(الجزء الثاني) -20-

19.3K 934 433
                                    


الغفران طريقة أخرى لقول
إن أمرًا ما لم يحدث..
وأنا أرفض إعطاءك هذا الحق!!
لو كان عليّ جرّ ثقلَ أسوأ ما فعلتَ خلفي في كل مكان..
إذًا، عليكَ أيضًا!!

-فورتيسا لاتيفي-
•¤•¤•¤•

وقف ماتيو في نهاية الطابق بنقطة تُمكنه من مراقبة فريدة التي أصرّت على العودة إلى منزلها بحُجة تبديل ملابسها وأخذ بعض الأغراض، متجاهلة موافقته من عدمها بعد رفضت أن يقوم لها بهذه المهمة.. تعجب حينما رآها تدس يدها بين الشجيرات الصغيرة الموضوعة أمام شقتها والتقطت منها مفتاح احتياطي طالما اعتادوا وضعه في أصيص الزرع، لتلتفت بَغتة على أصوات نباح كلب تأتي من الشقة المقابلة.. لثانية، نظرت فريدة للشقة بتردد، وبعدها تجاهلت هذا وعادت لشقتها مجددًا..

على الفور، تقدم ماتيو ليسبقها إلى الداخل ويتأكد من سلامة المكان، خاصة بعد محاولة الاغتيال الأخيرة وارتيابه من العودة لشقتها في مثل هذه الظروف، لكنه فوجئ بفريدة تصدّ الباب عنه وتمنعه من الولوج رافعه حاجبها بنظرة حادة:

- إلى أين تظن نفسك ذاهب؟؟

لثانية، لم يفهم مقصدها وآثر تفسير الجملة على أنها سؤال وليس استنكار ليجيبها على مضضّ:

- لتأمين المكان والتـ...

لم يكمل بقية الجملة إلا ووجد الباب يُصفع بوجهه بفظاظة ودون انذار!!

أوصدت فريدة القفل الإضافي لتتأكد من أن المجرم الذي ينتظرها بالخارج ويسمى بـ(حارسها الشخصي) لن يتهور ويكسر الباب .. تفحصت الشقة من حولها، كانت مغطاة بطبقة جيدة من الأتربة نظرًا لفترة غيابها التي تجاوزت الشهر .. والآن، ماذا؟!.. هي لن تستطيع المكوث هنا بعدما جرى مع مراد، والذي بالمناسبة يقيم بالشقة المقابلة لها، وأسوأ ما في الأمر هو تحيز أهلها ضدها .. للمرة الثانية، تجد نفسها وحيدة ووالدتها تتخذ الصف الآخر، أما أخاها فكان صدمتها عن حق لدرجة أنها لا تمنح نفسها فرصة التعمق في تلك الصدمة كيلا لا يزداد بؤسها مكيالين .. للمفارقة، هذه المرة لم تتأثر في شيء ولم تُثار داخلها مشاعر الخذلان والأسى، بالعكس، لم تلتفت البتة للأمر ولم يحرك داخلها ذرة .. ما تشعر به عن حق، أنها ما عادت تملك مساحة نفسية شاغرة لهُرَاءَات الأسرة والعلاقات العائلية السخيفة وسوء الفهم الغير مناسب لأوانه والمجادلات والمخاصمات التافهة ولعبة:

"افعلي ما نريده وإلا لن تكوني مِنّا!!"

حقا اكتفت وتكوّنت لديها طبقة سميكة من البلادة والمناعة ضد هذا النوع من الحساسية .. مَن يريد نبذها أو الرحيل من حياتها فليرحل في صمت رجاءً ولا يُوجع دماغها، يكفيها لُعبتها التي جُبرت على الدخول فيها ومجبورة على انهاءها!!.. لذلك تحركت بوتيرة بطيئة صوب الحمام، ملئت حوضه ثم خلعت ملابسها، وبحذر شديد تركت الماء يغمرها حتى صدرها دون أن يلمس مكان أصابتها.

After Burn بعد الاحتراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن