لحن الكاميليا || Camellia Mel...

By Jolianakingdom

84.5K 6.4K 4K

لكلّ إنسانٍ لحنٌ خاصٌّ به يمثّلُ حياته، تجسّد نغماته الحزن والسعادة، الخيبات والأمل، الانتقام والغفران، وأخير... More

هدنة واتفاق
رهان متسرع
حفل مشؤوم
معركة غير محسومة
صدمات
انطلاقة
لقاء جديد
فتاة متهورة...عمل جديد
جريمة قتل
تحقيق من نوع خاص
معي أم ضدي؟؟
وحش بهيئة إنسان
اعتراف من نوع آخر
لحظات ثمينة
بدايات ونهايات
لا وقت للراحة
قدر
معاً
شرط
ليلٌ لا ينتهي
خلافات
ألكساندرا روسيل
ثقة؟!
خصمان وهدفٌ واحد
عقربٌ وأفعى وآيتون
نائبة القائد
سفاح دراكوس الجديد
المصيدة
تضحية
مشاعر مبعثرة
اذهب إلى الجحيم
حفلة الزفاف
لأجل دراكوس
دليلٌ حاسم
مهما كان الثمن غالياً...النهاية

التحدي

8.6K 350 83
By Jolianakingdom

(1)

فتحت عيناها تدريجيا ما إن أحست بأشعة الشمس تتسلل عبر النافذة لتكشف عن ذلك البحر الأزرق الصافي المدفون بهما.

أشعة الشمس رغم روعتها لم تكن تضاهي جمال شعرها الذهبي المنسدل على كتفيها كسلاسل ذهبية.

وبالتأكيد لن تكتمل اللوحة الفنية إلا ببشرتها الصافية الناصعة البياض.

كلمة جميلة إنقاص من مقامها. إنها حتى...غاية في الجمال.

نهضت من فراشها بنشاط كالعادة...بدأت روتينها الصباحي المعتاد...أخذت حماما سريعا وارتدت ملابس العمل والتي كانت باللون الأزرق الذي يتلائم تماما مع لون عينيها وعليه خطوط ذهبية على نهاياته ليبدو وكأنه مصمم لها خصيصا أو كأنها ولدت لتكون محققة وترتدي هذا اللباس.

قامت بربط شعرها الطويل كي لا يسبب لها إزعاجا أثناء العمل...ألقت نظرة سريعة على المرآة لتتأكد أنه ليس هناك أي خطأ ثم انطلقت إلى العمل.

آخر همها كان أن تبدو جميلة أو أن تلفت الأنظار رغم أنها كذلك حقا. كانت تكره مساحيق التجميل كثيرا ولم تفكر في استخدامها يوما.

أساسا هي ليست في حاجة لها. كان همها الوحيد هو أن تتقن عملها.

لا تؤمن بالحب أبدا وتعتبره سخافة يتسلى بها الأناس الذين ليس لديهم ما يقومون به.

وحتى الآن لم ينجح أي أحد في لفت نظرها أو الدخول إلى قلبها. جميع الرجال في نظرها متشابهون ولا أحد منهم يستحق أن يشاركها حياتها.

هي تفضل حياة العزلة التي تعيش بها. تكره أن تقيد حريتها بشخص آخر.

ليس لديها أي أصدقاء. وهذا ليس لأنها منبوذة بل لأنها ترفض إقامة أية علاقات اجتماعية.

لها شخصية قوية...لا تقبل أي إهانة مهما كانت صغيرة...وبسبب اعتيادها على العزلة وعلى العيش وحيدة فإن مشاعرها قد تجمدت ودفنت في قلبها الجليدي.

شخص واحد فقط....شخص واحد يجبرها على إظهار مشاعرها. شخص واحد فقط يجبرها على الشعور بالألم والحزن كلما التقت به.
.
.
.
.
وصلت إلى العمل سيرا على الأقدام لسببين الأول أن مكان العمل قريب وثانيا هي تعتبرها رياضة صباحية. دخلت إلى المبنى بقامة مرفوعة. بدأت التحيات الرسمية تضرب لها طوال طريقها حتى وصلت إلى مكتبها. بالتأكيد فهي برتبة محققة وهي أعلى رتبة هنا.

بدأت بالعمل فورا فلديها ثلاث جرائم يجب التحقيق بها.

الأولى سرقة والثانية جريمة قتل والثالثة عملية احتيال.

وهكذا بدأت بقراءة ملفات القضايا ثم اتجهت إلى أماكن وقوع الجرائم وقامت بالتحقيق مع الأشخاص الموجودين في أماكن الحوادث.

ثم عادت في المساء إلى مكتبها مجددا وقامت بعملية تجميع المعلومات التي حصلت عليها.

كتبت تقريرها الخاص بالقضايا وما وصلت إليه من استنتاجات مع الأدلة التي تثبت صحتها ثم قدمته إلى رئيس القسم الذي دهش بشدة عندما علم أنها أنهت القضايا الثلاث بيوم واحد.

هو يعلم مدى براعتها ولكنها تفاجئه في كل مرة بسرعة إنجازها للعمل وبإتقان.

قال لها:
-كالعادة أنت رائعة سيلين.

أجابته ببرود:
-هذا واجبي سيدي.

-أجل ولكن كان لديك ثلاثة أيام لتنجزي العمل. ولكنك انتهيت في يوم واحد. هذا بالتأكيد إنجاز رائع.

ولكنها تابعت بنفس البرود السابق:
-لقد بذلت ما بوسعي.

ابتسم المدير وقال:
-إنهم لم يطلقوا عليك عبثا لقب الكاميليا السوداء.
حسنا لدي لك عمل جديد يمكنك أن تبدئي به منذ الغد.

-وما هو؟؟

-إنه قضية سرقة معقدة أو بالأحرى واضحة جدا ولكن إلقاء القبض على اللص هو الأمر الصعب جدا.

على كل الأحوال هذا هو ملف القضية. اطلعي عليه في المنزل. ولديك شهر كامل لحل القضية.

نظرت إلى المدير باستغراب طفيف وقالت:
-شهر كامل لأجل قضية سرقة؟؟

ابتسم المدير وقال:
-أخبرتك أنها ليست قضية عادية. وسترين أنها صعبة حقا.

أجابته بعدم اكتراث:
-مهما كانت صعبة فهي لن تقف في طريقي وسأنجزها بأسرع وقت.

-أتمنى ذلك. يمكنك الانصراف.

ضربت التحية له وقالت:
-إلى اللقاء سيدي.

وهكذا أخذت ملف القضية واتجهت إلى المنزل وهي تشعر أن المدير يستخف بها لإعطائها شهرا كاملا لأجل قضية سرقة.

ولكنها لم تكن تعلم أن هذه القضية ستقلب حياتها رأسا على عقب. وستغير كل المبادئ التي وضعتها وآمنت بها.

لقبها لم يطلقه عليها بقية المحققين بل المجرمين الذين قبضت عليهم. فلقب الكاميليا يدل على جمالها الشديد أما السوداء فهو يدل على أنها خصم فتاك لهم. ولذا أصبح لقبها الكاميليا السوداء.
.
.
.
.

سيلين:

وصلت إلى المنزل..وضعت الملفات على الطاولة....ارتديت ملابس المنزل...حضرت كوبا من القهوة الساخنة التي أفضلها. ثم جلست أقرأ الملفات بتمعن.

أدركت منذ الملف الأول أن هذه ليست سرقة عادية وأن اللص شخص ذكي جدا. تابعت قراءة باقي الملفات وأنا أشعر بحماسي يزداد لحل هذه القضية وإلقاء القبض على ذلك اللص.

وبعد الانتهاء من الملفات توصلت إلى الاستنتاجات التالية:
إن ذلك اللص الذي يلقب نفسه بالجوكر لا يسرق لأجل الحصول على النقود أو غيرها بل يسرق لأجل التسلية وتحدي رجال الأمن بالقبض عليه.

والدليل على ذلك أنه يعيد جميع المسروقات إلى أصحابها عن طريق البريد.

حاول الكثير من المحققين القبض عليه ولكن لم ينجح أحد حتى الآن في تعرف هويته أو معرفة أي تفاصيل عنه.

إننا حتى لا نعرف إن كان لصا أو لصة أو ما هو عمره؟؟
رغم أننا نطارده منذ ثلاثة أشهر.

أدركت أن لدي يوما حافلا غدا لأن خصمي هذه المرة ليس سهلا ولكنه بالتأكيد ليس ندا لي.

اتجهت إلى فراشي وخلدت إلى النوم باكرا كي أكون بكامل نشاطي غدا. فهدفي ليس القبض عليه فقط وإنما القبض عليه بأسرع وقت ممكن.
.
.
.
.
ها أنا الآن في مكتبي أجمع كل المعلومات المتاحة عن السرقات التي قام بها غريمي الحالي. لقد أمضيت ست ساعات كاملة منذ الصباح في مكتبي في سبيل إيجاد أي ثغرة في السرقات تلقي القليل من الضوء عليه ولكن حتى الآن لم أجد أي شيء.

الروابط الوحيدة التي تجمع هذه السرقات هي إعادة المسروقات وعدم وجود أي أدلة بالإضافة إلى الشارة الذهبية والتي رسمت صورة جوكر عليها كانت موجودة في مكان كل سرقة.

إنه محترف حقا. بل إنه يتسلى برجال الأمن والمحققين.

قررت أن أتجه إلى مكان إحدى السرقات لعلي أستطيع أن أمسك بطرف الخيط الذي سيقودني لذلك اللص.

ولكن ما إن خرجت من مبنى التحقيق الجنائي حتى اعترضت طريقي مجموعة من الصحفيين وبدؤوا بطرح الأسئلة عن استلامي لقضية اللص التي أصبحت حديث جميع الناس.

عندها خطرت لدي فكرة قررت تنفيذها مباشرة ولذا أجبتهم قائلة بثقة:
-هذا صحيح أنا استلمت قضية ذلك اللص وسألقي القبض عليه بأسرع وقت ممكن. كما أنني ما إن أستطيع أن أواجهه وجها لوجه فستكون المعركة لصالحي حتما. إنها مسألة وقت فحسب.

ثم نظرت بتحد إلى عدسة الكاميرا وتابعت بثقة تامة:
ولذلك أنا أتحداه أينما كان ومهما كان أن يواجهني وجها لوجه ويستطيع التغلب علي. ولكني لا أظن أن لصا جبانا مثله سيجرؤ على الوقوف أمامي.

ثم ابتعدت عن الموقع بعد أن تخلصت من بقية أسئلة الصحفيين بصعوبة. المهم أنني حققت هدفي وأظن أنه سيقع في هذا الفخ بسهولة بسبب حبه للتحدي. أتمنى ذلك على الأقل.
.
.
.
.
غيرت وجهتي إلى المكان الذي اعتدت زيارته كلما استلمت قضية صعبة. أجل لقد اعتدت أن أخبر آرثر بكل ما يحدث معي. ولذا سأخبره عن مهمتي الجديدة الآن.

أتمنى أن يكون في مزاج جيد.

دخلت إلى مبنى الأمن المركزي واتجهت إلى موظفة الاستقبال وألقيت التحية عليها قائلة:
-مرحبا.

فردت قائلة:
-أهلا حضرة المحققة.

سألتها قائلة:
-هل آرثر في مكتبه؟؟

نظرت إلي بارتباك وقالت:
-تقصدين حضرة الرائد. أجل إنه في مكتبه. هل أخبره أنك أتيت؟؟

-لا لا داعي.

اتجهت إلى مكتبه. فتحت الباب ثم دخلت. كان يجلس خلف مكتبه وهو يوقع على مجموعة ملفات.

رفع نظره إلي بغضب وقال:
-كم مرة أخبرتك أن تطرقي الباب قبل دخولك؟؟

تجاهلت كلامه واتجهت إلى أحد المقاعد وجلست عليه بإهمال وأنا أقول:
-كيف حالك آرثر؟؟

رد بغضب أيضا:
-لا تناديني باسمي دون اللقب وأنا لم أسمح لك بالدخول.

-يبدو أنك بخير. لقد أتيت لأخبرك أني استلمت قضية جديدة عن لص غريب.

ولكنه رد وهو يحاول أن يكتم غضبه:
-لا يهمني ما يحدث معك. وليس لدي وقت لأستمع لك. ولذا انصرفي من هنا بسرعة وسأكون سعيدا إذا لم تريني وجهك مجددا.

ابتسمت بحزن لم أستطع إخفاءه وحاولت أن أتجاهل كلامه مجددا وقلت:
-إنه لص ماكر جدا وأظن أنها ستكون مهمة صعبة. لقبه الجوكر. هل سمعت عنه؟؟

ولكنه تجاهل كلامي وتابع قراءة الملفات والتوقيع عليها وهو يقول:
-أغلقي الباب خلفك وحقا أتمنى ألا تعودي مجددا. لأن رؤيتك تعكر مزاجي.

شعرت بحزن شديد يجتاحني. رغم أنه مضت الكثير من السنوات إلا أنه لازال يكرهني. ورغم أنني أسمع هذا الكلام الجارح منه في كل مرة إلا أنني أتألم كلما سمعته.

كم أتمنى لو أنه يعطيني فرصة لأحاول تصحيح ما جرى ولكن هيهات.

إنه الشخص الوحيد الذي يرى جانبي الضعيف وإنه الشخص الوحيد الذي أهتم لأمره ولكنه يكرهني وهذا يؤلمني كثيرا.

قلت بنبرة حاولت أن أجعلها ثابتة قدر الإمكان وأنا أقاوم الدموع التي تجمعت في عيني:
-هل تعلم أن آخر المجرمين الذين قبضت عليهم عرض علي الزواج؟؟

رفع نظره إلي بسخرية وقال:
-إنه مناسب جدا لأمثالك. ألم تقبلي به؟؟

رغم السهام التي تغزو قلبي مع كل كلمة يقولها إلا أنني ابتسمت وأنا أقول:
-إن سامحتني سأقبل به.

ولكنه نظر إلي بحدة وقال:
-أخبرتك أنني أكره أن أتنفس من الهواء الذي تتنفسين به وتريدين مني أن أسامحك؟؟ أنت تحلمين بذلك حتى في أحلامك.

طرق الباب عندها وقال آرثر للطارق:
-ادخل

دخلت مساعدته وضربت التحية العسكرية له وقالت:
-سيدي الرائد إن الملازم الأول روبرت يريد رؤيتك.

ثم رمقتني باحتقار شديد كالعادة ولذا قلت لها بحدة:
-أخفضي عينيك قبل أن أقتلعهما لك.

يبدو أنها شعرت بنبرة التهديد في كلامي ولذا أشاحت بنظرها باتجاه آرثر الذي قال:
-اخرسي سيلين. غير مسموح لك أن تتكلمي معها هكذا.

ثم توجه بالكلام إلى تلك الخبيثة التي ابتسمت بمكر وقال:
-أدخليه إلى هنا.

وبعد أن أغلق الباب سمعته يقول:
-هل ستبقين هنا؟؟ كما ترين لدي أعمال كثيرة ولست متفرغا لسخافاتك.

لم أستطع أن أرفع رأسي عن الأرض كي لا تفضحني دموعي التي ترفض التوقف. وقفت بهدوء وأنا أنظر نحو الأرض واتجهت إلى الباب بخطوات مثقلة بالأحزان.

