-8-

24.4K 876 310
                                    


قد يبدو الأمر هينًا وأنا أحكيه لك الآن في جلسة ودية بعدما انقضى الهول
لكن أتعلم؟
إنه لم ينقضِ إلا ببضعٍ من روحي المحاربة!

•¤•¤•¤•

كم منا مر بهذه اللحظة، وقت أجبر على اختيار أفضل الأسوء .. لا مكان للحلول الوسط هنا .. انت تعلم، هذه ليست لعبة .. تنتهي فرص التفاوض مع الحياة حين تتحرر الوحوش من مكمنها!!

حينها، القرار لم يعد ملكًا لك..

بعينٍ مدمغه بالظلام والتيه، وقلبٍ فتتهُ الندوب الضارية، تسمرت فريدة أمام المرآة تحصي ما بقى لها من دقائق في هذه الحياة البائسة، بعد أن تناولت كل ما كان بجُعبتها من أقراص على دفعات متتالية.

تشعر بهذا، برودة تتشعب بأطرافها، وفراغ مُوحش يملئ روحها .. إنها خاوية من الداخل .. وبلحظة، جميع أفكارها المندلعة توقفت وسكنت بعد أن حصلت على مبتغاها الذي ظلت ﻷيام تحرضها عليه، ليحل من بعدها الصمت .. صمت من نوع مميز .. صمت مُوجع .. إنه صمت مشارف النهاية!!

ودون أن تدري تبدل كل شئ حولها وعادت لذلك الصمت الذي تسلل لروحها من قبل .. وقت إنهيارها الأول .. كانت هناك، تقف مثلما تقف الآن، منهزمه، الخراب يَعُث داخلها، تقف واليأس قد نال من روحها حتى تبدى الموت في عينها وكأنه الخلاص الوحيد.

تساقط جسدها ببطئ للتسطح الأرض الباردة، ثِقل يحتل قدماها ولا تعرف إذا كان هذا تأثير ما تناولته أم لتضافر روحها مع ما عبرت به سابقًا .. وقت صار الموت هو العلاج السريع لذلك الظلام الذي لطّخ حياتها .. العلاج لكل الآلم التي إستيقظت لتُعانيها .. صدمات وندوب تشوهها من الداخل والخارج، عجز يلتهم جسدها ويسجن قدمها ويصمْ وجهها .. بذلك الوقت شَقَّ عليها العيش مع كل هذا، وإنتظار شفاءً بعيد الآمد، لتقرر ذلك ليلة إكتفائها من كل هذا.

زاغت حدقتيها وهُيئ لها أنها تستشعر ملمس الكرسي المدولب أسفلها بمسانده الجلدية الباردة، وقد عادت لتلك الليلة منذ سنتان حين أضجعته ناقله جسدها إليه بمشقة بعد أن أوهمت الجميع بإستغرقها بالنوم .. وبعد أن ثبتت عجلات الكرسي بأرضية الحمام لتخرج من إحدى جيوب منامتها شفرة حادة جديدة وتنزع غلافها قبل أن تشرع في الكشف عن ذراعها الأيسر وتقرب منه الشفرة في تصميم مستهدفة أوردتها الظاهرة أسفل جلدها الرقيق.

ولكن قبل أن يحدث هذا سقطت عينها تلقائيًا على ندوب عميقة تشكل خطوط متفاوتة الأطوال على إمتداد رسغها وحتى كتفها، وحينها بَزَغَ أمامها صور متقطعة ليدٍ رجولية تقبض على مشرط وتحدث بجسدها هذه الجروح .. جروح سطحية عديدة لا تتجاوز السنتيمتر من طبقة الجلد، ولكنها كانت على درجة من الحرفية والبطئ الكافي لينتزع روحها قبل صراخها.

حينها تهدجت أنفاسها بضحيح مستعر وقد تحولت الصور لمشهد كامل الإركان، لترى بصورة أوضح سرعة إنتقال يده على طول جسدها محدثًا بمشرطه اللاذع العديد من تلك الجروح، دون الإكتراث لدمائها التي باتت تشذب من جسدها أو حتى الإلتفات لصرخها الشحيح .. وجدت نفسها على دراية غريبة بأماكن هذه الجروح، ودون أن تدري أنها تفعل كان تخلع عنها ما ترتديه لتتأكد مما ينهمر على عقلها، ولتنعكس بعد ذلك الصورة الصحيح أمامها بالمرآة.

After Burn بعد الاحتراقOn viuen les histories. Descobreix ara