إنها متعجرفة...أو تحاول أن تبدو كذلك. رفعت كتفي بقلة حيلة وأنا أقول:
-لا تقلقي لن آتي إلى هنا مجدداً أبداً. إنه اليوم الأخير لي في هذه المدرسة وسأنتقل إلى أخرى منذ الغد.

أومأت لي دون تعليق واستدارت لتغادر قبلي.

نظرت إليها باستغراب وشعرت وكأنني التقيتها من قبل ولكنني لا أتذكر أين.

غادرت السطح أنا أيضاً متجهاً إلى منزلي بعد أن ألقيت نظرة أخيرة مودعة للمدرسة التي أمضيت فيها عامين حافلين.
.
.
.
.
.
مضت عدة أسابيع على ذاك اللقاء الغريب ونسيت أمر تلك الفتاة تماماً ولكن اليوم وأنا أتمشى قليلاً في إحدى الحدائق الشبه خالية بسبب برودة الجو رأيت فتاتين تتشاجران وكانت الشقراء الغريبة إحداهما.

لست أرغب بالتدخل ولا يهمني ما يحدث لهما ولذا تابعت طريقي متجاهلاً أمرهما ولكن صراخ إحداهما بقوة جعلني أستدير نحوهما مجدداً لأجد أن الشقراء لوت لها يدها بقوة وتوشك على كسرها.

وقبل أن أتقدم باتجاههما خطوة واحدة صرخت تلك الفتاة بقوة أكبر وسقطت أرضاً وهي تبكي وتصرخ بشدة.

توجهت إليهما حينها وحاولت مساعدة الفتاة الجالسة أرضاً على النهوض ولكنها بقيت تبكي بشدة وانتبهت أن يدها تبدو مكسورة بالفعل.

هذا مستحيل هل يعقل أنها كسرت لها يدها!؟

تدخل اثنين من الموجودين وساعدا الفتاة المصابة للذهاب إلى المشفى بينما تبعت أنا الفتاة الشقراء باستياءٍ شديدٍ من فعلتها.

قطعت عليها سيرها وأنا أقول بحدة:
-أعطني سبباً مقنعاً لكسرك ليدها. هذا تصرفٌ أهوج ولا إنساني.

ولكنها رمقتني بازدراء شديد وقالت:
-كان يجب أن أقطع لسانها أيضاً. أشعر بالندم لتركها تنجو.

رمقتها بحدة قائلاً:
-مهما كان ما فعلته لكِ فلا يجب أن تنتقمي منها بهذه الطريقة. كيف طاوعك قلبك على كسر يدها حقاً؟!

ابتسمت حينها باتساعٍ وقالت بثقة:
-هذا ليس انتقاماً أبداً. إنه مجرد درسٍ تأديبي. الانتقام يعني القتل فقط. وبالنسبة لقلبي فقد فقدته منذ زمنٍ طويلٍ ولذا لا يوجد ما يمنعني من فعلِ ما أريد ومهما كان.

والآن ابتعد عن طريقي ولا تتدخل فيما لا يعنيك.

وتابعت طريقها مبتعدةً عني بينما كنت أحدق بها محاولاً عصر ذاكرتي لمعرفة أين التقيتها من قبل. إنها تبدو مألوفة بطريقةٍ ما.

لم تسعفني ذاكرتي للأسف ورغم رغبتي بالابتعاد عن المشاكل وبالأخص هذه الفتاة الغريبة ولكن فضولي كان أقوى.

أو ربما عيناها هما السبب. كلما نظرت إليهما أشعر بقوة عجيبة تشدني إلى الأعماق. رغم النظرة المظلمة التي تحتلهما دائماً. يبدو أن تلك الفتاة مرت بتجربة سيئة في الماضي جعلتها هكذا.

لحن الكاميليا || Camellia MelodyWhere stories live. Discover now