- ٨٢ -

21.6K 948 131
                                    

تم نشر الفصل على الواتباد بتاريخ 21 مارس 2021

- الفصل الثاني والثمانون - 

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

~ وكانت سعيدة.. ولم تكن تدري سر هذه السعادة.. لم تكن تدري أن الشفقة التي تحس بها نحوه هي سر سعادتها.. لأن الشفقة ما هي إلا نوع من الأنانية وحب الظهور وحب العطاء.. إنها إحساس بالقوة تجاه ضعيف.. إحساس بالعظمة إزاء انسان ضئيل.. وهو إحساس يرضي صاحبه ويملأ نفسه غروراً وزهواً فيخيل إليه أنه سعيد..

(إحسان عبد القدوس - الخيط الرفيع)

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

تجولت بأرجاء ذلك المنزل بالطابق الأرضي منه وهي تبتسم بمرارة.. بالكاد استطاعت الإنتهاء من تجهيز هذا الدور الذي يحتوي على غرفتان وغرفة معيشة متوسطة الحجم وحمام كبير ومطبخ.. أمّا الطابق العلوي الذي يحتوي على اكبر غرفة بالمنزل ومُلحقة بحمام خاص ستترك اعداده لاحقًا.. فلقد أرهقت للغاية بهذا الأسبوع الشاق.. 

راقها تلك الألوان وذلك الأساس وأرض المنزل الخشبية بالكامل، يبعث الدفء والراحة والأمان، يومًا ما ستملئه "كاميليا" بضحكاتها وذكرياتها مع صديقاتها وهنا ستتناول الطعام وهناك بغرفتها ستذاكر دروسها.. الكثير من الذكريات السعيدة ستنتظرها بصحبتها وسيكفي فقط أن تتابعها بعينيها وتشهد على أجمل الأوقات التي ستعيشها كلتاهما سويًا معًا.. كوالدة وابنة وكصديقتان كذلك! 

تنهدت وهي تتذكر مساعدات "مُعاذ" لها بكل شيء.. فليست فقط تُقيم هنا بل تعمل كذلك كمدرسة بإحدى المدارس للأطفال.. الآن تتذكر كلمات والدتها بتلك الدراسة التربوية التي دامت لعامان، بالرغم من استطاعتها وقتها أن تحصل لها على فرصة للعمل ولكنها صممت أن تدرس تلك الدراسة! أحيانًا تكون رؤية الأم صائبة.. لا، بل دائمًا.. عندما تكون أم جيدة لأبنائها!

كم تمنت لو تستطيع الآن أن تلتقط بعض الصور وترسلها إلي "هبة" أو "فريدة" لترى ما إن كانتا ستوافقان على اختيارها للأثاث ودرجات الألوان أم لا.. سعيدة بالحياة الجديدة لا شك في ذلك، ولكن على صعيد آخر كانت مُبتلاه بحُزن أزلي لن ينتهي.. 

لوهلة ذهب عقلها ليُفكر به، كيف حاله، كيف يسير أمر علاجه، هل ذلك اليوم بمقهى المطار ومشاركته إلي ابنته سيترك بداخله ذكرى مُحببة إلي قلبه أم سيكره هذا اليوم إلي الأبد! الكثير من التساؤلات لاحت بعقلها.. شفقة وتلذذ بالإنتصار والفخر بأنها استطاعت الهروب بنفسها وابنتها وما تبقى من إنسانيته بعيدًا.. الكثير من الشعور بأن مثاليتها نجحت معه ومعها ومع ابنتهما.. ولكن ما تركه لها من ماضي لم يكن من السهل تعتعته بداخلها..

توجهت إلي الحمام ووقفت أسفل المياة الساخنة وهي تطنب بالتفكير في شأن خطوتها المُقبلة.. خطوة تتلخص في جملة واحدة.. هي تريد الحياة.. التنفس دون الشعور بالآلام.. أليس هذا طلب ضئيل؟ نعم.. ولكن بعد ماضي يصرخ برأسها كل يوم بتاريخ حافل من الصدمات، لم يكن طلبها هينًا أبدًا.. ليس من السهل تحقيقه! 

دجى الليل الجزء الثالث - شهابٌ قاتم كاملةWhere stories live. Discover now