مشهد العيد

7.5K 311 26
                                    

#روحكِ_تناديني
#مشهد_العيد
#عزام_مروة
كادت تبكي وبكاء طفلتها يتعالى، تدعو بتضرع غير قادرة على النهوض لها:
«يا رب تغفى بمفردها يا رب»
تعلم أن أمنيتها مستحيلة، لكن لا ضرر من التمنّي!
مع استمرار بكاء الطفلة الكارثي نهضت مروة بكسل لتراها، تتمتم بضيق:
«ساعتين لم أتمهما في النوم، حرام عليكِ!»
حملت الصغيرة بحرص شديد، تبتسم لرؤيتها رغماً عنها..
فجسدها الصغير المكتنز يبعث في نفس مروة شعور خيالي، وبشرتها السمراء التي تشابه بشرتها تذكّرها بكلمات عزام عندما حملها أول مرة:
«يحبني الله فمنحني شوكولاتة صغيرة لا تقل جمالاً عن والدتها»
اختفت ابتسامتها بذعر عندما استشعرت حرارة جسد الصغيرة، ويبدو أن سبب البكاء هذه المرة مختلفاً!
«ماذا بكِ حبيبتي؟
ماذا يؤلمكِ؟»
دارت في الغرفة بحيرة، فهي حديثة العهد بالأمومة، ليست على دراية كاملة بالأمراض التي يُصاب بها الأطفال وكيفية التعامل معها، ومن سوء حظها عزام ليس موجوداً!
وضعت الطفلة في سريرها، تلتقط هاتفها بسرعة لتتصل بزوجها، لكن الهاتف مغلقاً!
«أووف أوووف، هذا وقته!»
ومن دون المزيد من التفكير بدّلت ملابسها وأخذت طفلتها إلى المشفى حيث يعمل زوجها.
**********
سلمّت طفلتها زوجها ببكاء، تهتف بكلمات متقطّعة: «لا اعرف، حرارتها ارتفعت، متى لا اعرف»
وأمام حالتها المزرية سلمّ عزام الطفلة إلى صديقه ليكشف عليها..
ضمّ مروة إلى أحضانه، يقول بابتسامة تحمل بعض المرح: «استغفر الله ماذا بكِ يا امرأة؟
آيلا بخير، يكفي بكاء»
«حرارتها مرتفعة جداً عزام، أنا خائفة عليها»
همست ببكاء، ويدها تمسك بقميصه، تطلب منه الدعم.
يعاتبها عزام بحزن مصطنع: «لِمَ لا تثقي في مهارتي كطبيب!
والله الفتاة بخير، أي طفل في عمرها يتعرض لارتفاع في درجة الحرارة، الأمر طبيعي»
رمقته بتوسل ألا يكون يكذب عليها أو فقط يهديها..
يتسرب بعض الاطمئنان إليها ونظراته تبثها الصدق وعدم الخوف، قبلته على جبينها وهمساته تقتل قليلاً من ذعرها..
قطعت الممرضة تلك اللحظة الرومانسية -من وجهة نظرها-
«دكتور عزام، الدكتور رأفت ينتظركما بالداخل»
أومأ لها وسحب زوجته لرؤية طفلتهما والاطمئنان عليها، بينما ركضت الممرضة لزميلاتها لتقصّ عليهم مشهد الدكتور المراعي لمشاعر زوجته وخوفها، قدرته على احتواء الموقف!
**********
دخل عزام منزله والضحكة تملأ وجهه، وخلفه مروة التي تلوي شفتيها بعدم رضى.
«أي إحساس تمتلكه عزام!
ابنتك مريضة وأنت تضحك ببال مرتاح!»
أخذ آيلا منها، يتجه إلى الغرفة، يضعها في سريرها الصغير، يقبّل وجنتها السمراء المكتنزة، يعترف بخفوت:
«أخفتِني عليكِ يا بابا»
وهمسته مع أنها لم تكن مرتفعة، إلا أن أذن مروة المرهفة السمع التقطتها، فتقول بانتصار طفولي:
«ها أنت اعترفت، وقد كنت في المستشفى العاقل وأنا بجوارك الغبية!»
رمقها عزام بنصف عين، يقول بتلميح: «نعم فأنا عديم الدم الذي لا أبالي بمرض ابنته!»
ثم اتجه إلى المرحاض ليأخذ حماماً يزيل عنه إرهاق اليوم، بداية بعمله الصعب، ونهاية بمرض ابنته والذي نسى خلاله كل ما تعلمه في مهنة الطب، وفي نفس الوقت تطلب منه وقفة رجولية جوار زوجته المنهارة!
تابعته مروة باستنكار، يستحيل أن يكون غضب منها!
عموماً لا مشكلة، فهي تعلم كيف تحصل على غفرانه!
قميص نوم مغوي، وشوكولاتة تطلبها منه بدلال سيفيان بالغرض وأكثر!
جلست على السرير منتظرة خروجه، لكنها لم تجلس كثيراً!
**********
بعد قليل من الوقت
خرج عزام من المرحاض ليجد شوكولاتته غارقة في النوم والإرهاق بادي على ملامحها..
اقترب يعدّل نومتها، يدثرها بالغطاء بحنو ثم يقّبل جبهتها ووجنتها..
اقترب من سرير صغيرته ليحملها ويتجه بها إلى الخارج فلا تزعج والدتها، وتنعم شوكولاتته بالنوم الذي تفتقده في الأيام الأخيرة -بشدة-
**********
بعد يومين
تجهزّ عزام وشوكولاتتاه للذهاب لمنزل الجد في موعد اجتماع العائلة الأسبوعي..
فور دخولهما تجمّع الشباب حول الصغيرة التي تسرق القلوب بسمرتها الجذابة وضحكتها البريئة، والنصيب الأكبر كان لباسم، الذي اختطف الطفلة من عزام، يقبل كامل وجهها وأطراف جسدها، مرحباً باستفزاز:
«يا أهلاً ومليون مرحب بزوجة ابني الجميلة»
استغفر عزام جهراً بينما يحذر باسم بنظرات لا تقبل المزاح، والأخير يستقبل نظراته بمشاكسة ومرح.
تحرك بالصغيرة ليضعها بجوار ابنه -وليد- يقول لعزام بضحكة عالية:
«بالله عليك لتأتي وترى ترحيب ابني بسمراءك الجميلة»
ولم يتحرك بمفرده، بل تحركت معه مروة ورشا وجميع شباب العائلة..
التفوا في دائرة حول الصغيرين، آيلا ساكنة تماماً بفعل آثار المرض الذي داهم جسدها الصغير، عدا كفها الذي تعلقت أصابعه الرقيقة بأصابع وليد، والأخير يهلل بصوت طفولي، يحرك جسده بأكمله بفرحة كأنه يرحب بوجودها،
وعيناه معلقة بها..
«حُسِم الأمر يا دكتور، ابنتك لن تفلت من يد وليد»
لم ينل من عزام سوى نظرة زاجرة، قبل أن يميل ليحمل ابنته مبعدها عن الصغير الوقح..
منعته مروة بلمسة صغيرة لساعده، تهمس له: «اتركها عزام»
«اتركها يا رجل، هو لن يلمسها -حالياً- من حظك أنه لازال طفلاً!»
هتف باسم باستفزاز.
يقبض عزام على كفه، يصرح من بين أسنانه: «يا أخي بعد أن كنت سمج أصبحت أكثر سماجة!»
يضحك الجميع عليهما، وباسم يهمس في أذن أحمد بخبث: «بعد عدة سنوات، سيندم وليد أشد الندم على نومه جوار آيلا بينما هو طفلاً!»
يجاريه أحمد بخبث مماثل: «لا أنا متأكد أنه سيشابه حماه، ولن يمرر فرصة دون الاقتراب، وربما يتفوق عليه بعد!»
وتعالت ضحكاتهما مثيرة ريبة عزام، ومروة تنظر له بصدمة؛ أيغار على طفلته التي لم يتعدى عمرها عدة شهور من طفل مثلها؟!
دارت الجلسة في أحاديث اعتيادية، وسط مشاكسة باسم لعزام، وتدخل الجد ضاحكاً بعض الأحيان للفض بينهما..
ومروة تشكو بضيق: «من وقت العودة لمنزلي وأنا لم انعم بالنوم ساعتين متواصلتين، حتى باتت طاقتي تنفذ!»
جاء الاقتراح من والدتها: «أخبرتكِ أن تظلي معنا فترة حتى تعتادين الوضع الجديد، لكنكِ من صممتِ العودة إلى بيتكِ!»
ومال باسم على عزام ناصحاً: «لتتحمل برودة فراشك إن لم تسيطر على الأمور في ظرف دقيقة واحدة»
وهذا ما لن يتحمله عزام أبداً، فوجود شوكولاتته بين أحضانه موضوع لا نقاش فيه!
فنالت مروة نظرة ناهرة منه، مع إشارته الغاضبة: «لا تقلقي عليها يا زوجة عمي، أنا بجوارها دائماً وأحاول التخفيف عنها»
انتبهت مروة إلى غضبه، فطنت لتلميح والدتها، فسارعت بتعديل كلماتها، وأخذت تسرد على العائلة مراعاة عزام لها خاصة وقت مرض الصغيرة، وكيف أنه ترك عمله وسهر بجوار آيلا طوال الليل فقط من أجل راحتها.
والحديث إشارة واضحة منها ومنه قبلها على عدم تركها لبيتها، لكن والدتها لم تستسلم!
«كنت أقول فقط إن قضيتِ معنا يومين، لترتاحي ويرتاح هو قليلاً!»
العرض من ذهب، لكن مع بعض التعديلات!
«والله من جهة الراحة نحن نحتاجها بشدة، لكنني لا اقدر على دخول المنزل ومروة ليست بداخله»
«أووووه» مشاكسة انطلقت من أفواه الشباب، بينما اكتفت الفتيات بالابتسامات والغمزات!
عاد عزام يقول: «لو لم يسبب لكما إزعاج، يمكننا ترك آيلا معكما ليلة أو ليلتين»
ولأن (أعز الولد ولد الولد) وافقت والدة مروة بلا تفكير، وزوجها يرحب بشدة، وأحمد يلطم من الصدمة!
ابن عمه الخبيث ألقى كتلة الإزعاج الخاصة به عليهم لينعم بالراحة!
«حسبي الله»
ردد أحمد بخفوت وهو يغادر مع والديه وبرفقتهما الصغيرة.
**********
في السيارة
تبلطم مروة بعدة كلمات غير راضية عما فعله، إلا أن عزام لا يبالي لها!
عقله يعمل في أكثر من اتجاه، جميعهم يخدموا نفس الهدف!
كيف ينعم بليلته معها؟
ليلة رومانسية لم يقضياها منذ عدة أشهر؛ بالتحديد منذ ميلاد آيلا..
«يوجد شوكولاتة في المنزل أم نفذت؟»
لم يكن سؤلاً بقدر ما كان تلميحاً لليلتهما، فهو أكثر من حريص على عدم نفاذ الشوكولاتة من المنزل أبداً من أجل سعادتها!
ولتلميحه أثر السحر، كفت مروة عن اعتراضاتها، وخيالاتها تشتعل.. مشتاقة لحنانه ولمساته..
وعزام يردد بمكر: «وقحة»
فتضحك بخفوت دون إنكار.
**********
أوقفها عند باب المنزل.
«انتظري»
رمقته بحيرة سرعان مازالت وحلّت محلها شهقة مصدومة وهو يحملها بحنو تجاه غرفة النوم.
«فقدتِ الكثير من الوزن خلال الفترة الأخيرة شوكولاتي وهذا ليس جيداً»
وضعها على السرير برفق، يحذرها بنبرة لا تقبل الجدال: «ستسيري على نظام غذائي خاص الفترة القادمة كي تستعيدي وزنك وتعودي شوكولاتتي الشهيّة»
رفع خنصره ملقياً أول أوامره: «وجبة الإفطار التي تهملينها أغلب الأيام ستكون شطيرة نوتيلا، وسأتأكد بنفسي من تناولكِ إياها صباح كل يوم!
الوجبات السريعة التي تكتفين بها كغذاء ستستغني عنها!»
قاطعت أوامره بتذمّر مدلل: «سيزداد وزني كثيراً هكذا، وأنا أحب نفسي حالياً»
تعلقت نظراته بتفاصيلها التي يشتاقها، يبثها غرامه بهمس يثيرها: «وأنا أحبكِ في كل حالاتكِ، تثيرين رجولتي بأي هيئة تكونين عليها، لكنني أشتااق لـ..»
وعوض عن التوضيح بالكلمات وضح بلمسات أذابتها وأطارت عقلها..
توافق على كل ما يقول دون أي اعتراضات!
اكتفى -حالياً- بما فعله، سحب لوح شوكولاتة -من النىع المفضل لديها- يضعه بين شفتيها، يقول بهمس:
«أنهِه حتى أعود»
أغمضت مروة عينيها، تأكل الشوكولاتة باستمتاع، ولمسات عزام مازالت تؤثر بها!
عاد لها بعد لحظات، كانت بالكاد أنهت لوح اشوكولاتة، أخذها إلى المرحاض، لتتفاجأ بما فعله من أجلها!
«الليلة مازالت طويلة والمفاجآت لم تنتهي شوكولاتي»
همس بوعد بينما يدفعها اتجاه حوض الاستحمام، والذي ملأه بماء ساخن، وزيوت لجسدها ذات رائحة رائعة..
وأصّر على تدليك جسدها بنفسه، كي تنعم باسترخاء تام، وأكدّ بخبث:
«لا تخافي لن أتواقح الآن»
تعالت ضحكاتها مظهرة غمازتها التي يعشقها.
«أنا مضطر على عدم الالتزام بوعدي»
همس بفقدان سيطرة بينما يقبّل غمازتها، ثم ينتقل إلى شفتيها، وهي تتفاعل معه بشوق.
**********
بعد بعض الوقت
وضعها عزام على السرير مستعد لبداية ليلتهما الحقيقية!
قبلات.. همسات.. لمسات، أذابت كلاهما ونقلتهما إلى عالم لا يرغبا في الخروج منه..
إلا أن رنين هاتفه المستمر قتل أمنيتهما، ولم يكن المتطفل سوى أحمد!
وبدون سلام أو ترحيب هتف بنفاذ صبر: «اسمع، والله إن لم تأتي وتأخذ ابنتك المزعجة لأتزوج!»
هتف عزام بغل: «والله ليس مزعج غيرك يا أخي، ليأخذك الله ويريحني منك!»
وأغلق الخط في وجهه هاتفاً لزوجته بحنق: «سأقتله يوماً ما»
تضحك مروة بلا مبالاة، تسحبه إليها مرة أخرى.
إلا أن لحظاتهما لم تطول كثيراً، وأحمد اكتفى من إزعاج الصغيرة، أعادها إلى والديها قائلاً بسماجة:
«هددتك إن لم تأتي وتأخذها سأتزوج، وأنا رجل لا أتراجع عن كلمتي، وفي نفس الوقت يستحيل أن أتزوج، فأعدت لك الفتاة بنفسي!»
وغادر وتركهما بحسرتهما على الليلة الرومانسية الضائعة!

والليلة باظت، الليلة باظت 😂😂😂💃💃💃💃💃💃
فوت وكومنت بقى لو عجبكم

روحكِ تناديني (كاملة)On viuen les histories. Descobreix ara