الفصل الخامس والعشرون

8K 329 6
                                    

عايزاكم بس تبصوا على آخر فصلين وتشوفوا الفوت اللي عليهم، ولو يعجبكم الحال ده فأنا ميعجبنيش 😂😂😂
اتفاعلوا شوية والا والله اتدلع واخلصلكم الرواية فجر الجمعة، والاحداث اللي جاية مشعللة ومينفعش معاها الانتظار، انا بقولكم اهوه 😂😂😂😂
وشكر كبير جدا لكل حد بيحط فوت وكومنت لانكم بجد قمامير اوي ❤️❤️❤️❤️

بعد مرور ثلاثة أيام
«رحل العجوز؟»
جعدت فيفي -زوجة أبو مروان- ملامحها دليل على قرفها وأشارت بذراعها أنها ارتاحت أخيراً..
تضحك شقيقتها عليها، وتقول بمشاكسة:
«أصبتِ بالاختناق يا مسكينة»
تخرج فيفي بعض الأموال من صدرها، تهتف بجشع: «لولا ما سحبته منه لمّا كنت احتملته»
تلتقط كريمة الأموال بسعادة، قائلة: «يا الله، برافو، لم أتوقع أنكِ ستستطيعي أخذ أموال منه اليوم، فمنذ يومين أخذتِ منه ألفين جنيهاً»
تضع فيفي ساقاً فوق الأخرى، تقول بغرور: «لا تقلقي من هذه الجهة، أنا آخذ ما أريد وقتما أريد، هو لا يستطيع رفض طلب لي»
تقول كريمة بجشع يماثل جشعها: «خذي لنا شقة بجانبكِ إذاً، حرام والدتكِ وأشقاءكِ يسكنون في شقة عفِنة في حي مقرف وأنتِ تحيين في هذا الهناء»
تربتّ فيفي على كف شقيقتها، تقول بثقة: «ستنتقلوا للشقة المقابلة لي آخر الشهر، لقد خططت لكل شيء»
تتوسع حدقتا كريمة بعدم تصديق، تسأل فيفي بشك: «صحيح؟
وأخيراً سنرتاح من الفقر»
تهتف فيفي بنفس ثقتها: «طبعاً، لقد تحدثت معه منذ أسبوع في هذا الموضوع، عاتبته لأنني أقضي الكثير من الوقت بمفردي بينما هو يجلس في بيته الثاني..
ظللت أراوغ وأدعي الحزن حتى اقترح بنفسه أن تنتقلوا إلى هنا، موضحاً أن الشقة المقابلة سيسلمها صاحبها لصاحب العقار نهاية الشهر، ويمكنه تأجيرها لكم»
«تأجير!»
هتفت كريمة لاوية فمها بعدم رضى..
تربتّ فيفي على كفها، تقول بمكر: «انتقلوا أولاً، وبعدها لكل حادث حديث، لن يمر شهر إلا والشقة باسمي»
«باسمي، فهذه لكِ وتكفيكِ»
سارعت كريمة بمقاطعتها بطمع.
تتعالى ضحكات فيفي، تومئ لها موافقة..
تشاركها كريمة الضحك على سذاجة والد مروان الذي كالخاتم في إصبع شقيقتها!
**********
رفع مروان نظراته إلى والده طالباً منه العون، فموضوعه طال حتى أصبح مملاً!
لا هو مرتبط بلمياء ولا لا، معلق لا يستطيع لمس النجوم أو الاستقرار على الأرض!
يرغب في الحصول على موافقة والدته، ليذهب مع عائلته
ويخطبها رسمياً، يقيدها بقيد أبدي فيرتاح قلبه لأنها باتت ملكه ولن يفرقهما مخلوق، حتى هي.. نفسها!
يستجيب والده إلى رجاءه الصامت، يهتف بهدوء يخالف الثورة التي ستندلع بكلماته:
«سأتصل بوالد تلك الفتاة التي تريدها وأحدد معه موعداً للزيارة والتقدم رسمياً»
تنطلق صيحة راوية المصدومة: «ماذا تقول يا ثابت؟»
يبتلع مروان ريقه بتوجس، يخشى انتهاء الموضوع بما لا يريد!
ويزيد ثابت قلقه بقوله المتهور: «ابنك يحبها يا راوية، لذا لا داعي لنقف في وجه سعادته..
عجز الفتاة.. طلاقها، كل هذا لن يؤثر على...»
«طلاقها!»
ارتفع صياح راوية المذهول..
يهتف مروان بداخله:
«ليسامحك الله يا أبي»
لم يكن ليخفي عليها شيئاً مهماً كهذا بكل تأكيد، ولكنه كان ينتظر موافقتها ورضاها، لكن معرفتها بالأمر الآن لن تزيد الوضع إلا سوء!
«عاجزة و مطلقة!»
التفتت إلى ولدها، تسأله بحيرة: «لِمَ تفعل ذلك بنفسك بنيّ؟
لِمَ تقحم نفسك بحياة كهذه؟»
يوضح متمنياً تفهماً منها: «كان عقد قران فقط يا أمي، وتم فسخه بعد تعرضها للحادث»
تكرر ما ردده عليه والده من قبل: «زوجها لن يتحملها، فهل تظن نفسك ستستطيع؟»
«أنا أحبها يا أمي»
أجفلت من صدق نبرته التي توضح مشاعره.
«أرجوكِ يا أمي لا تحرميني منها، أنا لا أتحمل حياتي من دونها..
نظرة واحدة إلى عينيها جعلتني صريع هواها، ولا نفاذ لي من سجن قلبها، عدم حصولي عليها يعني تعاستي..
أرجوكِ لا تحرميني من السعادة التي لطالما حلمت بها، وأنتِ أيضاً كنتِ تسعين إليها»
تحرك ليجلس أرضاً بجانب مقعدها، يلتقط كفها هاتفاً بتوسل: «قابليها يا أمي وبعدها احكمي عليها، أنا واثق أنها ستخطف قلبكِ كما خطفت قلبي، ستدفعيني أنتِ لإتمام الزواج منها بأسرع وقت»
قابله الصمت، ليتابع رجائه بقلب عاشق حتى النخاع، إلا أن راوية أبت منحه الراحة، ونهضت من على مائدة الطعام دون تعليق!
تعالت صيحة جنان الفرحة، لتنتقل نظرات مروان الحزينة إليها، هامساً بيأس:
«لن توافق»
تنظر له جنان ببلاهة غير مصدقة حماقة شقيقها!
ألا يفهم والدتهما؟
«بربك!
إن كانت لن توافق كانت استمرت في الصياح والاعتراض، لكن صمتها يعني أنك بت تؤثر عليها، وعلى بُعد خطوة واحدة من نيل موافقتها»
كلماتها أعادت الأمل إلى قلبه.. الذي يقسم بعدم اليأس من الأساس!
«أتظنين؟»
تهز جنان رأسها بشفقة، قائلة: «لقد امتلكتك لمياء بالفعل حتى أصبحت لا تدرك ما حولك!»
ثم تهمس بصوت لا يسمعه هو أو والدهما المتابع لحديثهما بصمت: «أها ما أجمل الحب!
اوعدنا يا رب»
«بم تهمسين؟»
سألها مروان بشك مخرجاً إياها من أحلامها المراهقة، تعود بتركيزها إليه قائلة بثقة مضحكة:
«حدد موعد المقابلة مع عائلتها، واترك أمر إقناع أمي لي»
يرمقها مروان بارتياب، لا يصدق أنها ستنجح حقاً في إقناع والدتهما!
يلتفت إلى والده منتظراً منه المزيد من الدعم، ليطمئنه والده: «طالما أنت تريد هذه الفتاة فستكون لك»
يتنهد مروان بارتياح داعياً الله أن يجتمع بلمياء في أسرع وقت.
**********
شاشة هاتفه تضيء باستمرار موضحة إزعاج المرسل..
ألقت لمياء نظرة على هاتف شقيقها لترى مَن يلح هكذا، يرتفع حاجباها بعدم تصديق؛ فشقيقها تراسله فتاة!
التقطت الهاتف بفضول محدقة في محادثتهما لتنصدم و هي تراها الأولى!
لا هناك واحدة من قبل كانت الفتاة تريد طلب شيئاً منه و لكنه لم يرد عليها!
نظرت إلى الرسائل المرسلة إليه اليوم لتزداد دهشتها وهي تراها لا تحمل سوى اسمه!
هيثم..
هيثم..
هيثم..
هيثم..
المزيد من الرسائل تتوالى ولا تحمل سوى اسمه، وكأن الفتاة تنادي عليه في الشارع!
هل كبر شقيقها وأصبح ملاحقاً من قِبل الفتيات!
هيثم..
هيثم..
استقبل هاتفه المزيد ولمياء تحدق فيه منتظرة بفضول معرفة ما تريده الفتاة..
تنتفض على صوت شقيقها:
«هذا هاتفي»
هتف بارتياب وهو يراه بين يدي شقيقته، لتقول لمياء باستمتاع:
«هناك مَن تنادي عليك، ومن الواضح أنها لن تستسلم إلا عندما ترد عليها»
رمقها هيثم بعدم فهم..
يلتقط الهاتف منها بحيرة، تزامناً مع كلماتها الماكرة:
«اسمها جنان إذاً، تُرى منذ متى تلاحقك؟
ولِمَ لا تعطيها وجهاً؟!»
مستحيل، هل تظن شقيقته أنه على علاقة مع إحداهن، ومع مَن.. جنان!
تعالت ضحكاته المذهولة ولمياء تنظر له بنصف عين، ليقول بعد أن خفتت:
«إنها جنان شقيقة مروان»
واسمه فقط كان كافياً لنقلها إلى عالم آخر، متذكّرة آخر لقاء بينهما وما قاله لها، لكنه بعدها.. اختفى!
تُرى أيعطيها فرصة للتفكير كما يحلو لها، أم استيقظ إلى نفسه وأدرك أنها لا تناسبه؟!
انقبض قلبها وانقلبت ملامحها.
«ماذا بكِ؟»
جاهدت لرسم ابتسامة على شفتيها دافنة أفكارها المتشائمة في أعمق نقطة في عقلها، لا تريد أن تفكر.. تأمل، أن تنصدم!
فمروان مهما أبدى رغبة في الارتباط بها وعدم اهتمام بوضعها إلا أنه سيأتي يوم ويضجر فيلقيها بعيداً!
فهي.. عاجزة.. ناقصة.. لا تناسب شاب كامل مثله!
سيأتي يوم ويفهم ذلك، إن لم يعرّفاه والداه الآن!
والداه.. إنها أبداً لم تسأله عن رد فعلهما عندما علما برغبته..
أوافقا بسهولة؟
صدح صوت بداخلها: «بالتأكيد وافقا، وإلا كيف أتت شقيقته معه؟»
يتعالى آخر: «لا تأملي كثيراً، فهذا لا يؤكد موافقتهما»
زفرت بقنوط شاعرة بالغضب من كل التخبط الذي تحياه، الخوف الذي يملأ قلبها!
«لمياء»
عادت إلى واقعها.. مصدر ألمها؛ منتبهة إلى سؤال شقيقها، لتجيبه:
«لا شيء..
ولِمَ تراسلك شقيقته؟»
عادت إلى موضوعهما الأصلي هاربة من استجواب سيزيد من حيرتها.
«لا اعلم، سأرى ما تريد»
وبالفعل رد على رسالتها لينشغل معها، فتعود لمياء إلى أفكارها.
«هيثم، هيثم، هيثم، هيثم..
ماذا تريدين؟»
وصلته كلمة أوف مع الكثير من حرف (الواو) قبل رسالتها الأخرى:
«وأخيراً..
لِمَ لم ترد عليّ منذ أول مرة؟»
أتستجوبه أم.. تعاتبه!
«الهاتف لم يكن معي»
رد باختصار منتظراً بصبر ما تريده، إلا أنه لم يصبر كثيراً ورسالة جديدة تصله:
«لدينا اختبار غداً»
ابتسم بتلقائية متخيّلاً ملامحها المذعورة وهي تكتب هذه الجملة، يكاد يقسم أن عقدة حاجبيها برقم سبعة، زامّة شفتيها بحنق تود قتل مَن حولها..
عدة لقاءات فقط ولكنه بات يحفظ أدق تفاصيلها، ولا يعلم كيف!
«اعلم»
أرسل لها ببرود.
تنهال عليه الرسائل بينما يسترخي في جلسته.. مستمتعاً!
«أيها النذل، تعلم ولم تخبرني!
حسناً لا مشكلة، لتتحمل ذنب حملي للمادة»
ارتفع حاجباه استنكاراً، يكتب لها: «وما دخلي أنا؟
أأنجبتكِ و نسيتكِ؟
اذهبي وحاسبي صديقاتكِ، أو حاسبي نفسكِ أولاً لعدم اهتمامكِ بدراستكِ»
وبعدم مبالاة لرسائله المتتابعة، أرسلت: «ترا ترا ترا، هل أنهيت وصلة العتاب أم لا؟
لأن هناك مادة ستشرحها لي»
كتبت أصابعه بعدم استيعاب: «اشرحها لكِ!
متى؟
الاختبار في التاسعة صباحاً»
ترسل له ببرود: «ستشرحها الآن على الهاتف»
حدق في رسالتها ببلاهة مضحكة..
تنتبه لمياء إلى ملامحه، فتسأله:
«ماذا تريد؟»
يقول هيثم وعيناه على شاشة الهاتف بعدم تصديق: «المجنونة تريدني أن اشرح لها أربع محاضرات الآن!»
انطلقت ضحكات لمياء عالية، هذه الفتاة غريبة حقاً، قادرة على رسم الضحكة على وجوه مَن حولها حتى لو لم تكن موجودة!
«هيثم.. هيثم»
عادت جنان للإرسال له بإلحاح عندما لم تجد منه رد، «تمزحين؟»
تكتب له بسرعة: «و هل سأمزح فيما يخصّ مستقبلي؟»
ثم سارعت بالاتصال به مؤكدة له رسالتها..
تتجمد أصابعه دون حركة!
انقطع الاتصال لتعيده بإصرار، فتقول لمياء بابتسامة:
«رد عليها، بالتأكيد لن تتركها دون مساعدة»
تأفف بيأس، اتجه إلى غرفته ليجيبها ويشرح لها!
تمر الساعات دون أن يشعرا وكلاهما مندمج تماماً، هيثم يشرح بكل ضمير و يوضح لها النقاط المهمة، وهي منصتة له بكامل تركيزها، تدون وراءه ما يقوله.
«فهمتِ هذه؟»
سألها بينما يقلب أوراقه..
ينعقد حاجباه عندما لم يحصل على رد.
«جنان، أنتِ معي؟»
هدوء تام هو ما حصل عليه، فأطرق برأسه منتظراً، ليرتفع بصدمة وصوت شخير يصله!
«جنان، هل غفيتِ؟»
يجيبه شخيرها المنتظم، لتداهمه رغبة شيطانية بالصياح في الهاتف وإفساد نومها، ويقحمها في الثانية الأخيرة مشفقاً عليها.
«تصبحين على خير يا مجنونة»
وأغلق الهاتف ثم استلقى على سريره لينام.. مبتسماً!
**********
«هيثم.. هيثم»
ابتسامة عفوية ارتسمت على وجهه وهي تناديه..
التفت إليها وابتسامته تتسع حتى انقلبت إلى ضحكة عالية وهو يتذكّر كيف انتهت مكالمتهما!
اقتربت حتى وقفت أمامه، تقول بنبرة طفولية: «اعلم علام تضحك»
ازدادت ضحكاته غير قادر على السيطرة عليها..
تزمّ شفتيها وتقول بضيق:
«الموضوع لا يستحق الضحك»
ولم تتوقف ضحكاته، فأصدرت صوتاً منزعجاً وغادرت من أمامه..
توقف هيثم عن الضحك آخذاً أنفاسه بقوة..
يلحقها قاطعاً طريقها، يقول بابتسامة واسعة:
«هناك بعض النقاط المهمة لم أخبركِ بها بسبب نومكِ»
وتعالت ضحكاته مرة أخرى فور أن أنهى كلماته، لتقلد جنان طريقته في الضحك بطفولية، وتتحرك من أمامه..
فوضع ذراعه أمام جسدها دون أن يلمسه يمنعها عن الحركة، وقال:
«أتعلمين أنني لم أضحك هكذا إلا معكِ، على الأقل في الفترة الأخيرة»
أمالت برأسها مستفسرة بنظراتها عما يقصده.
يوضح بضيق: «منذ ما حدث مع لمياء والمنزل في حالة كآبة عارمة لا يفسدها شيئاً»
«ليأتي المهرج الخاص بك وينتشلك من كآبتك لبعض الوقت»
هتفت بتذمر مصطنع لتمحي الأسى الذي ارتسم على ملامحه.
«مهرج!»
تلوي شفتيها متظاهرة بالحنق، وتقول باستياء: «أتراني (أراجوزة)؟»
«أراجوزة!»
تعالت ضحكاته بطريقة لم يعهدها من قبل..
ابتسمت برضا وعبوسه يزول.
رفعت كتابها بتهديد، تقول بضحكة تجاهد لكتمها: «توقف وإلا سأجعل الجامعة كلها تضحك عليك»
رفع كفيه باستسلام والشر يلوح على ملامحها، ثم التقط أنفاسه بصعوبة، وقال بجدية:
«الاختبار على وشك البدأ ولم أوضح لكِ الهام بعد»
يشير إليها باتجاه مقهى الجامعة، يتجها إليه، يجلسا على إحدى الطاولات ويتابع الشرح لها وسط تركيز شديد منها.
**********
نفس عميق يصاحبه ثقة عالية في النفس وإصرار على النجاح، ثم طرقات رقيقة على باب غرفة مكتبه تخفي خلفها هدفاً محدداً لا تراجع فيه!
«السلام عليكم»
ارتفعت نظرات سليم المندهشة إليها، يهتف بعدم تصديق:
«براءة؟
غريب، لِمَ أتيتِ؟»
تظاهرت بالحزن لعدم ترحيبه بوجودها.
«من الواضح أنك لا تريد رؤيتي، لقد أخطأت بمجيئي..
وداعاً»
ألقت كلماتها دفعة واحدة والتفتت متظاهرة بالرحيل، فأوقفها كما توقعت!
«لاانتظري»
وقف أمامها مبتسماً ابتسامته الماكرة التي تثير غثيانها، وقال برومانسية لم تراها سوى.. سماجة!
«لقد تفاجئت برؤيتكِ حبيبتي؛ فلأول مرة تزوريني في مقر عملي..
وكم أنا سعيد بهذه الزيارة، فلقد اشتقت إليكِ كثيراً كثيراً»
ومع الأسف هي مضطرة لتحمل سماجته بل ومسايرته!
«واضح أنك اشتقت إليّ، فمنذ عودتك لم تتركني ثانية واحدة»
وصل إليه عتابها بوضوح ليفكر كم هي حمقاء!
يشير بذراعيه بعجز: «لقد انتقم أبي من اختفائي المفاجئ، منذ عودتي و العمل يتراكم ويتراكم عليّ حتى أنني لا أجد وقتاً للنوم»
«تستحق»
هتفت بكل كره، فظنه هو مزاح، بينما تفكر هي في لحظة القبض عليه ومحاسبته على كل أعماله، و كم سيستحق كل ما سيلاقيه!
«وأهون عليكِ؟»
مستمرة في تلاعبها به، رفعت أكتافها بلا مبالاة.
«طالما أنت تهملني فنعم»
«حسناً إذاً سأحصل على سماحكِ بطريقتي الخاصة»
هتف بخبث غامزاً بعينيه بعبث.
«عندما تتفرغ من عملك»
«أنتِ أهم من مليون عمل حبيبتي»
تحرك باتجاه مكتبه ليلتقط أحد الملفات، وقال: «فقط انتظريني لدقيقة أعطي هذا الملف لأبي، وبعدها سنخرج ونقضي اليوم كله سوياً»
منحته ابتسامة عاشقة.. مخادعة كابتسامته..
تزفر أنفاسها براحة عندما ترك لها الغرفة..
تحركت فيها تسرق النظرات إلى آلة التصوير المعلقة في إحدى زواياها..
لقد صدق شريف والمكتب بالفعل مراقب!
وقفت خلف مكتب سليم محدقة في الأوراق التي تعلوه بلا مبالاة، تلعب بخصلات شعرها ليسقط الرباط الذي تجمعه به على الأرض..
مالت لالتقاطه، وبحركة خاطفة ثبتت جهاز التنصّت الذي أخذته من شريف من قبل في سطح المكتب السفلي، ثم استقامت رابطة شعرها من جديد.. مخفية بسمة انتصار من على شفتيها!
**********
إنه صوتها، هي هنا.. يا إلهي!
تحركت قدماه بسرعة نحو مصدر الصوت..
يتوقف على بُعد منها يتأملها، آه كم اشتاق لها!
مرت عيناه على طول جسدها بجرأة حتى ارتفعت إلى وجهها..
تغيم نظراته بشوق لحبيبته الظاهرة إثر ابتسامتها.. غمازتها!
تعالت ضحكتها مبرزة غمازتها الوحيدة أكثر ليستوعب مع مَن تقف و تضحك!
احتلت عيناه نظرة غاضبة وهو يخطو اتجاههما بحنق!
«مروة»
ارتجف جسدها و نبرته تتغلغل قلبها، آه كم اشتاقت له، ولكن جرح كلماته الأخيرة مازال غائراً!
وقف بجانبها محدقاً فيمن يقف معها بنظرات تكاد ترديه صريعاً!
يتنحنح الآخر بارتباك، يمد كفه معرفاً عن نفسه: «حسين، مشرف جديد سيعمل معكم في الدار»
انتقلت نظرات عزام بين كف حسين و وجهه بنظرات حادة أثارت ريبة الأخير وجعلته يظن أنه ارتكب جرماً!
تنحنح حسين بحرج وكفه معلقة في الهواء قبل أن تمتد كف عزام قابضة عليه بقوة، يقول بتحذير:
«الدكتور عزام، المسؤول عن صحة الأطفال هنا و.. زوج مروة»
يفهم حسين سر تعامل عزام الغريب معه، فمَن وقف ومزح معها ليست سوى زوجة رجل غيور!
«شرف لي رؤيتك دكتور»
ثم التفت إلى مروة هاتفاً بامتنان: «شكراً لكِ سيدتي، واعتذر على إزعاجكِ»
منحته مروة ابتسامة جميلة أججت من غضب عزام أكثر، ليهرب حسين من أمامه بخوف!
تباً، أسيعمل هذا اللزج هنا؟
سيقتله بكل تأكيد!
قطب حاجبيه مفكراً في أنسب طريقة للتخلصّ من حسين إن حاول الاقتراب من شوكولاته ثانية، فلم يشعر بانسحابها من جانبه و ابتعادها عنه!
التفت إليها هاتفاً بغيظ: «أرى أنكِ سعيـ..»
تنقطع كلماته وهو يراها ليست بجانبه!
أسرع خلفها متمتماً بغضب..
يسحبها إلى عيادته، بينما هي تصيح بوهن:
«ابتعد عنّي، اتركني»
أغلق الباب بعنف ليدفعها فترتطم به، يقف أمامها محتجزاً إياها بينه و بين الباب..
«ابتعد»
همست بضيق و كلماته تتردد في أذنها:
«من الواضح أنكِ لم تتعدين صدمة تفضيل باسم لرشا عليكِ حتى الآن وتغارين منها»
آه كم هي جارحة كلماته!
قرأ حزنها.. عتابها له في نظراتها..
تغضّنت ملامحه بندم، همس بصدق:
«آسف، لم أكن اقصد ما قُلته»
تساقطت دموعها، فيسارع بإزالتها بأصابعه.
«أقسم أنني لم انتبه إلى ما قُلته إلا حينما غادرت، وعدت إليكِ مسرعاً لاعتذر منكِ ولكن جدي لم يُدخلني»
أطرقت برأسها ودموعها مستمرة حتى تحولت إلى شهقات.
«زوجكِ لا ينتبه إلى نفسه عندما يغضب، فألا تتحملينه؟»
«و لكنك جرحتني و.. وشككت في حبي لك»
لامته من بين شهقاتها.
«سامحيني، أعدكِ ألا..»
«أنا لم أحب باسم قط، لم أحب سواك»
قاطعت كلماته بهمسة صادقة اخترقت قلبه..
رفع وجهها، يحدق في عينيها الشفافتين، لتعترف و نظراتهما معلقة ببعضهما:
«ربما أُعجبت بباسم أو تأقلمت على فكرة أنه زوجي بحكم أننا منذ الصغر لبعضنا، لكن بالتأكيد لم اشعر اتجاهه ما اشعر به نحوك»
شهقة متحسّرة خرجت من بين شفتيها قبل أن تقول:
«لقد آلمني اعتقادك أنني أفكر فيه واحمل بداخلي..»
يوقف سيل كلماتها الحزينة بـ.. شفتيه!
كانت قبلة مختلفة عن قبلاته السابقة، تحمل الكثير من الندم والكثير والكثير من الاعتذار، ترجمت عشقه اللامحدود لها.
«آسف، سامحيني»
هتفت شفتيه بتوسل ثم اتجهت إلى وجنتيها لتزيل دموعها الهابطة..
يستمر في اعتذاراته وقبلاته حتى أعلنت مروة استسلامها وتراخى جسدها..
سحبها ليجلسها على سطح المكتب..
تمسكت بقميصه بقبضتين ضعيفتين.
«و أنا أيضاً اعتذر، اعتقد أنني أثرت غضبك وقتها»
طبع قبلة أخيرة أسفل عينيها، ثم ابتعد هاتفاً بجدية:
«نعم أثرتِه بشدة»
لوت شفتيها بضيق طفولي، وهتفت متذمرة: «و أنت أيضاً أثرت ضيقي باعتراضك على قراري»
ضيّق عينيه ناظراً إليها بحدة، هتف بنبرة لا تعرف الدوران:
«مَن أقحم هذه الفكرة الحمقاء في عقلكِ؟»
توترت من سؤاله المباشر، تململت في جلستها محاولة الهرب منه بأي طريقة.
«لا افهم ما تقصده»
أشاحت بعينيها عن نظراته التي تكشفها، تبتلع ريقها بتوتر وهي تسمع كلماته:
«بل تفهميني جيداً، يستحيل أن تكون الفكرة نشأت في عقلكِ هكذا فجأة..
فماذا حدث لتفكرين في اتباع حمية غذائية؟»
بخلاف شجارهما السابق، فهذه أول مرة يتحدث معها بكل هذه الصارمة!
ألا يمكن عودته إلى العاشق الذي لا يكفّ عن تقبيلها؟
فهذا أفضل في الوقت الحالي!
«مروة»
حثها بإصرار على البوح.
تهتف بتلعثم: «أنا.. أنا»
«لذا عليكِ الحذر من تصرفاتكِ، فإشارتك إلى أي عيب بكِ سيجعله يلتفت له حتى إن كان غير منتبه إلى هذا، و حينها لا تلومين نفسكِ عمّا من الممكن أن يحدث»
طرقت كلمات جدها عقلها مانعة إياها من الكذب، فلم تجد بداً من الاعتراف!
قصّت عليه كل ما قالته لها مرام، ليقبض على كف يده بغضب من هذه المتطفلة وحماقتها.
«و أنتِ تهتمين برأيها وأنا لا؟!»
رمشت بعينيها برفض، سألته بتردد: «وما رأيك؟»
تأوهت وكفيه تلامس مناطق خاصة من جسدها بـ.. جرأة!
يقترب عزام من أذنها هامساً بكلمات.. وقحة تعبر عن جمال جسدها وما سيفعله معها!
«اصمت»
لكنه لم يفعل، واستمر في توضيح رضاه عن جسدها و ما ينوي القيام به معها بـ.. ضمير!
فتنتفض أنوثتها.. استجابة!
«و الآن ستأكلين الشوكولاتة أم لا؟»
أومأت بالموافقة بلا شعور وجسدها لازال ينتفض إثر كلماته، فلم تنتبه إلا وقطعة من الشوكولاتة تتحرك على شفتيها.
فتحت فمها بطاعة؛ ليدسّ عزام القطعة بداخله، ثم يميل مقبلاً إياها بينما هي تستمتع بمذاق الشوكولاتة الرائع..
أهناك أجمل من هكذا شعور؟
الشوكولاتة التي تحب في فمها، وحبيبها يقبلها بكل عشق..
ستكون غبية إن أضاعت كل هذا من يدها!
«ماذا كان يقول لكِ المشرف الجديد؟»
أخرجها سؤاله من الغيمة الوردية الغارقة فيها..
تبتسم ملاحظة غيرته في حدقتيه، تجيبه ببراءة:
«كان يتحدث معي عن نظام الدار والعمل»
«ولِمَ ضحكتِ؟»
حلقت أنوثتها راضية عن غيرته..
اتسعت ابتسامتها بدلال مُظهرة غمازتها، وقالت ببساطة:
«ألقى تعليقاً على تصرف أحد الأطفال فضحكت»
لم يستطع المقاومة فمال مقبلاً غمازتها بشغف، ثم ابتعد وقال بأمر:
«إياكِ و الوقوف معه ثانية»
تهتف ببراءة مستفزة لرجولته: «لِمَ؟
إنه شاب محترم و..»
يُدخل قطعة شوكولاته أخرى إلى فمها مانعاً إياها من قول المزيد، ويقول بسيطرة رجولية:
«إن رأيتكِ واقفة معه سأقتله»
«أحبك»
وللمرة الثانية تباغته بقولها!
«قُلتيها مرتين اليوم!»
تتململ بجسدها ترغب في الاندساس بين أحضانه، تهمس بعشق:
«ولن أتوقف عن ترديدها أبداً، أحبك عزام، أحبك جداً و لا أريدك أن تغضب منّي»
وانتهى الحديث!
**********
الأمر ليس معقداً أبداً!
باقة ورود جورية تحبها، مع خاتم بتصميم بسيط كبساطتها، وتذكرتين سينما لفيلم من بطولة ممثلها المفضّل سيفوا بالغرض ويجعلوها ترضى عنه!
مكلِف نيل سماحها!
ربما..
ولكن غضبها منه أكثر قسوة على قلبه، ثلاث ليالي وهو محروم منها، النوم في أحضانها، التمتع بدلالها..
ثلاث ليالي وهي ترتدي وجهها الخشبي وتعامله بكل برود!
وكل هذا من أجل ماذا؟
صديقتها الـ...!
زفر أنفاسه بعنف طارداً تلك الفقيرة من عقله، راسماً على وجهه إحدى ابتسامته العاشقة ليقابل بها زوجته.
«مساء الخير»
رمقته رشا بنصف عين ثم نهضت متجهة إلى غرفتها غير مبالية بباقة الورود الجميلة التي يحملها، على الرغم من لهفتها لتشممّ رائتحها المنعشة!
وقف في منتصف طريقها قائلاً بمسكنة: «لا تردي عليّ، ولكن احملي هذه الباقة الثقيلة عنّي، هذه من واجباتكِ كزوجة»
تأففت متظاهرة بالحنق وهي تسحب الباقة منه بعنف، ثم تحركت من أمامه..
يتحرك قاطعاً طريقها، يقول بضيق:
«لازلتِ غاضبة منّي؟»
ارتفع حاجباها تخبره بنظراتها (ماذا ترى؟)
يتأفف بداخله، يهتف مراضياً: «آسف سامحيني»
«لم أجبرك على الاعتذار لتنطقه متجهماً»
هتفت بكل ما تحمله من برود.
«و كيف تريدينه؟
ارقص و أنا أقوله مثلاً؟!»
زمّت شفتيها بيأس، هو لن يفهم، لن يدرك مدى الاحراج الذي وضعها فيه مع أقرب صديقاتها..
لن يستوعب خجلها وهي تعتذر منها مراراً على ما فعله مبررة بكذب أن لديه مشكلة في عمله!
«حسناً ما رأيكِ في هذا؟»
حدقت بما يقصد لترى خاتم.. مبهر!
خاتم على شكل دائري يحمل فص صغير من الألماس..
توسعت عيناها محدقة فيه بإعجاب..
يستبشر باسم بالرضا من انفراج ملامحها.
«فور رؤيته اشتريته لكِ، كنت واثقاً من أنه سيعجبكِ»
ثم أخرج الخاتم من العلبة ووضعه في إصبعها، ليقبله بعدها ويقبّل باطن كفها.
«اشتقتِ لكِ يا قاسية»
ورغماً عنها تأثرت بنبرته الصادقة، لتقرر مسامحته!
نعم ستسامحه، ليس لأنه أحضر لها الخاتم، بل لأنه ليس هناك شخص خالي من العيوب!
هو سطحي، يهتم بالمظهر غير مبالي بالجوهر، لكنه أيضاً ملتزم، وفي، مخلص، حنون، يحبها ولا يتحمل حزنها..
وهي زوجة بسيطة عاشقة حتى النخاع، لا تحلم سوى بأسرة سعيدة تملأ حياتها وعمل مريح يعينيها على مساندة زوجها، ولكنها أيضاً عصبية، متهورة، من الممكن أن تجرح مَن أمامها بدون قصد..
كلاهما مليء بالعيوب، وكلاهما عليه بالتعايش مع عيوب الآخر لتنجح حياتهما!
«وأنا اشتقت لك»
ضحك بعدم تصديق..
يرفع نظراته لها قائلاً بسعادة:
«يعني أنكِ سامحتِني؟»
أومأت بابتسامة وقلبها يتلوى تأثراً به..
يسحبها إلى أحضانه ملقياً الباقة التي تعترضه بلا مبالاة، ثم يهتف بكل حماقة وأنفاسه تداعب عنقها: «أتعلمين؟
كنت قد أحضرت تذكرتين لفيلم رامي مالك الجديد خصيصاً لأجل نيل سماحكِ»
رمشت بعينيها ببلاهة متجمدة بين أحضانه، وسرعان ما ارتسم على وجهها ابتسامة بلهاء معجبة..
يتحفز جسدها وتبعد باسم بضيق وهي تسمع كلماته:
«ستكون سهرتنا طويلة الليلة، طويلة جداً»
«سنذهب لمشاهدة الفيلم»
ارتفع حاجبا باسم باستنكار، يهتف بعصبية: «ثلاثة أيام وأنتِ بعيدة عن أحضاني، ويوم أن نتصافى تريدين الذهاب لمشاهدة فيلم!»
تضرب الأرض بقدمها بطفولية، تقول بعناد: «لا يهمني، أريد الذهاب لمشاهدة الفيلم، إنني أنتظر عرضه منذ شهر»
سب باسم نفسه على ذلة لسانه وتصريحه عن إحضار التذاكر.
«اعتبريني لم احجزهما»
ترفع رشا إصبعها في وجهه قائلة بتهديد: «اسمع يا باسم، سنذهب لمشاهدة الفيلم وإلا سأعود لغضبي منك و.. لتتحمل!»
وتحركت من أمامه لتستعد للذهاب إلى السينما، فبالتأكيد باسم سيخضع لرغبتها!
أما هو فضرب الجدار بغيظ، هاتفاً: «تباً لباسم»
**********
«كل هذا حدث معكِ و نحن لا ندري؟»
زمّت لمياء شفتيها، وهتفت لصديقتيها بعتاب لم تخفيه: «و كأنكما تهتمان!
لقد نسيتماني حرفياً في الأيام الماضية»
ظهر الندم على وجه الفتاتين، تبرر لارا: «اعذريني حبيبتي، والله كان لدي عمل لفوق رأسي»
وتبعتها مروة: «وأنا تشاجرت مع عزام»
«تشاجرتِ مع مَن؟
ألحقتما يا ابنتي؟
عقد قرانكما كان من عدة أيام»
تثور أعصاب لارا متذكّرة ما فعلته صديقتها الحمقاء، فتقول من بين أسنانها:
«و كيف بالله عليكِ؟
إنها مروة، إن لم تُخرِج روح الرجل لن ترتاح»
مطت مروة شفتيها غير راضية عن أسلوب لارا معها، مع أنها بداخلها تؤمن أن الأخيرة على حق، ولولاها لما كانت الأمور صفت بينها وبين عزام..
فهي مَن أصّرت على قدوم الأخيرة إلى الدار والسماح لعزام بالاقتراب منها و إصلاح ما فسد بعد معرفتها لما حدث، بل أنها كادت تخوض حرباً مع جدها موضحة أن مروة أيضاً أخطأت وليس من العدل معاقبة عزام بمفرده، ليستسلم لها الجد في النهاية هاتفاً أن ثلاثة أيام مدة كافية لعقاب عزام!
في ظل شرودها لم تنتبه أن لارا أخبرت لمياء بكل ما حدث..
تنتبه على ضحكة لمياء الساخرة، ونبرتها المريرة:
«إن كنتِ في نفس وضعي لا قدّر الله، كنتِ ستعلمي معنى كونكِ بشعة وغير مرغوبة»
انقلبت ملامح مروة للضيق على وضع صديقتها، معترفة بداخلها أنها على حق!
فوضعها لا يعادل نقطة في بحر مما تعانيه لمياء!
وكعادة لارا المرحة، أزالت حزن لمياء بمشاكستها: «غير مرغوبة!
ما فهمته أن هناك مَن يتمنى رضاكِ»
تصرح لمياء بمخاوفها: «لا اعلم يا لارا، اشعر بالخوف..
مشاعر مروان اتجاهي تثير قلقي، فليس من الطبيعي أن يرغب بواحدة مثلي بهذه الشدة، الأمر مربك»
تتفهم صديقتاها مخاوفها وتؤيّدانها، فأي واحدة مكانها ستشعر بما تشعر به وأكثر..
إلا أن لارا حاولت إقناعها: «لديكِ حق، لكن مما قصصتِه علينا يتضح أنه بالفعل يحمل لكِ مشاعر صادقة، ولا ضرر من التجربة!»
تهز لمياء رأسها قائلة بوهن: «لم يعد لدي طاقة يا لارا، قلبي لن يتحمل جرحاً جديداً والمزيد من الخيبات»
هتفت مروة بتصديق لما قاله جدها لها منذ أيام: «أتعلمين ما أخبرني به جدي عندما تشاجرت مع عزام؟
أخبرني أن نظرة الرجال للمرأة مختلفة، هناك مَن يفضّل السمراء وهناك مَن يحب الشقراء على سبيل المثال..
أعلم أن وضعكِ بعيداً جداً عن هذا، لكن ما أريد توضيحه أن أصابع يدكِ ليست مثل بعضها، ليس لأن ماهر كان نذلاً وترككِ أن مروان سيفعل المثل»
تنظر لمياء إلى صديقتيها بتخبط، وتسألهما بتردد: «هل تنصحاني بالموافقة عليه؟»
تنصحها لارا: »وافقي لكن لا تتعجلي في أمر الزواج، اجعليها فترة خطبة حتى يستقر وضعكِ ويطمئن قلبكِ»
**********
محدقة في اللاشيء، تفكر فيما نصحتها به صديقتيها، ولا تعلم أيهما الصواب!
أنوثتها تحثها على الموافقة، تتوق للشعور بالرغبة..
وعقلها يمنعها بشدة، يذكّرها بما حدث من قبل..
أما قلبها.. فكأنه خارج المعادلة!
ساكن.. رتيب.. لا يشعر بشيء!
صحيح كلمات مروان وشغفه بها تؤثر فيه، إلا أنه سرعان ما يتجمد بعدها، وكأنه يخشى الحب!
«إلهي أنا لا اعلم ما يتوجب عليّ فعله، أرجوك ساعدني»
تضرعت إلى الله آملة أن يهديها الصواب.
يصدح بعدها رنين هاتفها، وكأن دعائها قد استجيب!
«مساء الخير»
يا الله، منذ متى لم تسمع صوته؟
ثلاثة أيام؟
ثلاثة أيام ظنت أنه تراجع فيهم عن الارتباط بها، ولكنه تركها حقاً لتفكر..
تُرى هل اتصل ليعرف ردها؟
«هل أزعجتكِ؟»
ردت بارتباك نتيجة خوفها من سؤاله القادم، فحتى بعد حديث صديقتيها لم تستقر على قرار!
«لا أبداً»
وتحققت مخاوفها بسؤاله: «لن أدور كثيراً، اتصلت لاعرف قراركِ، فلقد طال الموضوع جداً»
صمت حلّ عليهما استقبله مروان بصبر، ثم بادر بالسؤال عندما لم تمنحه رداً:
«هل تجدين عيباً بي لترفضيني؟»
همست بصدق: «أنا لم اعرفك جيداً بعد لأرى فيك عيباً، كل ما في الأمر أنني.. خائفة»
يزفر مروان أنفاسه مدلكاً جبهته بتفكير، ليرد بعد برهة: «لديكِ حق أنتِ لم تعرفيني جيداً، ويجب حل هذا الأمر..
أما عن خوفكِ فأنا أتفهمه، لكنني لا أجد له حلاً سوى أن تثقي بي»
خيّم الصمت عليهما قبل أن يقطعه مروان بتوسل:
«حسناً إذاً ما رأيكِ في فترة خطبة، خطبة فقط دون عقد قران..
فرصة لتتعرفي عليّ فيها جيداً وتطمئني من جهتي»
يا إلهي، لو كان معها هي و صديقتيها من ساعات لم يكن ليقترح هذا بكل هذه السرعة!
«لمياء، هل صليّتِ صلاة الاستخارة؟»
هاجمها بسؤاله، فأجابته فوراً:
«لا»
يقول مروان مسلماً أمره لله: «حسناً إذاً صليها..
إن ارتحتِ نقيم فوراً الخطبة»
«و إن لم ارتاح؟»
يضغط على قلبه ويقول بقوة: «إن لم ترتاحي.. سأبتعد عن طريقكِ للأبد..
والخير فيما اختاره الله»
وكم آلمتها أنوثتها عند هذا الخاطر!
**********
فتح لها باب السيارة منحنياً بدرامية..
تتعالى ضحكاتها ملفتة الأنظار إليها ثم تصعد إليها..
دار حول السيارة ليتخذ مكانه، ثم بدأ في القيادة وهو يشاكسها ويلقي عليها عدة كلمات مستفزة.
«توقف و إلا لن تلوم إلا نفسك»
التفت إليها مرقصاً حاجبيه، وقال مستمراً في استفزازه: «ماذا ستفعلين ها؟»
تجلى الشر في نظراتها..
يضحك عليها مستفزاً إياها أكثر..
ليتوقف فجأة كل شيء و هي تصيح بخوف!
«انتبه»
و لم يعي إلا على سائق أهوج يقود بسرعة كبيرة في الطريق المعاكس، ليصطدم بسيارته بقوة أدت إلى انقلابها عدة مرات وتحطمها!
**********
«كيف أحوالك مع تلك الصحفية؟»
ظن سليم أن حمدي (الباشا) يطمئن على عدم كشف براءة لهم وتعاونها مع الشرطة، فطمئنه:
«لا تقلق الأمور تحت السيطرة، أنا شبه متأكد أن براءة لم تكشفنا»
التفت شريف -الذي يستمع إلى حديث سليم من خلال جهاز التنصّت الذي وضعته براءة في مكتب الأخير من قبل- إلى براءة يمنحها نظرات مطمئنة تزيل الخوف الذي طلّ بعينيها عند ذكر اسمها.
إلا أن هذا لم يكن ما يقلق حمدي!
«ماذا عن عملها مع ذلك الوغد؟
هل لازالت على اتصال به؟»
«مَن تقصد؟
شريف؟»
ارتفع حاجبا شريف محاولاً تخمين سبب ذكر اسمه!
يأتي رد حمدي على سليم: «و هل يوجد وغد غيره؟»
يؤكد سليم بثقة: «نعم هما دائماً على اتصال، وتلك الغبية تحصل منه على معلومات قيّمة، ثرثرت من قبل أمامي عن إحدى عملياته القادمة التي ستذهب معه خلالها لتوثيقها والإشادة بالداخلية وجهودها في مقالها»
وطالما تم ربط اسمه مع براءة، إذاً هذه المكالمة ستفيده جداً!
أنصت شريف جيداً لما يقوله سليم محاولاً استشفاف أي معلومة من كلماته المبهمة بالنسبة إليه!
بينما براءة شاردة بخوف، مفكرة في سبب حديث الباشا عنها!
«جيد جداً، أريدك أن تقترب منها أكثر الفترة القادمة، شريف يعمل هذه المرة في سرية تامة ولا يعرف خططه إلا أقرب المقربين له، حتى الآن لم أتمكن من معرفة إن كان علم بموعد عمليتنا القادمة أم لا..
ربما استطعت أن تعرف من خطيبتك المصون ذلك»
يبتسم سليم ويقول بثقة، غير مدرك أنه بكلماته يمنح الآمان لقلب ينتفض ذعراً:
«لا تقلق، إن لم تخبرني بنفسها عن موعد عمليته القادمة التي ستخرج فيها معه سأحاول سحب المعلومات منها بنفسي..
ولنأمل أن يكون لديها خبر عنها»
همهم حمدي بكلمات غير مفهومة.
في حين ابتسم شريف إلى براءة مطمئناً..
تتنهد براءة بارتياح، فهي في أمان.. لفترة مؤقتة على الأقل!
«بالمناسبة، متى موعد العملية من الأساس؟»
أخبره حمدي عن الموعد، لينتفض سليم من على مقعده هاتفاً بصدمة: «ماذا؟»
يقبض شريف كفه بقوة داعياً الله أن يتفوه سليم بأي كلمة.. كلمة فقط تضعه على أول الطريق للقبض عليهم..
وتحقق مراده بكلمات سليم الحانقة: «إنه قبل زفاف حورية بيومين..
كيف تريد منّي استلام شحنة كبيرة من المخدرات في هذا التوقيت؟»
يهدر حمدي بحدة: «وهل سنختار الموعد على حسب مزاج سيادتك؟!
هذا عمل، وبالتأكيد لن نحدد موعد تسليم شحنة كبيرة كهذه حسب ظروفك!
سأتصل بك قريباً لإخبارك بالتفاصيل..
انتبه جيداً لا أريد أي خطأ»
ومع صوت إغلاق سليم للخط بعصبية ابتسم شريف بانتصار، وسأل براءة:
«متى موعد زواج حورية؟»
تقول براءة بتشفي: «بعد شهرين تقريباً»
يهتف شريف بامتنان، وبوادر انتصاره هو وحليفته تلوح في الآفاق:
«بفضلكِ ستقع هذه الشبكة في قبضتي قريباً.. قريباً جداً»

براءة مش قليلة برضه دي تربية مستشار يعني حاجة جامدة جججداً
بس تفتكروا هي وشريف هينجحوا للآخر ولا سليم واللي معاه هيبقى ليهم رأي تاني؟
الفصل ٢٦ هحطه حااااالاً

روحكِ تناديني (كاملة)Where stories live. Discover now