الفصل الثامن والثلاثون

Start from the beginning
                                    

جلس في صالة الجلوس يتناول الشاي مع زوجته وحنين ونضال عندما هتفت حنين تتسائل بفضول :-
" برأيك لن تأتي حقا يا بابا ..؟!"
رد أشرف بتجهم :-
" لا أظن .. "
همست حنين :-
" إنها إمرأة صعبة حقا ..."
قال أشرف بجدية :-
" انا فعلت ما يتوجب علي فعله ... هي حرة فيما ستفعله ... "
قالت أحلام بجدية :-
" ولكن يجب أن تتواجد في يوم كهذا بجانب إبنتها .."
قال أشرف :-
" أساسا إذا تحدثنا بناء على الأصول فالخطبة يجب أن تتم في منزل والد الفتاة وبحضور والدتها وانا وكبار العائلة لكن ماذا نفعل ..؟؟ هذا ما أرادته تهاني هانم ..."
سألت أحلام بجدية :-
" هل أخبرت كبار عائلتك ..؟!"
اومأ برأسه وهو يجيب :-
" تحدثت مع عمي وأبناء عمومي .. سيأتون جميعا ..."
تسائلت حنين بجدية :-
" بابا ، هل ذلك الشاب سيء الى هذا الحد لترفضه زوجة عمي لهذه الدرجة ..؟؟"
تنهد أشرف وقال :-
" هو ليس سيء لكنه يبدو غير مناسبا للزواج كونه لا يعمل وما زال لا يتحمل  مسؤولية وأشياء من هذه القبيل .. لكنني تحدثت معه وأخبرني إنه بدأ يتغير لأجل نانسي وإنه يحبها حقا والأهم من ذلك إن نانسي تحبه أيضا ..."
" ولكن ماذا لو لم يفِ بوعده وإستمر بنمط حياته هذا ..؟!"
سألته حنين بإهتمام ليرد أشرف :-
" حنين ابنتي .. هذا شيء في علم الغيب ... صلاح لا يبدو سيئا وكلامه معي يدل على ذلك وانا أساسا وافقت بناء على رغبة ابنة عمك ... "
هتف نضال بجدية :-
" برأيي إن الأمر سار بسرعة قليلا .. يعني نانسي ما زالت صغيرة وهو ايضا .. ليستقر في حياته وعمله لفترة ويثبت تغييره على الأقل كي نطمئن على الفتاة معه .."
التفت أشرف نحو ابنه يقول :-
" إفهم يا نضال .. الفتاة تريده .. هذا ما جعلني أوافق ... أن تتزوج أمامي وبموافقتي أفضل من أن تتصرف لوحدها .."
قالت حنين بعدم تصديق :-
" بالطبع لن تفعل نانسي ذلك .. يعني مستحيل أن تتزوج دون موافقتك انت ووالدتها .."
قال أشرف بعقلانية :-
" لا يوجد ضمان يا ابنتي .. نحن في زمن كل شيء متوقع فيه ..،نانسي فتاة أحبت شابا وتريده بشدة وهي بالغة راشدة .. يعني يمكنها أن تتزوجه دون الرجوع إلينا ولا أحد يستطيع منعها او محاسبتها مهما حدث لإنها شرعا و قانونا لم تفعل شيء خطأ لذا الأفضل أن تتزوج بموافقتي وتبقى أمام عيني وتحت رعايتي وفي حمايتي بدلا من أن تتصرف بطريقة تسيء لنا ولها مستقبلا ...."
سألته أحلام :-
" هل سيتزوجان فورا أم هناك فترة خطبة ..؟!"
رد أشرف بجدية :-
" لا أعلم .. غدا سنتحدث في هذه الأمور ..."
" لا تستعجلوا يا أشرف .. برأيي أن تكون هناك فترة خطبة في البداية .."
قالتها أحلام بجدية وهي تضيف بتنهيدة :-
" على الأقل تتعرف عليه جيدا وتتأكد من حسن أخلاقه ونيته .."

" ما بالكم تتحدثون جميعا بنفس الطريقة ..؟! حتى أنت يا أحلام تفكرين بنفس طريقة تهاني ...!!"
قالها أشرف بعدم تصديق لترد أحلام بجدية :-
" والله لو كنت مكانها ما كنت لأزوج إبنتي لشاب ليس مضمونا يا أشرف .. شاب لست واثقة من قدرته على تحمل المسؤولية ..."
قاطعها أشرف مرددا وهو مصدوما من تفكير زوجته :-
" ما هذا الكلام ..؟! على أساس إن كل شاب يعمل ومسؤول عن نفسه يصلح للزواج .. أخبريني كم شاب ينتمي لعائلة محترمة ومتعلما ويعمل بجدية ويبدو قمة في الأخلاق والإحترام لم يفلح  في زواجه وتسبب بتعاسة زوجته ...؟! نحن لا يمكن أن نحكم على نجاح زيجة من عدمها بناء على ما نراه خارجيا ..."
" ولكن الحذر واجب ..."
قالتها أحلام بإصرار ليسألها نضال ببرود :-
" غريب أمرك يا زوجة أبي ... تتحدثين عن الحذر في إختيار الزوج بكل هذا الإصرار الغريب ومع هذا سمحت لإبنك أن تتزوج من سجين سابق .. ربما كان عليك أن تطبقي نصائحك أولا على إبنتك .."
" نضال ..."
صاح به أشرف بحزم بينما أوقفته أحلام وهي تقول :-
" ومن أخبرك إني موافقة على هذه الزيجة يا نضال .. ؟! هل تظن إنني سعيدة بزواج ابنتي منه ..؟!"
هتف أشرف بضيق:
" ما هذا الكلام يا أحلام ...؟!"
قالت أحلام بقوة :-
" انا لم أوافق أبدا على هذه الزيجة وانت تعلم يا أشرف لكن حياة كانت مصرة لذا كنت مجبورة على الموافقة خاصة بسبب طبيعة علاقتنا وانا لم أرغب أن أخسرها بعدما سامحتني أخيرا ..."
" ولماذا لا توافقين يا أحلام ..؟! ما به الشاب لترفضيه بهذا التعنت ..؟!"
رد نضال نيابة عنها :-
" خريج سجون يا أبي ..."
نظر أشرف نحوه قائلا عن قصد :-
" المهم إن حياة تحبه وتريده ومقتنعة به تماما .."
" نعم ... ابنتي معمية بحبه للأسف ..."
قالتها أحلام بحنق وهي تضيف :-
" عاطفتها تحكمت بها للأسف .."
رد أشرف بقوة :-
" لو كنت تعرفين إبنتك جيدا ما كنت لتقولي هذا .. حياة ليست من هذا النوع .. رغم معرفتي القصيرة بها لكنني أدركت كم هي فتاة ذكية وواعية وتتصرف بتعقل وحكمة ..."
قال نضال ببرود :
" برأيي إن زوجة أبي معها حق ... يعني مهما كانت حياة واعية وذكية لكن في هذا الأمر تحديدا عواطفها من تحكمت بها لإنها لو كانت إتخذت قرارها بعد تحكيم عقلها ما كانت لتربط مصيرها بمصيررجل سجن مسبقا بتهمة مشينة كهذه .. حتى لو لم تفكر بنفسها كان عليها أن تفكر بمصير أطفالها منه والذين ستلتصق بهم تهمة والدهم الى الابد .."
منحه أشرف نظرات  نارية ليهتف نضال بتحدي :-
" لماذا تنظر إلي هكذا يا أبي ..؟! هل قلت شيئا خاطئا ...؟!"
قال أشرف وهو بالكاد يتحكم بغضبه :-
" اتركوا الفتاة وشأنها .. دعوها تعيش مع زوجها بسلام .. عندما تشتكي لكم تحدثوا حينها .."
قالت أحلام :-
" وهل سأنتظر حتى تشتكي ...؟!"
تسائل أشرف بملل :
" ماذا جرى يا أحلام ..؟! أليست الفتاة بخير ..؟!"
ردت أحلام بجدية :-
" ونعم لكنني سأرتاح أكثر عندما أراها .. سأسافر قريبا لها ..."
" حقا ..؟!"
هتفت بها حنين بدهشة فهزت أحلام رأسها وقالت :-
" نعم وانت ستأتين معي .."
ابتسمت حنين بحماس بينما قال أشرف :-
" جيد إذهبي لها في إجازة منتصف العام .."
قاطعته أحلام :-
" بل سأذهب بعد حوالي شهر ..."
هتف أشرف بعدم تصديق :
" بهذه السرعة ... الفتاة ما زالت عروس جديدة .. يعني من غير اللائق أن تذهبي عندهما بهذه السرعة ..."
" والله المهم أن أطمئن على إبنتي وما زال هناك أمامي شهر كامل ..."
زفر أشرف أنفاسه بضيق بينما قال نضال بجدية :-
" صحيح يا أبي ... هناك شيء هام أريد إخبارك به ..."
" ماذا هناك ..؟!"
سأله والده بإهتمام ليرد نضال بجدية :-
" لقد إتخذت قراري .. سوف أستقر هنا بشكل نهائي .. لا عودة الى كندا بعد الآن ..."
" حقا ...؟!"
قالها أشرف بسعادة وهو يتسائل مجددا :-
" يعني ستبقى هنا معي بعد الآن .."
ابتسم نضال مرددا :-
" نعم سأبقى دائما ... لم أكن أعلم إن هذا الخبر سيفرحك لهذا الحد ..."
قال أشرف بصدق :-
" لطالما تمنيت أن يحدث هذا ولكنني لم أشأ أن أضغط عليك ... الحمد لله لقد تحقق ما أردته لسنوات وسوف تستقر جانبي ."
ابتسم له نضال بينما رن هاتف أشرف ليخرجه فيقول :-
" هذا كرم يتصل بي ..."
خفق قلب حنين بقوة ما إن نطق والدها إسم ابن عمها وهو يجيب عليه لتلتفت حنين نحو والدتها تسألها :-
" هل كرم يعلم بأمر الخطبة ..؟!"
ردت والدتها بجدية :-
" نعم ووافق أيضا .."
سألتها بلهفة :-
" هل سيأتي ويحضر الخطبة ..؟!"
ردت والدتها وهي تهم بالنهوض :-
" كلا لكنه سيحضر الزفاف .. لقد أكد هذا لوالدك ..."
ابتسمت لا إراديا وهي تشعر بالفرحة تملأ قلبها فإبن العم الغائب وحبيب طفولتها سيعود وتراه أخيرا ..
..................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Where stories live. Discover now