أغنية أبريل|| April Song

By Sanshironi

390K 30.3K 26.9K

الثانوية ، و سن المراهقة قد تعتبر أحدى أجمل المراحل في حياة أي شخص عادي ، لكن حينما تكون ثرياً و ذكياً ذو وجه... More

الفصل الاول: كابوس من جديد!
الفصل الثاني : عائلة غريبة الاطوار
الفصل الثالث: أنت مجنونة!
الفصل الرابع : سندريلا الغناء
الفصل الخامس : قطة بأذان دب
الفصل السادس : لماذا القدر يتلاعب بي؟
الفصل السابع: لمرة واحدة فقط
الفصل الثامن : كوني بخير
الفصل التاسع : ابن الموظف
الفصل العاشر : التقينا مجدداً
الفصل الثاني عشر : خلف قناع البراءة
الفصل الثالث عشر : صديقتي الجديدة
الفصل الرابع عشر : لماذا انا من بين الجميع؟
الفصل الخامس عشر : لأنك أخي
الفصل السادس عشر : ذكرى تحت المطر
الفصل السابع عشر : حرب غير متوقعة
الفصل الثامن عشر : على أوتار الموسيقى
الفصل التاسع عشر : روابط مزيفة
الحساااااااااااب رجعععععععععععع🎇🎉🎉🎇🎊🎊🎊
الفصل العشرون : قناعة كاذبة
الفصل الواحد و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الاول
الفصل الثاني و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثاني
الفصل الثالث و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثالث
الفصل الرابع و العشرون : الاميرة النعسة
الفصل الخامس و العشرون : شتاء يناير
الفصل السادس و العشرون : من يكون بنسبة لي؟
الفصل السابع و العشرون : كان بسببك!
الفصل الثامن و العشرون : صديق
الفصل التاسع و العشرون : ضغائن متبادلة
الفصل الثلاثون: قاعدة الثلاث كلمات
الفصل الواحد و الثلاثون : عيون حاقدة
الفصل الثاني و الثلاثون : المكسورة
الفصل الثالث و الثلاثون : عن سوناتات بتهوفن
الفصل الرابع و الثلاثون : ثمانية عشر شمعة
الفصل الخامس و الثلاثون : نهاية الرهان
الفصل السادس و الثلاثون : حقيقة ما تم إخفاءه بالماضي
الفصل السابع و الثلاثون : انتهت اللعبة
الفصل الثامن و الثلاثون : الليالي التي لن تموت
الفصل التاسع و الثلاثون : المفكرة البيضاء
الفصل الاربعون : تحامل
الفصل الواحد و الأربعون : كوابيس صغيرة
الفصل الثاني و الاربعون : مقيد
الفصل الثالث و الاربعون : تذكر أغنيتي
الفصل الرابع و الأربعين : وداع أم خداع
الفصل الخامس و الأربعون : ليست بريئة

الفصل الحادي عشر: لحن المساء

7.5K 795 222
By Sanshironi


مرحبا ... اتمنى ان تقوموا بتصويت قبل قراءة الفصل و تعليق على فقرات لان بجد تعبت في كتابته و هو طويل شوي كمان ❤

استمتعوا❤❤

************

اشتدت لسعات النسيم حِدة فبدل ان تكون عليلة و لطيفة كما أعتدنا صارت تنخر العظام و كأنها تثبت لنا ان الشتاء على الابواب.

بشال زهري و جوارب طويلة سوداء أكتفت آليس حتى تقي نفسها من برودة الجو ، كانت قد جمعت أشيائها متهربة الى ملجأها الوحيد كما هي العادة حتى لاحظت رايان ينزل الدرج بجانبها متوجهاً نحو مكتب الاستاذ الذي كاد يهم برحيل.

لم تعر الامر إهتمام كبير فا في العادة كان رايان ما يسبقها الى السطح طيلة الشهر المنصرم ، بنظر الى كونهما يتشاركان الملجئ ذاته اضافة الى كونهما زملاء في الصف هو بنسبة لها منافس في دراسة اكثر من كونه مجرد زميل.

كذلك رايان الذي لم يعلم سبب طلب الاستاذ منه بأن يحدثه عند نهاية الحصة ، غير انه لم يحمل هم التسأل او الحيرة بقدر رغبته بذهاب لسطح كما أعتاد ان يفعل.

- أستاذ أطلبتني؟

سأل رايان الاستاذ الذي كان يلملم أشياءه فأجابه دون النظر اليه:

- بلى ... عندما كنت أبحث في ملفات الغياب وجدت جميع أسماء الطلبة مع كامل معلومات الشخصية منها أرقام هواتفهم ما عدا اسمك لا يحمل سوى رقم المنزل.

زم شفتيه في تفهم ، فهو ذهب للمدرسة مباشرة بعد يوم وصوله من السفر فلم يكن في يده متسع من الوقت لإستكمال بياناته.

- هل أعطيك رقمي ام يجدر بي الذهاب الى الادارة؟

- لا بأس سأتولى انا هذا.

انزل رايان حقيبته من على كتفه و أخرج منها دفتراً ذو غلاف أحمر فاقع ليفتح ورقاتها حتى يدون رقم هاتفه لأستاذ ، كونت حاجبيه عقدة صغيرة منزعجة جراء قلم الحبر الذي بهت لونه فجأة فإضطر لضغط عليه حتى يكون الخط واضحاً ، مزق نصف الورقة و اعطاها لإستاذه الذي شكره لتعاونه في مقابل.

اما آليس فقد ظنت أنها ستسبق رايان للمرة الاولى لكن و كما هي العادة تعرضت للمضايقة أثناء سيرها و لكن من طرف ميلي هذه المرة ، حيث أمسكت بها من كتفها بقوة لستوقفها رغم أنفها قائلة بتعالي و تكبر:

- توقفي عندك قليلاً يا دودة الكتب.

اطبقت آليس جفونها و أخرجت نفساً ضجراً من حظها الذي ما يزال يفاجئها من كثرة سوئه ، نظرت اليها بطرف مقلتيها و كأنها تحثها على قول ما تريد بسرعة الى ان الاخرى فعلت دون حتى ان تفهم نظرات آليس:

- لقد أعطانا الاستاذ مالون أسئلة طويلة و هو يريد الفرض جاهزاً بعد عطلة نهاية الاسبوع.

دفعت بكتاب الى صدر آليس حتى تمسك به قبل ان يقع منها كذلك إستطردت ميلي بلهجة آمرة:

- خذيه و قومي بحل الفرض ثم أحضريه الي يوم الاثنين قبل بدأ الحصة الاولى.

ثم أردفت في إستهزاء مع بسمة ساخرة:

- لا اظنك مشغولة صحيح؟ أعني بتأكيد انت متفرغة فمن هم الاصدقاء الذي سيشغلون وقتك؟

في تلك الاثناء مر رايان من خلف آليس و قد القى نظرة خاطفة عليهما الى انه أكمل طريقه بتجاهل فهذه ليست المرة الاولى التي يرى شيء كهذا يحدث ، حدقت آليس نحوها بملل لتقوم بفتح الكتاب حتى ترى المسأل لكن زاوية شفتيها إرتفت في شبه ضحكة ساخرة و اختفت بسرعة قبل ان تراها ميلي و تزيد من الازعاج ، مدت آليس الكتاب لها قائلةً على نحو متململ:

- لديك طريقتان لحل هذه المسائل ، بإستخدام القانون الجذري او بجعل المسألة عبارة عن معادلتان و في كلتا الحالتين سيتم إعطائك قيمتان إجعلي مدى القيم على هيئة فترة مغلقة حتى تعطيك مدى الاعداد الحقيقية للرمز المجهول.

رفت ميلي حاجب و قد تشكلت معالم وجهها بتسأل فبلكاد إستطاعت إستعاب كلمة ، لم تغير آليس شيء من ملامحها الضجرة و فاترة رغم كونها تكاد تركل مؤخرة هذه الفتاة و جرها من شعرها في ساحة المدرسة ، أدرفت آليس موضحة:

- في حالتك ان إستخدام القانون الجذري أسهل و لن تجدي صعوبة في حالة التعويض الصحيح بالاضافة الاستاذ مالون لا يدرسني لذا لا أعلم كيف يريد طريقة الحل.

نظرت اليها ميلي بإستنكار لتقول بفتور:

- هل تسخرين مني؟

برزت خدود آليس أكثر إثر إبتسامتها المتكلفة التي رسمتها لترد عليها بهدوء:

- لا ... ربما لست مشغولة مثلما تقولين و ليس لدي أصدقاء أخرج معهم لكن إمتحانات نصف الفصل على الابواب.

أعطتها آليس كتابها لتقوم بعد ذلك برفع كفها مودعة تزامناً مع إعطائها غمزة صغيرة و هي تقول بلطف:

- أبلي حسناً.

كان ذلك حدها التي تستطيع بلوغها فلو بقت بجانبها أكثر لفعلت شيء كانت لتندم عليه لاحقاً ، مشت بخطوات واثقة امام ميلي حتى تغيضها أكثر لكنها أطلقت العنان لساقيها عندما غابت عن نظرها راكضة حتى تصل لسطح قبل ان يراها أحد آخر.

ظنت ان الركض سيقوم بتدفئة جسدها لكنها بدل ذلك لم تحصد سوى على ضيق في الصدر و آلم مع كل دقة يدقها قلبها ، كانت تتذمر و تزمجر لاعنة ميلي على تعكيرها لمزاجها هذا الصباح حتى أنها باتت تلعن جايكوب و ريتشل و حتى جيرمي الذين لم يفعلوا لها شيء ابداً اليوم.

كان رايان يستمع الى صوتها قبل حتى ان تصل لسطح و كان بلكاد قادرة على ترجمة كلمة واحدة مما تقولها بسبب سرعة حديثها مخطلةً بصراخ و تذمر ، دفعت آليس باب السطح الحديدي و قد كادت تصيح في إنفعال لو لا انها رأته كالعادة و في ذات البقعة يسند بذراعية على السياج و يميل بظهره قليلاً للأمام و كأنه ذات المشهد تراه مراراً و تكراراً لولاً تغير لون السماء و الاجواء من حولها لظنت انه في حلقة زمنية .

تغيرت تعابيرها من مكفهرة الى ضجرة و من ضجرة الى باسمة عندما أدخلت الهواء الى رئتيها منفسة عن نفسها ، خطت نحو الامام لما كادت تصل لسياج القت تحية الصباح فلم يأتيها رد ؛ تجاهلت الامر و بدت معتادة على ذلك لتقوم بإنزال حقيبتها حتى تجلس على السياج براحة فصارت تحرك قدميها في الهواء كما الطفل السعيد في أرجوحة ، إحتضنت نفسها عندما هبت ريح باردة فقالت على نحو مرتجف:

- الجو يزداد برودة! ان السطح ليس بالمكان الجيد بشتاء فالجو هنا ابرد.

ثم اضافت بتذمر و تهكم نافخة خديها بطفولية:

- أكره الشتاء! سأشتاق الى هذا المكان في الايام المثلجة.

ظل الصمت مخيم على المحيط بعد ان ظنت آليس انه لن يرد لكنه فاجئها و فعل :

- يبدو ان صلحية دينك ستنتهي عما قريب.

هزت رأسها موافقة قبل ان تنظر بإتجاهه و هي تقول في بهجة:

- عندما تثلج السماء أذهب الى المكتبة فهي دافئة و هادئة ايضاً لكنها ليست بروعة السطح.

وضعت يدها بجانب فمها كمن ستخبر أحدهم سراً ما فقالت بصوت منخفض:

- هل تعلم أن قسم الفلسفة الاجنبية دائما ما يكون خالياً كما ان هناك طاولة خاصة بدراسة بين أرفف الكتب.

استوت في جلسها راسمة إبتسامة متسعة لتردف :

- لا أحد يحب الفلسفة خاصة ان كانت بلغة اخرى او خارج نطاق المنهج التعليمي .

اراح رايان خده على راحة يده فقال ساخراً و هو يحدق نحوها:

- و لكنك تفعلين!

هزت الاخرى كتفيها بقلة حيلة فقالت بلامبالاة:

- كوني مهوسة الدرس سيكون من أولوياتي قراءة كل أصناف الكتب في المكتبة حتى و ان كانت الفلسفة الاجنبية.

نظر نحوها بتسأل لبرهة قبل ان يشيح بصره و يغوص في تفكيره بهذه الفتاة التي لا تكل و لا تمل من الدراسة ، و كان عقلها عبارة عن حاسوب يتسع لكل المعلومات بكل أشكالها و أنواعها ، هو حتى لا يازال يجهل اسمها بل لم يكن ليهتم به .

فقد علم انها معه في الصف فقط منذ اسبوعين حتى و ان ذلك قد حصل مصادفة ، فافي العادة ما ان تنتهي الحصة يكون رايان اول من يخرج اضافة انها تجلس أسفل المدرج دائماً مما يجعل أمر لمحها شيء مستحيل مع كم الرؤوس الهائلة التي تجلس أمامه ، في ذلك اليوم الذي تأخر فيه و هو يجمع اشيائه كانت آليس تصعد المدرجات نحو الباب الى ان احد الطلبة مد ساقه امامها فتعثرت بها لكنها تداركت و امسكت بطاولة التي بجانبها .

كانت تعثرها قوياً حتى ان رأسها اندفع للأسفل و لما رفعته كان اول ما رأته هي تقاسم وجهه المتعجبة مع بعض الاندهاش تسيطر عليه لتعتريها ذات الدهشة فهذا كان آخر ما توقعته ، تلك الطاولة التي أمسك بها و تعثرت بجانبها لم تكن غير طاولة رايان الذي سرعان ما إسترجع بروده المعتاد و جمع بقية حوائجه فغادر تاركاً آليس على ذات الوضعية و هي تحدق نحوه ببلاهة.

إستقامت بجذعها ثم همت مغادرة حتى توقفت لما برقت في رأسها ذكرة ما لتستدير نحو مقعده الفارغ مرة ثانية قائلة في نفسها بحيرة:

- اليس ذلك مقعدي الذي جلست فيه اول يوم؟

ثم تذكرت ضرب ريتشل للطاولة و هي تقول:

- انت تجلسين في مكان السيد روتشايلد المفضل ....

لم تتعب نفسها في تذكر بقية ثرثرتها لكنها لم تتوقع ابداً انه روتشايلد الذي يتحدث عنه الجميع رغم كونها حقاً لا تعلم اسمه الاول الى انها على الاقل اضافت معلومة جديد لسجل بياناته الخالي في عقلها.

في السطح حيث أعادت النسمات الباردة ضربها المبرح لوجهها بقسوة لتحضن آليس نفسها قد أخذت اسنانها تصطك ببعضها من شدة البرد رغم ارتدائها لشال يدفء رقبتها و جوارب سوداء طويلة اخذت شكل القطة من الاعلى و كنزة صوفية تحت جاكيت المدرسة الاسود و مع ذلك تشعر بالبرد.

علق رايان بصوت منخفض دون ان ينظر نحوها لكنه كان كافياً لتسمعه آليس:

- تبدين كعجوز تشعر بالبرد في اول يوم من اكتوبر.

نظرت نحوه بسرعة على نحو غاضب و هي تنفخ خذيها حتى تقول بإنزعاج:

- عذراً؟! ليس الجميع يتحمل البرد مثلك ... اوه انت بتأكيد لا تتحمله بل لا تشعر به حتى لانك في الاصل قطعة جليد على هيئة بشر!

- لا يمكنني تسميتها بإهانة!

خلت نبرته الجامدة و سريعة من اي مشاعر تذكر لكنها طبعت في فكر آليس شيء من السخرية لترد و هي تتحدث بتكلف:

- انا لا أُهينك بل اقول الحقيقية.

- الحقائق دائما ما تكون منطقية لكن كلامك ينافي المنطق تماماً.

اختفت تلك الملامح المتكلفة من على محياها لزمجر في غيض و قد كتمت صراخها و كرهت كونها دائما الطرف الخاسر في اي جدال يدور بينهما .

نظر نحوها بملل فقال في نفسه :

- كنت تشعرين بهذا القدر من البرد فألصقي مدفئة في مؤخرتك.

كان ينوي قولها بصوت عالي لكنه فكر فكم الاهانة و الاحراج الذي سيسببه لنفسه لذلك فضل الصمت و مع إبقاء لسانه الذي لا يجيد غير قول الاهانات داخل فمه.

مر الوقت حتى حانت نهاية الاستراحة فعادا الى الفصل حتى يستكملا كلاً من الحصص و الدوام المدرسي ، قرع جرس نهاية الحصة الاخيرة ليقوم كل من الطلبة من مقاعدهم على المدرجات لكن صوت أستاذ الرياضيات الصادح أثار إنتباهمهم :

- لا تنسوا الفرض يوم الاثنين أريده مكتوب في الدفتر مع كل الخطوات الحل كاملة!

تذمر بعضهم من أوامر الاستاذ و تنهد آخرون معبرين عن تعبهم ، في آخر الصف حيث كان رايان يلملم أشيائه داخل حقيبته فأشك على إستكمال ذلك لولا ان صوت أنثوي رقيق تملكه الخجل حدثه من خلفه:

- المعذرة سيد روتشايلد.

التفت رايان لها دون اي ملامح توحي عن مشاعره المنزعجة في هذه اللحظة كذلك أبقى على صمته حتى تستكمل ريتشل كلماتها على ذات الوتيرة:

- الليلة سأقيم حفلة بمناسبة عيد ميلادي السابع عشر ، أنت مدعو لها أتمنى ان تشرفنا بقدومك المكان كازينو سيبيز الساعة السابعة مساءاً.

ظلت ريتشل تنظر الي عينيه مباشرة قابضةً على أطراف تنوريتها مدعية الخجل حتى برعت في إتقان الدور و كلها رجاء حتى يوافق رايان على الدعوة ، لم يغير الاخر اي شيء في ملامحه السادية و لكنه قال بهدوء معتذراً بلباقة:

- أعتذر فأنا مشغول كثيراً اليوم.

و دون ان يمنحها المزيد من الوقت أمسك بحقيبته و غادر تاركاً ريتشل مصدومة حتى تحولت صدمها الى غليان و فوران لتهم مغادرة و هي تكاد تخترق الارض من شدة رفسها .

في تلك الاثناء راقبتهما آليس من مكانها و قد إرتسمت بإبتسامة ساخرة على شفتها عندما رأت ريتشل تكاد تتفرقع سخطاً و ظلت تشكر رايان على ما فعله بها ، صعدت المدرجات حتى تخرج من الصف و لكنها توقفت بجانب مقعد رايان الذي غادر منذ فترة عندما رأت دفتر أحمر فاقع اللون على الطاولة ، زمت شفتيها في تسأل و إلتقطت الدفتر لتسأل بصوت منخفض:

- أليس هذا دفتره؟ ربما نسيه عندما أتته تلك العاهرة.

فتحت غلاف الدفتر و قد كادت تخرج من بين شفتيها شهقة صغيرة متفاجئة لما علمت انه دفتر مادة الرياضيات و قد كان من المفطرض ان يقوم بكتابة الفرض فيه ، أسرعت آليس في خطاها أملة ان تراه قبل قبل عودته للمنزل و إعادة الدفتر اليه و الا لن يستطيع الحصول عليه لان غداً عطلة نهاية الاسبوع.

خرجت لباحة المدرسة و قد كان فوج الطلبة يعيق بصرها من البحث عنه و كأنها ستبحث عن إبرة في كومة قش ، لمحته من بعيد و كادت تنفرج أساريرها حتى حل محلها الاحباط عندما رأته يركب سيارته و يغادر .

زمت آليس شفتيها في عبوس و نظرت لدفتر متسائلة ما الذي ستفعل به الان؟ لم يكن لديها وقت لتفكير لما رأت السائق ينتظرها هو الاخر فلم ترغب بتعطيله و وضعت الدفتر في حقيبتها ثم توجهت نحو سيارة.

.
.

جلست على كرسي مكتبها واضعة الدفتر عليه و قد عقدت ذراعيها أمام صدرها و ظلت تحدق به بقلة حيلة حتى قالت في تهكم و كأنها تكلم الدفتر:

- ماذا سأفعل بك الان؟

أخرجت نفساً متضايق مردفةً بحيرة و ضياع:

- اذ لم أجد طريقة أعيدك فيها اليه فسيحصل على صفر و اذا قمت بحل الفرض له و كتابته فأنا واثقة من أنه سيمزق الورقة و يفضل الحصول على الصفر على أن يقوم أحد بكسر كبريائه الدراسي بإضافة ان الاستاذ سيتعرف على خطي بسهولة و سيعلم انه لم يقم بحل الفرض و قد أعاقب انا ايضاً.

أندخلت أناملها في شعرها البني و فكرته بقوية و هي تكاد تفقد أعصابها ، في الواقع لقد فقدتها بالفعل لانها الان صارت تحدث الدفتر بإنزعاج و غيض قائلة:

- كله بسببك! ربما كنت سأجد الحل بسهولة لولا أن ذلك الفتى لم يكن مالكك .... انت تستحق هذا ايها المغرور و انا واثقة من أن وضعك الحرج هذا سيلقنك درساً حتى تتعلم كيف تتعامل بإحترام مع الاخرين!

أمسكت به و فتحت صفحاته و قلبتها بطريقة عكسية حتى تعود لأول صفحة فيه و قد تذكرت تواً ان إسمه كامل مكتوب في خانة الاسم عند صفحة المقدمة لتقرأه بصوت عالي و تريث:

- رايان جيرالد روتشايلد ... هممم ... إسمه رايان اذاً ، انه إسم جميل و ذو نطق خفيف كما ان أصله ايرلندي و قليل التسمية ايضاً ... هل أمه ايرلندية؟

قاطع حديثها مع نفسها صوت قرع الباب لتترك الدفتر مفتوح على المكتب متوجهة صوب الباب لفتحه ، ظنت في البداية انها مولي قد جاءت حتى تعلمها عن الغذاء ما جعل آليس تقول و هي تفتح الباب:

- مولي لست جائعة الان انا .....

صمتت لما رأت ادريان يقف امام الباب واضعاً يديه في جيوبه و قد إنسدلت جفونه على نحو ناعس و غير مبالي فظلت عيناه السماوية تحدق فيها بإنتظار ، كتفت آليس يديها أمام صدرها و لم تبالي لإظهارها معالم الوجوم و الانزعاج فما لم يتصالحا أبداً من بعد شجارهما الاخير.

في واقع ادريان من ظل يتجاهل وجودها و لا يفوت فرصة لإثارة أعصابها و من جهة آليس التي لم تمنحه اي فرصة و لم تحاول فهمه ابداً بل صارت تعامله كما يعاملها تماماً ، سألته بتهكم:

- ماذا تُريد؟

لم يجاوبها بل دخل عنوة لداخل حتى وقف وسط الغرفة ثم التفت اليها ليجب أخيراً :

- المسجلة التي أعرتكِ أياها منذ شهر.

رغم ان تصرفها هذا لم يعجب آليس الى ان فظاظته في الحديث جعلتها تشد على أعصابها خاصة عندما أردف:

- في كل مرة أقولك انك سترجعينها الي و بقيت انتظر حتى مر شهر .

جزت على أسنانها في غضب فقد كانت تنوي تلقينه درساً بألا تعيدها اليه حتى يعتذر و هاقد مر شهر و لم يحدث شيء لذلك رمت فكرة المماطلة هذه في القمامة م أجابت مبررة على مضض:

- لقد نسيت أمرها لا أكثر.

توجه ادريان بعد ان تجاهلها مجدداً نحو مكتبها و قام بفتح الدرج الاول الذي يعلم ان آليس دائماً ما تضع المسجلة فيها و بالفعل وجدها ، كاد يلتقطتها حتى اثار انتباهه الدفتر المفتوح .

كاد يمسك به الى ان آليس التي أتت فجأة و وقفت حاجز بينه و بين المكتب محاولة تشتيت إنتباهه عنه قائلةً و قد غلبت اللبكة على صوتها:

- أليست المسجلة أمامك في الدرج؟ اذاً خذها و توقف عن حشر أنفك في أمور الاخرين.

حاولت جعل نبرتها غاضبة و معاتبة قدر الامكان لكنها فشلت ، أبقى ادريان بصرها مركزاً عليها حتى يوهمها بأنه سينفذ كلامها ليباغثها و يسحب الدفتر من خلف ظهرها بسرعة لم تدركها آليس التي فرقت شفتيها بتفاجئ لتحاول تدارك الامر لكنها فشلت.

خاصة ان ادريان قام برفع يديها لأعلى مانعاً اياها من الوصول اليه ، علمت آليس ان ترجيه او محاولة أخذ الدفتر منه و هو يرفع يديها لأقصى علوهما مستحيل لذلك فكرت بسرعة فقامت بشد على عضلاتها فإنقضت عليه ممسكة بخصرها و دفعته معها حتى سقطا على الارض.

كانت السقطة قوية خاصة مع وجود جسد آخر قد وقع معك بل فوقك بتحديد ، لهذا حاول ادريان استعاب ما حصل و كتم بعض آلم الذي يشعر به خاصة في ظهره فقد كانت الارض قاسية.

رفعت آليس جذعها بسرعة مستغلة إنشغال ادريان في نفسه لتقوم بأخذ الدفتر من يده و حضنه بين يديها قائلة بسخط:

- لماذا فعلت ذلك؟ انت لا تحب ان يتم لمس قلمك فلماذا تتدخل في شؤون الاخرين؟

من جانب آليس التي تناست تماماً انها الان تجلس على بطنه و قد بقت على تلك الوضعية دون ان تعير الامر اي لعنة ، تنهد ادريان بقلة حيلة فقال محاولاً إرضائها:

- حسناً ... لم أقصد التدخل في أمورك لكنك بدوتي مضطربة قليلاً لذلك إنتابني الفضول لا أكثر.

ظلت تحدجه بنظراتها الساخطة نافخة خدودها على وتيرة طفولية مما جعل ادريان يبتسم على منظرها لكنه أخفى تلك الابتسامة بسرعة ليقوم برفع حاجب و مكتفاً يديه امام صدره قائلاً:

- و الان هل يمكنك النهوض من عليّ؟

لم تغير آليس اي شيء من نظراتها و تعابيرها حتى و هي تنهض محتضنة الدفتر بكل قوة و متأهبة في حال حاول ادريان اخذها من جديد ، قام الاخر ليضع يديه أسفل ظهره و مدده قليلاً ما تزال السقطة تؤلمه .

مد يده نحوها في طلب مما جعل آليس تجفل من حركته لكنه تحدث موضحاً:

- المسجلة.

تنهدت براحة ثم ناولته إياها ليعود من حيث أتى ، جلست على كرسي مكتبها لتضع الدفتر عليه فلم تعرف انه مقلوب حتى فتحته تزامناً مع تحدثها بصوت مسموع مع نفسها:

- لماذا عليك ان تكون متعباً مثل صاحبك؟ انظر لقد كدت تتسبب في مشكلة مع ذلك الاخرق ادريان اذ ما علم انه ليس ملكي .

ثم صاحت بإحباط و تذمر:

- و الان كيف سأعيدك لصاحبك قبل يوم الاثنين؟

في تلك اللحظة وقع بصرها على الورقة المفتوحة الفارغة لتعلم انها قد قامت بقلب الدفتر قبل فتحه لكن ما أثار إنتباهها أكثر هي الاشياء المطبوعة على الورق و كأن أحدهم حاول الكتابة بظفره ، في واقع هي آثار للكلمات كُتبت على الصفحة السابقة التي كانت ممزقة .

سرعان ما تناولت آليس قلم رصاص و ظللت فوق الكلمات التي لم تكن كذلك بل كانت أرقام! حدقت بأرقام مستغربة فنطقت متسائلة:

- رقم محلي؟

ثم صاحت بصوت عالي من شدة الدهشة:

- هل هو رقمه؟!

نقشت البسمة على شفتيها فلم تكن تتوقع ابداً بأنها ستحصل على رقمه بهذه الطريقة بل لم تتوقع بأنها ستعثر على وسيلة لإصال الدفتر اليه قبل بداية الدام الدراسي مجدداً ، الى ان شيء من الاحباط إعتراها لما فكرت بأنه ليس رقمه بضرورة ربما يكون لشخص آخر .

هزت رأسها نافية فلن تعرف الا اذ ما حاولت ، اخذت هاتفها و كونت الرقم و كلها رجاء بأن يقوم برد عليه فقد صار الخط يرن بالفعل.

.
.

في تلك الاثناء كان رايان قد خرج من الحمام واضعة منشفة على رأسه بغاية تقليل رطوبة شعره و التسريع من تجفيفه ، رن هاتفه بشكل مفاجئ مثيراً لحيرته فمن يا ترى قد يتصل به؟ تسأل من ذلك فهو لا يضع في قائمته غير بضع أشخاص تحملهم أصابع اليد الواحدة ، فما زاد من حيرته غير الرقم مجهول الهوية فهو لم يكن مسجل لديه.

فكر بإغلاق الخط او تجاهله ظناً ان أحدهم يحاول العبث معه لكن هاجساً قوياً كان يدفعه لرد فما كان منه غير التقاطه و نقر على شاشته قبل ان تنتهي مدة المكالمة.

في الجانب الاخر كانت آليس قد فقدت الامل في رد لأن في اي لحظة ستنتهي مدة الرنين حتى قطع ذلك الحبل إهتزاز الهاتف بين اصابعها مشيراً ان صاحبه قد رد تليه صوته البارد التي عهدته و إستطاعت التعرف عليه بكل سهولة.

- من معي؟

سأل رايان على ذات الوتيرة المعتادة ، الى ان آليس أحست ببعض التوتر و الارتباك منه على غير العادة لكنها أجابت بثبات تخلله بعض البهجة:

- هذه أنا ... آليس باترسون.

- و من تكونين؟

- ستكون أحمق اذ لم تتعرف على صوتي.

كان منذ البداية يشك في صوتها الى ان إجابتها المستفزة كالعادة جعلته يوقن انها هي مئة بالمئة فلم يسبق لأحد ان حدثه بتلك الطريقة غيرها فلم تكن تمانع ابداً بأن تنعته بالاحمق ابداً.

رغم ارتفاع معدل الغيض لديه الى ان هنا سؤال أهم عليه معرفته فسأل مباشرة:

- كيف حصلتي على رقمي؟

إبتسمت آليس بفخر من نفسها ثم تحولت لخبث فها قد حان الوقت لإنتقام منه لتجيب بمكر:

- بطريقة ما لم تكن صعبة ابداً .... على اي حال دفتر مادة الرياضيات خاصتك معي و ان كنت راغب بإسترجاعه لاقيني في حديقة بلاك بارك هذا المساء.

عقد رايان حاجبيه بعدم فهم ليقوم مباشرة بفتح حقيبته ثم أفرغها كلها مرة واحدة و بحث عن الدفتر لكنه لم يجده ، في واقع هو لم يكن يشك في صدقها لكنه اراد تأكد حتى يطرأ على ذهنه سؤال آخر ، كيف وصل الدفتر اليها؟ و هذا ما سأله لتجيب آليس:

- لقد وجدته على المقعد بعد ان خرجتك حاولت الوصول اليك قبل رحيلك لكنني لم أفلح.

أغلق رايان جفونه عندما تذكر ريتشل التي أتته فجأة عندما كان يجمع أشياءه فشتم و لعن تحت أنفاسه بسخط ، تحدث بعد برهة على مضض:

- في اي قسم من الحديقة و كم الساعة بتحديد؟

تهلهلت أساريرها بفرحة فزفرت الهواء براحة مجيبة:

- في القسم الشمالي مقابل لشارع الرئيسي الساعة الخامسة.

أغلق كلامهما الخط لتقوم آليس و تتنهد براحة فمن كان يتوقع ان محادثه عبر الهاتف متعبة أكثر من العادية ، حدقت نحو الدفتر مخاطبة إياه بحماس:

- اخيراً سوف أتخلص منك.

ثم نهضت من على الكرسي ففتحت زجاج النافذة حتى تنفذ موجة ريح قارسة من الخارج لتعدل آليس عن فكرة تغير هواء الغرفة ثم أغلقت النافذة بقوة لتقول في نفسها:

- ان الرياح باردة آمل الا تهطل الثلوج فما زال الوقت مبكراً.

.
.
.
.

عندما تبدأ الشمس بإنزواء معلنة عن إكمال عملها لهذا اليوم ، تقوم بنثر خيوط من الامل و الاشراق في صفحة السماء فتزهر راسمة حكاية من سراج الاشتياق تأسر القلوب المؤلفة.

جلست على إحدى كراسي الخشبية في إنتظار و نفثات من البخار تخرج من بين شفتيها مع كل نفس ، انتقلت عيناها ما بين الساعة بيدها و جانبي الطريق و قد بدأ صبرها بنفاذ.

تذكرت حديث السيدة لوريندا لها قبل نصف ساعة من الان عندما رأتها على وشك الخروج فإستقفتها سائلة:

- الى أين؟

كانت نبرتها تنم عن الكفهرة و الحدة ، فردت آليس و هي تعبث بهاتفها:

- لقد وعدت ابنة خالتي ستيلا بأن نخرج معاً سأعود مع ساعة السابعة.

زمت لوريندا شفتيها و قد رفعت حاجب في عدم رضى ثم حدقت بها من رأسها حتى أخمص قدميها فق كانت آليس ترتدي معطف سماوي اللون و حذاء ذو رقبة طويلة و أسدلت شعرها البني على كتفيها بكل حرية.

لم تكن لوريندا تستيطع منعها فحذرتها قائلة:

- اياك و تأخر و الا لن تحلمي بالخروج في الاسبوعين القادمين.

لم تفق آليس من شرودها حتى لمحته قادم من بعيد فرسمت ابتسامة مرتاحة بعد ان انتابتها الشكوك بأنه لن يحضر ، وقفت عندما اوشك الوصول اليها و قد كانت تمسك بدفتره بين يديها .

انتقلت عيون رايان ما بين الدفتر في يدها و بينها هي ليهم بقول و لم تتغير اي من ملامحه او نبرة صوته عن المعتاد:

- و الان هل ستخبريني كيف عثرتي على رقمي؟

رفعت آليس حاجب بإستغراب من سؤاله المفاجئ لتقلب عينيها بضجر ثم مدت الدفتر اليه قائلة :

- خذه ، افتح الصفحة الاخيرة.

التقطه رايان منها و عيناه لم تتزحزح من عليها الا لما فتح غلاف الخلفي لدفتر ، توسعت حدقتاه بدهشة و رسم التفاجئ على محياه جلياً مما جعل آليس تكتف ذراعيها امام صدرها بفخر و بثقة ، عادت معالمه كما كانت الى ان نبرته لم تخلو من التفاجئ و تسأل:

- كيف علمتي أني كتبت رقمي على الصفحة السابقة؟

هزت كتفيها بعدم المعرفة مجيبة على سؤاله :

- لم أكن أعلم بل فتحت الغلاف الخلفي بصدفة و لمحت آثار لكتابة سابقة فإتضح أنه رقمك.

مضت لحظات الصمت عندما كان رايان يقلب الصفحات بعشوائية حتى قررت القول بتعالي و مكر:

- ألن تشكرني؟

أرتفع حاجبه على الفور ثم رفع رأسه من على الورق ببطء قائلاً بإستنكار:

- و لما علي شكرك؟

- ربما ... امممم ... لأنك كنت ستحصل على صفر بحجم رأسك؟

ارتفعت زاوية شفتها عندما أكملت آليس بتسأل ساخر ليرد عليها بثقة:

- هذا لأنك مدينة لي ، هل تظنين أنك مهما فعلتي ستكونين قادرة على رد دينك بهذه السهولة؟

حدقت به مطلاً بيأس لتخرج الكلمات أخيراً خائبة و على مضض:

- أتعلم؟ أن العطف عليك جريمة! لو كنت أعلم أنني سأعلق مع شخص مثلك لما فعلت ما فعلته ذلك اليوم.

اتحدت حاجباه مكونة عقدة صغيرة قبل ان يقول بتهكم:

- هاي! انتِ من أراد ان يرد دينه أتتذكرين؟ و لقد قلتها بنفسك ... انتِ أخر شخص قد أرغب بأن يكون مدين لي.

رمى بكلماته ثم إستدار على الفور حتى يعود من حيث أتى تاركاً آليس تغلي و تشتم تحت أنفاسها ، " لماذا ما أكون الطرف الخاسر في اي حديث بيننا؟" صاحت داخل خلدها بغيض و قد ظلت تحدجه بتلك النظرات و هي تراقبه يبتعد عنها.

تغيرت تعابيرها الى مستغربة على الفور عندما رأت رايان وقف قليلاً ثم التفت نحو العشب و شجيرات على يمينه حتى يتجه صوبها ، لم تفهم آليس سبب فعلته الغريبة تلك خاصة انه ينحني و يجلس القرفصاء دون فعل شيء فلم يكن منها غير التوجه نحوه و فهم ما يجري.

لم يكن رايان ببعيد الا ان مع كل خطوة كانت تسمع صوت بكاء لطفل صغير يزداد علواً حتى وقفت خلف رايان مباشرة سائلة اياه بتعجب:

- ما الذي تفعله؟

لم يرد عليها بل و قد ظل جامداً كما الحجر بدون سبب ، كان صامت و عيناه لم تنفك عن النظر نحو الطفل الذي أمامه يبكي دون توقف ، أحس بتجمد أصابع و بملمس الحديد و ثقله بين يده و قد صدحت أعاصير من الاصوات الا متناهية داخل خلده ، فلم يفق من حالته تلك الا عندما سمع تأنيب آليس :

- ما خطبك؟ هل أصبت بصمم فجأة ام ماذا؟

ثم أنحنت بسرعة فإلتقطت ذلك الطفل على عجل فحضنته و صارت تحاول التخفيف من بكائه قدر الامكان سواء بتحدث اليه او بتربيت على ظهره ، هدأ بكاء الطفل قليلاً لكنه مايزال يصدر أنين خافت .

إعترى آليس شعور غريب حيال الامر ، فما الذي أحضر طفل مثله لهذا المكان و لما هو وحده؟ بنظر اليه هو لم يتخطى السنتان و كذلك ثيابه النظيفة و جميلة التي تشير بأنه ليس متشرد او ما شابه ، لكن ما أغاضها أكثر هو تصرف رايان الغريب فقد ظلت تنادي عليه و تحدثه الى انه لم يجب و كأنه تحت الماء لا يسمع شيء ؛ و هذا ما جعلها تحدق به بغضب لما وقف على ساقيه أخيراً قائلة بحدة:

- هل غاب عقلك فجأة ام ماذا؟ كيف تبقى جامد و هناك طفل صغير يبكي بشدة أمامك؟

لم يكن هذا حد آليس الى انها توقفت مجبرة عندما علا بكاء الطفل من إرتفاع صوتها لتقوم بمحاولة إسكاته هي هزه و تربت على ظهره برفق ، كانت آليس تبذل قصار جهدها في إسكاته لكن رايان صرخ في وجهها فجأة قائلاً :

- أخرسي هذا الطفل بسرعة!

إهتز بدها و كردة فعل حضنت الطفل أكثر في حين ان نسمة من الخوف ضربتها الى انها لم تكن اقوى من إعصار الغضب و صدمة التي صار يعصف بداخلها لترد بغير تصديق و سخط:

- هل جننت؟ لا بتأكيد جننت فهذا الكلام لن يخرج من فم عاقل! .....

صمت لما انفتكت عياناها في مراقبته ، كان يجز على أسنانه في حين إعتصرت تعابيره في إرتعاش و ألم ، لم تفهم آليس ابداً ما الذي يحدث معه فجأة و لكن و كأن قلبها شعر به لجزء من ثانية ، تلك المدة القصيرة كانت كافية حتى تعدل عن كلامها المعاتب لتقول بهدوء :

- أنه طفل و انا لست أمه حتى أسكته بسهولة و لكن أن كنت ترغب في إسكاته او تخلص منه ساعدني لنعيده الى أهله.

ثم إقتربت أكثر و هي تراقب عيناه التي و كأنها إلتحمت مع الارض لتمد يدها نحوه طالبة:

- أعطني شالك قليلاً فالجو بارد و الاطفال لا يحتملون البرد.

حدق بها أخيراً و لم يبدي بأي حركة مباشرة الا بعد ان ادرك ما قالته ليقوم بنزع الشال من على رقبته و إطاعها إياه فقامت آليس بلفه حول الطفل حتى يدفئه ، كان الطفل ما يزال يأن في أحضانها و كأنه سيبكي في اي لحظة لذلك إستعجلت آليس و تحركت باحثة على والدي الطفل .

أختلطت ألوان السماء ما بين الاصفر و الاحمر لتنتج درجةً فريدة من اللون البرتقالي و كأنها زهرة فتحت بتلاتها حتى تعطي ألوان الغروب المميزة .

دون ان تعلمه آليس بشيء اثناء ذهابها الى ان قدماه صارتا تتبعانها و عقله بقى شارداً في مكان أخر ، اما آليس التي شعرت به يمشي خلفها الى انه لم يقل شيء او حتى تذمر من بكاء الطفل المتواصل و الذي أنهكها بحق .

قربت آليس الطفل منها أكثر و قد انزلت رأسها قليلاً حتى يكون قريب من أذنه فصار يخرج من حلقها مع ان شفتيها مطبقتان صوت جميل و ناعم و الاكثر من هذا هادئ و يمس القلب بكل حب و شاعرية .

تلك الهمهمات او لحن الرنان أجدى مع الطفل فعلاً و كأن جمال صوتها نومه مغناطسياً فجعلته يسكت و يهدأ ، كما أجدى غناء آليس مع الطفل أجدى مع رايان كذلك فبعد ان كان عقله شارداً عاد اليه تركيزه بسرعة لما دخل ذلك اللحن أذنيه و مس كيانه حتى يبعد عنه كل تلك الافكار التي تدور في عقله.

من حسن حظه انه كان يمشي خلفها و الا لكنات قد رأت علامات الدهشة على ملامحه فكما كان صوتها قد فاجئه بطريقة ما كان له وقع جميل حتى جعلته يهدأ هو الاخر .

توقفت آليس لتسدير نحو رايان و قد زينت البسمة شفتيها قائلة بسعادة:

- لقد نام!

نظر رايان الي الى طفل الذي يشخر بهدوء سانداً رأسه على كتف آليس ليعلق بسخرية كالعادة:

- لقد كدت تجعلينني أنام انا الاخر.

رغم سخريته الى ان ذلك أفرح آليس لانه و اخيراً قد عاد الى صوابه فقالت بمكر:

- ظننت ان الاطفال فقط من ينامون عندما يستمعون الى الاغاني ... هذا غريب.

ادرك إستهزائها منه فقال على مضض:

- اذا لماذا لم تسكتيه أبكر من هذا؟

قلبت آليس عينيها و قد فلتت الكلمات دون قصد منها:

- اللعنة للمرة الالف انا لست أمه حتى أقوم بي ....

وضعت يدها على فمها بسرعة و حدقت في رايان بحرج شديد و خجل و هي تحمد الله انها لم تتفوه بتلك الكلمة و الا لما كانت تستطيع النظر اليه حتى ، لكن رايان الذي خرجت من حلقه شبه ضحكة مكتومة فبعد كل شيء علم ما كانت ستقوله ليزداد حرجها أكثر .

تجاهلته آليس و قد أربكته من إقترابها منه فجأة قائلة:

- أحمله عني فقد تعبت.

انتقلت عيناه ما بينها و بين الطفل ليقول بتوتر:

- لن أفعل ... لن أحمل هذا الطفل ابداً.

دحرجت آليس عينيها و زفرت الهواء بتعب لتتوجه نحو كرسي قريب منها و تجلس عليه حتى تريح كتفيها ، جلس رايان بجانبها و قد ظل يراقبها و هي كيف تربت على ظهره برفق ليقول:

- أظن ان علينا أخذه الى مغفر الشرطة هناك سوف يعثرون على والديه أسرع منا.

- لا أظن انها قد مضت ساعتان على إختفاء الطفل ربما قد نضيع وقت أكثر بالعثور على والديه حينها.

هب رايان واقفاً ليقول بإستعجال:

- اذاً هيا .. سنضيع وقتاً أكثر اذ بقينا جالسين.

- ظننت أن أمر هذا الطفل لا يهمك؟

خمت نبرتها المبتهجة إبتسامة صغيرة و هي تقف ليأتها رده الجاف و بارد :

- انا من عثر عليه و لأكون صادق لستُ واثق من أنك ستستطعين التصرف لوحدك.

ثم تركها تنفخ خدودها بغيض و تحرك حتى يكمل بحثه ، ظلا يمشيان و يبحثان عن لي عائلة او أحد يبحث عن شيء ما او اي دليل عن عائلة هذا الطفل حتى مرت أكثر من خمسة و أربعين دقيقة و هما يبحثان .

كانت آليس متعبة حقاً من حمله و مشي و رايان لن يقوم بحمله عنها فما كان منها غير التحمل و تحرك قدماً ، حتى لم تعد تتحمل أكثر مع كل آلالم في كتفيها و ذراعيها و ظهرها لتقول بتعب:

- هاي را ....

كادت تنطق بإسمه حتى إستغربت من توقفه لكنها سرعان ما علمت الى ما ينظر حتى يقف ، كان هناك إمرأة و رجل يحدثان أحد المارة و قد بدوا مذعوران و قلقان جداً فخطرت في رأسها ذات الفكرة التي وردت في ذهن رايان الذي تقدم نحوها سائلاً من بعيد:

- هل تبحثان عن شيء ما؟

سؤاله ذاك جذب إنتباههما لتقع عيونهم على آليس التي تحمل الطفل لتركض المرأة نحوها و دموع في عينيها صارخة بإسم طفلها فلم تدرك انها إنتزعت الطفل من حضن آليس بقوة لتحضنه و تطلق العنان لشهقاتها ، لحقها زوجها و حضنهما معاً فصار يتمتم بكلمات الشكر للإلله الذي أعاد لهما طفلهما سالماً معافى.

وقفت آليس بجانب رايان راسمة إبتسامة سعيدة و هي تراقب الفرحة العارمة التي أعترت هذان الشخصان بعثورهما على طفلهما الى ان لرايان كلاماً آخر حيث قال بتوبيخ و حدة:

- ان كنتما غير قادران على الاهتمام بطفل واحد فلا تنجبا المزيد من الاطفال.

تحجرت آليس من كلامه لتحدق به بفاه مفتوح و خيبة كبيرة فبدل من ان يسعد بالعثور على والدي الطفل أطلق العنان لسانه السليط ، نظر الزوجان لهما بحرج و تأنيب ليقول الزوج :

- انا حقاً شاكر لكما على إعتنائكم بإبني لويس و إعادته الينا سالم حقاً مهما قلت فلن أعبر لكم عن مقدار شكري و إمتناني لكما.

نظرت آليس نحو الطفل و قد خلت معالمها من تعبير للحظة قبل ان تهمس بإبتسامة حزينة و بصوت متألم لم يسمعه غير رايان الذي بجانبها:

- الطفل إسمه لويس اذاً.

إستغرب من كلماتها لكنه أعاد إنتباهه الى الزوجة التي كففت دموعها و أخيراً لتقول موضحة:

- نحن نعلم أننا مهملان و الا لما ضاع منا لويس و لكن صدقانا لقد تركناه يلعب قليلاً على العشب و لكنه إختفى فجأة و لا نعلم ما الذي أحضره لهذا الجهة من الحديقة.

ثم قال الزوج بكل رجاء :

-مهما شكرتكما فشكري و إمتناني وحده غير كافي انا مستعد لأي شيء تطلبانه سأكون في خدمتكما.

مد كرته الذي يحمل إسمه و رقم هاتفه لهما لكن رايان الذي رفع حاجبه بٱستنكار ليقول بتكلف:

- ما الذي تقوله؟ انا قادر على شرائك أنت و زوجتك و طفلك لستُ بحاجة لي ....

تداركت آليس الوضع لتقوم بوضع يدها على فمه بغاية إسكاته و قرص ذراعه حتى يخرس نهائياً لتببر لهما بتوتر و تعلثم:

- هو يقصد اننا لسنا بحاجة الى لكرتك سيدي من واجبنا إعادة الطفل سالماً معافى الى والديه فقد أرجوكما عدينا ان ذلك لن يتكرر فقد هكذا سوف تقومان بتسديد دينكما.

ثم تحركت و سحبت رايان معها مسرعة حتى يبتعدا عن الزوجان المستغربان مما حصل لتو ، أبعد رايان يد آليس عنه ليمسك بذراعة تحديداً فوق مكان القرصة قائلاً بسخط:

- لماذا فعلتي ذلك؟ أتفهم أمر إسكاتي لكنني لم أكن أعلم انك حشرة حتى تلدعينني بهذه القوة!

وضعت آليس يديها على جانبيها لترد بتهكم هي الاخرى:

- كان علي ذلك لأنك تفوهت بذلك الكلام الاحمق كلنا نعلم أنك ثري جداً ليس عليك التباهي بهذا.

كانت الشمس قد غربت بالفعل فلم يبقى منها غير شريط صغير جداً في الافق و مع إشتداد الرياح و إزديادها برودة ، كان كلاهما صامت و هما يعودان من حيث أتيا حتى يتسنى لكل منهما العودة بطريقة الذي جاء بها الى أن آليس قطعت ذلك الصمت قائلةً بنبرة يشوبها بعض الغيرة:

- من المفرح أن ترى والدان يخافان على طفلهما كل هذا الخوف ... انا أغبطه حقاً.

نظر الى تعابيرها الساكنة بطرف عينه قبل ان سيتذكر شيء كان مكتوب على البطاقة التي مدها الرجل لهما فقال بهمس مسموع:

- كان إسمه دنيس فلادمير ... أظن ان هناك فتاة تدرس معنا تحمل نفس الاسم الاخير اليس كذلك؟

نظر نحو آليس في آخر سؤاله لتعقد الاخرى حاجبيها قبل ان تقول بإدراك:

- أتقصد أن ذلك الطفل البريء اللطيف يكون إبن شقيق ميلي؟!!

هز رايان كتفيه بعد إهتمام ليتمتم:

- ربما لستُ أدري.

توقف رايان بتوقف آليس التي وصلت لحيث ينتظرها السائق و قبل ان تتحدث وضعت يدها على كتفها لتأن في آلم بتعب:

- لا أظن أنني سأكون قادرة على النوم الليلة كتفي و ذراعاي و كذلك ظهري تألمني بشكل لا يصدق.

ثم نظرت نحوه معاتبة:

- عليك ان تشعر بذنب لما أحس به الان ما الذي كان سيحدث لك لو انك حملت الطفل عني؟

- هذا لأني لستُ قادر على فعلها.

بعد ان كانت تنظر نحوه بإنزعاج تبدلت ملامحها لذهول لما سمعته و رأته في عينيه عند حديثه ، اما الاخر فقد هسهس تحت انفاسه و اخفى تعابيره تلك بسرعة ليلقي نظرة خاطفة نحوها ثم غادر مسرعاً قبل ان يتوطت معها أكثر.

تلك الجهة التي ظلت تنظر اليه بها دائما تبدلت تماماً في غضون ساعة فما رأته اليوم و أحست به جعلاها تدرك انها حكمت عليه فقط من غلافه الخارجي ، الطقت تنهيدة ففهمه أصعب من حل مكعب روبيك في ثواني .

صعدت السيارة و أمرت السائق بالعودة لتتذكر أخيراً شيئاً ما و جعلها تحدق نحو ساعتها لترى انها السابعة و ربع لتقول بإحباط:

- سيدة باترسون اتمنى ان يدهسك القطار.

**************************************

مراااااااااااحب يا حبايب قلبي😘😘

اول شيء حابة اشكرك لإصالكم الرواية الى 2000k مشاهدة و 300 فوت

اقسم بالله فرحت كثير 😭😭😭😭

شو كنت رح اعمل بدونكم؟

فصل اليوم طويل شوي و عشان أشكركم لدعمكم لي و وقوفكم بجانبي بجد مش قادرة اوصف فرحتي بيكم😍😍

اللحن الي غناته آليس هو لحن من انمي the promised Neverland

مش متخيلين قديش بموووت بهذا اللحن و قديش بستريح و بهدأ لما أغنيه😍

للحابب يسمه حطيت الفيديو فأول البارت👆👆

الي بيسمعه اول مرة رح يفكر انه لحن صاخب شوي خاصة باالاخر بس بعد ما تحفظه و تغنيه بينك و بين نفسك رح تعرف قديش هو حلو و هادئ كثير

- اطول بارت اكتبه في هذه الرواية-

بس احنا لسا في البداية هذي ما هي الا قطرة من اول الغيث😏😉

و لله الي ما رح يكمل معي رح يفوته كثييييير

اذا عجبتكم الرواية اتمنى تشاركوها بين اصديقائكم💖

دمتم في امان الله و حفظه😘

Continue Reading

You'll Also Like

1.2K 55 1
تم خطف الحفيد الأول للعائلة وتجار رقيق خطرين يدعون أنفسهم بالكوبرا الذهبية متورطين بهذا، ليلي أصغر أبناء عائلة يوهان تقرر الذهاب في رحلة انتحارية للإ...
1.2K 99 8
أولاً اسم الكتاب معناه ( إنها بترفض الانصياع) ترجمة الكتاب الخامس من سلسلة shatter me من رؤية آرون و كينجي و جولييت هل سيجعلها قلب جولييت المكسور ع...
171K 14.8K 37
" هل فكرتي مسبقاً في التحرر من قيودكِ؟ " همس بجانب أذني بنبرة أجشة، و سرت القشعريرة عندما بدأت أناملهُ تلمس خاصتي، ثم ببطئ تتشابك معها لتكون من كفّا...
2.2M 46K 73
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" التي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...