أغنية أبريل|| April Song

By Sanshironi

391K 30.3K 26.9K

الثانوية ، و سن المراهقة قد تعتبر أحدى أجمل المراحل في حياة أي شخص عادي ، لكن حينما تكون ثرياً و ذكياً ذو وجه... More

الفصل الاول: كابوس من جديد!
الفصل الثاني : عائلة غريبة الاطوار
الفصل الثالث: أنت مجنونة!
الفصل الرابع : سندريلا الغناء
الفصل الخامس : قطة بأذان دب
الفصل السادس : لماذا القدر يتلاعب بي؟
الفصل السابع: لمرة واحدة فقط
الفصل الثامن : كوني بخير
الفصل التاسع : ابن الموظف
الفصل العاشر : التقينا مجدداً
الفصل الحادي عشر: لحن المساء
الفصل الثاني عشر : خلف قناع البراءة
الفصل الثالث عشر : صديقتي الجديدة
الفصل الرابع عشر : لماذا انا من بين الجميع؟
الفصل الخامس عشر : لأنك أخي
الفصل السادس عشر : ذكرى تحت المطر
الفصل السابع عشر : حرب غير متوقعة
الفصل الثامن عشر : على أوتار الموسيقى
الفصل التاسع عشر : روابط مزيفة
الحساااااااااااب رجعععععععععععع🎇🎉🎉🎇🎊🎊🎊
الفصل العشرون : قناعة كاذبة
الفصل الواحد و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الاول
الفصل الثاني و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثاني
الفصل الثالث و العشرون : ليلة الميلاد الجزء الثالث
الفصل الرابع و العشرون : الاميرة النعسة
الفصل الخامس و العشرون : شتاء يناير
الفصل السادس و العشرون : من يكون بنسبة لي؟
الفصل السابع و العشرون : كان بسببك!
الفصل الثامن و العشرون : صديق
الفصل التاسع و العشرون : ضغائن متبادلة
الفصل الثلاثون: قاعدة الثلاث كلمات
الفصل الواحد و الثلاثون : عيون حاقدة
الفصل الثاني و الثلاثون : المكسورة
الفصل الرابع و الثلاثون : ثمانية عشر شمعة
الفصل الخامس و الثلاثون : نهاية الرهان
الفصل السادس و الثلاثون : حقيقة ما تم إخفاءه بالماضي
الفصل السابع و الثلاثون : انتهت اللعبة
الفصل الثامن و الثلاثون : الليالي التي لن تموت
الفصل التاسع و الثلاثون : المفكرة البيضاء
الفصل الاربعون : تحامل
الفصل الواحد و الأربعون : كوابيس صغيرة
الفصل الثاني و الاربعون : مقيد
الفصل الثالث و الاربعون : تذكر أغنيتي
الفصل الرابع و الأربعين : وداع أم خداع
الفصل الخامس و الأربعون : ليست بريئة

الفصل الثالث و الثلاثون : عن سوناتات بتهوفن

6.5K 603 738
By Sanshironi

التصقت آليس بالعارضة الخشبية متأملة ألم يرها أحد قبل ان تختبئ ، ليس لرغبتها في التنصت رغم ان سماع شيء من هذه المسافة مستحيل ، فآخر شيء تتمنى حدوثه هو ان يمسكها أحد مع سكايلر و خاصة ميلي! سينقلب السحر على الساحر حتماً .

لم تنتظر قليلاً حتى استطاعت لمح ميلي تبتعد و بسكايلر يخاطب رفيقه بوجه كاظم ، اخذت آليس نفساً ثم ذهب حتى تنهي ما يجب عليها فعله و الذهاب فوراً دون اي وقت ضائع ، و قبل ان تسمح الى سكايلر بقول اي شيء أخرجت الكيس من جيبها قائلة بمعالم جامدة :

- الكيس معي و هو في جيبي كما ترى و لا أحد يعلم بأمره .

ثم مدت اليه الكيس ليتقطه و يشتم رائحته حتى يتحقق ، فقط تعابير وجهه في هذه اللحظة ؛ الولع ، الانتشاء و الهوس فقط من اشتمام كريستالات الميث الخمس ، خمس حبات بيضاء صغيرة قادرة على رسم هذا التعبير المهلوس على وجه طالب في الثانوية ؛ بلى انها المخدرات .

اعطاها الكيس من جديد فأعادته بصمت الى جيبها و استدارت حتى تغادر ، لكن سكايلر هذه المرة لم يدعها تفلت بسهولة! في اللحظة التي أمسك بها من رسغها و سحبها للخلف حثّ كالافعى في مسمعها :

- بالنسبة الى ميلي فلاديمير تظاهري بأنك لم تريها او بالأحرى .. أنسيّ ذلك ، مفهوم؟

ابتلعت رمقها و قد أخذ وجهها يشتعل حتى تصببت عرقاً كما قلبها المسكين الذي خفق في ذعر ، اكتفت بهز رأسها و كلمة سكايلر التالية أحرقتها كما يحرق الاسيد الجلد :

- جيدة ابقيّ مطيعة هكذا.

افلت رسغها لتكمل آليس طريقها من حيث أتت و بذل من ان تشتم سكايلر ، كانت تشتم نفسها و تمقتها ؛ تلعنها و تسبها بأسوأ الصفات لكونها دمية في يد شخص حقير و متعاطيّ كسكايلر! لم تشعر يوماً بالعجز كما شعرت به الآن! لما؟ لأنها و للمرة الأولى ايضاً تورطت في أمر يفوقها و يفوق قدرة أي شخص على مساعدتها او حتى تخليصها ،المخدرات! لقد هددها قائلاً بأنه سيقحمها معه إذ ما وشت به او فعلت شيء ما .

و مهما فعلت حينها لن تستطيع تخليص نفسها من تلك الورطة لذا كانت خطتها الوحيدة هي الانتظار حتى انتهاء هذا العام الدراسي ، الذي لم يتبقى له سوى شهر و نصف ربما فهم على مشارف أبريل ثم ستنتقل من هذه المدرسة و لن تراه ابداً .

.

.

.

رمت ذلك الكيس في درج ادويتها ثم ارتمت فوق فراشها بإنهاك ، ككل مرة بعد لقاءها بذلك المختل ، حدقت نحو كف يدها المزرق البارد و كيف بالنظر اليه فقط تدرك أن وضعها يزداد سوء لا أكثر .

أغلقت آليس عينيها و تقلبت نحو الجهة الاخرى من السرير ، حتى تنتبه الى معطفه المطوي فوق الكرسي ؛ كانت تنوي أخذه معاها اليوم لتعطيه اياه لكنها نست ذلك كلياً ، نهضت بتكلف و دون ان تنزل من فراشها حاولت تلافي المعطف من فوق الكرسي و بالتأكيد نجحت و سقطت ارضاً على وجهها ايضاً ، يا له من نذير مشؤوم!

تربعت وسط فراشها و أخذت تتلمس بطانة المعطف الداخلية ، كانت فرواً خفيفاً ناعماً و دافئ ايضاً دغدغ كفها لمجرد التربيت عليه ؛ كما دغدغت انفها رائحته العالقة على ياقة المعطف خاصةً ، قربته آليس اليها اكثر و للمرة الاولى استطاعت اشتمام نوع العطر الذي يستخدمه او تلك رائحته عامة ، كانت خفيفة و لن تمل من استنشاقها رائحة عطر رجالي خفيفة ممزوجة بروائح عدة ، قهوة؟ خشب؟ تراب رطب؟ 

عقدت آليس حاجبيها محاولة التخمين أينْ من تلك الثلاث ممتزجة مع العطر؟ كان تخمين ذلك صعباً فرغم الفارق بين تلك الثلاث الا انها لم تستطع الجزم حقاً ، فقط كانت هناك رائحة دخيلة تعطيها احساساً بالعمق ،  ابعدت معطفه قليلاً عن انفها و ارتدته كاملاً و ليس كتلك المرة حينما قام بوضعه فوق كتفيها ، بالتأكيد كان كبيراً عليها و اكمامه غطت كفها كاملاً فلم تبرز سوى الأنامل ، ذات الاحساس بالدفء بالراحة و كأنه قد تم الرمي بكل مخاوفها و مشاكلها في البحر لتنعم بلحظة هدوء دافئة.

عاودت الاستلقاء تشد فوق ياقته حتى ارتخت يدها ، فقط إن كان شيء مثل قطعة الثياب تلك ابعدت الانهاك و التوتر التي كانت تحظى به منذ وقت قصير ، فكيف ستكون ان كان بقربها؟ لم تمنح آليس نفسها حق الاجابة حتى ، و لتنعم بهذه السكينة و الاطمئنان غفت و تتشبث بأطراف ياقته.

**************

اخذ يراقب الباب منذ أكثر من خمس دقائق ، ليست مدة طويلة بلى لكنه يعلم انها ستأتي في هذا الوقت و لم يخب ظنه حينما فتح الباب برفق لتظهر سول من خلفه ممسكة بوسادتها و أعينها تطلب الولوج دون ان تنطق .

بادلها رايان الذي يجلس فوق فراشه ضاماً ذراعيه إلى صدره التحديق لفترة ، حتى تنهد بإستسلام و اشاح بالغطاء سامحاً لها :

- حسناً تعاليّ .. هذه الليلة فقط! هل كلامي واضح؟

انفرجت أسارير الطفلة راكضة نحو سريره لتنام بجانبه هذه الليلة ، نفس الكلمات يقولها لها كل يوم و ها قد مر اسبوع بحاله ، لا يعلم أن ما كانت سول حقاً مازالت تعاني من الكوابيس ام انها تكذب حتى تنام بجانبه ، مازال يشعر بالذنب حيالها لذا لم يملك اي خيار .

قفزت القطة البيضاء لتتخذ لنفسها مكاناً لنوم ايضاً على هذا الفراش ، حدق رايان فيها مطولاً ثم علق بإمتعاض:

- انتِ ايضاً ستنامين هنا؟

تواجد شيرو هنا اي ان شيء سابعاً سيكسر هذه الليلة و السادس كان بالأمس ، كان قد وافق لأنها معتادة على النوم بجانب سول كما ان الاخرى اعتادت عليها ايضاً ، ردت سول و هي تربت فوق فرائها الناعم :

- لا بأس السرير يسع الجميع!

- لكن قلبي لا يسع الجميع سول ، ان قامت هذه المشاكسة بكسر شيء آخر سأجعلها تنام خارج المنزل في هذا البرد .

رد رايان ساخراً قبل ان يتدثر بالغطاء و يطفئ الضوء ، نفخت سول وجنتها منزعجة معنية أخيها :

- انت شرير! 

- كلمة أخرى و ستنامين معها خارجاً هيا اخلدي الى النوم.

و بالفعل خافت من تهديده و غطت رأسها بالغطاء محاولة النوم ، احياناً يتعجب من قدرة هذه الطفلة على تصديق كل كلماته لكنها لا تنصاع لها بسهولة احياناً ، الصفة الذي تجعله يتأكد انها اخته دون الحاجة الى اختبار الحمض النووي .

.

.

.

كأحد أيام أواخر مارس الأجواء بدأت تميل نحو الدفء ، الشمس الغائبة طوال الشتاء تبرز قليلاً من حين الى آخر خلف الغيوم مثل هذا صباح .

الحماس تملك سول التي سبقت اخيها نحو السيارة راكضة ، بينما أبطأ رايان من حركته ماسحاً فوق وجهه متحسساً فراء القطة الملتصق به رغم غسله لوجهه عدة مرات هذا الصباح ، توقف للحظات في الردهة بعد ان ذهب انتباهه لوقوف والدته وسط الصالة تتحدث بالهاتف و بعض الكلمات وصلت الى مسامعه:

- المحامي قال ان تلك الادعاءات سوف تسقط في حال لم يتواجد اي أوراق تثبت صحتها اذاً كيف تقول ان المحكمة قبلت ببضع كلمات من الادعاء و شهادات غير موثوقة؟! ... ما الذي تتحدث عنه فجأة ديلان؟ اياك و جعل التحقيق او الادعاء يتوصل الى تلك الملفات أتسمعني؟ سينتهي أمرنا أن تم إعادة فتح ملفات تلك القضايا من جديد! 

عقد رايان حاجبيه و قد استمر في الإنصات حالما سمع إسم شقيقه ، التفت نحو الباب المفتوح و لوهلة تردد في التقدم نحو والدته و سؤالها لكن قلقه من كلماتها تلك لن يهدأ ، اغلقت جيما الخط و جلست على الأريكة تحدق بالفراغ في شرود تقضم ظفر ابهامها في توتر ، وقف رايان بقربها متسائلاً :

- أكان ذلك ديلان؟ 

حدقت جيما به بطرف عينها له و انزلت يدها متخدة نفساً عميقاً قبل ان تشارع في الحديث :

- بلى ، لقد تضخمت المشكلة و ... تم فتح بعض ملفات القضايا القديمة بعد تعمق الادعاء العام في قضايا المدير التنفيذي لفرع مانشستر على أنها سوابق .. اذا تم التوصل الى صندوق المال الاسود الخاص بوالدك ... 

وجه والدته الفاتر دائماً ، الخالي من التعابير و المتبسم بتصنع امام الاخرين كانت تصنع ذلك التعبير القلق ، المرتبك و الخائف نوعاً ما ؛ ما يعني ان الأوضاع خطيرة الى حد كبير ، التفت جيما لتواجه ابنها قائلة بنبرة اهدأ :

- ستتأخر عن المدرسة ، سيعود شقيقك و زوجته هذا المساء و سوف نتناقش جميعاً بعد عودته .

كانت تخبره بأن يذهب الآن ، و هو الذي ظل واقفاً للحظات و تفكيره في تخبط بالطبع فليس كل يوم يتم إخبارك ان الأعمال الفاسدة و الغير مشروعة التي قام والدك المتوفى بها ستظهر للسطح بعد كل تلك السنوات ، و تدمر عائلتك.

.

.

.

قد لا يكون بيده اي حيلة لكن لا يعني ان عقله لن يستمر في التفكير ، او حتى التركيز مع الاستاذ او تدوين اي ملاحظات عدا نقره المستمر فوق قلم الحبر اذ حاول ايقاف يده تستمر رجله في الاهتزاز بسرعة مسببة التوتر لمن يجلس بجانبه .

رغم كونهم في معمل الأحياء اي ان الطاولات ملتصقة ببعضها و في مستوى واحد عكس الصفوف ، الا ان الحظ حالفه اذ لم ينتبه الاستاذ الى شروده طيلة الحصة او الى حركاته المُوترة و قام بطرده خارجاً ، فقد انتهى عقابه منذ بضع ايام و لن يرغب في عقاب آخر بهذه السرعة .

انتهى الصف و سارع الجميع في لملمة اشيائهم و الخروج قبل ان يأتي طلاب الصف الثاني ، و على ما يبدو ان رايان الشارد لم ينتبه الى ذلك حتى اتى أحدهم و جلس على الطاولة بجانبه مخرجاً نفساً حاراً من حنجرته ثم نظر اليه قائلاً على الفور  :

- من كان يظن ان حياة العقاب أفضل بكثير؟ لقد تعبت من أخذ الحصص طيلة اليوم .

تذمر جايكوب بملل و هو يعدل من جلسته فوق الطاولة ، لم يرغب رايان بالسؤال او حتى بالتفكير ما الذي يفعله هنا و ما الذي يحمله في جعبته هذه المرة ، بل لم يرغب في رؤيته و تحمل سماجته المزعجة ، و قد بدا ذلك واضحاً من تعابير وجهه التي لاحظتها آليس من بعيد لتحاول كتمان ضحكتها و هي تجمع اشياءها مغادرة.

- هاي يا ابن العم ما رأيك  بأن نخرج الآن و نفتعل شجار آخر؟ ألا تشتاق الى الحجز؟ انه أفضل من وجه استاذ الاحياء ذاك .

استطرد جايكوب مشيراً الى مكان الاستاذ الشاغر و لوهلة ستظن ان هذا الأحمق جاد ، دلك رايان جبينه ثم رمى القلم من يده قائلاً :

- ما الذي تريده بالضبط؟

- ان أسبب لك نذباً في يدك مثل هذا؟

رفع جايكوب كف يده ليظهر أثر لجرح طولي منتفخ قليلاً و أثار الغرز ما تزال بارزة ايضاً ، نظر جايكوب الى كف يده المشوه بألم ثم خبأها خلف ظهره مستطرداً :

- هذا يشعرني بأنني من خرج بأضرار أكثر أو تعلم ما يشعرني بالغضب؟ أنني انا! .. مَن سبب هذا الجرح البشع لكفي! هذا ليس عدلاً على الإطلاق.

طرف رايان مرتين محاولاً البحث عن مغزى من كل الهراء الذي تفوه به ، و بالضبط لا يوجد مغزى و بهذا بالضبط ايضا  ما يجعل كلماته موضع شك لذا حاول رايان الحفاظ على اعصابه متسائلاً اياه للمرة الثانية :

- أدخل في صلب الموضوع ماذا تريد؟

وضع جايكوب كلتا يديه خلف رأسه و ابتسامته تكاد تشق وجنته حينما رد ببساطة :

- لا شيء .. بدوت بمزاج سيء لذا قلت لنفسي لما لا أجعله أسوأ؟ 

رغبتان قويتان اجتاحتا رايان في هذه اللحظة ، الاولى هي لكم وجه هذا الغبي و الثانية ضرب رأسه في الطاولة لعله يتخلص من الفكرة الاولى ، اغلق دفتره و نهض قائلاً على مضض :

- انه الاسوأ منذ ان استيقظت و لقد فشلت ، حاول في المرة القادمة .

- انتظر قليلاً أيها الوغد .

استوقفه جايكوب بإستعجال و قد نزل ليقلب الكرسي و يجلس عليه متكئاً على ظهره ، واضعاً يده في جيبه انصت رايان لما يرغب بقوله هذه المرة و قد أقسم ان كان هراءاً فسيقلبه من فوق هذا الكرسي و يرحل .

لعق اسنانه العلوية و كأنه سيرى تعبيراً يمتعه كثيراً حينما اخبره :

- في بادئ الآمر ظننت أنك لا تريد التحدث عن ذلك لكن اتضح أنك لا تعلم على ما يبدو .. أتعلم ان سول و زوجة شقيقك قد زارونا منذ فترة؟

ذلك كان قد تخطى الهراء بمراحل حتى بات حماقة! لكنها حماقة حقيقية بعد كل شيء جعلت من رايان يصدق ما قاله جايكوب و يكذب حقيقة ذلك ، شيء غير مفهوم بلى ما جعله يعقد حاجبيه و يحدق نحوه بحدة و بالضبط هذا ما كان جايكوب يرغب برؤيته فضحك مكملاً :

- كنت أعلم انك لا تدري! زوجة شقيقك كانت ودودة لكن ..

تغيرت تقاسيم وجهه كلياً ، بات جاداً في ذات الوقت مستنفراً من أمر ما فأكمل من بين أسنانه :

- تعلم ان الودّ و اللطافة غير مهمة وسط هذه العائلة؟ قد يكون ذلك مهم  لوالدتي لكن الطرف الآخر المدعو رولاند؟ اياك و ان تفكر حتى .

انقلبت لهجته من جديد و عادت ساخرة لما؟ لأن الطرف الاخر حنق بما يكفي الآن! تقدم رايان خطوة نحوه و رد بحذر :

- بالتأكيد سيملك الكثير من الأشياء التي سيرغب بقولها حالما يرى أحد أبناء شقيقه الذي كرهه حتى بعد موته.

- لقد كان ثملاً لذا لقد تفوه بالكثير من الحماقة و انا أعنيها رغم كونه ابي ، تجاهلت زوجة شقيقك ذلك و أخذت سول و غادرا فوراً لذا لا تهتم كثيراً .

ابتسامته الساخرة التي عرف بها من كان ليتوقع ان تنقلب يوماً الى صفراء مريرة ، و كأنه أكثر من يكره ما فعله والده اكثر من رايان حتى لذا تابع على ذات الوصال :

- انا لا أعلم و لا أهتم لما باتت هذه العائلة مفككة على هذا النحو المزري ، لكن هذا لا يعني ان هناك سبباً منطقياً لكي يؤذي أحدنا الآخر ... فقط اخبر عائلتك ان تبقى كما هي بعيدة عنا و نحن سنفعل المثل .

حينما تحدث عن الاذية رفع كف يده المشوهة و ابتسم بإتساع ، ان كان يتحدث عن المنطق فلا منطق في كلمات شخص كان منذ قليل يقول انه يرغب في غرس نذب على يده كخاصته تماماً ، اذا ما الذي يعنيه ذلك الآن؟ لم يكن بوسع الطرفان الاستمرار في الحديث أكثر فقد عاد الأستاذ ليبدأ بشرح الدرس للصف الآخر ، لذا اكتفى رايان بالنظر اليه بحذر ثم غادر.

هذا الوغد الذي لن يستطيع اي أحد فهمه ، كلامته تلك تلاعبت في كلا من التعبير و أفكار رايان حتى فهم أخيراً ما يعنيه ،اذا ذلك الكاذب لم يكن له أي يد في المضايقات التي حدثت لسول سابقاً؟ و تهديده ذاك كان فارغاً من الاصل! حتى كلماته تلك منذ قليل عن رغبته في اذيته كانت مجرد تلاعب في الكلام و حسب ، التفكير بكم شعوره بالخداع آن ذاك جعله يعض شفته السفلى و يرغب في لكم الخزائن بجانبه .

زفر رايان بعمق ، ثم دلك جبينه بتعب فقط حتى هذا الصباح و الى الآن سمع ما يكفيه حتى بات عقله يحضر له الصداع من شدة التفكير ، لا يسعه تخيل ما قد يحدث تالياً .

كما لم يسع لآليس تخيل سماع شيء كهذا يقال خلف ظهرها ، و خلف ظهرها حرفياً لا مجازاً ؛ كانت تقلب محتويات خزانتها في ملل تعد الثواني حتى ينتهي دوام اليوم و تعود الى المنزل ، و ان كانت متعبة لا يعني ان حواسها كذلك! أوشكت على إغلاق باب خزانتها حينما قفزت الى مسمعها بعض الكلمات النائبة و اخرى همسات غير مسموعة ، التفت ببطء لترى شابان ينكمشان فوق بعضهما و في يدي أحدهما هاتف و مما بدا أنهما ينظران بتطوق الى شيء فيه .

اغلقت آليس باب خزانتها برفق حتى لا تصدر صوتاً عالياً ، ما كانت لتهتم و تعيرهم اي اهتمام لو لم يتلفظا بإسم جذبها ، اقتربت منهما بهدوء و هنا أخيراً تيقنت مما يقولانه و الا ما ينظران :

- هذا مضحك! الرئيسة المتزمتة و الحازمة تكشف النقاب عن جسدها بكل فساخة من أجل أعلان .. لنتراهن على الف يورو ان استطاع أحدنا الخروج معها .

- فقط لنعطيها هذا المبلغ و سنستطيع الخروج معها معاً ألا ترى أنها جرواً أمام المال؟

كانا يضحكان و لا يكفا عن النظر الى آخر دعاية قدمتها هيذر و ماذا؟ يسخران و يتراهنان عليها و كأنهما حقاً سيخرجان معها! رف جفن آليس و صكت على أسنانها في سخط ، ربما لم ترى ذلك الاعلان بعد لكن سماع تلك الكلمات تخرج من أفواه قذرة كان كافياً ليهز كل خلية في جسدها و أول ما ومض في ذهنها كان ادريان.

لذا سحبت الهاتف بسرعة من بين يديهما مدعية أمساك مخالفة ، حتى ان احد الشابان صاح بها و اقترب منها محاولاً استرجاع هاتفه لكنها أوقفته حينما قالت بحزم :

-و انا ايضاً استطيع استفزازكما بهذا! هذه الرئيسة التي تتراهنان عليها تستطيع ركل مؤخرة كل منكما داخل الحجز لسبع ساعات يومياً و لشهرين .. مع بعض الأعمال الشاقة ايضاً .

قلبت نبرتها الجدية في لحظة الى ساذجة في النهاية ، لتشهد تبرم وجهه و محاولة زميله لتهرب من هذا اخذت نظرة على الهاتف الذي لم يغلق بعد و فلم  تستطع التحكم في تعبيرها المصدوم لوهلة ، قامت بمسح الصورة و كأن ذلك سيشكل حلاً و رمت بالهاتف نحو صاحبه قائلة :

- ان كنت شجاعاً حقاً فأذهب الآن و صارحها بأفكارك القذرة حتى لا تبقيها لنفسك .. اه مهلاً لن تستطيع لأنك ستكون مثل جرو مبلول.

وضعت أطراف أصابعها فوق شفتها السفلى راسمة أكبر ابتسامة مبتذلة ، بينما زميله كاد ينفجر ضحكاً أحس الثاني بالاهانة و تقدم نحوها بغضب و كأن ذلك سيخيفها قائلاً :

- أتسخرين مني الآن أيتها الوغدة؟ ليس جايكوب روتشايلد فقط من يستطيع مد يده عليك ايتها ال ...

أراد ان يمسكها من ثيابها و يخيفها قليلاً لعلها تتراجع و تتأسف مما تفوهت به ، شيء كهذا من المحال ان يراه من آليس باترسون و هي بهذه الحال خاصة ، ابعدت يده كمن يقوم بإبعاد ذبابة ثم ردت بإزدراء :

- انظر الى نفسك أهكذا تهدد فتاة و انت تضع هذا التعبير السخيف؟ لن تقبل اي فتاة بك و انت بهذا الوجه الأحمق .. و الآن لدي ما أقوم به ارحل في الحال.

الأمر بدا و كأنها تأنب طفلاً لتفوهه بكلمات أكبر منه ، و هذا كان الحال حقاً من طالب في السنة الأولى فهي كبر منه على اي حال ، تحركت من فورها تاركة اياه في دهشة من أمره و صديقه يكاد ينفجر ضحكاً ، نسخة ذات جودة سيئة من صداقة جيرمي و جايكوب.

كانت هي بدورها غاضبة ، أعصابها مشدودة و دمائها تغلي ليس من ذلكما الطفلان بل منها! لم تتخيل يوماً ان يصل بها الحال هذا الحد ، قطعاً كانت تظن دائماً أنها ضحية و قليلة الحيلة امام والدتها مع كل صورة او اعلان لشيء ما لكن هذه المرة كان من المحال ألا تمانع الظهور بهذا الشكل الا و هي راضية تماماً ، و هذا ما ظنته آليس .

فترة الراحة ما بين الحصص لذا لن يكون هناك مكان لتذهب اليه على اي حال و بلى وجدتها في صفها تجلس في المقاعد الاولى ،كأي طالب مجتهد تقرأ كتاب ما ؛ نزلت آليس الدرجات ما بين المقاعد على عجل لتقف أمامها بشكل اثار استغراب هيذر فنظرت إليها متسائلة :

- آليس لما انتِ هنا؟

عضت المعنية طرف شفتها السفلى محاولة تهدئة أعصابها و عدم التفوه بكلام جارح ، محاولة! لكنها لم تفلح ، وضعت يدها فوق الطاولة أمامها و بصوت خافت حتى لا يسمع احد حديثهما تحدثت :

- برأيك؟ تجلسين هنا و تقرأين كتاب بكل هدوء و الطلاب في الخارج يتناقلون صورك كأي عاهرة على المواقع المحظورة و يتراهنون عليك بالأموال ، إلى أي درجة بتِ رخيصة هيذر آررتون؟

اغلقت هيذر الكتاب و ابتلعت الغصة التي اعترضت حلقها ، كانت قد اكتفت من سماع الهمسات خلف ظهرها و النظرات البذيئة التي تتفحص جسدها من أعلاه الى أسفله ، لكن أحداً لم يتجرأ و يحدثها بأي شيء عن ذلك الإعلان و آليس كانت آخر شخص توقعت ان يحدثها بإستحقار كالان ، عقدت الفتاة حاجبيها و ردت بجفاء :

- و ما الذي تريدين مني فعله؟ ان أخرج و أمسك كل من يتحدث عني بسوء و أعاقبه بصفتي رئيسة مجلس الطلبة؟ اذا ماذا عن الاشخاص الاخرين حول المدينة و العالم؟ هل سأستطيع أسكات جميع الأفواه؟ ليفعلوا ما يحلوا لهم انا حقاً لا أهتم.

' لا أهتم ' خرجت من حلقها بصعوبة ، لأنها كانت الكذبة وسط الحقيقة ، حدقت آليس فيها مطولاً و غضبها تحول الى شيء آخر ، شيء ترجمته خلال بضع كلمات :

- لا تهتمين اذاً؟ أتعلمين شيء هيذر؟ انا سعيدة لأن ادريان انفصل عنك و وقع لفتاة أخرى ، على الأقل لن يشعر بالمرارة او الغضب بعد رؤيته لتلك الاعلانات السخيفة .

تحدثت بجفاء و في داخلها إحساس بالاسف على ادريان الذي بمثابة اخيها الأكبر ، و على هيذر التي سقطت مكانتها من قلبها ، علمت آليس انها تفوهت بشيء ما كان عليها ان تقوله لكنها حاولت اطفاء خيبتها و غضبها من هيذر و لو عنى ان تجرحها بهذا الشكل .

كانت قاسية على شخص لم تعلم اي صراع تمر به ، لذا لتمحو ذلك الاحساس و حتى لا تشعر بالذنب بعد رؤيته لتلك النظرة التي علت عيونها الزرقاء ،  استدارت آليس و غادرت ماحية اي فكرة متطفلة اخرى و تاركة هيذر من خلفها ترتجف و كأن لحمها يموت كما قلبها الآن ، التفت نحو من كانوا يحدقون فيمها بتساؤل سابقاً قبل ان يتهربوا بنظراتهم و كأنهم لم يروا اي شيء .

انحنت و ادخلت اناملها داخل شعرها و كأنها تخفي ارتجافهما بذلك ، ثم تمتمت بنبرة مختنقة :

- انها محقة .. كنت سأؤذي ادريان كثيراً حينها .

و لذات السبب الذي جعل آليس تنهرها و تجرحها الآن ، انفصل ادريان عنها بذات الطريقة ايضاً .

***************

 طرق الباب مرة واحدة قبل ان يدخل او يسمح لنفسه بالدخول ، كان ذلك على عكس عادته حينما يندفع و يدخل دون اي إعلام حتى تقدم ملحوظ! وقف رايان قليلاً عند الباب ليرى شقيقه خلف المكتب و والدته مع بياتريس تجلسان على الارائك الجلدية امامه بينما جلس اندرو مقابلاً لهما .

اخذ نظرة نحو ساعة الحائط ليرى انها السابعة و الربع اي ان ديلان قد عاد منذ عشرين دقيقة و هاهو يجلس خلف مكتبه مجتمعاً بأفراد العائلة دون ان يرتاح حتى ، اقترب منهم و جلس بجانب اندرو بصمت ، الصمت الذي تشاركه الجميع لبضع ثواني قبل ان تسأل جيما ابنها الأكبر :

- منذ متى و تلك القضايا مرفوعة ضد الرئيس التنفيذي؟ فمن المحال ان يتوصل الادعاء الى تلك الملفات بهذه السرعة! 

زفر ديلان بتعب و هو يدلك جسر انفه ، نظر رايان نحوهما و هو بالكاد يفهم الكثير حتى رد ديلان مجيباً :

- لقد كان أحد المحامين المقربين الى عمي و الى تلك الزمرة التي اتهمت بالفساد سابقاً ، لقد ظل طيلة السنوات الماضية يحاول جمع الادلة و الاثباتات و قد استغل هذه القضية ليبيع معلوماته الى الادعاء العام

- لقد تم تعمد إعطائهم ما بحوزته في قضية كهذه لأن الرئيس التنفيذي لفرع مانشستر كان ذو علاقة قوية بوالدك و لذا كان من الطبيعي الاطلاع على السجلات القديمة ، انها مسألة وقت قبل ان يتوصل اي من التحقيق او الادعاء إلى صندوق المال الأسود .

أكملت تريس نيابة عن زوجها المتعب و هي تعقد يدها بتوتر ، خلع اندرو نظاراته و دلك جسر انفه سائلاً السؤال الذي دار في ذهن الجميع :

- و مالذي أخبركم به المحامي الآن؟ هناك عدة طرق لإخفاء الإرادات البنكية و مصادرها .

نظرت اليه جيما بتقرب ثم الى ديلان منتظرة ماذا سيقول ، لم يرد فوراً بل و لسبب ما حول بصره نحو رايان لوهلة الذي بدا شارد الذهن في شيء آخر ثم اخذ نفساً عميقاً قبل ان يجيب :

- بلى هناك و لكن في وضعنا الآن نحن مراقبون .. او بالاحرى حتى الجلسة القادمة التي ستكون بتاريخ الثالث عشر من ابريل ، لذا سيكون علينا اخفاء اول خيط و هو الاسهم ذات الأسماء الوهمية ، و في هذا الوضع الحساس لا يمكنني بيعها او حتى تسجيلها بأسمي لذا ...

اعاد النظر الى شقيقه الذي انتبه اخيراً الى ذلك ، و في ذات اللحظة حطت انظار الجميع عليه عدا تريس التي تعلم السبب و كلا من جيما و اندرو لما يفهما سبب تحديق ديلان فيه حتى تحدث ساخراً :

- كل عام و انت بخير أخي ستكون هدية عيد ميلادك هذه السنة ضخمة جداً ، عليك الاستعداد لتصبح مساهماً في المجموعة ايضاً .

في البداية لم يفهم ما كان يعنيه فقعد حاجبيه و نظر نحو تريس التي ابتسمت بدورها و هي تستند على ذراع الاريكة ، في حين ان جيما صمت تماماً و بأندرو يفغر فاهه بعد ترجمة عقله لكل شيء ، عدل نظارته من جديد و علق على كلمات ديلان :

- سيدي الرئيس فلتسقم ان الحظ لم يسبق له و ان حالفك بهذا الشكل! الجلسة القادمة في الثالث عشر من ابريل اي ان الفارق ثلاثة أيام فحسب!

اتسعت ابتسامة ديلان بخبث ، طرف رايان عينيه بعدم فهم قائلاً بإنفعال :

-انت لن تستخدمني ككبش فداء أليس كذلك؟

لكن ديلان ضحك ، ما جعله يتيقن ان شقيقه قد انهار عقله من التعب او انه قد جُن فقط ، استلم اندرو التوضيح هذه المرة له و للجميع مختصراً :

- لا لأنه و ببساطة سيكون هناك مالك لتلك الأسهم حينها و لن تعد احدى وسائل التهرب الضريبي ، و لأنك ستبلغ الثامنة عشر في العاشر من ابريل سيكون من الطبيعي الحصول على أسهم و أسم في المجموعة اضافة الى السماح لك بممارسة اي نشاطات اعمال دون رقيب.

بدأت ملامح رايان ترتخي فقد كان قد نسى أمر عيد ميلاده تماماً ، اخذ لمحة على والدته التي كانت صامتة و بصرها نحو الارض تفكر بعمق ، تنهد بقلة حيلة و تساءل بهدوء :

- و كم قيمة تلك الأسهم؟

تكونت عقدة بين حاجبي ديلان مجرياً حساباته ، في حين ان اندرو كان قد سكب لنفسه كوب ماء و تجرعه في الوقت الخاطئ ، اجاب ديلان بتشكيك :

- مع القيمة السوقية الحالية يبدأ سعرها من مئتي الف دولار الى ثلاثة ملايين و ...

بصق اندرو الماء دون قصد و قد شكر بُعد المسافة بينه و بين جيما فلا يسعه تخيل ما قد يحصل حينها ، التقطت منديلاً ورقياً ثم حمحم و كأن شيء لم يحدث تكلم بلهجته المعتادة :

- آسف ... تلك الأسهم تمثل فقط خمسة بالمئة و كما ان السوق يشهد انخفاضاً هذه الايام اي مع بداية طرح المشاريع الذي من المخطط بدأها في الربيع ستترتفع القيمة السوقية لأسهم الشركة و قد تبلغ قيمتها حتى العشرين مليون! 

- بالضبط! لذا ان تم الحصول على اي مستند يفيد ان تلك الاسهم لا تمتلك اصحاباً لن يسعنا الفرار من تهمة التهرب الضريبي مع مبلغ يقدر بعشرين مليون دولار!

ردت جيما مؤكدة بعد صمت طويل من التفكير و قد بدت مؤيدة لتلك الفكرة بشدة فبعد كل شيء سيدعم ذلك قراراها بجعله يخلف مكانها ، احس رايان بالصداع مع كل كلمة معقدة و يتفوهون بها و رغم فهمه لكيفية سير الأعمال إلا انه الآن عانى من بطء في الاستيعاب مع كل جملة ، و لا أحد يلومه فقد بلغ عقله الحد اليوم من شدة التفكير .

لذا نهض من مكانه و قد شعر بالصداع يضرب رأسه كالمطرقة قائلاً و هو يضع يده في كلتا جيوبه :

- اذا كان هذا هو الحل الأنسب فلا أمانع من ان أصبح مليونيراً دون اي مجهود ، لكن ذلك لا يعني انني سألتزم بأي أعمال او ما شابه مازلت طالباً بعد كل شيء.

- أعلم هذا و ما هو الا اجراء فقط لنضمن عدم وجود اي ثغرات قد تستعمل ضدنا ، سيبقى الحال كما هو حتى تقرر ما ان كنت تنوي الانخراط في هذا المجال ام لا .

هز ديلان رأسه مؤكداً لأخيه عدم ادخاله في هذه الساحة الا اذ لم يكن بإرادته ، دلك رايان صدغه دون ان يتخلص من صداعه :

- يجب ان ادرس في هذا الوقت سأعود الى غرفتي الآن .

كان فقط يتهرب لا اكثر فقطعاً وسط موضوع مهم و حساس كهذا ما كان ليفكر بالدراسة ، لكن اذ لم يحضى ببعض الهدوء فقط مع نفسه و في غرفته دون وجود لأي أحد ؛ فلن يستطيع الاستمرار في الاستماع الى حديثهم عن المجموعة و العائلة دون ان يفقد أعصابه .

لهذا دون ان ينظر الى اي أحد غادر المكتب و ها هو يستلقى فوق فراشه و يحدق بسقف ، يعد النقاط المنقوشة على الثريا كوسيلة للتخلص من تفكيره الزائد و الفرار من الصداع ، لم يعلم بمرور الوقت الا بمجيء سول اليه ككل ليلة ، تقف عند الباب قليلاً و ابتسامتها الطفولية مرسومة على شفتيها ثم تقدمت من تلقاء نفسها و استلقت بجانبه على الفراش ، جفونها مسدلة و النعاس تمكن من معالمها الجميلة و بنبرة تمكن منها النعاس قالت :

- ايقظني مبكراً غداً .. تصبح على خير أخي .

التفت اليها بعد لحظات و قد أراد ان يطرح عليها سؤالاً لكنها كانت بالفعل قد غفت ، احياناً ترعبه سرعة غطها في النوم هذه و السؤال الذي رغب في طرحه عليها وجد إجابته اذ سمع بصوت سقوط شيء ما من على مكتبه ، من بين جميع الاماكن في الغرفة لم تجد شيرو مكاناً أفضل لنوم من كتب رايان المفتوحة على المكتب .

***************

الأجواء مازالت باردة رغم ان الشتاء انتهى منذ زمن و الثلوج المكتسحة كل شبر في الخارج ذابت ، كما يذوب الاحتلال مهما طال و يختفي مخلفاً الخراب فقط الأمل المزروع في الصدور وحده القادر على إحياء الركام ليصبح زهوراً ، كما يحيّ الربيع الأرض من جديد. 

و ها قد بدأت الأغصان اليابسة بإستعادة وريقاتها حتى عادت اشجاراً ، كانت قادرة على سماع حفيفها متمايلة مع الرياح هنا و أمام أسوار المقبرة وقفت آليس و في يديها باقة زهور بيضاء و من مكانها هذا كانت تستطيع رؤية كل مشتاق يقف أمام قبر فقيده اما يشاكيه او يصلي ليرقد في سلام .

حاولت تشجيع نفسها بهم ، انها ايضاً ستدخل مثلهم و تضع هذه الأزهار على قبره و تغادر فقط لتطفئ لوعة الاشتياق في قلبها ، لكنها لم تسطع فحتى و مع وقوفها خارج أسوار المقبرة كانت ترتجف و تتصب عرقاً ؛ رمقها جاف و بحلقها كالرمال اغلقت جفونها و اخرجت نفساً عميقاً ثم حدثت نفسها :

- لا يمكنك الهرب من هذا الى الابد عليك تخطي خوفك آليس .. سيأتي اليوم الذي سيحتضنني فيه هذا المكان لكن ليس الآن و لا لاحقاً بل .. بعد زمن بعيد جداً اجل زمن بعيد اما الآن فسأدخلها زائرة فقط! سأدخل و أخرج منها الأمر بسيط .

تنفست بعمق و أخذت تتقدم رويداً رويداً معيدة تكرار ذات الجملة في رأسها " ستدخل زائرة فقط ثم تخرج " لم تنتبه الى باقة الورود التي تجعدت بين يديها المرتجفة و لا تنفسها الذي بات يعلو مع كل خطوة ، لم تكن تعلم اين يكون قبره لذا تحتم عليها البحث عنه .

لم تستطع قطع نصف المسافة حتى ،  حينما توقفت و بعدما جذب انتباهها الزهور الحمراء حول قبر ما تصنمت مرتجفة حالما قرأت الاسم المنقوش على الشاهد ، اصطكت اسنانها و كادت ان تدمع متوسلة الحياة ، و صاحبة ذلك القبر حملت ذات أسمها .

قدرتها على قمع خوفها أكثر بلغت ذروتها ، و انكار ان هذا المكان سيكون بيتها الثاني في اي لحظة كان فاشلاً، في اللحظة التي يقرر فيها قلبها الضعيف التوقف عن الخفقان ستبقى هذه حقيقة حتمية لا أكثر و كما كانت تفر هاربة من تلك الحقيقة فرت الآن من هذا المكان ، ركضت عائدة من حيث أتت و بهذا تكون هذه ثالث باقة زهور بيضاء ينتهي بها المطاف ملقاة وسط القبور كتعزية لكل قاطنيها .

انفاسها المتسارعة كانت نتيجة خوف مقيم و ركض دون سبب ، حتى غادرت ذلك المكان وقفت أخيراً و هي تلتقط أنفاسها و يدها تقبض فوق قلبها الذي يخفق مسبباً لها الألم ، استقامت بعد برهة و التفت نحو السيارة الحمراء المركونة على يمينها ، بعثرت غرتها و لا تدري أي عذر ستختلق لإدريان بعد تكبدها العناء في اقناعه ليأخذها الى المقبرة حتى تستطيع زيارة قبره قبل ذكرى وفاته .

فتحت باب السيارة و صعدت بجانبه دون ان تقول اي كلمة ، و وجهها كان كافياً ليشرح له كل شيء ، ادار ادريان المحرك و قبل ان يتحرك تحدث و هو يضع حزام الأمان :

- لم تستطيعي دخول المقبرة؟ 

التفت اليها لعلها تجيبه لكنها لم تفعل ، كانت تخفض رأسها و تعقد يدها فوق حضنها بقوة ، تنهد ادريان بيأس ثم استطرد مكملاً :

- لعل خوفك هذا أزداد بسبب تلك السيارة التي كادت تصدمك قبل أيام ، لكنك حية! و هذه هي الحقيقة الوحيدة التي عليك ادراكها أكثر من اي شيء آليس .

استطاع جذب انتباهها اليه ، حتى استطاع النظر في عينيها مباشرة ؛ داخل قطعتيّ الزمرد اللتان ترتجفان ذعراً في هذه اللحظة ، وضع يده فوق كتفها مواسياً أكمل :

- لذلك أطردي اي فكرة عدا هذه من رأسك ، و لطالما تتنفسين و قلبك ينبض لن تدخلي ذلك المكان دون ان تخرجي منه لاحقاً.

- لقد حاولت ...

أعادت اخفاض رأسها نحو الأسفل و صوتها المهزوز آلمه ، باحت بما كان يعتريها منذ لحظات :

- حاولت أقناع نفسي بذلك ، و ان حياتي مازلت طويلة و بإمكاني العيش لأطول مدة ممكنة لكن ... 

لم تستطع ان تكمل ، لأنها و لأن فعلت فستخرج دموعها قبل كلماتها و هذا أكثر شيء تكرهه بعد فكرة الموت تلك ، لذا اشاحت بوجهها نحو النافذة و لم تكمل ، كما لم يحاول ادريان الضغط عليها أكثر و التحدث عن هذا الأمر .

حرك عجلة القيادة قاطعاً الطريق ليعودا الى المنزل معاً ، و في منتصف الطريق زفر بإنزعاج و هو ينظر الى ساعته :

- زحام ما بعد الظهر ، ان تقدمنا فسنعلق في الزحام ...

التفت نحو النافذة فوقع بصره على لافتة مطعم فراودته فكرة ، ركن سيارة بجانب الرصيد و قبل ان يطفئ المحرك التفت نحو آليس و هو يشير بإبهامه نحو النافذة :

- ان علقنا في الزحام فلن نستطيع الوصول على موعد الغذاء فما رأيك بتناوله خارجاً؟

كانت نبرته سؤالاً و لكنه في الحقيقة  قد أتخذ قراره بتناول الغذاء هنا ، بادلته آليس النظرات بأعين باهتة و قد لاحظت لهفته الى جوابها فهزت كتفيها كعلامة لعدم رفضها ، اتسعت ابتسامته و اخرج محفظته قائلاً و هو يعد ما بحوزته من مال :

- من حسن الحظ أنني أحضرت معي محفظتي بإمكانك طلب اي طبق على القائمة مهما كان سعره .

لم ترد او حتى  تسخر من كلماته فستكون ممتنة مع وجود طبق من السلطة فحسب ، لم تكن تحب المطاعم او المقاهي و سبب ذلك هو قوائم الطعام تلك فالبحث عن طبق يلائم نظامها الغذائي كالبحث عن ابرة في كومة قش مع العلم ان لاوجود لأي إبرة في تلك الكومة ، ما كانت لتختار اي شيء عدا كوب ماء لو لم ينتهي الأمر بطلب ادريان لها .

- لا يمكنني تناول ما طلبته ادريان ، انت تبذر أموالك في شيء لن يؤكل!

- لن يحدث شيء ان كسرتي نظامك الغذائي لمرة واحدة آليس ، هيا الأمر يستحق التجربة. 

حدثها و هو يقلب عينيه من مبالغتها تلك ، لو كانت تهتم بأدويتها و حالتها النفسية كما تهتم بنظامها الغذائي لكانت بصحة أفضل منه حتى ، اشار الى طبقها و حثها لتناوله في حين شارع هو قبلها ؛ نظرت آليس الى قطعة اللحم الدسمة و بعض الخضروات موضوع على الجانب لزينة ، ترددت قليلاً لكن أعين ادريان التي تكاد تخترقها جعلتها تستسلم في النهاية .

كانت تتناول طعامها ببطء مستمعة الى ثرثرة أدريان التي بدا و كأنها لن تنتهي ، في بادئ الأمر لم تكن تتكبد العناء في الرد عليه عله يخرس لكنه يأس منها و صار يحدث نفسه! وضعت الشوكة جانباً و اخذت تسترق النظر اليه قليلاً ، أهو يحاول تلطيف الاجواء قليلاً لا أكثر؟ اذا لما يتحدث عن أمور تافهة لا معنى لها و كأنه لا يهتم ما ان انصت آليس اليه أم لا .

تنهدت في النهاية و قد بدأت تفهم ما الذي يحدث معه ، امسكت بكوب ماء و مدته اليه وسط تساؤله من ذلك و فقالت له بهدوء :

- ادريان لقد انفصلتما بالفعل و منذ وقت طويل لذا لا تمتلك اي حق في الغضب منها او حتى الغيرة .

شعر بعدم الارتياح فقد كشف أمره و حاول التهرب من النظر في عينيها ، لكنه لم يستطع منع نفسه من الاستياء و الغيظ قائلاً :

- أعلم أعلم! .. لكن آليس تعلمين أنني أكره الكذب! في ذلك الوقت أخبرتني ان والدتها قد زورت تلك الصور حتى تجعلني أنفصل عنها و الآن ماذا؟ هي لم تتخطى الثامنة عشر حتى تقول انها حرة و واعية لما تفعله.

بلعت آليس رمقها و قد شعرت بتقلبات مزعجة في ماعدتها إثر هذا الطعام الدسم ، تذكرت تعابير هيذر اثناء قولها لها ذلك كما تذكرت كلماتها ألا مبالية حينها ؛ لقد شعرت هي بالغضب منها فما بالك بإدريان! كانت تدرك بأي نظرات كان يختصها بها هي فقط بأي صدق او حب منحه لها حينها ، و حتى بعد مرور كل هذا الوقت لم يستطع قلبه نسيانها مع ظنها بأنه قد بدأ علاقة جديدة منذ فترة. 

- ادريان فقط انساها ، انها عارضة كالأخريات ستفعل ما يتطلب منها فعله ، كلاكما في الطريق المضاد للأخر لذا توقف عن مراقبتها و انسى أمرها كلياً .

انها محقة ، و تلك الحقيقة ازعجته و لم يرقه كونها تعاتبه بدل من مواساته ؛ لذا علق ساخراً بتسرع و دون تفكير و هو يقلب الشوكة فوق الصحن :

- تخبرينني بأن أنساها و أنتِ من لم تستطع تخطي موت لويس و مازلتِ تهمين في طيفه ، فكيف تردين مني نسيانها و انا أرى صورها و أسمع صوتها في الدعايات اينما ذهبت؟

لم يدرك حماقة ما تفوه به الا بعد فوات الأوان ، وقعت الشوكة من يده و اختلطت تعابيره بين ندم و دهشة مما قاله كذلك ضاق صدره بعد رؤيته لصدمة في عيني آليس ، حاول الأعتذار من فوره و التبرير لكنها نهضت على عجل ممسكة بالمنديلة على الطاولة :

- سأعود بسرعة .

غطت فاهها بالمنديل و توجهت نحو دورة المياه في عجلة ، ماعدتها كانت مضطربة بالفعل و تناول طعام دسم كان خطأ فادحاً و ضريبته انها كادت تتقيأ احشائها ، حتى طعام الفطور الذي لم يهضم كلياً بعد ما كان ليحتاج لذلك فقد استفرغته هو كذلك ، أمسكت بالحوض بأيدي مرتعشة و بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها .

الطعم الحامض الحار في حلقها لم يزل حتى مع غسلها لفمها عددة مرات و ما كانت لتخرج قبل ان تتخلص من ذلك الطعم الذي يقرفها كلياً لو لا ان نداء ادريان لها من خلف الباب محذراً اياها بأنه سيدخل ان تأخرت أكثر .

خرجت آليس و رأسها في الأرض دون ان تمتلك اي رغبة في النظر اليه ، لكن ادريان الذي تتضاعف قلقه امسك بكتفيها برفق متسائلاً بتوتر :

- هل انتِ بخير؟ ما الذي كنتِ تفعلينه في الداخل؟ أ تشعرين بضيق في التنفس؟

هزت رأسها بالنفي على أسئلته عله يتفهم ، لكنه لم يبرح السكوت فحاول الاعتذار و التعبير عن ندمه من فوره :

- آليس اعتذر حقاً لم أقصد قول ذلك لقد كنت منزعجاً فحسب سحقاً يا لي من أحمق! لقد كنتِ محقة حسناً و ...

- هذا يكفي ادريان لستُ غاضبة منك ، لنعد الى المنزل لقد أكتفيت من طعام المطاعم اشتقت الى طبخ مولي و ...

قاطعته و هي تنزل يديه من على كتفيها متخذة خطوة قبله ، استطردت دون ان تنظر اليه حتى :

- انت ايضاً كنت محقاً ، كان عليّ ادراك ذلك قبل ان أحاول الدخول رغماً عني المقبرة .. أعتقد أن علي الاكتفاء من المحاولة و التوقف عند هذه النقطة ايضاً.

لم ترد منه ان يرى عيناها المكسورة ، او ذلك الألم الذي يعصر معالم وجهها و هي تقول ذلك ، فقط وضعت جام قوتها لجعل نبرة صوتها تبدو طبيعية ثم غادرت المكان قبله ، شد أدريان شعره بقوة و قد أراد ضرب جبهته في الحائط لما تفوه به من كلام غبي ، وضع المال فوق الطاولة ثم لحق بها على عجل بدل من ان يكون هو المستاء و مكسور القلب هنا قام بكسر قلب من حاولت نصحه و مواساته .

.

.

.

النسمات الرقيقة و أشعة الشمس الدافئة دخلت من نافذة غرفتها المفتوحة ، بدا و كأن دهراً قد مضى منذ ان شعرت بحرارة خيوط الشمس الهواء النقي يعقم غرفتها دون ان تنزعج من البرد .

فتحت خزانتها لتعيد توضيب بعض الثياب ، لكن معطفه كان أول شيء أعترضها و كأنه يرغب بإضافة ثقل آخر بعد الثقل الذي حمله عليها منذ ذلك اليوم .

او قبل بضعة يومين؟ حينما أخيراً قررت اعادة معطفه اليه و التوقف عن التشبث به كالطفل الذي يتشبث بحلوة غيره ، طوته جيداً واضعة اياه داخل كيس ورقي و حتى لا تلفت الانتباه انتظرت حلول الإستراحة لتطعه اياه في مكان بعيد عن أعين الآخرين ؛ التي باتت تلاحقها كثيراً منذ شجارها مع ريتشل .

فلم يكن وقوفها الآن وسط صف الموسيقى محاطة بالالآت الموسيقية من فراغ ، وضعت الكيس جانب كرسي البيانو لتسمح لأناملها بأن تمسح فوق المفاتيح بخفة ، كررت ذات الامر لكن مع القليل من الضغط ليصدر صوت من تلك الآلة العمالقة .

تقوست شفتاها في ابتسامة صغيرة متخدة نفساً عميقاً فتسللت رائحة خشب الصندل و الزيت الى انفها ما يعني ان هناك بضع من الآلات مازالت حديثة و أخرى تمت صيانتها منذ فترة وجيزة ، اتجهت نحو النوافذ لتسمح للهواء بالتجدد و التخفيف من ضغط رائحة الزيت و الورنيش تلك .

نظرت آليس نحو ساعتها بضيق ، أخبرته بأن يأتي خلال عشرة دقائق و ها هي تكاد تنتهي ، ضربت وجنتيها ثم نظرت الى الكيس قائلة :

- ان سألني لما تأخرت بإرجاعه فماذا أقول له؟

حاولت البحث عن عذر او ' كذبة ' لتأخرها في إعادة معطفه اليه لتظيفها الى قائمة الكذبات التي نطقت بها منذ ان تعرفت عليه ، هزت رأسها و في قلبها يقين بأنها ستسطيع اختلاق كذبة في بعض ثواني فقط ستفعل ذلك حينما تحشر في الزاوية كالعادة .

جلست على مقعد البيانو منتظرة ، و في كل دقيقة تمر كانت تزفر بضيق و انزعاج من تأخره ؛ جذبت انتباهها الورقة الموضوعة فوق المفاتيح و حالما قرأت النوتات المنقوشة فوق خطوط غير مستقيمة ابتهجت لتعرفها على المقطوعة ، طرقعت أصابعها قائلة بإعجاب :

- آخر شخص عزف هنا يمتلك ذوقاً رائعاً .

اخذت نفساً عميقاً ثم ضربت برفق فوق المفاتيح البيضاء ، ضربات منفردة مطيلة ابقاء اصابعها فوق المفاتيح حتى يطول الصوت الى ان يتبدد ، تلك كانت الافتتاحية حتى انسابت اناملها في الضرب فوق المفاتيح بكل سلاسة لتنسج لحناً هادئ ،  دافئ ، جعلها تسترخي كما يجب ان تكون .

مقطوعة عصرية و فريدة من نوعها ، لم تحمل اي تكلف او اقترنت بالخبرة و الاتقان ؛ بل و إرتبطت بشيء أعمق من ذلك بكثير ، ارتبطت بالاحاسيس و الشاعرية كما يجب ان تكون فلم تكن آليس تضغط بقوة او بسرعة او حتى كانت تبدل بين مواقع اناملها فكل شيء رقيق في هذه المقطوعة لذا عليها ان تنجرف معها و تكون رقيقة على المفاتيح ايضاً .

انسجمت مع العزف كما هو الحال معها دائماً فلم تكن تبالي بالعزف لوقت طويل و هذا ما كان يجعل لوريندا تغضب عليها مسببة لها الازعاج ، تعكرت تعابير آليس حالما تذكرت هذا الأمر لكن لا وجود الى لوريندا هنا! كما ان صف الموسيقى مفتوح دائماً لمن يرغب في التدرب اذا لن يوقفها أحد .

نست الغرض من مجيئها الى هنا و لشدة انسجامها و علو صوت البيانو ، سمعت فقط صوت شيء يوضع خلفها خفت سرعة عزفها و في نيتها الالفات للخلف كرد فعل طبيعي لكن الاحساس بشخص يستند على ظهرها أدهشها ، و رأسه الذي ارتاح على كتفها جعل من قلبها يخفق .

توقفت اصابعها عن العزف و بالكاد استطاعت الالتفات للجانب ، لكنه كان كافياً حتى ترى شعره الأسود يقارع سواد سترتها فوق كتفها ، أرادت الحديث لكن صوته أتاها قبلاً :

- أكملي العزف .. و ان أنتهت كرري عزف البداية ، انها جميلة .

لم تكن نبرته كما اعتادت على سماعها في الاحوال العادية ، كانت عميقة و راكزة مجهدة و امتلكت بحة خفيفة ؛ لم ترد التفكير في سبب جعلها هكذا لم ترد التفكير بأي شيء ، اخذت نفساً حتى يختفى جفلان جسدها من حركته المفاجئة و استرسلت في العزف مجدداً .

اغلق رايان جفنيه و لم يرد ان يفتحهما حتى تنتهى آليس من العزف ، الدقائق التي تمر عليه وسط الظلام و احساسه بالنسمات اللطيفة من الخارج و غرقه في كل نوتة من هذه المقطوعة سيكون كفيلاً بجعل ذهنه يستجم كذلك ، كان يسند بظهره عليها و برأسه على كتفيها الأيمن دون ان يأخذ الإذن لإقتحامه مساحتها الشخصية او الإذن لأخذ راحة قصيرة على كتفها .

فقد كانت مقاطعتها لأخذ الإذن جريمة في حق هذه المقطوعة ، لذا تصرف من تلقاء نفسه و قرب كرسياً من خلفها ليجلس عليه يتكئ على ظهرها ، ابعدت آليس بصرها من فوق المفاتيح قليلاً نحو الجانب دون ان تسمح له بأن يشعر بإلتفاها ، تنهدت بعمق و حاولت إبقاء تركيزها على البيانو لا عليه ، لكن ذلك ضرب من المحال.

كررت عزف بدايتها مجدداً من أجله وصولاً الى المقطع الذي توقفت عنده منذ قليل حينما شعرت به يسند عليها ، ابعدت يديها من فوق البيانو و ظلت صامتة لا تدري ماذا ستقول او ما ان كان هو يرغب بقول شيء ما او لا ، مرت لحظات الصمت وسط النسمات الدافئة من النافذة حتى وصلها صوته متسائلاً :

- ما إسمها؟

عقدت آليس حاجبيها حتى فهمت انه يقصد المقطوعة ، وضعت يد واحدة فوق البيانو من جديد تضغط فوق مفاتيحه بعشوائية مجيبة :

- غيوم بيضاء ، مقطوعة عصرية من تأليف الايطالي لدفيكو إناودي .

توقفت عن العزف بعشوائية و التفت قليلاً نحوه مسترسلة في الحديث :

- انها مقطوعتي المفضلة بعد سوناتا القمر المضيء لودفيغ فان بتهوفن .

على عكسها كان يعلم القليل من تلك الاشياء المتعلقة بالموسيقى و الموسقيين العظماء ، لذا استمع اليها بإهتمام و هي تروي له بشغف :

- كان بتهوفن في ذلك الوقت يسير في شوارع إحدى القرى مع صديقه العزيز ، قيل ان القمر في تلك الليلة كان ساطعاً كبيراً جداً و مضيء فلم يحتج اي أحد في تلك الليلة لسير حاملاً اي مصابيح زيتية ، و اثناء سيره شاهد فتاة تعزف احدى مقطوعاته لكن بشكل سيء جداً .

- و قد اعتبر عزفها اهانة في حقه صحيح؟

ابتسمت آليس بذهول فكادت ان تضحك قائلة :

- و هل كنت تعلم ان بتهوفن كان شخصاً مغروراً و يعتز بنفسه كثيراً؟

هز رايان كتفيها كعدم علمه ، و بصره ما زال مثبتاً في السقف فرد :

- كان مجرد تخمين فحسب .

- بلى اعتبر عزفها الركيك ذاك اهانة في حق عبقري مثله .

قلب رايان عينيه من نعته بالعبقري ، و رغم عدم علمه بأي شيء عن بتهوفن ذاك الا انه بدأ لا يطيق شخصيته منذ الآن ، استمع الى بقية القصة دون ان يعطي رأيه :

- طرق منزلها و قد سمح له معلمها آن ذاك بالدخول لكنه لم يتوقع انه سيصدم ، لقد كانت عمياء و رغم ذلك كانت تبذل قصار جهدها للعزف بشكل أفضل ، وضع بتهوفن آن ذاك على نفسه عاتق مساعدتها طيلة ايام بقائه في هذه القرية كما لم تعلم تلك الفتاة ان أيقونة الموسيقى تقف أمامها ابداً ....

- كيف الهمته تلك الفتاة في صنع تلك المعزوفة؟

صدر من حلقها صوت يدل على انزعاجها ، هزت آليس كتفها الذي مازل يستند عليه قائلة :

- ان صمت و استمعت اليّ بهدوء فسأخبرك! 

- حسناً اعتذر .

سمعت صوت كتمته لضحكته لكنها تجاهلته مكملة :

- في ايامه الاخيرة في الريف غادر منزل الفتاة على عجل و ظل لحد يوم رحيله في منزله يقوم بالكاتبة و التعديل على هذه السوناتا حتى لا ينساها كذلك ، في يوم رحيله كان القمر كاملاً و منيراً لذا سميت بهذا الإسم. 

زم رايان شفتيه و قد بدت هذه الرواية شاعرية الى حد ما لكنه لم يتوقع ان الجزء المأساوي منها سيظهر حينما اكملت آليس ، صوتها بات أضعف مهزوزاً :

- كان قد عقد العزم العودة الى تلك الفتاة حالما يتفرغ حتى يتبنى موهبتها لكن ، لم يضع في الحسبان انه قد يصاب بالصُمم يوماً ، لقد كان بتهوفن مثالاً للكوميديا السوداء فقد سرقت الموسيقى أغلى ما يملك .

استقام رايان بظهره ثم استدار نحوها هي ما كانت تجلس خلفه معطية اياه ظهرها ، كانت مجرد قصة لأحد الشخصيات الفنية المعروفة لكن نبرتها و طريقة سردها للجزء الأخير أشعرته بالضيق ، لكن ما قالته تالياً كان له وقع أكبر بكثير :

- الأمر اشبه بأن تحب شخصاً بكامل جوارحك ، ثم يغادر و معه قلبك دون ان يترك لك فرصة لتحب غيره.

التفت آليس للجانب و رمقته من زاوية عينها ، و كأنها لا تجرأة على ان تنظر اليه مباشرة ؛ بلى و كما سرقت الموسيقى سمع بتهوفن قام هو بسرقة قلبها دون ادنى فرصة لإرجاعه ، بهذه الحقيقة المرّة خشت آليس النظر اليه و كأنها تعلم عن علمه بأمر لويس .

و هذا ما جعل من تعابيره تبهت و بصدره ينقبض ، تعاطفاً عليها ام شيء آخر غيرة كانت أم خيبة؟ لفترة ما كان قد تناسى حقيقة انها أحبت شخصاً و هو الآن غير موجود في هذا العالم فكم يؤلمها ذلك كل يوم؟ الى اي مدى يطاردها طيفه و تهيم في ذكراه منذ ذلك الوقت؟ فمقارنة بحجم الألم و البؤس الذي خلفه لها لا يحق له الشعور بأي شيء كالخيبة او الغيرة ابداً .

فإن أراد فعل شيء ما لها تحت هذا الوضع هو ان يجعلها تثق به و تسند عليه ، لكنه هو من استند عليها مجدداً ، يال تهرب الرجال من المسؤولية! 

الصق ظهره بخاصتها من جديد ، بشكل مستقيم حيث كان فعلياً كتفيه تلامسان مؤخرة رقبتها ؛ رفع رأسه للأعلى ثم نقر رأسها من الخلف قائلاً :

- و هل استسلم بتهوفن في لإصابته؟ أجزم أن شخصاً مغروراً مثله يفتخر بفنه و موسيقاه ان يقف مكتوف الأيدي لمجرد اصابته الصمم! 

شعرت آليس بالتردد في الإجابة رغم كون الأمر لا يعنيها و لكن ، أحست و كأنه يسألها هي لكنها اجابت نيابة عن بتهوفن :

- لا .. بل في أوج مرضه ألف أشهر مقطوعاتها و أروعها تحت عنوان نحو البهجة ، و اثناء ضعف سمعه ألف خمسة رباعيات وترية و ستة سوناتات احداها هي القمر المضيء اعتقد ...

ضربت فوق مفاتيح البيانو بعشوائية مجدداً و أعينها الزمردية شردت في اعتقاد ما ، الحرارة التي اجتاحت صدرها و الإرتياح و الشغف لكل حرف كانت تتلوه منذ قليل و حتى للمحادثات الخيالية التي كانت تدور في رأسها بينهما جميعها دلالات على ان اليأس لم يعد في أول صفحة من قاموسها كما كان ، لذا استطردت معنية نفسها قبل بتهوفن :

- ان فخره و غروره ذاك كان الدافع ليستمر و بقوة في عمله سواء ان كان ينتهز الفرصة قبل ان يفقد سمعه كلياً ام كرهاً لأعين من يشمتون به ، و الشيء الوحيد الذي أوقفه و هزمه في النهاية هو الموت.

شعرت برايان ينهض بعد ذلك و لأن نهوضه كان مفاجئاً كادت ان تقع على ظهرها مغير مدركة لكنها كانت تستند عليه بدورها ايضاً ، وقف بجانب البيانو ليجرب احساس الضغط فوق المفاتيح قائلاً و هو يعبث بالمفاتيح البيضاء عشوائياً :

- لقد أستمر حتى النهاية رغم ان الحياة خذلته عدة مرات ، أشعر و كأن وراء قصته عبرة و لكني لا أعلم ماهي .

فغرت آليس فاهها و حدقت فيه لبضع لحظات ، في النهاية ضحكت عليها ام عليه ضحكت و قد شعرت بكم هائل من الحماقة حتى و ان كان يمزح ، تنهدت بعد ذلك بتعب و ارتمت على البيانو ليصدر أصوات متعددة ، نظرت اليه من موقعها ذاك فقالت بعصبية مرهقة :

- لو كنت أعلم أنك لن تفهم اي عبرة او مغزى من هذا لما أتعبت نفسي بالشرح! 

- خيبة أمل صحيح؟ أعلم ، أكره صفوف الادبيات و الفلسفة و غالباً ما أنام فيها .

استمر باللعب بالبيانو و عبر عن نفسه ساخراً رغم كون درجاته تقول العكس ، و بالضبط نظرات آليس و حاجبيها المرفوع كانا يتسألان عن ذلك ؛ اعاد رايان يده الى جيبه مشيحاً بنظره حتى وقع على الكيس الورقي بجانب الكرسي و كأنه يلمحه لأول مرة ، اشار اليه بقدمه مستغرباً :

- هل كان هذ الكيس هنا منذ البداية؟

استقامت آليس بجذعها فوراً متذكرة السبب الرئيسي من مجيئها لهنا و أعطيه الكيس ، ابتلعت رمقها و قد أحست بالحرج قليلاً مجيبة :

- أجل لقد أحضرت اليك معطفك ، أ .. أعتذر عن التأخير فقد أرسلته الى المغسلة حتى لا يتلف .

لطالما كانت واثقة من موهبتها في الكذب في الأوقات الحرجة و بالضبط لم يخب ظنها ذاك ابداً ، التقطت رايان الكيس متفقداً محتواه ثم مده اليها قائلاً بعدم مبالاة :

- لا بأس ما كان عليك إرجاعه على اي حال.

- و هل تقول لي أن أحتفظ به؟

كان ذلك مفاجئها قليلاً ، رفعت آليس حاجباً و هي لا تفهم ما يقوله و قد ازداد ذهولها ذاك حينما هز أومأ برأسه مجيباً :

- بلى لأنه سيتحتم عليك حينها إعطائي هدية في عيد ميلادي .

- عيد ميلادك؟! و هل هو قريب؟

ضيقت آليس جفنيها فلم تضع في الحسبان اي فكرة لأعياد الميلاد ، او ان عيد ميلاده قد يكون قريباً من الأساس ، شرد بصر رايان قليلاً ثم رد :

- بلى العاشر من ابريل ، اي بعد أسبوع بضبط.

- أوه!

كان ذلك ما نطقت به ، و رغم ملامحها الغير مفهومة ظن انها لم تتوقع ذلك فحسب تحسس القطع البيضاء و قد تهرب بنظره هو الاخر عنها ، لأن الاحساس بالحرج ساوره الا انه ادعى البرود و الثبات قائلاً :

- بإمكاني توقع الهداية التي سأتلقاها من الآن و هذا ممل حقاً ، طلبت منك إهدائي شيء ما في مقابل هذا المعطف لذا أجعليها مميزة و غير متوقعة. 

لقد طلب منها ان تعطيها هدية و هاهو يطلب منها ان تجعلها مميزة عن البقية ، رغم حالة الذهول التي كانت تمر بها آليس لم  تستطع اخفاء ابتسامتها المتسعة من رؤية حرجه فقالت و هي تسند خدها على راحة كفها مستمتعة بذلك :

- مميزة؟ كيف ذلك؟ ألا يوجد اي شيء قد تفضله؟

أطبقت فوق شفتيها مبتلعة ضحكتها ، لكنها لم تعلم ان الادوار يمكن ان تنقلب حينما قال و هو يمرر اطراف اصابعه فوق البيانو :

- أفضله؟ لا أدري ، فقط ليكن مختلف عن البقية شيء لا يجيد فعله اي أحد سواك ...

انزلت آليس كفها و عدلت من جلستها رغماً عنها ، شيء لا يجيد فعله اي أحد سواها؟ لم تفكر بذلك ' الشيء ' بقدر تفكيرها بكلماته و شعورها بالاطراء و الإحراج قليلاً ، قاومت التبسم من مجاملته فسألت بعفوية :

- همم .. مثل ماذا؟

ظنت انها أخطأت رؤية تعبيره ذاك ، كشخص ينتهز الفرصة أم يريد فقط ان يثير غرائزها لذا بشكل مفاجئ إقترب منها حتى عادت بظهرها الى الخلف ناطقاً بخفوت :

- غني لي .

لا أعينها المتسعة او قلبها الذي يخفق بجنون داخل صدرها و لا حتى وجهها الذي تحول الى حبة طماطم قادران على التعبير عن جزء من الفوضى التي ضربت داخل ذهنها الآن ، لم تتفوه بأي حرف و استمرت بالتحديق فيه كالحمقاء بالضبط كما تحدق في خزانتها ، صاحت آليس و هي تضرب وجنتيها في خجل :

- ما العمل الآن؟! .. لم يسبق لي اهداء أغنية الى أحد من قبل!

نظرت الى خزانتها المفتوحة و تمنت لو تستطيع الدخول فيها و الاختباء فيها الى الأبد ، او حتى تستطيع تصفية ذهنها و اخماد تلك الفوضى التي تسببت فيها كلمات فقط؟ حشرت آليس رأسها داخل الخزانة منتدبة في بؤس :

- رايان روتشايلد .. ما الذي فعلته بي يا أيها اللعين؟

******************************************

مرحبا ما رشميلو 

كيفكم؟ ان شاءالله بخير 

بسم الله ثاني فصل ينزل بالموعد ' السبت '

المفروض كان ينزل السبت الماضي بس مرضت و الحمد الله توي أحسن 

الفصل قصير؟ ادري رغم انه 8 الالاف كلمة بس تعمدت ذا الشي احسني اشتقت للفصول المتوسطة + تركت بعض الاحداث للفصل الجاي الي اشك انه حيفوت 16 الف كلمة🤦‍♀️

و هك حبيت أخلي التركيز على آخر جزئية 😗

33 فصل و لا واحد قدر يستنتج المعنى من أسم الرواية 

- هو حتى الآن مش السبب الرئيسي بس هو نفس الشيء يعني السبب الرئيسي حيكون بالنهاية ان شاء لله الي أحسها ما رح تجي -

اخخخ غير ان الجزئية الاخيرة تنتظم لأكثر الجزئيات الي حبيتها لأن كلها عن الموسيقى و كذا و المعلومات هذي جمعتها من زمن في انتظار هذا الفصل عشان اكتبها و قصة سوناتا القمر المضيء كانت من أكثر القصص الي مست قلبي اتذكر اني قريتها مرة في كتاب في الواتباد كان كله معلومات و القصص وراء المعزوفات بس شكله انحذف للأسف💔

رأيكم بالفصل؟

ايش يبي سكايلر من ميلي؟

تصرف آليس مع هيذر؟

آليس و خوفها من المقابر؟

- قاعدة بسلك بالاسئلة لأني مش عارفة شن بنقول حتى -

- اني وير -

صندوق المال الاسود : هو عبارة عن مصطلح يلقب بيه أعمال الفساد و الغير قانونية من تزوير تهرب ضريبي اختلاس رشوة و واردات مالية مجهولة المصدر 

احم احم في حد لاحظ اننا قربنا على 90k؟👀

يعني مع بداية السنة حندخل ال100k 😭😭 رقم عمري ما تخيلته بجد صراحة شكرا ليكم من اعماق اعماق قلبي😭💜💜

حنسوي بارتي صغير في الانستا يوم نوصل لذا الرقم 🤭💜 ما تخلوهاش تفوتكم اسم حسابي في البايو

و دمتم في أمان الله و حفظه💜

Continue Reading

You'll Also Like

1.3K 107 11
أولاً اسم الكتاب معناه ( إنها بترفض الانصياع) ترجمة الكتاب الخامس من سلسلة shatter me من رؤية آرون و كينجي و جولييت هل سيجعلها قلب جولييت المكسور ع...
28.7K 976 11
لَقد رَكِبنا زورَقًا معكِ، وَ أبحرنَا بينَ أسطُر رواياتكِ، لكِن عندمَا وصلنَا للبَر، أدركنَا أنَّ أرواحنَا بَقيت غارِقة فِي بحرِ كِتاباتكِ، فَهل يُعق...
955K 35.4K 40
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
457K 37.7K 15
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...