. الفصل الرابع و الثلاثون .

Start from the beginning
                                    

حاول الأميران تخليص نفسيهما لكن دون جدوى، فقهقه ولي العهد و هو يسير نحو وردة.
- لا بأس. لا تخافي.

مدّ كفه إلى خدها، فأسرعت و أشاحت بوجهها في غضب و هي تلتقط أنفاسها. أمسك بذقنها بقوة و جعلها تلتفت إليه رغما عنها.
- قلت لا بأس.

اندفعت نحوه بجسدها في انفعال وهي تحول تحرير يديها المكبلتين إلى الخلف، ثم صاحت،
- قل لجنديك هذا أن يطلق صراحي.
- ليس قبل أن تسمعي حكاية ولي العهد بدر الملوك.

تراجع خطوين ثم استدار نحو أخيه و هو يحكي،
- كان يا مكان، في أرض الغبراء الشرقية، ملك يدعى سيف الملوك، تزوج أميرة من بلاد بعيدة، أميرة كانت مجبرة على الزواج في سن الثانية عشرة من ملك يكبرها بأكثر من خمسة عشرة سنة. و مع ذلك وافق ذلك الملك على زواج كذاك!

التفت إلى وردة،
- أ تصدقين؟!

قاطعه تاج بحدة،
- كان يحاول المساعدة.

أعاد انتباهه إلى أخيه،
- لا أنكر ذلك! فلقد أخرجها من قصر كاد الشعب يحطم أسواره غضبا من السلطان، على حالهم التي لا يحسدون عليها. بل و أنقذ بلادها و أعاد المياه إلى مجاريها.

أخذ يتمشى ذهابا و إيابا و هو يقصّ،
- ذكرت أمي في مذكرتها أن السلطان علمها ما كان ممنوعا أن تتعلمه النساء في بلادها، علمها كل ما تمنته من العلوم و الأدب و اللغات و الفنون. كان بمثابة أخ و أب بالنسبة لها، و لا شيء آخر غير ذلك.

سار باتجاه وردة،
- و كان السلطان يعلم ذلك جيدا، لكن مع ذلك-

ما إن وقف أمام الأميرة، و قبل أن يكمل جملته، حتى دنى منها و قبّل شفتيها بشغف عنيف وهو يسحب رأسها إليه بقوة بيمناه، و يسراه على ظهرها، يسحبها إليه تارة، ثم يتحسس بها جسدها تارة.

حاولت جاهدة الإفلات منه لكن الجندي خلفها يمسك معصميها بإحكام، و لم تجد حلا غير عض شفته بكل ما أوتيت من قوة.

تراجع بدر و ملامحه انكمشت ألما دون أن يصدر صوتا. مسح شفته السفلى بأصابعه فتلطخت بقليل من الدماء. افتر ثغره عن ضحكة واسعة وهو يقهقه في صمت، قبل أن يتعالى صوت ضحكاته ليبدوا كالمجنون. التفت إلى أخيه الذي ابيض وجهه و تجمدت جسده من الصدمة، ثم التفت إلى الأميرة التي ترمقه بنظرات ساخطة و دموعها تتساقط رغما عنها.

أشار بدر إلى نفسه،
- هذا ما فعله السلطان.

ثم أشار إلى وردة و هو ينقل عينيه بينها و بين تاج،
- و هكذا شعرت أمي.

تقدم بدر نحو أخيه بخطوات سريعة،
- أ رأيت ما شعرت به أمي؟

اهتاجت نفس تاج، و احمرت عيناه، و ثارت ثائرته، و حاول جاهدا اطلاق صراح جسده، لكن الجندي خلفه لفّ ذراعه حول عنقه و سحبه إلى صدره، فنجح في تثبيته جيدا.
صرخ الأمير في غضب،
- أيها اللعين.
- اللعين هو والدك ذاك.

الأميرة و الجنيWhere stories live. Discover now