اقتباس من البارت القادم

16.4K 624 202
                                    

    بلغت فريدة نهاية السلم المؤدي للسطح العلوي من القارب لتلهث بعمق آخذه أنفاسها على شهقات متتالية

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

    بلغت فريدة نهاية السلم المؤدي للسطح العلوي من القارب لتلهث بعمق آخذه أنفاسها على شهقات متتالية .. أعصابها متفككة، ترتجف بالكامل، لدرجة أنها حينما أمسكت موضع قلبها الهلِع لاحظت ارتعاش أصابعها اللاإرادي هناك، كأصابع عازف بيانو .. حينها، اعتصرت صدرها بقوة، وكأنها تكاد تقتلعه، تصرّ أسنانها بضراوة، وعينها الذهبية غيمت عليها سحابة حقد .. ثواني مضت، وهي تشد أعصابها وتعتصر صلابتها كي تستعيد قوتها التي اختلت بالأسفل، حتى انتشلها من كل هذا، السماء التي استحالت من حولها للون الدامي في أوج شفقها.

لم تنتبه لكل هذا الوقت الذي قضته معه بالأسفل حتى شارف الليل على الحلول، وكالمجذوب انساقت قدميها نحو هذا المشهد الذي طغى على مشاعرها وبدد ذروة انفعالها وأرخى اعصابها المدمرة .. وبتلقائية، اضجعت الأرض محل وقوفها لتغرق في غمرة السحاب الدامي، وتلفها دفئ أشعته الحانية، بينما تلتقط أذنها أصوات ارتطام الأمواج الهادئة بالقارب، لتجد نفسها -ودون أن تدري- تعلو شفتيها ابتسامة صافية!!

-        لم يكن هناك داعي لما فعلتيه، ببساطة كنتِ أخبريني أنكِ ترغبين بممارسة التأمل وحدك!!

فصلها من شرنقة السَكِينة التي كانت تحلق بها صوته الكريه .. بالتأكيد، ما إن يشتم لحظة هدوء تستمتع بها إلا وأفسدها .. إذا لم يفعل هذا، كانت لتستغرب، حقود!! .. قاومت غضبها الذي بدأ يتصاعد داخلها من جديد، ورغمًا عنها فتحت عينها، لتجده يُبحلق في وجهها بطالته الوسيمة الهالكة وهناك خصله صغيرة تتدلى على يسار جبينه وهو ينحني برأسه عليها، بينما يرتدي تيشيرت دون أكمام وإحدى السراويل القصيرة حتى الركبة، ويبدو وكأنه قد انتهى للتو من استحمامه.

لحظة، لماذا يقف فوق رأسها بهذا الشكل المستفز المهدد، وما هذه الابتسامة اللعينة التي يبتسمها، ماذا يقصد بها؟! .. وقبل أن تأخذ أي رد فعل، كان بثانية يطفئ جذوة انفعالها ويفترش الأرض جوارها بينما يتوسد ذراعيه أسفل رأسه متمتمًا دون النظر لها:

-        لديكِ كل الحق .. إنه فاتن!!

ضيقت عينها محاولة فهم إلامَ يرمي، فتلك الابتسامة لا تريحها بتاتًا، لذلك تشدقت بنزق:

-        ما الهراء الذي تتحدث عنه؟!

تجاهل ضيقها عن قصد، فبالكاد استطاع تهدئة نفسه بعد أن أضرمت النار بجسده ومن ثم أطفأتها بإهانة!! .. حتى انتهى به الحال أكثر من ثلث ساعة تحت الماء البارد، يجب أن يقول ان هذا لم يكن مفيد كثيرًا، لكن ليس بيده الكثير ليفعله، فهو لا يريد أن يحطم رأسها ويقنعها بطريقته القديمة أنه يحبها، وفي نفس الوقت لا يريد أن يتلمس نفسه كالمراهقين .. سحقا لكِ فريدة، ستجعل أدهم الشاذلي يضاجع نفسه بهذا العمر!! .. ابتسم بسخرية داخله على الأفكار التي كانت تدور بعقله قبل أن يصعد ويرها بهذا الوضع .. شيئًا برؤيتها هكذا أوقد الحنين بصدره لأول ليلة سمحت له فيها بالعبور إلى قلبها، ليلة زفافهم، لكن الفارق الوحيد هنا، أنها كانت تفترش حديقة منزله، وليس البحر!! .. تنفس بشجن وهو يعدد مواقفه الأخيرة معها التي جميعها اصبحت تعيد البدايات بينهما، هل يعقل أن تكون هذه إشارة؟! .. إشارة لفرصة أخرى واحدة، إذا كانت هكذا، فسيقضي ما تبقى من عمره يشكر خالقه عليها .. عاد لمعشوقته التي شعر بنظراتها له وكأنها تتصدد الفرصة لتفترسه، أي فرصة اخرى تتحدث عنها بربك؟! .. هيا ادهم، تجاهل هذا، مزاجها ناري هل نسيت؟؟ .. وهذا ما فعله، عندما أماء بذقنه بعيدًا تجاه السماء، و منحها نظرة جانبية شديدة الخطورة من عينه:

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now