. الفصل الثلاثون .

471 81 22
                                    


بعد أيام من السير، وصلت قافلة الأمير بدر الملوك إلى مبتغاها.

كلما تقدم المسافرون نحو المدينة، بدى قصر السلطان شمس النهار، أضخم و أعظم وهو يتوسط البيوت و المنازل.

و ما أن دخلت القافلة إلى المدينة، حتى استقبلها السكان بحرارة. اعتلى صوت الطبول مرفوقا بصوت غناء الناس، كبارا و صغارا، رجالا و نساءا، ترحيبا بولي العهد و الأمير. ثم أفسح جنود المدينة وحرسها الطريق للقافلة، و تقدموها، إلى أن أوصلوها إلى باب قصر السلطان.

انفتح الباب على مصرعيه، و كشف عن حديقة واسعة، بديعة الجمال، خضراء الأرض، تحيط بها الأشجار من كل مكان و تزينها أزهار مختلفة متعددة الألوان.

دخلت القافلة و شقت طريقها نحو باب الطابق الأرضي للقصر، حيث كان يقف السلطان في أرقى الثياب المطرزة بخيوط ذهبية، و إبتسامة واسعة منبسطة تظهر بوضوح تحت شاربه الأبيض الطويل و لحيته. و من حوله ملوك و ملكات، و أمراء و أميرات المملكة، في أبهى حلة و هم يتبادلون الإبتسامات و الضحكات فرحا بعودة أعز أفراد عائلتهم. و على يمينهم و شمالهم، يقف الخدم، وأمامهم الحرس و الجنود.

توقفت القافلة، فانحنى الحرس و الجنود احتراما.
نزل بدر الملوك عن حصانه و ضحكة واسعة تزين محياه، ثم تقدم نحو السلطان، فانحنى الخدم بدورهم.

وقف بدر عند الدرج، أمام السلطان و انحنى انحناءة صغيرة،
- مولاي.

تقدم السلطان ببشاشة وجه، ثم نزل السلالم، مفتوح الذراعين، مرحبا،
- أهلا و سهلا بعودة ولي العهد.

ثم ضمّه إلى صدره لحظة اقترب منه آخر خطوة تفرق بينهما،
- أهلا بحفيدي بدر الملوك.

لثم الحفيد جده بحرارة،
- إشتقت إليك يا جدي.
- إشتقت لك أيضا يا بني.

تراجع بدر عن حضن جده ثم أخذ نفسا قبل أن يقول،
- لقد أحضرت لك حفيدك الصغير أيضا يا جدي.

ثم أفسح الطريق أمام السلطان، ثم وقف جانبا،
- و أنا متأكد أنك تموت شوقا للقائه.

هز الجد رأسه وعيناه اللتان أبصرتا تاج، الذي نزل عن ظهر حصانه لتوه، قد تغرغرتا دموعا.

ساعد تاج وردة على النزول، ثم نقل عينيه إلى حيث يقف أخوه و جده، و اللذان يراقبانه بابتسامة و هما ينتظران اقترابه بفارغ الصبر.

أخذ الأمير نفسا مرتعشا، ثم ابتلع ريقه وهو يتفحص وجوه أفراد عائلته.

لاحظت وردة توتره الواضح، فربتت على ذراعه لتجذب إنتباهه إليها. تبسمت له ابتسامة لطيفة ثم قالت،
- لا تقلق. لن يوبخك أحد على اختفائك الطويل. صدقني، انهم يتحرقون شوقا لضمك إلى صدورهم.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن