. الفصل الثاني .

ابدأ من البداية
                                    

و لحظة وقف عند السرير، كشف الضوء عن الوشوم التي صنعت طريقها من صدره، إلى عنقه، و إلى بعض من وجهه، لتفسد بياض بشرته الجميلة، لكنها لم تستطع إفساد ملامح وجهه البديعة.
ذقن جذاب، عظام فك بارزة، شفتان شبه ممتلئتان حمراوتان فاتنتان، أنف مستقيم جميل، و عينان حادتان لونهما عسلي لطيف، ثم شعر بني أشقر، متوسط الطول مموج بشكل مثير، يغطي بعضا من مؤخرة عنقه، و بضع الخصلات الأمامية تغطي جبينه.

تفحص في استغراب شعرها الأسود الحريري و جسدها الرشيق الذي يدير ظهره له، ثم همس لنفسه مستفهما،
- من تكون يا ترى؟!

دنى منها بحثا عن ملامحها، لكنه سرعان ما تراجع مذهولا عندما تحركت و استلقت على ظهرها، فبدت له محاسن وجهها التي أذهبت بعقله لثوان. و بعد تردد، نشر جناحيه و رفع بهما جسده قليلا، ليعتلي جسدها وهو يطفوا في الهواء، ثم بدأ يُنزل جسمه ببطئ بمساعدة جناحيه، إلى أن جعل المسافة بينهما قليلة.

أخذت عيناه تتجولان بين معالم وجهها الساحرة و النائمة.
حاجبان متوسطا الكثافة و منظمان بشكل جميل و كأنهما مرسوما بعناية، رموش كثيفة طويلة جذابة، أنف مستقيم مميز الشكل، خدان بارزان يطفيان لطافة على شكل وجهها، و شفتان ممتلئتان حمراوتان فاتنتان.

تمتم لنفسه وهو هائم بحسنها،
- إنها أجمل و أحسن من البدر ليلة اكتماله!

مد يده إلى جبينها، و أزاح خصلات شعرها الأمامية برقة، ثم افتر ثغره عن إبتسامة صغيرة، وهو يمسح بإبهامه على خدها بلطف.

و ما ان استيقظ من شروده و تذكر سبب خروجه من البئر، حتى أبعد يده عن وجهها و عاد للوقوف، ثم أسرع بخطواته نحو الشرفة وهو يردد و كأن باله منشغل بأمر ما،
- تأخرت! تأخرت! سأعاقب على تأخري.

توقف في منتصف الطريق، ثم التفت الى الحسناء التي لا يعرف عنها شيئا، ليلقي عليها نظرة أخيرة، قبل أن يخرج إلى الشرفة، ليجد أمامه جمال منظر مدينة قلب السبعة قصور. شرد في الصورة لمدة وهو يفكر في الصبية بالغرفة.
- من تكون يا ترى؟! و ما الذي تفعله في برج مهجور كهذا؟!

لكن ما من جواب خطر على باله، فأغلق عينيه وهز رأسه ليطرد صورتها وجهها من ذهنه، ثم نشر جناحيه و رفع جسده بكل خفة، ليطير بعيدا نحو السماء باتجاه القمر.

بعد دقائق طويلة من الطيران، بدى له قصر عظيم و كأنه يطفو بين السماء و الأرض، فأسرع مرفرفا بجناحيه و القلق مكتوب بوضوح على صفحة وجهه.
- الليلة سينتهي أمري!

و ما أن اقترب من مدخل القصر و بدى له الحرس عند بابه الضخم، حتى اتسعت عيناه و احتبست أنفاسه، فتراجع و طار مسرعا نحو النوافذ الخلفية.

الأميرة و الجنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن