الفصل الحادي عشر

4.3K 204 21
                                    

الفصل الحادي عشر
خرجت غالية من غرفة نديم بملامح مكفهرة فالضيق يسيطر عليها بعدما سمعته وهو يهذي بإسم ليلى ...
ما زال أخيها مقيدا بحب ليلى بعد كل ما حدث ...
ما زالت تسيطر على قلبه رغم كل شيء ...
تنهدت بألم وهي تتحرك اتجاه صالة الجلوس حيث جلست على الكنبة وهي تفكر من جديد بوضع أخيها وما يحدث معه ...
كم تتمنى لو تجد حلا لكل هذا ..؟! كم تتمنى لو ينسى نديم الماضي تماما ..؟!
اتجهت أفكارها نحو ليلى وشعور إنها تظلمها يؤذيها بقسوة ...
هي تعرف مدى حب ليلى لنديم وتعرف إن زواجها من عمار كان إجبارا عنها ورغم هذا كله هي تتمنى لو يتجاوز نديم مشاعره اتجاهها ويبدأ من جديد ...
تعترف بإنها أنانية وأنانيتها تعذبها لكن ما في اليد حيلة ...
لا يوجد منطق يقبل بزواج نديم ممن كانت زوجة أخيه مسبقا مهما بلغت المشاكل بين الأخوين ...
عادت برأسها الى الخلف وهي تشعر بإن هذه الأفكار ترهقها دون رحمة ...
أغمضت عينيها بتعب فهي لم تنم سوى ساعات قليلة ...
فتحت عينيها مجددا عندما سمعت صوت رنين جرس الباب فنهضت من مكانها تتجه نحو الباب تفتحه لتجد حياة أمامها فتبتسم بسرعة وهي ترحب بها :-
" اهلا حياة .. تفضلي ..."
ردت حياة بسرعة وهي تمد يدها بالكيس الذي يحتوي على بعض الأدوية :-
" شكرا ولكن يجب أن أغادر بسرعة ... هذه الأدوية ستفيده كثيرا ..."
هتفت غالية بجدية :-
" ما هذا الكلام ...؟! بالطبع ستدخلين ... على الأقل لنتناول شيئا سويا ..."
وعندما شرعت حياة بالتحدث رافضة طلبها عاجلتها غالية :-
" من فضلك لا تخجليني برفضك ... لن تتأخري ... أعدك بهذا ... فقط ابقي معي قليلا نتناول شيئا سويا فأنا أشعر بالملل لوحدي هنا ونديم نائما ولن يستيقظ الآن ...."
إضطرت حياة الى الموافقة رغم إحراجها وإستغرابها من إصرار غالية بينما إبتسمت غالية بخفة وهي تفسح لها المجال للدخول ...
دلفت حياة على إستيحاء الى الداخل بينما أغلقت غالية الباب وتقدمت نحوها تسألها :-
" ماذا تحبين أن تتناولي معي ...؟! انظري سأعد الفطور لنا ... هل تفضلين  الشاي ام القهوة ...؟!"
حاولت حياة ان تخفف من حرجها فغالية تبدو لطيفة للغاية فردت بهدوء :-
" الشاي ..."
ابتسمت غالية مرددة :-
" مثلي .."
ثم أضافت تسألها :-
" ما رأيك أن تأتي معي الى المطبخ ونتحدث هناك  أم تفضلين البقاء هنا ..؟!"
أجابت حياة بهدوء :-
" سآتي معك بالطبع ...."
ثم سارت الفتاتان الى الداخل حيث شرعت غالية في إعداد الطعام وساعدتها حياة في ذلك ...
أخذت غالية تثرثر معها وتسألها عن دراستها ومختلف الأشياء وتجاوبت حياة معها ببساطتها المعتادة حتى نسيت خجلها تماما ...
بعد مدة جلستا على الطاولة وبدئتا في تناول الطعام عندما هتفت غالية تسألها :-
" متى سيخرج والدك من المشفى إذا ..؟!"
أجابت حياة بحزن ظهر جليا على وجهها :-
" لا أظن إنه سيخرج ... وضعه حرج للغاية ..."
ردت غالية بتعاطف :-
" لا بأس .. شافاه الله وعافاه ..."
" اللهم آمين ...."
عادت غالية تسألها :-
" لقد تفاجئت عندما رأيت نديم معكِ في المشفى ..."
أردفت عندما وجدت ملامح حياة تنظر إليها بقليل من الإستغراب لما تسمعه :-
" لا تنظري الي هكذا .. نديم يعتزل كل شيء تقريبا منذ خروجه حتى انا ووالدتي .. حتى المنزل تركه وفضل العيش لوحده هنا ..."
أومأت حياة برأسها متفهمة وردت بجدية :-
" برأيي إنه يحتاج الى بعض الوقت ليستطيع تجاوز ما حدث ..."
تنهدت غالية وقالت :-
" اتمنى حقا ذلك ... ما مر به ليس سهلا .. خسر شهادته الجامعية ومستقبله المهني وخسر سنوات من عمره في تهمة لا وجود لها .."
أضافت بملامح تغضنت تماما :-
" حتى خطيبته تخلت عنه في ذروة أزمته ..."
إسترسلت وهي تتأمل الألم الذي ظهر على ملامح حياة لا إراديا :-
" لا أنكر إنها كانت تحبه حقا وإنها كانت مجبرة على هذه الزيجة ... "
" مجبرة ..؟!!"
قالتها حياة بدهشة لتومأ غالية برأسها وهي تردد :-
" نعم ، لقد تزوجت أخي عمار فقط لأجل إنقاذ عائلتها من الإفلاس ..."
اتسعت عينا حياة تردد بعدم تصديق :-
" هل تعنين إنها تزوجت أخيكِ ...؟! أخ خطيبها السابق ...؟!"
ضحكت غالية لا إراديا على صدمة حياة وهتفت بعدما توقفت عن ضحكاتها :-
" إنه أمر مثير للدهشة ، أليس كذلك .. ؟! لكن للأسف هذه الحقيقة ..."
قالت حياة بجدية حيث لم تستطع منع نفسها من قول ما يدور في رأسها بعدما عرفته :-
" حسنا أتفهم أسباب خطيبته لكن ماذا عن أخيه ..؟! كيف فعل به هذا ...؟!"
تنهدت غالية بتعب ثم أجابت بنبرة سيطر الألم عليها :-
" من الطبيعي أن يفاجئك هذا كونك لا تعرفين طبيعة العلاقة بين نديم وعمار .. "
إسترسلت تقول :-
" مبدئيا يجب أن تعرفي إن عمار أخونا من الأب فقط ... "
نظرت حياة إليها بإهتمام بينما أكملت غالية بجدية :-
" لم يتعامل عمار معنا يوما على إننا أخوته ... دائما كان باردا جامدا معي .. أما نديم فلم يكن يطيقه بل لم يتوانى عن إظهار كرهه له بشكل دائم ..."
" لماذا ...؟! يبدو الأمر غريبا قليلا ..."
سألتها حياة متعجبة مما تسمعه وقد تذكرت وضعها مع حنين التي رأتها منذ يومين ورغم إنها تكره والدتها بشدة لكنها لم تشعر بالكره ناحية حنين ولتكن صريحة مع نفسها فطوال السنوات السابقة كان كرهها منصبا على والدتها ولكن لم تفكر يوما بإخوانها من والدتها حيث كانت تدرك إن والدتها بالطبع أنجبت غيرها وعندما كانت تفكر في هذا لم تكن تحمل الضغينة إتجاههم رغم شعور الألم من كونهم حصلوا على حنان الأم الذي فقدته هي مبكرا ..
أجابت غالية بجدية :-
" ربما لإنه يكره والدتي ... ففي نظره كانت سببا في تدمير حياة والدته وحياته ... "
نظرت حياة إليها بترقب بينما أضافت غالية بملامح شردت قليلا في الماضي :-
" ربما لا أعرف الكثير مما حدث في الماضي لكن ما أعرفه إن والدي تزوج من والدة عمار مجبرا لأسباب لا أعلمها ثم تزوج بعدها من والدتي التي كان يحبها بشدة  ... أظن إن والدة عمار عانت للغاية بسبب أشياء كثيرة أهمها عدم تقبل جدتي لها فوالدتي كانت ابنة اختها ..
المهم مختصر الحديث تطلقت والدة عمار بعدما أنجبت والدتي نديم فعمار يكبر نديم بعام واحد فقط ... ويبدو إن والدته لم تتوانى في غرس الكثير داخل عمار الذي كبر حاقدا كارها الجميع وأولهم والدي ... وبالطبع كان نديم عدوه الأكبر ... "
سألتها حياة بتردد :-
" ألم تحاولوا التقرب منه وإظهار محبتكم له ...؟!"
قالت غالية بسرعة :-
" حاولت وحاولت كثيرا .. انا أساسا أحبه كثيرا ... ودائما ما كنت أتمنى أن تصبح علاقتي به  كعلاقتي بنديم ... أن أشعر بمحبته وأخوته ...حاولت كثيرا لكن بلا فائدة ... ولكن بعدما فعله وزواجه من ليلى ابتعدت عنه تماما ... صحيح ما زلت أحبه لكنني لم أستطع التغاضي عما فعله .."
" وماذا عن نديم ...؟! هل كان يفعل مثلك ...؟!"
سألتها حياة بإهتمام لترتشف غالية قليلا من كوب الشاي خاصتها ثم تنظر إليها وتجيب وذكريات الماضي تحاوطها تماما :-
" حسنا عندما كنا صغارا لم يتوانى عمار عن إظهار بغضه وكرهه لنديم وبالتالي كبر نديم وهو يعلم بكره وبغض عمار له ... نديم كان يتعمد تجاهله .. يعني لم يفعل مثلي ويحاول التقرب منه لكنني لا ألومه فعمار لم يكن يطيقه أبدا ونديم طبعه حاد قليلا ولذا لم يهتم يوما بعمار ولا بمشاعره نحوه وعندما كنت أطلب منه التحدث معه او محاولة إثبات محبته له كان يرفض رفضا قاطعا ويطلب مني عدم التحدث في هذا الموضوع نهائيا ..."
قالت حياة بعدما أنهت غالية حديثها :-
" يبدو الأمر معقدا للغاية ..."
ضحكت غالية رغم حزنها ورددت :-
" كثيرا يا حياة ... أكثر مما تتصوري ..."
توقفت عن حديثها بعدما رن جرس هاتف حياة لتحمل حياة هاتفها وتنظر إليه فتجد حنين تتصل بها ..،
رفعت حاجبها بدهشة فمالذي تريده حنين منها الآن ولم يمر على لقائهما يوما واحدا حتى  ..؟!
تنهدت وهي تجيب عليها :-
" اهلا حنين ..."
جاءها صوت حنين الرقيق تسألها :-
" اهلا حياة ... كيف حالك ..؟!"
ردت حياة بهدوء :-
" انا بخير وانت ..؟!"
" أنا بخير ... وددت فقط السؤال عنكِ ..."
أضافت بعدها :-
" متى ستنتهي امتحاناتك ..؟! "
أجابت حياة رغم تعجبها من سؤالها :-
" قريبا باذن الله ... "
" آه حسنا ... حياة سنلتقي مجددا أليس كذلك ..؟!"
خرج سؤالها متردد قليلا فرفرت حياة أنفاسها وهي تجيب :-
" ان شاءالله .. "
" قريبا جدا ... أليس كذلك ...؟!"
ردت حياة بضيق خفي وهي تشعر إن والدتها وراء كل هذا :-
" ان شاءالله يا حنين ..."
ودعتها حنين بعد ذلك لتغلق حياة الهاتف وتعاود التحدث مع غالية ..
بعدها نهضت غالية تطلب منها أن تشرح لها عن الدواء الذي ستعطيه لنديم حيث أخبرتها حياة عن موعد وعدد حبات كل دواء ..
بعدما إنتهت حياة من ذلك إستأذنت غالية أن ترحل فودعتها غالية بعدما أخذت رقم هاتفها وطلبت منها اللقاء مجددا فهي إستمتعت بصحبتها ووجدتها فتاة محبوبة ولطيفة للغاية ..
....................................................................
في المشفى ...
كانت ليلى تجلس على سريرها بملامح مرتاحة قليلا ..
لقد ذهبت والدتها مع مريم قبل قليل الى المنزل بعد إصرارها على ذلك فمريم تلتزم البقاء معها طوال اليوم ووالدتها تأني مبكرا للغاية ولا تتركها حتى ساعات الليل المتأخرة ..
عادت برأسها الى الخلف قليلا تغمض عينيها وهي تتنهد بصوت مسموع تفكر في خطواتها القادمة بعد خروجها من المشفى الذي بات قريبا فوضعها جيد للغاية وجرحها بدأ يلتأم ...
فتحت عينيها بسرعة وهي تسمع صوت فتح الباب لتجده يتقدم نحوها بإبتسامة عريضة ..
احتدت ملامحها تماما وهي تصيح به :-
" اخرج من هنا فورا ..."
هتف وهو يتقدم نحوها ببرود بعدما أغلق الباب وإبتسامته ما زالت تزين ثغره :-
" هش لا ترفعي صوتك ولا تغضبي .. جرحك ما زال جديدا ..."
وقبل أن تتحدث كان ينحني نحوها مقبلا جبينها ببطأ ثم يبتعد عنها قليلا ويخبرها بنفس الإبتسامة :-
" حمد لله على سلامتك يا زوجتي الحبيبة .."
ثم أخرج من جيبه علبة زرقاء تحوي إسوارة ماسية وقدمها لها يهتف بهدوء :-
" هذه الهدية بمناسبة عودتك لي سالمة ..."
لم تصدق للحظات ما يفعله فظهرت الدهشة جلية على عينيها الجاحظتين وملامحها المصدومة ...
جذبت العلبة ورمتها أرضا وهي تصرخ بغضب مخيف :-
" اغرب انت وهديتك بعيدا عني ..."
لم يهتم او يغضب من تصرفها بل انحنى نحو الارضية يحمل العلبة ويخرج منها الإسوارة يتفحصها بأنامله للحظات ثم يقول ببرود :-
" جيد إنها ما زالت سليمة  .. كنت سأحزن كثيرا لو قُطِعت فقد صممها الصائغ خصيصا لأجلك ..."
حاولت السيطرة على إنفعالاتها بسبب جرحها الذي بدأ يؤلمها قليلا فردت بصوت حاد قليلا :-
" لا تصبني بالجنون يا عمار .. اخرج من هنا قبل أن أرتكب بك جريمة ... "
تقدم نحوها ووضع العلبة على الطاولة جانبها بعدما أعاد الإسوارة فيها ثم هتف بنفس البرود وكأنه لم يسمع ما تفوهت به منذ لحظات :-
" متى ستخرجين من هنا ...؟! انتظر عودتك الى المنزل بشوق شديد ..."
كادت أن تشد شعرها من بروده وإستفزازه لكنها سيطرت على أعصابها وهي تردد بقوة :-
" لن أعود إليك يا عمار .. سأخرج من هنا الى منزل والدي .. وسأرفع عليك دعوة طلاق .."
التوى فمه بإبتسامة غريبة ليردد بإستخفاف :-
" دعوة طلاق إذا ...؟! طموحاتك مرتفعة كثيرا يا لولا ..."
ردت بتأكيد :-
" نعم سأرفع دعوة طلاق يا عمار .. سأتحرر منك نهائيا ... "
قال عمار بنبرة تشبه نبرتها وهو يضع يده على صدره بإستهزاء واضح :-
" وسأعود الى نديم حبيبي يا عمار ... "
ثم سيطر الجمود على ملامحه وهو يضيف :-
" تعرفين إن لا طلاق لكِ دون موافقتي .."
قالت ليلى بتحدي صريح :-
" لن تمنعني عن ذلك ... ستطلقني يا عمار بإرادتك او إجبارا عنك ..."
إسترسلت بثقة جديدة عليها :-
" جهز نفسك حيث سأرفع الدعوة بعد خروجي من هنا مباشرة لذا كن مستعدا لذلك.."
صمت للحظات بدا فيها وكأنه يوازن كلماتها داخل عقله ..
دب الأمل داخلها وهي تتخيل إنه سيدرك صعوبة إجبارها على البقاء معه لكن كل آمالها ذهبت سدى عندما سمعته يهتف بها :-
" إرفعي دعوة طلاق يا ليلى لكن حينها سأتهمك بالخيانة ... سأخبر القاضي بإنكِ خنتني مع أخي وتطلبين الطلاق مني للزواج به .. كما إنني سأجعل الجميع يدرك ذلك ..."
صاحت به غير مصدقة ما يخرج منه :-
" هل جننت..؟! مالذي تقوله انت ..؟!"
اقترب منها بتمهل ووقف أمامها يهدر بصوت قوي :-
"ماذا ..؟! هل قلت شيئا خاطئا ..؟! ألم تفعليها يا ليلى ...؟! ألم تخونيني مع نديم ..؟!"
انقضت عليه تضرب صدره بجنون يوازي جنون نبرتها العالية :-
" أيها المجنون الحقير ... أنتَ لا يمكن أن تكون طبيعي ... أية خيانة أيها النذل ...؟! هل تظن الجميع يتصرف بقذارة مثلك ..."
قبض على كفها الذي كان يضرب صدره بقوة مرددا بدهاء :-
" ماذا تسمين إذا زيارتك له في شقته التي يسكنها لوحده ...؟! "
ردت بتوتر :-
"كانت زيارة عادية ... تحدثت معه فقط وخرجت ..."
ردد هازئا :-
" زيارة عادية إذا ..!! دعيني أتحدث بصراحة تامه ... لدي مئة طريقة أثبت من خلالها خيانتك لي ولن أتردد لحظة واحدة في عرضها أمام الجميع إذا ما تهورتِ ونفذت ما في رأسك لذا من الأفضل لكِ أن تتغاضي عما تريدنه وتعودي زوجتي المطيعة كما كنتِ دائما .."
" لن أفعل ... أموت ولا أعود إليك .."
قالتها بإصرار ليهتف بجمود وتوعد خفي :-
" إذا لا تلوميني حينما على ما سأفعله بك يا ليلى ..."
حاولت النهوض من مكانها فضغطت بكفها على الطاولة جانبها تستند عليها وتحاول النهوض بينما هو يتأملها بنفس الجمود لتقف أخيرا أمامه ترجوه وهي تضع كفها على بطنها المتألمة :-
" يكفي الى هنا يا عمار ... لقد حققت غايتك من إرتباطك بي ... دمرت نديم تماما وحطمت قلبه ... طلقني يا عمار ... طلقني وأعدك إن كل ما حدث في الماضي سيبقى سرا بيننا ... "
ابتسم بخفة ثم قال وهو يربت بكفه على وجنتيها :-
" تأكدي يا ليلى إنني سأطلقك يوما ما.. لا تظني إنني سعيد بزواجي منك ... انا لا أطيقك مثلك تماما ..."
صاحت باكية :-
" لماذا تفعل بي هذا ...؟! لماذا تؤذيني بهذا الشكل ..؟! ما ذنبي أنا بخلافك مع نديم ..؟! ما ذنبي أنا بكرهك الشديد نحوه ..؟!"
سألها فجأة دون مقدمات :-
" هل تتذكرين ما حدث منذ حوالي ثمانية أعوام يا ليلى ..؟! "
نظرت إليه بدهشة لكنه أكمل بهدوء :-
" تلك الفتاة .. صديقتك المقربة ...."
همست بصوت خافت :-
" شيرين ... !!"
اومأ برأسه مضيفا بتهكم :-
" نعم شيرين .. هي بذاتها ... شيرين التي أحببتها يوما و .."
صمت قليلا يأخذ نفسه ثم يكمل :-
" لكنك قتلتِ هذا الحب في مهده ... دمرتِ علاقتنا وهي ما زالت في بدايتها .. "
هزت رأسها نفيا وهي تهتف بتبرير :-
" انا لم أفعل ..."
قاطعها يصيح بقوة :-
" لا تكذبي ... الفتاة كانت معجبة بي حتى تدخلتِ انتِ وملئتِ رأسها بكلام سيء عني ..."
هتفت مدافعة عن نفسها :-
" انا أخبرتها فقط بما أعرفه عنك ... "
" وماذا تعرفين انتِ عني ...؟!"
صاح بها بحدة لتجلس على السرير بتعب وهي تردد بصدق :-
" شيرين كانت صديقتي المقربة وأنا كنت أخاف عليها منك ... أخبرتها بحقيقتك وكيف تتصرف مع والدك وأخوتك وعن علاقاتك النسائية ...لم أكذب فيما قلته ... تلك كانت حقيقتك وهي صديقتي وكنت أخشى عليها من تصرفاتك تلك ..."
هتف بصوت حاد مرتفع قليلا :-
" وما شأنكِ أنتِ ..؟! لماذا تحشرين أنفك بما لا يعنيكِ ...؟! انا كنت صادقا في مشاعري نحوها ... أحببتها حقا وأردتها زوجة لي أيضا ..."
هتفت بسخرية :-
" هل تحاول إقناعي إنني الشريرة التي دمرت حياتك بسبب تصرفي هذا ...؟!"
رد ببرود :-
" بل أحاول إخبارك إنه لا يوجد أحد بنا مثالي ... ولو نسيتِ إتهامك لي بخيانتها مع تلك العاهرة التي لا أذكر إسمها حتى فأنا لن أسى .."
سألته بإنزعاج :-
" ألم تفعل ذلك يا عمار ..؟! ألم تخنها مع تلك العاهرة ...؟! هل ستنكر هذا أيضا ..؟!"
أجاب بقوة :-
" لم أخنها ولم تجمعني علاقة من اي نوع مع تلك العاهرة ... لكنكِ فسرتِ ما رأيتي بناء على تفكيرك الأحمق مثلك ..."
" إذا أنت تنتقم  مني بسبب ذلك ...؟!"
سألته بألم ليجيب نافيا ما تقوله :-
" ابدا .. موضوع شيرين انتهى منذ زمن ... انا فقط أذكرك بماضي أنتِ نسيته تماما ... أذكركِ بإني يوما فقدت من أحببتها بسببك ..."
صرحت ليلى :-
" يكفي ... لا ترمي اخطائك علي .. تتحدث وكأنك الملاك المظلوم ... هل نسيت تصرفاتك الحقيرة يا عمار ..؟! هل نسيت ما كنت تفعله بوالدك ونديم وخالتي ..؟! دعني أسألك يا عمار ... هل وجود شيرين في حياتك وحبك لها كان سيمنعك عن تدمير حياة نديم ..؟! هل كان سيجعلك تتراجع عما فعلته به ...؟!"
أجاب بجدية وثبات :-
" كلا .. لم يكن ليفعل ..."
ضحكت بألم وقالت :-
" الشيء الوحيد الذي يميزك يا عمار هو صراحتك وعدم إدعائك ما ليس بك .."
أطلقت تنهيدة قصيرة ثم قالت :-
" يكفي حقا يا عمار .. يكفي كرها و حقدا ... يكفي محاولات مستمرة لتدمير حياة جميع من حولك ..."
رمقها بنظراته الجامدة للحظات قبل ان يهتف بنفس الجمود :-
" حديثك هذا لن يغير أي شيء  .. ستخرجين من هنا معي .. هذا آخر كلام عندي .."
خرج دون ان ينتظرها ردها لتغمض عينيها بوهن قبل أن تفتحها بعد لحظات فتظهر الدموع المتراكمة فيها والتي هطلت على وجنتيها بغزارة ..
.......................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Where stories live. Discover now