الفصل السابع

58.2K 1.9K 1K
                                    

اوجاعي تئن يا مغواري..
وقد تعب الوجع من اوجاعي..
وأُرهقت عينايَ من ذرف دموعي..
دفاتر الالام اكتفت من كتابة سطوري..
والاغلال التي تقيدني بأوجاعها تود تحريري..
واوراق الخريف ذبلت اكثر من ذبولي..
والشمس احترقت لوعة على احتراق قلبي..
انا اتوجع يا حبيب روحي..
وليس لي مغيث يسند همومي..
ولا انت قريب لتحميني..
ولا انت بعيد لتريحني..
وها انا تائهة وسط امواج اوجاعي وصرخاتي..

---------------------
اغمضت عينيها محاولة ان تولج كلماته الشرسة التي رجرجت كل ثناياها الى عقلها.. وثب فؤادها بعنف اوجعها وتلبّث عقلها دون ان يقدر على التفكير بعقلانية ولو لثانية واحدة..
رفعت ذهبتيها المذعورتين عن يديها المتشابكتين ببعضهما كتشابك وتيه رشدها، وجالت بهما لتتأمل الطريق السريع الذي يقود به سيارته ذاك الطائش الذي تضج عيناه وحشية..
منذ نصف ساعة وهو يقود دون ان يأبه بصراخها بأن ينزلها من السيارة.. لا تدري الى اين سيأخذها ولا تود ان تعرف ايضا.. المجنون لقد جنّ اكثر مما هو مجنون!
زفرت انفاسها المضطربة ثم همست بصوت مرتجف:
- الى اين ستأخذني يا آسر؟

لم يجيبها ولم يهتم في الرد عليها اصلا.. ملايين الأفكار تتخبط في رأسه.. وكلها تدور وتحوم فقط حولها.. هي من يسري عشقها في دمائه.. من يتنفس غرامها.. مجرد فكرة الابتعاد عنها اثارت شتى انواع الجنون في اوداجه وبعزقت كل البذور الخامدة في رأسه ليهب اللهيب كاويا كل ذرة وعي باقية في عقله..

استفحلت وطأة قدمه على دواسة البنزين لتشهق بفزع من سرعته العالية وتصيح بصوت حاد كابتة ارتجاف اوتارها الصوتية وارتعاش جدران لبها الخائر:
- يا مجنون اخفض السرعة.. ستقتلنا! ولله لو يعرف احد من رجال العائلة سيقتلونك.. لذا لا تتهور يا آسر واعدني الى الجامعة قبل ان يعرفوا.

- ليس قبل ان انال ما اريد.
زمجر بانفعال وعيناه السوداء تزداد كُهبة متوحشة تقص حكايات متوهجة ببريق الغضب الاسود، غير ملقيا اي اهمية لطلبها او تحذيرها، وافكاره قبل جسده تفاقم من جنونه..
فهمست بصوت ناعم هادئ راجية الله ان يلين ولا يقوم بما قد يندما عليه هما الاثنان:
- آسر.. ارجوك توقف على جانب الطريق لنتكلم بهدوء وسلاسة ونتفاهم.. سرعتك الجنونية ترعبني.. وحالتك هذه...

وقبل ان يتابع ثغرها في بث محاولاته الرقيقة لاقناعه كان يهدر من بين اسنانه المصطكة ببعضها:
- لا حبيبة قلبي رين.. قاربنا على الوصول.. خمسة دقائق حد اقصى.

- انا لا افهم! الي اين نحن ذاهبان؟
تمتمت بتوجس ليبتسم بضراوة جسورية وسودوتيه الساخطة تلتهم تفاصيل وجهها المرتبك الخائف بنهم موجع عبر مرآة السيارة الامامية..
لم يرد عليها.. تركها تتضارب بأفكارها وتعيش القليل مما يعيشه يوميا بسببها.. تركها تتوه بين رعبها منه وبين رعبها من العائلة.. تركها تجرب معنى الخوف.. الذي يعيشه يوميا وهي بعيدة عنه.. خائف من ان تعشق احد غيره بعد ان اضحى هائم متيم بكل ما هو بها وكل ما هو لها..
ليث؟.. ومن قال انه يأبه بأي من تهديداته.. لا احد يدرك ان طالما رين المحور لا يهمه اي شيء.. سواء ليث او غيره..
والده؟.. آه من تهديده الذي يقرع رنين اجراسه في اذنيه ليفرقع روحه المنهكة غراما.. الا يدري ان في ساحات المعارك لا يوجد غير قاتل او مقتول؟.. وهو لا يُهزم.. ليس آسر الهيب من يُرفع عليه الرايات الرابحة.. بل هو من يكسب ويعلن بلسانٍ جبار فخور انه الفائز.. وانه فارس عاشق ولج قلبه قبل جسده الى محراب اميرته وقلبها..

وحينما تغار الذئابWhere stories live. Discover now