وقلت وأنا أدير مقبض الباب بلهجة مليئة بالألم:
-أراك لاحقا.

صمت قليلا ثم تابعت قائلة:
-يا أخي.

ثم غادرت المكان بسرعة قبل أن أسمع المزيد من كلامه الجارح.

كانت الساعة السابعة مساء ولذا قررت العودة إلى المنزل فلم يعد هناك ما أفعله.

فتحت الباب بالمفتاح ثم دخلت. أغلقت الباب واستندت عليه بظهري ثم نزلت تدريجيا حتى جلست على الأرض وبدأت بالبكاء بشدة.

لحسن حظي أن منزلي في منطقة نائية ولا يوجد أي منازل حولي كي لا يسمع أحد صوت بكائي فأنا أكره أن أظهر ضعفي للآخرين جدا.

أشعر بتعاسة شديدة مجددا. يا إلهي كيف أستطيع إقناعه بمسامحتي. أشعر بيأس شديد.

سمعت صوتا يقول:
-لماذا تبكين؟؟

تنبهت كل حواسي حالا. ونظرت حولي بسرعة لأرى شخصا غريبا يقف أمامي.
وقفت بسرعة وألقيت نظرة حولي لأتأكد أنه منزلي ثم اتخذت وضعية دفاعية وأنا أقول بحدة:
-من أنت؟؟ وماذا تفعل في منزلي؟؟

رأيته يبتسم بمكر ويقول:
-ألم تعرفيني حقا وأنت من تحداني لمواجهته؟؟

أدركت ما يقصد بكلامه وتوسعت عيني من الصدمة وقلت:
-هل أنت الجوكر؟؟

ابتسم باستمتاع وقال:
-أجل أنا هو.

نظرت إليه بصدمة وبشك بنفس الوقت. فأنا لا أصدق أنه استجاب للتحدي بهذه السرعة بل لم أتوقع أن يأتي إلى منزلي. كانت عينيه السوداوين كلون شعره الأسود ترمقني بتمعن وكأنه يزن قدراتي.

ولذا قلت له بشك:
-أنا لا أصدقك. لا أظن أن الجوكر أحمق إلى هذه الدرجة كي يأتي إلي بقدميه وكأنه يطلب مني أن ألقي به في السجن.

ولكنه ابتسم بسخرية قائلا وهو يقترب مني ببطء وثبات:
-ظننت أنك تعرفينني جيدا وتعرفين أنني لا أخسر تحديا أبدا. ولكني يبدو أنك لا تعرفين من تحديت. ولذا أخبرك أنني الجوكر وقد أتيت إلى هنا كي أحطم ثقتك في القبض علي عزيزتي.

خاطبته بحدة قائلة وأنا أشدد من دفاعي:
-توقف مكانك ولا تتقدم أكثر.

ولكنه تابع تقدمه وهو لازال يبتسم وهو يقول:
-عندما أتغلب عليك بعد قليل عليك أن تخبريني عن سبب بكائك فأنا أشعر بالفضول.

تقدمت نحوه بسرعة وقد كورت قبضتي ووجهتها نحوه وأنا أقول بحدة:
-أنت تحلم بالأمرين.

ولكنه تفادى ضربتي بسهولة وأمسك بمعصمي بقوة لدرجة عجزت عن تحريكه. إنه قوي لدرجة لا توصف. إنه أول شخص أصادفه يستطيع تفادي قبضتي بهذه البساطة وإيقافها.

ولكن هذه البداية فقط. كورت يدي اليسرى ووجهتها نحوه بغتة ولكنه كان أسرع مني إذ تراجع خطوتين إلى الخلف.

تبعته بسرعة ووجهت له ضربات مستمرة ولكنه كان يتفاداها بسهولة. لم يكن يهاجمني بل كان يتفادى ضرباتي أو يوقفها.

زدت من سرعة ضرباتي وقوتها وحاولت أن أهاجمه من كل الجهات ولكني لم أجد نقطة ضعف واحدة.

شعرت بالغضب وهذا أفقدني تركيزي وبدأت بتوجيه ضربات عشوائية.
سمعته يقول وهو لازال يبتسم باستمتاع:
-هل انفصلت عن حبيبك؟؟ أم أنك اكتشفت خيانته لك؟؟

استفزني كلامه كثيرا واندفعت نحوه بغضب وأردت أن أوجه له ضربة قوية ولكن فجأة توقف جسدي عن الحركة تماما.

حاولت أن أتحرك ولكن جسدي رفض الانصياع لي تماما. ماذا يحدث معي؟؟ إنه لم يوجه لي أي ضربة. فلماذا لا أستطيع الحركة؟؟

رفعت رأسي إليه ورمقته باستغراب وقلت بحدة:
-ماذا فعلت لي؟؟

رأيته يبتسم بمكر مجددا وهو يتقدم نحوي حتى وصل إلى أمامي تماما.
عندها خفض رأسه إلى مستوى رأسي بسبب فرق الطول بيننا ونظر إلي مباشرة وقال بسخرية:
-ألم تلاحظي حضرة المحققة العظيمة أني ضربت جميع النقاط الحيوية لديك ولذا لن تستطيعي الحركة الآن؟؟

رددت باستغراب:
-النقاط الحيوية؟؟

ثم توسعت عيني من الصدمة عندما أدركت انه عندما كان يصد ضرباتي كان يضغط على نقاطي الحيوية ولكن غضبي أعمى بصيرتي ولم أنتبه لهذا الأمر.

سمعته يقول:
-حسنا عزيزتي أظن أن المعركة قد حسمت. والآن أخبريني ما سبب بكائك؟؟

رمقته بنظرات نارية وأنا أحاول أن أحرك جسدي وقلت له بغضب:
-لا علاقة لك.

اقترب مني أكثر حتى أصبحت أنفاسه تلفح وجهي ثم همس في أذني قائلا:
-أنت ضعيفة جدا. لقد كانت معركة مملة. أنت حتى لم تستطيعي لمسي.

شعرت بوخزة في قلبي إثر كلامه. أشعر أني ضعيفة حقا. إنه أمامي تماما ولكني لا أستطيع أن أفعل شيئا. أشعر بالعجز الشديد. كم أكره هذا الشعور.

نظرت إليه بتمعن وأدركت أنه لا يرتدي قناعا. هل يعقل أن هذا هو وجهه الحقيقي.

سألته قائلة:
-هل هذا وجهك الحقيقي؟؟

ابتسم نفس الابتسامة التي تستفزني وقال:
-أجل.

-هل تثق بأنني لن أستطيع القبض عليك لهذه الدرجة؟؟

-أجل فأنت لست ندا لي أبدا.

رددت عليه بغضب:
-أنا لست ضعيفة أبدا. وسألقي القبض عليك حتما في المرة القادمة وفي غضون شهر واحد.

ابتسم باستمتاع وقال:
-أنت لست مؤهلة كي تقولي هذا الكلام.

نظرت إليه بغضب شديد وقلت:
-رأيك فيني لا يهمني وسترى أني سأقبض عليك أيها الجوكر.

نظر إلي بتحد وقال:
-سنرى ذلك أيتها المحققة.

ثم نهض واقفا واستدار وهو يقول:
-بالمناسبة اسمي رين.

نظرت إليه باستغراب ثم بغضب وقلت:
-هل تسخر مني؟؟

ولكنه رد بنبرة جادة خالية من السخرية:
-لا أنا أخبرك باسمي فقط. لأننا سنتقابل كثيرا في هذا الشهر.

وقبل أن أسأله عما يقصده. قال وهو يتجه إلى النافذة:
-إلى اللقاء عزيزتي سيلين. أراك قريبا.

ثم غادر من النافذة. وبعد عدة دقائق من مغادرته استطعت أن أحرك جسدي ولذا تحركت بسرعة واتجهت إلى النافذة ونظرت منها. ولكنه كان قد اختفى تماما.

كان ذلك اللقاء الأول بيننا والخسارة الأولى لي كمحققة. بل كانت خسارة فادحة أشعرتني بمدى ضعفي وعجزي.

ولكن لا بأس لدي شهر كامل وبالتأكيد سأحسن من قدراتي وسأتغلب عليه في اللقاء القادم.
.
.
.
.
مضت ثلاث أيام منذ ذلك اليوم الذي قابلت فيه الجوكر. انضممت خلاله إلى نادي تدريب من المستوى الأول.

رغم أن هذا المستوى مخصص للرجال فقط بسبب قسوته ولكني أجبرتهم على قبول طلبي.

كنت أخرج منذ الخامسة صباحا ولا أعود إلا في التاسعة مساء. وحتى الآن لم أدخل في أي عراك مباشر. كل ما فعلته هو اتقان المبادئ الأساسية. وفي الحقيقة كان الأمر منهكا جدا.

ولكن خوفي من الشعور بمرارة الهزيمة مرة ثانية كان يدفعني إلى الصمود. إن الأمر أصبح تحديا بيننا أكثر من كونه إلقاء القبض على لص.

لم أسمع أي خبر عنه منذ قابلته. لم يقم بأي سرقة ولم يأت لمواجهتي بعد.

عدت إلى المنزل مساء منهكة من التدريب. بالكاد أستطيع أن أتحرك.

أخذت حماما سريعا ثم أعددت كوبا من القهوة الساخنة لأتناوله قبل أن أذهب إلى النوم.

لا أزال أشعر بالتعب ولكني لا أشعر بالنعاس. جلست على أحد المقاعد وغصت عميقا في بحر أفكاري.

من الجيد أنني لم أقابل ذلك الجوكر بعد فأنا متعبة جدا ولا أدري كيف سأقابله مجددا أساسا.

إنه قوي حقا ولكن لن أقع في فخه مرة ثانية. أتمنى ذلك على الأقل.

وفجأة أيقظني من أفكاري صوت بجواري يقول:
-مرحبا حضرة المحققة.

نظرت بصدمة إلى مصدر الصوت لأجده الجوكر يجلس على أحد المقاعد أيضا ويبتسم ابتسامته المعتادة المستفذة.

وقفت من مكاني بسرعة ونظرت إليه بحدة وقلت:
-ماذا تفعل هنا؟؟ وكيف دخلت دون أن أشعر بك؟؟

قال وهو يقف ويقترب مني:
-لقد أتيت لزيارتك عزيزتي.

************
The End of this part
************

Continue Reading

You'll Also Like

1.6M 32.4K 83
اشد الجروح الما ليست التي تبدو اثارها في ملامح ابطالنا بل التى تترك اثر ا لا يشاهده احدا فى اعماقهم. هي✨ لم تخبره بمخاوفها ...ولكن نقطه نور فى اعم...
585K 47.8K 63
-Romance حلمي... ماهو حلمي...؟ أهو العيش بسلام..؟ كيف سأتمكن من فعل ذلك وأنا جعلت من أسوء الوحوش ألد اعدائي؟ "لما قمتِ بفتح أبواب الجحيم على نفسك...
2K 38 2
...... هي بارده ذات قوى مثلجه تاتي مع العواصف ترهبك وتفزعك وتجمدك في حضنها بعينين حاده وملامح فارغه تبدو لك غير مباليه لما حولها من كوارث كانت هي س...
207K 22.1K 79
رواية ستأخذك احداثها الى العصر الكلاسيكي بمزيج من ( الذكاء و الخبث و التحليل و تحدي و رومانسي و مغامرة ) الاغتيالات , الحروب من اجل السلطة و العرش...