الفصل الثامن

7.9K 358 22
                                    

الفصل الثامن اهوه، والتاسع ان شاء الله هينزل اول لما اصحى، يعني قبل العصر كده 😂😂😂
بس حطوا فوت وكومنت، حسسوني انكم بتقرأوا 🥺🥺🥺

أغلقت باب غرفتها بعنف حانقة، أحداث الساعة الأخيرة تتراءى أمامها مرة بعد مرة فتزيد من غضبها!
لا تصدق أنه كان سيفعلها حقاً، كان سيضعها في السجن!
الحقير.. الحقير، سوف تريه، تقسم على فضحه..
جزت على أسنانها بقوة و هي تتذكّر ابتسامة الانتصار التي ارتسمت على وجهه عندما صرحت له عن مصادرها..
صحيح أنها كابرت في أول الأمر ظناً منها أنه لم يستدعي العسكري إلا ليخيفها، لكن ملامحه الجديّة الصارمة و هو يأمره بأخذها، سحب الرجل لها بلا مبالاة خارج مكتب شريف، آكدا لها أن الأمر جديّاً، أنها فعلاً ستُسجن!
عادت راكضة إلى مكتب شريف، بضيق أخبرته عن كل مصادرها، توعدته بغضب طفولي أنها لن تنسى ما كاد أن يفعله، ثم غادرت مكتبه دون أن تسمح له بالتعليق على أي مما قالته!
ضربت وسادتها بعنف، صاحت مكررة: «حقير.. حقير، سأحاسبك على هذا اقسم»
طرقات على باب غرفتها أوقفت صياحها، تنحنحت مسيطرة على انفعالاتها، و تقول بأقل نبراتها هدوءً:
«تفضل»
يُفتح باب غرفتها، يدخل والدها بملامح مقتضبة أعلمتها كم هو غاضب..
«بركاتك يا سيادة الرائد»
حاولت رسم ابتسامة على وجهها، و هي تنهض لتستقبل والدها، تقترب كي تقبّله..
وضع جلال يده بينها و بينه مُشكلاً حاجزاً يمنعها عن الاقتراب منه، عيناه تتفحصّها بدقة.
«وصلتِ الآن؟»
نبرته خرجت غاضبة مؤكدة شعورها بغضبه..
قالت بتبرير: «منذ ربع ساعة تقريباً»
ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه أثارت ارتيابها، يقول: «كم الساعة؟»
زمّت شفتيها، و قالت بضيق: «ما المشكلة أبي؟»
تزول ابتسامته، يحتقن وجهه بغضب، و هو يقول: «ما المشكلة؟
الساعة تعدت منتصف الليل و أنتِ خارج المنزل، و لا تردي على هاتفكِ، و في الأخير تسألين عن المشكلة!
ليست هناك مشكلة براءة»
تنهدت بداخلها بضيق، لم تقوى على الرد عليه، فوالدها يبدو غاضباً بشدة!
«لا تجدي رداً، أليس كذلك؟»
انطلق لسانها يبرر: «أنت تعلم أنني كنت في العمل»
«و عملكِ له ساعات محددة، لا يستمر إلى منتصف الليل!»
رد عليها بحدة.
ثم تابع بتحذير: «أنا تركتكِ من قبل تفعلين ما تشاءي لأنني أريد هذا، قُلت لنفسي لا مشكلة اتركها هي لازالت صغيرة، حماس العمل يأخذها، غداً تكبر و تكفّ عما تفعله..
و لكنني أرى أن كل يوم يمر تزداد فيه تصرفاتكِ الغير مقبولة أكثر!
لذا من اليوم سيكون لديكِ مواعيد محددة للعودة إلى المنزل لن تتخطيها، و إن حدث و خالفتِ أوامري لن يكون هناك عمل من اليوم»
لهذه الدرجة!
ماذا حدث و جعل والدها منزعجاً منها هكذا، لدرجة أن يهددها بمنعها عن العمل!
ثم ما مشكلة الجميع مع تهديدها اليوم!
لقد باتت تظن أنه ليس يوم حظها!
«هو بالفعل كذلك»
همست لنفسها ببؤس..
تفكر أن ما يريده والدها سوف يتحقق، ليس لأنها ستفعل ذلك، على العكس، لو كان الأمر بيدها لكانت ناقشت و عاندت و تدللت حتى حصلت على ما تريد!
لكن الأمر يرجع إلى سيادة الرائد الذي علم بكل مصادرها و بالتأكيد سيمنعهم عن التواصل معها في الأيام القادمة..
لذلك؛ و حتى تجد طريقاً آخر تعرف من خلاله ما تريد، ستلتزم بمواعيد العمل الرسمية، ستعود إلى البيت في الأوقات التي يحددها والدها.
«كما تريد أبي»
نبرتها الهادئة.. المطيعة فاجئت جلال، و مع ذلك تنهد براحة، فآخر ما يريده هو خوض نقاش مع ابنته!
**********
استلقى على سريره و ابتسامة واسعة تزيّن وجهه..
خوفها.. قوتها التي تتسلح بها.. تحديها له.. قبل أن تعود إلى هيئة الأرنب المذعور..
تتراءى أمامه بكل حالاتها، تضفي إلى حياته القاتمة لوناً، مشاعر لم يعهدها تحتل قلبه!
تعالت ضحكاته و هو يتذكّر جديّته في إصدار أمر بالقبض عليها، اتساع عيناها بخوف حاولت إخفاءه!
الغبية صدقت أنه سيسجنها حقاً، أو ربما هو مَن كان بارعاً في التمثيل لدرجة جعلتها لا تكتشف أنه مجرد تهديد كالتهديدات السابقة!
ليس مهم، المهم الآن أنه علم بمصادرها، و سيحرص بكل قوته على عدم تواصلها معهم الأيام القادمة..
و المهم أيضاً أنه نفذ مقولته لها (نحن رجال أفعال لا أقوال) و لن تراه من اليوم رجل لا يقدر سوى على التهديد!
و الأهم من المهم أنه تأكد أنها ستلجأ له الأيام القادمة للحصول على أي معلومة تحتاجها، و هذا يعني أنه سيراها كثيراً!
نبض قلبه بعنف و أفكاره تصل إلى هذه المنطقة..
ماذا فعلت به هذه الفتاة؟
لأول مرة يتأثر هكذا بإحداهنّ، يفكر فيها كثيراً، يموت شوقاً ليراها، يسجل قلبه كل لحظة يقضيها معها ليتذكّرها و هي بعيدة عنه..
هل هذا ما يُدعى الحب؟
لمس قلبه النابض بقوة و هذا السؤال يهاجم عقله..
هل يحب براءة؟
هل هذا السر وراء كل ما يشعر به اتجاهها؟
هو لم يجرب الحب من قبل، لا يعرف كيف يكون و بم يشعر، حتى في سنوات مراهقته، لم تلفت فتاة نظره!
ربما لأنه كان مهتماً بالدراسة و بعدها تحول اهتمامه إلى عمله.. شغبه الأوحد!
لذا لن يتحرك أو يتخذ أي قرار إلا بعدما يتأكد من مشاعره بنسبة مائة بالمائة..
يصرخ قلبه بتأكيد؛ مشاعره كلها لبراءة و ستظل لبراءة مهما طال الوقت!
**********
وقفت تراقبها و هي تشرح للأطفال و تمازحهم كاليوم السابق، لا.. هناك اختلاف، مروة اليوم مختلفة عن مروة أمس، و على عكس ما كانت تتوقع، الاختلاف إلى الأسوأ و ليس الأفضل!
تأملت لارا ابتسامة صديقتها الشاحبة، نظراتها الميتة..
غريب، ماذا حدث لتصبح هكذا؟
لقد ظنت أن بعد حديثهما أمس ستكون الأمور بخير و ستجد صديقتها السعادة!
الملل الذي احتل وجوه الأطفال و الفوضى التي بدأت تعمّ بسبب عدم انتباه مروة الكامل لهم جعلها تتدخل..
دخلت الغرفة التي تضمهم، صاحت بحماس طفولي تسّرب إلى الأطفال دون جهد منها..
«يا أصحاب، سمعت أن هناك مفاجآت و هدايا لكم، اذهبوا إلى الخالة ياسمين لتروها»
و كما أرادت، صاحوا الأطفال بسعادة و ركضوا خارج الغرفة، لتبقى هي و مروة بمفردهما..
«لم تأتي أمس إلى المشفى كما اتفقنا!»
أغمضت مروة عينيها و أحداث اليوم الماضي تهاجم عقلها فتهبط دموعها تلقائياً، مما جعل لارا تقترب منها بذعر، و تسألها:
«حبيبتي ماذا بكِ؟
ماذا حدث معكِ؟»
تنفجر مروة و تقصّ عليها كل ما حدث معها..
يشتعل صدر لارا بغضب و هي تستمع إلى ما فعلته مرام معها.
«الحقيرة
كيف لم تردي عليها يا حمقاء؟»
تشهق مروة، تقول و دموعها أنهار على وجنتيها: «أنتِ محقة أنا حمقاء، لكن ليس لأنني لم أرد على مرام، فلو كنت رددت عليها كانت ستزيد في جرحي و إيلامي..
أنا حمقاء بسبب ما فعلته مع عزام»
شهقت لارا بصدمة و آلاف من التوقعات تدور في عقلها، بينما تسأل صديقتها: «ماذا فعلتِ؟»
تتابع مروة سرد ما حدث بينها و بين عزام على لارا، و تختتم كلماتها بقولها: «و عندما حاول الحديث معي رفضت و طلبت منه إعادتي إلى المنزل»
تجز لارا على أسنانها بغضب، تقول بوجه متورد: «الحماقة أقل وصف مناسب لكِ..
كيف تفعلين ذلك؟»
تتنهد مروة بهمّ، و تقول بنبرة بائسة: «لا اعلم، لم اشعر بنفسي و أنا أتحدث»
سيطرت لارا على انفعالاتها، فلوم صديقتها الآن لن يفيد و لن يصلح الأمر، الأهم أن تنتقم من هذه الحقيرة التي تُدعى مرام و تريها أن مروة اجمل منها مليون مرة!
«و متى حفل يوم ميلادها؟»
أخبرتها مروة باليوم، لتقول لارا بشرود: «حسناً اسمعي ما سيحدث»
رفعت إصبعها بتحذير، و هي تتابع بتوعد: «و إياكِ أن اسمع أي اعتراض أو لا تنفذي ما أقوله، وقتها سأطلق لغضبي العنان و لا اعلم ما سأفعله بكِ!»
نبرتها القوية، عيناها المشتعلة بتهديد، جعل مروة تستمع لها بطاعة!
تهز رأسها برفض على ماتقوله صديقتها، و لكنها لم تستطع التصريح به، فتساءلت بداخلها..
هل حقاً سيأتي هذا بنتيجة؟!
**********
كتمت ضحكتها و هي تتأمله، تهمس بداخلها بشقاوة أنه قد عاد إلى رشده أخيراً!
فكمال الجالس مع عائلتها الآن يختلف عن كمال المجنون الذي كانت تحادثه اليومين الماضيين..
فهو يبدو هادئاً.. مسيطراً.. جديّاً بطريقة غريبة..
ذكّرها بأول مرة رأته فيها، كان على نفس هذه الهيئة!
«أنا أفضّل أن يكون عقد قران، لا أحبذ خطبة عادية»
أبدى رأيه بهدوء، تتجه عيناه تلقائياً إلى حورية تطلب موافقتها..
التقط سليم نظراته، فقال بغيرة: «لا عقد القران لن يتم إلا بعد عدة أشهر من الخطبة»
عدة أشهر!
ما هذا الجنون؟
هو شهر أو بالكثير اثنين ما سيمنحهما لحوريته قبل أن يحصل عليها، فكيف يريد هذا الرجل أن يكون عقد القران بعد عدة أشهر؟
كان هذا ما يفكر فيه، بينما حبيبته انتبهت إلى نبرة شقيقها المليئة بالغيرة، فلم تعلم ماذا تفعل!
«أولاً الخطبة أو عقد القران أي كان المسمى لن يستمر لعدة أشهر كما تقول سيد سليم، فأنا و الآنسة حورية متفقان على كل شيء، كما أننا لسنا صغار لنؤخر هذه الخطوة..
ثانياً أنا أخبرتك أنني لا أحبذ الخطوبة بدون رابط شرعي، لا...»
قطع كلماته منتبهاً إلى ما كان سيقوله و كان من الممكن أن يُفهم بطريقة خاطئة!
«لا أحبها»
نطق كلمته ببطء متمنياً ألا ينتبه أحد إلى ارتباكه..
لوت حورية شفتيها، تنظر إليه بنصف عين و قد خمنت ما كان سيقوله!
تدخل والد كمال، يتحدث مع والد حورية كي ينفذ ما يريده ابنه، يحاول إقناعه بشتى الطرق، فهو لم يصدق هو و زوجته أن ابنهما قرر الزواج أخيراً!
سير الأمور كما يريد كمال و عائلته لم يرضي سليم، حاول التدخل و الاعتراض مرة أخرى، ليزجره والده بنظراته، فصمت مجبراً و غيرته من كمال تزداد!
اقتنع والد حورية بحديث والد كمال، و ما شجعه أكثر على الموافقة هو الرضى الظاهر على ملامح ابنته..
و مع ذلك و قبل أن يتخذ أي قرار، سألها: «ما رأيكِ ريري؟
هل أنتِ موافقة على ما يريده كمال؟»
تورد وجه حورية بخجل و والدها يوجه لها هذا السؤال أمام الجميع..
همست بصوت بالكاد يُسمع: «كما تريد أبي»
يتنهد كمال براحة، يزمّ سليم شفتيه بنزق، مع أنه بداخله كان سعيداً من أجل شقيقته.
**********
«أيام فقط و ستكوني لي»
اشتعل وجهها و هي ترى محتوى رسالته الجريء، تقرأ المخفي وراء كلماته، فيزداد وجهها اشتعالاً و حرارة، تغمض عينيها بقوة طاردة هذه الأفكار من عقلها.
«حسناً يا كمال، تريد إثارة خجلي؟
سأريك»
التقطت هاتفها لترسل له رسالة.. مشاكسة، مُستعيرة بكلماته:
«لن أكون لك، فسواء كانت خطبة أو عقد قران المسمى لا يختلف، في النهاية هي ليست حفل الزفاف!»
أرسلتها لتضحك بمرح و هي تتخيّل رد فعله عندما يقرأ كلماتها..
تقاطع ضحكاتها طرقات على باب غرفتها.
«تفضل»
قالتها متاكدة من هويّة الذي سيدخل عليها، و بالفعل ظنها كان في محله.
«تراسلين الأستاذ»
قالها سليم و هو يسير ليجلس بجانبها على السرير، يلتقط وسادتها ليضمها إلى أحضانه.
«قُل مساء الخير أولاً»
شاكسته ضاحكة.
يلقي الوسادة عليها، و يقول بغيرة: «أيتها الخائنة اصمتي، يكفي أنكِ وافقتِ على ما يريده و ستتزوجي و تتركيني بمفردي»
اقتربت منه، تلعب بوجنتيه بمرح، تقول بتلميح: «لا تخاف لن اتركك بمفردك، لن أحدد موعد زفافي إلا بعد أن اطمئن أن هناك مَن ستملأ غيابي في حياتك»
ابتسم بانتصار حينما وصل إلى هدفه بسهولة، و مع ذلك قال بمراوغة:
«لا أحد قادر على أخذ مكانكِ في قلبي»
تقول بشقاوة: «حتى لو كانت قصيرة و جريئة لا تخشى أحد!»
وصفت براءة بشخصيتها له و هي تغمزه بمرح.
و بحركات مدروسة، أبعد عيناه عنها، يقول بنبرة مرتبكة يعلم أن شقيقته تكشفه من خلالها:
«مَن تقصدين؟»
«سلييييم»
نطقت اسمه بنبرة ممطوطة و هي تتربّع أمامه و تنظر إليه بتركيز.
ضيقت عينيها، و هي تسأله: «اعترف، ألم تحاول التواصل معها منذ تلك المرة؟»
يستمر في خداعه لها حينما يسألها ببراءة: «مَن؟»
يخرج اسمه بحنق من بين شفتيها، ليقهقه بقوة.
«حسناً حسناً، قابلتها لمرة واحدة، أعدت لها سيارتها و اتفقنا على عمل»
قال مثيراً الحماس داخل حورية، صفقت بجذل و هي تقول: «ستقترب منها عن طريق العمل إذاً، رائع»
«أنتِ متحمسة للموضوع كثيراً»
«جداً جداً، أرى أنها مناسبة لك و ستسعدك»
نعم مناسبة لعمله، ستسعده عندما تبتعد عنه!
«جيد، فأنا بالتأكيد ساحتاج إلى مساعدتكِ للاقتراب منها»
تقفز في مكانها بسعادة، و تهتف: «أرأيت أرأيت، أنت تحاول الاقتراب منها، و لكنك كنت تخفي عني ذلك، ها أنت وقعت بلسانك»
تعود ضحكات سليم و تملأ الغرفة، يهز رأسه بيأس، يقول بحسرة: «من الواضح أن كمال أطار عقلكِ!»
**********
أغلق باب غرفة شقيقته بعد أن أعطته الأخيرة عدة نصائح للاقتراب من براءة و الاستحواذ على قلبها..
زفر أنفاسه بقوة، و قال: «لم أكن أريد إقحامكِ في هذا حبيبتي و لكن رغماً عني، هذه الفتاة تشكل خطراً كبيراً علينا، و ساحتاج إليكِ للتعامل معها»
اتجه إلى غرفته و هو يراجع خطواته للسيطرة على براءة، بدّل ملابسه، استلقي على سريره..
بدأ الخطوة الثانية!
الاتصال بها في ساعة متأخرة من الليل، هذا سيوترها و سيجعلها تفكر فيه، خاصة و أن ما سيقوله لها سيثير حماسها!
**********
جالسة في غرفتها تلعب على هاتفها بملل، فهذا كل ما لديها لتفعله ليلاً بعد أن أحكم والدها الحصار حولها و منعها شريف عن التواصل مع مصادرها..
فقط لو لم يتدخلا في عملها، لكانت الآن تقوم بتغطية إحدى الجرائم الخطيرة بكل تأكيد!
تحلت بالصبر مقنعة نفسها أن هذا الوضع مؤقت، سيزول بعد عدة أيام!
تذمرت بطفولية و قد خسرت أحد أدوار اللعبة!
تعتدل في جلستها و تعيده بتركيز!
«تباً»
صاحت بحنق و اللعبة تختفي من أمامها، ليظهر على الشاشة رقم غريب يتصل بها!
و من دون تردد فتحت هاتفها، لعله يكون خبراً عن جريمة تُرتكب، فتهرب من والدها و تذهب لموقعها!
«مساء الخير..
مَن معي؟»
«مساء النور، كيف حالكِ آنسة براءة؟»
لم تستغرق الكثير من الوقت للتعرف عليه، حيث سألته بشك: «سيد سليم»
ابتسم سليم و قد أرضاه أن تتعرف عليه بهذه السهولة، ثم قال مدعيّاً الاعتذار:
«نعم، أولاً أنا اعتذر منكِ لأنني أتحدث معكِ في هذا الوقت، و لكنني انشغلت طوال اليوم مع شقيقتي و تحديد موعد خطبتها، و لم أتذكّر أنني لم أتحدث معكِ سوى الآن..
و عموماً أنا لن أطيل معكِ كثيراً في الحديث»
ماذا يسعها القول أمام لباقته و اعتذاره؟!
«لا مشكلة، و مبارك لشقيقتك»
«العقبى لكِ، قريباً!»
باغتها بكلمته و جرأته، لتبتلع ريقها بصعوبة و نبضات قلبها تضطرب!
يبتسم سليم و هو يعلم أن جملته أتت بالتأثير المطلوب!
يتابع جملته ببراءة، وكأنه لا يعني بها شيء: «إن شاء الله»
تنفست بعمق مسيطرة على مشاعرها و لم تعقب على كلماته..
و لم يكن سليم ينتظر منها تعقيباً من الأساس، فأمامه هدف بدأ في الوصول إليه!
«اتصلت بكِ لأحدد موعداً لنتقابل فيه غداً، لنتفق على كيفية سير العمل»
استعادت تركيزها و كأن كلمة السر تكمن في (العمل)، لتسأله بحماس: «اتفقنا..
هل يناسبك بعد الظهر؟
أين تحب أن نتقابل في مكتبك أم مكتبي؟»
حماسها أثار ضحكاته..
خجلت من تسّرعها، عضت شفتيها بندم.
«اهدأي قليلاً، أولاً اختاري الموعد الذي يناسبكِ، فأنا غداً متفرغ لكِ»
اختار جملته بعناية ليوترها و يلعب بدقات قلبها أكثر!
«ثانياً أنا لا أحب اللقاءات المكتبية، آمل أن تقبلي دعوتي في أي مكان تختارينه»
شردت بحيرة، فهي لم تفعلها و تخرج مع رجل من قبل، حتى لو كان هذا في إطار العمل، فدائماً ما لديها حدود في حياتها وعلاقاتها مع الرجال لا تتعداها!
و كأنه يعلم كيف تفكر و كيف يدخل إليها و يخترق حدودها!
«إن أزعجتكِ دعوتي فانسيها و كأنني لم أطلبها، و لنتقابل في مكتبي.. أو مكتبكِ، لن يختلف الأمر كثيراً»
شعرت أنها أحرجته بصمتها و لم ترضى بهذا!
خاصة و أنه حماها من قبل، و رغبته في مقابلتها من أجل العمل..
ففيم سيختلف المكان؟!
«لا أبداً لم انزعج، يمكنك اختيار أي مكان يعجبك»
تتسع ابتسامته المنتصرة و قد حقق خطوة جديدة للإيقاع بها!
«حسناً إذاً ما رأيكِ أن نتناول الغذاء سوياً؟»
وافقت بقليل من التردد، ثم أغلقت الهاتف على وعد بلقاء قريب.
اعتدلت في جلستها مستعيدة تركيزها لمتابعة لعبتها، لتُغلق اللعبة تلقائياً مرة أخرى و شخص آخر يتصل بها..
اشتعلت عيناها بغضب أهوج و هي ترى اسمه ينير شاشة هاتفها..
هل يجرؤ على الاتصال بها بعد ما فعله معها؟!
فتحت الخط مستعدة لتفريغ غضبها به:
«أنت كيف تتصل بي؟
ألا يكفيك ما فعلته معي آخر مرة؟»

روحكِ تناديني (كاملة)On viuen les histories. Descobreix ara