-12-

24.4K 1K 485
                                    

ماذا نفعل والمسافة بيننا كعُمق هذا المحيط؟؟
أنتِ لا تستطيعين الطفو إليّ،
وإن غُصت إليكِ سنغرق معًا،
فلنغرق معًا إذًا!!
•¤•¤•¤•

على استحياء، انبزغ أول شعاع دافئ من ذلك القرص الدامي، لتستقبله فريدة بابتهال شديد وعينيها تضيق من ذلك الوهج المنبعث من دفقات شروق الشمس بهذا الوقت الباكر، في حين كانت تجلس بالطابق السطحي لتستجمع نفسها بعد أحداث أمس .. انفعالها وغضبها كان مبرر، وكل الحق لها ولما تمر به .. هي لم تخطئ به في شيء حتى الآن ولم تظلمه قط!! .. أكدت هذا الجانب لنفسها قبل تنخرط وراء تأثير هذا الجو الساحر الذي يشفي نفسها .. دائمًا ما كان مشهد ولادة الشمس من قلب الظلام يثير داخلها دغدغه دافئة مطمئنة، ولم تفهم أبدًا كيف أن هناك أناس يضيعون يومهم، بل حياتهم وهم يحرمون أنفسهم من التمتع بمثل هذا المشهد، وما يحمله من نفحات وعطايا صباحية؟!

كانت منغمسه تمامًا في غمره تأملها ولم تشعر إلا والشمس أصبحت تواجه عيناها بقوة، مما اضطرها لغلقها بانسجام في تلك الساعة المميزة، التي هدئت من حدة انفعالها ووضعتها قيد السيطرة .. ذلك حينما تناهى إلى سمعها طرق قدماه المقتربة منها، ومن ثم كان من السهل عليها التكهن بالسيناريو التالي لذلك .. حتى فاجئها عندما توقف على مسافة منها وبصوت ثابت ناداها، فلتفتت له لتراه يمد لها يده بعبوة كريم مضيفًا:
- لقد وجدت هذا عندي .. قد يفيدك إذا كنتِ تحبين الجلوس بالشمس!!
أخذته منه وهي في وضع استغراب حتى فطنت أنه يعطيها أحد انواع واقي الشمس .. فأوقفته هاتفه:
- انتظر..
تراجع لتكمل على بتردد بائن:
- انا موافقة!!

لا يعرف لما خاطره تلك اللحظة ذكرى اليوم الذي وافقت فيه على خضوعها له .. كانت تبدو له بهذا الوجه المرتبك متردد الخطى، ولكن انها كانت أكثر خوفًا من الآن .. حينما قرأت التشوش الطالع على تعابيره، أضافت بنبرة تتدفق كلماتها دفعة واحدة:
- كنت قد طلبت مني أن اعلمك ممارسة التأمل .. أخبرك أنني ليس لدي مانع!!

قالتها وهي تتجنب تمامًا النظر بعينه طويلًا، وتكثف جُلّ نظرها على العبوة التي بين اصابعها، مدعية أنها تتفحص ما مدون عليها .. بينما كان هناك من زوج من العيون القاتمة التي انهالت عليها بالنظرات التي أقل ما يُقال عنها أنها تتأكد من أن هذا الحديث خارج من فريدة، ليُعد نفسه ويتحين تلك اللحظة التي ستنقلب على سيرتها الغاضبة وتنفجر في وجهه ككل مرة .. خاصة بعد أن رفضت مشاركته الطعام البارحة طول اليوم، ومع ذلك لمحها في وقتٍ متأخر من الليل وهي تتسلل إلى المطبخ، تمامًا كقطة جائعة تبحث عن الطعام، وبالأخص تبحث عن السمك الذي أعده!! .. حسنًا أدهم، لا تهتم، هرمونات أنثوية!! .. تبًا له، سيفقد عقله عما قريب بسببها، والغريب انه يُوجد لها الكثير من الأعذار .. والأغرب انه مؤخرًا أصبح يجد في الأمر متعةً ما!!

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now