الفصل الثامن عشر - الجزء الأول

Start from the beginning
                                    

-بصراحة أنا مكونتش متخيل إن رغم صعوبة وضع العملية إنها تعدي على خير.

ضيقت عيناها ناحيتها، فابتسم أكثر وقال:

-إنتي والمولود كويسين.

عند ذكر رضيعها صاحت تسأله في لهفةٍ:

-عاوزة أشوف ابني، هو فين؟

أجابها ببساطةٍ وهو يكتف ساعديه أمام صدره:

-مع دكتور "مهاب"، باباه!

عندئذ انتابها الفزع، هربت الدماء من وجهها المتعب، وهمهمت في صوتٍ متقطع، مستشعرة تلاحق دقـــات قلبها:

-"مهاب"!!

اندهش للتغير الذي طرأ على ملامحها، وبدا متعجبًا أكثر حين سألته في صوتٍ خائف للغاية:

-هو فين؟

لم يعرف بماذا يجيب، فشأنهما معًا لا يخصه، لذا فضل أن يتحدث بحيادية، فتكلم في هدوءٍ:

-أنا عاوزك تهتمي بصحتك بجانب اهتمامك بالمولود، ده جرح خطير، محتاج وقت عقبال ما يلم، وإنتي فاهمة طبعًا يا دكتورة.

كان الشائع في هذه الفترة الزمنية وضع النساء لحملهن بصورة طبيعية، فكان من النادر اللجوء للولادة القيصرية، إلا في الحالات القصوى التي تتطلب ذلك، وبالتالي اضطر الطبيب أن يزيد من الاستفاضة في إسداء النصح لها تجنبًا لأي مضاعفات قد تنعكس بالسلب عليها، فأكمل على نفس النهج:

-ويا ريت تظبطي مع دكتورة نسا، بحيث تاخدي وسيلة قبل ما تفكري تحملي تاني.

تجاهلت كل ما قاله، وهتفت ترجوه بنظرتها قبل نبرتها:

-أنا.. عاوزة .. ابني.

أومأ برأسه مرددًا وهو يهم بالتحرك مبتعدًا عن سريرها الطبي:

-متقلقيش.

شيعته بنظراتها اللهفى إلى أن خرج من غرفتها وهي تتحرق بشدة لرؤية وليدها، تنفست بعمقٍ قبل أن تحرر الهواء من صدرها في هيئة زفير بطيء، تعلقت عيناها بسقف الغرفة، وأخذت تحدث نفسها في قليل من الراحة:

-ابني كويس، الحمدلله.

....................................................

طال انتظار وصول رضيعها إليها، وراح شعور الاطمئنان الذي غمرها يتلاشى، ليحل كبديل عنه شعور الخوف والاضطراب. تضاعفت مخاوفها بصورة مرعبة عندما وجدت زوجها يقف عن عتبة الباب يراقبها بنظرات قاسية للغاية، جعلتها ترتجف في رقدتها، حاولت الاعتدال فاجتاحتها موجة من الألم؛ لكنها لم تتفوق على رهبتها منه، تمتمت باسمه في صوت مرتعش:

-"مهاب"!

تقدم مُختالًا في خطواته ناحيتها، دون أن ينطق بشيء، فقط عيناه تحومان عليها، كأنما يتعمد استثارة أعصابها، وزيادة ارتياعها منه. تسارعت نبضات قلبها، وسألته في صوتٍ لاهج ما زال مرتجفًا:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now