. الفصل الخامس عشر .

565 80 43
                                    


حلقت لمار عاليا بجناحيها الضخمين، حتى بدى لها نور شمس لطيف يشع بين غيوم كثيفة، كأنها قطن نظيف شديد البياض، تحيط بحديقة شاسعة خلابة، يتوسطها قصر ضخم يذهب العقل بطوله و جمال جدرانه الرخامية المزركشة.

حطّت الجنية عند مدخل الحديقة، فانحنى لها حارسان يماثلانها في الشكل، بكل احترام، مرحبان بها، وسألاها عن حاجتها بعد تذكيرها بأنهما رهن اشارتها. فطلبت لقاء الملكة.

تقدم الحارسان الطريق وهي خلفهما، تتبعهما بخطوات متمهلة وهي تتأمل بهاء الحديقة، من شلالات تملأ المكان بصوت خرير مياهها، و قِمَم الجبال التي تخترق الغيوم، و أشجار كل تحمل بأغصانها أوراق مختلفة الألوان، و أزهار متعددة الأشكال، الغريب و العجيب، في كل مكان. و الأرض بساط من عشب أخضر شديد الخضرة، عليها صفائح رخامية فضية مزركشة بلون فضي براق، يخطو عليها المشاة.

دخل الحرسان الحديقة الخلفية للقصر، ثم تقدما نحو ستائر بيضاء شفافة مسدولة حول ركن من أركان المكان، تظهر من خلفها مجموعة من الأرائك.

تقدمت جنيةٌ بجناحيها نحو القادمين، حطت على قدميها ثم انحنت مرحبة بالضيفة التي طلبت مقابلة الملكة.

أشارت الجنية بحركة من يدها للحرس بالمغادرة، ثم طلبت من لمار أن تتبعها نحو الستائر.

وقفت الجنية عند المدخل.
- مولاتي الأميرة لمار هنا لمقابلتك يا مولاتي.

أجاب صوت لطيف من خلف الستائر بعد أن بدى من خلفها، جسد يقف عن احدى الأرائك،
- فلتتفضل الأميرة.

أشارت الجنية للأميرة بالدخول، و هي تحني رأسها احتراما، فشكرتها لمار، ثم دخلت.

ابتسمت أميرة الجان لحظة التقت عيناها السوداوتين، بعينين واسعتان زرقاوتان زرقة السماء الصافية، ثم انحنت.
- ملولاتي.

تقدمت الملكة و شفتاها الحمراوتان الممتلأتان ترسمان ابتسامة لطيفة، وهي في فستان حريري فضي متلألئ مريح، يظهر نحالة و تناسق قدها، و شعرها الطويل الشديد السواد مسدول على كتفها الأيمن، ليسمح لقرط زمردي يماثل عينيها في اللون، في أذنها اليسرى، بالظهور.
- مولاتي الأميرة.

افتر ثغر لمار عن ضحكة واسعة، فانفجرت أوسع منها على محيا الملكة، و أسرعت كلتاهما في احتضان الأخرى.
- كيف حالك يا "تاليا"؟

تراجعت الملكة عن حضن صديقتها،
- بخير! و أنت يا لمار؟

هزت رأسها غير واثقة من جوابها،
- بخير! بخير!

قلصت تاليا عينيها في شك،
- أشك في ذلك!

أشارت الملكة لضيفتها بالجلوس،
- هيا أخبريني، ماذا هناك؟ و سأساعدك إذا ما استطعت.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن