-9- الجزء الثاني

18.7K 807 147
                                    

من قال أن المدينة التي تقصف بها الحرب تعود مشرقة كما كانت

حتى وإن عادت آمنة،

يبقى هناك جزء محطم تمامًا

محمد طارق

•¤•¤•¤•

في المساء، عادت فريدة إلى غرفة الطوارئ ثانية تبحث بين ما بها عن شئ يمكنها استخدامه في ردع توابع كوابيسها، فقد بدت مجهز بشكل محترف لحالات الإنقاذ الطبية وغيرها، لذلك تأملت أن تجد بها على الأقل حزام طبي يحتوي على دعامة حديدية تحول دون إلتواء معصمها أو شئ يفيد في وقف صرير أسنانها القهري.

تنهدت بشيئا من الخيبة بعد أن وجدت العديد من الأحزمة الطبية بالفعل من بينهم ذلك الذي تريده لكن لم تجد أي شئ يمكن استخدامه كواقي أسنان .. كانت في آمس الحاجة لهذا يمكن أكثر من الحزام الطبي، ذلك ﻷنها لم تكن تريده أن يسمع ويرى معاناتها مع ما خلفه بفعلته، رغم كل ما يدعيه من تعاطف لا يليق به إلا أنها لم تكن تراه سوى كلذة انتصار تملئ عينه، وهذا.. هذا كان يذبح روحها كلما ظنت انها قد تعافت!!

استدارت لترحل بينما عقلها يفكر في شيئا بديل، إلا أن عنيها مرت على ما صرف انتباهها عن هذا .. انها العلبة التي كانت تسعفه به صباحا، لماذا مازالت هنا؟! .. أليس من المفترض أن تكون معه ليستخدمها في مدواته؟؟

دمدمت بذلك داخل عقلها وحينما وصلت لها وتوضحت أنها مازالت على حالها، وجدت الإجابة..

لأنه لم يخرج من غرفته فريدة!!

تيبست مكانها لثواني والعديد من الأسلئة تتداخل بذهنها .. ماذا ستفعل الآن؟؟، هذا لا يعني سوى شيئا واحد، أن إصابته قد ألزمته الفراش .. نعم، فعلى عكس سالف الأيام لم تشعر بوجوده على المركب طوال النهار .. زمت شفتيها في حيره وهي تقبض على العلبة بتردد، أقل شئ يمكن أن تؤل له حالته بعد تعرضه للصعق ومع حرقٍ كهذا هو ارتفاع بالحرارة أو غثيان .. وبتلقائية عادت للداخل باحثة عن أدوية لهذه الأعراض وما إن عثرت عليها حتى أضافتها للعلبة وحملتها لتعطيها له.

قبل أن تغادر أعتاب الغرفة، أغمضت عينها تحتوي تصارع مشاعرها الذي كانت في غنى عنها، خاصة وقد بزخ داخل عقلها صوت ينهرها بعنف .. وما شأنها هي به، لقد فعلت ما يمليه عليها ضمير بعد أن اسعفته وانهضه على قدميه، ليس من شأنها الآن إن لم يأخذ دواؤه أو يمرض .. حسنا، ليس عليها فعل شئ، فليمرض أو يحدث ما هو أكثر، هي ليست مجبره علي شئ بعدما فعلته بالصباح، صدقا آخر شئ قد تحتاجه هو الصراع الذي تعيشه بسبب هذا الوغد .. الحقيقة انها تغشي الإفراط في تقديم العون فيطمع الذي في قلبه مرض.

تبا له، ماذا قد يحدث له، القليل من الحرارة أو الغثيان لن يقتلوه .. تعلم مثل هذه النوعية لا يتأثر بشيئا بسيط كهذا، هذا بالأساس ليس شئ إلى جانب ما يقتلها يوميا .. لا تهتمي فريدة، فربما قد يكون يتمارض أيضا ليستدر عطفك .. نعم، شخص حقير مثله قد يبادر بفعلٍ كهذا .. انتبهي لنفسك حتى تخرجي من هنا بما تبقى لكِ من عقل!!

After Burn بعد الاحتراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن