-22-

40K 1K 560
                                    

هناك عقدة من الظلم تُكمم معدتك،
لكنكِ عاجزة عن وصفها في كلمات..
حتى وإن استطعتِ، لا تعرفين كيف تجعلين الناس ينصتون!!
فالوحيد الذي يصغي، هو المسؤول عن عذابك..
الوحيد الذي يفهم، هو مَن أوصلك لهذه الحالة..
خَلَقَ المؤذي عالمًا تلاشت فيه الأصوات،
لذا، حتى وإن عثرتِ على صوتك..
لن يسمعه أحد!!

-لانج لييف-
•¤•¤•¤•

كَـذبَ مَن قال أن المرض النفسي حدث قهري يقع للشخص؛ ففي بعض الأحيان يكن المرض النفسي اختياري!!.. حتى وإن كانت بدايته إجبارية، ذلك لا ينفي أبدًا لحظة الافاقة التي يُبصر فيها الشخص بعوارض مرضه ويعيّ بعواقبه في حال لم يتخذ خطواته نحو التغيير، نحو العلاج!!..

وتلك هي لحظة الاختيار!!

وبتلك اللحظة اتخذت فريدة اختيارها، وهي على وعيٍ تام بكل هذا، وبعيدة جدًا عن حيز التنفيذ!!.. ثمة سحابة من السكينة والهدوء تُغلف عقلها.. الصخب والضجيج رويدًا يندثر من حولها، ضجيج كل شيء؛ الاشخاص، ماضيها، حاضرها، وطنين أفكارها المشوهة.. جميعهم اختفوا، وكأن شخصًا ما كبس زر وانطفأ كل ذلك من بعده، حتى لم يبقى سوى صوت خرير الماء وهو يداعب فروة شعرها بتلذذ، بينما هي مستلقية تحت صنبور الماء ومُسَلمة رأسها لإحدى مصفِّفات الشَّعر كي تعتني به..

- انتهينا..

”عودة للواقع المرير من جديد!!“

شكرت فريدة الفتاة بينما تمسك بمنشفة صغيرة مستكملة تجفيف شعرها من قطرات الماء، وفي قرارتها تمنت لو أن الأمر قد استطال أكثر من هذا لتنعم بمذاق الهدوء الذي لم تتوقعه حينما عادت لمُعاقرة تلك الأدوية بعد إيقافها لسنتين.. تعهدت حينها أنها لن تتناولها مجددًا كيلا تدمنها.. كانت تعلم أنها لمجازفة كبيرة أن تخوض في الاعتماد على هذا النوع من المهدئات، وهي على دراية بعواقب المداومة عليه والوقوع بإدمانه، وأنها بذلك تُنفذ انتحارها ببطيء ليس إلا.. كانت على علم بأنها بمرور الوقت ستتحول لمدمنة يائسة، ومحض صورة باهتة عن المرضى الذين قصدوها يومًا للعلاج..

خاصةً، مريضة بعينها لا تنفك تأتي على بالها هذه الأيام..

'صوفيا'!!

تشققت شفتيها بابتسامة باهتة مخضبة بمذاق الألم والسخرية.. 'جاستن' اللعين، كان مُحق في كل حرفٍ قاله، حتى حينما خصها بالشبه مع زوجته!!.. إلى أي مدى يمكن أن تتشابه حياة أناسٍ كانوا يومًا بعيدين كل البُعد؟؟.. فإحداهما كانت مريضة، والأخرى مهمتها علاجها.. والآن، فإحداهما مريضة، أما الأخرى..

قد قُتلت!!

وها هي تسلك سكة الاعتماد على المهدئات، كما سلكته من قبلها 'صوفيا'؛ فقط لأنها مجبرة على التعايش مع واقع فُرض عليها قسرًا وتساقطت كامل دفاعتها النفسية في وهم التأقلم معه، حتى ارتأت الإدمان حصنٍ آمن سيحميها مما يدور حولها.. ولو بشكل مؤقت.. حاليًا يكفيها هذا، أن تراقب العالم بعينٍ خاوية من كل شيء، الخوف، من الألم، وكذلك خاوية من الشغف، والرغبة في الحياة.. هذه المرة ستكون مستسلمة تمامًا لمصيرها ومرحبة به، مخدرة حد الانتشاء لتبتسم في وجهه دون ألم، بينما يحز عنقها مجددًا بسكينه التَـلِم!!

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now