قدر

2.4K 187 104
                                    

(18)

رين:

مضت سنوات طويلة على تلك الحادثة. سنوات كانت كافية لجعلي أنسى أمرها تماماً. لم أرى تلك الفتاة بعدها ولم أسمع أي خبرٍ يتعلق بها ولم أخبر أحداً عما حدث في ذلك اليوم.

أظن أنها نجحت بالهرب منهم وتعمل الآن لتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة.

الآن أنا في المرحلة الأخيرة من الثانوية وأخي رايان دخل إلى أكاديمية الشرطة قبل عامين ويريد أن يصبح محققاً. والسبب هو تلك الحادثة. يريد القبض على تلك العصابة وغيرها من العصابات والمجرمين. يريد أن يطهّر مدينتنا من الحثالة على حدِّ قوله.

لا أملك هذا الطموح بل أريد الابتعاد عن المجرمين والعصابات قدر الإمكان. ما حدث في الماضي كان مخيفاً ولا أريد التورط مع إحدى العصابات مجدداً.

لم أقرر ما سأدرسه في المستقبل بعد ولكنني سأختار مهنة مسالمة تماماً وسأختار زوجة مسالمة وأشكّل أسرة مسالمة وأعيش حياة مسالمة. هذه هي خطتي لمستقبلٍ هادئ فقط.

هذا ما كنت أفكّر به وأنا أجلس على سطح المدرسة وحدي. إنها عادتي المفضلة بعيداً عن ضجيج أصدقائي في استراحة الطعام.

إنه اليوم الأول في المدرسة وسيكون لدي عام حافل بالدراسة.

ولكن فجأة فتح باب السطح واستغربت بشدة إذ ليس من المعتاد أن يأتي أحد إلى هنا.

خرجت فتاة لا أعرفها بشعرٍ أشقرٍ طويل ومن الواضح أنها سنتها الأولى في الثانوية.

ألقت نظرة شاملة على السطح قبل أن تنتبه لوجودي وتعبس ملامحها باستياء ومن الواضح أنها ليست سعيدة بوجود من يشاركها وحدتها.

أنا أيضاً لن أكون سعيداً بهذا.

استدارت لتعود أدراجها ولكنها غيرت رأيها واتجهت نحوي بخطوات واثقة ونظرت إليّ بزرقاوتيها الغريبتين وقالت باستياء:
-اسمعني أيها المتطفل، هذا المكان سيكون خاصاً بي من الآن فصاعداً ولست أرغب بوجودك معي.

ابتسمت بسخرية رغم ما قالته فهي تبدو كطفلة غاضبة فقط.

نهضت واقفاً وأنا أقول:
-كما تريدين.

واستدرت لأغادر بالفعل. لم أوافق لأنها طلبت مني هذا بل لأنني لن أستطيع القدوم إلى هنا مجدداً. إنه اليوم الأخير لي في هذه المدرسة وسأنتقل إلى مدرسة أخرى منذ الغد. أتيت اليوم لاستلام ملف انتقالي فقط.

-انتظر.

استدرت نحوها باستغراب فقالت:
-يمكنك القدوم في الاستراحة الثانية لأنني لن أكون موجودة.

-لماذا؟؟

أشاحت بوجهها بعيداً وقالت:
-لا علاقة لك بهذا. يمكنك القدوم فحسب.

لحن الكاميليا || Camellia MelodyWhere stories live. Discover now