رمقته بحدة وأنا أقول:
-أنا بخير أيها السيد. اتركني وشأني فحسب.

احتدت ملامحه وشعرت بخوفٍ من نظرته الحادة ومن نبرته الصارمة حينما قال:
-أنتِ طفلة عنيدة حقاً. سأتحقق أنكِ بخير ثم سأدعك وشأنك بعدها.

وما كان مني إلا أن أبدأ الجري بأقصى سرعتي مجدداً. إنه شخصٌ مخيف حقاً.

تباً لهذا العالم الغبي حقاً.

ذهابي للمشفى سيعني انكشاف كل شيء وسيعني عودتي لذاك السجن الذي يسمى مدرسة قبل أن أكمل ساعة واحدة خارجه.

أشعر بجسدي ينبض بألمٍ شديدٍ لا يحتمل. ولكن لا أظن أن هناك كسوراً وإلا ما استطعت السير.

لابد أن لدي العديد من الرضوض التي تحتاج لعناية. وأنا أسوأ شخصٍ قد يعتني بجراحه.

وصلت إلى منطقة قليلة الازدحام خلف مجموعة من الأبنية السكنية ولذا سارعت بالاختباء خلف إحدى الأشجار الضخمة بعد أن تحققت أنه لم يتبعني.

جلست مستندة على جذع الشجرة ألتقط أنفاسي بصعوبة وأنا ألعن حظي وكل إنسانٍ في هذا العالم. ألا يمكنهم تركي وشأني قليلاً فقط!!

تكومت على نفسي وأغمضت عيناي محاولةً تناسي آلامي الشديدة ولكن لم أستطع.

شعرت بالدموع تتراكم بعيناي ولكني قاومتها بصلابة. ليس بعد. لن أعلن هزيمتي بهذه السرعة. لن أستسلم أبداً.

شعرت بظلٍّ ما يحجب ضوء الشمس عني ولذا فتحت عيناي بسرعة لأجد ذات الرجل الذي صدمني بسيارته يقف أمامي.

لم أفكر بالهرب هذه المرة فمن الواضح أنه مصرٌّ على إمساكي طالما تبعني كلّ هذه المسافة.

كان يرمقني بنظراتٍ حادة دون أن يتفوه بحرف ولازلت مصرةً أنه يبدو مخيفاً.

نهضت واقفة وأنا أتمالك آلامي بصعوبة وقلت بيأس:
-أنتَ عنيدٌ جداً سيدي. وتوقف عن النظر إليَّ بهذه الطريقة وكأنني مجرمة هاربة من قبضة العدالة.

انحنى حتى وصل لمستواي ثم رفع يده باتجاه وجهي فأغمضت عيناي بخوف لا إرادياً ولكنني شعرت بنقرة مؤلمة قليلاً على جبهتي فعاودت فتحهما باستغراب لأجده يبتسم باتساعٍ وقال:
-أنتِ هي الطفلة العنيدة هنا.

حسناً هو شخصٌ مختلفٌ تماماً عندما يبتسم. شعرت بالقليل من الارتياح وببصيص من الأمل أن يمرّ الأمر بسلام.

-لما هربتِ قبل قليل؟؟ أو بالأحرى هل أنتِ هاربةٌ من أحدٍ ما؟؟

أردت إعطاءه مبرراً وهمياً ولكن نظرته الثاقبة جعلتني ألتزم الصمت فحسب. لن أستطيع الكذب عليه أبداً.

-صمتك يشير أنني محقٌّ في كلامي. إذاً هل أنتِ هاربة من منزلك؟؟

شعرت بالقلق من أن يكتشف الحقيقة ولذا سارعت بالقول:
-هل ستحقق معي الآن؟؟ لا أظن أن الأمر يعنيك بأي شكلٍ من الأشكال. لا داعي لكل هذا وأستطيع تدبر أمر إصاباتي وحدي. أليس لديك أي عملٍ غيري اليوم؟؟

لحن الكاميليا || Camellia MelodyWhere stories live. Discover now