. الفصل الثامن عشر .

547 79 53
                                    


استمر المسافران في التقدم لمدة أيام، إلى أن وصلا الى شلال ضخم في نهاية الحديقة، تماما بعد بداية غروب الشمس.

أوقفت وردة حصانها، ثم التفتت إلى تاج و تعابيرها تدل على انهدهاشها،
- لقد عبرنا الحديقة في خمسة أيام!

نزل عن ظهر فرسه،
- بل عبرنا الصحراء في خمسة أيام، لأننا سلكنا الحديقة.

تقدم تاج بحصانه نحو النهر حيث يفرغ الشلال مياهه، فيملأ المكان هديرا. لحقت به وردة بعد نزولها، برفقة فرسها، و الذي أنزل رأسه إلى الماء ليروي عطشه لحظة وقف قرب النهر.

رفعت الأميرة عينيها، لتتأمل المياه و هي تشق طريقها بين صخور ملونة متلألئة كأنها أحجار كريمة ضخمة، إلى البحيرة التي تعكس جمال لون السماء، و الذي أخذ يصفر ثم يحمر.

همست في شرود،
- يال سحر هذا المكان!

أجاب بنفس نبرتها،
- و كأنها قطعة من الجنة.

التفتت إليه مبتسمة،
- إنها كذلك.

بادلها بألطف من ضحكتها، ثم أعاد بصره إلى البحيرة أمامه، أخذ نفسا وهو يتفحصها، ثم أنزل عينيه إلى حذائه.

جلس على ركبته و خلع حذاءه، الأول، ثم الثاني، ثم أخذ يرفع يطوي نهاية سراويله.

عقدت وردة حاجبيها قليلا، وهي تراقبه،
- ماذا تفعل؟!

أجاب وهو لايزال مستغرقا في طيّ نهاية سرواله،
- أستعد لنزول إلى البحيرة!

افتر ثغرها عن ضحكة صغيرة،
- تسبح؟! في هذا الوقت؟!

وقف معتدلا، ثم أخذ يخلع حزامه،
- لما لا! بما أنني أشعر بالرغبة في ذلك، لما لا؟!

رمى حزامه على العشب، ثم أخذ يزرر قميصه،
- لما لا تنزلين أيضا؟

ألقت نظرة سريعة على الأزرار وهي تفترق عن بعضها، و تكشف عن صدره المفتول، ثم رفعت عينيها المشوشتين إلى عينيه.
ابتلعت ريقها في صمت، ثم فتحت شفتيها المترددتين،
- لا بأس! لا.. لا رغبة لي في السباحة الآن.

ثم أسرعت في الالتفت إلى حصانها لحظة خلع قميصه عن جسده. مسحت على ظهر جوادها و بؤبؤتيها السوداوتين تتحركان في ارتباك.

سمعت صوته يقول، مصحوبا بخطواته التي تخترق مياه البحيرة،
- هيا! إنه آخر يوم لنا في الحديقة!

سمعت صوت ارتطام جسده بمياه النهر، فالتفتت. وقفت تراقب الماء لمدة، منتظرة ظهوره، فتقدمت خطوة، ثم أخرى، ثم تجمدت مكانها لحظة اندفع جسمه إلى سطح الماء ليلتقط نفسه.

الأميرة و الجنيWhere stories live. Discover now