. الفصل السادس .

665 90 12
                                    


تقدمت لمار و وقفت بجانبه، ثم سألته بعد صمت،
- ماذا قررت؟

أخذ نفسا،
- سأقابل الأميرة.

اختفى جسد لمار وسط دخان أبيض و ظهرت في جسم حمامة، بعض من ريشها فضي اللون. ثم رفرفت بجناحيها، و حطت على كتف تاج.

أغلق تاج عينيه لوهلة، ابتلع ريقه، جمع يديه على شكل قبضتين محكمتين، ثم أخذ نفسا قبل أن يمد يده إلى الستارة و يرفعها.

بدت له الأميرة جالسة على السرير تمسح خديها، وهي تنتحب في صمت، فأنزل بصره، و خطى خطوة للوراء. وقف لبرهة مشتت النظرات، لكن سرعان ما رفع نظره إلى حيث تجلس الأميرة، راقبها لبضع ثوان، ثم دخل.

تقدم ثلاث خطوات حذرة، نظف حلقه، ثم فتح ثغره أخيرا، فخرجت كلمة واحدة هادئة، لطيفة النغمة، من بين شفتيه.
- مولاتي.

التفتت وردة خلفها كالمذعورة، ثم أسرعت في الوقوف عن فراشها متفاجئة. تجمدت قدماها وهي تتفحص الواقف أمامها و الحمامة على كتفه بعينان واسعتان متفاجئتان.
تلعثمت قائلة،
- م.. من.. أنت؟! كيف.. كيف دخلت؟!

تقدم خطوة واحدة نحوها، فأشارت له بكلتا يديها، و أمرته مرددة، بصوت يهتز مع كل كلمة،
- توقف! توقف مكانك.

اومأ مطيعا، ثم انحنى لها،
- مولاتي.

اتضح اضطراب أنفاسها، لحظة أمرته قائلة،
- أفصح.
- جئت لأخبركي.. عن الشاب الذي كان هنا.. ليلة أمس.

تغيرت ملامحها من مذعورة إلى شبه مصدومة.
سارت بإتجاه الواقف أمامها بخطا متمهلة و حذرة، فرفع عينيه إليها لتتعانق نظراتهما. كانت قد فتحت شفتيها لتتكلم، لكن بدلا من أن تخرج الكلمات، أدخلت نفسا صغيرا يدل على انبهارها و اندهاشها، وهي تتأمل عينيه. فاقترب منها، وهو يبادلها نظرات ساكنة، تخفي مشاعره المختلفة و المختلطة. لكن سرعان ما استيقظت من شرودها، فإلتفتت نحو الباب، ثم أعادت انتباهها إليه.
سألت و الحيرة تغلف نبرة صوتها،
- ما الذي.. تعرفه عن الشاب الذي كان هنا ليلة أمس؟!
- إنه إبن الملك شهرمان، سلطان الغبراء الغريبة، و اسمه قمر الزمان.
- الأمير قمر الزمان!
- نعم يا مولاتي.
- و كيف.. كيف وصل إلى هنا؟! كيف..

عقدت حاجبيها وهي تحدق بعينيه،
- كيف وصلت أنتَ إلى هنا؟!

أشاح بصره لبرهة ثم أجاب،
- لا أستطيع أن أخبرك.. بأكثر من ما أفصحت به لك، يا مولاتي.

اختلط الإنزعاج بملامحها،
- و كيف لي أن أصدق كلامك هذا؟! و أنا لا أعرف من تكون، و لا من أين أتيت! و لا كيف دخلت!

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن