إستهلال

141K 1.5K 527
                                    

ليس ثمة جرح لا يمكن التخلص منه
إنني عميق الإقتناع بذلك؛ بوسع الناس أن يحولوا ندوبهم إلى قوة
وليس ذلك بالامر السحري
ذلك يستغرق بعض الوقت، وغالبًا لا يشفون بالكامل
لا يختفي الالم بالكامل حقًا، إنه يبقى جاثمًا في أعماقنا
إلا انه يجعلنا نواصل الحياة ونواصل طريقنا.

-غيوم ميسو-
•¤•¤•¤•


"من أخطر العلاقات على الاطلاق هي علاقة (الحبل السري) .. وفيها يكون أحد الطرفين هو المصدر الوحيد لكل شئ بالنسبة للطرف الثاني .. مصدر الحب، الحنان، النشوة، والامان .. يعمل جاهدًا على تجريده من كل المصادر الاخرى، أحباء، أهل، أصدقاء حتى لا يبقى له سواه .. لا حياة بدونه، لأنه هو مصدر الحياة .. وفي المقابل يكون الطرف الثاني شديد الإعتمادية والسلبية في تلقى كل هذا .. ومن هنا يأتي التناغم بينهما، حيث يستمد الطرف الأول قوته وأهمية وجوده في العلاقة من ضعف وإستسلام الآخر، وكأن بينهما حبل سري خفي مزدوج الإتجاه .. أعتقد أن هذا هو الاساس الذي تقوم عليه العلاقة السادية .. وهناك نوع آخر من العلاقات لا يقل خطورة عنه وهو علاقة (العمى) .. وهنا أحد الطرفين لا يرى الطرف الثاني .. أقصد لا يراه حرفيًا .. بل يرى بدلًا منه شخصًا آخر .. يحمل بداخله مشاعر قديمة مخزنه منذ زمن تجاه شخص معين شكل مرحله مهمه بحياته .. حبيب سابق، أخ، أب، أم، أو حتى صديق .. ويبدأ يتعامل مع شريكه فالعلاقة بنفس هذه المشاعر .. وليس فقط المشاعر، بل بنفس إدراكه وفهمه وردود أفعاله وتأويله لتصرفات الشريك، وكأنه يرى صورة الشخص القديم متمثله به .. ومع الآسف، هذا يحدث دون حتى أن ينتبه أيًا من الطرفين"

أزيز إهتزاز الكرسي إرتجاعًا وإرتدادًا كان له صوت رتيب الإيقاع ولكنه مرخي للاعصاب .. عينيه الواجمه بضيق لا ترف، ولغة جسده المتنبة تخبرك بأنه يكثف جُلَّ تركيز وحواسه لإستيعاب ما يسمع .. ليس فقط إستيعابه، بل إخضاعه لعميله معقده من التحليل والإختبار، ليبدأ في خوض معركة طاحنه بعدها مع معتقداته العتيقة.

تأمل دكتور 'مايك' معالم التفكير والصراع تزحف على وجه الآخر .. ثم إستكمل بطريقه حثيثه وكأنه يسير على طبقة هشه من الجليد: " 'أدهم' .. أنت أعتمدت في علاقتك بـ 'فريدة' على كلا الشكلين .. أردت دمجها وربطها معك في علاقة (الحبل السري) تحت مسمى السادية .. أردت تجريدها من أي بديل آخر أو محتمل لما تمنحه لها من حب وإهتمام وأمان، حتى لا يبقى إمامها سوى إختيارك .. كنت تخشى الإختيار 'أدهم'، تخشى إذا أُتيحت أمامها البدائل تختار شخص آخر غيرك .. هذا لإقتناعك عميقًا بعدم إستحقاقك بها، وأنك غير كوفئ لها .. وعلى ما يبدو أنها تداركت بخبرتها العلمية ما تفعل وشعرت بخطورة مثل هذه العلاقة، وأرادت تقويم حدود للعلاقة لحمايتها وحمايتك .. ولكن هذا لم يتسبب لك سوى في تأكيد شعورك بعدم الاستحقاق، وأنها ليست بحاجة لك أو بحاجة لأيًا مما تمنحها، مما يعني أنه في إمكانها تركك وقتما شاءت .. والذي بدوره أعاد لك الذكريات وما تم تخزينه من قبل من خبرات عن الترك والاستغناء والخيانة، جميعها أسهمت في إنخراطك في علاقة (العمي) .. كل المشاعر المكثفة بالغضب، والشك غير المبرر التي كانت تملؤك بإستمرار دون سبب منطقي تؤكد هذا، خاصة وقد أخبرتني أن 'فريدة' تشبه في طباعها وإنعدام خبرتها السادية بشكل كبير 'ليتى' .. هذا كان سبب إنجذابك الجارف لها من البداية، ودليل أقوى على أنك لم تكن ترى 'فريدة' بالاساس في تلك العلاقة!!"

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now