الفصل الثامن (الجزء الثاني)

55.2K 1.8K 825
                                    

سرت عبر اورقة الأشجار المتفاوتة..
استقصي عنك يا ورقة مكنونة..
بين اغصان بنية بأبهة شامخة..
سرت ووصلات العشق الجليلة..
تتبعني دون تفكير متروٍ بالركض وراء امرأة..
لتقع الكائنات جميعها تحتها ذليلة..
سرت دون الالتفات الى الواجهة..
والاناشيد تُعزف والتراتيل تدوي صامتة..
والخيزران يسجد والصوان ترشقه خفقات صارخة..
بألماس بلون عينيك تكتب عشقي بأبجدية هائمة..

----------------------
لم تتوقع ان تلك اللحظة التي لا بد من انها ستحدث، ستحدث في عقد قرآنها.. تبسمت بسخرية مريرة وهي تفكر بان لا بد ان يكون يوم زفافها عجيب غريب.. تارة تتطلق قبل الاحتفال به وتارة اخرى يُسجن زوجها ايضا قبل الاحتفال به..
لا يزال المنظر الذي تم به تكبيل ذراعه بأصفاد حديدية كما تم تكبيل روحها بأغلال شرسة خانقة يداهم ذكرياتها وعقلها التائه الشارد..
اضنتها الصرخات المفجوعة التي اطلقتها الأم الحنونة التي لم تعرفها سوى لساعات معدودة.. وصرخات الأخت الصغيرة المتشبثة بصدر اخيها كسند حامٍ مدافعٍ رغم قسوته في بعض الاحيان..
تلألأت العبرات الشجية في مقلتيها وهي تتطلع الى الوجوه المختلفة بتعابيرها.. ريس الغاضب الثائر.. غيث المتجهم رغم حزنه على توأمه.. ولين الأم المكلومة على بكرها الغال.. ثم اخر العنقود الباكية اكثر من الم ووجع واحد.. وكان هناك وجهين لم تتجرأ على النظر اليهما.. آسر وناي..
اضطربت اعصابها بخوف شديد وهي تشاهد لين تقع ارضا مغشيا عليها بعد ان اجهشت ببكاء ينهش الأفئدة بمخالب ضارسة..
وارجفتها صرخة الرجل الهائج كثور بربري احتدت انفعالاته العنيفة..
"ابتعدوا عنها"
صاح ريس بغضب اعمى وهو ينحني ليحمل زوجته فاقدة الوعي بعد ان أُرهقت خلايا روحها وجعًا على بكرها الذي لا يدرون ما هو مصيره بعد فعلته الشنيعة..

وضعها برفق على الكنبة ثم غمغم بعصبية لأبنه غيث الذي يوازيه بغضبه وخوفه رغم رزانة ملامحه وافكاره:
- اتصل بطبيبة امك.

اومأ غيث بموافقته قبل ان يشعر بيد محبوبته تمتد لتناوله هاتفه وهي تذرف دموعها حزنا على ابن خالها..
ثم عادت الى مقعدها وتأملت وجه اخيها العابس.. لا تدري هل يشمت به ام قد تأثر لموقف ابن خاله.. صحيح ان هناك دوما مشاكل بينهما ولكنهما صديقان طالما رين ليست بالموضع..
تساءلت رين بشهقات باكية الجمت صدى تفكيرها المتكرر:
- هل ليث سيخرج من السجن؟ ولما اخذوه اصلا؟

- سيخرج.. لا تقلقي واهدأي.
اجابها ريس بخشونة قبل ان يجري اتصاله بصديقه وقاص المحامي ليتكفل بقضية ابنه.. وما هي الا بعض دقائق كانت تدلف الطبيبة التي طلبها غيث ليقوم بحمل امه ويصعد بها الى غرفة والديه، تاركا والدته ورين معها..
نزل الى الأسفل ثم غمغم بجدية:
- امي بخير.. لنذهب ونرى ليث.

- هيا.. تكلمت مع وقاص وهو سيكون هناك قبلي.. ولكن يجب ان نعرف من قدّم البلاغ عنه.. فلا يعقل ان يكون استيقظ ذاك الحيوان بهذه السرعة.
هتف ريس بغيظ ليتدخل آسر مدمدما بهدوء:
- خالي.. اود ان اعرف ما يحدث.. انا ايضا يجب ان اساعد، فليث ابن خالي على ما اظن.

وحينما تغار الذئابDonde viven las historias. Descúbrelo ahora