١٩_نُطفةٌ مِن أُخرَى: إِبنتُكَ.

108 15 4
                                    

إستمتعوا 💜✨
________

ما فتِئَ غُرابي الخصال يستوعب ما تفوهت به السيدة أمامه، حتى أطلق العنان لساقيه راكضا إلى سيارته.

شغَّلها سائقا نحو أقرب مطار من مكانه علّه يجدها هناك، بينما أنامل يده اليُسرى كانت تتحرك بارتجاف على شاشة هاتفه يتصل بها.

و قد زادت غبطته و توتره حين تلقى المجيب الآلي يخبره عن تعطل الإتصال.

أصابه الإرتجاف حين فكّر لربما أغلقته داخل الطائرة، و هي تحلق بعيدا عنه فوق سمائه الداكنة.

ضغط على الفرامل يسابق الزمن متعديا كل إشارة مرور متخطيا قوانين السير غير آبه سوى لقلبه الخافق بخوف، و عيونه التي لا تريد رؤية سوى ضبابية وجه غاليته.

________

تنهدت بخفوت تجر حقيبة السفر خلفها، متحاهلة الدوار و ألم بطنها اللذي لازمها منذ أمس، لا تسعى سوى الرحيل، و ماهي سوى خطوات تفصلها عن بدأ حياة جديدة.

كانت كوريا قد إستنزفت الكثير من طاقتها، و ماهي سوى ضعيفة إستسلمت و قررت الرحيل عن مصدر ألامها و هجرها، حتى تبني نفس جديدة و ربما تزهر للقاء حبيبتها بعد شهر و نصف.

تساقطت ذكرياتها هنا فجأة، ما مرت به، لحضات سعيدة كانت أم سيئة، تذكرت كل شيئ حتى آخر لحضاتها مع الغرابي.

حين طردها من حياته و كأنها سلعة رخيصة لم يعد راغبا بها.

آلمها قلبها الذي وقع في شباك حبه، فارتجفت شفتيها منذرة عن نوبة بكاء أخرى قادمة في طريقها إليها، لكنها تمسكت برابطة جأشها، خاصة و أنها ليست وحيدة بين جدران بيتها الذي باعته.

للحضة أدركت أنها خسرت كل شيئ بعد أن عرفت جيون، أو بالأحرى بعد أن عرفت زوجته،ضحت بشبابها ثم خسرته لأجل أخيها اللذي ضنته سيحيى فمات، دلوف غرابي الخصلات لحياتها و تخريبه لها بسبب صدف جمعتهما.

و في لحضة بدأت تتحسن و تعود لذاتها القديمة، طردها من تحبه من حياته و كأنّها آخر همه، و كأن القدر يستمتع بالسخرية منها.

جلست على كراسي الإنتضار تراقب المارة بشروذ، بعضهم يضحك بسعادة و بعضهم يسير بصرامة، فكرت لوهلة أن كل أحد منهم قررت الضروف أن تبعته بعيدا عن وطنه، ربما منحة لدراسة، أو ربما بعثة عمل، أما هي فما بعثتها الضروف سوى لتمنحها فرصة عيشٍ أخرى، علّها تحيى.

إتكأت على داعمة الكرسي بينما تلمس على بطنها من الوجع، فصغيرتها عادت لتعبث و تتحرك داخلها.

نُطفةٌ مِن أُخرَىWhere stories live. Discover now