الفصل السادس عشر

7.4K 356 30
                                    

الرواية هتخلص قبل رمضان لا تقلقوا
بس فرحوني بفوت وكومنت 😍😍😍

نقلت مروة نظراتها بين عائلتها بعدم فهم، ترى حرج عزام، ضحكات عمها وجدها والسعادة البادية على وجه والديها، وهي لا تفهم ما يدور أو.. لا تستوعبه!
«تعالي يا مروة»
اخترق أمر والدها أذنها فسارت كالمغيّبة، استجابت لإشارة جدها فجلست بجانبه، عزام مقابل لها، يرمقها بنظرات غريبة أربكتها!
«كيف حالكِ حبيبتي؟»
التفتت إلى جدها المبتسم باتساع لتنظر إليه بضياع، تجيبه: «بخير الحمد لله، كيف حالك أنت يا جدي؟»
يملسّ جدها على شعرها بحنو، ويقول: «الآن فقط أصبحت بخير»
ينعقد حاجبا مروة بتساؤل لم ينطقه لسانها، ليفهم جدها ما يدور في خلدها، فهي للآن لا تعلم سر زيارتهم!
«هاه يا عروس، أموافقة على الزواج من عزام؟»
توسعت حدقتا مروة بدهشة وكلمة عروس تعود لتخترق أذنها، وهي مَن ظنت أنها سمعت خطأ في المرة الأولى!
يستطرد جدها مشاكساً عزام الصامت الذي لا تنزاح نظراته عن مروة:
«إن كنتِ غير موافقة لا تقلقي حبيبتي، فقط قُلي لا واتركي الباقي عليّ، لن اجعله يقترب منكِ، وعمكِ سيتفهم رغبتكِ»
«جدي!»
تعالت صيحة عزام المستنكرة تزامناً مع التفاته لجده بصدمة.
يتابع الجد ضاحكاً، تاركاً الوقت لمروة لتستوعب ما يدور حولها.
«ماذا هل سأزوجك حفيدتي رغماً عنها يا ولد؟»
مستحيل، إنهم يتحدثون بجدية!
فكرت مروة في هذا وهي ترى مشاكسات جدها لعزام..
تتحرك بلا وعي مغادرة الغرفة، غير مستجيبة لنداءاتهم!
اتجهت إلى غرفتها مغلقة الباب خلفها..
تستند عليه بظهرها وقلبها يدق بعنف..
وضعت يدها عليه محاولة تهدئة نبضاته، والكلمات تتداخل في عقلها:
«عروس..
توافق..
يتزوجها رغماً عنها..
عزام يرغب بها زوجة!»
تسارعت دقات قلبها أكثر حتى ظنت أنه سيتوقف، عقلها عاد لحالة (عدم الاستيعاب)
كيف سيتزوجها، ماذا عن مرام؟
طرقات على باب غرفتها انتشلت عقلها من دائرة أفكاره..
تهمس وظهرها مستنداً على الباب:
«ماذا؟»
يصلها صوت شقيقها أحمد: «افتحي يا مروة، أريد التحدث معكِ»
وثواني استغرقتها للسيطرة على نفسها، قبل أن تبتعد عن الباب وتفتحه لشقيقها، مستقبلة ابتسامته الحنونة ولمعة عيناه الفرِحة.
«ماذا بكِ حبيبتي؟
لِمَ تركتينا؟»
سألها بنبرة ممتلئة بالحنان.
توردت وجنتا مروة وكلمة (عروس) تتردد في أذنها للمرة الثالثة..
تعبس بملامحها وعقلها يعود لطرح تساؤلاته.
«أحمد»
هتفت بتلعثم غير قادرة على تركيب جملة مفيدة.
قربها أحمد من أحضانه، وضح مدركاً حيرتها: «لقد كان سوء فهم، عزام لا يحب مرام ولم يفكر فيها يوماً، زوجة عمكِ هي مَن نشرت هذه الإشاعة، وأعود وأقول أنه سوء فهم، فهي لم تعلم سوى أن عزام يحب ابنة عمه، لذا خمنت أنها مرام ونشرت الأمر بحُسن نيّة»
تردّد مروة هامسة: «زوجة عمي»
يرقصّ أحمد حاجبيه قائلاً بمشاكسة: «لكن طبيبنا الغالي لم تحتل قلبه وتشغل عقله وتسرق النوم من عينيه سوى واحدة هي....»
ثم يشهق واضعاً يده على فمه بحركة فكاهية، ويُسارع بالقول: «اصمت يا لساني، فإن تفوهت بالمزيد الطبيب العاشق لن يجعلك تتحدث حرف اخر بعد اليوم»
تتعالى ضحكاتها إثر تصرفات شقيقها ومزاحه..
«هيا يا حبيبتي، فلا يصح أن تتركي جدي وعمي كل هذا الوقت، كما أن عزام يرغب في الجلوس معكِ»
تسارعت نبضاتها التي لم تهدأ من الأساس بترقب، تهمس بتوتر:
«يريد التحدث معي.. أنا، لماذا؟»
يغمز بعينيه، ويقول: «هذا ما ستعرفينه عندما تجلسين معه و.. تخبريني به!»
تضحك وتهز رأسها بيأس، فهي لن تستطيع الحصول على جملة مفيدة من شقيقها الليلة!
**********
عيناه لا تنزاح عن باب الغرفة منتظراً عودتها، يقبض على كفه بقوة، قلبه يلومه على عدم إخبارها بالأمر من قبل، أو على الأقل كان ترك عائلتها تخبرها..
لقد ألمته نظرة الضياع المحتلة عينيها..
قتل قلبه عدم التصديق الواضح على ملامحها..
لقد كانت تبدو كالتائهة، الباحثة عن أي خيط يعطيها قبس من أمل!
عندما ركضت مغادرة الغرفة منع نفسه بقوة عن ملاحقتها، ضمها إلى أحضانه، إخبارها عن مدى عشقه لها وهيامه بها.
لكن صبراً، سيعوضها ويعوض نفسه عن كل الأيام التي لم يقتربا فيها من بعضهما بسبب معتقداتهما الخاطئة!
تعلقت نظراته بها وهي تدخل الغرفة، ولكن هذه المرة مختلفة تماماً عن المرة الأولى!
وجنتاها متوردتان بخجل طبيعي، عيناها اللتان كانتا تحملان التردد والحزن صُبِغتا بنظرة سعيدة، وإن كان عدم التصديق لازال يتخللها!
أشار لها جدها للجلوس بجواره، وهو يقول: «تعالي يا حبيبتي»
نهض عزام معترضاً بأدب: «أرغب في التحدث مع مروة بمفردنا يا عمي من فضلك»
وبإشارة من عيني والد مروة، أخذ أحمد عزام وشقيقته إلى الغرفة الأخرى..
يتركهما فيها بعد أن قال بمشاكسة:
«معك عشر دقائق فقط، وإياك وتخطي الخطوط الحمراء»
ثم خرج تاركاً الباب مفتوحاً.
التفت عزام إلى مروة ليجدها مطرقة برأسها، تلعب بأصابع يدها بتوتر، فابتلع ريقه بقوة قبل أن يهمس:
«لم يكن هذا ما تخيّلت حدوثه»
انعقد حاجبا مروة بعدم فهم، ومع ذلك لم ترفع رأسها.
«منذ قررت مفاجئتكِ وأنا أتخيّل رد فعلكِ عندما تعرفين أننّي أرغب في الزواج منكِ، ولكن في أقصى خيالاتي لم يأتي على بالي أنكِ...»
يزفر أنفاسه بقلة حيلة، ويقول: «ربما لو كنت أخبرتكِ برغبتي وحبي لكِ صباحاً لكان أفضل!»
ترفع مروة نظراتها له عندما نطق بكلمة (حبي لكِ) وهي حتى الآن لا تصدق أنه يحبها!
ثم تعود وتخفضها بسرعة وهي ترى نظراته الجريئة.
«لكن ربما بإمكاني تعديل الليلة ودفعها إلى ما أتمنى!»
تقطب حاجبيها بحيرة متسائلة عما يقصده..
بينما عزام يُخرج من جيب سترته شوكولاتة، ليقدمها لها وهو يقول:
«جلبتها لكِ»
برقت عيناها بسعادة طفولية، تخطف الشوكولاته منه دون أن تشعر بنفسها، وهي تقول:
«إنه النوع المفضّل لديّ»
يتراقص قلبه استجابة لفرحتها.
«اعلم، لاحظت ذلك»
تنسى كل شيء وهي تفتح الشوكولاته بلهفة..
تقدم له قطعة وهي تقول:
«تفضل»
يهز رأسه برفض، يقول بابتسامة: «لا أريد شكراً»
تعبس بملامحها وتسأله قبل أن تلتقط قطعة من لوح الشوكولاته لتضعها في فمها مُصدرة صوتاً متلذذاً.
«ألا تحبها؟»
تعلقت نظراته بشفتيها التي تمضغ القطعة بإغواء، يقول بصوت أجش:
«لم أكن أحبها، لكن الآن»
صمت مبتلعاً ريقه بقوة، آلاف من الخيالات تدور في عقله، كلها متمركزة حول شفتيها..
وكانت هي تراقبه بارتياب، والـ (لكن) التي تركها مُعلقة تُثير حيرتها..
يقضي عليها بنبرته الخشنة: «الآن أنا أعشقها»
أمالت رأسها بتعجب، بينما أصابعها تتحرك تلقائياً لالتقاط قطعة أخرى فتضعها في فمها، بعد أن سألته:
«و ما السبب وراء ذلك؟!»
تتجول نظراته على جسدها بجرأة، ترتفع إلى عينيها، يقول: «لأنها تذوب في عينيكِ»
لمعت عيناها بنظرة غريبة، فابتسم راضياً، ثم تحركت نظراته إلى أجزاء أخرى من جسدها تزامناً مع تحرك كفه، لتلمس أصابعه كفها برقة.
«ولأنها ناعمة الملمس مثل بشرتكِ»
ارتجف كفها إثر لمساته، ولكنه لم يرحمها، بل ارتفعت نظراته بجرأة إلى فمها الذي يحوي الشوكولاتة بداخله، يقول بحرارة:
«ومع أنني لم أتذوقها بعد، إلا أنني متأكد أنها شهية.. جداً»
ابتلعت القطعة التي في فمها، وسألته بتلعثم: «عمّا تتحدث؟»
أجابها بابتسامة ملتوية، ونظراته مثبتة على شفتيها: «عن الشوكولاتة بالتأكيد!»
يميل عليها قليلاً، فتلفحها أنفاسه الساخنة، يردف بهمس مغوي: «شوكولاتي الخاصة التي سأستمتع بتذوقها.. بتأني.. أكثر من مرة!»
«اثبت عندك»
انتفض كل من عزام و مروة على نبرة أحمد الشقيّة، يهتف عزام من بين أسنانه: «هادم اللذات»
في حين أسرعت مروة مغادرة الغرفة.
«ارتحت الآن يا سمج؟»
هتف عزام بعصبية.
ارتفع حاجبا أحمد باستنكار، وقال: «هذه شقيقتي إن كنت نسيت ذلك!»
ينظر له عزام بطرف عينه بضيق، يسير من أمامه متأففاً، فيتبعه أحمد هاتفاً بداخله:
«لقد جن الرجل بلا شك!»
**********
دخلت مروة غرفتها مغلقة الباب خلفها، ثم بدأت تقفز كالطفلة وهي تصيح بسعادة:
«عزام يحبني، يرغب بي زوجة»
دارت حول نفسها وهي تضم ذراعيها حول صدرها.
«يا إلهي، لا أصدق»
توقفت أمام مرآتها لتعود كلماته تتردّد في أذنها:
«تذوب في عينيكِ»
برقت عيناها بلون الشوكولاتة بسعادة وهي تتذكّر بقيّة كلماته:
«ناعمة مثل بشرتكِ»
يرتجف جسدها بتأثر وهي تتذكّر لمسته الخاطفة، ثم أخذت تردد كلماته بانبهار وهي تلمس جسدها:
«أنا ناعمة مثل الشوكولاتة»
تغمض عينيها وكلها يشتعل وهي تتذكّر همساته المتوارية عن شفتيها و...
ركضت لسريرها لتدفن وجهها في الوساد، تهز قدميها بانفعال يوضح فرحتها، وكل دقيقة وأخرى تردد:
«عزام يحبني، يا إلهي»
**********
قضمت مرام أظافرها بتفكير، ثم همست بانفعال: «كيف تطور الأمر بينهما بهذه السرعة دون أن ألاحظ؟»
مصمصت والدتها شفتيها بعدم رضى، وقالت: «لأنكِ خائبة، بدل من أن تقتربي منه وتجعليه يدرك الفرق بينكِ وبين الغبية الأخرى تركتيه لها»
تجز مرام على أسنانها بغضب، تصيح مبررة: «وماذا كنت سأفعل أكثر؟
معظم اليوم كنت أقضيه معه، بذلت ما في وسعي لينظر إليّ، ولكن تلك الحمقاء استحوذت عليه بالكامل فجعلته كالأعمى لا يرى سواها!»
تهتف والدتها بحسرة: «والله لا توجد حمقاء غيركِ..
هذه الحمقاء التي تتحدثين عنها سترتبط بعزام، أوسم شباب العائلة وأمهرهم، والمُتوقَع له بمستقبل باهر، وأنتِ ستجلسي بجانبي»
تلعب مرام بخصلات شعرها بغرور، تقول بثقة: «وما المشكلة؟
يذهب عزام ويأتي الأفضل منه، آلاف من الرجال يتمنون فقط نظرة منّي»
ثم تنهض تحت أنظار والدتها المندهشة من ثقة ابنتها، وتذهب إلى غرفتها.
استلقت على سريرها مفكرة أنها صحيح تشعر بالحنق من اختيار عزام لواحدة مثل مروة لا تُقارن بها من جهة الجمال أو المستوى الثقافي، خاصة وهي كانت من المُفترض أن تكون المُرشَحة الأولى له عندما يفكر في الزواج، لكن الأبله لم يختر سوى مروة، ولا تعلم ما وجده بها حقاً ليختارها!
استدارت إلى جانبها الأيمن، هامسة بغرور: «ليفرح بمروة اليوم وغداً سيدرك خطأ اختياره ويندم أشد الندم، ووقتها أنا مَن لن أقبل به!»
ثم غفت بعدها هانئة البال، فهي لم تكن تحب عزام من الأساس لتحزن عليه، لقد كان بالنسبة لها عريساً مناسباً فقط!
**********
جال الغرفة أكثر من مرة وهو يمسح على شعره بتوتر، يا إلهي لقد تطلقت، الفتاة التي سرقت قلبه، زعزعت كيانه بنظرة واحدة من عينيها الحزينتين، جعلته لا يفكر سوى فيها وهو الذي لم يفكر بامرأة من قبل.. تطلقت!
وقف في منتصف الغرفة مفكراً أن السبب الذي كان يمنعه عنها، يجعله يحتقر نفسه عند التفكير فيها؛ زال..
نعم، فهو لم ينظر لها من أول الأمر كعاجزة، لم يبالي ببتر أحد ساقيها، بل كل ما كان يثير جنونه ويفقده أعصابه أنه ينظر لامرأة متزوجة!
امرأة لن تكون له!
لكن زوجها من الواضح أنه لم يستطع تحمّل وضعها وفضّل الهرب..
لا يعلم أيفرح لأنها أصبحت حرة، يمكنه التفكير فيها دون أن يلوم نفسه، الاقتراب منها متى شاء، أم يحزن لأن فراق ذلك الرجل عنها بالتأكيد جرحها؟!
ملسّ على شعره بتوتر وأفكاره تدور في فلكها، مشاعره متخبطة في أكثر من اتجاه..
يرتمي على سريره في النهاية، مكرراً بصدمة:
«لقد تطلقت!»
دفن وجهه بين ذراعيه وعقله يردد الكلمة أكثر من مرة ولا يستطيع استيعابها، يهمس لنفسه بضياع:
«ماذا حدث لي؟
بل ماذا فعلت هذه الفتاة بي؟
كيف سيطرت عليّ هكذا؟
كيف تتحكم بي وبمشاعري بهذه السهولة؟
لقد كنت الأيام السابقة أتمنى الموت بسببها، واليوم عندما سمعت خبر طلاقها كدت أطير من الفرحة!
يا إلهي أنا لم أرها سوى ثواني معدودة فكيف حدث كل هذا كيف؟!»
طرق جبهته بقوة يسأل السؤال الذي سيثير جنونه، ثم همس بتصميم:
«أي كان ما فعلته بي، مهما كان نوع السحر الذي ألقته عليّ، يجب أن أتحرك، لن أظل ساكناً متابعاً أخبارها من بعيد!»
تلمع عيناه مفكراً فيما سيفعله وكيف سيقترب منها!
**********
«هل تشعرين بالسعادة؟»
شهقت والدة عزام مستنكرة سؤال زوجها، وأجابته: «بالطبع يا أبا عزام، كيف تظن غير ذلك؟
إنه يوم سعدي، ولا أسعد منه سوى يوم زواج عزام إن شاء الله»
ابتسم لها زوجها متمتماً بـ (إن شاء الله)، قبل أن يوضح: «اعتقدت أنكِ تتمنين مرام زوجة له!»
أشاحت والدة عزام بيدها بلا مبالاة، تقول ببساطة: «مرام أو مروة لا يهم، كلتاهما ابنتا عمه ونعرفهما جيداً»
رمقها زوجها بنصف عين، زفرت أنفاسها قبل أن تجلس بجانبه، تهمس بخفوت وكأنها تخبره بسر خطير: «حسناً إن جئت للحق أنا سعيدة أنه اختار مروة، فهي بالنسبة لي أفضل من مرام بكثير»
رفع والد عزام حاجبيه بعدم تصديق..
تزمّ زوجته شفتيها وتقول بتبرير: «لا تنظر لي هكذا، صحيح أنني مَن أشعت الخبر ولكن هذا لأن الدلائل التي كانت واضحة لي كانت تشير لهذا، لكن من داخلي سعدت جداً لأنني عرفت أنه يرغب في مروة، بل عاتبت نفسي لأنني كنت سأقف أمام رغبته بتسرعي»
ولصدق كلماتها، سألها بفضول: «ولِمَ كل هذا الرضا عن مروة؟»
أفصحت عن أفكارها: «لأن مروة...»
وصمتت قليلاً لاختيار كلمات مناسبة، لتفشل في ذلك، فتلقي ما في قلبها: «مروة فتاة مسالمة، هادئة، على عكس مرام، ترى القوة في وقفتها، حركتها، كلماتها، أي أنها ستُتعب ابني معها»
سألها زوجها ببوادر غضب: «لا افهم، هل تقولين أن مروة ضعيفة سيُسيّرها عزام كما يشاء؟!»
وغضبه الذي ظهر في كلماته، جعلها تُسارع بالتبرير: «لا والله، لكن مروة فتاة رقيقة لن تقف في وجهه في كل قرار أو...»
رفع يده في إشارة لإيقافها عن متابعة الحديث، فأي حرف ستزيده سيسيء لمروة ويشعل من غضبه، قال منهياً الموضوع: «أي كان سبب تفضيلك لمروة، فعزام لم يخترها إلا لأنه يحبها، وإياكِ والحديث بهذا أمام أي أحد»
ونهض تاركاً إياها تتمتم بضيق، فهو لا يفهم ما تريد قوله!
**********
ألقى شريف سلاحه بعنف وهو يسب نفسه ورجاله وكل مَن يمر أمامه!
لقد كانت العملية ناجحة، يقسم على ذلك، كان سيلقي القبض على المجرمين ومع قليل من الضغط بالتأكيد كانوا سيعترفوا على رؤسائهم، فماذا حدث؟
كيف اختفوا فجأة من أمامه و كأنهم لم يتواجدوا من الأساس؟!
سب مرة أخرى بصوت مرتفع، قبل أن يصمت تماماً و يرهف السمع!
حركات حذرة.. تكاد لا تُسمع تبتعد، أشار لرجاله بدون صوت، وتحرك بحذر مماثل، عيناه كالصقر تبحثان عن الهارب، مقسماً على الإمساك به بأي طريقة، فمن الممكن أن يكون دليلاً يمكنه استخدامه والوصول من خلاله إلى رؤسائه!
تتوقف خطواته الحذرة، يجز على أسنانه بعنف وهو يرى الهارب ليس إلا فتاة قصيرة ممشوقة القوام، شعرها القصير يتراقص على كتفيها كلما التفتت يميناً و يساراً.
«ماذا تفعلين عندكِ؟»
شهقت براءة بفزع وصوته يصدح في الظلام..
تلتفت إليه ببطء معترفة أنها لأول مرة لا ترغب في أن يكتشف وجودها أو يشعر بها!
فبعد أن رأت غضبه من هروب مهربين المخدرات، فضّلت هي أيضاً الهرب عن الظهور أمامه واستفزازه كما كانت تنوي، فملامحه لا تبشر بخير!
ولازالت ملامحه لا تبشر بخير وهو يقف أمامها يرمقها بنظرات قاسية، كل خلية في جسده تنبض بالغضب.
«أنا.. أنا»
تلعثمت في الرد عليه، فزعت وهي ترى رجاله يحيطون بها، مفكرة إن كان سيفعلها هذه المرة ويلقيها في السجن حقاً؟!
اقترب منها شريف بخطوات واسعة..
تبتلع ريقها بقوة وترسم على ملامحها البراءة محاولة التأثير عليه..
تشهق باعتراض وهي تراه يختطف آلة التصوير الخاصة بها من حول عنقها، ثم يقول ببساطة:
«ارحلي»
وكلمته البسيطة بعثت بداخلها قوة عجيبة جعلتها لا تبالي بغضبه الواضح، بل قالت بشجاعة:
«أعد لي الآلة و سأرحل»
يبتسم شريف بسخرية أبعد ما تكون عن الغضب المتقد بداخله.
«الآلة التي التقطت عدة صور لم أرها حتى الآن!
اعتذر ولكنها ستظل بحوزتي»
تصيح براءة باعتراض: «ولكنها ملكي، لا يحق لك أخذها!»
يشير لها شريف بيده لتهدأ، يُخرج الفيلم من الآلة، ثم يُعيدها إليها ببساطة أثارت غيظها.
«ها هي تفضلي»
«أنت تمزح معي!»
صاحت من بين أسنانها بانفعال.
يتخلى عن بروده، ويقول بعصبية: «لم يكن عليكِ التواجد هنا وتصوير ما حدث من الأساس، فلتحمدي ربكِ أنني حتى الآن لم آمر بالقبض عليكِ لأنكِ تعرقلين العمل!»
تصدح ضحكات براءة عالية، تقول باستفزاز: «أي عمل هذا الذي تتحدث عنه!
لقد هربوا منك وفشلت العملية كما المعتاد»
قبض شريف على يده بقوة مانعاً نفسه من ارتكاب أي فعل متهور معها، قلبه الخائن يمنعه من اتخاذ أي إجراء قانوني اتجاهها..
لكن لا، إنه عمله.. الشيء الوحيد المتبقي له، لن يخسره بسببها!
انتصب في وقفته وملامحه تشتد صلابة..
انكمشت براءة في وقفتها رعباً، تلوم نفسها على شجاعتها الواهية!
«أمامكِ ثلاث دقائق، إن لم تختفي من أمامي خلالهم أقسم ألا يعرف لكِ غالي طريق لمدة شهر..
وثقي أن ما أقوله ليس مجرد تهديد!»
وكأنها ستظن أنه يهددها فقط!
ألم يكن سيفعلها من قبل ويلقيها في السجن، فما الذي سيجعله يتراجع هذه المرة؟
كما أن هيئته لا توحي أبداً بالمزاح!
ولأنها لازالت تمتلك بعض العقل، فرّت من أمامه في أقل من دقيقة!
يجمع شريف رجاله ويعود إلى المقر، فله معهم حساب عسير، وعليه اكتشاف كيف فشلت العملية التي كانت على وشك النجاح!
**********
مسح عرق وهمي من على جبينه، وهو يهمس بتوتر: «نعم سيدي، صحيح..
نعم.. نعم..
صدقني هو لم يفعل ذلك إلا من أجل العمـ..»
يبتلع بقيّة كلماته وتوبيخ الطرف الآخر يصله..
ثم يقول باستسلام بعد أن توقف الآخر عن الحديث: «لا تقلق سيدي سينتهي هذا في أسرع وقت، أعدك»
يغلق بعدها الخط متنهداً بارتياح لانتهاء هذه المكالمة المهلكة لأعصابه.
سألته زوجته بقلق: «ماذا هناك يا جمال؟
ماذا يريد الباشا؟»
تجاهلها جمال وأسرع إلى غرفة ابنه..
يدفع بابها بقوة ويقترب من سريره لإيقاظه.
«سليم، سليم استيقظ..
أنت نائم والدنيا محترقة بالخارج!»
تململ سليم في نومه، هتف بكسل: «ماذا هناك يا أبي؟»
يصيح جمال بانفعال غير مبالي بعلو صوته: «انهض يا بني آدم لنرى حل للمصيبة التي حلّت علينا»
دخلت زوجته الغرفة، تغلق الباب وهي تقول: «اخفض صوتك يا جمال، لا نريد لحورية أن تستمع إلينا»
في حين نهض سليم وهو يفرك عينيه بكسل، وقال بصوت يملأه النوم: «ماذا حدث يا أبي؟»
يتحرك جمال في الغرفة بعصبية، يردد الكلمات التي سمعها منذ قليل من أحد الرجال الذين يعملوا معهم؛ إن لم يكن أكثرهم قوة و نفوذاً:
«خطيبتك المبجلة تواجدت في إحدى العمليات وصورت ما حدث، ليس هذا فقط بل أن ما صورته أصبح مع الرائد شريف الشرقاوي»
ينتفض سليم من مكانه بصدمة، يهتف بهلع: «ماذا تقول؟»
يتوقف والده عن الحركة، يرمقه بحنق بينما يقول: «ما سمعته يا أستاذ، الباشا غاضب بشدة، ويقسم إن لم نتصرف معها سيتصرف هو معها و..معنا!
وأنت تعرف الباشا كيف يتصرف وبأي لغة يتحدث!»
وكيف لا يعلم!
فالباشا ذو القلب الرحيم لا يعرف سوى لغة القتل!
ابتلع سليم ريقه بخوف، وقال: «وأنت ماذا أخبرته؟»
يصيح والده بجنون: «وهل أعطاني فرصة لأتحدث؟!
لقد قال كلماته ثم أغلق الخط في وجهي دون أن يعطيني فرصة للحديث أو الاعتذار»
يعود ويدور في الغرفة مردداً بحنق، وكأنه لم يدعم ابنه من قبل في اقترابه من براءة!
«أخبرتني أنك ستسيطر عليها، ستكون هي عيناً لنا في الداخلية فنعرف تحركاتهم..
وانظر ماذا حدث؟
لم تصبح هذه الفتاة سوى رباط حول عنقنا»
خبط سليم ظهر السرير بعنف، يقول متوعداً: «حسناً أبي لا تقلق، سأتصرف معها بنفسي..
أبلغ الباشا أنه سيقرأ على روحها الفاتحة في أقرب وقت..
اعترف أنني كنت مخطئاً عندما ظننت أنها ستفيدنا!»
**********
«جيد أنه جاء في موعده اليوم»
هتفت مرام بداخلها وأشرف يدخل الغرفة مبتسماً باتساع..
تعترف أنه جذاب، صحيح أنه ليس وسيماً كابناء عمها أمثال عزام وباسم، إلا أنه يمتلك جاذبية خاصة تجعل نظراتك معلقة به، جاذبية لم تفهمها!
«صباح الخير»
خرجت من أفكارها التي بالطبع لا ترضيها، فحتى إن كان أشرف جذاباً، فهو طبيب بسيط يعمل من أجل قوت يومه، لذا من المستحيل أن يكون رجل مثله هدفاً لها!
«صباح النور»
تمتمت باقتضاب جعل أشرف يرفع حاجبيه بحيرة.
«هل أنتِ بخير؟»
ترفع له نظراتها المرتابة، تقول ببطء: «بخير..
لِمَ تسأل؟»
يجيبها بعفوية وهو يرتدي البالطو الخاص به: «لأنكِ أمس غادرتِ فجأة، ولم أفهم ما حدث معكِ..
وللأسف لم آخذ رقم هاتفكِ لاستطيع الاطمئنان عليكِ»
تفاجئت حقاً من اهتمامه، تململت في جلستها قائلة بتوتر: «كانت هناك مشكلة عائلية، وتم حلها الحمد لله»
يجلس على مقعده المجاور لها، وهو يقول بصدق: «جيد»
ثم يلتفت للذي اقتحم الغرفة، فيقول بصدمة: «مروان!»
نهض شاعراً بالتوتر من ملامح صديقه المرهقة وتواجده في عيادته في هذا الوقت.
«أنت بخير؟»
جالت عينا مروان في العيادة بضياع وكأنه يبحث عن.. لمياء!
«نعم بخير، لا تقلق»
اقترب أشرف منه بحيرة، يهمس: «ما الذي أتى بك الآن إذاً؟
هل هناك مشكلة؟»
تنفسّ مروان بقوة، ثم قال بتصميم: «أنا احتاج مساعدتك!»
وجملته كانت كافية ليأخذه أشرف ويخرجا من العيادة!
**********
«تحب مَن يا مروان!
هل جننت؟»
برر مروان بانفعال: «لا تسألني أين.. متى.. كيف، فأنا نفسي لا أفهم ذلك..
كل ما أستوعبه أنني لم أتوقف عن التفكير في لمياء منذ رأيتها أول مرة»
زفر أشرف أنفاسه بقوة، يعرف صديقه جيداً، عاطفي من الدرجة الأولى، يتأثر بمَن حوله بسهولة، وبالتأكيد حالة لمياء الصعبة أثّرت فيه.
«اسمع مروان، لن انكر أن حالة لمياء تؤثر فيّ جداً، وأنني أيضاً لم أتوقف عن التفكير في وضعها الجديد منذ استلمت حالتها..
لكن حزني على حالها لا يعني حباً، ليس لأنني أشفق عليها معناه أنني أرغب في الزواج منها»
كلماته لم تؤثر في مروان، بل قال بانفعال: «أنا لست طفلاً حتى لا أفهم مشاعري أو تحاول الضحك عليّ بكلمتين، لمياء تشغل عقلي وقلبي رغماً عنّي، وإن لم تساعدني في الاقتراب منها سافعل بنفسي»
تأفف أشرف بقلة حيلة، صديقه يبدو مصّراً، ومهما فعل لن يتراجع عمّا يريده!
«ماذا تريد منّي؟»
سأله أشرف باستسلام.
يقول مروان بتوتر: «لا اعلم»
«لا أنت تمزح بكل تأكيد!»
هتف أشرف بعصبية وتحرك مبتعداً عنه، ليستوقفه مروان: «انتظر، أنا لم أفكر في هذا، كل ما فكرت فيه أنني أريدها وارغب في الاقتراب منها»
صمت أشرف رامقاً إياه بيأس.
«هي.. متى ستأتي؟»
سأل مروان بلهفة.
زفر أشرف أنفاسه، ورغم عنه قرر مساعدته، فمروان صديقه ولن يتخلى عنه!
**********
«ألم تبدلي ملابسكِ بعد يا لمياء، سنتأخر هكذا يا حبيبتي»
رفعت لمياء نظراتها الباردة إلى والدها، وقالت بلا اهتمام: «أنا لن اذهب إلى المشفى أبي»
رمقها والدها بارتياب، وسألها: «لِمَ؟
لقد تحدثت مع الدكتور أشرف وأخذت منه موعداً للبدء في علاجكِ»
علاجها!
وبم سيفيد علاجها؟
في كل الأحوال ستبقى في نظر المجتمع فتاة عاجزة لا قيمة لها، والدليل على ذلك ترك ماهر لها!
«لا أريد العلاج، لن استخدم الساق الصناعية»
هتفت بنبرة ميتة.
رمقها بذهول، سار ليجلس بجانبها، هتف بصبر: «و ستعيشي هكذا بقيّة عمركِ؟!»
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها، توضح مدى الألم الذي تعانيه، والذي لم تعد تتحمله!
«نعم أبي سأعيش هكذا، فما الاختلاف بين ساق صناعية أو عدم وجود ساق من الأساس!
سأبقى بنظر المجتمع فتاة عاجزة!»
وكلمة (عاجزة) أثارت عدة مشاعر في نفس حامد، ليقول بإيمان لا يخلو من الحدة للتأثير فيها:
«لا لمياء، أنتِ لستِ عاجزة..
أنتِ في اختبار، اختبار اختاره الله لكِ ليختبر صبركِ، ويجب أن تجتازيه بنجاح»
هتفت بضعف وعدم ثقة في النفس استوطناها منذ الحادث: «ولكنني لست قوية لاجتياز اختبار كهذا أبي، أنا أتعذب كثيراً، أنت لا تعلم ما أشعر به!»
ضمها إلى أحضانه، همس بألم: «بل اعلم و اشعر يا حبيبتي، ويشهد الله كم أتعذب على حالكِ و أطلب منه أن يعوضكِ ويرزقكِ السعادة..
لكن أنتِ أيضاً يجب أن تتخلي عن هذا الضعف، ثقي بربكِ، ثقي أنه لم يضعكِ في هذا الحال إلا لأنه خير لكِ، فادعي»
تمتمت لمياء بـ (و نعم بالله)..
ثم همست ببكاء: «ولكنني تعبت يا أبي، تعبت ولا استطيع تحمل أية صدمات أخرى»
رفع والدها رأسها لتتواجه نظراتهما، قال بنبرة قوية: «لازلتِ في أول الطريق، لازال الوقت مبكراً على التعب، عليكِ التحلي بالقوة لمواجهة القادم وتخطيه»
أخفضت رأسها وضمّت نفسها إلى أحضان والدها أكثر، ربّت على ظهرها عدة مرات بحنو، وهتف: «هيا يا حبيبتي، بدلي ملابسكِ حتى لا نتأخر أكثر»
أومأت بطاعة، وكلمات والدها بعثت إليها بعض القوة.
**********
هل سيخضع لكلمات والدها أو تهديد شقيقها؟
بالطبع لا، لقد أخطأ مرة بطلاقه لها، ولن يخطئ مرة أخرى!
توقف عند مدخل العمارة القاطنة فيها وهو يراها تخرج هي ووالدها..
وقفت ترمقه بحزن، عتاب، كره!
لا يا إلهي إلا هذه النظرة، يتحمل أي شيء إلا أن تكرهه لمياء!
«لولو»
خرجت نبرته بائسة، مستجدية..
تتفهم كمّ الضغوطات التي كان يعانيها، أنه لم ولن يحب غيرها، لا يريد سواها..
أخطأ نعم..
ولكنه سيحصل على سماحها بكل تأكيد، فلمياء قلبها معلق به كما قلبه معلق بها!
أبعدت نظراتها عنه محاولة السيطرة على قلبها الخائن الذي ينبض بعنف من أجل حبيب تركها عند أول اختبار يواجهاه!
في حين تجهمت ملامح حامد بضيق، يهتف من بين أسنانه: «ألم أحذرك من الاقتراب من ابنتي؟»
خطى ماهر اتجاههما وعيناه معلقة على لمياء، تتوسلاها بأن تمنحه العفو وتعيده إلى جنة قربها.
«اعتذر عمي، حقاً اعتذر ولكنني لن استطيع الامتثال لرغبتك، أنا أحب لمياء ولا استطيع العيش من غيرها»
خرجت نبرة لمياء المعذبة غارزة خنجر في قلبه ببطء: «تحبني!
وإن كنت تحبني لِمَ طلقتني؟
لِمَ تركتني دون أن تفكر مرتين؟
أنت حتى لم تواجهني، طلقتني عن طريق الهاتف وكأنني.. كأنني»
اقترب منها أكثر حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى خطوتين، اعترف بندم:
«ألا تعلمين كم حبيبكِ غبياً، متهوراً، يتصرف بدون تفكير..
ولطالما كان قلبكِ كبيراً يسامحني على أخطاءي، أفلا تغفري لي هذا الخطأ؟»
رمقته من بين دموعها، همست: «ولكنه ليس كأي خطأ، لقد قتلتني»
ثم تمسح دموعها بقوة تتسرب إليها أكثر فأكثر، تلتفت إلى والدها قائلة: «هيا يا أبي، لقد تأخرنا»
وتغادر تحت نظراته الحزينة، إلا أنه هتف بتصميم:
«كما قتلت قلبكِ سأحييه لمياء، أنتِ لي.. لي فقط»
**********
تفاجئت وهي ترى صديقتها تدخل من بوابة الدار بابتسامة مشرقة لم ترها على ملامحها منذ أن تعرفت عليها في الجامعة!
اقتربت مروة من لارا، تضمها بقوة، تقول بنبرة توضح مدى سعادتها:
«لارا حبيبتي، اشتقت لكِ»
اشتاقت لها!
هذه أول مرة تخبرها فيها مروة باشتياقها لها، بغض النظر أنها قابلتها آخر مرة أمس!
وضعت يدها على جبين مروة، قائلة بنبرة مضحكة: «لا حرارة، مروة حبيبتي هل أنتِ بخير؟»
ضحكت مروة بينما تبعد كف صديقتها عن وجهها، قالت بفرحة: «أنا بألف خير..
كيف لا أكون بخير وعزام طلب يدي؟!»
ارتفع حاجبا لارا ذهولاً من السرعة التي تم بها الموضوع، ففي اليوم الماضي كان عزام يحب مرام وسيتزوجها -من وجهة نظر صديقتها- واليوم تخبرها أنه خطبها!
«هذا العزام ليس سهلاً، كما توقعت!»
«لن تصدقي ما فعله وقاله لي يا لارا، لقد أخذني إلى عالم آخر، شعرت معه لأول مرة أنني أنثى جميلة يرغب بها رجل»
ابتسمت لارا بسعادة مأخوذة من سعادة صديقتها، وهي تسمعها تتابع:
«لقد تحدثت معي والدتي صباحاً وأخبرتني أن لديّ كامل الوقت لأفكر، و كأنني أحتاج إلى التفكير!»
ارتفع صوت لارا بمشاكسة وهي تلمح عزام يدخل الدار: «بالطبع حبيبتي يجب أن تفكري جيداً قبل اتخاذ أي قرار، هذا زواج وليس لعبة!»
ما بال الجميع يخبروها ألا تتسرع في اتخاذ القرار ويحثوها على رفضه!
فكر عزام بضيق وهو يقترب منهما، يهمس باقتضاب وعيناه ترسل إلى لارا نظرات متوعدة:
«صباح الخير»
التفتت مروة إليه بخجل، ردت دون أن تتقابل عينيها بعينيه: «صباح النور عزام، كيف حالك؟»
«لن أصبح بخير إلا عندما أحصل على موافقتكِ»
تغمض مروة عينيها بخجل وملامحها تنطق بالسعادة..
بينما أصدرت لارا تنهيدة حالمة مفكرة أي فيلم رومانسي ستشاهده الآن!
«أحضرت لكِ هذه»
هتف عزام وهو يعطيها الشوكولاتة، كتلك التي أحضرها لها أمس.
تهتف مروة بسعادة طفولية تلازمها أمام أي طعام يحتوي على الشوكولاتة:
«شوكولاتة أخرى!»
ابتسم لها عزام بعشق، وقال: «وكل مرة سأراكِ فيها سأحضر لكِ واحدة»
رفعت لارا حاجبيها متساءلة بداخلها: «هل يرشي عزام صديقتي بالشوكولاتة لتوافق عليه!»

صاحبتنا بتترشي بشوكولاتة
يا ام نيازي، صحي نيازي وقوليله مروة بتترشي بشوكولاتة 😂😂😂😂😂
واستنوا الفصل ١٧ عالعصر كده ان شاء الله

روحكِ تناديني (كاملة)Where stories live. Discover now