ماذا بعد ؟

59 32 13
                                    

أكثر الاشخاص الذين يؤلمونك حقا ، هم اولئك الذين لطالما حميتهم من الألم
.
انفال : اطراء جيد ، لكن حان وقت المعالجة الفيزيائية ، كن مهذبا مع الطبيب ، اغلق فمك قليلا ، رجاءا يا مناف ، نحن نريد مساعدتك ، ساعدنا ، ساعد نفسك ، ستفرج ، سأذهب خارجا أشتري بعض المستلزمات و سأعود بعد نصف ساعة ، في أمان الرحمان
( لما تريد ان تبقى هكذا ، لما لا تثق بنفسك ، بقدراتك ، أرجوك يارب ان تمنحه السكينة و الهدوء و الكثير من الصبر ، ارجوك اشفه ، انت املنا الوحيد يا إلهي )

دخل الطبيب بعد طرقه الباب
الطبيب : السلام عليكم ، كيف حالك سيد مناف ؟
مناف : و عليكم السلام ، بخير و الحمد لله
الطبيب : ستكون  معالجتنا اليوم مرهقة قليلا ، اود ان لا يزعجك هذا
مناف : ان تعرف جيدا انني مجبر على حضور تلك الحصص
الطبيب : سيد مناف ، انت لست اول شخص يصاب بالشلل النصفي و لن تكون آخرهم ، انت شخص محظوظ حقا ، لديك فرصة لتجاوز هذا ، و الشفاء منه
مناف : انا لست غبي ، اعرف ان فرصة المشي على رجلاي لا تتعدى نسبة 2 بالمئة ، بماذا تريدني ان اؤمن ، انا فقط أقصر عليك الطريق ، و اخبرك ان عملك هذا سيبوء بالفشل ، فلا تتعب نفسك ، آه نسيت اين دور الحظ هنا ؟ ، لو كنت محظوظا لكنت الآن جالس على طاولة مكتبي ، احقق وراء المفسدين ، ليس طريح الفراش ، و اتحدث مع مجنون مثلك
الطبيب : انت مؤمن و المؤمن مبتلى ، انت تملك شخصين يؤمنان بامتثالك للشفاء ، انا ان لم تتعالج سأخسر وظيفتي و احترامي امام زملائي ، لكن سأواصل حياتي ، اما زوجتك ستخسر حبها لك ، لكنها ستواصل حياتها ايضا ، فهي جميلة و متعلمة و مثقفة ، ستجد رجلا غيرك صدقني ، لكن انت ستبقى مرمي بين اربعة جدران ، ستقضي اجمل سنين عمرك في غرفة مستشفى .
مناف : اغرب عن وجهي ، تفضل خارجا
الطبيب : أشفق على حالك حقا ، ستبقى شقي طوال حياتك .
مناف ( أكثر شيئ اكرهه هو ان أرى الشفقة في عيون الآخرين إتجاهي ، انها تفزعني حقا ، لن استطيع النوم و هي لن تفارق بالي ، أريد حقا ، ان اعود كما كنت قويا ثابتا و رائعا  ، و لكنني لا استطيع لا اريد ان أرى خيبة الأمل على وجه أنفال ، لا اريد ان أفقد فرصتي للعيش ، ان أكون عاجز اهون على نفسي من كوني فاشل ، لقد حطمني كلامه ، أحقا ستتخلين عني يا أنفالي ، لن تفعليها صحيح انا أعرفك لن يهون هذا عليك ، ماذا لو تسلل الملل لأعماقك ، أستغفر الله من أفكاري المعتوهة  )

لم أشتري شيئا من السوق ، فقد كان بنظري يرتدي حلة سوداء ، لعلني فقدت القدرة على تمييز ألوان الحياة ، جلست قليلا في المقهى ، تذكرت نهى و إتصلت بها
انفال : مرحبا نهى كيف حالك ؟
نهى : أهلا غاليتي ، مشتاقة لحديثك
انفال : و انا أيضا ، أخبريني كيف هو وضعك الجديد في الولايات المتحدة ، كيف هي كليتك ؟
نهى : صراحة أستطيع هنا التنفس بحرية ، انني استمتع بحياتي حقا ، كأنني ولدت من جديد ، أما الكلية فهي ممتازة ، تعرفت على اصدقاء جدد رائعين ، المنزل الذي اقطنه جميل ، كأنه فصل على ذوقي حقا ، واسع جميل و مليئ بالحيوية و مفعم بالحياة ، انني و لأول مرة استطيع القول انني سعيدة جدا ، و متحررة فعلا ، ماذا عنك هل استطعت إيجاد أختي التوأم ؟
انفال : أسفة ، حاولت و لكن لم أستطع إيجادها ، لكن اعيطك وعدا انني سأبحث عنها و أجدها لو كلفني ذلك عمرا
نهى : أشكرك من أعماق قلبي ، أنت فقط من ساندني دون مقابل ، كيف حال مناف ؟
انفال : يسعدني حقا ، أنك تتأقلمين هناك ، أما بالنسبة لمناف لازال كعادته ،  يتألم دون ان يتكلم ، نظراته شاردة و فكره ملخبط ، انه قابع في قلب المحيط ، يستسلم للغرق ، كأنه طفل لا يعرف السباحة ، رغم انه يعرف الطريق لشاطئ النجاة
نهى : حاولي فهمه إنه يتعذب يا أنفال ، إنه يعاني ، إدعميه بكل قواك رجاءا
انفال : لقد خارت قواي ، كسر مناف بعقليته يداي ، إن كلماتي أمام مقلتيه مكبلة ، لساني مربوط ، انه ليس مناف ابدا ، كأن جسد مناف سكنه شخص آخر لا اعرفه و يرفض التعرف علي .
نهى : تمسكي به جيدا ، و اعتني به ، و بإذن الله ستتحسن حالته
انفال : ان شاء الله ، إعتني بنفسك جيدا ، في أمان الرحمان
اغلقت أنفال الخط ، تطمئنت قليلا على حالة نهى ، بعد شربها قهوتها اتجهت الى المستشفى ، ما إن دخلت غرفة مناف حتى كانت المفاجأة .....

/لا أحد ينتبه لنظراتك الشاردة و افكارك المثقوبة ، تستطيع خداع جل العالم أنك بخير ، و ترجو من الله ان تكون فعلا كذلك

احببتك لا تخذلني Où les histoires vivent. Découvrez maintenant