحول النار التي تحرق قلبه إلى جليد يملأه بالرضا سوى موت براءة!
يسأل حمدي بلهفة: «وأمي وحورية، هل ذهبت إليهما؟»
تشتعل حدقتا حمدي بالغيرة مركزاً بنظراته على السيارة التي تسير خلفه وتحمل كلاً من كمال وحورية..
غيرة يقسم على ألا تطول كثيراً، يكفي ما مضى من أيام دون أن يتمتع بجمال حورية!
«هي بخير، مع خطيبها الآن»
رد باقتضاب متجاهلاً إخباره بما حدث لوالدته.
يتمتم سليم بعدة كلمات، ويغلق الخط بسرعة ليتصل بشقيقته ويطمئن عليها.
**********
في السيارة الأخرى
ممسك بكفها الصغير، أصابعه تتحرك عليه ببطء يبثها الدعم، بينما يده الأخرى تدير المقود بحركات رتيبة، والصمت يسيطر عليهما..
هو شارد في أفكاره، نظرات حمدي إلى زوجته، انهيار الأخيرة وبكائها في أحضانه، ضياعها المتجلي في نظراتها والذي أوضح له كم هي بريئة لا تدرك عمل عائلتها..
كل هذا جعل قلبه العاشق يبكي على حالها وما آلت إليه الأمور، لكنه في نفس الوقت يفكر في حياتها..
كيف ستواجه مجتمع سيعاملها على أنها مخطئة كعائلتها!
تواجه!
نفض هذه الفكرة عن عقله سريعاً، هما سيواجهان معاً، سيقف معها أمام العالم أجمعه..
هي حبيبة قلبه.. زوجته البريئة.. الطاهرة.. النقيّة..
وهو لن يتخلى عنها!
ومن جهة أخرى كانت أفكار حورية مشتتة، لا تجد الوقت الكافي للحزن على والدتها كما ينبغي، فعليها الذهاب للاطمئنان على والدها وحالته، معرفة متى سيخرج!
بالتأكيد سيخرج!
والدها شريف.. ليس كما يصورونه!
وشقيقها.. الهارب!
لا هو ليس هارباً، لا يوجد شيء ليهرب منه!
يا إلهي، هما ليس هكذا!
تعالت شهقاتها فجأة مثيرة قلق كمال..
أوقف سيارته على جانب الطريق، التفت إليها، أحاط وجهها بكفيه يرمقها بحنو أثار بكائها أكثر، فلم يتردد في ضمها إلى أحضانه ومواساتها..
لم تجد حورية نفسها إلا وهي تطلب غفرانه!
«سامحني كمال، أرجوك سامحني»
تعجب من حديثها، يتلاعب الشيطان بعقله مخبراً إياه أنها متورطة مع عائلتها لذا تطلب سماحه!
يسألها بجمود: «علام أسامحكِ؟»
تشهق بصوت عالي متمسكة بأحضانه بقوة، وكأنها آخر مرة سيستقبلها صدره الرحِب وتتمتع بدفء أحضانه!
أبعدها عن أحضانه عنوة وحمدي يطرق على نافذة السيارة مستفهماً عما يحدث..
يرمقه كمال بجمود، يخبره بكل برود أن لا شيء، ودون انتظار رده يعود للقيادة، وحورية تنكمش في مقعدها والبرودة تتسلل إلى خلاياها رويداً رويداً!
دقائق قليلة من الصمت هيمنت على الأجواء، قبل أن يقطعها هاتف كمال واتصال من رقم غريب يأتيه!
«السلام عليكم»
يصله صوت المتصل والذي لم يكن سوى سليم: «كمال، حورية معك؟
أريد التحدث معها أرجوك، منذ أمس وأنا لا استطيع الوصول لها أو لأمي»
قطب كمال حاجبيه، حانت منه نظرة اتجاه حورية، يعطيها الهاتف قائلاً كلمة واحدة:
«سليم يريدكِ»
اختطفت الهاتف منه بلهفة تماثل لهفة شقيقها.
«سليم»
«حبيبتي، أنتِ بخير، لقد قلقت عليكِ..
كيف حالكِ؟
وكيف حال أمي؟»
تنفجر حورية: «أمي ماتت يا سليم، ماتت»
على الجانب الآخر
شحب وجه سليم لا يصدق ما يسمعه، أمه.. حبيبته الأولى، صديقته المقربة، صاحبة أطيب قلب وأروع ابتسامة..
ألن يراها مرة أخرى؟
ألن يتدلل عليها كطفل مازال في الخامسة؟
ألن يطلب رضاها كل صباح ويخرج ودعواتها ترافقه؟
لمَن سيبث شكواه إذاً؟
على صدر مَن سيلقي همومه وينشد راحته؟
مع مَن سيتحدث عن الفتاة التي ستخطف قلبه وتجعله يدور حول نفسه؟
«مستحيل، أنتِ.. أنتِ تمزحين»
هتف بابتسامة مرتعشة ترفض تصديق الواقع، إلا أن بكاء حورية أكد له أنه واقع.. واقع قاسي!
أغلق الخط رافضاً هذا الواقع بكل قوته.
وحورية بجانب كمال تنتفض من الآلام التي تحتل قلبها، والأخير لا يعرف كيف يتصرف معها!
**********
شبه راكضة، تسير بجانبهما رافعة كفيها لأعلى، مثبتة لنفسها أنها تتحرك بلا عكاز، بل لا تحتاجه من اليوم!
ومروان يشتعل غيرة من حركاتها العفوية، لا يرغب في إفساد سعادتها، ولكنه في نفس الوقت يشتعل غيرة من النظرات الفضولية المحدقة فيها.
وكفى!
التقط ذراعيها المتمرجحان في الهواء، يكبل بكفيه كفيها الناعمتين، تصطدم حدقتاها بلهيب عينيه!
قطبت لمياء حاجبيها لا تفهم سر الغضب البادي على ملامحه، يقول مروان بكذب:
«ستقعي وأنتِ تتحركين بهذه الطريقة»
«ساقع وأقوم بمفردي دون الحاجة لمساعدة أحد، فلا مشكلة»
قالت بابتسامة واسعة وهي تحرك ساقها اليمنى -الصناعية- مستمتعة بملأ الفراغ الذي كان أسفل ركبتها.
يزفر مروان أنفاسه بعصبية، يقدّر فرحتها، لكن في نفس الوقت الغيرة تحرقه!
«الناس تنظر إليكِ»
هتف هيثم معاتباً..
يلتفت إليه مروان بامتنان، ولمياء تنتبه أخيراً للنظرات الفضولية الموجهة نحوها، تهتف ساخرة:
«سبحان الله، أين الشفقة التي كنت أراها في أعينهم؟»
تتحرك أصابع مروان على كفها بحنو، يقول: «سننسى كل هذا ونبدأ من جديد، أنا وأنتِ»
تومىء بسعادة دون أن تسحب يدها منه، وهذا بذاته زاد من سعادته.
يتدخل هيثم قائلاً: «لنذهب إلى البيت»
تلتفت إليه لمياء سريعاً، تقول باعتراض: «لا لا، لا أريد العودة إلى البيت، طوال الأشهر السابقة وأنا مسجونة فيه حتى مللت»
يقول مروان برفق: «كما تريدين، سنفعل ما تحبين ونذهب أينما تريدين»
يقول هيثم ممازحاً: «ستفعل وتذهب، احذف (نا) هذه»
تقول لمياء بضيق: «ماذا تقصد؟»
يرفع هيثم أكتافه، يقول: «اقصد أنني سأعود إلى البيت، فلدي الكثير من الأوراق التي يجب تحضيرها من أجل مقابلات العمل»
يهتف مروان بسعادة: «بالتوفيق يا بطل»
يحييه هيثم ويغادر، من حق مروان الاستمتاع مع شقيقته بعد كل ما عاناه!
ومن بعيد كانت تراقبه، تتنهد بارتياح عندما وجدته يسير بمفرده، وتركض خلفه!
**********
«هيثم، يا هيثم»
توقف فجأة وصوتها يخترق أذنيه، يهز رأسه مستبعداً وجودها ويتابع طريقه..
إلا أن نبرتها المكررة لاسمه ضربت عقله مؤكدة له أنها هنا فعلاً!
التفت ببطء، تتراءى أمامه راكضة نحوه بأنفاس لاهثة و.. ابتسامة واسعة!
قطب حاجبيه بدهشة بينما هي تقترب منه، يسألها بارتياب حالما توقفت أمامه:
«ماذا تفعلين هنا؟»
التقطت جنان أنفاسها بصعوبة، وأجابته: «جئت لأراك بعد أن علمت من مروان أنكما هنا مع شقيقتك»
يرمقها هيثم من أعلى رأسها لأخمص قدميها باستهانة، يتحرك من أمامها دون أن يوجه لها حرفاً!
حدقت جنان في ابتعاده بغيظ، سارعت بخطواتها حتى وصلت إليه لتسير بجانبه، تعاتبه:
«ماذا بك؟
لِمَ لا تتحدث معي؟
لِمَ لا ترد على اتصالاتي؟
لقد هاتفتك أكثر من مائة مرة»
يتمتم هيثم بدهشة من لا مبالاتها: «لا يتخطاكِ أحد في الإزعاج ما شاء الله!»
«ماذا تقول؟»
سألته بفضول وهمسه لا يصل إليها.
يتجاهلها ويتابع طريقه وكأنها غير موجودة!
تتحرك بجانبه متذمرة بطفولية من تجاهله لها!
يستغل هيثم دخولهما شارع خالي من المارة تقريباً، يلتفت إليها صائحاً:
«يا لبرودكِ!
أو تجرئين على معاتبتي ومحاسبتي؟»
انتفضت فزعاً من صرخته، تتمالك نفسها سريعاً، تسأله ببراءة مستفزة: «لِمَ لا اجرؤ؟»
قبض على كفه مسيطراً على انفعالاته.. كابحاً رغبته في إعطاءها كفاً ينتقم به منها على كل ما فعلته به!
«لقد كدت أموت بسببكِ، وأنتِ ماذا.. كنتِ تلعبين بي!»
ترتسم ابتسامة واسعة على شفتي جنان، تلتمع القلوب في مقلتيها، تقول متجاهلة آخر كلماته:
«يا الله، أتحبني لهذه الدرجة؟»
«هذا كل ما تبالين به!»
صاح هيثم بصدمة، وجهه بدأ يكتسي باللون الأحمر من الانفعال.
«بالطبع، لطالما تمنيت أن يعشقني رجلاً حد الموت، ولم أتوقع أنني ساحصل عليه»
«يا الله، يا الله"»
مسح هيثم على شعره بينما يردد بأسى.
يحرك رأسه فاقداً الأمل منها، ويتابع طريقه..
تابعت جنان السير بجواره، هتفت بجدية جذبت انتباهه:
«لا أدري ما الذي يثير غضبك إلى هذه الدرجة؟»
توقف هيثم والتفت إليها متسائلاً بحيرة: «ألا تعلمي؟
لقد لعبتِ بي، أخبرتِني أن هناك مَن يريد الزواج منكِ بينما الحقيقة عكس ذلك!»
ترفع جنان كتفيها بلا مبالاة، تقول ببساطة: «لم يكن أمامي حل آخر لاجعلك تعترف!»
يردد هيثم باستنكار: «اعترف بماذا؟»
تقول جنان: «بمشاعرك نحوي، جميع تصرفاتك كانت تخبرني أنك تحبني، لكن لسانك لم ينطقها، حتى أنني بت أشك في نفسي!»
«والحل من وجهة نظر سيادتك كان بإيهامي أن هناك آخر في حياتكِ؟»
سألها بانفعال.
تتخصّر جنان في وقفتها، تقول بعصبية: «والله هذه الطريقة الوحيدة التي جعلتك تنطق!»
«اعتدلي في وقفتكِ»
هتف آمراً..
تعتدل جنان في وقفتها متعجبة من تغييره لمجرى الحديث..
يرمقها هيثم بغضب ويعاود السير!
تسأله دون أن تتحرك خلفه: «لم تخبرني، متى ستأتي لطلب يدي؟»
يتوقف هيثم للمرة الثالثة، يلتفت إليها متسائلاً: «ومَن قال أنني سأتزوجكِ؟»
تتخصّر في وقفتها مرة أخرى متجاهلة نهره السابق لها، تقول بصدمة:
«لا والله!
تعتقد أنك ستقضيها معي همسات ولمسات وخروجات وسهر وأحاديث دون أن يكون هناك رابط شرعي بيننا!»
يسيطر الذهول على هيثم، فلا تمكنه صدمته من حديثها الانتباه إلى وقفتها، يكرر كلماتها:
«همسات ولمسات!»
تعتدل جنان في وقفتها، تقتحم ذهوله بتحذيرها: «اسمعني جيداً، لست أنا الفتاة التي تتلاعب بها، لن تقترب مني أو تنال كلمة عشق قبل أن تتزوجني، فهمت؟»
ورافقت كلماتها بإشارة صارمة تدل على عدم التهاون..
يهز هيثم رأسه بقوة محاولاً استيعاب كل ما تلقيه على أذنيه، ثم يقول بحسم:
«انسي جنان، لن أتقدم لطلب يدكِ إلا بعد، أممممم»
تظاهر بالتفكير قليلاً قبل أن يتابع بمكر: «ربما سنتين أو ثلاث سنوات»
«ماذا؟»
صاحت بصدمة.
يقول هيثم ببرود: «والله هذا أقل عقاب على ما فعلتِه!»
تضرب الأرض بقدميها بغضب، تقول: «هذا ليس عدلاً، أنا لن أوافق على هذا»
يضحك هيثم ساخراً، ويقول ببرود: «ومَن طلب موافقتكِ من الأساس؟
أنتِ لن تجبريني على طلب يدكِ!»
تهتف باستفزاز: «لكنني لن انتظر كل هذا الوقت، سأوافق على أول عريس أراه مناسباً»
في لحظة واحدة، كان هيثم أمامها، يمسك ذراعها بحنق، يقول بجدية: «لا يؤخذ برأي الفتيات في هذه المواضيع..
أنتِ ستجلسي في بيتكِ حتى أقرر وآتي لطلب يدكِ..
لا نقاش في ذلك!»
وتحرك تاركاً إياها وسط ذهولها.. مستمتعاً بصدمتها، فهي تستحق بعد كل ما فعلته به!
أما هي فعادت لتضرب الأرض، تصيح بغيظ: «والله لأُريك!»
**********
«قف، قف هنا»
أوقف مروان سيارته على جانب الطريق بحيرة من طلبها، تقول لمياء بابتسامة:
«أريد مثلجات بالشوكولاتة والمانجو»
يضحك مروان بخفة متذكّراً تلك المرة التي خرجا فيها من المشفى وأحضر لها المثلجات، يعترف أنه لم يتوقع أن يكون هذا أول طلباتها!
«تأمرين»
ترجل ليحضر لها ما ترغب..
تابعته لمياء بنظراتها بترقب، لقد اقتربت اللحظة!
دقائق قليلة وعاد مروان حاملاً معه كوبين من المثلجات..
يعطي لمياء الخاص بها، تلتقطه بسرعة وتلتهمه بشراهة.
«أتذكر تلك المرة التي جلبته لي فيها؟»
يقول مروان بضحك: «نعم، يومها كدت أقبّل يدكِ كي تأكلينه»
تهتف لمياء بخجل ونظراتها مثبتة على الكوب: «ويومها اعترفت لي بحبك، لقد رفرف قلبي سعادة من كلماتك وقتها»
يقترب بجسده حتى كاد يجلس على مقعدها، بهمس بعشق: «وسأظل أبثكِ حبي وشوقي..
شوقي أن تكوني معي، بين أحضاني، أغفى على صوت أنفاسكِ واستيقظ على همساتكِ، أتلقى حنانكِ وأتمتع بدلالكِ..
أنا لا أحبكِ، لا اعشقكِ، مشاعري تعدت كل هذا وقلبي غير قادر على احتوائها..
يا ليت لي قلبين ليستوعبا حبكِ..
بل ليتني أملك من القلوب بعدد أيامي القادمة في الدنيا، فيحبكِ كل يوم قلب»
بكت لمياء فرحةً.. تأثراً، تقول من بين دموعها: «يفترض بي الاعتراف لك بحبي الآن، لكنني لا أجد كلمات مناسبة تضاهي كلماتك»
يبتسم مروان بعشق، يهمس: «يكفي أن تقوليها، اسمعها من بين شفتيكِ..
أحبك مروان فقط قادرة على جعلي أحلق بين السحب..
فقط قوليها»
تكرر بصدق: «أحبك.. أحبك.. أحبك.. أحبك..
أنا اعشقك مروان»
ينسى نفسه، يحتضنها مستمتعاً بنعيم قربها، هامساً: «ما أجملها من بين شفتيكِ، يا قلب مروان وروحه»
يبتعد عنها، يحيط وجنتيها بكفيه، يهمس بتوسل عاشق: «لنتزوج، امنحيني شرف قربكِ، أرغب في لمسكِ.. مغازلتكِ.. دون خوف من عقاب الله..
ارفقي بحالي أرجوكِ»
تومىء موافقة.. مانحة قلبه سعادة لم يعرفها من قبل.
**********
فتحت الباب على ولدها الذي اعتزل العالم تماماً منذ ذلك اليوم الذي أيقن فيه ابتعاده عن لمياء، وأضحى حاله لا يسّر عدواً ولا صديقاً..
على قدر فرحتها بابتعاد لمياء عنه، على قدر حزنها على حاله الذي يذوي يوماً بعد يوم.
«إلى متى يا ماهر؟»
أغلق ماهر عينيه رافضاً الضوء الذي اقتحم غرفته، يقول بضيق:
«اغلقي الضوء»
تتجاهل طلبه، تتحرك لتجلس بجانبه..
يزفر ماهر أنفاسه بأسى.
«لا شيء يستحق ما تفعله في نفسك، صدقني غداً ستتزوج مَن هي أفضل منها»
يهتف ماهر بأسى: «لا أحد أفضل منها أمي، لا أحد يضاهيها جمالاً وأخلاقاً، لمياء أجمل ما حدث في حياتي، لكنني غبياً أضعتها من بين يدي بتهوري»
تأففت بضيق من حديثه، تكبح رغبتها في إظهار عيوب لمياء والتي تتمثل في عجزها، فابنها لا يقتنع!
«برضاي عليك اخرج من غرفتك، قلبي يموت قلقاً عليك وأنت في هذا الحال..
ما رأيك أن تخرج مع أولاد عمك؟
منذ زمن لم تخرج معهم»
نبرتها البائسة استجلبت اهتمامه..
يرفع نظراته إليها فيرى القلق المحتل وجهها، يزفر أنفاسه بخفوت، ويقول:
«حسناً أمي، ساتصل بهم»
تبتسم بانتصار، كما توقعت؛ ولدها يحتاج إلى دفعة صغيرة للعودة كما كان!
**********
انهيار غير متوقع، شهقات عالية ودموع كثيرة أثارت قلق عائلتها والشك يضرب قلبهم..
سأل أحمد بضيق من حال شقيقته الغريب: «ماذا حدث يا مروة؟
تشاجرتِ مع عزام؟»
ارتفع صوت شهقاتها وزادت وتيرتها..
ضمتها والدتها إلى أحضانها، تظن كما يظن البقيّة أن عزام فعل لها شيئاً!
تربت على ظهر مروة بحنو، تقول: «أخبريني بما فعله وسأريكِ ما سأفعله به!»
تعالى رنين جرس الباب، يتجه أحمد و يفتحه، يسارع في القول حالما رأى عزام:
«ماذا حدث يا رجل؟»
تحرك عزام للداخل، يتوقف أمام عمه وعائلته، يزفر بقنوط من بكاء مروة الغير مقبول بالنسبة إليه!
«ماذا حدث يا عزام؟»
انطلق السؤال من فم والد مروة حاملاً الكثير من التعجب والغضب، إلا ابنته.. لن يسمح أن تحزن وتبكي مجدداً، يكفي ما عانته في حياتها!
يطفو غضب عزام مفاجئاً مَن حوله: «صدقني يا عمي أنا نفسي لا أدري ماذا حدث!
فجأة وجدتها تخبرني أنها لا تريد الزواج منّي!
أخبرني كيف يمكنني التصرف معها خاصة أن سببها.. تافه!»
تبتعد مروة عن أحضان والدتها، تصيح بصوت مبحوح: «تافه!
ألّا أجد فستان زفاف يناسبني لافرح كأي فتاة في ليلة العمر تراه تافهاً!»
«فستان زفاف»
ردد أحمد ووالده خلفها مصدومين، ثم قال أحمد بعدم استيعاب:
«كل هذا البكاء لأنكِ لم تجدي فستان زفاف!»
«لا ولا تريد الزواج منّي أيضاً!»
صاح عزام باستنكار.
تتحرك حدقتا مروة بينهما، تقول: «أنتما لا تفهمان، لا تفهمان»
عادت إلى أحضان والدتها، تتوسل منها دعماً وتفهماً، تساندها الأخيرة:
«اعلم ما يجول في خاطركِ حبيبتي، لكن الموضوع لا يستحق كل هذه المبالغة، في الأخير ستجدي فستاناً مناسباً»
تقول مروة بحزن: «لقد بحثت في أكثر من مكان يا أمي، لا أجد ما يناسب مقاسي!»
مسح عزام على وجهه مستغفراً بخفوت ودموعها تلمس قلبه فتطغى على غضبه..
يجلس على المقعد المجاور لها، يميل بجذعه العلوي حتى يكون قريباً منها، يقول بهمس جاهد كي لا يصل لوالدتها:
«وعلاقتنا بالنسبة إليكِ ضعيفة لدرجة أن تتخلي عنّي من أجل فستان زفاف!»
تبتعد عن أحضان والدتها، تهتف بضعف والدموع تغرق وجنتيها: «سامحني لم اقصد جرحك، لكن الأمر جرحني بشدة، أنت لم ترى نظرات الفتيات لي وواحدة منهنّ تخبرني بكل سماجة ألا أرهق نفسي في البحث لأنني لن أجد ما يناسب جسدي!»
غضب.. غضب أهوج تخلل إلى جميع خلاياه، يتمنى لو كان معها ورأى تلك الفتاة ليلقنها درساً لا تنساه!
لو فقط وصل إليها مبكراً، لكان داوى جراح حبيبة روحه!
ولو فقط.. لم تكن عائلتها تحاصرهما في هذه اللحظة، لكان بيّن لها جمال جسدها في عينيه!
تنحنح بحرج غير قادر على السيطرة على رغبته، اقترب منها بخجل من النظرات المحدقة فيهما، همس:
«لأنها تغار منكِ شوكولاتي، من جسدكِ الفاتن..
آه لو تعلمين كم أتوق لضمّ هذا الجسد بين ذراعي!»
اختفت دموعها، احتقن وجهها بخجل، تزجره بخفوت دون النظر لعينيه:
«عزام، والداي»
يزفر أنفاسه بحرارة، وأحمد يقترب منه، يسأله بملامح مشاكسة:
«بم تخبرها؟»
يرفع عزام حاجبيه باستنكار، يقول: «لا دخل لك!»
يغمزه أحمد بشقاوة، يقول: «أريد معرفة السر لأتعلم فيما بعد، يبدو أنك خبير!»
يضحك عزام ويدفعه بعيداً بممازحة، يعود بنظراته لمروة هامساً برفق:
«لا تقلقي بشأن الفستان، أنا سأتصرف»
«ماذا ستفعل؟»
سألته بفضول.
يهمس عزام بعشق: «طالما الأمر مهم لكِ لهذه الدرجة، سأفعل المستحيل من أجل سعادتكِ»
وغادر منزل عمه ناسياً وعوده بالكفّ عن تدليلها ومحاسبتها على حديثها!
**********
«أبي»
صاحت حورية ببكاء حالما رأت والدها أمامها، ضعيفاً.. مكبلاً.. كما لم تراه من قبل!
يقف جمال أمامها، يقول بلهفة: «لا تبكي حبيبتي، لا تخافي، سينتهي كل هذا»
يقف شريف خلفه، يقول بقسوة: «خذه إلى السجن يا عسكري»
يثور جمال رافضاً، بينما حورية تتساءل ببقايا أمل لازال يحتل قلبها: «لا لا، أبي بريء لم يفعلها..
أخبرهم أبي، أخبرهم أنك بريء»
يقول جمال بتحذير لم يفهمه سوى شريف وحمدي: «لا تقلقي حبيبتي، أنا خلفي رؤوس كبيرة من مصلحتهم أن يخرجوني من هنا في أقرب وقت حتى لا أجلبهم بجانبي!»
تعلقت نظرات شريف بحمدي، يعده بأن يكون بجوار جمال قريباً.. قريباً جداً، لو فقط يملك دليلاً واحداً!
بينما قلب حورية توقف عن النبض ووالدها يقتل آخر أمل كان لديها..
يتابع والدها غير منتبه لشحوب وجهها: «طمئني والدتكِ، أخبري شقيقكِ أن يختفي حتى ينتهي كل ذلك..
لا تقلقي، كل شيء سيعود كما كان في أقرب وقت»
تهتف حورية بنبرة ميتة: «لا شيء سيعود كما كان..
أنت وشقيقي تجار مخدرات..
وأمي، أمي ماتت وتركتني وحيدة»
أشار شريف إلى العسكري ليسحب جمال عنوة، بينما الأخير يصيح بجنون مانحاً ابنته المزيد من الصدمات:
«ماتت، ماتت!
كيف؟
لِمَ، لِمَ لم تثق بي؟
طوال عمرنا ونحن نعمل في هذه المهنة، لم نخطئ..
لطالما أخبرتها ألا تخاف إن قُبِض عليّ فسأخرج بعدها..
لِمَ لم تنتظر، لِمَ؟»
تردد حورية بذهول: «أمي، أمي كانت تعرف، كانت تعمل معكما!»
تُفقدها الصدمة الوعي، يتلقفها كمال بين ذراعيه وحتى هو لا يستوعب ما قيل، لقد سقط في فخ عائلة مجرمة من أكبرها إلى أصغرها!
«اتركني، اتركني، يجب أن اخرج من هنا..
أقسم بفضحهم جميعاً إن لم اخرج..
لا تخافي حورية، لا تخافي حبيبتي سأكون بجواركِ»
وكلماته كانت النهاية بالنسبة إلى حمدي!
«يبدو أن أحدهم سيقع قريباً»
هتف شريف بتسلية شاعراً بدنو هدفه من القبض على حمدي وتخليص البلد منه..
يسيطر حمدي على القلق الذي احتل قلبه، يهتف ببرود:
«لا أفهمك يا سيادة الرائد!»
مقرراً في نفسه أنها لن تكون نهاية جمال بمفرده!
**********
«جمال، شريف الشرقاوي لن يأتي عليهما صباح..
أريد رؤية اسميهما غداً في صفحة الحوادث»
أمر حمدي حارسه وذراعه الأيمن، يطمئنه الأخير:
«عُلِم»
«وجد لي براءة في أسرع وقت وتخلصّ منها، لننتهي من هذا الموضوع ونرتاح»
يومىء حارسه بطاعة تامة، بينما نظرات حمدي تركزت على كمال القريب.. جداً من حورية، يتساءل إن كان سيبتعد الأخير بمفرده أو سيضطر للتخلصّ منه كالبقيّة لنيل الحورية!
تحرك بخطوات حازمة تجاههما، يسمع حورية تقول:
«أنا بخير كمال لا تقلق، الصدمة كانت شديدة عليّ ولكنني بخير»
لم تغفل عن جمود ملامحه ونظراته الغامضة، تدرك أي صراع يعيشه الآن وأي أفكار تتقاذف إلى عقله، تعِد نفسها أن هذا لن يستمر طويلاً!
«إلى أين ستذهبي الآن يا حورية؟»
رفعت نظراتها.. الممتنة إلى صديق والدها، تهمس بهشاشة: «لا اعلم، لا اعتقد أنني سأكون قادرة على العودة إلى المنزل»
يهتف كمال بصرامة تخالف كل ما يعتمر بداخله: «ستذهبي معي إلى بيتي»
ترتسم شبه ابتسامة على وجهها، تتحرك حدقتاها على وجهه تطبع ملامحه في عقلها!
«أحتاج البقاء بمفردي، بعدها سأقرر إلى أين ساذهب»
كاد كمال أن يعترض، إلا أنها قالت: «لا تقلق، سأكون بخير، سأتصل بك»
يقول حمدي: «إن احتجتِ لأي شيء اتصلي بي فوراً»
أومأت شاكرة، تحركت بخطوات بطيئة مبتعدة عنهما، ليأمر حمدي أحد رجاله بنظراته بتتبعها!
**********
شهر أو أكثر مر منذ آخر مرة رأته فيها قبل أن تهرب من الحصار الذي يفرضه على قلبها والتشتت الذي يسيطر على عقلها!
لكنها اليوم عادت.. عادت وهي مختلفة!
حديث أشرف معها من قبل، حادث باسم وكلامه معها، تغيّره و معاملته للآخرين التي اختلفت مائة وثمانين درجة، كلها أشياء أثرت بها وجعلت نظرتها تختلف تجاه بعض الأمور..
صحيح لم تختلف تماماً، لازالت بعض السطحية تسيطر على شخصيتها، لكنها في طريقها للتغيير..
وأولى خطوات هذا التغيير.. اعترافها بحبها لـ.. أشرف!
تحركت اتجاه عيادته بخطوات واثقة تدرك غايتها جيداً، بالتأكيد لن تعترف له بحبها، لن تخبره عن كمّ اشتياقها له، لكنها بذكاء أنثوي وكلمات مدروسة ستحاول استخراج مشاعره، ستجاهد لمعرفة إن كان يحبها أو لا..
كأنها ستسمح له بعدم ذلك من الأساس!
هو يحبها.. رغماً عنه يحبها!
«الدكتور أشرف موجود؟»
سألت الممرضة المسؤولة عن عيادته..
فتجيبها بنبرة مهنية بحتة:
«الدكتور أشرف تسّلم الأعمال الإدارية الخاصة بالمشفى، وعيادة العظام يتولى مسؤوليتها الدكتور...»
لم تستمع لبقيّة كلماتها وتساؤلاتها تنحصر في نقطة واحدة..
«لِمَ يتسّلم أشرف الأعمال الإدارية؟!»
لم تدري أن سؤالها خرج مسموعاً، إلا حين أجابتها الممرضة بدهشة:
«طبيعي أن يتسّلمها هو، ومَن غير ابن صاحب المشفى سيتولى الأعمال في غياب صاحبها!»
تضربها الحقيقة في مقتل، أشرف ابن صاحب هذه المشفى المشهورة، وليس فقيراً كما توقعت!
