الفصل السادس والثلاثون ( الجزء الثاني )

3.2K 165 19
                                    

كانت نائمة بين ذراعيه تتأمله وهو يغط بنوم عميق والسلام يسكن ملامحه ..
تذكرت آخر ما تفوه به وهو يجذبها بين ذراعيه يحاوطها بجسده قبل أن يغفو وهي بين أحضانه :-
" وأخيرا ستنامين بين ذراعي كما رغبت دائما ..."
لا تصدق كيف حدث كل شيء فجأة وكيف استسلمت له ..؟!
أين ذهب قرارها بالإنفصال ..؟! ليس هذا ما عاهدت نفسها عليها .. ليس هذا أبدا ...
كان عليها أن تمنعه .. أن توقفه عما يفعله بدلا من التجاوب معه بهذه السهولة وتسليمه جسدها وروحها وقلبها على طبق من ذهب ...
لا تنكر إن كل شيء كان رائعا وإنه تعامل معها بطريقة جعلتها تشعر إنها فراشة تطير في الفضاء الواسع ...
لا يمكنها أن تنكر هذا مهما حدث مثلما تعلم جيدا إن هذه الليلة طبعت داخل قلبها .. ليلة لن تنساها مهمت حدث .. تلك اللحظات التي قضتها بين ذراعيه جعلتها تحلق عاليا .. جعلتها تنسى كل شيء .. كل حائل يقف بينهما وكل ماضي وكل ظلام يملأ كيانه ...
نست كل شيء ولم يتبقَ سوى هو وعشقها له فوجدت نفسها تتجاوب معه ببساطة .. تذوب بين ذراعيه ...
ورغم برائتها وخجلها استطاع هو بكل بساطة أن يجذبها الى عالم مختلف تماما فلم تشعر بنفسها إلا وهي تنجرف معه وموجة من المشاعر المحمومة تقتحم روحها دون هوادة ..
لمست لحيته بأناملها تشعر بألم داخل قلبها ..
لم كل شيء عليه أن يكون معقدا الى هذا الحد ..؟!
لماذا كتب عليها أن تحب رجلا مظلما مثله ..؟!
رجلا يملك ماضي مؤلم وطويل ..؟!
لماذا كتب عليها أن تدخل في علاقة معقدة كهذه ..؟!
لماذا لم يكن نديم شخصا عادية أحبها وأحبته .. ؟!
لماذا لم تعش علاقة حب اعتيادية تكون نهايتها حفل زفاف بسيط يتبعه اطفالا نتاج عشقهم ..؟!
شعرت بدموعها تتراكم داخل عينيها فإبتعدت فورا عنه وسحبت جسدها من داخل جسده بخفة قبل ان تسارع وترتدي ملابسها وتتسحب خارج الغرفة تاركة إياه غارقا في نومه ..!!
دلفت الى غرفتها وجلست فوق سريرها تكتم دموعها ...
كلا لن تبكي بعد الآن .. ليس بعدما حدث ..
ما حدث الليلة كان بكامل إرادتها وعليها أن تتحمل مسؤولية ما حدث مثلما عليها أن تعيد حساباتها وتفكر في قرارها مجددا ..
بعدما حدث ليس من السهل أن تتجاهل كل شيء كما أرادت وتعاود الإنغلاق على نفسها ... لن يكون سهلا ابدا ...
غطت وجهها بكفيه بعدما أخذت نفسا عميقا وعقلها المشوش يبحث عن القليل من السكون كي يتوصل الى قرار نهائي ومريح لكليهما ... !!
نهضت من فوق سريرها تتجه نحو النافذة تنظر الى الظلام الدامس خارجا فتتذكر تفاصيل ما حدث بينهما مجددا فتضطرب مشاعرها بقوة ...
تختلط المشاعر عليها بين الخجل والسعادة والضيق ...!!
لا تعرف أي مشاعر يجب أن تستقر عليها وترضى بها ..
هل تفرح بما حدث ام تغضب منه ..؟!
هل تؤنب نفسها أم تعتبر تصرفها فرصة أخيرة لعلاقتهما ..؟!
أغمضت عينيها وهي تستند بجبينها على زجاج النافذة البارد تحاول ألا تفكر في تلك اللحظة بأي شيء ..
لحظات قليلة وشعرت بكفين يقبضان على كتفيها فإستدارت مجفلة تتأمله ليبتسم لها مرددا :-
" لماذا لم تبقِ معي ..؟!"
سألته بتلعثم :-
" متى استيقظت ..؟!"
رد وهو يمرر أنامله بين خصلات شعرها :-
" قبل لحظات وشعرت بالإحباط عندما لم أجدك بين ذراعي ..."
ابتعدت عنه تحتضن جسدها بين ذراعيها عندما همس متسائلا :-
" ماذا يحدث يا حياة ..؟!"
اضاف متنهدا بتعب :-
" انظري انا لست مستعدا لسماع أي شيء يعكر سعادتي بعدما حدث ..."
هتفت بصدق وهي تتأمله بعينيها العاشقتين :-
" آخر ما أريده هو أن أعكر سعادتك يا نديم ..."
" كوني معي وسأكون سعيد دائما يا حياة .."
قالها وهو يتقدم نحوها محيطا وجهها بين كفيه لتهتف بتردد:-
" نديم ، انا فقط ..."
توقفت عن حديثها فسأل بقلق :-
" هل انت نادمة عما حدث بيننا يا حياة ..؟!"
ردت بنظرات مشتتة :-
" لا أعلم ..."
ابعد يديه فورا من حول وجهيها وقد ظهرت الخيبة على ملامحه فقالت بسرعة مبررة :-
" لا تتضايق ارجوك .. كل شيء حدث بسرعة .. انت تعرف صعوبة ما مررنا به وانا فعليا تائهة في هذه اللحظة .. هذا لا يعني إنني نادمة ولكن .."
قاطعها بصوت مرهق :-
" حسنا يا حياة .. تحدثي بصراحة وقولي ما تريدينه ..."
ردت بخفوت :-
" لا يوجد شيء أريده يا نديم حتى الآن ولا يوجد ما أريد قوله حاليا .."
اخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
" ما حدث دمر كافة مخططاتي ... اظن إن كلينا يحتاج الى التفكير جيدا في الوضع القادم ..."
" فكري يا حياة .. فكري كما تريدين ... القرار لك .."
قالها بهدوء قبل ان ينسحب خارجا من غرفتها وملامح الخيبة واضحة على ملامحه ..!!
لقد خذلته مجددا وما أصعب خذلانها له ...!!
...........................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن