لحن الكاميليا || Camellia Mel...

De Jolianakingdom

83.5K 6.3K 4K

لكلّ إنسانٍ لحنٌ خاصٌّ به يمثّلُ حياته، تجسّد نغماته الحزن والسعادة، الخيبات والأمل، الانتقام والغفران، وأخير... Mai multe

التحدي
هدنة واتفاق
رهان متسرع
حفل مشؤوم
معركة غير محسومة
انطلاقة
لقاء جديد
فتاة متهورة...عمل جديد
جريمة قتل
تحقيق من نوع خاص
معي أم ضدي؟؟
وحش بهيئة إنسان
اعتراف من نوع آخر
لحظات ثمينة
بدايات ونهايات
لا وقت للراحة
قدر
معاً
شرط
ليلٌ لا ينتهي
خلافات
ألكساندرا روسيل
ثقة؟!
خصمان وهدفٌ واحد
عقربٌ وأفعى وآيتون
نائبة القائد
سفاح دراكوس الجديد
المصيدة
تضحية
مشاعر مبعثرة
اذهب إلى الجحيم
حفلة الزفاف
لأجل دراكوس
دليلٌ حاسم
مهما كان الثمن غالياً...النهاية

صدمات

2.5K 214 122
De Jolianakingdom

(6)

سيلين:

أشعر برغبة في الضحك سخرية فقط. لقد أمضيت نصف عمري تماما وأنا ألحق بأخي من مكان لآخر محاولة الحصول على مسامحته لي.

والآن ما إن قررت الاستسلام وإخراجه من حياتي ها أنا ذا أجده جالسا أمامي. وليس كأي لقاء معتاد بيننا. بل لقاء بين متهمة ومحقق.

الأمر سخيف حقا. ورغم هذا قررت أنني سأتصرف معه كشخص غريب عني تماما.

ضربت له التحية العسكرية ثم قلت:
-حضرة الرائد. هل يمكنني أن أعرف ما سبب التهمة الموجهة لي؟؟

نظر آرثر لي بجدية وقال:
-أنا من أسأل هنا وليس أنت. لا داعي لادعاء الجهل وأخبريني بكل شيء قمت به منذ اللحظة التي اتفقت بها مع أحد ما لتسربي الملفات له وما السبب؟؟

نظرت له بغير فهم وقلت:
-أنا حقا لا أعرف عما تتحدث. أنا لم أسرب أية ملفات.

نظر نحوي باستياء وقال:
-أعرفك جيدا ولا داع للتظاهر بالبراءة فهي لا تليق بك. أخبريني بالحقيقة إن أردت أن يتم التخفيف من عقوبتك قليلا.

تنهدت بضجر وأنا أشكر حظي الجميل الذي جعل أخي يحقق معي بنفسه. هذا أسوأ ما قد يحدث حقا. لأنه حتى لو أحضرت له مئة دليل على براءتي مما يتهمونني به لما صدقني.

كنت أحب أن أتصادف مع أخي دائما ولكن ليس الآن بالتأكيد وليس بعد أن اتخذت قراري بإخراجه من حياتي تماما.

المشكلة أنني لا أعرف ما التهمة الموجهة لي؟؟ لم أعرف سوى أنني متهمة بتسريب ملفات سرية ولا شيء آخر. أية ملفات ولمن سربتها وكيف علموا بذلك؟؟ الجميع يرفض إخباري لأنهم يظنوني مذنبة فعلا.

نظرت إلى آرثر ببرود وأنا أقول:
-أنا لا أعرف شيئا.

ضرب الطاولة التي تفصل بيننا بيده بغضب لا أجده مبررا حتى لو كنت أنا المتهمة وقال:
-لقد قمت بتسريب ملفات قضية عصابة دراكوس وهذا محظور تماما ومخالف للقوانين.

تحولت ملامحي في غضون جزء من الثانية للصدمة الشديدة. نظرت إليه بذهول وأنا أشكك فيما سمعته. عصابة دراكوس؟؟ لما هم تحديدا؟؟

شعرت بالغضب وتقدمت نحو آرثر أكثر وأنا أقول بحدة:
-أخبرني بكل شيء بسرعة. لمن تسربت الملفات وكيف عرفتم بهذا ولما قمتم باتهامي أنا تحديدا؟؟

نظر آرثر نحوي باستنكار وقال:
-أخبرتك أنا من يسأل هنا وليس أنت وتوقفي عن ادعاء الجهل فأمرك مكشوف تماما.

رمقته بحدة وأنا أقول:
-أنت تعلم أنني من المستحيل أن أسرب ملفات سرية وخصوصا إن كانت تتعلق بتلك العصابة فتوقف عن السماح لمشاعرك الحاقدة علي بالتحكم بك وأخبرني بكل شيء.

وقف هو بغضب وقال بحدة:
-لا تتكلمي معي بهذه الطريقة سيلين.

وكما تريدين سأتماشى مع كذبك حتى النهاية لأرى إلى أين ستصلين...

لقد وصلتنا البارحة مساء ملفات القضية في ظرف مغلق يحوي بالإضافة إلى الملفات شارة الجوكر المعتادة.

وقد كانت تلك الملفات تخصك أنت لأنها كانت تحمل اسمك وكما تعلمين فأنت بالفعل تحتفظين بنسخة عن ملفات القضية في منزلك.

ولذا كل شيء واضح لنا. فأنت سلمت الملفات للجوكر وهو أعادها لنا بعد أن حصل على المعلومات التي يريدها منها.

وحتى في أحسن الأحوال سيكون الجوكر قد سرق الملفات دون علمك ولكن هذا يعني تقصيرك في الحفاظ على الملفات السرية وستعاقبين على هذا أيضا.

نفيت كلامه قائلة بغير تصديق:
-لابد أن الشارة مزيفة. الجوكر يستحيل أن يفعل هذا.

ولكنه أصر على كلامه قائلا:
-لقد تحققنا أن الشارة حقيقية بمقارنتها بالشارات السابقة وهي متطابقة تماما ويستحيل أن تكون مزيفة.

الجوكر بالتأكيد من سرق الملفات ولكننا نريد أن نعرف إن كنت متواطئة معه أم لا.

هززت رأسي يمينا وشمالا مجددا بغير تصديق وقلت بغضب:
-أخبرتك الجوكر لم يسرق تلك الملفات. هو لا يسرق إلا الجواهر. لابد أنه شخص آخر أراد إلصاق التهمة بالجوكر كي يبعد الشبهات عن نفسه.

نظر آرثر إلي باستغراب ممزوج بالغضب وقال:
-لما تدافعين عنه بدل أن تدافعي عن نفسك؟؟ هذا يزيد من شكوكي حول تواطوئك معه.

لم أجب لأنني كنت في عالم آخر تماما. هل يعقل؟؟ هل يعقل أن يكون كلام آرثر صحيحا؟؟ لا لا هذا مستحيل. أجل هذا مستحيل. الجوكر لم يفعل هذا. أنا واثقة من ذلك.

نظرت إلى آرثر بجدية وأنا أقول:
-أريد أن أرى بطاقة الجوكر التي تركها مع المغلف. يمكنني التحقق إن كانت مزيفة أم لا. وسأثبت لك أن هناك أحدا آخر مسؤول عن سرقة الملفات.

بل سأثبت لك أيضا أن تلك الملفات ليست لي ولم تسرق مني وأن النسخة التي أحتفظ بها لازالت موجودة.

أراد آرثر الاعتراض ولكنه غير رأيه في آخر لحظة وطلب من أحد الجنود إحضار البطاقة.

وقال لي:
-سأتماشى معك حتى النهاية حتى أثبت لك أنك مخطئة ومخادعة.

نظرت إليه بغضب وأنا أقول:
-أنت لم تلتزم باتفاقنا آرثر. أنت تتصرف معي كشقيقتك التي تكرهها وليس كشخص غريب بالنسبة لك.

رمقني باستغراب قبل أن تتحول ملامحه للغضب الشديد وحدجني بنظرات غاضبة جدا وشعرت أنه لم يعد يستطيع إخفاء كرهه لي مدة أطول وقال بصراخ غاضب:
-أتعلمين لما توليت هذه القضية سيلين؟؟ هل لديك فكرة عن السبب؟؟ بالتأكيد ليس رغبة في لقائك مجددا.

بل لأنني سئمت من سماع الجميع يتحدث عن كوني أدعمك بشكل سري.

أتعلمين ما يقولون؟؟

أنني أنا من ساعدك في قضية جيمس وخفف عقوبتك. وأنا من ساعدك لتصبحي محققة ناجحة وأنا من سيساعدك في الخروج من هذه القضية أيضا لأنني شقيقك الأكبر ومهما تظاهرت بكرهك فأنا سأساعدك لأنك شقيقتي الوحيدة.

لقد سئمت من هذا حقا. ولذا قررت تولي القضية لأثبت لهم أنك لا تعنين أي شيء بالنسبة لي. وأنني أكرهك بكل جوارحي.

سأسعى لإثبات أنك مذنبة في سرقة الملفات وسأسعى لإنزال أشد العقوبات بك لأثبت لهم فقط أنني أكرهك حقا وأنني لن أساعدك حتى لو كنت شقيقتي الوحيدة.

هذا صحيح أنا لم أستطع الالتزام باتفاقنا. لأنني لا أستطيع التصرف معك كشخص غريب ومهما حاولت التظاهر بأنك لا شيء بالنسبة لي فأنت ستبقين شقيقتي التي أكره الأرض التي تمشي عليها.

أنت ستبقين شقيقتي التي أكره أن أجتمع بها في مكان واحد.

شقيقتي التي أكره فكرة أنني لا أستطيع التظاهر بأنها لا تعني لي شيئا لأنني أكرهك حقا. أكرهك حقا.

استدار آرثر بعدها وغادر الغرفة بخطوات غاضبة عنيفة وهو يقاوم بصعوبة رغبته في قتلي كما أظن.

وبالنسبة لي لم أبكي كعادتي مؤخرا. بل فقط بقيت أحدق بجمود بالمكان الذي كان يقف فيه.

سأكذب إن قلت أن كلامه لم يؤلمني. كان مؤلما لدرجة أنني لم أعد أشعر به. لم أعد أشعر بأي شيء.

أريد فقط أن أثبت له أنني لست مذنبة. لا أنا كاذبة. لا أهتم حقا في إثبات أنني بريئة له. بل لا أهتم برأيه بي إطلاقا. هو يكرهني في كل الأحوال. على الأقل الآن لديه سبب يدفعه لكرهي أكثر.

ما يهمني الآن أكثر ويقلقني أكثر هو إثبات أن الجوكر لم يسرق تلك الملفات مني حقا.

أنا واثقة أنه لم يفعل وسأثبت هذا للجميع.

وصل الجندي مع البطاقة وتسلمتها منه بقلق وبدأت بالبحث عن العلامات السرية التي بها وعلى عكس توقعاتي تماما كانت البطاقة حقيقية وليست مزيفة. هذا مستحيل.

كيف استطاع اللص الحصول على هذه البطاقة من الجوكر. هل كانت صدفة أم سرقها منه أم ماذا؟؟ هل يعرف هذا اللص الجوكر أساسا؟؟

أم أن....لا لا هذا مستحيل. الجوكر لن يفعل هذا. لن يفعل هذا.

انصرف الجندي بعد أن سلمته البطاقة وجلست وحدي في غرفة التحقيق أفكر في كل جوانب القضية دون العثور على أي مخرج.

مضى اليوم الأول دون أن أرى آرثر مرة ثانية ويبدو أنه غاضب مني جدا.

لم أنم طوال الليل بل لم أستطع النوم فأفكاري كالكبريت أقسمت أن تحرقني.

أريد الوصول إلى المنزل فقط والتحقق أن نسخة الملفات الخاصة بي لازالت موجودة. هذا آخر أمل لي حقا.
.
.
.
ولكن في صباح اليوم التالي دخل آرثر إلى الغرفة وجلس على المقعد المواجه لي بهدوء تام وقال:
-آسف حقا لانفعالي البارحة. الأمر فقط أن تلك العصابة تثير غضبي ووجودك أيضا ولذا أنا آسف للسماح لغضبي بالسيطرة علي.

نظرت إليه باستغراب شديد. هو يعتذر مني؟؟ أظن أنني سأموت بعد قليل.

لم أجد ما أقوله ولم يترك لي مجالا للتفكير لأنه أضاف قائلا:
-اسمعيني. لن تخضعي لمحاكمة عسكرية كما هو معتاد. بل لقد صدر قرار مباشر بشأنك.

سيتم إيقاف جميع التحقيقات في القضية وعليك تقديم استقالتك بهدوء.
فنحن لا نريد أية مشاكل داخلية ومجرد تسرب فكرة خيانتك لنا إلى الصحافة سيثير ضجة كبيرة حتى لو لم يكن هذا صحيحا.

ولذا سافري إلى العاصمة في غضون ثلاثة أيام وقدمي استقالتك هناك ونتمنى لك حظا أوفر في عمل آخر.

هل لديك أي اعتراض على هذا؟؟

أجبته بنبرة جادة وهادئة:
-ليس لدي أي اعتراض على هذا حضرة الرائد.

نظر إلي بصدمة شديدة ومن الواضح أنه لم يتوقع موافقتي السريعة.

سألني بعد أن استعاد جديته:
-لماذا وافقت على هذا؟؟ كنت أظنك متمسكة بعملك أكثر.

أجبته بلا تردد:
-لأنني اكتشفت أن هذا العمل مجرد كذب وخداع ولا مكان للعدالة فيه. فعندما يتعلق الأمر بأشخاص هامين أو كبار المسؤولين تصبح العدالة مجرد حشرة صغيرة أمامهم.

وكما تعلم أو ربما لا تعلم ولكن لدي هدف واحد فقط في حياتي وعدالتكم المزيفة التي تفتخرون بها لن تحققه لي ولذا سأضطر لتحقيقه بعدالتي الخاصة حتى لو كان هذا آخر عمل أقوم به في حياتي.

لم يقل آرثر أي شيء بل بقي يحدق بي بملامح لا تعبر عن شيء إطلاقا.

لم أبعد عيني عنه بل بدأ سباق من التحديق بيننا وكأننا نتفاهم بهذه الطريقة. إنه يعرف جيدا ما هو هدفي وماذا كنت أقصد بكلامي ولكنه لن يعترف بهذا مطلقا لأن هذا سيعني اعترافه بأخطائه واعترافه بأنني كنت محقة دائما ولذا هو سيتجاهل كلامي فقط.

وبالفعل هذا ما حدث لأنه قال:
-افعلي ما تشائين. المهم ألا تعترضي طريقي مجددا.

أجبته بثقة:
-لا تقلق إطلاقا. لن نلتق مجددا إلا إذا اعترضت أنت طريقي.

وأحذرك منذ الآن آرثر إياك أن تفكر في إيقافي أو جعلي أتراجع عن قراري مستقبلا لأنه منذ هذه اللحظة لا مجال للتراجع إطلاقا وإن وقفت في طريقي فستتأذى أيضا أؤكد لك هذا.

والآن أنا سأغادر بما أن كل شيء تم حله.

نهضت واقفة في نهاية كلامي واستدرت لأغادر ولكنه أمسك بيدي بقوة ومنعني من الخروج ولسوء الحظ وتعاسته كانت هذه يدي التي كسرت ومهما كانت قوة احتمالي كبيرة فلن أستطيع إطلاقا منع تلك الصرخة التي خرجت مني بسبب الألم.

أفلت هو يدي بسرعة وباستغراب ولم أجرؤ أنا على تحريكها من شدة الألم الذي أشعر به.

ماذا أفعل!! لم تتح لي أي فرصة لعلاجها وتجبيرها وأعلم أن حالتها بالتأكيد ساءت كثيرا.

انتبهت أن آرثر رفع كم سترتي قليلا وصدم تماما من التورم الكبير الذي رآه في يدي.

وقبل أن يسأل أي شيء رمقته بحدة وأنا أقول:
-لا تتدخل فيما لا يعنيك آرثر. وبما أنني شخص تكرهه من أعماق قلبك فعليك أن تكون سعيدا لألمي. يمكنك النوم مطمئنا اليوم لأنني أتألم حقا.

غادرت غرفة التحقيق بسرعة بعدها ولكن قبل خروجي تماما سمعته يقول:
-كوني حذرة سيلين. مهما حدث معك إياك أن تظهري أمام والدي إطلاقا. هذا لمصلحتك صدقيني وأنت تعلمين هذا.

أخذت نفسا عميقا ما إن خرجت من المبنى وأدركت أن حياتي ستنقلب مئة وثمانين درجة منذ هذه اللحظة.

ولكن هناك شيء واحد فقط لا أريده أن يتغير. أريده أن يبقى كما هو. أريد أن تكون ثقتي التي قررت المخاطرة بمنحها لشخص اقتحم حياتي فجأة في محلها. لا أريد أن أندم على هذا. لا أريد حقا.

اتجهت إلى المنزل بأسرع ما يمكنني ودقات قلبي تخترق المعدل بسبب الخوف الذي أشعر به.

لأول مرة منذ زمن طويل أشعر بالخوف من خسارة أحد ما. سأثق به حتى آخر لحظة. سأثق بأن الجوكر لم يخدعني طوال ذلك الوقت كي يسرق الملفات. هو لم يكن يستغلني لفعل هذا أنا واثقة بهذا. هو ليس أنانيا إلى هذه الدرجة.

وصلت إلى المنزل أخيرا. جلست أمام الخزنة التي أحتفظ بها بالملفات السرية. بدأت بإدخال كلمة السر ووضعت بصمتي أيضا وفتحت الخزنة.

كان هناك العديد من الملفات في الخزنة ولذا بدأت بالبحث عن الملف المطلوب بينها ولكنني لم أعثر عليه.

بل عثرت على ورقة صغيرة مطوية فتحتها بتردد كبير وكانت كالتالي:
"آسف حقا أيتها المحققة ولكني كنت مضطرا...
أثق بأنك ستتجاوزين هذا قريبا...
إلى اللقاء يوما ما...
الجوكر"

انهرت أرضا ما إن قرأت المكتوب وشعرت حقا أن عالمي تحطم تماما. هذا تأكيد جديد أنني لا يجب أن أثق بإنسان مطلقا لأن جميعهم مخادعون وكاذبون حتى هو.

لن أبكي ولن أسمح لدمعة واحدة بالخروج. هو لا يستحق أن أذرف دمعة واحدة لأجله.

كل شيء تحطم...هذا صحيح.
ولكني لن أسمح للأمر بأن يمضي هكذا. لن أسامحه على خداعي أبدا. سأجعله يترجى عفوي ولن يحصل عليه.

سأجعله يندم على اللحظة التي فكر بها بالظهور أمامي.

وقفت بصعوبة وحاولت أن أنظم أنفاسي وأهدئ غضبي ولكني لم أستطع. أشعر بأنني أحترق وسأحرق كل ما حولي من الغضب.

ليس سهلا أبدا شعور أنك كنت مغفلا وأحمقا طوال الوقت.

إنه شعور مؤلم حقا...أن يخذلك من كنت تشكي له خذلان الآخرين.

لم أجد شيئا أنفس به عن غضبي سوى الصراخ ولذا صرخت.

صرخت بأعلى صوتي كما لم أصرخ يوما. صرخت حتى اختفى صوتي تماما. حطمت كل شيء وقع بين يدي. أسقطت الطاولات وحطمت المزهريات وضربت المقاعد.

كنت غاضبة كما لم أغضب يوما. أشعر بالألم وكأن سكينا غدرني في منتصف ظهري تماما. ورغم هذا لم أسمح لدمعة واحدة بالخروج لأجله.

لقد انتهى كل شيء حقا. انتهى ببساطة.
.
.
.
.
.
.
حل صباح اليوم التالي بعد ليلة مريرة جدا لم أذق فيها طعما للنوم أو الهدوء وقد أصبح أثاث منزلي عبارة عن حطام ورغم هذا لم يشفى غليلي بعد ولا أظن أنه سيشفى ببساطة.

غسلت وجهي وغيرت ملابسي وقررت التوجه للعاصمة فورا لتقديم استقالتي. أو ربما لمحاولة نسيان ما حدث معي وإشغال نفسي بأي شيء حتى لو كان تقديم استقالتي.

تجاهلت ألم يدي وألم حلقي والألم داخلي وركبت في القطار السريع المتجه إلى العاصمة. فأنا أريد الوصول بسرعة كما أن مدينة الجنوب التي أعيش بها بعيدة عن العاصمة وتستغرق الرحلة عدة ساعات بالحافلة.

ولكن في القطار استغرقت الرحلة نصف ساعة وها أنا ذا أقف في محطة العاصمة بعد أن نزلت من القطار.

قدمت استقالتي وأجريت المعاملات اللازمة وانتهى كل شيء ببساطة وبسهولة لم أتخيلها.

كل الإجراءات التي يجب علي القيام بها تمت بسرعة وكأنهم كانوا ينتظرون يوم استقالتي بفارغ الصبر.

بدأت بالتجول في أنحاء المدينة وحقا إنها مدينة جميلة وتستحق أن تكون العاصمة.

وللأسف لم أستطع الاستمتاع في جولتي كما يجب لأن ذهني كان مشغولا تماما بالتفكير فيما يجب علي فعله ابتداء من الآن.

هل تسرعت يا ترى في استقالتي؟؟ لا أبدا. هذا أفضل قرار أتخذه الآن. الآن أنا أكثر حرية وقدرة على تحقيق هدفي.

هل أنا حزينة لخيانة الجوكر وغدره بي؟؟ سأكون كاذبة إن قلت لا. لقد آلمني ما فعله جدا ولكني سأجعله يندم بالتأكيد.

ويبقى السؤال الأهم ماذا سأفعل الآن؟؟ والجواب مع الأسف أنا لا أدري حقا. لا أشعر برغبة بفعل أي شيء أو البدء من جديد. أظن أنني يجب أن أتخطى ما حدث أولا.

مضى النهار كئيبا كسابقيه وانتهت جولتي قبل غروب الشمس بقليل وقررت الجلوس في أحد المقاهي للاستراحة.

ولكن مع أول خطوتين اصطدمت امرأة عجوز بي وبالتحديد بيدي المكسورة.
حقا حقا هل هناك حظ أتعس من هذا. لما كل شيء يستهدف يدي المصابة فقط وكأن العالم كله تآمر ضدها.

آلمني الاصطدام بشدة فأنا بالكاد كنت أحتمل ألمها طوال الوقت وهذه الضربة زادت الأمور سوءا.

سمعت صوت العجوز تقول:
-أنا آسفة. آسفة حقا يا ابنتي.

لم أستطع الرد عليها لأنني كنت مشغولة بيدي التي تؤلمني كثيرا. كان علي تجبيرها حقا. إهمالها كان خطأ فادحا.

رفعت كم سترتي قليلا ورأيت التورم قد زاد سوءا. يا إلهي كم كنت حمقاء حينما ضحيت بها لأجل ألا أخسر أمام مخادع مثله. أساسا أنا أندم على كل لحظة أمضيتها معه.

تجنبت التعمق في التفكير به أكثر لأنه يشعرني بالغضب الشديد وبرغبة شديدة بالانتقام.

انتبهت أخيرا من أفكاري الغاضبة على صوت العجوز وهي تقول:
-لما يدك متورمة هكذا يا ابنتي؟؟ هل فحصها طبيب؟؟ هل هي بخير؟؟

رمقتها باستياء وتابعت طريقي وأنا أقول بصوت مبحوح تماما بسبب صراخي الشديد البارحة:
-لا تشغلي بالك يا سيدة. اهتمام البشر الزائف بالآخرين يجعلني أشعر بالغثيان. لا داع لادعاء الطيبة واهتمي بشؤونك فقط.

ولكني لم أشعر إلا بإذني تشد من مكانها بقوة وسمعت صوت العجوز تقول بغضب:
-طفلة مشاكسة. عليك احترام كبار السن على الأقل. كما أن إهمال صحتك ليس سوى تصرفا أهوجا وطائشا ويدل على أنك مجرد طفلة حقا.

حسنا رغم أن لدي الكثير من الردود والأقوال وأنا مستعدة للدخول في شجار معها إلا أن شدها لأذني كان مؤلما جدا وادركت أنها عجوز بالشكل فقط ولكنها الآن بقوة مئة ثور هائج ولذا قلت بسرعة وببراءة مصطنعة:
-حسنا أنا آ..سفة جد..تي. لم أقص..د التقليل من شأ..نك.

ولكنها استمرت بسحب أذني وهي تقول:
-سأسامحك مقابل أن تذهبي معي إلى منزلي وهناك سأتصل بابنتي لتعالج يدك. ما رأيك؟؟

وكأنها تركت لي خيارا آخر هذه العجوز المفترسة. أومأت لها موافقة وأنا أقول:
-كما تر..يدين.

تركت أذني أخيرا وبدأت بفركها بألم وأنا أرمق العجوز بنظرات حادة أخفيتها بسرعة حالما رمقتني بنظرات مهددة ببدء جولة تأديب ثانية.

هذه العجوز غريبة الأطوار فعلا.

وهكذا سرت معها باتجاه منزلها وأنا أتذمر طوال الطريق وقد حاولت التملص منها عدة مرات ولكنها قمعتني بشدة.

كان منزلها صغيرا ودافئا ويبعث شعورا من الألفة والراحة في داخلك.

ورغم هذا اتخذت جميع احتياطي مسبقا فأنا لا أريد أن يخدعني أحد البشر مجددا ولن أثق بأحد حتى هذه العجوز.

وضعت أمامي كوبا من الشاي الساخن واتجهت إلى الهاتف وهي تقول:
-سأتصل بابنتي لتأتي. إنها طبيبة ماهرة جدا.

رمقتها باستغراب وأنا أقول:
-هل هي في العمل الآن أم أنها لا تسكن معك أساسا؟؟

أجابت العجوز بابتسامة حزينة:
-إنها لا تسكن معي. إنها ليست ابنتي الحقيقية بل أنا اعتنيت بها لمدة عامين فقط في صغرها قبل أن يختطفها أحد الأوغاد ويسلمها لمختبر تجارب. والآن هي تسكن في منزل زوجها ولكنها تزورني بين حين وآخر كلما سنحت لها الفرصة.

نظرت نحو العجوز باستغراب شديد وأنا أشكك في كونها اختلقت هذه القصة من نفسها فالأمر لا يبدو واقعيا إطلاقا. ورغم أن لدي الكثير عن الاستفسارات عما حدث مع ابنتها المزعومة ولكنني قررت الاحتفاظ بها حتى ألتقيها أولا وحينها سأعلم إن كانت هذه العجوز تكذب أم لا.

اتصلت العجوز بابنتها بالفعل ومضت نصف ساعة التزمت فيها بالصمت التام بينما ذهبت العجوز لتستريح قليلا إذ أنها متعبة من التسوق كما أخبرتني.

ركزت جميع حواسي على كل ما يدور حولي خشية أن يكون كل ما حدث مجرد تمثيلية من إحدى العصابات لاختطافي أو ما شابه ولذا التزمت بالحذر التام مع أن تلك العجوز توحي بأنها طيبة بالفعل ولكنني لن أنخدع بها.

فتح باب المنزل أخيرا وتحفزت جميع حواسي بانتظار الداخل وتنهدت براحة نسبية عندما أدركت أن القادم فتاة بالفعل.

عينان خضراوين وشعر كستنائي طويل  وبشرة بيضاء صافية. وكأن ملاكا قد أتى. إنها فتاة جميلة حقا وبالأخص ابتسامتها المشرقة.

اتسعت ابتسامتها ما إن رأتني وجلست مقابلا لي وهي تقول:
-أنت هي الفتاة المشاكسة التي حدثتني عنها أمي؟؟ مظهرك يوحي بأنك قوية بالفعل.

تنهدت بحزن ما إن سمعت كلمة قوية. أنا لست قوية أبدا. رغم كل ما بذلته من جهد لم أستطع التغلب عليه. بل لم أستطع اكتشاف خداعه لي أبدا. أنا لست قوية. أنا مغفلة فقط.

انتبهت على صوت تلك الفتاة وهي تقول:
-تبدين محبطة جدا وأظن أنك مررت بموقف صعب ولم تستطيعي تجاوزه حتى الآن.

حسنا أظن أنه يتوجب علي أن أعالج قلبك قبل يدك ولذا تعالي معي. هناك مكان سيريحك قليلا.

ترافق كلامها مع إمساكها ليدي السليمة وسحبها لي نحو خارج المنزل. لم أعترض على أي شيء بل سرت معها بلا مقاومة إذ لا رغبة لي لفعل أي شيء أو مجادلة أي أحد.

وقفنا على جسر العاصمة الضخم نراقب غروب الشمس من هناك وكان المنظر ساحرا وحزينا.

شعرت أنني مثل هذه الشمس. سأغيب ولكن دون رجعة.

نسيت تماما وجود تلك الفتاة معي وغرقت عميقا في عالم أفكاري.

يا إلهي كم هي مخزية الحالة التي وصلت إليها بسبب شخص غريب اقتحم حياتي فجأة وغادرها فجأة. والمحبط أكثر أن هذا الشخص مجرد لص. لص بارع سرق مني كل شيء.

عملي وروتيني وحياتي ولحظات سعادتي المعدودة.

ضغطت بغضب على العلبة الموضوعة في جيبي وأخرجتها. إنها الهدية التي طلب مني الاحتفاظ بها.

أخرجت القلادة منها وأنا أشعر برغبة كبيرة في تحطيمها فقط.

تأملتها لعدة ثوان قبل أن أمد يدي من أعلى الجسر وهي منسدلة منها وقد قررت محو كل شيء يتعلق به.

للأسف أيتها القلادة الجميلة ليس مقدر لك أن يرتديك أي أحد. أنت في المكان الخاطئ.

وفي اللحظة التي قررت رميها بها سمعت صوتا من خلفي يقول:
-إنها قلادة جميلة. لا تخبريني أنك تفكرين في دفنها في أعماق النهر.

حدقت بالفتاة باستغراب ولم أقل شيئا. فقالت هي بذات الابتسامة الجميلة:
-آسفة لاقتحام هدوئك والتدخل في شؤونك الخاصة ولكن صدقيني مهما كان السبب في رميك للقلادة فعليك التفكير مرة ثانية لأن هذا قرار لا رجعة فيه وقد تندمين عليه يوما.

نظرت إليها باستنكار وخرج صوتي مبحوحا بشدة وأنا أقول:
-لن أندم على هذا أبدا. لن أستطيع إنهاء أي شيء إن بقيت هذه القلادة معي.

ربتت الفتاة على كتفي بهدوء وقالت:
-بالعكس أيتها الجميلة. لن تنهي أي شيء إن رميت هذه القلادة. أنت تهربين هكذا فقط والهروب ليس حلا دائما. عليك التفكير بالطريقة الصحيحة لإنهاء كل شيء.

نظرت إليها بتساؤل وقد أقنعني كلامها جزئيا:
-وما هي الطريقة الصحيحة لإنهاء كل شيء إذا؟؟

نظرت إلي بابتسامة واثقة وقالت:
-هذا يرتبط بما حدث أساسا وبسبب رغبتك في إنهاء كل شيء.

ولكن إن كانت هذه القلادة من شخص ترغبين بإخراجه من حياتك مثلا فربما رميها في منتصف وجهه سيكون خيارا جيدا.

تأملتها بدهشة وأنا أشعر برغبة في الحديث معها لوقت أطول. إنها تبدو شخصا واثقا بنفسه وقويا وقادرا على مواجهة أي مشكلة تعترضه مهما كانت.

كما أنها تبدو سعيدة ومتفائلة جدا على عكسي تماما. إنها كالشمس وأنا كالشمعة المنطفئة بجوارها.

مدت يدها لي بابتسامتها ذاتها وقالت:
-أنا آليس كريستون. في الثامنة والعشرين من عمري. طبيبة جراحة قلبية في مشفى العاصمة المركزي. تشرفت بلقائك.

وضعت يدي في يدها بعد تردد قليل ورددت قائلة:
-وأنا سيلين ريتشارد. في الثانية والعشرين. محققة سابقة. تشرفت بلقائك أيضا.
.
.
.
.
.

     ************   
The End of this part 
     ************

عنوان البارت القادم:
انطلاقة

أتمنى أن يكون البارت قد حاز على إعجابكم وأعلم أنه قصير ولكنه مجرد تمهيد للبارت القادم.

وبالنسبة للتوقعات....

ماذا تتوقعون أن يحدث بين آليس وسيلين؟؟

وهل ستتجاوز سيلين ما حدث معها؟؟

وأين هو الجوكر ولما فعل هذا؟؟ هل هو من فعله أساسا؟؟

هذا كل شيء لهذا البارت أصدقائي وآسفة حقا لتقصيري معكم وإلى اللقاء.👋👋

Continuă lectura

O să-ți placă și

88.6K 5.9K 36
"افتحي اول صفحه " قال مع ابتسامته المعتاده . فتحت اول صفحه لاجد مكتوب .." اود ان اشكر ملهمتي لهذه الروايه الفتاه التي لا اعلم عنها شيء سوى لقبها الذي...
585K 47.8K 63
-Romance حلمي... ماهو حلمي...؟ أهو العيش بسلام..؟ كيف سأتمكن من فعل ذلك وأنا جعلت من أسوء الوحوش ألد اعدائي؟ "لما قمتِ بفتح أبواب الجحيم على نفسك...
158K 5.1K 62
"القدر جعل العالم يخشاها، هى تريد التوقف لكن القدر يمنعها، تريد أن توقف العذاب الذي وضعها القدر فيه، تصبح باردة لا يهمها شيء، تغير واقع القدر وتصبح ه...
3.8M 56.4K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...