**********
تتلاعب في خصلات شعره بينما هو مستلقي في أحضانها باسترخاء، يقلب التلفاز بملل.
«باسم»
«أمممم»
همهم بكسل.
تكفّ رشا عن العبث في خصلات شعره، تسأله بحنو: «ألم تحدد موعد العملية -التجميل- مع الطبيب؟»
يهتف باستفزاز دون أن ينظر إليها: «أخيراً بدأتِ تشعرين بالقرف من مظهري!»
تدفع جسده عنها بحنق، هاتفة: «سمج»
يعود باسم إليها وضحكاته تتعالى..
يلتفت بجسده لتتلاقى نظراتهما، يقول بصدق:
«اعلم أنكِ آخر مَن من الممكن أن ينظر لي بهذه الطريقة، بل يستحيل أن تفعليها من الأساس»
تبرر رشا بصدق: «والله أنا أتساءل من أجلك، أشعر أنك غير مرتاح»
يعتدل ويضمها إلى صدره، يقول براحة لم يشعر بها إلا من وقت قريب: «بالعكس، أنا لم أشعر بالراحة وأنني حقاً أعيش سوى في الأيام الأخيرة، تحديداً من بعد الحادث!
الموضوع معقد جداً لا استطيع شرحه، لكن»
يرفع وجهها، تتقابل نظراتهما بينما يتابع: «لقد تعلمت درساً، ربما يبدو قاسياً ولكنني سعيداً لأنني تعلمته..
كما أنني سعيد لأنكِ زوجتي، أنتِ لا تعلمي ما تفعلينه بي في كل مرة تقبّلي فيها وجهي المشوّه بكل شغف!
أنتِ يا رشا السبب الأول فيما وصلت إليه بعد الله سبحانه وتعالى»
ومع كل كلمة كان ينطقها كانت ابتسامتها تتسع أكثر وأكثر.
«أنا أتوق لإجراء العملية، ليس من أجلي كما تعتقدين، بل من أجلكِ أنتِ، كي لا تخجلي أمام أي أحد يتحدث عنّي، كي تشعري بالفخر وأنتِ واقفة بجواري..
لذا قررت إجراء العملية بعد زفاف عزام ومروة بمشيئة الله، أنتِ تعرفين عزام لن يتركني بمفردي، وأنا لا أريد أن أستحوذ على وقته هذه الفترة»
تهتف رشا بصدق: «أنا فخورة بزواجي منك فعلاً، فخورة أنني أنتمي لرجل مثلك، لا أبالي بأي شيء آخر»
ابتسم باسم في وجهها، تحركت شفتاه باحثة عن شفتيها باشتياق، إلا أن رنين جرس الباب قاطع وصوله إلى هدفه!
«مَن السمج الذي يأتي الآن؟»
تتعالى ضحكات رشا بينما تتحرك لترى مَن الطارق..
تستقبل عزام بكل حفاوة، وباسم يرمقه بحيرة، فهو لم يخبره أنه قادم!
«خير يا عزام؟»
يملسّ عزام على شعره بحرج، يقول: «أنا أحتاج مساعدتكما»
**********
«طوال اليوم كنت معها!
لا أصدق!»
صاحت والدة كمال بصدمة لا تصدق أن ابنها حقاً ذهب إلى حورية بعد كل ما عرفه عن عائلتها!
تمالك والده أعصابه، سأله: «لِمَ ذهبت إليها؟»
يبرر كمال باقتناع: «كنت أحتاج إلى ذلك، أحتاج إلى التأكد أنها بريئة لم تخدعني..
لم أكن لأتحمل فكرة أن تكون تعرف بعمل عائلتها وتتلاعب بي»
«وتأكدت؟»
سأله والده ساخراً، ووالدته تتمتم بعدة كلمات مذهولة من تصرفات ولدها!
يومىء كمال مؤكداً، يسأل والده بنفس النبرة الساخرة: «و على ماذا تنوي؟»
يرمش كمال بعينيه مستوعباً عدم رضى والده -هو الآخر- عن تصرفاته، يقول بخفوت: «بالتأكيد لن أتخلى عنها يا أبي، لن أتركها وحيدة بعد كل ما عانته»
«يا لقلبك الرحيم!»
انطلقت الكلمة من زوج شقيقته الذي لا يستوعب غباء شقيق زوجته لدرجة أن يورط نفسه مع هؤلاء المجرمين!
زجره كمال بعنف..
صوت والده مهيمناً: «وبم ستخبر الناس يا سيد كمال؟
أن الفتاة بريئة لا علاقة لها بعمل عائلتها القذر لذا يجب أن نفتح لها ذراعينا مرحبين؟»
يهتف كمال برفض لأفكار والده: «أنا لن أتزوج الناس أبي، لا أبالي بحديثهم، فهم يتحدثون في كل شيء وأي شيء، وبعدها ينسون»
إلا أن والده لم يقتنع بكل ما قاله، لا يؤمن سوى بآرائه ومعتقداته: «صحيح الناس تنسى!
ماذا إذاً عن أولادك منها؟
بم ستخبرهم في المستقبل؟
أن عائلة والدتهم مجرمون.. تجار مخدرات؟
لا تفكر في نفسك فقط، هناك الكثير ممن سيتضرر بسبب تصرفك»
«ماذا تقصد أبي؟»
سأل كمال بقلب يرتجف خوفاً من الفراق..
«أقصد أنك لم تستوعب بعد حجم الكارثة التي ترغب في توريط نفسك فيها، يبدو أن مشاعرك لازالت تسيطر عليك..
لكنني متأكد أنك بنفسك ستطلقها بعد أن تستوعب حقارة عائلتها..
وتأكد أيضاً أنني لن أقبل بغير ذلك!»
انصرف من أمامه وزوجته تتبعه، راضية كل الرضى عن حديث زوجها وقراراته!
يدفن كمال وجهه في كفيه مفكراً في كل ما قاله والده، حائراً بين قلبه وعقله..
هل يتصرف الآن تحت سيطرة مشاعره كما يقول والده؟
اقتربت ملك -شقيقته- منه، تربت على كتفه بحنو، تهمس بتردد: «لا تغضب من أبي كمال، لقد قال ذلك من خوفه عليك وعلى مستقبلك، والصراحة هو لديه حق!»
ترتفع نظرات كمال المصعوقة إليها، يقول بعدم تصديق: «حتى أنتِ تفكرين مثلهما يا ملك؟!»
«أنا أفكر بالعقل والمنطق أخي، حياتك أنت وحورية حُكِم عليها بالفشل منذ انتشار عمل عائلتها، وأنت ستستوعب ذلك عاجلاً أم آجلاً!»
إلا أن حورية استوعبت ذلك قبله.. بكثير!
أرسلت إليه رسالة طويلة عريضة لا تتضمن سوى شيئاً واحداً.. الفراق!
يقرأ كمال رسالتها بذهول، ومع كل كلمة يحتضر قلبه ألماً!
**********
يقود سيارته بملامح متجهمة وحاجبين معقودين بريبة..
لا يصدق حتى الآن حديث الشاب الذي استعان به منذ أيام لمراقبة والده!
«والدك يتردد على شقة في حي....»
استعاذ بالله من الشيطان مبعداً الشكوك عن عقله، مقنعاً نفسه أن هذه الشقة تجمع والده ببعض الأصدقاء ليجلسوا بحرية!
أوقف سيارته أسفل العمارة التي أخبره عنها الشاب، يتحرك بتلقائية اتجاه رجل الأمن مستفسراً منه عن وجود والده..
ولصدمته، أخبره الرجل أن والده يمتلك الشقة السابعة هو وزوجته!
زوجته!
ترنح في وقفته ودوار شديد يهاجمه، يسنده الرجل قائلاً بقلق:
«أنت بخير يا سيد؟»
يومىء مروان بتشتت، يصعد بخطوات ثقيلة إلى الشقة..
ثواني مرت ببطء شديد عليه، قلبه يكذّب كل ما سمعه، إلا أن الحقيقة تجلت أمام عينيه واضحة كوضوح الشمس ووالده يفتح له الباب عاري الصدر، وسكرتيرة مكتبه تقف خلفه!
**********
لا، الوضع لا يطاق، هي لن تحتمل الجلوس في المنزل أكثر من هذا، كما أنها تشتاق لعملها!
تحركت براءة في غرفتها ذهاباً وإياباً محاولة كبح موجة الملل التي تسيطر عليها، إلا أنها لم تستطع..
استسلمت والتقطت هاتفها لتتصل بشريف، لابد أن يجد لها حلاً لتعود إلى عملها..
عليها بالعودة إلى العمل بأي طريقة!
«مساء الخير»
تجاهلت تحيته، تقول بنبرة سريعة وكلمات غير واضحة: «شريف لقد مللت، أنت لا تشعر بمقدار معاناتي، أنا سأجن من الفراغ الذي أشعر به..
أنت لا تعرف، أنا غير معتادة على ذلك..
أرجوك جد لي حلاً لأعود إلى عملي، أرجوك»
استوعب شريف ما تريده بصعوبة إثر سرعتها في الحديث..
يقول بنبرة لطيفة ليؤثر عليها ولا تعانده:
«بالعكس أنا أدرك جيداً كم تعانين، لكنني في نفس الوقت لن اسمح بتعريضكِ للخطر، حياتكِ لدي أهم من أي شيء»
«نعم لكنني مللت، لا استطيع تحمل هذه الحياة»
يبتسم شريف ويقول برفق: «أيام قليلة وسينتهي كل هذا، ستعودي لممارسة حياتكِ بصورة طبيعية، أعدكِ»
«وماذا سأفعل حتى تنتهي هذه الأيام؟»
سألته بسخط.
يلاحظ شريف بحركة سيارته الغريبة، يغلق معها الخط بسرعة متمتماً بعدة كلمات غير مفهومة..
السيارة تسير بسرعة جنونية، وهو غير قادر على التحكم بها، يحاول الوصول بقدمه إلى المكابح ليسيطر عليها ولكنه لا يستطيع، ليستوعب أخيراً أن لا وجود للمكابح من الأساس!
وما زاد من الوضع سوء هو ظهور سيارة أخرى تستهدفه خصيصاً، تقترب منه دافعة سيارته بعنف..
وما هي إلا دقائق قليلة حتى انقلبت سيارة شريف متحطمة!

اوعوا تخافوا، الفصل الجديد في الطريق اهوه 😂😂😂😂

روحكِ تناديني (كاملة)Where stories live. Discover now