-9- الجزء الأول

20.2K 745 151
                                    

الجزء الأول

من قال أن المدينة التي تقصف بها الحرب تعود مشرقة كما كانت
حتى وإن عادت آمنة،
يبقى هناك جزء محطم تمامًا

محمد طارق
•¤•¤•¤•

وقفا بأعصاب مشدوده وملامح ترسمها الجهامة يراقبوا من النافذة العملاقة لقصر الشاذلي ذلك الشاب الذي يرابض البوابة الخارجية وبين الحين والآخر يشن حملات هجوم هستيرية عليهم لدرجة اجتذبت أنظار بعض الإعلاميين المتطفلين ليرصدوا هذا الحدث الحصري، وليصبح أهل القصر في ورطة تشبه الإقامة الجبرية.

غامت عين مصطفى الشاذلي بنظرة ذات معنى لما يشاهده من وقفات الإعلاميين شبه اليوميه أمام قصره، يقف بانتصاب رغم سنه الذي شارف على الستون، يضم ذراعيه خلف ظهره بتركيز، ثم غمغم وكأنه يتخذ قرار ضمني مع ذاته:

- هذا الشاب قد بلغه حده معي .. إلى الآن لا يدرك بوجه مَن يقف بحماقة!!

- لا أعتقد أن يفوق إبنك حماقة!! .. تبا له، بسبب فعلته الرعناء أنا حبيسه بقصري منذ أسبوعين لا أقوى على مواجهة أحد .. الجميع يسألني عما فعله وأنا لا أملك إجابة، وحتى إذا أجبت اقابل بالسخرية والتهكم .. سمر الشاذلي تلقى هذه المعاملة ﻷول مرة بسبب إبنك المختل!!

لم تهتز ملامحه رغم توتره مما يحدث، ولم يجد ما يجادلها به، يشق عليه قول هذا، ولكنها على صواب .. فبمرور الوقت، الحدث يتصاعد بشكل لم يتوقعه، بداية من فعلة أدهم التي لم يصدقها لولا الفيديوهات المشاعة لمشهد اختطافه لفريدة من المستشفى على مرآى من الجميع، ووصولا لذلك الشاب الذي استهتر بما يمكنه فعله بالبداية، وتعامل معه على النحو المعتاد من هؤلاء المشاغبين، لكن لا ينكر أن ذلك الشاب قد فاجئه والذي علم لاحقا أنه يكون خطيب فريدة لذلك لا عجب في كل ما يفعله.

فعندما طرده مصطفى أول مرة آتى بها مهاجما اياهم ويتهمهم بالتواطؤ مع أدهم ومعرفة بمكانه، لم يكن يتوقع أن يراه مرة أخرى، لكن -ولصدمته- مراد لم يبرح مكانه أمام القصر منذ ذلك الحين .. حتى عندما تدخلت الشرطة في ردعه عما يفعله إلا انه حينما اضطر للرحيل هذه المرة عاد بعدها ثانية بشكل لم يضعه في الحسبان .. عاد ومعه سلاح لا يمكن ردعه، سلاح الرأي العام!!

ففي ظرف ساعات قليلة من رحيله، انقلبت وسائل التواصل الاجتماعي ضدهم بعد أن تصدر خبر لعين محركات البحث في جميع صفحاتها..

"عائلة الشاذلي متورطون في خطف طليقة ابنهم البلياردير (أدهم الشاذلي)، وفقط ﻷنهم أثرياء يمكنهم فعل ما يحلو لهم دون أن تطولهم يد القانون"

فضيحة .. بل كارثة فجة عجزت أمامها كامل نفوذه .. فقط ﻷن الرأي العام لا نفوذ لها .. فلم يمض 24 ساعة على إندلاع هذا الخبر وقد طالتهم نيرانه، عدد لا بأس به من مسؤولي الدولة تواصلوا معه للتأكد من الخبر بشكلٍ ودي، لكن لم يلبث أن تحول الأمر إلى تحقيق رسمي أخبره فريق محاميه أنه قد يتطرق لفتح قضية حادثة فريدة منذ سنتان، خاصة وأن الأمر بالفعل قد شاع تداوله عبر وسائل التواصل، ليعيد عليه وعلى عائلته تلك الأيام مرة أخرى .. قدم إليه بعض المسؤولين عدد من النصائح الحازم للتصرف في مثل هذه الأمور بشكل قاطع قبل أن يأول بهم الأمر لوضع لا رجعة منه .. حسنا، هذا لم يكن اسلوبه أبدا، ولكن رغما عنه ما بدأ يفكر جديا بهذه الحلول وهو يرى كل ما يملكه على محك التهلكة

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now