- ٤٥ -

34K 1.1K 109
                                    

تم نشر الفصل على الواتباد بتاريخ ١٤ ديسمبر ٢٠٢٠

- الفصل الخامس والأربعون -

"والآن أشهد أن حضورك موت
وأن غيابك موتان
والآن أمشي على خنجر وأغني...
قد عرف الموت أني أحبك
أني أجدد يوماً مضى ...
لأحبك يوماً وأمضي..."

― محمود درويش

عصرًا اليوم التالي..

خطوة واثنان وثلاثة.. وأخيرًا.. لقد أصبحا بمفرديهما بتلك الباحة الخارجية لغرفة مكتبه الذي يقع بنفس المنزل الذي خصصه لوالدته وأخواه.. منزل العائلة، يا لها من مُزحة!!

أقترب نحوها أكثر وهو يحاول أن يوقف تلك الأفكار التي كادت أن تُفتت عقله منذ مغادرتها إياه ليلة أمس.. لو أنها تعلم ما اضطر للتظاهر به وتحمله كي يراها اليوم لأشفقت على حاله.. لو تعلم كم من فكرة مجنونة خطرت على عقله لتحدثت فورًا وقالت ما الذي يُزعجها بمثل هذه الطريقة.. لو تعرف ما تحمله من اقناعه لأخيه بأن يدعو خطيبته ووالديها واختها لتناول الطعام، إلي حديثه مع "هبة" في إلحاح بأن تقضي هي وزوجها اليوم بمنزله والإستمتاع الزائف بيوم عائلي كما حاول أن يُقنع به غيره ويؤكد على اهمية كم سيكون الأمر ممتعًا وهو في الحقيقة لا يطيق النظر بتلك الأوجه وطوال الليلة الماضية لا يرى سوى وجهها هي في طيات أحلام يقظته!!

لن يكون أبدًا ذلك الرجل الذي يتوسلها ليعرف ما الذي حل بها، أوقف يده بصعوبة طوال ليلة أمس ألا يُمسك بهاتفه ويستمع لصوتها الذي بات كالمخدر لجوارحه يُسكنها ويطفئ لهيب شرورها التي لا يدري كيف تغلبت عليها بسهولة، وبالطبع ليس هو من استطاع تملك الشجاعة ليخبرها بضرورة المجيء اليوم.. هي تأتي مثل ما يُريد هو، وسيُصلح ذلك الجفاء الغريب منها بمجرد أن تصبح أمامه.. مثل ما تقف هي الآن!! كبرياءه المتعالي لم يسمح له.. كبرياءه الذي يُدرك أنه سيتلاشى بمجرد تقابل أعينهما!

اقترب أكثر وهو يتفقدها وجاهد بكل ما أوتي من قوة أن يتحمل ارتدائها لتلك الكنزة الشتوية الخضراء التي لا يعلم من أين آتت بها وهو لم يبتع لها ذلك اللون خصيصًا الذي يؤلم عينيه ومؤقتًا سيترك هذا جانبًا وسيحاول التحمل أكثر ليعرف ما خلف كل هذا التغيُر الذي لم يعهده منها فهمس بسخريته المعتادة وهو يقف بالقرب منها واضعًا يداه بجيبيه:

- والنهاردة برضو مش نايمة علشان كده مآكلتيش كويس ومكشرة؟

نبرته الإستفسارية نبهتها من ذلك الشرود فالتفتت "فيروز" نحوه وهي تُمسك بكوب القهوة الدافئ ثم ابتسمت بإقتضاب وتحدثت بهدوء الذي بدوره أدى لتأثره تلقائيًا ليُزيد من غضبه من ذلك الجمود العجيب بها منذ رؤيتها صباح أمس:

دجى الليل الجزء الثالث - شهابٌ قاتم كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن