الفصل الرابع وعشرون

52.6K 1.5K 361
                                    

اسمعي جوابي..
واحفريه في سرايا عقلك يا غرامي..
انه الرد النهائي..
ولدتِ في محرابي..
دللتكِ.. احببتكِ.. اعطيتكِ..
فلا يحق لك الإنسحابِ..
مقدورك الانجرار وراء اهوائي..
وان تتوهي بين حنايا افكاري..
ان أبصم بوشمٍ لا يُحذف حدود املاكي..
ان اعلمك كيف تنصاعين لعشق جبّار..
والاهم ان يعرف عقلك ان لا مقاومة في اركاني..
فإستسلمي برقة احساسكِ..
وبرفاهة خفقاتكِ..
وبإنفعال اشتياقكِ..
فالدنيا لي هي انتِ..
ولا احلام لا تحققها افعالي..
إعرفي يا غرامي واسمعي جيدًا جوابي..

--------------------
لا بد انها احمق فتاة في العالم.. لا تدري كيف استولى على عقلها هذا الغباء لتنطق شفتيها بما سيحدّ من شقاء حياتها.. وكأنها توهب له الفرصة ليشك بها ويعاملها بقساوة لن يغيثها احد منها.. ومتى؟ وهما في طريقهما الى المطار ليشرعا في البدئ بشهر عسلهما!
استرطت ريقها برعب شديد وهي تتحسس ذراعيها الذي كاد ان يكسرهما ما ان تفوهت بهذه البلاء.. صوته الجهوري ارعد كل خلية نابضة في جسدها.. ولن تلومه.. يحق له ما سيفعله بها.. يا الله تحتاج ان تسند همومها على ظهر ما ليقلل من الكهل الذي يجثم على فؤادها، سالبًا خفقاته ومتوغلًا في اعماقه، موطدًّا من الامه القاسية..
برقت العبرات الشجية في سماء عسليها وهي تتأمل الغيوم البيضاء التي تحتها عبر زجاج الطائرة.. تود ان تعتذر ولكنها خائفة من رده.. بل مرتعبة مما آلت اليه حالها بسبب غبائها.. رغما عنها ابت ان ترضخ لها حدقتيها لتطالعه بتوتر شديد وتحتد خفقات لبّها عزفًا ضنكًا موجوعًا من نفسها ومنه.. حاجباه المعقودان مع انكماش عينيه يفاقم من وطأة الرعب الذي تعيش بين اسواره..
همست بصوت واهٍ خائفٍ:
- آسفة!

وكأن صوتها المرتجف الذي ابجسته ناعمًا موجعًا لروحه المغرمة اكثر مما يجب لم يتوغل الى اذنيه.. لم يستدر لها ولا يرغب برؤيتها.. يجب ان تحمد الله انه لم يقتلها.. بالكاد امسك نفسه حتى لا يؤذيها.. تهدده بخيانته!! وبكل تأكيد مع الحقير الذي تحبه.. ما يشفع لها فقط عشقه.. وتبًا لهذا العشق الذي ذلّه ذلًا لم يرى مثيله.. تبًا لقلبه الرافض ان يحارب هذا الاحتلال الذي يقيم على وطن قلبه.. مستسلمًا.. راضيًا.. دون اي مقاومة تُذكر..

ارتعش قلبه كما ارتعشت يده ريثما احاطت اناملها الرقيقة يده وقطرات دموعها تنزلق كجمر المطر عليها لتكويه دون ان يظهر على محياه ما تتلهف اليه.. فكررت بندم:
- اعتذر انا لم اقصد ما قلته.. بالتأكيد لن اقوم بخيانتك.. ولله لن افكر بفعل هذا الشيء ابدًا.. انا لن اهين ترباية والدي ووالدتي لي.. ولن امسّ بشرفي ابدًا وانت تعرف.. ولكنني.. ولكنني ضائعة.. لا اعرف نفسي.. ولا اعرف ماذا اريد.

ترجرجت شفتيها حالما لم يوافيها الا الصمت منه.. تود ان تبكي ولكن تخشى ان تجذب انتباه المسافرين معهما على متن الطائرة.. لن يرأف بها وهما في الغربة.. سينتقم لنفسه ولوجعه ولقلبه.. تعرف ذلك.. تعرف انه سيوجعها وسيثأر لكرامته التي هدرتها مرارًا طوال سنوات مضت.. تعرف ان خلال الثلاثة اسابيع اللذان سيمكثان بهم في دبي سيكونون من اصعب ايام عمرها.. ما ذنبها اذ عشقها؟ ما ذنبها اذ كانت ادمانهِ؟ وما ذنبها اذ كانت تعويذة تأبى ان تحرره منها؟ تماما كما ما ذنبه اذ احبها؟ وما ذنبه اذ ارادها؟ وما ذنبه اذ قلبه يجرش كل خلاياه بدقاته التي توثب عشقًا؟

وحينما تغار الذئابWhere stories live. Discover now