الأميرة و الجني

. الفصل الخامس و العشرون .

عقد حاجبيه و هو ينقل نظره بينها و بين الطريق أمامه،
- ما الذي تقصدينه؟
- لا أظنه شرير يجري خلف العظمة و السيطرة، أو أي شيء من ذلك القبيل.
- و لما تعتقدين ذلك؟
- لا أدري! شعور و حسب. رغم أنني أشك في أنه يخفي شيئا، إلا أنه يبدوا رصينا، و هادئا. كما أنه لا يكذب عندما يتحدث، و لا يتفادى الإجابة عن أي سؤال!

هز رأسه موافقا،
- صدقتي. لم يكذب في أجوبته حتى الآن.
- ربما عليك أن تتحدث إليه.
- أتحدث إليه؟
- اسأله عن نفسه، و إلى أين هو ذاهب، و ما هدفه من هذه الرحلة.
- و هل تظنينه سيجيب بصدق؟
- سيفعل. اذا حدثته على انفراد.
- على انفراد؟

سكتت عن الكلام لمدة قبل أن تجيب،
- لاحظت أن بدر الملوك لا يترك له مجالا ليتحدث بحرية. يجيب بدلا منه أحيانا. لذلك، حدثه على انفراد.
- لاحظتي ذلك أيضا!

أومأت، فتنهد تاج ثم هز رأسه،
- إنه يخفي شيئا ما، و لا يريد أن يخبرني. أنا متأكد من ذلك.
- لا بد و أن هازار يعلم بما يخفيه بدر. لا تستعجل. تقرب منه في البداية، ثم اسأله في ما بعد عن الأمر.

....

توقف بدر الملوك عن السير بعد أن توسطت الشمس كبد السماء، و أمر جميع من معه بأخذ قسط من الراحة. فتوقف الجميع لتناول بعض الطعام، و اطعام أحصنتهم استعدادا لإكمال المسير.

نزل تاج من على ظهر حصانه ثم استأذن من وردة، و اتجه نحو هازار.

كان المنجم آن ذاك يتفقد ما معه من ثمار و فواكه، و عندما شعر باقتراب أحدهم، التفت ليتأكد. و ما أن لمح تاج، حتى ترك الفاكهة، و تبسم مستديرا إليه.
- بماذا أساعدك يا مولاي؟

وقف الأمير في صمت للحظة متبسما، ثم افتر ثغره عن ضحكة صغيرة مكتومة.
- نادني تاج. تاج الملك. أو تاج. تاج وحسب.

اتسعت ضحكة هازار ثم هز رأسه موافقا.
- تاج.
- جيد.

ثم أضاف،
- ما رأيك أن تنضم إلينا. أنا و وردة.

هز يده بهدوء، معتذرا،
- لا أريد إزعاجكما.

رمش بضع مرات متفاديا النظر إلى هازار لثانية،
- أبدا! لن تزعجنا بشيء.

خفض المنجم عينيه ضاحكا،
- عيناك تقولان غير ذلك يا تاج.

ارتبكت تعابيره، فأضاف هازار معتذرا،
- أظنك منزعج من تقربي من مولاتي. و أتفهم ذلك.

أومأ تاج في تردد،
- قليلا.

هز هازار رأسه متفهما، و ابتسامته لا تفارق شفتيه،
- أعتذر عن ذلك مجددا. لم أقصد أن أضايقكما.
- لكنك كنت تعلم أننا.. أكثر من صديقين.
- تقصد أنكما عشيقان. حبيبان.