After Burn بعد الاحتراق

By Ghada_hazem

1.2M 36.6K 11K

⁦⚠️⁩محتوى الرواية NC-18: غير مسموح لمَن هو بعمر 18 أو أقل من ذلك! حاصلة على المركز الأول ⁦1️⃣⁩ في تصنيف #علاج... More

إستهلال
إستهلال (2)
نشر بارت اليوم على موقع رواية وحكاية
-1-
إجتماع هام 📓
-2-
اقتباس من النهاية
-3-
Out of our World
-4-
-5-
Comfort Zone
-6-
-7-
-8-
-9- الجزء الأول
-9- الجزء الثاني
-10-
مقابلة لطيفة (من انت)🎙️⁩
-11- الجزء الأول
-11- الجزء الثاني
-12-
-13-
-14- (الجزء الأول)
مناقشة مهمة جدا
اقتباس من البارت القادم
-14- (الجزء الثاني)
اقتباس لإثبات حسن النية⁦:-D⁩
-15- (الجزء الأول)
-15- (الجزء التاني)
الفصل السادس عشر - ج1
-16- ج2
-17-
اقتباس 🔥
-18- (الجزء الأول)
-18- (الجزء الثاني)
-19-
-20- (الجزء الأول)
ازاي أقرأ الفصل على المدونة؟
(الجزء الثاني) -20-
اقتباااااااااااس مش فصلللللل!!
-21- (الجزء الأول)
-21- (الجزء الثاني)
-22-
23
23/ ج2

اقتباس من البارت القادم

14K 581 139
By Ghada_hazem

- وطوال هذه المدة .. لم تكوّن أيّة صداقات؟؟

هز رأسه بكسل وبدأت نبرته تأخذ إيقاع أبطأ وكأنه يقترب من منحدر وَعِرّ .. وقد كان بالفعل:
- ولا حتى هذه، فبعد امتناعي المتكرر عن نزول الإجازات، لاحقتني صفة الغرابة مرة أخرى بالمدرسة .. طبيعي، ففي الوقت الذي يتلهف فيه الجميع ليوميّ الخروج من هذا الجحيم، أفضل أنا البقاء!! .. ولأنني كنت أكره الفضول والتطفل فرفضت صداقه كل مَن حاول معرفة السبب، بحجة التسّرية عني، لأبقى مجددًا الطفل المنبوذ .. إضافة إلى لقب (صاحب الغرفة الفردية) الذي لاحقني، فكما أخبرتك كان شيئاً مميزًا، وطلعت معه إشاعة خرقاء وقتها أني جاسوس سري لدى القائد، لذلك اعطاني تلك الغرفة وحدي، ولكِ ان تتخيلي المعاملة من الجميع!!

ضحكت حتى آلمها وجهها فور أن سمعت كلمة "جاسوس" .. تلك الاطفال كانوا كارثة!! .. صدقًا ماذا تتوقع من أطفال بمدرسة عسكرية؟! .. لهثت انفاسها لتكون جملة:
- يا إلهي .. ما هذا البؤس؟! .. عذرًا، الأمر فكاهي للغاية!!
- يسعدني أنكِ تستمتعين بوقتك !!

أجابها بنبرة ساخرة وهو يمسح جوانب فمه، لتحرك عينها لها بحرج طفيف، وقضمت شفتها بتفكير:
- ولكن لم تخبرني، لمّ لا يُسمح لأحد بغرفة فردية؟! .. أليس هذا من المفترض أن يُنمي جانب الاستقلالية والبلا بلا بلا خاصتهم؟؟

اشار لها بإصبعه دلالة على صوابها:
- تلك هي النقطة .. الاستقلالية تُعارض القواعد الأساسية، فريدة .. الاستقلالية تعني التفرّد، والتفرّد ضد الانتماء .. الاستقلالية تعني أن تحتفظ بأسرارك الخاصة .. وهذا عكس مبدأ الجماعة، التي تحمي أسرار مشتركة .. لذلك لا يُسمح بغرفة فردية، فبوجود شريك، لن يكون هناك أسرار، ولن يكون هناك استقلالية .. وبالتالي لن يفكر أحد في مستقبله كفرد .. بل كمستقبل جماعة .. ومستقبل دولة ووطن فيما بعد!!

تاهت فريدة في عمق الكلمات، وكيف أن أبسط الأشياء لا تتم لدى البعض عبثًا، إنما على أساس وتخطيط متقن ومحسوب بالميللي .. لا شيء اعتباطي هنا!! .. عادت بتركيزها له وهو يتابع:
- وعلى هذا الأساس تعاملت مع الجميع بفوقية شديدة، ربما لم أرد أن أوطد علاقتي بأحد، لأنني ارتأيت أنني سأرحل على كل حال، فلا فائدة من هذا .. لم يكن هناك، سوى مكالمات مريم القصيرة، هذا كل ما استطاعت أن تفعله، الاطمئنان عليّ كل حين، فهي لم تكن من أقارب الدرجة الأولى ليُسمح لها بزيارتي، إلا إذا جاءت بصحبة أبي، والذي امتنعت بالأساس عن رؤيته!! .. حتى الإجازة الصيفية، قضيتها بين التدريبات المكثفة ومعسكرات الكشافة وفرق التخييم .. لا أنكر، كل هذا أثقلني خبرة وأمل في أنني سأنجو بعد الهروب خارج أسوار المدرسة .. كل يوم كنت اقضيه، أزداد قوة ويقين أنني سأنجح بكل ما أتعلمه، لن احتاج للجوء إلى أحد هذه المرة .. وعِندها سأتخلص من كل قيودي .. حتى انتهت الإجازة، وجاء ذلك اليوم الذي خشيته دائمًا!!

أسكتت أنفاسها، وكممت آلامها ترقبًا للقادم .. وهو لم يكن أقل منها في هذا، نبيض التوتر ضرب أعصابه .. تُرى كيف ستستقبل هذا؟! .. فالقادم سيء، ورغم سوؤه إلا أنه البذرة التي شكلت الشخص الذي عرفته .. أوليس هذا ما أرادت أن تعرفه منذ البداية؟؟ .. لذا، استجمع جأشه وأكمل من حيث توقف:
- بعد الإجازة، ترقيّت للصف الأول الإعدادي، وكان من الطبيعي أن انتقل من غرفتي، فنظام السكن هناك كان مُقسم طبقُا لفئتين، الأولى تضمّ المرحلة الابتدائية، والأخرى مَن هم أكبر من هذا .. وعلى ذلك، تركت غرفتي الوحيدة التي احتميت بها لأشهر، لأتشارك واحدة مع آخر .. وعليّ أن أقول، كان هذا من أسوأ الأوقات التي مرّت عليّ!! .. كان الأسوأ على الإطلاق .. من يعرف، ربما ما تلاه ما كان ليحدث، فقط لو لم اقابل شريكي الجديد...!!

توقف ادهم ليرخي جفنيه ومن ثم جسده بالكامل على جدار السياج خلفه، لعلّ روحه هي الأخرى تستريح وترمي عنه ثقل آثام الماضي:
- يوم التوزيع، وجدت الغرفة فارغة حتى ظننت أن القائد خصني بها مرة أخرى .. لكن أحد العساكر أخبرني أن زميلي بالغرفة لم يُنهي إجراءات قدومه بعد، فعرفت أنه وافد جديد على المدرسة، وأن اسمه "أحمد رفعت" أو "رفعت" كما كان يُنادى فيما بعد .. بقيت طول اليوم في ترقب لوصوله، وارتب بذهني كيف ستكون المعاملة بيننا وأني بالتأكيد لابد أن أتجاهله ريثما أنفذ خطتي وأهرب .. وانقضى اليوم، ولم يصل زميلي هذا، إلا بساعة متأخرة من الليل وبعد نوم الجميع .. فُتح باب الغرفة بحرص شديد ودخل دون صوت، واضجع فراشه .. ومن ثم بدأت المعاناة .. لم ينقطع لحظة تلك الليلة عن البكاء .. بكاء مكتوم مستمر دمر أعصابي وأذهب عني النوم، ذكرني بمعاناتي أول ليلة، وجعلني أفكر إذا كان قد تعرض لنفس المصير أم لا .. ومع ذلك كنت صارمًا مع نفسي ولم أتدخل مطلقًا واستمريت في تنفيذ خطتي القائمة على التجاهل .. حتى طلعت الشمس، ورأيته لأول مرة، كان أصغر هيئة من سِنه مقارنةً بي أو بالأخرين .. ذو شعر بني تمّ حلقه كالجميع، بشرة بيضاء وجسد نحيل  .. يومها، ظل يراقبني بعينٍ واسعة دون انقطاع وعندما هممت بنهره، انتبهت انه يفعل هذا ليرى كيف يرتدي زيه وحذاءه، ويستخدم عُهدته .. وعندها عدت لتجاهله من جديد..

اسند أدهم رأسه على الاطار وتابع بينما يرمقها بنظرة فارغة:
- بالأيام اللاحقة، شاهدت تعرضه للتنمر والمضايقات كثيرًا، كان مُسخة الجميع، وتحديدًا مجموعة من طلبة دفعة التخرج .. الحقيقة، كانت هذه الطبيعة التي تحكم الفئة الأكبر، تنمر، مضايقات، سخرية ومقالب سخيفة غرضها الأول والأخير، الأذية.. فئة تستحق القتل كما أطلقتُ عليها حينها!!
- ومع ذلك استمريت في تجاهلك؟؟ .. اعني لم تتدخل وتدافع عنه؟

همهمت فريدة بأداء بطئ محاولة تخفيف الضجيج المستعر برأسها، ليقابلها أدهم بقهقهة عالية وكأنها ألقت عليه أحد النكات:
- أفعل ماذا؟! .. تبا، انا بالكاد كنتُ أصدّ هذا عني، وكل الفضل للتدريبات الصيفية المكثفة، وإلا كنتُ عانيت الأمرين معه!! .. وحتى لو كان بإمكاني، لم لأكن لأفعل .. إذا لم يدافع هو عن نفسه، لن يفعل أحد!! .. ذلك كان القانون السائد هناك .. قانون القوة .. القانون الوحيد الذي لا يُخبرك به أحد، بل تتعلميه وحدك!!

عقبت فريدة بعينٍ ساهمة وكأنها تُجالسه بنصف وعي:
- عندما أسرح في حديثك، أتخيله كسجن، لا كمدرسة!!

جاءتها إجابته القاطعة على الفور:
- أي مكان يحبس حريتك هو سجن، لن يهم الاسم حينها سجن، مدرسة ..
- أو علاقة؟!

ألصقت كلمتها بجملته بنبرة ذات مغزي، ليلتقمّ ما تقصدته بشفاه مزمومه:
- أو علاقة .. أصبتِ!!

تعلقت الأعين لجزء من الثانية، وكان التشكيك بها جليًا .. ثمة حديث يأبى الخروج، ربما أن أوانه لم يحن  .. وبصعوبة تجاوز شرار عينها المستتر واستخدم الكلمات ليخرج من الزاوية التي حشرته بها:
- استمر الوضع لأسابيع، في الصباح أعمل بجدية على خطة هروبي، أتعلم من محاولتي الساذجة وأدرس الأمر كما شاهدته في الأفلام .. يعني أحدد نوبات الحراسة، وعددها وأوقات الراحة وتبديل الدوام وأي فرصة تمكنني من الفرار للخارج بسلام .. أما ليلًا، فتبدأ ويلاتي مع وصلة النحيب تبع شريكي العزيز .. البكاء كان وسيلته الوحيدة في تفريغ السخرية التي تتم عليه نهارًا، وتدريجيًا بدأ هذا يستفزني .. لمّ لا يثور ولو لمرة واحدة ويدافع عن نفسه، إذا كان في كل الأحوال سيتم ضربه؟! .. مع ذلك، غضيت النظر عن هذا، ولم يجعلني أخرج عن صوابي، سوى فوضويته واهماله، خاصة حينما تطول حيز حدودي من الغرفة .. فعلا كنت ٱجن فور أن أرى ملابسه وأغراضه ملقاه في الأرض وفي كل مكان، وأبدأ في التشاجر معه بحدة، والأبله لم ينطق بوجهي لمرة!! .. فكان هناك ما يسمى بـ(المرور المفاجئ)، يتم فيه التقييم على النظافة الشخصية، ونظافة الغرفة .. وإذا ثبت تقصيرك -ولو في زِر قميص- تتم معاقبتك فورًا!! .. ودعيني أخبرك أنه عملًا بقاعدة المسؤولية هي العقاب، وأن السيئة تعمّ، فبالتالي ستتم معاقبتي معه .. أكثر ما كان يثير غضبي، تشبثه بغباء بعاداته المستهترة، وكأنه لازال بحضن أمه!! .. أثبت لي بالأدلة القاطعة أن ثمة مخنث مدلل أكثر مني حينما دخلت المدرسة!!

جمعت فريدة كل ما بصدرها من تعب امتزج بعبء حديثه لتبلل شفتيه وتطرح السؤال الأشد وطأةً:
- لم تخبرني عن كيفية العقوبات؟؟ .. اعني سبق وذكرت أن حبسك بتلك الغرفة كان ألطف عقاب هناك .. إذًا...؟!
رغم دهشته من سؤالها عن شيئًا كهذا، إلا أنه تقبله بصدرٍ رحب متبسمًا بسخرية كعادته:
- أرى أن لديكِ فضول لتعرفي عن الأسوأ..!! .. حسنًا، باختصار، كان اعتمادهم بشكل أساسي على العقاب النفسي، لأنه الأسوأ، ولأنه الأكثر فعالية .. هذا ما تعنيه قاعدة؛ السيء جيد!! .. وهذا كان غرضًا آخر للعقوبات العلنية، الاهانة، التحقير، التوبيخ، كل ذلك كان نمط مميز للمعيش هناك .. ويكون ذو فاعلية أكثر إذا تمّ مزجه بألم جسدي .. ومجددًا، لا يلمسك أحد .. كان ذلك النوع من التذنّيب لمدد طويلة وفي أوضاع جسدية غير مريحة بالمرة ..  حركات جسدية صعبة ومُهلكة، يتم توجيهك لتقومي بها، ثم يُلزمك بالمحافظة على هذا الوضع لأمد غير معلوم .. كأن يأمرك بالوقوف على ساقٍ واحدة وعدم استخدام أي طرف من أطرافك الأخرى ولا حتى تحريكها .. فقط، ويتركك هكذا، بضع دقائق وتبدأ أعصابك في الانهيار .. بل نفسيتك هي التي تنهار .. يُحطم عزيمتك على التمرد أو العصيان أو حتى الإهمال مجددًا .. ذلك لأن مع أبسط أنين أو تعب يصدر منكِ، يتم توبيخك بما لذّ وطاب من العبارات التي تقلل من رجولتك وتنال من كرامتك كمقاتل مستقبلي مسؤول عن حماية الوطن .. أو تقضين ساعة الراحة الوحيدة في مسح الأرضية باستخدام فرشاة أسنان .. أو في نقل حبوب الارز من الشِوال إلى مِرْجَل الطهي بمعلقة صغيرة .. أي عمل حقير يحطم أعصابك قبل عظامك!!..  ودون أن يلمسك أحد!!

ثم فلتت منه مطلع ضحكة ليحك أنفه مضيفًا:
- أذكر في مرة، تأخرت عن الطابور الصباحي لاستغراقي في النوم .. حينها أمرني (القائد) بالركض حول الملعب دورة كاملة على ساقٍ واحدة!! .. ودعيني أخبرك أنها لم تكن بمسافة هينة يسهل ركضها على الساقين معًا!! .. اللعين، جعلني أتذوق طعم التراب في فمي لأول مرة من كثرة السقوط علي وجهي!!

وقهقه بمليء فمه ليمسح جوانب عينه التي أدمعت وبالكاد تماسك ليكمل:
- لذلك، كنتُ أعاني مع هذا الأخرق لأتحاشى العقاب بدون سبب من وراء رأسه .. حرفيًا فريدة، أحيانًا كنت أشعر أنني أمه، وانا ألملم ورائه الفوضى التي يخلفها .. وبالأخص كارثة تبوله اللاإرادي المباغتة كحالات الطوارئ، والتي رغم انها كانت إحدى كوابيس حياتي إلا أنني لم أبلغ التفتيش عنه .. لا تسأليني عن السبب، ولكني -ودون تبادل أي حديث معه- كنت اُعيره ملائتي البديلة بتلك الأوقات .. لم أرد قط أن يُعاقب، في مخيلتي، كنت أرى أن ما يعانيه يكفيه .. حتى بعد أن وصل به الأمر لتسلله من الفراش في بعض الليالي، وظهوره باليوم التالي بهيئة غير الهيئة، متجاوزًا بذلك القواعد التي كانت تجرّم الخروج من الغرفة بعد موعد النوم!! .. كان بإمكاني أن أشكوه للقائد، وسيلقى هذا استحسانه بالتأكيد، وسأحظى باهتمامه.. لكن للمرة الثانية لم أرد أن أؤذيّه، ربما لأنني لم أراه أكثر مما يراه الجميع .. "رفعت الأخرق"!! .. ولمدة، حاولت السيطرة على فضولي وريّبتي حول هذا الولد والتركيز بهمّي، لكن مع تزايد نحيبه مرة عن مرة، فاق الأمر تحملي ..
- ماذا فعلت؟؟

تلكأ في إجابتها بينما يربت على شفتيه بشرود بائن وكأنه غرق في الذكرى:
- ليلتها، انفجرت به صارخًا بأن يصمت، لكن صراخي جعله ينخرط أكثر في بكاء هستيري، وهذا استفزني أكثر؛ لأنني -ولغبائي- كنت أرى نفسي به .. نفس ضعفي السابق وبكائي .. حرك بداخلي شئ أحاول التغلب عليه .. أردته بشدة أن يصمت ويعرف أن النحيب والضعف ليست وسيلة للعيش هنا!! .. أردت أن اعنفه بشده كي يفيق، وينهي وصلة الدراما تلك .. وفعلت، رحت أصرخ به وأنهره وأوبخه نيابةً على سابق الأيام التي فلّق بها رأسي؛ ونفخ صدري من الهم .. فإذ به يلتصق بزاوية الفراش ويتكوّر على نفسه كفأر مذعور، مرددًا عبارات اعتذار لا نهائية، وكأنني مارد يستعيذ منه!!

خمنت فريدة غلى الفور:
- وهذا الشعور...
- كلا، لم يمنحني أي لذة، إذا كان هذا قصدك .. هذا الشعور اخافني فريدة .. اخافني من نفسي .. أخبرتك أنني كنت أرى نفسي به، وذلك لم يكن جيد .. ارتأيت أنني لا افرق شئ عن الحمقى الذين يتقصدونه بالنهار .. ولا عن رُتب القيادة بالمدرسة .. ولا حتى عن تلك العاهرة التي كانت تعنف طفل بالثامنة على شيء لم يرتكبه!! .. صدقيني فريدة حتى تلك اللحظة، لم أرد دور الجاني ولم أتقبله!!

نفى بالكلمات وبداخله كان الشك بازخًا .. كثف تركيزه على الذكرى لعل يأتيه اليقين بأنه كان برئ من الظلام حتى تلك اللحظة، وأنه رغم السوء الذي ألم به، كان يحافظ على نقاء روحه .. على سجيته .. أنه حتى تلك اللحظة ظل متشبثًا بذاته الحقيقة!!

اجتر ريقه مرتين وتسلح بقناع الجمود ليطمس أي شعور يهدد بالظهور الآن:
- لا أعرف .. بطريقة ما -ومن بعد تلك الليلة- حصلتُ على أول صديق لدي داخل ذلك الجحيم .. عرفت أن أباه ذو رُتبة عُليا بالقوى الحربية بالأساس، ولذلك شاء إلحاقه بها خشية أن تفسده والدته دلالًا، كونه الولد الوحيد لأربعة شقيقات هو أصغرهم .. وأن بكاءه المستمر بسبب اشتياقه لوالدته؛ لأنه لأول مرة يكن بعيدًا عن حضنها .. وما زاد بكاؤه تلك الليلة ما وصله أن والده لن يكون متفرغًا ليستقبله بأول إجازة له .. بعبارة أخرى، رفض استقباله من الأساس، وأخبره بصراحة أنه لن يراهم قبل ٦ أشهر من إعداده في هذه المدرسة، وذلك بالتأكيد لأسباب لوجستية عميقة تخص مصلحته وتربيته!! .. شعرت  بأن ثمة أحد يتشارك معي نفس المصير البائس، ولا أنكر أن هذا خفف من وطأة شعوري حينها .. الحقيقة أنني كنت في حاجة لصحبته أكثر منه!! .. فبوجوده صارت الأيام تمضي أسرع، تدريجيًا توقف هو عن البكاء، وقضيت الإجازة في تعليمه أساليب الدفاع التي أعرفها .. نوعًا ما كنت أشعر بالمسؤولية نحوه، وأردته أن يصبح أقوى، ويدافع عن نفسه .. وهذا بالفعل ما حدث، فكانت أول مرة أراه يدافع عنه نفسه أمام أحد أولئك المراهقين الحمقى الذين يتقصدونه .. كانت أول مرة للجميع يراه هكذا، حتى أن من دهشة ذلك الولد، لم يستطع أن يرد لـ "رفعت" الدفعة، وظل مفترشًا الأرض بذهول دون أن يحرك ساكن .. لأيام بعدها ظللنا أن وهو نعيش لحظة الانتصار .. حتى أنني وفي غمرة سعادتي، أطلعته على خطة هروبي التي تحمس لها جدًا وكأنه وجد طوق النجاة، وراح يشاركني الأفكار لتنفيذها والتي اعترف أنها أظهرت كم أنه يمتلك عقل مبتكر .. كل شيء كان يسير على نحو جيد وبيّدَ أننا سننجح معًا...
- حتى..؟؟

استعجلت فريدة الكارثة التي على وشك أن يلقيها عليها .. فابتسم، وكانت ابتسامته هذه المرة حالكة جعلت قلبها ينقبض بطريقة مؤلمة:
- حتى جاءت نقطة التحول الأخيرة .. الليلة التي استسلمت لفضولي للمرة الثانية وتسللت خلفه لأعرف أين يذهب بتلك الليالي؛ لأنه -ورغم تقربنا- لم يفصح قط عن هذا واخفاه عني .. للمرة الثانية، كررت الخطأ ولم أتعلم من نكبتي الأولى التي جلبت عليّ كل هذا الشقاء!! .. صحيح، الفضول قتل القط .. قتله عن حق!!

#يتبع

هاي Comfort zone ❤

البارت المنتظر بقا وخلاص هننزل من المركب وتتحقق أمنيتنا كلنا 😂💔

10 ألاف كلمة يا جدعان يعني بفصلين من الرينج العادي اهه

ده المشهد قبل الأخير في ماضي أدهم المظلم

والمشهد الاخير هو الأكثر ظلامًا

توقعاتكم يا جماعة وتشجيعكم ودعائكم كمان
لأني لسه مكتبتوش وهو من أكتر المشاهد الصعبة اللي كتبتها
يمكن أصعب من مشاهد تعذيب فريدة كمان

وبجد تقيل اوي على نفسيتي فيارب اخلصه على خير💔

ان شاء الله يخلص على خير ويتنشر الأيام الجاية
عشان ابارك لكم وتباركوا لي اننا عدينا مرحلة صعبة في الجزء الثالث
والمرحلة اللي هتبدأ بعدها هتكون أخف شوية ونقدر ناخد فيها نفسنا

انا حبيت اطمنكم واطمن عليكم واقول لكل اللي بيسألني عن الرواية اني والله مانسياها خالص وايدي شغاله فيها

دعواتكم للمشهد الأخير❤️

Continue Reading

You'll Also Like

5.4M 158K 105
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
270K 10.7K 41
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
340K 7.9K 34
لو إلتقينا في عالم آخر لوقعت.. لغرقت وتهت في حبك ولكن ولدنا هنا في عالم انتِ القاتلة وانا السجان واه من حرقة الإنتقام ولهيبها تهنا معًا في هذا الظلام...
292K 27.2K 20
تَبدأ حِكايتِنا بَين بِقاع اراضٍ يَسكنُها شَعبّ ذا اعدادٍ ضئيلَة ارضٌ تُحَكم مِن قِبل ثلاث قِوات و ثالِثُهم أقواهُم الولايات المُتحدَة | كوريا الجنوب...