الفصل الثامن

Start from the beginning
                                    

على الطرف الآخر
ابتسامة واسعة احتلت ملامحه و نبرتها الغاضبة تصل إلى أذنه.
«هل اتصلت في وقت غير مناسب؟»
«نعم»
قالتها بحنق و بلا أدنى تردد.
يبتسم شريف باستمتاع، فأخيراً قد استطاع استفزازها!
«كنت ارغب في التأكد أنكِ لازلتِ على قيد الحياة، فأنا لم أرى وجهكِ منذ أيام»
جزت على أسنانها، تعلم ما يرمي إليه، فبالتأكيد يقصد بعد أن منعها هو بطرقه المباشرة و الغير مباشرة عن القيام بعملها كما تحب..
و لكنها تقسم ألا تمنحه شرف استفزازها!
«لم اجد شيئاً مثيراً عندكم لآتي، كما أنه بين يدي عملاً أكثر أهمية»
يعلم كذبها، أنها ما ابتعدت إلا لأنه حرص على ذلك، خاصة بعدما تأكد بنفسه من ابتعاد مصادرها تماماً عنها..
و لكن ما فعله كان بغرض ابتعادها عن الخطر، و ليس عنه!
فلقد ظن أنه حينما لا يوجد أمامها غيره للحصول على المعلومات التي تريدها؛ ستزداد أوقات رؤيته لها و حديثه معها، و لكن العكس ما حدث، فمنذ ذلك اليوم و هو لم يلمحها حتى!
تُرى أغضبت بسبب أنه كان سيضعها في السجن؟
بالتأكيد هذا ما حدث، كما أنه لديها كل الحق، فمن المستحيل أن يتقبّل شخص يملك عقلاً ذلك!
«براءة، ذلك اليوم عندما كنا في مكتبي و ما حدث كله كان لعبة، من المستحيل أن اضعكِ في السجن، أنا فقط أردت إثارة خوفكِ لاعرف مصادركِ و بالتالي أبعدكِ عن الخطر»
«أي خطر؟
هل تراني طفلة؟
أنا اعرف تماماً ما افعله و عواقبه، قادرة على حماية نفسي جيداً»
قالت بغضب معترضة على ما تفوه به.
يعترض على ما قالته بداخله، يقسم أنها لا تختلف عن الأطفال في شيء!
«لا أحد بقادر على حماية نفسه يا آنسة، نحن رجال الشرطة، و على الرغم من كل التدريبات التي خضعنا لها، لسنا قادرين على حماية أنفسنا، على العكس، كل منّا يغادر منزله و هو يضع روحه على كف يده..
فكيف تثقين أنتِ بقدرتكِ على حماية نفسكِ؟»
ألجمتها كلماته فلم تستطع الرد عليه لأول مرة منذ أن قابلته!
يسعد هو بتسجيل انتصاراً جديداً عليها!
يقول بمكر: «ألا تريدي معرفة آخر الأخبار؟»
تنسى كل ما قاله و شغف العمل يسيطر عليها، فتستمع له بكل تركيز.
**********
ظهر تورد وجهها بعد أن وضعها على السرير، خاصة أن عائلتها حولها و هو يتعامل بجرأة كعادته..
ظل قريباً منها بعد أن استلقت جيداً، تلفح أنفاسه الساخنة وجهها!
«ابتعد»
رقصّ ماهر حاجبيه بصبيانية، ابتسامته المشاكسة تظهر على وجهه، يهمس لها بصوت لا يسمعه سواها:
«ما رأيكِ أن نطرد والديكِ و نتمم زواجنا؟»
ازداد تورد وجه لمياء و هي تلكزه بنزق، ثم تدفعه بعيداً عنها..
ينظر لها بنصف عين، و صوته يصل إلى الجميع: «محبطة للآمال»
تثير الكلمة ضحكات العائلة مع أنهم لم يفهموا سببها!
سار هيثم ليجلس بجانب شقيقته، و وجه حديثه إلى ماهر بأريحية: «احذر يا رجل، إياك و إطلاق مثل هذه الجملة على شقيقتي»
ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتي لمياء، الراحة تملأ قلبها و هي ترى علاقة هيثم و ماهر التي تطورت كثيراً في الفترة الأخيرة، بل أنها باتت تعتقد أنهما أصبحا أصدقاء!
و هذا يرجع لموقف ماهر معها و عدم تخليه عنها بعد ما حدث لها، على عكس ما كانت تتوقع هي و عائلتها!
صحيح أن وراء كل أمر خير لا يدركه الإنسان..
و ربما الخير وراء هذا الحادث و ما آل إليه وضعها هو إصلاح علاقة شقيقها و زوجها!
فالحمد لله على كل شيء.
«زوجتي و أنا حر، أقول لها ما أشاء..
ثم أنها حقاً محبطة للآمال، لكنني اعلم كيف أنتقم منها و متى!»
شاكس ماهر هيثم و عيناه ترتكز على لمياء، نظراته تعدها بالكثير!
ترمقه لمياء بنظرة حانقة تجعله يضحك باستمتاع.
حمد والدا لمياء الله بداخلهما أن ابنتهما أصبحت بخير و لم تخسر حياتها كلها..
تنهض والدتها، و تقول: «ساذهب لأعد الغذاء، بالتأكيد جميعكم جائعون»
وافقها هيثم و هو يلمس بطنه بدرامية، يحثها على الإسراع..
في حين اعتذر ماهر بحرج موضحاً ضرورة عودته إلى منزله، فوالداه حتى الآن لا يعلما أنه خرج من المشفى!
«اتصل بهما و اخبرهما أنك معنا..
لا انتظر، سأحدثهما بنفسي و ادعوهما لتناول الغذاء معنا»
استوقفها ماهر قبل أن تتحرك بقوله: «لا داعي، من الأفضل أن أعود أنا، فلقد بدأت اشعر بالتعب»
يتدخل حامد قائلاً: «اتركيه يا أم هيثم، هو لا يحتاج لدعوة أو إلحاح»
يوافقه ماهر بابتسامة، فهو ليس غريباً!
ودع لمياء دون أن يقترب منها، اكتفى برفع يده بإشارة (ساتصل بكِ لاحقاً) لتفهم إشارته و تومئ له بموافقة.
نهض هيثم بدوره، و هو يقول: «هيا يا أستاذ»
التفت إليه ماهر بتعجب، يراه يلتقط هاتفه و مفاتيح سيارة والده، ليسأله بارتياب:
«إلى أين؟»
أجابه هيثم بسلاسة: «سأقلك إلى منزلك، بالتأكيد لن اتركك تستقل وسيلة مواصلات و أنت مُتعب»
تزداد سعادة لمياء و هي ترى مبادرة شقيقها دون أن تطلب منه هي أو والديها، تعود و تحمد الله بداخلها، و قناعتها أن هذا الحادث فيه خير لها تزداد!
«اجلس اجلس، سأتدبر أمري»
يقول هيثم بسخرية: «تدبير الأمر بمفرده تعب، سِر أمامي و لا تقلق سآخذ منك ثمن التوصيل»
يسير معه ماهر، و هو يقول بمرح: «حسناً إذا كان هكذا فليس لدي اعتراض»
**********
«هيا يا أم ماهر، سنتأخر»
خرجت والدة ماهر من المطبخ حاملة معها حقيبة بلاستيكية متوسطة الحجم بداخلها بعض الطعام إلى ابنها، فهي لا ترى طعام المشفى مفيداً له!
فتح والد ماهر الباب، ليتفاجأ بابنه واقفاً أمامه، فيقول بدهشة: «ماهر!»
أسرعت السيدة بالقول: «متى خرجت من المشفى»
تحرك ماهر إلى الداخل، ليجلس على الأريكة بتعب، و يقول: «اليوم، أخذت لمياء إلى منزلها و جئت»
لوت شفتيها بعدم رضى، فعلى الرغم من أن ابنها حالته قد تحسنت منذ عدة أيام، إلا أنه رفض الخروج من المشفى إلا مع زوجته، و ها هو نفذ ما أراد!
«و اطمئننت عليها؟»
سألته بسخرية لم يلاحظها..
أجابها بعفوية: «نعم الحمد لله»
أخرجت الطعام من الحقيبة دون أن تعقب على كلماته، فهي تعرف ابنها جيداً، متأكدة من أنه لن يتحمل لمياء كثيراً، و قريباً جداً سيتركها بنفسه!
و إن لم يفعل ذلك ستتدخل هي، فمن المستحيل أن تجعل ابنها يقضي حياته مع عاجزة مثلها!
**********
لا تعلم كيف انتقلا من الحديث حول العمل و الإعدادات له إلى الحديث في حياتهما الشخصية و ذكريات الطفولة!
كل ما تعرفه أن سليم بعفويته و حسّه الفكاهي أنساها لِمَ اجتمعا من الأساس!
تعالت ضحكاتهما سوياً مُلفتة الأنظار إليهما؛ إثر قصّ سليم عليها مقالبه هو و شقيقته في صغرهما و ما أدت إليه!
«معقول شقيقتك هكذا، لا يظهر عليها أبداً أنها بهذه الشقاوة»
توقف سليم عن الضحك، و قال: «حورية اكتسبت صفة الهدوء في السنوات الأخيرة، و لكنها في صغرها كانت شيطانة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى»
«و أنت؟»
سألته براءة بمرح و قد بدأت في الاعتياد عليه و زالت الحواجز بينهما.
يرفع سليم أحد حاجبيه، يسألها: «أنا ماذا؟»
«اكتسبت الهدوء مثلها أم لا»
وضحت سؤالها.
ترتسم على شفتيه ابتسامة مليئة بالمكر، يقول بنبرة لم تفهمها:
«أنا أصبحت شيطاناً كبيراً»
ضحكت ظناً منها أنه لم يكفّ عن مقالبه بعد، و قالت بخوف مصطنع:
«عليّ الحذر منك إذاً»
تتسع ابتسامته، يؤيدها بقوله: «عليكِ ذلك»
ثم ينتقل إلى موضوع آخر، يخترق حياتها الشخصية!
«و أنتِ؟
أليس لديكِ مقالب أو.. مغامرات؟»
و كما توقع، تحدثت عن مغامراتها في مهنتها و تواجدها في مواقع التسليم و حضورها معظم المداهمات، ليصل إلى هدفه!
«و لكنكِ هكذا تأذين نفسكِ، ليس عليكِ التواجد في أماكن مثل هذه، إنها مليئة بالخطر»
«يا الله، أنت تتحدث مثله!»
قالتها بعدم رضى.
يعقد سليم حاجبيه بارتياب، و يسألها: «مثل مَن؟»
قالت لاوية شفتيها: «ضابط في مكافحة المخدرات، و لكنه سمج سمج سمج، لم يرتح إلا بعد أن منعني عن التواجد في المداهمات»
زفر سليم أنفاسه براحة، على الرغم من كرهه الشديد للضباط، إلا أنه شكر هذا الضابط كثيراً بداخله، فلقد أراحه من مشوار طويل مع الصحفية، و أنقذها منه أيضاً!
«و لكنني لن استسلم أو ارضخ له، قريباً سأعود و أتواجد في أي عملية يقوم بها و لن يستطيع منعي!»
أي راحة هذه التي كان سيحصل عليها؟
هذه الفتاة يبدو أنها مزعجة كثيراً، مشواره الذي كان لن يسيره منذ قليل سيكون معها أطول مما يتوقع!
«لكن أيضاً عليّ الاعتراف أنه بات يساعدني في الفترة الأخيرة و يمنحني المعلومات التي احتاجها»
توسعت عيناه بدهشة إثر كلماتها الأخيرة، أفكاره تأخذه إلى أبعد مما تقصده براءة، أنها ربما تعرف مواعيد المداهمات و تفاصيلها، و هذا بالتأكيد سيساعده كثيراً في الهرب!
هذه الفتاة كنز لا يمكن التفريط فيه!
«للأسف، لابد لكِ من زيارة جحيمي يا براءة!»
**********
ابتسمت و هي تراه يرمقها بهدوء دون أن يتحدث، فقالت بمشاكسة:
«لقد عدت إلى كمال الهادئ الذي رأيته أول مرة، كنت أظن هدوءك أمس خوفاً من أن ترفضك عائلتي»
مسح على شعره بحرج و هي تشير بطريقة غير مباشرة إلى تصرفاته الحمقاء معها في الفترة الماضية..
تميل حورية و تستند على الطاولة التي أمامها بذراعيها، تهتف بجرأة:
«أتعلم؟
لقد أحببت شخصيتك الهادئة، لأنها أثارت فضولي للاقتراب منك و التعرف عليك..
و سُحرت بتصرفاتك العفوية عندما طلبت الزواج مني و عدم سيطرتك على مشاعرك، فهذا أوضح مدى حبك لي..
باختصار، أنا اعشقك بكل حالاتك»
تنهيدة راحة خرجت من بين شفتيه و قلبه يلتوي بسعادة، يميل مثلها مستنداً على الطاولة، فيصبح وجهه على مسافة قريبة من وجهها و تختلط أنفاسهما!
«هل تعترفين بحبكِ لي؟»
وترها قربه الشديد منها و أنفاسهما المتبادلة..
اعتدلت في جلستها، و قالت بنبرة خرجت مهزوزة إثر انفعالاتها الداخلية:
«كما ترى»
لم يتحرك من مكانه، نظراته تتحرك عليها بسعادة لأنها قريباً ستكون ملكه..
«لا تنظر إليّ هكذا»
قالتها بخجل و هي تشعر بعينيه تأكلها.
يهتف بابتسامة: «و كيف انظر إليكِ إذاً؟»
أبعدت عينيها عنه و وجهها قد أصبح باللون الأحمر:
«أي طريقة غير هذه»
«ماذا فعلتِ بي؟»
سألها و تنهيدة حارة تخرج من بين شفتيه.
ترفع نظراتها له بحيرة، تهتف باستنكار: «أنا!
لم افعل شيئاً»
هز رأسه معترضاً على كلماتها، ثم همس بحب يملأ قلبه: «بل فعلتِ الكثير..
سحرتِني برقتكِ و لطفكِ..
استحوذتِ على تفكيري بتصرفاتكِ..
فوجدت نفسي اعشقكِ دون أن ادري»
عضت على شفتيها بخجل، ترمش بعينيها التي تلمع بالسعادة، دقات قلبها تصمّ أذنيها..
«أنت بارع في المغازلة أيضاً..
كم شخصية لديك؟»
يسحب مقعده نحو الطاولة فتكاد ساقهما تتلامس، يميل بجسده ليصبح قريباً منها أكثر، يقول بصدق:
«لم أكن اعرف سوى كمال واحد، و لكن معكِ بت اكتشف في شخصيتي الكثير مما لم أكن اعرفه»
رفرفت أنوثتها بسعادة و كلماته تستحوذ على رضاها، تزيد من ثقتها في نفسها..
فهي حورية، تأثر في هذا الرجل الوسيم هذا التأثير الكبير، لدرجة أنه يقوم بتصرفات لم يكن يتوقع فعلها!
«آه متى تكونين زوجتي؟»
خرجت الكلمة من بين شفتيه حارة تعبر عن هيجان مشاعره..
تبعد حورية عينيها عنه مبتسمة بخجل، و لكنها كانت تسأل نفسها نفس السؤال..
متى تكون زوجته؟
**********
طرقات خفيفة على باب غرفتها، تبعها دخول والدها و شقيقها بعد أن أذنت لهما..
اتجهت عيناها إلى ما يحمله شقيقها، لتلتمع بالدموع!
أسرع والدها إليها يضمها إلى أحضانه و يهدأها، مع أن قلبه كان يحتضر حزناً على حالها!
هتف مقنعاً نفسه قبلها: «ستستخدميه لفترة مؤقتة حبيبتي، حتى تضعي الساق الصناعية، كي تستطيعين التحرك في الوقت الحالي دون تعب»
تأملت العكاز الذي مازال شقيقها يحمله..
مَن قال أنها ستتحرك دون تعب؟!
بل تعبها سيكون نفسياً قبل أن يكون جسدياً!
دمعة رطبت وجنتيها مسحتها بسرعة قبل أن تلحقها المزيد، فالبكاء لن يفيد و ما حدث قد حدث!
رفعت يدها في إشارة لشقيقها بالاقتراب، ففعل..
تأخذ منه العكاز، تتحرك بصعوبة لتقف مستندة عليه..
تشعر بألم في ذراعيها بسبب ثقله، لكنها تكتمه داخل قلبها، فيكفي عائلتها حزناً عليها..
ابتسامة لم تصل إلى عينيها ظهرت على شفتيها، و هي تقول: «شكراً أبي، هذا سيساعدني حتى استخدم الساق الصناعية»
إلا أن والدها و شقيقها استطاعا رؤية ما وراء كلماتها، و لكنهما لم يعلقا، فلا شيء في يدهما يفعلاه ليعيد لحبيبتهما سعادتها!
**********
وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها بعدم رضى، ترتدي فستاناً نيلي يصل إلى أول ركبتيها مظهراً ساقيها الناعمتين ، بحمالة رفيعة على أحد كتفيها، و أخرى عريضة متدليّة على الكتف الآخر، يشكلان معاً فتحة مثلثة عند الصدر، يعلوه قلادة ماسية قصيرة تلفت النظر إلى عنقها المغري، و إسوارة ماسية تزيَن رسغها..
شعرها منساب على جانب واحد، تتخلله ضفيرة صغيرة، شفتاها مطلية بأحمر شفاه وردي اللون، يحدد الكحل الأسود عينيها فيُظهر لون الشوكولاتة الذائبة فيهما..
بقدميها كعب أسود تلتف خيوطه على ساقيها السمراوتين..
التفتت إلى لارا و الدموع تلتمع في مقلتيها، عدم الرضى عن مظهرها يظهر جلياً على وجهها.
«لارا ما هذا؟
أنا كيف استمعت لكِ و نفذت ما تريديه»
رفعت لارا أحد حاجبيها مستنكرة، فهي لم تتوقع أن رد فعل مروة سيكون هكذا!
كانت تتوقع أنها ستكون سعيدة بجمالها الذي ظهر واضحاً ببعض لمسات بسيطة، متحمسة لرأي عزام و إثارة غضب مرام.
«ماذا بكِ؟»
أطرقت مروة برأسها متأملة جسدها، لتعود و تنظر إلى لارا، تقول بحزن: «كيف تفعلين بي هذا؟
أبدو بشعة كثيراً بهذا المظهر»
«بشعة!»
رددت لارا بصدمة.
تومئ مروة عدة مرات، دمعة وحيدة تسقط من عينيها و كلمات مرام تتردد في أذنها، لتقول:
«نعم، لون الفستان لا يناسبني، يبدو فظيعاً مع بشرتي السمراء..
كما أنه يُظهِر كم أنا سمينة، يجعلني أبدو كـ»
لم تتحمل لارا سماع المزيد من حماقات صديقتها، أغمضت عينيها قائلة بنفاذ صبر:
«كفى، اصمتي»
تسير باتجاهها، تديرها بقوة لتواجه مروة المرآة مرة أخرى، و نبرة لارا الحادة تخترق أذنيها:
«انظري إلى نفسكِ جيداً، هل ترين نفسكِ بشعة حقاً؟»
تتأمل مروة نفسها مرة أخرى، و لكنها لم تكن تنظر إلى نفسها بعينيها، بل بعين باسم الذي يراها قبيحة و أطلق في حقها أفظع الكلمات من قبل..
بعين مرام التي أهانت أنوثتها أمام ابن عمها!
«إن كان هناك لفظ أكثر من البشاعة، فهو سيناسبني بكل تأكيد!»
جزت لارا على أسنانها بينما تقبض كفها التي تأكلها لإعطاء صديقتها كفاً يفيقها مما هي فيه، لتقول بلا مبالاة:
«إن كنتِ ترين نفسكِ هكذا لا يهمّ، المهم أنا كيف أراكِ و رأيي في مظهركِ»
التفتت إليها مروة، قائلة باقتناع: «أنتِ تجامليني لأنني صديقتكِ، و لكن عائلتي لن تفعل ذلك، خاصة مرام، لن تتردد في توضيح كم أبدو قبيحة و مظهري يثير الاشمئزاز..
حتى باسم سيحضر مع زوجته، و مؤكد سيلقي عليّ كلمة أو أخرى»
قالت جملتها الأخيرة بفزع، لتتابع و هي تهمّ بتبديل فستانها:
«لا لا، لن اذهب بهذا الفستان، لن اجعلهم يسخرون مني»
أوقفتها لارا و قد تورد وجهها غضباً من غباء صديقتها.
«مروة لا تثيري جنوني، أنا حتى الآن لا اعلم كيف أسيطر على أعصابي معكِ..
اذهبي إلى الحفل هكذا و اجعلي هذه الليلة تمر على خير»
يزداد انهمار دموع مروة بضعف، تقول بأسى: «إن ذهبت بهذا المنظر لن تمر على خير صدقيني..
سيفشل مخططكِ، و بدل من أن يزداد إعجاب عزام بي سيرى كم أنا غير مناسبة له، كما كنت غير مناسبة لباسم من قبل»
فقدت لارا سيطرتها على نفسها، لتطرق جانب رأس مروة بقوة غير مبالية إن كانت الأخيرة ستتألم أم لا!
«اخرجي باسم بكلماته و برؤيته لكِ من هنا، لا تفكري فيه لأنه لا يستحق»
تواجهها مروة بضعف: «و مرام و كلماتها لي أمام عزام؟»
تقول لارا بذكاء: «لا تستحق أن تفكري فيها أيضاً، لأن كل ما تقوله لكِ نابع من غيرتها منكِ بسبب اهتمام عزام بكِ، و لا أساس له من الصحة»
تتعالى ضحكات مروة ممتزجة مع دموعها، و كأن لارا ألقت عليها مُزحة!
«مرام تغار مني أنا!
أنتِ مقتنعة بما تقولي؟»
و بالطبع مهما أكدت لها ذلك لن تقتنع صديقتها الحمقاء!
فالأفضل لها أن توفر على نفسها عناء مناقشة لا جدوى منها و تركز فيما يجب أن يحدث الليلة..
«لنترك موضوع الغيرة و نعود إلى موضوعنا..
ستذهبي إلى الحفل بهذا الفستان»
و قبل أن تعترض مروة، قالت لارا ببرود: «و إن سخرا منكِ باسم أو مرام فهذه ليست أول مرة، هما معتادان على ذلك..
حتى إن ارتديتِ رداء المطبخ سيسخرا منكِ!
لذا ارتدي ما نراه مناسباً»
زمّت مروة شفتيها، و قالت بطفولية: «ما تريه أنتِ مناسباً»
ترفع لارا حاجبيها، و تقول بنبرة قوية: «هل لديكِ اعتراض؟»
و حتى إن كان لديها، فلارا لن تسمح لها بفعل إلا ما تريده، لذا من الأفضل أن تصمت و لا تعترض، و ليعينها الله على هذه الليلة!
ابتسمت لارا بانتصار حينما رأت صمتها، سحبتها و هي تقول:
«هيا لنمسح هذه الدموع من عينيكِ لتغادري»
**********
تأفف بضجر و رسالة أخرى تصله من شقيقه يتعجله الحضور إلى الحفل..
يرد على رسالته مستعلماً عن الموجودين حتى الآن من العائلة..
ثواني مرت بدت بالنسبة إليه كساعات و هو ينتظر رد شقيقه، ليأتيه الرد على هيئة مكالمة هاتفية!
«ما بك يا رجل؟
كل دقيقة و أخرى تسألني عن الحاضرين!
ماذا هناك؟
إن كنت ترغب في معرفة وجود شخص بعينه أخبرني عنه، و أنا سأخبرك إن كان حضر أم لا»
يرتبك عزام، يخرج صوته متوتراً: «لا أبداً، و لكنني أتساءل إن كانت كل العائلة حضرت حتى تلحوا عليّ بالحضور»
يقول شقيقه موضحاً: «كل العائلة حاضرة إلا أنت و مروة، و تقريباً جدي سيقتلكما عندما...»
يتوقف عن الحديث فجأة، يطلق صفيراً عالياً و كلمة جريئة أثارت ريبة عزام!
«ماذا يحدث عندك؟»
يجيبه شقيقه من على الطرف الآخر: «صاروخ هجم على الحفل الآن، عليّ الذهاب إليه لمعرفة مصدره و مقدار خطره علينا»
عقد عزام حاجبيه بعدم فهم و حيرته تزداد، ليسأل شقيقه بنفاذ صبر: «ماذا تقصد؟»
«مستحيل»
وصلته صيحة شقيقه المستنكرة.
يصيح بدوره: «أدهم أخبرني بما يحدث عندك!»
يقول أدهم و عيناه مازالت مرتكزة على الفتاة التي دخلت، يرمقها بعدم تصديق: «الصاروخ ليس سوى مروة ابنة عمك!»

عايزة احطلكم صفارة طويلة بس مش عارفة ازاي 😂😂😂
وبعدما تم مغازلة مروة بواسطة ادهم، اعتقد اننا هنقرى على روحه الفاتحة قريب، وممكن نقرا على مروة معاه برضه عاتي 😂😂😂
تفتكروا عزام هيعمل أيه لما يشوف مروة 🤔🤔🤔
ورأيكم في باقي الشخصيات؟
اللي مستني الفصل التاسع يحط فوت وكومنت 🙈🙈

روحكِ تناديني (كاملة)Where stories live. Discover now