** القطرة الثالثة والخمسون ** p53

1.9K 131 240
                                    

أتت آن بحاسبها المحمول ثم وضعت به القُرص, ونظرت هى وچيك للشاشة بإهتمام, ليظهر عليه رجُل, كبير في السن قليلاً, ويدوا مُتعب جداً, وتكاد آن تُقسم أنها رأتهُ في مكان ما لأن ملامحهُ ليست بغريبة عليها, ولكنها صُدِمت عندما عرفت من هو عندما نطق الرجل وقال

-مرحباً بُني, إن كنت تُشاهد هذا الفيديو الأن, فهذا يعني أن والدتك قد عثُرت عليك, وهذا يعني أيضاً أني أصبحتُ تحت التُراب

نظرت آن لچيك لتجدهُ ينظر للشاشة فقط بدون تعابير وجه مُحددة, إقتربت منهُ أكثر ثم أمسكت يدهُ وبعدها أعادت نظرها للشاشة مُجدداً

-في الحقيقة, أنا لا أعلم ماذا أقول لك, فأنا ليس لي الحق في ذلك, أنا مُجرد أب تخلىَ عن إبنهُ بسبب إنتقام حقير وليس لهُ معنىَ .

أخذ والدهُ يسعل وتوقف عن الكلام للحظات ثم أردف

-ولكن ما أستطيع قولهُ لك هو, أني أسف, أنا أسف بُني, أعلم أن هذه الكلمة لن تُفيد بشِئ, ولكني أسف, أسف بشدة, فقط أُريدك أن تعرف أني أُحبك كثيراً, ولكني لم أُدرك ذلك إلا في وقت مُتأخر, أي بعد فوات الأوان, وربما يُعاقبني الله حالياً بسبب ما فعلتهُ بك, فلقد أُصبتُ بسرطان الرئة, ويقولون أني سأموت بعد أيام.

توقف عن الكلام ليسعل مجدداً ثم تابع كلامهُ بصعوبة

-أنا لستُ خائفاً من الموت, ولكني خائف من عدم مُسامحتك لي, أو أن لا تأتي لزيارة قبري, أنا أعلم أن هذا ربما مُستحيل, ولكن أرجوك يا بُني, أنا أطلُب منك مُسامحتي, أرجوك سامحني, أنا أب فاسد وحقير لفعلتي هذه ولكني نادم أشد الندم, الندم يأكُلني حياً الأن أكثر من هذا المرض .

-ويصعُب علي ما فعلتهُ بك, كذلك يصعُب علي أن أعيش وأموت ولا أراك, ولكن هذا من فعل يدي, أريد أن أخبرك أن والدتك بريئة من أي إتهام ستوجههُ لها, الذنب كلهُ يقع على عاتقي, حاول مُسامحتي بُني, حاول, حتى وإن كان بعد سنين, المهم أن أحصل على مُسامحتك .

-ربما ليس لي الحق في ذلك ولكن دعني أنصحك بشِئ, إن أحببت فتاة, فتزوجها وإجعلها تعيش أسعد أيام عمرها معك, أغمرها بالحب, لا تُحاول إهانتها أبداً, وحاول إسعادها حتى ولو على حساب نفسك, وعندما يكون لك أطفال, حافظ عليهم جيداً, ولا ترتكب غلطتي, حاوط أسرتك ووالدتك بالدفئ والحنان فقط, كُن لهم الظهر الذي من الممكن أن يحميهم من كل شِئ في هذه الحياة .

نزلت دموع والدهُ التي كان يحبسها بداخل عينيه الحمراوان بشدة من كثرة وجودهم بداخلها, ثم قال

-أتمنى أن تكون بخير دائماً, أنت ومن تُحب, أخبر والدتك أني مازلتُ أحبها, وأن غيرتي العمياء قد جعلتني أخسر أعز ما أملك في هذه الحياة, أنت وهى, ولكن سأقولها لك أخر مرة, سامحني بُني, أنا أحبك كثيراً, إعتني بنفسك وبوالدتك .

مطر لكن بدفئ 2Where stories live. Discover now