-6-

29.5K 1K 458
                                    


"أريدك بمقدار ما لا أستطيع أخذك،
وأستطيع أخذك بمقدار ما ترفضين ذلك،
وأنتِ ترفضين ذلك بمقدار ما تريدين الاحتفاظ بنا معا،
وانا وأنتِ نريد أن نظل معا مقدار ما يضعنا ذلك في اختصام دموي مع العالم!!"

من رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان
•¤•¤•¤•

ماتت الكلمات بينهما..

ثواني تمضي وعيناهما قد تجمدت في لقاءٍ تشعبت اتجاهاته وتقطعت به السُبل .. هو هناك حيث ظلام عالمه .. وهي هنا وقد صعقتها قسوة الواقع!!

أي نوع من بـنيّ آدم هو؟؟

هذا ما تردد بذهنها، وقد تراجعت بضع خطواتٍ بفعل الصدمة ومازالت ذهبيتها مسلطة عليه .. تمتمت بعد أن اتخذت من الحاجز الرخامي دفاعًا:

- مافيا؟!

ثم أمسكت رأسها وكأنها تثبت موضع عقلها بعد هذا الجنون الذي سمعته .. المنطق بداخلها يستنكر سفاحة استباحته لذلك الجُرم، مما جعلها تغمغم وكأنما تحدث نفسها:

- أليس لقذارتك أي حدود؟!

دارت حول نفسها وكأنها لا تعرف بأي موضع تَحط قدمها .. ثم كركرت بألم خالص وعين تتوسع بعدم تصديق لتقرر واقع مرير:

- انا كنت متزوجة من مجرم حقيقي ضليِع الاجرام!!

حبست نفس بداخلها سيطرت به على فورة من المشاعر، ومن ثم رمقته بطريقة حذرة:

- حسنا، هذا يفسر الكثير .. الآن لا عجب فيما حدث لي!!

لم يختفي أثر الذهول من صوتها، ولذلك لم يجيبها أدهم واكتفى بترقبها بتعابيره التي ازدادت احتداد .. حتى استرسلت باحتقار وشراسة:

- أتعرف؟؟ .. أتمنى أن أرى فريدة التي أحبتك لأبصق بوجهها!!

تلقف جملتها ليطرق برأسه ﻷكثر من ثانية، وعندما رفع عينه لها قد تبدلت نظرته ﻷخرى ماكرة بينما يثني ثغره ببسمة ساخرة:

- لمَّ تتحدثين عن نفسك بصيغة الغائب؟؟ .. واجهي الحقيقة فريدة، أنتِ مَن أحبتني!!

زمت شفتيها من حديثه لترسم بعدها ابتسامة صفراء أثارت استفزازه بينما تميل بجزعها قريبًا منه متمتمة:

- لم تخمن جيدًا!! .. فريدة التي تعرفها فقدتها مع ذاكرتي!!

ثم ربتت على كتفه في تهكم:

- تعازيَّ الحارة سيد أدهم!!

اهتاجت أنفاسه واحتدم وجهه بلفحة من الغضب .. حدقتيها المتقدة بشراسة، حديثها الذي يعبث بأعصابه، لغة جسدها المتحفزة للدفاع .. كل ذلك أنبأه بأنها شخص غير الإنسانة التي يهيم بها عشقًا .. وكم أنهكت قلبه الجريح تلك الحقيقة!!

After Burn بعد الاحتراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن